عرض مشاركة واحدة
قديم 14-02-22, 11:38 PM   #26

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
:jded: مقدمة وأولى قصاصات رواية (وانطوت صفحة الهوى) - المشاركة الأولى

المقدمة

(1)

مخطئ من قال إن البشر متشابهون..

فهم إن كانوا يتشابهون في الهيئة الجسدية وأنماط السلوك الجماعية، إلا أن لكلٍ منهم بناء متفردٍ يتحكم فيه شخصيته ونشأته وطريقة تفكيره وتأثره بالمحيطين به، بالإضافة لخبراته الحياتية المتراكمة وفقا لما عايشه من تحديات مر بها، وكلها في النهاية تتحكم في قراراته وتصرفاته الخاصة التي تميزه عن غيره..

فلا تظن أنك تعرف فلانا لمجرد أنك رأيت ما سمح لك هو برؤيته من جوانب نفسه المتعددة، ولا تجزم بأنك ستجيد التصرف إذا وضعتك الأقدار مكانه، لأنك لن تقف أبدا في موقفه بنفس ظروفه لحظة وقوع الكارثة..



كانت نسائم الخريف المسائية تمر بالأجواء بنعومة لتكسر حدة حرارة النهار اللاهبة في تلك البقعة الحارة بوسط القارة الأفريقية، حيث تتواجد مجموعة من القوات المسلحة المصرية ضمن بعثة حفظ السلام الدولية التابعة للأمم المتحدة في تلك الدولة التي تشهد اضطرابات سياسية وأمنية واسعة نتيجة الصراع المحتدم على السلطة بين الحكومة المحلية وجماعات من المتمردين المسلحين..

وكان رجال الكتيبة التي تولت حماية المطار الرئيسي لتلك الدولة يتناوبون على تقسيم فترات الراحة ثم يعودون إلى أماكنهم للحراسة والمراقبة وتأمين حركة الطائرات..

على إحدى طاولات الطعام، تجمع ثلاثة شباب من خيرة رجال العسكرية..
المقدم سفيان مرتجي قائد المجموعة والذي يلقبه زملاؤه بلقب "حاتي- عا" أي العٌمدة بالهيروغيليفية.. وهو شاب في السابعة والثلاثين من عمره، ملامحه أقرب للقمحية ولون عينيه عسلي يميل إلى الأخضر نتيجة أصوله الريفية، ويتسم ببنية عضلية واضحة نتيجة تدريباته المكثفة بالكلية الحربية، ثم عمله لسنوات كضابط للجيش في صفوف القتال الأمامية..

إلى جواره، كان يجلس صديق عمره ورفيق الدراسة والعمل، الرائد نبيل علاء الدين جاد أو (سِنوَﭺ) أي الثاني بالهيروغيليفية، والذي يماثله في العمر والهيئة العضلية تقريبا، لكن بشرته تميل إلى السمرة وعيناه بنيتان وشعره مجعد قليلا..

أما النقيب بحر عدنان الديب أو (خِمتَوّ) أي الثالث بالهيروغيليفية، فهو في بداية الثلاثينات، ويتسم بطول قامته وبنيته القوية، وملامحه الحادة التي تضفي عليه هيبة وصرامة وتجهم طبيعي برغم أنه أصغرهم في ترتيب القيادة..

كان الثلاثة يتسامرون أثناء تناولهم الطعام، وكلٌ منهم يسرد كيف يخطط لقضاء عطلته الأولى منذ نحو أربعة أشهر، حيث من المقرر عودتهم لمصر في زيارة سريعة لمدة عشرة أيام قبل أن يعودوا مجددا لاستلام مهامهم بنفس البقعة..

قال نبيل إنه سيختطف أسرته الصغيرة إلى الساحل للاسترخاء، أما سفيان فقرر اصطحاب عائلته إلى المدينة الريفية حيث يستقر والده مع أسرته خلال العطلة الصيفية الطويلة قبل العودة للعاصمة مع بدء الدراسة، فيما قال بحر إنه سيترك لزوجته اختيار وجهتهم بنفسها، لأنها بالتأكيد تجهز برنامج العطلة بالكامل من الآن، وهو لن يضيع الوقت في مجادلتها بل سيكتفي بأن يمنحها الفرصة لتدلـله كما تشاء..

بعد أن انتهوا من تناول الطعام، تحرك الثلاثة مع جنودهم إلى مواقعهم استعدادا لاستلام المناوبة التي تستمر حتى صباح اليوم التالي..

مرت الساعات التالية بهدوء حتى اطمأن الجميع إلى أن الليلة – أيضا – ستمر بسلام كسائر الأيام الماضية بعد العملية التي نفذها جيش تلك الدولة ضد المتمردين، فقتلوا منهم المئات وألقوا القبض على بضعة آلاف ممن كانوا يحتمون بالمنطقة الجبلية المتاخمة للعاصمة..

لكن صمت بقايا المتمردين وتظاهرهم بالاستسلام لم يكن إلا خطة مخادعة استعدادا لتنفيذ ضربتهم التالية..

بين لحظة وأخرى، تحوّل الصمت المطبق في جنبات المطار في الساعات التي تسبق بزوغ الأشعة الأولى للفجر، إلى كتلٍ من النار بعد أن ضربت سلسلة من الانفجارات المطار بواسطة قنابل بدائية الصنع، ثم تبعها إطلاق كثيف للنار بشكل عشوائي في كل الأرجاء..

تحفزت الكتيبة المرابضة في المطار، وهمّت للزود عنه خاصة أن المتمردين لم يكترثوا لخوذاتهم الزرقاء التي تعني بشكل صريح أن هؤلاء الجنود ما هم إلا رُسل سلام هدفهم الحفاظ على منشآت تلك الدولة في ظرفٍ تاريخيٍ صعب، ولا يجوز الاعتداء عليهم بأيٍ شكلٍ لأنهم ليسوا طرفا في الصراع من الأساس..

ولكن، هل هناك ميثاق لدعاة العنف الذين تنحصر أحلامهم فقط في الاستيلاء على السلطة وبسط سيطرتهم على المحيط واغتنام ثروات الأوطان على جثث أبنائهم؟

تبادل الأبطال إطلاق النار مع المتمردين، إلى أن انتبه القائد سفيان مرتجي إلى توجه بعضهم بموكب صغير من بعض سيارات الچيب رباعية الدفع، فأمر مجموعته عبر اللاسكي بتجهيز إحدى المصفحات والتحرك فورا خلفهم..

انتشرت المجموعة سريعا حول مخزن الوقود الضخم الذي كان يتوجه إليه المتمردون بهدف تفجيره.. كانوا سيزودون عنه بكل ما أوتوا من قوة لأنه إذا نجح الآخرون في تنفيذ ما يخططون إليه، ستكون الخسائر المادية والبشرية هائلة..

بقت سيارتان مصفحتان فقط تحاولان مماطلة فوج سيارات المتمردين والاشتباك معه بغرض تعطيله عن الوصول لهدفه قبل أن يستعد رجال المجموعة بالتمركز في الأماكن الصحيحة من أجل تأمين المكان جيدا..

كان يرأس الفصيلة النقيب نبيل الحلواني، والذي اتخذ نقطة الارتكاز بصدر السيارة الأولى، ليوجه الأوامر للسيارة الثانية عبر اللاسلكي..

وبالفعل بدأت المناورات من السيارتين تباعا في لفات متباينة متعرجة بهدف زعزعة وتقويض موكب سيارات المتمردين الذين اندفعوا بفتح النيران بنزق على السيارتين، ليبدأ تبادل إطلاق الرصاص من الجانبين فتسود حالة من التوتر والفوضى، قبل أن تنقلب السيارة التي يتواجد بها النقيب نبيل لتنفجر محدثة دويا مرعبا..

استغل المتمردون الفرصة وأطلقوا النيران على المتواجدين بالسيارة الثانية ليصيبوهم جميعا، ويستمروا في التحرك صوب المستودع..

حين ترجل المتمردون من سياراتهم وتحركوا صوب المستودع، تحرك رجال السرية بثبات في محاولة لتقويضهم كيلا يتمكنون من إطلاق النار على حاويات الوقود، فيمنعون اندلاع الانفجار الوشيك..
بذكاء وخبرة سنوات، نجح الجنود بالفعل في تفريق المتمردين، لكن مجموعة منهم تحركوا نحو وجهة محددة وكأنهم كانوا قد تلقوا تلك التعليمات قبلا لتصبح هي مهمتهم الوحيدة خلال العملية..
فقد استغلوا التشابك وتبادل إطلاق النار والمناوشات والاشتباكات اليدوية بالسلاح الأبيض بين الجنود والمتمردين، وتحركوا نحو طاقم مكون من عدة جنود، وبدؤوا في ضربهم من الخلف.. واحدا تلو الآخر بطلقات غادرة، حتى وصلوا لقائدهم النقيب بحر الديب ليسقطوه بضربات مباغتة على الرأس بواسطة هراوات خشبية ضخمة إلى أن سقط فاقدا للوعي، لكنهم بدلا من استغلال الثغرة والتوجه نحو بوابات المستودع، آثروا حمله والتحرك به نحو سياراتهم بدلا من التداخل مع دفعة ثانية من الجنود..

انتبه سفيان من موقعه لما يحدث، فسارع بطلب الدعم عبر جهاز اللاسكي من الفصائل الأخرى المتواجدة بمحيط المطار..

وحين اطمأن إلى وصول الدعم وعودة الاشتباكات مرة أخرى مع ما تبقى من المتمردين الذين شرعوا باستجماع بقاياهم للعودة لسياراتهم والفرار من جديد صوب الجبال، سارع المقدم سفيان بالركض مع مجموعة من الجنود إلى إحدى السيارات للتحرك خلف سيارة المتمردين الذين اختطفوا النقيب بحر، ومطاردتها..

عاود المتمردون إطلاق النار على سيارته، فأخذ يحتمي ورجاله بالانكماش داخل هيكل السيارة الداخلي إلى أن أصابت إحدى الرصاصات واحدا من إطارات السيارة لتتحرك بشكل متعرج بعد أن فقد قائدها السيطرة، قبل أن تنحرف عن الطريق وتصطدم بسورٍ حديديٍ لتنقلب على جانبها من الجهة التي يجلس بها سفيان..

مرت أكثر من خمس دقائق، قبل أن يستوعب سفيان ما حدث..

لقد مات قائد السيارة وتعرض الجنود في المقاعد الخلفية للسيارة لإصابات متباينة..
وهو.... !!

هو لا يشعر بشيء سوى بثقل شديد في ذراعه الأيمن، لكن أضواء الصباح الأولى لا تعطي إنارة جيدة لداخل السيارة المقلوبة، فلا يكن بمقدوره تفحص يده واكتشاف ما بها، خاصة مع شعوره الغريب بتثاقل حركته..

مرت دقائق قليلة أخرى، أحس خلالها أن جانبه الأيمن قد تبلل بشدة..
متوجسا، حرّك سفيان يده اليسرى بصعوبة إلى جانبه الأيمن لتحسسه، قبل أن يرفع يده التي تخضبت بسائل داكن يعرفه جيدا من رائحته المعدنية النفاذة حتى وإن لم يكن قادرا على رؤية لونه الأحمر القاني..

دماء.. غزيرة.. تفور من ذراعه..
وقبل أن يرتكن للذعر، أغمض سفيان عينيه واستسلم لفقدان الوعي وآخر ما يفكر فيه أن (نبيل) قد مات.. و (بحر) تعرّض للاختطاف على يد المتمردين..




مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس