عرض مشاركة واحدة
قديم 09-01-22, 01:50 AM   #254

روز علي
 
الصورة الرمزية روز علي

? العضوٌ??? » 478593
?  التسِجيلٌ » Sep 2020
? مشَارَ?اتْي » 720
?  نُقآطِيْ » روز علي is on a distinguished road
افتراضي الفصل الخامس والثلاثون

الفصل الخامس والثلاثون.......
افاقت من نومها بكسل وهي تفتح عينيها نصف انغلاق ما ان كشفت الغطاء عن وجهها وتسلل النور الساطع لها ، لتزفر بعدها انفاسها بملل وهي تحدق بالوجه الذي اطل عليها من فوق هامسة بعبوس متعب
"يا إلهي الرحمة ! ماذا تريدين مني الآن يا امي ؟"
اتسعت ابتسامة والدتها بغرابة وهي تكتف ذراعيها هامسة بجدية
"هل تعرفين ما لذي حدث الآن ؟ انها معجزة كونية لا تحدث سوى كل سنة !"
تغضن جبينها بعدم استيعاب مشوش وهي ما تزال تهيم بغمامة النوم الذي لم تفق منه بعد ، لتمسك بعدها بأطراف الغطاء وهي تعيده فوق وجهها هامسة ببرود
"لا اعلم عن ماذا تتكلمين ؟ وانا الآن متعبة جدا واحتاج للنوم ، لذا نتكلم لاحقا !"
امسكت والدتها بطرف الغطاء معها وهي تهمس باستياء صارم
"حقا غبية ! تفكرين بالنوم ونحن نتكلم عن موضوع مصيري يخص مستقبلك ! متى ستتعقلين ويصبح لديكِ منطق اخبريني ؟"
تجمدت اصابعها على طرف الغطاء لوهلة قبل ان تهمس بقنوط وهي تسحب الغطاء بعيدا عنها بقوة
"لا يهمني كل هذا ، لذا اتركي الغبية فارغة العقل وشأنها فهي تريد النوم"
زفرت والدتها انفاسها بيأس وهي تمسك خصرها بقوة لتهمس بعدها بابتسامة تغلبت على ملامحها
"على كل حال ، لقد اردت ان اخبركِ بأن هناك عرض زواج قد وصل لكِ من لحظات ، وهو من افضل العروض التي قد وصلت لكِ للآن......"
قاطعها الصوت المكتوم من تحت الغطاء بخفوت
"ارفض"
التفتت نحوها بسرعة وهي تهمس بتعجب مستنكر
"ولكنني لم انهي كلامي بعد ؟ ولم تعرفي حتى من يكون !"
عادت للكلام بصوت مشتد غاضب
"لا اريد سماع اي معلومات تخص عروض الزواج ، ولا اريد ان اتكلم عن هذا الأمر بتاتا فهو يضايقني !"
ارتفع حاجبيها باستهجان وهي تحاول الحفاظ على هدوئها هامسة بخفوت يائس
"يا إلهي ارحمني مع هذه البائسة ! لا اعلم ما لذي فعلتيه بحياتك لكي تستحقي الحصول على عرض زواج من شخص مثالي وكامل الأوصاف لا تملكين اي شيء لمنافسته عليه ؟ انا ارى بأنه عليكِ ان تحمدي ربك كثيرا على ما اعطاكِ فهذه النعمة لا يقدرها ولا يحصل عليها الكثيرون"
رفعت الغطاء عن رأسها ببطء وهي تهمس بوجوم
"عن من تتكلمين يا امي ؟"
نظرت لها بابتسامة كبيرة وصلت لعينيها وهي تهمس بسعادة واضحة
"ومن سيكون غير استاذكِ المحترم والذي يملك لباقة وادب ونسب وكل شيء تحلم به الفتاة ؟ وفقط المحظوظة هي التي يقع عليها الاختيار ! وقد كان هذا الاختيار من نصيبك انتِ وكما كنت اتمنى دائما وادعو لكِ بأن يكون هو شريك حياتك"
اتسعت حدقتيها العسليتين بانذهال طاردة النوم عنهما وهي تنتفض بلحظة جالسة على السرير لتهمس من فورها باندفاع صادم
"تقصدين بأن الاستاذ هشام هو صاحب عرض الزواج ؟!"
اومأت برأسها بقوة وهي تهمس بابتسام مبتهج لم تره يغزو ملامحها منذ زمن
"اجل هو بحد ذاته"
ارتفع حاجبيها بذهول اكبر وهي تهمس بوجل مرتبك
"كيف حدث هذا ؟ اقصد متى حدث هذا !"
ردت عليها بلحظة ببساطة بالغة
"لقد اتصل اليوم صباحا بوالدك ليعرض عليه طلب يدكِ للزواج منه ، ولم يمر على هذا الأمر سوى دقائق فقط ! ولكن بما انكِ لا تعرفين عن شيء فيبدو بأنه قد تركه لكِ مفاجأة ليفرحكِ بهذا الخبر ، يا للباقته وجمال سلوكه !"
كانت الجالسة على السرير قد دخلت بدوامة تفكير عصفت بكل كيانها وبذرات مشاعرها المبعثرة بهذه اللحظة بالذات ، لتهمس بعدها لا شعوريا بأنفاس ذاهلة باضطراب
"كيف حدث هذا ؟ بل كيف تجرأ على فعلها بدون ان يعود لي ؟ وايضا تلك الرسالة !......."
قاطعها الصوت الهادئ بنبرة جادة
"غزل مع من تتكلمين ؟"
ارتجفت شفتيها وهي تهمس من بينهما بقنوط
"لا احد ، لا اتكلم مع احد"
حركت رأسها ببرود وهي تعود للكلام عن موضوعها هامسة بنفس السعادة
"اهم شيء الآن عليكِ ان تجهزي نفسكِ بعد يومين وترتدي وتتزيني بأجمل الملابس والإكسسوارات لأنه سيأتي لمنزلنا ليطلب يدكِ رسميا من والدكِ وامام الجميع ، وبعدها سنتفق على باقي الأمور معه بما يتناسب مع الجميع لأفرح بكِ اخيرا واضمن مستقبل سعيد لكِ وتزول عنكِ لعنة البؤس والتوحد بعيدا"
انفرجت شفتيها بارتعاش وهي تهمس بلوعة
"بهذه السرعة !"
اومأت برأسها مجددا وهي تهمس بخفوت مرح يتناقض عن شخصيتها
"يبدو بأنه متشوق جدا للزواج بكِ ، ولا يطيق صبرا حتى يتزوج ويتم كل شيء بينكما ، ولا اعلم حقا ماذا وجد بكِ ليكون بكل هذا التلهف نحوك ؟"
تجمدت ملامحها بشحوب بدون اي تعبير او شعور تجردت منه ، لتفيق بعدها على صوت والدتها والذي انقلب بعيدا عن الهزل وهي تهمس بحزم جاد
"غزل إياكِ وان تخيبِ ظننا بكِ او ان تحاولي تهريب ومضايقة العريس بأي طريقة كانت ، فهذا الزواج سيتم وسيحدث بينكما رغم كل الظروف الماضية والحاضرة وكل ما مررنا به من قبل ، هل كلامي مفهوم ؟"
عقدت حاجبيها بجمود صامت وهي تنظر للتي استدارت بعيدا عنها ، وما ان خطت خطوتين للأمام حتى قالت لها بابتسامة ذابلة بسخرية
"هل هذا يعني بأن موافقتي من عدمها غير مهمة ؟"
صمتت للحظات كانت اكثر من كافية لتعطيها الاجابة قبل ان تهمس اخيرا بهدوء جاد بدون اي مرح
"فكري كما تشائين يا غزل ، ولكني متأكدة بأنه لو كان هذا الشخص هو نفسه حبيبك السابق لكنت وافقتِ عليه بسرعة بدون ادنى تفكير ، وهذا يدل على هبوط حاد بمستوى غبائكِ وقلة تقديرك للأمور بعدم التمييز بين الحسن والعاطل !"
سكنت ملامحها للحظات بدون ان تظهر الاضطرابات القابعة بدواخلها وبصميم روحها المنتفضة بخوف استبد بها ، وما ان غادرت الغرفة حتى قذفت بالغطاء بعيدا وهي تنهض عن السرير بتعثر حتى وصلت للهاتف الملقى على الاريكة ، لتمسك به بسرعة وهي تفتح صندوق الرسائل وانفاسها تخرج بلهاث طفيف زاد من خفقات قلبها بألم موجع وكأنها تجري بسباق طويل .
اتسعت مقلتيها بانتباه وهي تنظر لرسالتها السابقة المبعوثة من الامس والتي كانت تحوي بالحرف الواحد على كل ما يخص ماضيها المتعلق مع (عصام) ، وهي تبوح له بكل شيء مخفي بعلاقتهما السرية حتى بدأت تجزم بأنه لن يطيق النظر لها مجددا بعد قراءة تلك الرسالة ! ولكن ما حدث قبل لحظات عكس ما توقعته تماما وناقض كل مخططاتها التي حاكتها بالرسالة !
عقدت حاجبيها بتسمر وكل عضلة بجسدها تنتفض لا إراديا ما ان لمحت الرسالة التي وصلت من لحظات وهي تختصر كل شيء تشعر به برسالة اثارت كل المشاعر بدواخلها
(لا بأس يا غزل ، فأنا سأكون افضل منكِ وافرض سلطاتي عليكِ بعقابك لمدى الحياة عندما تكونين زوجتي وحدي)
ألقت بالهاتف بعيدا بذعر وهي تعانق ذراعيها بارتجاف اصدرت احتكاك عنيف بمفاصلها الهشة ، لترتمي بعدها جالسة على الاريكة بجمود وهي تنظر بعيدا بحالة مزرية بعد ان دمرت حياتها بيديها وجلبت الألم لنفسها بغبائها ! فيبدو بأنها كما قالت والدتها غبية وبائسة لتكون ضريبة ستعاقب عليها لمدى الحياة !
_______________________________
كانت تسير بساحة الكلية الواسعة بخطوات ثابتة بهدوء بدون ان تعير مجموعات الطلاب المتفرقة من حولها اي اهتمام وكأنها تكّون عالمها الخاص المنعزل عن كل العالم الخارجي والذي لم تنتمي له يوما بسبب عدم تشابها او تأقلمها بكل القاطنين هناك ، وهذا الحال لازمها طيلة مسيرة حياتها والتي تعود بسبب ولادتها بعائلة منغلقة لا تملك اي اقارب او فروع بالعائلة وبسبب خلفية عائلتها الغير مشرفة والتي لا تنتمي لأي من طبقات المجتمع والتي صنفوها على اساس النسب واصول العائلة العريقة ، لذا لم يستطع اي احد اختراق عالمها المنيع سوى شخصين من اكثر المقربين لها وهما شقيقتها الكبرى التي رافقتها منذ الولادة وصديقتها الوحيدة التي رافقتها منذ الطفولة التي نشبت على صداقتها وحدها ليكونا هما عالمها الذي نمى على محبتهما وغرس التفاؤل والمودة بصفاء قلوبهما .
توقفت بتسمر وهي تشعر باهتزاز طفيف بجيب سترتها الجلدية من هاتفها والذي توقفت عن كتم صوته بعد الحادثة الاخيرة ، لتُخرج بعدها الهاتف بلحظة وهي تحدق بشاشته المضيئة بصمت مريب ، ارتخت ملامحها براحة وهي تفك قيود ابتسامتها الصغيرة بسعادة طافت على محياها البارد بلحظة غادرة اخترقت عالمها المنعزل مع اهم شخصين بحياتها فصلوها واغنوها عن كل المتواجدين بعالمها الخارجي .
جلست بعدها على مقاعد الاستراحة وهي تجيب على الهاتف هامسة بطبيعية لا تظهرها سوى معها
"صباح الخير يا اميرة الاحلام ، هل استيقظت من نومكِ اخيرا وعدتِ لعالم الواقع ؟"
اجابها بسرعة الصوت الخافت بنبرة رقيقة محرجة
"صباح النور يا ماسة ، هل اتصلتِ بي قبل دقائق ؟"
زمت شفتيها بامتعاض وهي تتوقع هذا السؤال منها كعادتها عندما تحاول التهرب من موقفها المحرج وهي تدعي البلاهة ، لتقول بعدها بلحظات بخفوت مستاء
"لا لست انا من اتصل بل هذه الجنية جاءت لتسلم عليكِ وتقول لكِ استيقظي من احلامك !"
صمتت للحظات قبل ان تهمس بخفوت متوجس
"ألستِ انتِ من اتصل يا ماسة ؟"
ردت عليها من فورها بغضب هادر
"صفاء كفي عن دور البلهاء !"
امتعضت ملامحها بلحظة وهي تهمس بقنوط عابس
"سحقا لكِ يا ماسة ! ليس هناك بلهاء سوى من ترد عليكِ وتتصل بكِ ! لا اعلم ما هو الغباء والذي دفعني لأستيقظ من احلامي الجميلة على كابوسك ؟ ولكني اعدكِ بأني بالمرة القادمة لن استمع لصوت ضميري ولن افكر بالاتصال بكِ مجددا حتى بقية حياتي ، لتتعلمي الاسلوب الصحيح بالتكلم مع صديقتك الوحيدة !......"
توقفت عن الثرثرة مع نفسها ما ان وصلها صوت الضحكة الخافتة من الطرف الآخر وكأنها تستمتع بتأنيبها لها مثل طفلتين مشاغبتين اعتادتا على القتال والشجار بين بعضهما البعض بطريقتهما الخاصة والتي لا تؤثر بقوة صداقتهما ، ابتسمت بعدها لا شعوريا وهي تهمس بعتاب تمثيلي
"هل هذه ضحكة سخرية ؟ ام ضحكة استفزاز لإغاظتي بها ؟"
ردت عليها وهي تضع كفها على ثغرها الضاحك هامسة بغيظ
"وهل هناك فارق بين الاثنين ؟"
عضت على طرف شفتيها وهي تكتم ضحكتها والتي بدأت تتحرر من حجزها هامسة بمكر
"اجل هناك فارق وإذا اخترت الجواب الأول ستتوج بلقب الغباء وإذا اخترت الثاني ستتوج بلقب الحمقى ويمنع الهروب من السؤال لأنك ستكون هكذا ملك الجبناء !"
ارتفع حاجبيها بتفكير وهي تهمس بابتسامة مائلة بمرح
"وقد كنتِ تقعين دائما بسوء الاختيار لينتهي مصيرك خاسرة وانتِ تحملين كل الألقاب معا !"
تبرمت شفتيها بغضب وهي تهمس بتذمر حزين
"هذا لأنكِ مخادعة وتنطلي عليّ الحيلة دائما ، لقد كان إيجاد إجابة لها اصعب من حل معادلة رياضية"
عادت للضحك بمرح بدون ان تمنع نفسها لتشاركها الأخرى بالضحك بلحظات وهما يحرران الطفولة بداخل كل منهما بجمال ذكرياتها وحنين مشاعرها ، لتتنفس بعدها بهدوء لوهلة وهي تنهي سيل الضحك هامسة بخفوت جاد
"صفاء هل نسيتني يوما ؟"
توقفت (صفاء) عن الضحك بلحظة خاطفة وهي تهمس بعبوس رقيق
"ما هذا الكلام يا ماسة ؟ كيف لي ان انسى صديقتي الوحيدة والتي جعلت سنوات حياتي مثل حلم جميل !"
ابتسمت بهدوء بدون اي تعبير وهي تتمتم بخفوت اشد
"إذاً ما سبب توقفكِ عن الاتصال بي بالآونة الاخيرة !"
ارتبكت ملامحها وهي تلقي عليها السؤال مباشرة بنبرة باردة لم تسمعها منها سابقا ! لتقول بعدها بلحظة بعبوس متوتر
"ولكنكِ انتِ ايضا يا ماسة قد توقفتِ عن الاتصال بي !"
ردت عليها ببساطة بالغة
"ومن هو الذي اتصل بكِ قبل دقائق !"
قالت من فورها بامتعاض ساخر
"فقط هذه المرة ، ولكن بالمرات السابقة انا التي كنت ابادر بالاتصال بكِ"
اراحت ذقنها فوق قبضتها وهي تثبت الهاتف على اذنها بكفها الاخرى هامسة بشرود
"وهذا هو ما كنت اتكلم عنه ، انتِ دائما من تبادرين بالاتصال بيننا ، ولكنكِ بالفترة الاخيرة قد توقفتِ عن فعل هذا !"
زمت شفتيها وهي تهمس من بينهما بغيظ
"يا لغرورك !"
ابتسمت ببهوت بدون اي مرح اختفى عن محياها بلحظة ليتبقى فقط الجمود يحتل عالمها ، لتهمس مجددا بصوت خافت ببرود
"وماذا الآن ؟"
زفرت (صفاء) انفاسها بعبوس وهي تهمس بلحظة بوجوم متردد
"حسنا لم اكن اريد ازعاجكِ بمشاكلي وبالثرثرة فوق رأسكِ حتى لا تشعري بالضجر مني ، وخاصة بأنكِ قد اصبحتِ امرأة متزوجة الآن لديها مسؤوليات وحياة تنشغل بها بعيدا عني ، لذا توقفت عن الاتصال بكِ لكي لا اشغلك بقصصي وبمشاكلي التافهة ، فنحن بالنهاية لن نستطيع التكلم مع بعضنا بكل شيء كما كنا بالماضي فقد اصبح لكل منا عالمه الخاص والذي ينفرد به ، صحيح ؟"
سكنت الاجواء بينهما بجمود المشاعر التي انحجزت بداخل كل منهما بعد ان تدفق القليل منها ، لتقول بعدها صاحبة الابتسامة الساخرة التي اعتلت محياها بلحظة
"لست ماهرة بالكذب يا صفاء ، فأنتِ تستطيعين خداع الجميع ألا من تعرفكِ جيدا وتكشفك منذ ايام كذب الابتدائية !"
ارتجفت ابتسامتها وهي تحني حدقتيها العسليتين بألوان قاتمة غرقت بموجة حزنها المعتادة ، لتقول بعدها بابتسامة هاوية بخفوت شديد
"لقد تبقى ثماني أيام على انتهاء عقد زواجي"
اتسعت حدقتيها الزرقاوين بصدمة لم تدم سوى دقائق قبل ان تعبس بارتجاف غاضب وهي تتبعها بالهمس بجمود
"هل هذا بسبب مشكلة مازن وما فعله مع زوجك ؟"
ردت بسرعة بغصة تكاد تنحر روحها
"لا ليس هو السبب يا ماسة ، فقد انتهت مشكلته منذ زمن"
قطبت جبينها بوجوم وهي تهمس ببرود جليدي
"إذاً ما لسبب ؟"
ابتلعت ريقها بارتجاف وهي تهمس بمرارة خافتة
"انسي يا ماسة ، فكل هذا بدون معنى"
سكنت ملامحها بهدوء للحظات لتقول بعدها بجدية هادئة
"وماذا ستفعلين بعد ان يحدث هذا ؟ هل خططتِ كيف ستتصرفين بوقتها ؟"
شددت على يدها الممسكة بالهاتف بارتعاش قبل ان تهمس بخفوت مشتت بضياع
"لا اعلم يا ماسة ! فقد تعبت من التفكير بالأمر حتى اصبح يراودني بكل دقيقة وثانية من يومي"
زمت شفتيها بغضب وهي تهمس بخفوت حانق
"لما لا تتركينه فقط ؟ سيكون افضل بكثير قبل ان ينهي كل شيء بنفسه وتخسري ذاتك !"
ارتجفت انفاسها بلحظة وهي تهمس بخفوت منتحب
"لا استطيع يا ماسة فقد بدأت احبه !"
ارتفع حاجبيها بارتباك منتفض وهي تحاول الهمس بشيء علق بحنجرتها بدون فائدة ، لتهمس بدلا عن هذا بخفوت بارد عاد ليعتلي محياها
"لا بأس يا صفاء ، فقط حاولي ألا تؤذي نفسكِ اكثر بما تفعلينه ، فأنتِ ذات اهمية وقيمة عالية بحياتنا ولا يستحق ان تفرطيها من اجل شيء مسمى بالحب"
اومأت برأسها بقوة وكأنها تراها امامها هامسة بسعادة عادت لتغمر كيانها
"حاضر ، وشكرا لكِ يا ماسة"
ابتسمت بامتنان صامت بدون اي حياة ليسبقها من بالطرف الآخر بالكلام وهي تهمس بسعادة
"لقد نسيت ان اسألكِ عن حال روميساء والطفل والذي بدأ ينمو بداخلها ! كيف هي صحتهما الآن ؟"
تجمدت ملامحها بتصلب قاسي وهي تهمس ببرود جليدي بدون اي شعور
"لقد رحل الطفل منذ يومين ولم يعد له وجود فقد تعرضت روميساء لحادثة اجهضت الطفل"
اتسعت مقلتيها العسليتين بذهول طاف على محياها قبل ان تتدارك نفسها وهي تهمس بوجوم مرتبك
"حقا ما تقولين يا ماسة ! ولكنه لم يكد يظهر بحياتهم سوى من ايام ! كيف يحدث مثل هذا الأمر ؟"
ردت عليها بجمود باهت وكأنها تتكلم عن شيء فات عليه دهور
"اجل يا صفاء هذا ما حدث ، وقد خرجت روميساء بالأمس من المشفى وهي الآن بحالة جيدة تقريبا"
ارتفع حاجبيها بصدمة اكبر ما تزال تغيم عليها وهي تهمس باستياء عابس
"ولكن كيف حدث هذا معها ؟ هل تعرضت لحادث كبير ؟....."
قاطعتها وهي تقول بتبرير جاف
"لقد وقعت عن السلم"
زمت شفتيها بحزن وهي تهمس بأسى عميق
"يا لها من خسارة ! اتمنى ألا تكون الحادثة قد اثرت عليها كثيرا فهو ما يزال اول طفل لها ولم تكد تفرح به ، ولكن على كل حال حمد الله على سلامتها فكل ما يهمنا ان تكون بصحة جيدة وبكامل قوتها"
ابتسمت بشحوب صامت قبل ان تهمس بتأكيد خافت
"اجل هذا هو كل ما يهمنا"
صمتت للحظات قبل ان تهمس بابتسامة هادئة بمودة
"يا لغبائي لقد سألت عن الجميع ونسيت ان اسألكِ عن حالك ! كيف هي احوالك يا ماسة ؟ هل انتِ سعيدة بحياتك الجديدة ؟"
رفعت وجهها بعيدا عن قبضتها وهي تنظر بعيدا هامسة بجفاء
"جيدة لا بأس بها"
عضت (صفاء) على طرف شفتيها بامتعاض وهي تهمس بملل بعد ان يأست منها
"اجل وماذا ايضا ؟ ألن تخبريني عن التطورات بعلاقتك او اي شيء شيق بها يدعو للاهتمام فقد مللت وانا احاول ان اجرك للكلام !"
حركت رأسها جانبا وهي تهمس ببرود متعمد
"لا يوجد شيء شيق اخبركِ به فأنا عكس الناس لا املك بحياتي اي لحظات حزينة او سعيدة ! ولا تتأملي ان يتغير شيء فأنا والحياة بيننا قانون واحد لن يتغير مهما سار الزمان"
تنهدت ببؤس وهي تهمس بضيق خافت
"يا لكِ من مملة كئيبة حتى لو تركتك مئة سنة ستبقين كما انتِ بنفس التفكير الممل !"
مالت ابتسامتها بهدوء بدون اي كلام لتقول بعدها بلحظة بخفوت ساكن
"أتعلمين بأن اختبارات نهاية الفصل قد بدأت من اليوم ؟"
عضت على طرف شفتيها بارتجاف استبد بها وهي تحاول الهمس بخفوت مبتهج
"حقا ! كيف الأيام مرت بسرعة بدون ان نشعر بها ؟ لقد قاربتِ على انهاء دراستك الجامعية بعد عناء سنوات !"
غامت ملامحها بعيدا وهي تهمس بخفوت شارد
"لقد كان من المفترض ان نخوض اختبارات نهاية الفصل معا ! ولكنكِ قد خنتني بآخر سنة لنا !"
ارتجفت يدها على الهاتف وهي تهمس بابتسام مرح
"يبدو بأن قدرنا ان نفترق بالنهاية ، ومن يعلم قد اكمل مسيرتي الجامعية يوما ما !"
تغضن جبينها بذهول متجمد اعتلى محياها بعد ان نسيت امر الهاتف بأذنها وغاب عنها كلامها الاخير وهي تحدق بالواقف امامها والذي تجسد على بعد خطوات منها ينظر لها بنفس التأمل الصامت والذي اخذهما بعيدا عن الجميع ، وهو العالم الثالث والذي صنعه بالرابط بينهما واوجده بعلاقتهما المعقدة ليكونا الكيان الموحد بهذا العالم والذي يسير فقط على قوانين التجاذب والتي انغرست وتكرست بين تناقض ارواحهما قبل قلبيهما بدون ان يخضع اي منهما للآخر او يعلن راية الاستسلام البيضاء والبعيدة عنهما بحرب عاتية لم تكتب لها النهاية بعد .
انتفضت من سحابة تأملها وهي تستمع للصوت المنادي من الهاتف بقوة
"ماسة ! ماسة اين ذهبتِ ؟"
عضت على طرف شفتيها برعشة خاطفة اسرتها لوهلة وهي تحيد بعينيها بعيدا عنه قبل ان تهمس للطرف الآخر بخفوت متمهل
"اعتذر يا صفاء ولكني مضطرة للذهاب الآن من اجل تسوية بعض الأمور العالقة ، ولا تنسي بالوقت الذي تحتاجين به للتكلم معي لا تترددي بالاتصال بي واخباري بما يزعجك ويعكر حياتك فأنا دائما سأكون بجوارك"
اتسعت ابتسامتها بسعادة برقت بحدقتيها العسليتين وهي تهمس لها بمحبة بالغة
"شكرا لكِ يا ماسة ، وشكرا على اتصالك ، لا تنسي ان توصلي سلامي لروميساء ، وداعا الآن"
فصلت الخط بعد ان انتهت من وداعها وهي تعود بنظرها للأمام باتجاه نفس المكان بدون ان يتزحزح منه...وهي تنحدر بنظراتها تلقائيا على طول جسده الرياضي والذي كان يرتدي لأول مرة ملابس صبيانية تناسبت معه من بنطال جينز مهترئ مترافق مع سترة جينز قصيرة ممزقة الاطراف بدون اكمام فوق قميص ناصع البياض هو الشيء الوحيد الانيق به...لتدس بعدها الهاتف بداخل حقيبتها وهي تنظر للذي بدأ يقطع المسافة بينهما بخطوات واثقة بقوة بدون ان يأبه للنظرات والتي بدأت تتوجه نحوهما بفضول .
استقامت واقفة وهي تعدل من وضع حزام الحقيبة فوق كتفها بدون ان تترك حرب العيون الباردة بينهما ، وما ان وقف امامها مباشرة لا شيء يبعد بينهما حتى قالت صاحبة الملامح الجامدة وهي تلوح بيدها ببرود
"ما لذي تفعله هنا يا شادي ؟"
اتسعت ابتسامته حتى غزت ملامحه بتحدي لمع بعينيه السوداوين وهو يقول بتصميم
"لقد اتيت من اجل ان ننهي ما حدث بالأمس ، ونكتشف من هو الرابح بيننا بهذا التحدي"
عقدت حاجبيها بتفكير لحظي وهي تهمس بوجوم ساخر
"هل تقصد تريد ان تبدأ بتحدي الحصول على رضاي والذي اتفقنا عليه بالأمس ؟"
اومأ برأسه بتصميم اكبر وهو يميل بجذعه امامها هامسا بخفوت اجش واثق
"هذا بالضبط ما اتيت لفعله هنا ، فأنا لن اتوقف حتى اخرج من هذا التحدي رابحا والذي لن يقارن بكل التحديات والتي خضناها سابقا لأن هذه المرة سيكون الربح ذو قيمة كبيرة جدا واكبر مما نتصور ! لذا هل تسمحين لي بالبدء ؟"
حركت رأسها بشرود وهي تدور بعينيها عليه لتشمله كاملا بتأمل حذر قبل ان تبتسم ابتسامة شقية هامسة بخفوت
"ولكن بدون قبلات"
عض على طرف ابتسامته بمكر وهو يضرب بأصابعه على جانب رأسه هامسا بوعد
"اعدكِ يا ألماستي ، لن اُقبلكِ قبل ان يكون برضاكِ"
انحنت ابتسامتها بحياء وهي تشيح بوجهها جانبا للحظة غادرة ، لتستمع بعدها لصوته قرب اذنها وهو يهمس بها بإثارة ألهبت حواسها
"هل نذهب ؟"
نظرت للأمام بتردد وهي تحدق بيده الممدودة نحوها بدعوة للذهاب معها ، لتبتلع بعدها ريقها بتأهب وهي ترفع يدها بلحظة لتريحها بداخل كفه بصمت ، وبثواني كان يقبض على كفها الصغيرة بيده القوية بتملك وهو يسحبها سريعا باتجاه الطريق المؤدي لخارج ساحة الكلية ، بدون ان تترك النظرات كليهما والتي ازدادت عددا من حولهما بدون ان يستطيع احد منهم التأثير عليهما او اختراق عالمهما الثالث والذي خلقوه لوحدهما بتفرد صفاتهما وتناقض حياتهما .
______________________________
اخفض الهاتف من امامه وهو يشرد بنظراته بعيدا بدون اي تعبير يعلو ملامحه بعد ان اختفى ذلك البريق الذي اسر العالم بعينيه ليتبدل بالجمود الصخري والذي غمر كل تفصيل بحياته الخاوية والتي تكللت بالخيانة من جديد بدون اي رأفة او رحمة ، وكأنه يعيد نفس الخطأ السابق بدون ان يتعلم من الدرس الاخير بغباء تجاوز الحدود وكله بسبب تراخي حصونه وتركها ليحدث ما حدث ويخسر كرامته مع قلبه مجددا ، ولكن هذه المرة مختلفة فهو لن يهدأ لثورة قلبه المستعر والذي لن ينضب بهذه السهولة كما بالمرة السابقة ويعلن انهزامه امام طعنتها الغادرة والتي كانت اكثر إيلام عن اي مرة سابقة ، وإذا كانت تفكر بالانسحاب من حياته والفرار من قيود قلبه برسالتها القاتلة فهي قد احكمت على نفسها بالهلاك بقفص سحرها المفتون بها والذي تحول بثواني لقضبان فولاذية ستضيق بها وتسجنها هناك للأبد !
عاد للعالم الحاضر وهو يعطي تركيزه لصاحبة الصوت الهادئ بحنان
"هل تأخرت عليك ؟"
رفع الهاتف امام نظره وهو يحرك رأسه هامسا بشرود
"لا ليس كثيرا"
تقدمت امامه وهي تضع صينية اكواب الشاي على الطاولة قبل ان تجلس بهدوء وهي تهمس بابتسامة انيقة
"لو اعلم فقط ما هو الشيء المهم الموجود بالهاتف والذي يجعلك لا تتركه !"
ابتسم بهدوء بدون اي مرح وهي يدس الهاتف بجيب سترته قائلا ببرود
"ليس بالأمر المهم"
امسكت بأبريق الشاي وهي تسكب بالأكواب برفق هامسة بابتسامة جادة
"كيف حال العمل معك ؟"
اومأ برأسه بجمود وهو يهمس بهدوء عملي
"كل شيء بخير والحمد الله"
رفعت كوب الشاي وهي تسلمه له هامسة بنفس الابتسامة الجميلة
"نورت المنزل يا شقيقي الحبيب"
اعتدل بجلوسه وهو يمسك الكوب منها هامسا بخفوت بارد
"شكرا لكِ"
امسكت بالكوب الآخر بحذر وهي تهمس برقة
"إذاً هل هناك ما تريد ان تطلعني عليه ؟"
نظر لها للحظات وهو يرتشف من قدح الشاي ببطء ليقول بعدها وهو يخفض نظره للدخان المتصاعد من القدح
"ومن الذي اخبركِ بأني اتيت لاطلعكِ على شيء ؟"
لامست بأصبعها اطراف قدح الشاي وهي تهمس بعفوية
"لقد شعرت بذلك من زيارتك لي بهذا الوقت من الصباح الباكر والذي تكون فيه مداوم على عملك بالجامعة ، وايضا من تفكيرك الشارد منذ لحظة حضورك للمنزل وانت لا تتوقف عن التحديق بالهاتف وكأنك تحاول تجهيز الكلام والذي تريد النطق به امامي"
ارتفع حاجبيه بتفكير مندهش وهي يهمس بابتسامة صغيرة بغيظ
"ذكية جدا ! يبدو بأنكِ قد درستِ العينة امامكِ جيدا ! تستحقين درجة عالية عليها"
شربت من قدح الشاي على مهل قبل ان تهمس بابتسامة هادئة بغرور
"اكيد استحق الدرجة العالية ، هل نسيت من كانت تهتم بدراستك طول سنوات حياتك ومن لها الفضل بحصولك على درجات الامتياز بمسيرة دراستك ؟ ولولا جهودي لما استطعت الوصول لما انت عليه الآن وانت تمارس وظيفة التعليم بأرقى الجامعات بفضل هذه المرأة التي حاربت من اجلك لسنوات !"
اتسعت ابتسامته بدون ان تصل لعينيه وهو يتمتم بوجوم شارد
"كيف لي ان انسى معاناة تلك السنوات ؟ لقد كنتِ قاسية جدا معي !"
عبست ملامحها برقة وهي تمسك بخصرها هامسة بتذمر حانق
"لقد كنت افعل هذا لمصلحتك من اجل ان تستطيع الوصول لمراتب مرموقة بحياتك كما كانوا يتأملون منك والدينا ! وخاصة بأنك كنت طالب كسول ومهمل جدا ناحية دراستك حتى دفعت جميع اساتذتك ليفقدوا الأمل منك ، وانظر إليك الآن اصبحت استاذ يعاني بسبب طلابه من اجل ان تشعر فقط بالعذاب والذي كنت اخوضه معك بالماضي"
تغضن جبينه بجمود وهو يرفع نظره عاليا بنفس الشرود والذي اصبح يصاحبه بكثير من الأحيان على ذكرى كلامها والعذاب والذي تعرض له من طالبة واحدة لا يقارن بالعذاب والذي تتكلم عنه ، ليخفض نظره بسرعة ما ان حطت بكفها على يده وهي تهمس بهدوء قلق
"هشام هل انت بخير ؟ تبدو لي اليوم على غير طبيعتك ! هل هناك ما يضايقك ؟"
حرك رأسه بالنفي وهو يعود للشرب من قدح الشاي بيده هامسا بهمهمة خافتة
"كل شيء بخير"
سحبت كفها بعيدا وهي تعود لمعانقة قدح الشاي بين يديها بهدوء صامت ، ليقطعه بعدها الذي وضع قدح الشاي فوق الصينية امامه وهو يهمس بغموض
"متى سيعود زوجك من السفر ؟"
نظرت له بارتياب وهي تهمس بحاجبين معقودين بخفوت
"لقد قال لي بآخر مكالمة بأن طائرته ستصل غدا صباحا للبلد ، يعني غدا سيكون موجود بالمنزل إذا كنت تريد زيارته"
اومأ برأسه بهدوء وهو يضم قبضتيه فوق ركبتيه بصمت لوهلة قبل ان يقول بجمود خافت
"اريدكِ ان تذهبي معي بعد يومين لقضاء حاجة تخصني"
وضعت كوب الشاي فوق الصينية بقوة وهي تلتفت نحوه هامسة بخوف استبد بها
"لماذا ؟ ماذا هناك ؟"
التفت بوجهه نحوها وهو يبادلها النظر بقوة تشعر بها نفذت بداخلها ليهمس بعدها بلحظة بصوت منخفض عازم
"لقد قررت ان اتزوج واخترت الفتاة التي ستسعدني"
تبرمت شفتيها بغضب وهي تضرب على صدره بكفها هامسة
"ولما لم تقل هذا منذ البداية ؟ لقد اخفتني حقا ! انا......"
انتفضت واقفة بارتعاش وهي تنظر له بصدمة متأخرة هامسة بانفعال مذهول
"هل قلت بأنك تريد ان تتزوج ؟"
قطب جبينه بجمود وهو يمسك بمرفقها هامسا بروية
"اهدئي واجلسي بمكانكِ يا اسمهان ، فأنا لم اكمل كلامي بعد"
ولكنها لم تستمع له وهي تغطي فمها بكفيها بفرحة بالغة هامسة بسعادة دمعت عينيها
"واخيرا سأفرح بك يا شقيقي الحبيب ! وهذه المرة فرحة حقيقية وغير ناقصة ، بل هما فرحين عودة زوجي من السفر وقرار شقيقي بالزواج !"
غامت ملامحه بتصلب عند المقطع الثاني من كلامها والذي تطلب منه طاقة جبارة ليحني تفكيره بعيدا عنه حالياً ، شدد بعدها على مرفقها وهو يقول بحزم جاد
"هلا توقفتِ عن هذه المشاعر العاطفية وجلستي قليلا يا اسمهان ؟"
ابتسمت بحياء بشوش بدون ان يغيب عنه دموع الفرح المتدفق بعينيها وهي تجلس بجواره هامسة بمحبة
"اعتذر يا حبيبي فقد انحدرت بمشاعري قليلا من فرحتي بك ، فكم شقيق انا عندي لأفرح به بحياتي !"
تنهد بجمود بدون ان تصل له مشاعرها وهو يدير وجهه جانبا قائلا ببهوت
"حسنا كما اخبرتك اريد منكِ ان تجهزي نفسكِ وتخبري زوجك بالأمر ليحضر معنا بوقت الذهاب لمنزل الفتاة التي اخترتها للزواج منها ، فأنا اريد من الجميع ان يكون حاضر معي بذلك الوقت فأنتم عائلتي الوحيدة التي املكها ، هل تستطيعين فعل هذا من اجلي ؟"
اومأت برأسها بسعادة غامرة وهي تمسح الدموع عن عينيها هامسة بمودة
"اكيد يا حبيبي ، انت فقط اعتمد علينا ونحن نعدك بأن نجعل هذه الفتاة زوجتك رغم كل انوف الرافضين وكل الظروف والتي قد تفكر بالفصل بينكما ، فأنا اهم شيء عندي بأن اراك سعيد وتعيش مع زوجة تقدرك وتحبك"
ابتسم بهدوء بدون اي شعور وهو يربت على كفها المستريح على ركبتها هامسا بامتنان
"شكرا لكِ يا شقيقتي وعلى كل الاوقات والتي ساندتني بها ، لا اعلم ماذا كنت سأفعل لولا وجودكِ بحياتي انتِ وعائلتك ! اشكرك بشدة"
امتعضت ملامحها وهي تضرب على كفه بيدها الاخرى هامسة بوجوم رقيق
"ما هذا الكلام ؟ منذ متى وانت تتكلم بهذه الطريقة العاطفية ؟ هكذا ستجعلني ابكي وانا لا اريد البكاء ! وتقول عني انا بأني الفتاة العاطفية !"
ابتسم بجمود صامت وهو يدير وجهه جانبا بدون اي كلام آخر ، لتشدد بعدها على يده بقوة وهي تهمس بلهفة حماسية
"إذاً اخبرني كيف تعرفت عليها ؟ وكيف هو شكلها ؟ هل هي جميلة ؟....."
قاطعها بجفاء وهو ينظر بعيدا عنها
"انها طالبة عندي بالجامعة وانا الذي اهتم بتدريس محاضراتها"
ارتفع حاجبيها بدهشة وهي تهمس بشرود حالم
"يا لها من مصادفة حقا ! هذا ما كان يخبئه لك القدر من خفايا مذهلة ! ولكن بالتفكير بالموضوع تبقى افضل من تلك الشمطاء ابنة عمك المتكبرة والتي كانت تراك اقل منها بكثير ولا تليق بها......"
صمتت بارتعاش ما ان سحب يده من بين كفيها بقوة وهو ينظر بعيدا عنها بملامح جليدية اكتسحت محياه ، لتقول بسرعة بابتسامة متوترة وهي تمسح على ذراعه تطلب السماح
"ارجوك ان تعذر غبائي يا شقيقي فقد زل لساني بدون ان انتبه ، ولا اعلم لما دائما تخطر على بالي بهذه الاوقات ؟ لقد افسدت علينا سعادة اللحظة والتي كنا ننتظرها طويلا ! ولكني اعدك بعدم تكرارها فهي قد اصبحت من الآن صفحة سوداء وانطوت ولم يعد لها معنى بحياتنا"
تجمدت ملامحه لوهلة وهو ينهض من جانبها بسكون تام غيم عليهما ، ليقول بعدها بهدوء جاد بدون اي تعبير
"انا عليّ الذهاب الآن فقد تأخرت على العمل ، ولا تنسي ما اخبرتكِ به سابقا ، اراكِ بعد يومين ، وداعا"
ردت عليه بسرعة بخفوت حزين
"لما العجلة يا هشام ؟ لم ننهي حديثنا بعد !"
حرك رأسه بجمود وهو يهتف ببرود جاف
"لقد انتهينا من الحديث بالفعل ، ولم يعد هناك شيء نتحدث عنه"
زمت شفتيها بحزن وهي تراه يغادر من امامها وهو يلوح بذراعه قائلا بحزم
"لا داعي للحاق بي ، اعرف طريق الخروج جيدا"
اكمل بعدها سيره باتجاه باب المنزل وهو يشدد بكفه لا إراديا على مكان الهاتف وكلمات الرسالة لا تريد ان تبارح رأسه قبل قلبه وهي تعبر بكل كلمة عن سكين غرستها بداخله بكل حرف تهجئة به ، وهو يستذكر كلماتها جيدا ويحفظها عن ظهر قلب كما يفعل مع كل رسائلها وكل كلمة تكتبها على زاوية اوراق الاختبارات حتى اصبحت هواية بالنسبة له لم يكن يعلم بمدى خطورتها وقوة ألمها على قلبه
(انا اعتذر على هذا الكلام الذي سأكتبه لك بالرسالة الآن ردا على عرض الزواج الذي قدمته لي ، ولكن يبدو بأنك قد اخترت الفتاة الخطأ لتوقع عليها هذا الاختيار ، فهذه الفتاة قد رهنت قلبها لغيرك منذ زمن والذي جربت معه كل قوانين الحب والعشق والصداقة حتى اصبح اقرب الاشخاص لها من نفسها واحب الاشخاص لقلبها المفطور به والذي لم ينبض لسواه ، لذا اعتذر بشدة فأنت تحاول البحث بمكان لن تجد منه مبتغاك مع قلب هجر صاحبه منذ زمن وامتلكه احد آخر ، وارجو حقا ان تجد السعادة الحقيقية مع من تليق بك وتسعدك بحياتك كما تستحق وليس مع فتاة تعيش بقلب فارغ سبق وجرب الحب من قبلك ، وشكرا لك على تفهمك)

يتبع...........


روز علي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس