عرض مشاركة واحدة
قديم 03-03-22, 11:52 PM   #190

جُمان عمر

? العضوٌ??? » 472854
?  التسِجيلٌ » Jun 2020
? مشَارَ?اتْي » 96
?  نُقآطِيْ » جُمان عمر is on a distinguished road
افتراضي

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أسماء رجائي مشاهدة المشاركة
السلام عليكم عاملين ايه.. اسفة لو مردتش على تعليقات الفصل الي فات بس حقيقي تعبانة فعلا أن شاء الله ارد الليلة دعواتكم..


الفصل الخامس


الماضي لا يموت.. الماضي لا يمكن التخلص منه في طور نسيان مزيف..
الماضي ولو تجاهلنا وجوده, هو لا يتجاهل بل يتربص بنا في إحدى الزوايا يراقبنا.. يتقرب من الأقرب لنا..
لتكتشف بالنهاية أن الماضي لا يمكن التخلص منه.. بل لا يمكن هزيمته أحياناً..
تجمدت أمامه وهو ينظر لها بحنين لا يمكن إخفائه.. لا يمكن إنكاره..
لا يمكن تجاهله ولو مضى على العقل ألف ومضة وومضة مغموسة في باطن الانكار!

تنظر لعينيه في محاولة منها لقوة واهية , تعلم هي جيداً أنها ستنهار ربما بعد بضع ثواني ولحظات!
زاغت عينيها فجأة من عينيه.. تراقبه وهو يقترب خطوة .. خطوة..
خطواته تثير اشتياق لأخ كان المنفذ لها قديما لحنان مبعثر في ممر القسوة..
خطواته تنحر داخلها جرح كانت تتجاهله رغم النزف والألم..
ترفع عينيها متسلقه قامته العالية فترتكز مرة أخرى بعينيه .. تعانق النظرات ويأبى هو أن يحررها..
يمد يده يلامس يدها في احتواءx حاني.. اراد لو يمكنه أن يفعل المزيد ولكن!!
هتف بصوت يقرب الهمس وهو يحرر يدها سريعاً بصوت مثقل بوجع التقطته هي فأصابها هي نفس الوجع ونفس الألم..
-عاملة ايه يا مريم..!
السؤال يحمل تعجب واستفهام .. السؤال كان خارج نطاق الوعي لها!
تحاول أن تجيبه .. تحاول أن تجد صوتها قدر استطاعتها .. هي تحاول وتحاول..
داخلها سيف يقتلها .. يبعثرها أعلى حجر ثابت لا أمل أن ينبت يوماً..
تهتف أخيراً بثبات غير فعلي.. ثبات تائه في نظراتها الزائغة.. :
-انت الي عامل ايه ياعمار!
والتعجب أصابه.. كما أصابها , التعجب من الجو المحيط بهم..
الصمت الذي كان عاكس ثرثرتهم الماضية..
حيث كانوا يسرقون من الزمن لحظات أخ مع أخته..
لحظات كانت كالحلم الوامض.. فتستيقظ في لحظة على كابوس..
لم يعد من حقها أن ترتمي بأحضانه تبكي ما ألم بها.. ما جرحها..
لم يعد بإمكانها أن تحصل على أي حق..!
لم يعد!
تدور حول نفسها تشير له بيد مرتجفةx أن يجلس فيهتف هو دون الرضوخ لطلبها بصوت ثابت:
-ممكن نخرج سوا يا مريم..
يشير للمكان حوله وهو يكمل بتأكيد:
-مش هعرف اخد راحتي هنا..
تنكمش من حديثه.. فتتألم لهذا الخوف والقلق النابت نتيجة لما يقول..
فتصرخ أليس هذا أخيها؟!
والسؤال نفي ونهي.. وانكار..
وسخرية تامة .. ابدية!
يؤلمه تلك النظرة المذعورة فيبتعد .. يهتف بوجع حقيقي:
-انت خايفة مني!
يشير لجسده.. يضع يده على قلبه .. يهز رأسه بسخرية مخلوطة بوجع لحق بات في بئر الفقد!
يمسح خصلاته ثم يعاود الهمس لها يكرر السؤال بوجع أكبر ظاهر في نبرته المتأنيه:
-خايفة مني؟
تصمت ولا تجيب , تقف عبراتها في غيامه بيضاء شفافة ولكنها تحجب رؤيته..
يكمل وهو يقترب منها يتابع تلك التعبيرات المتضاربة أعلى ملامحها الجميلة.. فيصيب الأجواء صدمة واقعx فيتطاير الشرر منها يضرب العقل فيضيء أمامه نور الحقيقة!
حقيقة أنه غريب.
أنه مخادع في عرفها..
أنه سارق.. متسلل .. خبيث..
أنه الرجل الذي عشق فتاة تناديه أخي..
يغمض عينيه يحجب الحقائق التي لا ترحمه طوال الفترة الماضية!
يهتف بتشتت وهو بعيد لا يجرؤ على الاقتراب بل هو لا يملك الحق..
-متخافيش من اخوك يا مريم..
قالها بتأكيد.. قالها لربما يمحى تلك النظرة المذعورة في ثنايا نظراتها المتوترة..
قالها وهو ينظر لها .. يتأملها وهي تغمض عينيها ..
تهتف أمام عينيه المتعمقة بملامحها التي قتلته اشتياقاً لها..
اشتياقاً لفتاة منحها كل الحب من صميم قلبه , هذا الحب الذي أبى أن يركن لجانب شقيق وشقيقته..
تهتف هي بملامح ثابته , تصارع داخلها عدة مشاعر , مشاعر لم تثار من قبل الا في حضرته..
-انت فعلا اخويا..
تصمت , تنتحب برقة , تواجه عينيه, تعانقها, تحتلها بجمود لم يعهده بها..
تكمل بضياع:
-لو اخويا كان هيبقى ليك حقوق كتير اوي..
تقطع الكلمة , تستقم من مكانها, تهتف بهدوء:
-يابن خالي..
يحاول الرد ولكنها ترفع يدها قائلة:
-ثواني هجيب شنطتي واجيلك..
تركته بينما هو خلفها يرمقها بألم, نظراته كانت تتعلق بها تعلق دائم إلى أن اختفت عن عينيه..
تختفي ويختفي معها الكثير , تقتحم نيرة المكان هاتفة :
-ها يا دكتور عمار .. هتعرف تعقلها..
تتبدل الملامح بابتسامة, يبث لها اطمئنان لا يوجد منه بالداخل مثقال ذرة..
يهتف وهو يومئ برأٍسه:
-خير متقلقيش يا انسة نيرة..
تحاول الحديث مرة اخرى ولكن كان صوت مريم الاسرع وهي ترمقهم سوياً بتعجب زال سريعا عند التفكير بعقلها..
-انا جاهزة, يلا بينا..
قالتها وهي تشير لعمار بيدها, يهز رأسه ثم بعدها يذهب معها من اجل الخروج..

بالأعلى كانت عاصي تجلس في غرفتها ترتعش.. بل تموت هذا هو المعنى الأصح لحالتها..
تسرع فتفتح ألبوم صورها مع ناصر, تمر يدها باشتياق جارف ..
ناصر يجافيها..
يقاطعها..
يراها تبكي ويتحاشاها..
ناصر يقتلها..
بل مهلاً هي من قتل نفسها!
يقتحم ناصر في تلك اللحظة الغرفة, يتأملها , يراقب رعشتها وانتفاضة جسدها..
يلاحظ تلك الهالات أو هو يدقق النظر لأنه منذ البداية يلاحظ كل شيء ولو صغير بها!
يقترب , يهتف وهو يلمس ظهرها , يلاحظ تشنجها, يربت ويربت..
يحاول أن يجاري اشتياقه بها, يحاول العودة.. يحاول مرة تلو الاخرى ولكن.. لا شيء..! العقل ينهر القلب وينتصر عند هذه اللحظة!
-لما تبكين؟!
سؤال وقعه غريب ولكنها التفتت بعيداً عنه تخبره بقوة زائفة , عبثيه:
-لا شيء أنا بخير ناصر..
يلعنها الان , يقترب بخطوات سريعة يديرها إليه , يمسكها من كتفها , يهزها بقسوة, وقلبه كله ألم..
يحاول ان يضمها , أن يمنحها قبله, بل هو يريد أن يعود بالزمن!
كان بمثابة أعمى يطارد النور في ليلة مظلمة .. قاتمة!
-لما ؟
يصمت ويكررها:
لما؟
تحاول التخلص منه بلا فائدة ولكنه يحكم المسافات, ينهى مقاومتها..
يهتف أمام أنفاسها الثائرة:
-يا إلهي ..!
يلتقط أنفاسه في لحظة غاب العقل فيها وانتصر القلب..
يعانقها, يهمس بين كل عناق وعناق بكلمة حب ثم يبتعد عنها يهمس كلمة أخيرة قبل أن يمنحها عناق اخر :
-لا يمكنني خسارتك..
يصمت ويكمل:
-ولا يمكنني رؤيتك هكذا تذبلين..
يضمها ويكمل:
-ولا يمكنني أن ارى عبراتك تلك..
يشير إلى صدره قائلاً:
-كلك بحالتك وما انت فيه يقتلني هنا..
يشير لقلبه..
-هنا الم حقيقي , هنا جرح ..
تهتف وهي تنهار بين يديه فتقع على ارضية الغرفة تكتم شهقاتها بصعوبة:
-اسفة.. اسفة..
يعود العقل فيهتف بتجبر قاسي..
-وهذا الاسف لن يمحي أي شيء..
يبتعد عنها يقصد الخروج من الغرفة , بل ينوي الهروب والفرار يخبرها ببرود تام:
-خطبتي بعد ايام زوجتي العزيزة, فلتباركي الامر للنهاية!
يتركها ويخرج, يتركها ونبرته الباردة كانت كحد سكين بارد يجز قلبها بلا توقف ..
تركها هنا على ارضية الغرفة تبكي إلى حد تعب فيه البكاء!
تركها لتقف وهي تستند على السرير المجاور لها .. يدها تفتح إحدى الأدراج, تخرج منه ملف داخله جواز سفر.. وتذكرة ذهاب بلا عودة..
فهل حانت النهاية!
يقود سيارته وهي بجانبه شاردة .. تائهة , لا تقدر أن تخفي جزء من مريم القديمة أمام عمار على وجه خاص!
تشرد من نافذة السيارة وهو يتابع الطريق تارة وتارة أخرى يختطف نظرة لها!
يشعل مشغل الموسيقى الخاص بسيارته .. يصدر منه اغنية وكأن كلماتها مسلطة لأجلهم بل لأجلها هي..
وكأنه يوجه لها الحديث والرسالة..
مالك مش باين ليه؟
قلبك تايه من مدة كبيرة
خايف تتكلم ليه
في عيونك حيرة وحكاوي كتيرة..
تلفت له بنظرات شاردة.. حائرة تخبره أنها تملك الكثير والكثير لتحكيه..
تكمل الأغنية كلماتها بقسوة.. تضع أمامها واقع باتت فيه مغموسة حتي أو شكت أن تفقد نفسها القديمة..
متغير ياما عن زمان
قافل على قلبك البيبان
حبيت وفارقت كام مكان
عايش جواك..
تتوالى الكلمات حتى وصل لطريق هادئ يقف بسيارته فيه..
يلتفت لها والكلمات تعود قبل أن يغلق الأغنية..
بتودع حلم كل يوم
تستفرد بيك الهموم
وكله كوم والغربة كوم
والجرح كبير..
يغلق المشغل ويلتفت لها هامساً بأمر:
-احكي يامريم.. احكي أنا جاي عشان اسمعك..
تخرج منها ضحكة ساخرة , ضحكتها تصدمه لطالما كانت ضحكتها رقيقة .. خجولة.. أما الان! اختلفت تماماً!
-احكي ايه ولا ايه.. احكي انك مطلعتش اخويا ودي كانت اكبر صدمة في حياتي..
تدمع عينيها في صورة لم تلمسها منذ زمن ..
تكمل بوجع, تخرج ما في قلبها مرة واحدة..
-احكي خيانة جوزي الي مشافش مني غير كل حب ..
تصدر منها شهقة يتبعها حديث باكي:
-انا مقصرتش معاه.. حبيته..
تشير لموضع القلب وتكمل بأنين :
-قلبي فيه جرح عمال ينزف.. قلبي مليان رتوش وجع والم يا عمار..
تدفن يدها بين كفيها تبكي والمرارة تتخللها.. الوجع يتكمن منها كلها تهتف وهي تنظر له بغضب باكي .. ووجع حقيقي:
-طب احكيلك ايه.. اقلك اني كان نفسي زي زمان يبقى من حقي حضنك.. اقلك ايه..
تمسح خصلاتها وهو يتابع بل وهو يموت ويود لو يمتلك الحق لعناق هي تشتاقه, وهو ايضاً!
-عارف كام ليلة نمت فيها وانا بفكر ياترى لكا كنت بتخدني في حضنك لما اعيط ..
تراقب عينيه , تشعر باهتزازها .. تكمل بجمود يخالف الملامح والحالة الهائمة داخله:
-كنت بتحضن اختك ..
تتوقف و ملامحها تتحول لوحشية بعثرته هو وقتلته..
-ولا حبيتك..
يحاول الحديث .. يحاول ايقافها
-مريم..
ومريم تبتر الحديث, مريم تكمل بنفور .. مريم تمسك بخنجر سام وتغرزه في جسده..
-اصل كل ما فكر في الموضوع كنت بقرف..
تحل أسر عينيه وتبتسم بسخرية تكمل بتهكم مرارته حادة:
-اصلاً حياتي كلها كدب ومقرفة..
تلتف له وتهمس بنبرة ميته ويدها تزلق أسفلها تلامس بطنها المسطحة:
-كان في هنا طفل .. مات , مات في نفس اليوم الي عرفت فيه انه جوايا..
ضحكتها الصاخبة تتحرر , وعينيه هو تتجمع بها العبرات على حالتها..
يلعن كل ما مضى.. يكره الظروف ويكره حاله..
ينفر والده ووالدته.. يكره زوجها الاول ويود قتله..
يعزي نفسه على وفاة طفلها..
يستمع لكلمتها الاخيرة المشبعة بالألم..
-ابني مات وابنه هو من مراته التانية عاش..
يسود الصمت للحظات قبل أن يقول:
-انا اسف.. اسف..
تكررها هي بألم:
-اسف..على ايه ولا ايه.. علي حياتي الي اتبنت على كدبة.. ولا جوازي الي خرجت منه بندبة وجرح عمرهم ماهيتنسوا..
تلتقط أنفاسها وتكمل وهي تغمض عينيها.. وعبراتها تتحرر ببساطة تزين وجهها في صورة بائسة ..x حزينة.. جميلة!
-اسفك هيرجعك اخويا.. ولا هيرجع ابني الي راح!
العجز يتملكه وهي يحاول أن يخفف عنها , ولكن عبثاً..
زاغت عيونه منها, ومال برأٍسه يحجب كسرهx ورعشته منها, يهتف أخيراً :
-ياريت ينفع اخد كل الوجع منك يا مريم.. ياريت اتوجع بدالك.. صدقيني مكنش في ايدي حاجة..
تهدأ مريم .. تردف وأناملها تمسح عبراتها ثم ترتفع فترتب خصلاتها:
-عارفة مكنش في ايدك حاجة, عارفة.. اصلا هي تروس بندور فيها وكله بياخد نصيبه!

تتلاعب بيدها في جمود تكمل ببتر لأمر تعلم أنه قادم:
-لو جاي تتكلم عن جوازي من ناصر فانا مش هتراجع عن قراري..
تتسع عينيه وهو يهدر بها:
-يعني عاوزة تاخدي راجل من مراته..
تهز كتفيها وهي تقول :
-هي الي طلبت..ثم ان ناصر راجل ميترفضش مفيهوش عيب..
يشد خصلاته وهو يتمالك غضبه الوليد بعد الكسر.. يصرخ بها دون أدنى تحكم:
-بس ده متجوز يا مريم , متجوز, انت اكيد هيجيلك الافضل منه..
تتلاعب بخصلاتها بلا مبالاة , تعطيه رسالة مبطنه أن حديثه لا يملك اي فائدة لديها!
-والله دي حياتي .. ودي اختياراتي وانا حرة!
أصابه الذهول, اصابته الصدمة من طريقة تحولها من منتهي الوجع والكسر لمريم أخرى..
قاسية..
متجبرة..
باردة ولا تبالي!
يسود الصمت بين حيرته والمه وبين جمودها وقسوتها..
يقطع التواصل رنين هاتفه .. تفتحه فترى رسالة مفادها صورة لها برفقة يامن متعانقين..
تتغلب على الوجع وهنا يامن يبدأ حربه عليها ولم يكن يعلم أنها تحررت ومنعت الحروب ..
لم يكن يعلم أن مريم أرض لم تعد صالحة للنزاع من اجله!
مريم باتت حرة ..
مريم الآن شخص آخر..
يأتي صوت عمار وهو يطلق تحذيره بغضب جارف, نظراته تشتعل , يضع أمامها حقيقة ما هي فيه:
-شكل الكلام معاك ملوش فايدة..! أنا كنت جاي للبنت الجميلة الرقيقة.. البنت الحساسة الي اتربت على ايدي..
يهز رأسه بيأس وخيبة وهو يشملها بنظراته فيكمل يسخرية:
-بس البنت دي خلاص مش موجودة, عاوزة تدوق الكل من نفس الكاس المر الي داقت منه..
تتحرر منه وتشرد بالنافذة.. تتابع عاشقان يسيران سوياً..
الفتاة تمسك بيد حبيبها.. وحبيبها يدعي الخوف..
وهي حقا لم تعد ترى مشاعر الحب سوى بعض الادعاءات!
يعود لقيادة سيارته .. يسير بها بعض خطوات قبل ان يصدر منها همس مميت .. مؤلم:
-البنت دي الكل قتلها.. وانت اول واحد ضرب السكينة ياعمار..
تنهى الحديث وينتهى معه كل شيء.. يتأسف هو على ما هي فيه!
ولكنه الآن ايقن لقد فات الأوان..
لقد انتهت مريم!
يتبع

خطية ما تستاهل هي في اسوا حالاتها


جُمان عمر غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس