عرض مشاركة واحدة
قديم 14-02-22, 11:43 PM   #27

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
:sss4: مقدمة وأولى قصاصات رواية (وانطوت صفحة الهوى) - المشاركة الثانية

(2)

بعد حوالي عامين

(ماذا لو عاد معتذرا؟)
كانت تلك هي الجملة الافتتاحية للإعلامية رضوى الشربيني في برنامجها التليفزيوني الشهير، والذي خصصت حلقته اليوم للتحدث عن الفرص الثانية..

وحول شاشة ضخمة، جلست أربعة من النساء في تجمعهن المعتاد مرة كل أسبوع على الأقل داخل شقة إحداهن بنفس البناية بواحدٍ من التجمعات السكنية الفاخرة التي انتشرت مؤخرا حول القاهرة..

واليوم تجمعن على أريكة ضخمة نصف دائرية بغرفة الجلوس بشقة ذكرى جمال، وأخذن يشاهدن البرنامج ويتندرن بالمزحات بينما يتناولن المقرمشات والمقبلات في أمسية بدأت سعيدة ثم تحولت فجأة لجلسة نشيج ورثاء للذات على حكايات حبهم التي انطوت صفحاتها بفواجع ما بين طلاق و.. موت..

أمواچ أو (Mu-Ji) كما تحب أن يناديها أقاربها وأصدقاؤها، شابة جميلة الملامح، تميزها عيناها بلونها الأزرق الفاتح وشعرها البني المموج بتمرد، وطباعها المجنونة التي تتأرجح بين الصخب الشديد والهدوء الشديد حسب حالتها المزاجية، فهي لا تؤمن بأواسط الأمور ولا تحب المهادنة..

أكملت لتوها الخامسة والثلاثين من عمرها، لكنها تبدو وكأن عمرها لا يزيد عن الثالثة والعشرين رغم أنها أم لطفلين.. فهي تتمتع بقامة قصيرة نوعا ما وقوام منحوت يميل للنحافة، ووجه صغير حاد الملامح في خليط نادر بين الأنوثة الجامحة والرقة التي تخلب اللب..

التقطت أمواچ بضع حبات من الفستق وأخذت تمضغها بتلذذ متصنعة عدم الاكتراث، ثم سألت رفيقاتها بنبرة مرحة: "صحيح يا فتيات.. ماذا لو عاد معتذرا؟ كيف ستتصرف كل واحدة منكن؟"..

اعتدلت ذكرى في جلستها ليرتاح ظهرها على مسند الأريكة الجانبي، ثم وضعت ساقا فوق ساق بسمو لا تفتعله، ثم تحدثت بنبرة متعالية تخفي خلفها أطنانا من الخذلان والوجع:
"إذا عاد معتذرا؟ سأجعله يأكل لسانه هذا.. كيف يجرؤ على الاعتذار وطلب ودي بعد أن جرحني مرتين.. ليست مرة واحدة فقط"..

أومأت الفتيات بموافقة وهن يسددن نحوها نظرات مشفقة ومتعاطفة، بينما كان قلبها يهمس بأسى..
(لكنه لن يعد.. لقد استقرت حياته على الأرجح بعد أن طال الفراق هذه المرة.. ومن الممكن حتى أن يكون قد وقع في الحب من جديد)
ذكرى شابة ثلاثينية تتميز بملامحها الناعمة كأميرة من عصور ما قبل الجمهوريات، ووجهها الدائري الذي تؤطره غمازتين تضفيان على شخصيتها الكاريزمية نوعا من الرقة والنعومة، لكن نظرات عينيها تعكس دائما قوة شخصيتها وتجعلها دائما محط أنظار الجميع حينما تتحدث، كما أنها تتحرك دوما بشموخ وثقة مبعثهما طموحها الشديد الذي جعلها تحقق مكانة بارزة لم يتوقعها لها أحد رغم الصعوبات الشديدة التي واجهتها في طريقها..

لم تنتبه الفتيات لشرود صاحبتهن، حيث التقطت شادِن أو (Shades) أطراف الحديث، بعد أن أخذت تمرر أطراف أناملها على جديلتها الجانبية، وكأنها تتحسس مظاهر أنوثتها للتأكد من أنها قد تخلت للأبد عن شخصيتها السابقة التي سببت لها مشكلات عدة انتهت بطلاقها.. ثم قالت بنبرة باردة ليست بها ذرة اهتمام واحدة، وهي بالفعل لا تهتم.. هي لا تدّعي ذلك أبدا:
"لن يعود.. لقد تزوج وأنجب وانتهى الأمر.. وارتاح صدري من همه.. وإلحاحه المتكرر عليّ بالعودة إليه"..

ثم زفرت بأسف، ونطق قلبها بكلمات ظلت حبيسة دواخلها فلم تجد لها فرصة للتحرر على بوابة ثغرها..
(لكن ماذا لو عاد الآخر؟)، لتتردد في أذنها كلمة واحدة بنبرة ساخرة – شادي - أعادتها لذكريات ظنت أنها نجحت في طردها نهائيا من عقلها، فتمالكت نفسها وتجاهلت الرعدة الخفيفة التي تسللت لظهرها، ثم عاودت تحسس فستانها المزخرف بالزهور بأناملها من جديد وهي تستحسن إطلالتها الناعمة التي تبرز قوامها الرشيق الممتلئ بسخاء في الأماكن الاستراتيجية الهامة والتي حوّلت قوامها الذي كان دوما مستقيما بلا منحنيات إلى لوحة من الأنوثة التي تجذب الأنظار بإعجاب صريح في أي مكان تتواجد به، رغم أنها لم تعد تسعى لكسب كلمات الإطراء من أحدٍ..

شادِن ليست جميلة الملامح بالمعنى الحرفي، لكن لها جاذبيتها الخاصة بعيدا عن قوامها الأنثوي الذي تعبت كثيرا لتحصل عليه ما بين دروس اليوجا والرقص الحديث..

جزء كبير من جاذبية شادِن يظهر في تصرفاتها الحكيمة وكلماتها المريحة للنفس حتى في أحلك اللحظات، وذلك بعد أن تخطت كل ما مرت به وقررت أن تنظر للأمام فقط..

هنا، التفتت زهو التي كانت تجلس إلى جوار أمواج، لكي تسألها بفضول شديد:
(وأنتِ يا Mu-Ji.. كيف ستتصرفين إذا عاد إليكِ معتذرا بعد الحرب المشتعلة التي دارت بينكما على الطلاق؟)

ردت أمواچ بنبرة باترة: "لن يعود.. ليس بعد كل ما حدث.. بداخله بركانٌ يحرق أوصاله كل دقيقة.. يستعر ويستعر فتزيد آلامه حتى أضحى يخشى أن تحرقني ألسنته النافرة بجمراته اللاهبة"..
ثم أطرقت رأسها قليلا لتخفي غمامة الحزن التي كادت أن تتحول لدمعات هاربة من بين جفونها لولا رباطة جأشها..

وبجانبها، كانت زهو تعلم جيدا ما تمر به صديقتها، فهي الأقرب إليها من بين أربعتهن وتعرف كل أسرارها..
أما زهو نفسها، فقد همست بنبرة ضاحكة اختلط بها الكثير من الحنين: "أما خاصتي.. فلن يعد أبدا.. لقد رحل إلى جوار خالقه.. وترك لي قطعة منه.. ابننا ساري حفظه الله لي.. أروع هدية"..

زهو أرملة لم تصل بعد لسن الثلاثين.. فقد تزوجت في بدايات عشريناتها من المرحوم نبيل الحلواني حينما كان نقيبا، وأنجبت ابنهما الوحيد ساري بعد أن ترقى زوجها لرتبة رائد.. لكن القدر وضعها في الاختبار الأكبر بحياتها حين استُشهد زوجها قبل نحو عامين خلال عملية اعتداء من المتمردين على المطار الرئيسي للدولة الأفريقية التي كان زوجها يقوم بحمايته مع كتيبته ضمن بعثة قوات حفظ السلام الدولية التابعة للأمم المتحدة..

أمضت زهو شهور حدادها الأولى على رحيل زوجها، بالارتكان إلى الاكتئاب والإفراط في تناول الطعام حتى زاد وزنها بشدة، ولكنها بعد أن عانت من اضطرابات هضمية وهرمونية، قررت الانتباه لما تتناوله من جديد والمواظبة على ممارسة الرياضة، غير أنها لم تعود تريد العودة لرشاقتها السابقة، وقررت الاحتفاظ بقوامها الممتلئ على أن تحسن فقط من نظامها الغذائي حتى تحافظ على صحتها من أجل رعاية ابنها دون تقصير خاصة وأنه قد فقد والده قبل حتى أن يلتحق بالمرحلة الابتدائية..

لاحظت ذكرى حالة الكآبة العامة التي سادت الأجواء داخل غرفة المعيشة بمنزلها، فهتفت بمرح:
(ما رأيكن أن نجري محادثة بالفيديو عبر Skype مع فتاتي عائلة والي.. شذى ومرح؟)

رحبت الفتيات بالفكرة، فأمسكت ذكرى بجهاز التحكم وأغلقت التلفاز، بينما سارعت شادِن لإحضار اللابتوب خاصتها، وهمّت بفتحه ثم شغّلت برنامج المحادثات الشهير وضغطت على زر الاتصال بحساب مرح..

فور أن استقبلت مرح الاتصال، فوجئت بتجمع النساء على الجانب الآخر من المحادثة، حيث هتفت أمواچ بابتهاج حقيقي: "مرحبا بابنة خالتي.. أين العضوة الأخرى في فريق The Whales يا آل والي"

ساد الضحك بين الجميع، قبل أن تقول شادن:
"أين ابنة خالتنا الأخرى؟.. أين شذى؟"

تنهدت مرح بإرهاق، ثم قالت: "شذى.. امممم.. مشغولة قليلا في الفترة الحالية"

ظهر القلق على البنات وأخذن يتبادلن النظرات المتوجسة، فسارعت مرح للقول بنبرة مبتهجة زائفة:
"لديّ خبر مذهل.. لقد قررنا أنا وشذى أن نعود نهائيا لمصر.. سننتظر قليلا حتى تنتهي عقود العمل خاصتنا ثم نرتب للعودة"..

سألت أمواچ بنبرة مندهشة: "ومازن؟"

ردت مرح بحزن بكلمة واحدة: "طلّقها"..


نهاية المقدمة.. في المشاركات التالية أنشر القصاصة الأولى (الفصل الأول) بإذن الله


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس