عرض مشاركة واحدة
قديم 22-02-22, 09:10 PM   #175

هالة حمدي

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية هالة حمدي

? العضوٌ??? » 416048
?  التسِجيلٌ » Jan 2018
? مشَارَ?اتْي » 786
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » هالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond reputeهالة حمدي has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الثاني عشر

تستوقفها العاملة بتربيتة حانية فوق كتفها فتلتفت نحوها، تمنحها علبة قطيفة وتشير إليها بأن أحدهم طلب منها إعطائها لها..
التقطت العلبة من يديها، تعبر البوابة لتخرج من مدرستها، تتلفت حولها لربما تجده، فهو أول من طرأ على خاطرها..
تضع العلبة في حقيبتها، وكغير عادتها تتمشى حتى المنزل..
الطريق طويل، هي تعلم ذلك، أرادت أن تنفرد بمشاعرها وتنطلق سيرا على قدميها، تقترب من الرصيف لتسير فوقه وكأنها ريشة تلامس الأرض بخفتها..
ربما هي السعادة التي منحتها هذا الإحساس..
تنبض الهدية في حقيبتها..تدخل يدها تحاول فتحها دون أن تخرجها أثناء سيرها..
تتحسسها ببطء..
وما إن فُتحت أخرجت هذا الشيء الرفيع إلى النور..
تشهق بسعادة..
تتوقف خطواتها..تتسع ابتسامتها..قلم للرسم، سنه فاحم مكتنز..
لحظات واهتز هاتفها لرسالته
-لم أتمنى سوى تلك الابتسامة إيما، شكرا للقدر الذي منحكِ فكرة السير على الأقدام حتى المنزل.
لم تتلفت، فهي على يقين بأنه قريب..جدا..منها..
تتابع قراءة رسالته
-في المرة المقبلة سأحضر لكِ حقيبة صغيرة من الأقلام الرصاص والفحم..سأتابع لوحاتك على الواتس، أنا مهتم بذلك.
وضعت الهاتف ثم أخرجت العلبة..وبالقرب من مكب نفايات على الطريق، ألقت هديته بها على مرأى منه..
تراقب الطريق جيدا لتعبره..ومنه إلى المنزل.
***
تطرق مكتبها برؤوس أصابعها بتردد يعكس أفكارها، لم تشعر بالراحة وهي تفشي سر عاليا له، ولم تستلذ بجهله وغضبه.
هي لم تقتنع بكلماته عندما نهرها
-ماذا لو بلغ أحدهم عنك، أو رآهم أخواتكِ في حقيبتك؟
متجاهلا كونها ممرضة واحتمالية حملها للأدوية أمر طبيعي.
لازالت تتسائل حتى الآن، هل هو حريص عليها، أم يزود عن زوجته حتى لا تدمن؟
يقتلها قلبها الهش نحوه، أصبحت نجمة باهتة بحضوره وغيابه بعد أن جعلها متوهجة مشرقة لأيام.
تسند ذقنها بيدها، وأفكارها باتت كخيوط العنكبوت الواهنة فوق قلبها المهجور.
عليها أن تتوقف، أن تسير كما المعتاد بعملية متخطية أي عقبات لأجل استمرار حياتها لأجل أخواتها.
مئات الأشياء العالقة برأسه..وعلى رأسهم هي..يمر من أمامها ليدخل مكتبه
وخزات ضميره أعلى من أن يسكتها..
لهفتها عليه واضحة وضوح الشمس..
وهو الذي تزوج..ويحرم عليه أي مشاعر تبقت لها عنده..
ويحرم عليه تعليقها به..
ويحرم عليه طردها..
يمسك رأسه متألما فور جلوسه على مكتبه..عله يوقف هذا الصراع.
تمضي الأيام وقد أنهكته وبات عقله كالمركب المنخور، لاهو قادر على إصلاحه، ولا ركوب الأمواج بعلته.
يتنصل من تعاسته المحتومة فحالما يلتفت هنا يجد ركام أمينة، وهناك سعير عاليا.
تمضي وتمضي وهو بين حواجز تطبق حول صدره بروح متسولة للحياة.
***
يراها وهي تقتحم طابور الخبز لتحصل على حصتها من البطاقة التموينية، تدفعها هذه، وتؤخرها تلك..حتى استقرت في مكانها في الطابور واستقامت وقفتها.
يراقبها عبر مرآة سيارته التي صفها أمام سمكري السيارات يزيد من عجلات سيارته..
وعندما انتهى طلب منه تزويد باقي العجلات.
لقد مر من هنا عرضا..وفي أقل من دقيقة كان يمسح المكان بعينية بحثا عن حجة للوقوف هنا، بعيدا عن أنظارها، قريب من نظراته.
تطوي حقيبة قماشية وتضعها تحت إبطيها، وتمسك بكفها البطاقة..
يحمد الله بأن الطابور طويل، سيسمح له الزمن باقتناص النظرات لها على مهل، دون المتعجلة التي يخطتفها أمام مدرستها.
ترتدي عباءة لا تحدد ملامح جسدها..باللون الأسود ..
يمر الوقت ببطء لذيذ..تتسارع فيه نبضاته بشغف، يتمنى لو اقترب أكثر وتنفس ذات الهواء المحيط بها..
ترفع الحقيبة تضعها فوق رأسها لتحميها من الشمس التي توسطت المكان فاشعلت الطقس بحرارة عارضة.
تقف متململة في الطابور، تلعن نفسها لأنها تأخرت حتى هذا الوقت لتجد هذا الزحام..
تهز ساقها بملل وتحمد الله أنها وجدت مكانا فيه..رغم ما تعرضت له من النساء، إلا أنه أفضل بكثير من أول مرة.
دفعة بسيطة لتتخلى عن مكانها، أفضل من غضب إحداهن واشعال خناقة قد تستمر لساعات بتعطيل الفرن للخبز، وقد تنتهي لشجار بالأيدي.
انتهى العامل من نفخ جميع العجلات..وبات وقوفه هنا لأكثر من ذلك سيثير التساؤلات.
نزل من سياراته، يخرج محفظته ليحاسبه..وإذا بصراخ يأتي حيث مكانها.
التفت تلقائيا نحو الصوت، يتمهل..يبحث عنها بعينيه حول الشحار..
وصدم عندما وجدها بداخله، امرأة تصرخ فيها
-لقد سألتكِ خمس مرات هل هذا دورك، هل أنت آخر الطابور..وتتجاهليني، ابنة من أنتِ كي تتجاهليني؟
تخبطها في كتفها، تتبع كلماتها بتلامس منفر لإيمان، تسبها..
ولحسن الحظ أنها لا تسمعها..
لا تغفل عن حركات فكها، ولا ضمة شفتيها التي تنعتها بالصماء، وانفعالاتها ولمساتها الغاضبة..
تندفع للوراء إثر ضرباتها حتى أخذت مكانها..
يراقب ما يحدث بانفعال جارف، لم يشعر إلا وساقيه تسابقان الريح حتى وصل إليها، يستوقف السيدة التي بدأت الشجار
-صلي على النبي يا خالة، هي لم تسمعك، لم تقلل من شأنك ولا شيء.
يجذب إيمان من الطابور ويأخذ منها البطاقة لينهي ما حدث، ويقف في طابور الرجال الذي كان فارغا يطلب لها ما بداخل البطاقة جميعها، ولا يعرف بأنها تملك مخزون كبير من الخبز..
تقف فاغرة فمها مما فعل، تنظر يمينا ويسارا..ما حسن صورتها قليلا أن هناك رجال تدخلوا مثله من أصحاب الفرن..
بينما هي لم تتحدث، ولم يصدر عنها إشارة واحدة ليتبين لهم أنها لا تسمعهم أو لا تتحدث.
فوجيء بكميات من الخبز كبيرة، يناوله الخباز قفص مملوء بالخبز يتلوه الآخر والآخر ..
وهي تراقب ولا تتحدث، فحقيبتها لن تحتمل هذه الكمية..
يحمل الأقفاص يضعها على حامل تابع للفرن لتهويتها، حتى امتلأ الحامل جميعه بخبز إيمان وأخواتها ..
أشار لها بأن تقف أمامه حتى يعود..وللغرابة..تحدث إليها بلغة الإشارة بطلاقة..
متى تعلمها..بل أتقنها!
لحظات وعاد إليها بأكياس بلاستيكية يقوم بتعبأة الخبز لها بسرعة بعد أن هدأت حرارته..وهي لا تزال صامته..لم تتحدث إليه ولا بهزة رأس.
انتهى مما يفعل..أشار لها بأن تنصرف..وفعلت.
وعندما غادرت بأمان..صاح في تلك السيدة
-ألا تملكين ذرة رحمة..هي صماء، لقد أهنتها ودفعتها فكادت أن تسقط، لو كانت ابنتكِ هل تتمنين أن يحدث ذلك معها؟
حاولت السيدة الرد عليه إلا أنه وبهيئته التي تشبههم ظنته أخيها فلجمت لسانها..صاح فيها منصرفا
-من لا يرحم لا يُرحم.
غادر وهناك من يشيد بفعلته، ومن يتهمه بالتدخل فيما لا يعنيه، لكن اجتمع الكل على مروءته..ورفقه، بفتاة صماء..
ركب سيارته يشعر بضيق يكتم على صدره، كم عدد أصحاب الإعاقات في بلده يعانون مثل إيما..؟
هي مختلفة..لا تقللها إعاقتها في نظره..بل يراها مميزة..
إيما ليست بالضعف الذي رآها به اليوم..ليست هي من حدثته بجرأة وأهانت صنيعه..وتذمره..
إيما تعاني شيئا ما يجهله..
وجد نفسه يركن سيارته..يفتح هاتفه..يتحدث إليها وقد عهد إلى نفسه بعدم مهاتفتها مجددا..
-هل عددت الخبز؟
تفتح رسالته فور دخولها للمنزل، تضحك، هو يشير إلى كثرته
-هل ستأكلونه وحدكم أم أن هناك عزيمة؟
تتسع ابتسامتها، حقا لم تتوقع شهامته اليوم..وهو يبدو كأحد المارة المتورط في فض مشاجرة..تصرفه لم يتسبب لها بجرح أو اتهامات..لا تصفه إلا برجولة.
-لماذا تركتها تتصرف هكذا معكِ يا إيما؟
تخفت ابتسامتها..هل تخبره بأن أحوال أمينةتؤرقها، أم تخبره حال أميرة الذي يغضبها..
-هل خفتِ؟
أم تسأله كيف أتى إليها لينقذها في هذا الوقت، هل يراقبها؟
متأكد بأنها لن تجيبه..
يقسم على ذلك..
لكنها ترى رسالته..هل يعقل بأنها انتهت من تفريز الخبز..حتما لن يأكلوه كله اليوم..
ينظر إلى الطريق أمامه يفكر في سؤال آخر ، فلم يسعفه عقله..حتى انطفأ الهاتف بيده..يكفيه أنها قرأت رسالته..
يستمع لصوت استقبال رسالة، فنبض قلبه..يفتحها ..يرى مرسلها..فلا يسعه الكون بفرحته..إنها إيما ..تجيبه..
-شكرا لك.
***
فور أن اختلت بنفسها ليلا ..غالبها حنين نحوه جعلها تدلك مؤخرة عنقها بتعب.
تنظر إلى إيمان التي غفت..
تتنهد بملل..
تجذب الهاتف، وتفتح الإنترنت لتتوالى الرسائل على مفترق الساعات
-لقد استيقظت، أنا في طريقي للعمل.
-يبدو أن رصيدك نفذ.
-أشعر بالقلق حيال عدم ردكِ يا أميرة، هل أنتِ بخير، أجيبي علي برسالة واحدة، قولي بأنكِ بخير وانكِ منشغلة وسأصمت.
كانت تلك الرسالة في منتصف يومه وهو يعمل، ألهذا الحد تشغل تفكيره؟ .
تغلق ضوء الهاتف وتسنده فوق صدرها..
تساورها وساوس
-مرة واحدة.
-أخبريه أنكِ لن تستطيعي محادثته مجددا.
-ماذا لو أخبرتيه بتعلقك به؟
تنهيدة حارة من شفتيها تركتها تبرد جوفها وقد تخطت مشاعرها تجاهه الإعجاب .
يخفق قلبها بقوة، تمسك هاتفها وترسل له رسالة
-محمد، لا اعرف كيف أخبرك أن ..أني لن أتحدث إليك مجددا، لقد رأت الخالة فوقية جارتنا صورتك وأنت تتصل بي، وقد رأت إيمان محادثتنا، لقد عجزت عن سماع التسجيلات لكنها شعرت بشيء غير طبيعي بيننا.
أرسلت، وشرعت تكمل برسالة أخرى، فقاطعها
-ليس هناك شيء غير طبيعي بيننا يا أميرة.
-حديثنا معا خطأ يا محمد، لقد انسقت خلف مشاعر في مهدها نحوك ولم أستطع التوقف لولا نهرتني إيمان، وعندما رأتك خالتي شعرت بأني أخفي شيء إذا أنا أخطيء، لو كان حديثنا سويا صائبا لما شعرت بالخوف.
-اعذرني يا محمد لا تحاول الحديث معي مجددا، نحن زملاء دراسة وعمل.
-العمل أصبحت لا أراكِ، والدراسة لازال هناك وقت حتى الاختبارات، كيف اطمأن عليكِ؟
يحاول جذبها للحديث، طالما ستكون الأخيرة، فلتكون طويلة مرضية
-صديقة أمي كان اسمها فوقية، أين كانت تسكن؟
أخبرته عن مكانها وقد شغلها تجاذبه الحديث عن الاهتمام باسئلته، بينما هو أزاح أمر خالتها عن عقله رغم تطابق مكان سكنها مع سكن صديقة أمه.
هو لا يريد أن يتذكرها الآن، لا هي ولا صديقتها.
يستغرب تلك المشاعر واللهفة التي يتحدث بها، وكأن روحه ستفارفه
-علي أن أغلق الآن.
-أرجوكِ يا أميرة لا تفعلي، لقد ارتحت في الحديث إليكِ وتعلقت بكِ.
دغدغة أعلى بطنها أشعرتها بالنشوى، لقد تعلق بها.
-الله يعلم كم سيؤلمني ذلك، لكن اعذرني يا محمد، اعذرني، إلى لقاء عساه قريبا.
ثم أغلقت هاتفها تماما، ممتثلة لأوامر إيمان الصغيرة.
**
تمشي وسط زميلاتها، تركب معهن
الحافلة..
ليس كعادة الأيام اكتظاظا، ربما لقرب الإمتحانات فبات معظم الطلاب غائبين..جلس جميع صديقاتها ولم يتبق سوى كرسي واحد ظلت تقاوم السقوط حتى وصلت إليه ..
في العادة كان يسندها الركاب بأجسادهم فلا تسقط..أما الآن وهي تسير داخله وهو شبه فارغ..فتشعر وكأنها ورقة في مهب الريح..
عندما وصلت لمقعدها سقطت بقوة فوقه حتى ارتج مقعد الجالس جوارها..
لحظات مرت بعد أن استكانت..
بيتها يبعد محطتين عن المدرسة..رائحة غريبة تسللت لأنفها..ليست رائحة الكادحين التي اعتادتها..إنما رائحة أحدهم وكأنه استحم للتو..نظرت بجانب عينيها على بنطال الجالس جوارها..وحذاءه..
يخفق قلبها مرتجفا..
ترتفع بنظرها قليلا دون أن تلتفت برأسها ..
تنظر بجانب عينيها إليه ..
تراه ينظر إليها ..ترى..منذ متى!
تلتفت برأسها نحوه ببطء..وقد تيقنت من أنه ..هو..سالم
***
أهداه القدر اليوم مصادفة لم يرتبها..يعلم بأن الأتوبيس سيمر بمدرستها..لكن أقصى ما تمناه هو رؤيتها وهي خارجة من مدرستها وقد أقسم على عدم التعرض لها مجددا.
لقد قرر الإبتعاد حتى يقيم حقيقة مشاعره تجاهها، لا يضمر في نفسه شرا أبدا ..
وها هو القدر يخبره بأنه مهما ابتعد عنها سيقربه منها..
عطل سيارته أجبره على ركوب الأتوبيس وشعور الحنين يجتاحه للأيام الخوالي ذهابا وإيابا من مدرسته.
ينظر إليها وعلى وجهه ابتسامة هادئة زادت من مرح وجهه..
سهل هو..غير معقد..منبسط الوجه والقول..اتسعت ابتسامته وهو يراقب عينيها التي تتأمله بجانبها..بينما هو يتأملها بكله..ولو كان أحد يراقبهم لأقسم على حبه لها..
تلتفت شيئا فشيئا نحوه..فتنتشلها عينيه السوداء من شتاتها..لتعدها بالأمان..تنزل بنظرها على شفتيه المرخية بابتسامة سلبت ترددها لتسقط صريعة على عتبة ثقتها فيه..
يسقط بنظره على صدرها الذي يخفيه حجابها..لكن ارتفاعه وانخفاضه بسرعة وشى موقفها وشرح ما يحتجزه عجزها عن البوح به..
هواء النافذة على وجهه..جعله يسافر معها إلى المالديف وهي لازالت على كرسيها جواره..ترفع حاجبيها وكأنها تتحدث معه..
لمعة مع بريق مر سريعا بعينيها الناطقة تخبره بأنها تحتاجه..
انمحت ابتسامته مع ارتجافة ساقيها جواره..
انعقد حاجبيه بقلق وهي تمنع عنه نور عينيها مستعدة للرحيل..
شعر وكأن أحدهم يسحب عنه أسلاك موصدة بجسده لتبقيه على قيد الحياة..
يتجرأ على لمس كفها التي تقبض على محفظتها..
شهقت وارتعدت كفها ترغب في إفلاتها..
إلا أنه تمسك بها..يضغط عليها ومشاعر غريبة تجتاح صدره فيملأه بالهواء ليساعد على انعاشه..
لازال حاجباه منعقدين وعينيه فوقها..سيتألم من فراقها..يتوسلها البقاء..
قريبة منه للحد الذي لو تعرقل الأتوبيس في مطب..للامست ساقها ساقه..
يضغط ويضغط على كفها حتى نست مكان نزولها..
نست الزمان ..رؤيته عن قرب بتلك المسافة جعلها ترى جمال روحه..
ليست الروح الجامدة الخاوية التي يتحدث بها معها..
إنما لغة..وروح جديدة..هو نفسه يكتشفها معها..
يفلت يديها ببطء خوفا عليها من جنونه..يشير إليها بيده بأن هيا..غادري..
ففعلت كما قال..كالتائه في صحراء..وأخيرا وجد دليله...
***
مر شهر دون أي حديث أو رؤية، يشتاقها لدرجة مؤلمة، يهادن رغبته في وجودها بالاستماع إلى تسجيلاتها الصوتية، يشعر بالحنين لذاك التسجيل الذي قامت بمسحه تخبره بشوقها له.
عليه الآن الاعتراف بحبه لها وقد تسللت إلى عروقه فأدمن اهتمامها.
مرت الأيام الأولى عليه كسلحفاة بائسة، وكلما بعدت المسافة زاد الألم والشوق.
مستلقيا على ظهره فوق سريره وصوتها يتسلل دافئا في غرفته، ملهبا مشاعره، مؤججا شوقه، يراجع رسائلها كما لم يراجع دروسه.
يأخذه اهتمامه إلى صورتها التي تغيرت للتو، تبدو وسط أخواتها متوهجة شهية، يتأمل الصورة جيدا ليرى سيدة تقف خلفهن توازيهن طولا.
خفق قلبه بعنف، يدقق النظر..
إنها هي، فوقية..
صديقة أمه..
يعتدل من نومته متمسكا بهاتفه مندهش من معرفتها لأميرة.
ترك هاتفه يشرد في فراغ أفكاره، تتوالى الترتيبات في عقله.
أيذهب لصديقة أمه بحجة زيارتها!، كيف ولا شيء يجمعهم حتى البِر!
يذهب ربما يمنحه القدر صدفة يروي ظمأه لرؤيتها؟، لكن..كيف يتحامل على ذاك الغضب الذي يتغذى عليه كل ليلة من أمه وغدرها.
لا يستطيع نسيان تلك النظرة التي قذفته بها فوقية يوم وفاة أمه وكأنه من تسبب في وفاتها لا غيها وفجورها.
يضع كفه خلف رأسه بين حنين لأميرة وكره لكل ما يمت بصلة لأمه .
يمكنه الذهاب لرؤيتها في العمل أو في الجامعة رغم ندرة ذهابه، لكن في منزل فوقية قد تجمعهم جلسة وحديث وربما غداء..لن تكون زيارة واحدة ربما أكثر..
فوقية ستكون باب الحظ الذي ما إن يفتحه ستتوالى عليه اللقاءات.
مجرد التفكير فيها يزيد من ضربات الشوق في فؤاده، يزيد حماسته وتعلقه بالحياة، يجعله مندفعا لا يخشى شيئا حتى لو مواجهة باهتة لن يطيق محاورها لكن..أميرة تستحق.
عزم أمره، لقد أوصلها بالقرب من بيتها ذات مرة، ولو سأل عن عم سلامة حتما سيدله الكثير.
يزيح غطاءه عنه، اليوم الجمعة والجميع ملتحف ببيته حتما، الثامنة مساء وقت مناسب للزيارة، يحث الخطى نحو حمامه ليستعد للمغادرة، تأنق كعريس، نسب المخاطرة النصف بالنصف، قد يذهب ولا يرى أميرة لكنها ستكون خطوة تتبعها خطوات.
***
-أنا لن اترككِ يا عاليا، سأحيل حياتكِ إلى جحيم، لن تهنئي بمن حسبتيه أمانكِ وحمايتكِ.
تركت الهاتف من يديها بهلع..
تجوب الأرض ذهابا وإيابا..وعندما ارتعشت ساقيها وما عادت قادرة على حملها سقطت أرضا متربعة..تضع كفها على فمها تهدأ من اهتزازه..
ينتفض جسدها برعدة كمن يسلب روحه ملك الموت..
وقد أصبحت كالأموات في لحظة وضحاها.
تكاد تقتلع شعرها من منابته وقد أصابها الجنون، وبلغ التيه منها مبلغه..
-ماذا يريد مني..ماذا..لقد..أنا ..أنا أكرهه ..أنا لم اؤذِ سلمى.. ليس لي ذنب فيما حدث لها.
وتبكي بحسرة وخوف..تحتضن نفسها بكفيها، تزداد عينيها اتساعا..تشعر بتسارع دقات قلبها..رغم انحباس أنفاسها ..
تصارع لالتقاط نفسا يصلها بالحياة..
حرارة تغزو جسدها فباتت تعرق من كل جزء منه..
تلجأ لعلبة دوائها ترتجي الهدوء تنهل من حباتها، أفكارها متخبطة يسوقها الخوف.
تميل بجسدها إلى الوراء ليصطدم رأسها بالأرض فيمر عليها الوقت ولا تعي سيره إلا بذاك التركيز الذي أضاء عقلها، فعدَّلت من وضعيتها تمسك هاتفها تقربه من أذنها
-أريد أن أعرف هل هذا الأسم ما زال في محبسه أم لا؟
-لا بأس خذ وقتك، المهم أن تعود لي بالخبر اليقين.
دفعت خوفها جانبا أمام هلع دائم سيقتات على روحها، لابد وأن يتوقف هذا الألم..لابد..
إن كان هو فلتستعد لمواجهته، هي لن تدخل معركة دون تدشين، وإن لم يكن ستجد الفاعل وتحرمه لذة النوم كما فعل معها، فتقليب ماضيها الآن لن يجعلها تهنأ بانتصارها.
انتفاضة قوية أصابت جسدها وهي تستمع لصوت إغلاق الباب واقتراب عبد الرحمن منها..
يرمق وجهها المثخن بالأفكار، شاردة في شيء جديد، وربما خطة جديدة.
كلمات محمد تتردد برأسه تؤكد له على أنها شيطانة صغيرة، قادرة على الإساءة لأي أحد وفقا لما تحتاجه، وتحقيق ما تريده.
تركض نحو الحمام ..فيسير خلفها ويستمع إلى تقيؤها وهو بالخارج..
ينتظرها بغرفته ، يجلس فوق السرير..حتى تنتهي..يشعر بأن قدرته على رؤية وجهها نفذت..
غير قادر على تحمل متناقضاته أكثر من ذلك.
تمسح وجهها بعد أن غسلته..تقترب منه وقد بدت اهدأ قليلا رغم وهنها، تحتضن خصره
-مرحبا.
هو لم يلقي السلام منذ دخوله، لا يريد حديثا يجمعه بها، ممتن لما يحدث معها لتتوقف عن العبث معه.
لم تتحرك عاطفته نحوها منذ لقاءهم الوحيد، وجد نفسه ناقم على جسده وكيانه، لم يتمتع بها بينما المتعة تكمن في الروح لا الجسد.
لمسها له بات منفرا لا يطيقه.
قام مبتعدا عنها يدعي الجوع فيخرج صوب المطبخ محتميا بجدرانه مبتعدا عنها بصمت يغلفهم.

وعندما عاد وجد جسدها مرتخيا..
رأسها للخلف ليرى التحام جفونها..
يرمقها من مكانه بضيق، هي مجموعة من التناقضات!
مجموعة من العقد والتعقيدات!
يعبأ صدره بالهواء الذي انعدم في وجودها..
لا يشعر بالسعادة وهو يراها هكذا، لا يشعر بالتشفي رغم ما فعلته به..
شفقة خالصة هي ما يشعر به نحوها..يبحث في أسباب وصولها لهذا الحد ولم يجد سوى إجابة واحدة..
عاليا تعاني خلل نفسي..هي مريضة ولا يعلم هل مرضها يرجي برؤه، أم ستظل هكذا إلى وقت لا يعلم مداه.

هو بالنسبة إليها مصدر الأمان الذي ادخرته لنفسها لتكافيء نفسها بعد طول معاناه..
يقترب ليمسح عن شفتيها العرق ثم قام يغلق الضوء..والباب..والأمس.
***

وصل سريعا بدراجته، لحظات وكان يطرق باب فوقية بينما عينيه متعلقة بمنزل أميرة، وقلبه يخفق بشدة، متلهف لسماع أي شيء من بابها المصمت.
لا يُعد كلاما لفوقية ولا يتخيل استقبالها، قدميه سبقت تفكيره يحمل قلبه على عجل ويأتي حيث وجود روحه.
-مرحبا.
يحك أنفه ملتفتا لمن فتحت له، فتاة ضئيلة الحجم، بوجه مشرق، فقال بأدب
-هذا منزل عمي سلامة وزوجته الخالة فوقية.
ردت أمينة بخجل
-أجل، من يريدها؟
-محمد، أخبريها محمد ابن صديقتها ستعرفني على الفور.
-لحظة أخبرها.
التفتت أمينة تعود أدراجها لتخبر خالتها بالضيف، وما إن فعلت حتى بهت وجهها وتبدلت ملامحها، تتساءل عن صحة ما سمعت، تمشي نحو الباب تحثها دهشتها وضيقها.
حتى وقفت بعيدا عن الباب تنظر إليه وينظر إليها، دخل دون دعوة متوجها إليها يمد كفه نحوها
-مرحبا خالتي.
بينما الجالسة على الناحية الأخرى تقف وتهمس باسمه، وإيمان تقف مصدومة، أنه هو، محمد الذي كانت تتحدث إليه اختها، فقد تأكدت من هجرها له بعد آخر محادثة تلصصت عليها بينهم، ما الذي يربطه بالخالة فوقية.
وأمينة تقف لا تفهم شيء مما يحدث، من هذا الضيف الذي قلب حال الجميع وقد كن يجلسن بمرح أنساها همومها.
ما إن غادر عم سلامة لغوث أخته المريضة، حتى جئن للمبيت معها ثلاثتهن.
وكأن ما يحدث يصور بطيئا بطيئا، كلا مع اختلاجاته، ما يؤكد هذا البطء هو عدم مد كف فوقيه نحو يده.
تنظر فوقية لهالته المتوهجة كخاطب آت إلى إحدى فتياتها، داخلها صراع.
هل تجذبه نحوها تحتضنه لتشم رائحة صديقتها فيه؟
أم تصفعه كونه سببا في موتها؟
أم تكرهه لعلاقته بأميرة التي لا تعرف مداها وإلى أين وصلت، تنتظر حديث أميرة معها، وغير ذلك لا يمكنها التدخل.
فخرج صوتها باردا تعف عن ضم كفيه إليها
-مرحبا يا محمد، كيف حالك؟
غلبها كرمها وهي تدعوه للدخول غرفة الضيوف
-تفضل
هممن البنات للمغادرة، فوقفن أمامها معتذرات، فتعلقت عينيه المتلهفة بعيني أميرة التي ذاب لرؤيتها فتحمل معاملة فوقية الخالية من الذوق، قال
-كيف حالكِ يا أميرة؟
قرأت إيمان ما قالته شفاهه، ولاحظت نظرته نحو أميرة، فبدأ الخوف يتسلل إليها ، تدعو الله في سرها
-ليس الآن يا رب، ليس بعد عدولها عن الحديث معه، سترك يا رب
قالت أمينة بابتسامة لطيفة تخفي قلقها
-هل تعرفينه يا أميرة؟
قالت مسيطرة على توترها ولازالت عينيها عليه تنهل من وسامته الزائدة
-أجل، محمد زميلي في الجامعة، والعمل، لقد أشرفت على تدريبه في العمل، مرحبا محمد.
شعرها الأشقر الذي رآها أول مرة به، الآن مبعثر بعشوائية برية، بينما حجابها مستقر حول عنقها بانسيابية، شفتيها البريئة تتحدث بثبات، بينما عينيها متعلقة بعينيه تسرد حقائق، وتخفي مشاعر فاضت بلمعة مرقت فوق بياضها.
مد يده نحوها بعد أن رحبت به، فصافحته، احتوى كفها بتمهل يتذوق تلك الرعدة التي سرت بسخونة فوق جسده ومنحته حبات عرق لمعت فوق جبينه العريض.
دافئة رغم البرد، غضة رغم ضآلتها، مرت اللحظات سريعا للجميع، بطيئة عليهم وهي مقتربة منه مسافة المصافحة، يضغط برفق فوق كفها، لا يتحدث وعينيه تفيض بالكلام، يخبرها بشوقه، وألمه، يخبرها بأهميتها في حياته، وهي تتسلم تلك العطايا بخجل وذهول.
لم تتخيل أن فراقها له سيكون له ذلك التأثير على وجهه، لابد وأنه خطط للمجيء، لحيته المهذبة تدل على ذلك، عدم تفاجئه برؤيتها، لقد رسم السيناريو في عقله، ومن حظها تحقق.
فقد اشتاقته حد الوجع، صبرت على الفراق لتحفظ نفسها وكلمتها لأختها، شعرت بأنها لو تمادت معه لربما أخبرته بحبها ولهفتها عليه، هذا الرمادي الوسيم.
مهلا، اليوم هو لامع، سعيد، هالة السعادة تلك بددت قتامته ورماديته.
عينيها لا تخطىء، هو يحبها وهي كذلك.
تنحنح مبتعدا ليحافظ على القليل من اللباقة، يشعر برغبته في المكوث بينهن وقت أطول، لا يتعجل وحدته، شعر بألفة بينهن لم يشعرها من قبل مع أحد .
-ابقوا بالغرفة يا أمينة لا تغادرن، لا يصح..أنا وحدي بالمنزل.
رغم جفاف قولها إلا أنه لن يغادر، سيكون ثقيل الظل عليها دوما ولن تكون زيارة واحدة، اليوم لها، غدا للعم سلامة، بعد غد للسؤال عن أخته وسلامتها، حتى ولو ركلته فوقية خارج منزلها سيتحملها في سبيل رؤيته وحديثه..وسلامه لأميرة.
خرج ثلاثتهن شاعرين بكره فوقية لضيفها متسائلين عن السبب.
فعلن مثلما أمرت، وتركوها منفردة بضيفها.
***
جلس أمام فوقية التي تجهم وجهها وهي تمنحه نظرة صامتة، يحافظ على توازنه في مواجهتها مترقبا، لقد نال ما تمناه مبكرا هل يغادر الآن؟
ربما تمر من هنا، أو من هناك، يلمح طرفها وهي تقدم له شيئا، يخفض وجهه أرضا وقد بدا كمتلصص على الحرمات.
-هي سبب مجيئك؟
لقد ضبطته بالجرم المشهود فقال
-هل حدثتكِ عني!
قالت بقرف يقطر من كلماتها
-ماذا تريد منها؟
هذا سؤال لم يمر على أفكاره المزدحمة بشغفه لتهدأة وجع اشتياقه، لقد اعترف بحبها بينه وبين نفسه، لكن ما بعد ذلك..فلم يفكر بعد.
أجابها صمته وقلقلة حدقتيه، فقالت بحدة
-ابتعد عنها هي ليست كفتيات هذه الأيام ، ليس لها في لوع أو دلال، ابنتي كالسيف.
لماذا يشعر بأن أميرة حدثتها عنه، قال بتمهل
-هي لا تتحدث إلي، هي زميلة جامعة وعمل كما قالت منذ قليل.
-ولماذا اتصلت بها منذ فترة، هل بين الزملاء مكالمات ومواعدات.
للمرة الثانية التي يؤنبه أحدهم لأجل أميرة.
ماذا تملك تلك الفتاة ليدافع عنها الجميع هكذا وكأنه وحش يوشك أن يفترسها.
تجاهل حديثها ليقلب دفة الحوار قائلا
-لماذا أشعر أن هناك نية مبيتة لمهاجمتي، لقد جئت للسؤال عنكِ.
-لم تفعل ذلك في حياة أمك.
تبدلت ملامحه على ذكر والدته.
ضايقها ما رأت من تبدل ملامحه فقالت بحدة وصورة صديقتها وحدها فوق سريرها وقد قبضت روحها تتراءى لها.
-ألم تسأل نفسك يوما يا محمد، ما سبب انتحار أمك؟
ركله قلبه فانتفض، لا يريد أن يتذكر الآن
-ربما تركها عشيقها، أو قاطعها بعد أن سرقت أمواله، أو نال منها ما أراد فباتت بالنسبة إليه بلا نفع.
صفعته، صفعة لا تعلم مدى قوتها إلا باحمرار وجنته بشدة، وهي الضعيفة المريضة، لم تتوان عن صفعه مجددا لكن هذه المرة بالكلمات، وقد انتفض واقفا يواجهها بحمرة عينه، فقامت تشيح بيدها نحوه
-يالبجاحتك وأنانيتك، لا أتعجب من جعل نفسك ضحية طوال الوقت، ولا ألوم أحدا سواها، هي من نحتك عن المشاكل ولم تشركك بها، هي من تحملت لأجلك كل شيء، لم تكن تستحق حبها ومحاوطتها لك.
تلتقط أنفاسها بعنف لتردف
-بل أنت السارق، أنت الجاني الوحيد في هذه القصة، لقد سوأت سمعة أمك أمام الرجل وجعلته يستبيحها، لقد اغتصبها وسرقها بعد أن اخبرته بمكان الأموال في سيارتها، أنت السبب في كل بلوى سقطت على رأس والدتك، وللعجب..أنت حتى لا تترحم عليها وإن كانت مخطئة فقد افضت روحها إلى بارئها وهو من يحاسب ويرحم.
تتسع عينيه وهو يستمع لهذه الحقائق المتسارعة، لا يجرؤ على تكذيبها أو أن يدعوها بالخرفة، يستعيد ذكريات ذلك اليوم، لقد عادت من الخارج ممزقة إلى حمامها تداري عري روحها عن عينيه.
-لقد أخفت عنك ما حدث، بل واستأمنتني بألا أتحدث إليك أبدا، كلما رأيتك تجدد غضبي، هي أمك وتستطيع مسامحتك أما أنا فلا، لا أسامحك يا محمد على وفاتها ولا حرماني منها، لا أسامحك على تلك الصورة التي لازلت ترسمها بداخلك عنها.
يشعر بخط ساخن يسيل من أحدى عينيه فيمسحه سريعا، إحمرار عينيه يزداد بشدة، وارتجافة ذقنه تشي بألمه
-أمك لم تخطىء مع أحد، لقد اتفق معها ذلك الرجل على الزواج منها، يترك لها ماله حتى يكتمل فتنتقلوا لشقة أكبر ليسكن معكم، كان يرتب لزواجه منها وقد اقترب المبلغ على الاكتمال، وبدلا من أن أشهد زفافها على من ارتاح له قلبها، زفت إلى قبرها بسببك.
تلاحقت يديه تمسح دموعه سريعا من شدة ما أمطرت
-لقد انتهكها ذلك الرجل وامتهنها باسوأ الطرق، هل تريد أن تستمع التفاصيل يا محمد، كلي استعداد لتقطيع قلبك بالتفاصيل، أدقها..فهي تعذبني كل ليلة.
يسقط فوق كرسيه وقد ارتخت أطرافه، غير قادر على تحريك أيا منها من هول ما سمع، سيول من ثلج في شتاء قارص تسقط فوق رأسه، هو مدفون الآن تحت كتل من الثلج أسفل المحيط، يتجمد جسده وترتعش أطرافه، تتلاحق أنفاسه المسروقة كي لا يغرق.
يتمسك بالضوء، الضوء يخفت، ورأسه تسقط، تنغلق عينيه على مهل وكأنه ينازع الموت، دقائق وصمت كل شيئ.
***


هالة حمدي غير متواجد حالياً  
التوقيع
اللهم جنة ♥♥
رد مع اقتباس