عرض مشاركة واحدة
قديم 28-01-22, 10:51 PM   #18338

فيتامين سي

مراقبة عامة ومشرفة منتدى الروايات المنقولة

alkap ~
 
الصورة الرمزية فيتامين سي

? العضوٌ??? » 12556
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 42,446
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Saudi Arabia
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » فيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond reputeفيتامين سي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي




*
*
*


زمت شفتيها واشتدت أصابعها على الهاتف في يدها بينما

كان صوت شقيقتها المرتفع الغاضب لم يكتفي من تحطيمها

صارخه بغضب

" قسماً لم ترى عيناي من هي أشد غباء منك يا جمانة ،
بغبائك وسذاجتك كادت تلك المرأة أن تورطك في مصيبة
عظيمة وتخرج هي منها وكأن شيء لم يحدث لأنها استغلت
غبائك وضعفك .. "



كانت تصرخ وتعيد بكل ما جاد به لسانها وهي تستمع دون

نقاش كالعادة ليس لأنها تراها محقة أو لا تملك ما تقول بل

لأنها كانت دائماً الفتاة التي تفتقر للذكاء وحسن التصرف

في نظر عائلتها جميعهم وكانت شقيقتها التؤام هي المثال

الذي تُعاقب به دائماً بتذكيرها بأنها أفضل منها في كل

شيء وهما اللتان ولدتا في ذات اليوم والوقت حتى تشبع

عقلها بتلك الأفكار ، أغمضت عينيها وتنهدت بعمق ما أن

قالت التي يبدو لم تكتفي بعد من توبيخها

" أتعلمين ما كان سيكون مصيرك ؟ "



نفضت يدها الحرة وقالت بضيق

" يكفي يا جيهان لقد تشبعت "


وكان ذاك ما جعلها تعود للصراخ الغاضب مجدداً قائلة

" لا ليس يكفي ولا جَلد ظهرك يا مغفلة ، أكنتِ تتوقعين ما
كان سيحدث الآن لو لم يخرج لكما ذاك الرجل من العدم ؟ "




ارتجف جسدها بأكمله من مجرد تذكر ذلك وقالت بتوتر

" لا تذكرني به فأنا أصبحت أراه يخرج لي من كل مكان "



وصلها صوتها المتضايق سريعاً

" لا لن يخرج مجدداً وليس هو بهذا الغباء كما سيبلغها
هي بأنكما رأيتماه "



اتسعت عيناها وهمست مصدومة

" يبلغها !! "


قالت تلك بتذمر

" يا الله ما أغباك يا جمانة "


عادت لشد شفتيها بحنق مكبوت كعادتها بينما عادت

شقيقتها تلك للصراخ فيها متابعة

" أتتصورين مثلاً أنه موجود هناك دون علمها ؟
بل واختفى لأنها ساعدته على ذلك "



تبدلت ملامحها للاستغراب فجأة وهمست

" لكن كيف ؟! "


وصلها صوتها الجاد سريعاً

" لا يهم ذلك ولا ينفعنا في شيء لكنه لن يدخل دون
علمها بالتأكيد "


اشتدت قبضتها بغضب وقالت مندفعة

" إذاً سأخبر الجميع بما رأيته ليكتشفوا أمرها "



صاحت فيها محذرة

" إياك وفعلها أو فعل أي شيء من دون إعلامي "



تنهدت بضيق بينما لم تترك لها وقتاً لتعترض وقد قالت

مباشرة وبتهديد

" لن نتحرك قبل أن نعلم من يكون وكيف يصل لها ، لا
تصرفات حمقاء مجدداً جمانة افهمي ما أقول ؟ "


كورت شفتيها وتمتمت ببرود

" لا أفهم "


" ماذا تقولين !! "



لم تستغرب صوتها المصدوم حين قالت عبارتها تلك فهي لم

تكن تسمع منها سابقاً سوى حسنا ونعم وكما تريدين لكنها

تعلمت أموراً كثيرة وإن لم تستطع تطبيقها جميعها حتى

الآن لذلك شجعت نفسها ولأول مرة ونجح الأمر حين

سمعت صوتها وكأنها لا تعرفه وهي تنفجر فيها بحدة

" قلت لا أفهم ولا أريد أن أفهم وهذه المرة الأخيرة التي
أتحدث معك فيها عن شيء "

ولم تجد الوقت للتنفس وتهنئة نفسها على شجاعتها

الغير معهودة حتى وجدت نفسها عرضة للهجوم مجدداً

من التي قالت بغضب حتى كانت تشعر بصوتها يضرب

طبلة أذنها

" لا تمارسي دروس بناء الشخصية التي تقرئين الأكاذيب
عنها ضدي يا جمانة فأنا أعرفك جيداً كما أعلم عن نوع
عدوك وستنتهي لخارج قصر تلك العائلة إن استمريتِ في
التصرف بغباء "



كانت عيناها متسعة بينما عجزت عن تحريك لسانها وكأنه

تيبس تماماً ووحدها أنفاسها القوية ما كان يخرج من

شفتيها فلم تستطع استيعاب ما سمعت للتو وكأنها ليست

هي من نصحها بتلك الدروس والدورات فهل أصبحت مجرد

أكاذيب حين استخدمتها ضدها ؟ أطبقت شفتيها واستجمعت

أنفاسها لتنتظم قليلاً ثم همست ببرود وهي تبعد الهاتف

عن أذنها

" وداعاً "



وأغلقت الخط وهي تسمع صراخها الغاضب يبتعد ولم تهتم

لسماع ما كانت تقول لأنها تعرفه وحفظته لأعوام طويلة ،

أغلقت هاتفها ما أن عاودت الاتصال بها ورمته بعيداً عنها

واستندت بمرفقيها على ركبتيها وأمسكت رأسها بيديها

منحنية الظهر تغرس أصابعها بين خصلات شعرها وشدته

بقوة واكتسى الألم عينيها وكلمات شقيقتها تلك تتكرر في

رأسها دون توقف ولا خضوع لها حتى بدأت بضربه بهما

بقوة صارخة

" يكفي .. يكفي .. يكفييي "



رفعت رأسها لاهثة الأنفاس تنظر بعينين واجمتين لباب

الغرفة المفتوح والذي تسرب منه صوت طرق واضح على

باب الجناح فوقفت ترفع شعرها عن وجهها وغادرت

الغرفة قبل أن تتوقف خطواتها بسبب الوساوس التي

انتابتها فجأة وهذا بات حالها تخاف من ظل الأشجار

على النافذة .



ما أن تكرر الطرق بإلحاح أجبرت قدماها على التحرك حتى

وصلت له وفتحته ببطء وأصابع متشنجة حتى كان كشق

بسيط نظرت من خلاله وحين اكتشفت هوية الطارق فتحت

الباب رغم استغرابها لزيارتها الآن ! ابتعدت للخلف خطوة

ما أن دخلت أسماء وأغلقت الباب خلفها وذاك ما جعلها

تزداد توجساً وحيرة فمؤكد لديها سبب ما جعلها تأتي

وتتصرف هكذا ! وهو ما تبين لها بالفعل ما أن نظرت

لعينيها وقالت

" ثمة أمر مهم علينا التحدث فيه "



تذكرت كل ما قالته شقيقتها وإن كان بطريقة قاسية لكنها

حقيقة عليها الاعتراف بها لذلك قالت سريعاً وببرود

" لن أصعد لذاك الجناح مجدداً ولا في وضح النهار "


قابلت أسماء كلماتها تلك بالسخرية متمتمه

" كل هذا بسبب الخوف ؟ "

قالت مندفعة وبضيق

" لا .. "


وتابعت من فورها وبجمود تنظر لعينيها

" وإن كان الحديث عن الخوف فقد كنا شريكتان فيه "


تقبلت أسماء إهانتها بالصمت وإن مكرهة ولن تستطيع

بالطبع نكران ذلك وتعلم بأنها خرقاء وكانت أكثر جبناً منها

أيضاً لكنها سبيلها الوحيد فهي انتظرت خروج السيد ضرار

فجراً لتخبره ثم تراجعت لأنه ليس ثمة وقت يفصلها عن

معرفة الأمر والآن وصلت لباب جناحه وتراجعت حين

فكرت بأنه قد يخبر سلطان بأنها من أخبره وهنا ستنتهي

هي للنهاية التي تريدها لتلك القاتلة فوجدت بأنه لا حل

أمامها سوى جمانة لتصل لهدفها دون أن تقحم نفسها في

مشكلات مع زوجها أو حتى مع والده ، ازداد عزمها على

ما هي هنا من أجله وقالت بجدية

" أنا لست هنا لأجل ذلك لأنها لم تعد موجودة فيه أساساً "



حدقت فيها بعينين ذاهلة وهمست

" ماذا !! "


لم تعلق ولم تخبرها بشيء لتتركها قليلاً تتقلب فوق الجمر

المتقد ، وهو ما حدث فعلاً وقد خرجت كلماتها نهاية الأمر

متناثرة مبتورة هامسة

" كيف .. لكن .. أين ذهبت ! "


وحركت رأسها كالبلهاء التي تحاول تفسير شيء ما وعادت

وقالت باستغراب

" هل أعادوها للمستشفى ؟ "

تحركت شفتا أسماء حينها وما أن علمت بأن ضحيتها باتت

جاهزة لتلقي الخبر الأهم وقالت بكلمات متأنية واضحة

" بل أخرجها زوجك من هنا وللأبد يا ساذجة "


وكان رد فعلها أن صرخت فيها بعنف وعينان متسعة

" ماذااا !! "


ابتسمت بانتصار لبلوغها مرادها فهي تعرف تهور المرأة

حين يتعلق الأمر بزوجها فكيف بواحدة كالواقفة أمامها الآن

لم تراها حكّمت عقلها يوماً وفكّرت قبل أن تتصرف فألقت

لها بسلاحها الأخير قائلة بجدية

" هذا ما قاله سلطان بلسانه ونقلته الخادمة لي وتأكدت
منه بنفسي فلم يصعد لها أحد فترة الصباح "



بدأت الدموع تنزل دون توقف من العينين المشبعتين باللون

الأسود الثقيل للتخلص من مشكلة حجمهما الصغير بينما

استغلت الواقفة أمامها الوضع الشبه هادئ حتى الآن بسبب

الصدمة لتصل لغايتها الأساسية وقالت

" هم يخفون كل هذا عن عمي لأنه إن علم فسينتهي شيء
اسمه وقاص هنا وسترجع تلك القاتلة المجنونة لمكانها
الأساسي وهو الصحيح أو السجن "



وتابعت من فورها ما أن لاحظت بأنها تنصت لها بتفكير

وقالت تعيد مجدداً

" وصول الخبر لضرار السلطان هو ما سيبعدها عن
هنا وللأبد "



قالت التي انتهت من دراسة الفكرة أخيراً وبعبرة واضحة

" ووقاص أيضاً وأنا سأرجع لمنزل والدي بالطبع "



لا تنكر بأنها فاجأتها بل وأظهرت غبائها فما كان عليها

أن تقول بأن وقاص سينتهي وجوده أيضاً ، تباً لها لقد

استهانت بصغر عقلها كثيراً وعليها إصلاح الأمر سريعاً ،

قالت مباشرة وبنبرة جادة واثقة لتقنعها

" لا بالتأكيد فأنتِ زوجته "


سالت الدموع مجدداً في خطان أسودان عبر وجنتها

وقالت بحسرة

" زوجته التي خسرته منذ أن خالفت أمره ولن يأخذني
معه ما لم أستعيده لي أولاً "



تنهدت المقابلة لها بضيق ولم تكن على استعداد لسماع

نواحها وشكواها لذلك قد انتهى ما لديها وقالت مغادرة

" أنا أخبرتك وأنتِ لك الخيار "


" ولما لم تخبريه أنتِ ؟ "


توقفت فجأة وتركت يدها مقبض الباب تنظر للفراغ أمامها

مندهشة فهي لم تتوقع هذا السؤال منها ..! عقلها الصدئ

يمكنه العمل إذاً ؟! استدارت نحوها ونظرت لعينيها تحاول

استغلال كل جزء من الثانية لترتيب ما ستقوله ووجدت

حجتها سريعاً قائلة

" لأنه لن يصدقني وسيظن بأني أفعل ذلك انتقاما لموت
إبني لكن أنتِ لا ، حتى أنه يحسب لعلاقته بوالدك
ألف حساب "



وحين لم تعلق واكتفت بالنظر لها بصمت تَجدد أملها بأن

تفعل ما تخطط له لذلك أضافت ترسم نظرة حزن في عينيها

قبل كلماتها

" إبني مات وانتهى لكن زوجك ما يزال على قيد الحياة
وخسارة الأحياء أشد قسوة لأنك ستريه مع غيرك دائماً "

وما أن أنهت كلماتها تلك غادرت مغلقة الباب خلفها وتركت


التي أنزلت بها صاعقة مدمرة بما قالت وذكّرتها بكل ما

علمته منها دفعة واحدة بل وحددت لها ما سيحدث معها

مستقبلاً وذاك ما جعل أنفاسها تتعالى بقوة حتى كانت

أضلعها ستنفجر بها وخرجت صرختها العالية نهاية الأمر

وكأنها تُخرج الزلزال المدوي داخلها فيها وعادت بخطوات

راكضة نحو غرفتها ورفعت هاتفها الذي بالكاد كانت تراه

من خلف دموعها المنهمرة دون توقف ، وتوقفت لوقت

تنظر له بين يديها المرتجفتان وتذكرت كل ما قالته لها قبل

قليل وبأنها قررت أن لا تستشيرها ولا تسألها أو تحكي لها

عن شيء مطلقاً بل وستفعل ما يخبرها به عقلها ومهما

كانت النتائج .

*
*
*

مرت الدقائق الواحدة تلو الأخرى وهي على حالتها ذاتها

عيناها مفتوحتان وتحدق في ديكور سقف الغرفة حتى

حفظت تفاصيله كاملة وبائت جميع محاولاتها للنوم بالفشل

، وكيف ستنام بعد كل ساعات النوم الطويلة تلك ؟ وها هي

تدفع ثمن كل ذلك ودخلت في حرب ضروس مع عقلها

لتجنبه التفكير فيما حدث وفيما سيحدث لأن ذلك يرهقها

نفسياً وجسدياً أيضاً وعليها ترك المستقبل للمستقبل يكشف

نفسه بنفسه .


رمت اللحاف عن جسدها وجلست تجمع شعرها بجانب

كتفها ووقفت وغادرت السرير وبدأت في الدوران

بعشوائية في الغرفة الواسعة الشبه مظلمة وكأنها تشغل

عقلها بفعل أي شيء ، توجهت ناحية الستائر الثقيلة

المنسدلة وأبعدت طرفها بيدها وشغلت نفسها للحظات

بالنظر للحديقة التي بالرغم من انتشار الأنوار فيها إلا أنها

متأكدة من أنه ثمة تفاصيل كثيرة رائعة فيها يخفيها الظلام

الذي لا قمر فيه .


تركت القماش الثقيل الفاخر يعود لمكانه وعادت نحو

سريرها ورفعت هاتفها ونظرت للإشارة التي لا وجود لها

فيه لأن شريحة هاتفها لن تعمل هنا بالطبع وخيّم الحزن

على ملامحها ما أن تذكرت والدتها فلا يمكنها ولا الاتصال

بها الآن فقط لتسمع صوتها وصوت والدها وإن كانت

ستكون كطفلة في العاشرة أخذوها بعيداً عن والديها لكنها

شعرت بالفعل بالحنين والاشتياق لهم ومن الآن فالشعور

فقط بأنه ثمة آلاف الأميال تفصلها عنهم يزيدها سوءاً ،

استغفرت الله وهي تضع هاتفها مكانه وأخذتها خطواتها

ناحية باب الغرفة وبتردد أمسكت مقبضه وأدارته ببطء

وكأن كل من في المنزل سيسمعون صوت طقطقته الخفيفة

التي بالكاد تُسمع بالرغم من السكون التام .


كانت أضواء الجدران الخافتة تضيء الممر القصير وتعكس

أنوارها زخارفه الذهبية الجميلة وكان البابان المجاوران

لغرفتها مغلقان ولا تعلم إن كانت غرف شاغرة أم لا ؟

وكان يفصلها عن بعضها أقواس كبيرة تحمل ذات النقوش

والزخارف يتوسط كل واحدة منها ثريا ضخمة تلمع قطع

الكريستال المتدلية منها كالنجوم وإن كانت غير مضاءة ،

وبالنظر لنهاية الممر علمت بأنه لا ينتهي هناك بل يبدو

أنه يفتح على الجانبين كما تشعر بنسيم هادئ لامس

بشرتها الدافئة جعلها ترتاب عن مصدره ! وذاك ما دفعها

لترك مكانها وباب غرفتها مفتوحاً وتقدمت خطواتها ببطء

نحو ذاك الجانب من الممر والذي لم تأتيان منه بينما كانت

نظراتها مصوبة نحو الأمام وكأن عقلها أفقدَها أهمية

جميع التفاصيل حولها وبات هدفه هو اكتشاف المكان

المكشوف هنا .


وكان شكّها في محله وقد وقفت بعد اجتيازها للقوس الثالث

وأعمدته الضخمة تنظر مستغربة ناحية الشرفة الواسعة

المطلة نحو الخارج بزاوية نصف دائرية وعلمت فوراً

بأنها تحتل أحد زوايا المنزل وهذا ما رأته بوضوح وقت

نزولها من السيارة والنظر له فقد كان بزوايا نصف دائرية

عبارة عن شرفات يحيط كل واحدة منها سياج ذهبي براق

وجميل ، لكن ما جعلها تقف مستغربة ليس وجود هذه

الشرفة بل جسد الفتاة الجالسة على الأرض تحضن ركبتيها

مقابلة للسياج توليها ظهرها واستغربت وجودها هنا في

هذا الوقت !


شخص واحد كان يمكنها تكهن من قد يكون هذا وذاك ما

جعلها تقترب من الشرفة أكثر وتوقفت خطواتها ما أن

شعرت الجالسة هناك بها ووقفت على طولها واستدارت

نحوها والتقت عيناهما مباشرة لتعلق نظرات كنانة في

الأحداق الرمادية الواسعة المحدقة فيها باستغراب مماثل

مما جعلها تُهمل النظر لباقي ملامحها للحظات لأنها كانت

كالسحر تماماً ! فهي للمرة الأولى ترى عينان بهذا اللون

تكون جميلة هكذا !

أم أن السر في بريق الدموع الذي جعلها تتحول لسطح لامع

من الفضة الطبيعية جعلها مختلفة عمّن رأتهم من قبل ؟!

وبدأت تخميناتها تأخذ منحى آخر فهذه ليس لها عينان

كغيهم ولا كوالدته ولا ملامحها ولون بشرتها أيضاً !

وبالرغم من ذلك قالت وهي ترسم ابتسامة ودود

على شفتيها

" أنتِ بالتأكيد بثينة .. أنا كنانة زوجة غيهم "


وكان ذاك ما جعل العينان الرماديتان تتسعان بذهول بادئ

الأمر ولازالت تحدق في عينيها قبل أن تنتقل نظراتها تلك

ببطء على جسدها ثم صعوداً لعينها مجدداً وهو ما جعل

كنانة تأخذ وضعية الاستغراب أكثر والذي تبدل للصدمة

ما أن تحركت بخطوات راكضة حتى اجتازتها مسرعة

ونظراتها المصدومة تتبعها بسبب سلوكها الغريب ذاك !


وما أن اختفت عن نظرها سمعت صوت باب قربها يُغلق

بقوة فعلمت بأنها دخلت أحد الغرف المجاورة لغرفتها بينما

وقفت هي في مكانها للحظات تحاول تفسير وفهم كل هذا

حتى انتهى بها الأمر أن تنهدت في حيرة وتحركت من هناك

أيضاً وعادت أدراجها فعليها فقط أن تلتزم غرفتها فهي من

تعدت على عزلتها هنا .


*
*
*

جلست مكانها المعتاد تحضن حقيبتها اليدوية والابتسامة

الواسعة تزين وجهها وقد انطلقت على الفور الحافلة

المخصصة بالمنضمة التي كرست نفسها للعمل فيها ومنذ

كانت في الرابعة عشر من عمرها وها هي الرحلة التي

انتظرتها منذ عامين قد حان وقتها وتحقق حلمها أخيراً

وستزور أدغال كايلي المكان الذي انتظرت وبشغف


الذهاب إليه .


نظرت للجالسة بجانبها وقالت مبتسمة

" لو كان الأمر بيدي لنمت في المطار منذ البارحة "


وانطلقت ضحكتهما مرتفعة بينما زينت وجه سائق الحافلة

العجوز ابتسامة رقيقة وهو ينظر لهما من خلال مرآته

الأمامية الواسعة فإن تغيبت هذه الفتاة عن الركوب يوماً

يفتقد صوت ضحكاتها في المكان الشبه ساكن قبل ركوبها .

ما أن وصلت حافلتهم ساحة مطار ﻟﻮﺗﻦ كانت ثمة ثلاثة

أخريات في انتظارهم وقد امتلأت أيضاً بأفراد المنظمة من

الفئات والتخصصات المختلفة ونزل الجميع حينها ودخلوا

مبنى المطار في مجموعات وقد اختلطت الأحاديث بين

الأصدقاء مع الضحكات ولكل واحد منهم تصور ومخطط

معين لرحلتهم تلك والتي ستأخذ يومين كاملين .


نظرت للسائرة بجانبها فور وصولهم لصالة المسافرين

المزدحمة وقالت ضاحكة

" لم أكن أتوقع أن يوافق والدي وهو الذي يظن سابقاً
بأننا سنعود اليوم "



ضحكت أيضاً وقالت

" هذا يعني أننا سننزل لمطار كاليه ونعود بعد خمس
دقائق "



تشاركتا الضحك قبل أن تقول المرافقة لها وابتسامة جانبية

ترتسم على شفتيها

" والدك تفكيره غريب للغاية ! ما في الأمر إن ذهبتِ في
رحلة تنظمها المنظمة ! نحن نذهب في رحلات مع أصدقائنا
ولا يعترض أحد "


اختفت ابتسامتها وتركتها وسارت نحو البقية قائلة بحدة

" كم مرة سأعيد بأنه تفكير رائع من والدي وأحبه كما
هو ومقتنعة تماماً "



لحقت بها بخطوات سريعة وقالت ضاحكة

" حسناً لما الصراخ "


وما أن أصبحت تسير بجانبها رمقتها بطرف عينيها وقالت

تمسك ضحكتها

" أجل نسيت بأنه أمامك الكثير من الأشهر لتبلغي الخامسة
والعشرين وتستقلين "



وقفت ساندرين وأبعدت الحقيبة عن كتفها وضربتها بها

وهي تتجنبها ضاحكة بينما قالت بضيق

" حمقاء ولن تفسدي مزاجي أبداً بما تفعلينه "


ضحكت وقالت

" بالتأكيد لن يفعلها أحد اليوم ولا صديقتك المحببة إيلا "

تجعدت ملامحها ونظرت للجانب الآخر حيث الواقفة مع

رفيقتاها تضع قبعة غريبة الشكل تشبه فكرة الأدغال التي

ينوون زيارتها والتي رغم بشاعتها لم تفسد جمالها

الإنجليزي الواضح ، قالت تمسك ضحكتها

" أنظري إنها تشبه الدجاجة "


وضحكتا بصوت مرتفع لم تستطع أيّا منهما التحكم به مما

جعل البقية ينظرون نحوهما لكن لم تلتقط نظراتها سوى

صاحبة العينان الخضراء العشبية التي كانت تنظر لها

بحنق وحقد وكأنها علمت بأنها سبب ضحكاتهما تلك بينما

قابلتها ساندرين بالتجاهل التام وهي ترفع أنفها في وجهها

وسحبت صديقتها معها وهما تتوجهان ناحية المشرف الذي

اجتمع حوله عدد منهم قبل أن يتوجه الجميع ناحية صالة

الانتظار حين تم الإعلان عن رحلتهم .


قالت مبتسمة تخاطب الواقفة خلفها وهي تقدم جواز سفرها

وتذكرتها للموظفة الجالسة خلف عازل زجاجي أمامهم

" ستكون الرحلة الأجمل على الإطلاق "



قالت التي كانت تنظر ناحية الإطلالة الزجاجية المطلة على

مهبط الطائرات وحيث الطائرة المتوقفة الأقرب لمكانهم

" أجل فقد توقعنا سابقاً أن الرحلة ستكون بالقطار عبر
بحر المانش ويبدو أنهم يستأجرون طائرة غالية الثمن !! "


نظرت ساندرين حيث الطائرة التي لم يكن يظهر لها سوى

مقدمتها تقريباً وقالت ساخرة

" ومن قال بأنها طائرتك يا معدومة ؟ من هذا الذي سيدفع
ثمن الكرسي الذي ستجلسين عليه ؟ "



حدقت في الورقة بين يديها باستغراب قائلة

" لأنه ... "


لكنها قاطعتها وهما تبتعدان تنظر لما بين يديها

" ما هو رقم كرسيك ؟ "


وتابعت من فورها تنقل نظرها بين ورقتيهما

" لسنا بجوار بعضينا ! كيف يكون هذا ؟! "


رفعت نظرها لها وقالت باستغراب

" لا أعلم ! "


تنهدت بضيق وقالت متذمرة

" يا إلهي من هذا الذي سأقضي ساعات الرحلة بجواره ؟ "


وتأففت من فورها متابعة

" أنتِ لا تشاهدين الأفلام ولا تستمعين للموسيقى وهذا
يروق لي "



ضحكت كاتي وقالت مباشرة

" يروق لك أم يناسبك لأنك ستنامين فور انطلاق الطائرة "


ضحكتا معاً واستمر ضحكهما ومزاحهما برفقة بقية

المقربين منهما حتى اجتازتا باب المسافرين وحاجز

التفتيش وما أن ساروا نحو الممر المخصص لها قالت

السائرة بجانبها باندهاش تشير بسبابتها نحو الطرف البعيد

للواجهة الزجاجية

" أرأيتِ ساندي إنها طائرتنا ! "



تمتمت باستغراب وهي تنظر لتلك الجهة

" كيف يكون هذا ! "



قالت كاتي سريعاً

" لو أنك انتبهت لاسم الشركة على التذكرة لعلمتِ بالأمر ،
لقد كنت سأخبرك بهذا "


وتابعت تقلب ورقة رقم كرسيها في الطائرة باستغراب

" الغريب في الأمر أن المنظمة تتكفل بكامل تكاليف الرحلة

فمن المنطقي والمعتاد أن تختار واحدة مصنوعة من

الخردة ! "


كانت لا تتوقف عن الحديث والتساؤل بينما كانت هي تحاول

النظر للشعار المرسوم عليها والأهم تذُكر أين رأته سابقاً !

لكنها اختفت عنها بمجرد اجتيازهم الباب الضخم المفتوح

وأصبحوا حينها في الممر الاصطناعي المعلق الموصول

بين مبنى المطار والطائرة واختفى عنهم كل شيء ونزعها

من كل ذلك صراخ الشاب الذي صاح مرحاً وبضحكة

مرتفعة

" من يصل أولاً لباب الطائرة "


وركضوا ضاحكين من فورهم وبصراخ متحمس على


ضحكات المشرفين الذين تركوهم خلفهم بسبب تصرفهم

الطفولي الذي كان يعبر عن سعادتهم بالرحلة المنتظرة منذ

وقت طويل ، وكانت الاجواء وقت دخولهم لا تقل عنها

صخباً وضحكاً حتى بدأ كل واحد يأخذ مكانه المخصص له

واستطاع الجميع التأقلم مع رفيقه المعلوم سلفاً عدا التي

كانت تقترب من كرسيها بملامح عابسة وهي تنظر لقمة

الرأس والشعر الأسود المصفف بعناية شديدة وتوصلت

لأول معلومة سيئة بأنه شاب وليس فتاة .


لكن الأسوأ كان في انتظارها فما أن وقفت أمام الكرسي

الطويل الظهر وارتفع رأس من كان منشغلاً مع هاتفه يغلقه

لقرب إقلاع الطائرة حتى شهقت بصوت قوي اختلط مع

صرخة مذعورة وكأنها رأت شبحاً أمامها مما جعل تلك

الابتسامة الشابة المحاطة بلحية ذات قصة شبابية أنيقة

تزداد اتساعا وتحركت شفتاه قائلاً

" كنت أتسأل من رفيقي هنا .. ياله من حظ موفق "


كان من الطبيعي أن يتوقع استسلامها للأمر الواقع لكن

ليس مع واحدة مثلها وهو ما يعلمه جيداً فأول ما فعلته

وصوت المضيفة يقترب منها وهي تساعد الجميع على

جلوس في أمكنتهم لتبدأ رحلتهم أن صاحت بقوة


" انتظروا أريد أن أنزل "

*
*
*

كان الوقت قد تجاوز منتصف الليل وهو لم يغادر مكانه

مختبئ خلف أقرب الأشجار لمنزله من الناحية الغربية

والمعاكسة للتي اختفى منها ذاك المتسلل سابقاً ولن يفارقه

حتى يخرج مجدداً فلا يمكنه النوم ولا الراحة ما لم يعلم من

يكون وماذا يريد ! هل هو من عمّال مزرعة أويس أم

مزارع أبناء غيلوان أو رجالهم أم شخص آخر غير

ثلاثتهم ؟ وكل خيار يجعله يشتعل ويصر أكثر على التحمل

والانتظار وإن طلعت شمس النهار عليه وهو واقف هنا .


كانت الدقائق تمضي وهو يقنع نفسه بالصمود والاستمرار

حين توقفت جميع حواسه عدا حاسة السمع وتركز نظره

على الناحية التي سمع منها صوت خطوات تقترب ، وعلى

الرغم من صوت حفيف الأشجار بسبب النسائم الخفيفة

و صراصير الليل إلا أنه سمعها بوضوح لا يعلم لشدة

تركيزه أم لأن عقله الباطن لا يعمل سوى لذلك ؟! ولا يهم

بالنسبة له فما يهمه الآن وبات نظره منحصراً ناحيته فقط

هو الجهة التي باتت الخطوات تتباطأ وهي تقترب منها

وكانت الجهة الشرقية من سور منزله وذاتها التي اختفى

منها ذاك الصوت سابقاً .


كانت ضربات قلبه ترتفع لا شعورياً ليس بسبب التوتر ولا

الخوف بل كل ما تمَلكه حينها هو شعور حارق بالغضب

وتمنى فقط أن يمسك بعنقه بين يديه وهذا ما يصبوا إليه

بالفعل وإن لم يكن شخصية عدائية سريعة الغضب سابقاً

أو ممن لا يتحكمون في انفعالاتهم لكنه تعب من الصراع

النفسي الذي يعيشه وعليه أن ينهيه وسريعاً أيضاً وأن يُعلّم

هذا النكرة درساً في احترام حرمات الغير ومهما كانت

أسبابه .

توقفت أنفاسه كما حواسه جميعها وسباق ضربات قلبه

الصاخبة تلك ما أن ظهر له طيف الرجل باللباس الغامق

بعيداً يتسلل بخطوات بطيئة وجسده ملتصق بجدار سور

المنزل بينما نظراته تراقب المكان بأكمله وذاك ما أوضحته

حركة رأسه الغير مستقرة فلم يستطع الانتظار أكثر من ذلك

لأن غضبه الفعلي منه أفقده السيطرة على أطرافه لينتظر

ويعلم ما ينوي فعله والوصول له فانطلقت ساقاه راكضاً

نحوه وكما توقع ما أن خطت قدماه أول خطواتها حتى أطلق

ذاك الدخيل العنان لساقيه أيضاً وانطلق بسرعة الريح في

الاتجاه الذي جاء منه وهذا ما لم يكن يمان يتوقعه وأن

يكون بهذه اللياقة والخفة وهو ما جعله يُخرج كامل طاقته

أيضاً وهو يخترق جذوع الأشجار العالية راكضاً خلفه

لمسافة واتجاه هو نفسه لم يعد يعرفهما ، وحين شعر

باليأس بدأ يتسلل لنفسه من فكرة اللحاق به كانت اللحظة

التي تعثرت فيها تلك الأقدام المحلقة مع الريح والفرصة

السانحة له وفي ثواني معدودة ليقلص المسافة بينهما قبل

أن يقفز ذاك الجسد ويستعيد توازنه سريعاً .


وما أن أدرك يمان بأنه سيمدد المسافة بينهما مجدداً لأنه

بدأ يفقد طاقته تدريجياً عكس الذي كان وكأنه يركض للتو

لم يجد أمامه سوى حل واحد وفي النقطة الأقرب التي

وصل فيها إليه ترك لقدميه فرصة التحليق في الهواء عالياً

لبضع خطوات وقفز نحو الذي يبدو لم يجهز نفسه لهذه

الحركة وما جعل خطواته تتوتر مجدداً بسبب ملامسة يد

يمان لجسده وكانت تلك فرصته المواتية وهو يمسك بأحد

ساقيه لحظة اصطدام جسده بالأرض وهو ما جعل ذاك

الجسد يهوي نحو الأرض أيضاً ويتدحرج وجسد يمان معه

تباعاً لأنه رفض ترك ذاك الساق النحيل والفرصة التي لن

تتكرر مجدداً ، وبالرغم من ألمه الجسدي حينها إلا أنه

زحف فوقه وأمسكت يداه بكتفيه بقوة وكان يضع لثاماً على

وجهه ومع شدة الظلام لم يكن ليستطيع تبينه جيداً وإن

نزعه عنه لذلك انتقلت يداه لعنقه وشده منه بقوة صارخاً

بالرغم من تقطع أنفاسه اللاهثة

" من أنت .. ولما تتسلل لمنزلي ؟ "


ويبدو أن ذاك المجهول كان يستسلم له طواعية لتنظيم

أنفاسه وتعب جسده أيضاً لأنه وبكل سهولة ركله بركبته

ليقذف جسده بعيداً عنه فقد كان يمتلك لياقة بدنية لم يكن

يتصورها وهو ما جعله يتمسك بكل ما أوتي من قوة بياقته

التي لازالت أصابع يمناه متعلقة بها مما أعاق حركته وهو

ما أعطى الفرصة ليمان ليعود وينبطح فوق معدته وإن

بالعرض هذه المرة وبدأ الغبار يتصاعد بسبب حركة

أقدامهما العشوائية وقد قرر كلاهما الدخول في عراك حين

فقد أحدهما الأمل في الفرار والآخر الأمل في إبقائه تحت

قبضته فكانت المعركة بين من يريد إنهاك خصمه ليتحرر

منه وبين من يريد إنهاكه ليحكم قبضته عليه ويعلم عن

هويته وسبب تواجده الدائم قرب منزله .



تأوه يمان بقوة حين اصطدم ظهره بالأرض بينما أصبح

خصمه يجلس فوقه تمسك يده بياقته بقوة يثبته على

الأرض منهك القوى لأنه لم يعرف حياته العراك بجميع

أنواعه بحكم شخصيته المسالمة ، وبالرغم من بنيته

الجسدية بسبب عمله الدائم في زراعة الأرض وفلاحتها إلا

أنه كان يتفوق عليه كثيراً وذاك ما اعترف به بل واستسلم

له ، لكن الأسوأ لم يكن هناك بل في يده الأخرى التي

رفعها عالياً يحمل فيها سكيناً كان يخبئه في مكان ما من

جسده واتسعت عينا يمان بصدمة ليس بسبب ذاك السلاح

الموجه نحوه من علو بل بسبب الصوت الذي كان لفتى

يبدو لم يتجاوز الخامسة عشر من عمره حين اخترق صوت

أنفاسهما القوية قائلاً

" عليك أن تموت إن كان غرضك الكشف عن هويتي "


كان لم يغادر صدمته بعد بأن من كان يصارعه قبل قليل

كرجل لرجل بل وأكثر قوة منه مجرد فتى !! وعادت

التساؤلات لعقله عن سبب اقترابه من منزله ومراقبته

وهو بهذا السن !


نقل نظره بين نصل السكين اللامع تحت ضوء النجوم

الخافت ووجهه المخفي عنه حتى اللحظة وقال بصوت

منخفض لازال لهاث أنفاسه واضحاً فيه

" هو سؤال واحد فقط أريد جوابه منك .. هل شعيب غيلوان
من كلفك بهذا ؟ "


كان جوابه المبدئي صادماً وهو يشخر ضاحكاً قبل أن يقول

" ذاك الإمعة فليمسك بنا أولاً ليفعلها ويأمرني بما يريد "


همس ولازال ينظر له باستغراب

" لكنك وسط أراضيه !! "


خرج صوته الساخر الواثق سريعاً

" نعم لكن النجوم فوق رأسي أقرب له مني "


كان يحدق فيه فوقه بذهول لم يستطع تجاوزه بسهولة فلما

يتحدث بكل هذه الثقة وهو في هذا السن وعن شعيب

غيلوان تحديداً !!

رجال يهابونه ويخافون شروره ! هو ليس من أعوانه إذاً

ولا من عمّال أويس فمن يكون؟ وما الذي يفعله هنا وهو

يكره شعيب هكذا ؟! قال مغادراً صمته القصير

" أنتَ لا تنوي قتلي فلما تفعل هذا ؟ "


لم يستغرب صمته اللحظي ويبدو أنه فاجأه بالأمر وهذا ما

بات متأكداً منه بأنه ليس بقاتل ولن يفعلها لَما ترك هذه

الفرصة سابقاً ، قال أخيراً وبنبرة قوية ويده تشد على

ياقته أكثر

" لأنك من جلب هذا لنفسه "


أغضبته كلماته تلك فهو تركه يسخر منه بما يكفي لذلك

قال وبغضب

" بل أنت من اعتدى على منزلي "


وانتقل الغضب له سريعاً وقد صرخ بالمثل

" لا أسمح لك بقول هذا فأنا لم أدخله ولم أكن أريد فعلها "


وتابع من فوره ودون أن يترك له مجالاً ليقول أي

كلمة أخرى

" ولا وقت لديا للتحدث معك أكثر من هذا وسأتركك
لأنك ... "


وتوقفت كلماته فجأة مختنقاً بصوت شهقته المكتومة مما

جعل عينا يمان تتسع على أقصاها وهو يرى جسده النحيل

يهوي فوقه ويسقط على صدره وظهر له خيال الجسد

الواقف خلفه يمسك في يديه الحجر الذي ضربه به

على رأسه .


*
*
*



فيتامين سي غير متواجد حالياً  
التوقيع



شكراً منتداي الأول و الغالي ... وسام أعتز به


رد مع اقتباس