عرض مشاركة واحدة
قديم 05-03-22, 09:40 PM   #1965

Lamees othman

كاتبةفي قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Lamees othman

? العضوٌ??? » 453673
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,377
?  مُ?إني » Jordan
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » Lamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
وسخر لي الجسد والحواس في سبيلك
افتراضي




الفصل الخامس والعشرون الجزء (2)


"فارسَ الوقتِ القتيلْ
من جاءَ من موتٍ،
إلى موتٍ
إلى عينيكِ،
يعلنُ منهما الحلم البديلْ
وقتٌ لعينيك
وأعدتُ الصلاةَ على ميقاته"

رمقت سالي الثوب بمقتنياته التي افترشت السرير، نظر لها زيد متمعناً باسترخاء وسيجارته تحتل طرف شفتيه مع نظرة صامتة مبهمة بلا معنى يطوف بها حولها، يثيره صمت أمواجها وسكونها قبل الثورة والطوفان.. سألته بهدوء:
-هل سنذهب بشكل جدي؟
مج من تبغه يسأل بنبرة ساخرة:
-هل سبق وأن مزحت معك في شيءٍ يخصنا؟
لم تنظر إليه وبصرها معلق بالثوب، تنأى عنه وعن نظراته بتفحصها فصوصه اللامعة وزينتها، أطبقت أجفانها طويلًا كمن يجاهد وفتحتهما برعبٍ يستحكم الخلجات والجوارح.. لقد خطط لأخذها ولم يكن يمازحها تجلت كل مخاوفها بصورة مهيبة تقبض عليها وتخيفها من الأمسية التي سيقودها لها.. فشلت في تنحية خيالها عن حجم المواجهة الصعبة التي لم تخطط لها، وتبعات لقاء عائلته.. رباه!! ستقابل العائلة التي تقبلتها بصعوبة في ارتباطهما الأول، العائلة التي حارب فيها زيد لتكون له رغم رفض أهله ونظرة المجتمع لها "كماريونيت".. كانت دمية الماريونيت الخاصة لكل حفل يختال فيها والدها ويتبختر بها بين صفوة المجتمع، كفراشة تتهادى وتنثر عبيرها، فراشة لا يمكنك التغاضي أو صرف النظر عن وجودها، وربما هذا ما جذبها لعلاء سابقًا.. فراشة بألوان زاهية و طاووس مبهرج وكان ذلك أفضل تمازج لكائنين مغرورين!
مرت أنفاسها رتيبة رغم ترديدها لنفسها بأنها ستعود؛
ستعود إلى العائلة التي تقبلتها مجبرة.. والآن ستعود وستضطر لمواجهة هذا من جديد، بأي حال ستراهم؟! أي وجهٍ سترفعه إليهم؟! لم يكن إنصافًا ما يفعله زيد، بتقديمها للعالم مجددًا بعد انفصال ومشقة أثقلت قلبها وقلبه، بما في ذلك عودتها للمجتمعات التي كرهتها ونأت بنفسها عنها، أخرجها صوته من حربها الدائرة مع نفسها:
-لا تطيلي شرودك.. لدينا أشياء أهم!
التفتت له بنظرة كسيرة:
-كيف سأقابل عائلتك؟ لقد أجبرتني للعودة عليك وها أنت تجبرني لأن أقابلهم وأعود مجددًا لتلك العقبة التي توقفنا عندها فيما مضى..
حدق بها قليلا بلا معنى.. خالٍ من أي شيء، حتى صدح صوته بنبرة غليظة أرعبتها وخطواته تتقدم صوبها:
-من السخيف جدًا إسقاط نفسك في دائرة الضحية، لم تكوني مجبرة حين عقدت عليكِ
قاطعته صارخة:
-لقد حاصرتني وأطبقت أنفاسك حولي.
رد بهدوء والسيجارة في موقعها جانب شفته:
-كانت أفضل حجة تمسكتِ بها لتحاجيني فيها الآن.. اعترفي.. كوني صادقة مع نفسك واقرّي بأنّك أردتني وأن الزواج جاء ليريح كاهلك كالعادة!
وليصمت.. ليته يصمت لئلا تعترف أنه أدى دور الفارس بجدارة وحفظها من خالها وابنه اللذين ينهشانها ويحكمان حولها الخيوط للإيقاع بها وامتصاص ما تملكه وأخذته من "زيد"..
معه لا يسعها إلا أن تبتلع أمواج حقدها وتبًا لكبريائها إن انكسر.. هل ينحسر الموج برمية حجر؟ واجهته بتحدٍ وعينين صلبتين:
-حسنًا دعك من أسبابي.. هل كنت لتتركني مع آخر؟ أكون له امرأة كما كنت لك؟
ليتها تعلم أن حرائقه في هذه اللحظة لن تطفئها كل مياه الأرض، اشتعلت عيناه وأرضاها.. اشتدت خصلاته وهبطت النافرة على الدوام حتى وازت الحاجب المصاب بضربة سابقة.. إلا أنه لا يعطيها حق تفوقها ولا التقليل من سطوع شمسه، ناظرها بنظرة مميتة ورد بعنجهية:
-طبعًا وليس لحسنك.. ولا لقباحة قلبك، بل امرأة زيد الغياث لا تكون لسواه.. ولن تكون لغيره!
وبث لشفتيها عقد الامتلاك وسلمت صكوك التنازل، فغاب وغاب حتى احتل واستوطن، لكن قبل أن يطأ أرض الوصول ابتعد زافرًا باختناق:
-لا تتأخري.. سنخرج بعد المغرب!
راقبت خروجه وأناملها ترتفع لشفتيها تعاين الغزو وآثاره التي أعثت الخراب والدمار في أنحائها، هبطت دمعتها بذات الخزي ورددت بمواساة:
-هو زوجك.. زوجك يا سالي! لا تبكِ.. إياك!
قادتها خطواتها نحو حمام الغرفة، وأسفل مرش المياه سلمت أمرها وقبلت المواجهة ما دام أنها ستجتمع بعائلته..
قربهم وإن كانت بعيدة أميالاً
قربهم وليست جزءًا رغم دعم الكيان الذي تنتمي له!
لذا بكل رحابة صدر ستتلقى الحقد الماثل في أعينهم دون أدنى محاولة لمواراته ومع ذلك تلتمس كامل العذر لهم.
جففت جسدها دون أن تكيل لنفسها أي مثقال من ذنب أو ضمير يخزها.. حسنًا ستفعل لاحقًا.. هي ستفعل متأكدة، فقد قضت عمرها في الرثاء وإيذاء نفسها، بسذاجة وغباء شعرت أنها بحاجة لاحتضان نفسها.. أن تأوي بعضها إليها تهدهد لها معتذرة، هي الأولى والأحق بالاعتذار لكل ما جنت وستقترف لاحقًا.. يلزمها فقط أن تثبت لنفسها قوتها وأن تحكي لها كثيراً.. أنها إنسانة جيدة ليست بشعة كما ترى أو تحس هي.. هـي تحديدًا!
كانت مهمة ازدراد ريقها في هذه اللحظة أشق من حفر صخرة بمسلة، خرجت نحو بهو الغرفة ترمى بمنشفة الشعر عنها، والغريب أنها وبدون أدنى ضمير أخرجت مستحضرات الترطيب وأقنعة تجربها كلها على بشرتها التي لا تحتاج.. لا يعلم زيد حين مر بالصدفة أو بالأحرى حين تعثر بحظه ونسي حقيبته في غرفتها، أي سادية تمارسها عليه بمشقة حسنها الذي لا تنفك عن إظهاره.. أي تعذيب يعايشه وهو يشعر بانتفاضات جسده استجابة لهيئتها ومشاعره التي تتكوم داخله بشكل يثير نفوره منه؛ بكونه مأسورًا بفتنة! تنساب أنوثتها كماءٍ رقراق عذب فراته وهو خير من ارتوى منه، حين وقف عند وجهها المغطى بقناع للبشرة وجفنيها المطبقين اللذين أباحا له التجول بحرية حول معالمها اختلج قلبه و مجددًا عاد لعينيها المغلقتين ككل شيء فيها يطبق عنه بقسوة، كتم أنفاسه ونظراته تمر على الشريحتين الصفراويتين اللتين تكسوان جفنيها، في تلك اللحظة أيقن أن لا امرأة في هذا الكون بأسره تملأ رجولته، وتحكم وثاق قلبه كما تستحوذ عليه سواها!
يعزي نفسه وقلبه التعس الذي اختار دونًا عن كل النساء امرأة تختصر كل النساء بوجه بيضوي متخفٍ أسفل قناع أخضر اللون وأهداب مسدلة!
أحس بها تستنفر وكأنها شعرت بوجوده فهدر قائلاً
-هل سأنتظر كثيرًا؟
دائمًا لصوت زيد رهبة تغطيها من أسفلها لأعلاها إلا أنها نحت ذلك وقالت بهدوء:
-عليَّ أن أكون بأفضل مظهر الليلة.
ثم أزالت اللاصق الذي تضعه فوق عينها اليمنى وتبعته باليسرى وأجابته بتحدٍ:
-ألستُ عروسًا جديدة والأنظار كلها حولي؟! كما أن الحفل على شرفي.. لا يضر إن تمتعتُ بالقدر الكافي لأن أدلل نفسي..
ثم أكملت بقسوة تفوح منها الغصة رغمًا عن أنفها:
-العودة لزيد تستحق أكثر من ذلك!
-هذا الحديث لا يجدي معي؛ لا تطري نفسك سالي!
استحال وجهه للوحة محترقة فخافت وأنفاسه الهادرة لم تطمئنها، حاولت النهوض ببطءٍ تلملم الموقف:
-اخرج من فضلك أود تبديل ملابسي!
ومضت عيناه ببريق قاسٍ يجمع الرغبة والقبول في أوج اشتعالهما:
-لا أعبأ بكِ.. ولن تحركي مثقال ذرة بي!
خطت الخطوة بإهانة والدمعة حبيسة الجوى، كادت تنسف بغروره عرض الحائط وتكشف عن جزء بسيط لتراه كيف سيخر لها؛ إلا أنها لم تشأ أن تخوض في غمار "الرغبة والدعوة الصريحة منها التي سيتشدق بها لاحقًا".. بدلت ثوبها وتركت شعرها لبلله، خرجت لهُ وكان أمام المرآة ناظرته بتحدٍ وكلها تتجلى له في المرآة، لم يخفض بصره، بل أكمل معها اللعبة فتلاحمت نظراتهما طويلا فليس زيد من يحيد ببصره، هو ينظر ملء عينه دون أن يهتز طرفه. جاورته بجرأة تراقب المنظر الهزلي وكأنهما زوجان طبيعيان بلفتة حميمية تجمعهما مناسبة، استخدمت إحدى مقتنيات الشعر التي تحفظ لها تموج خصلاتها وبللها؛ ومن دون مقدمات بدأت بزينتها.
-لستِ سيئة.. هيئتك مقبولة للحفل، لم يذهب هباءً ما نظمته والدتي الليلة.
تصنم قلم الكحل في يدها فأكمل وهو يرش العطر على معصمه:
-أشيد لك بذكائك الذي يحفظ المكانة والهيئة، لا تنشزي عن قواعد المجتمع المخملي مهما حدث.
للحظة تفاقمت غصتها وهو يذكرها بماضيها وماضيه فلم يعبأ وهو يرمي بسهامه:
-مع كل ضرائب قلبك بالتواجد معي.. إلا أن فوائد ارتباطك بي تتجلى في حفاظك المستميت على هيئتك الذهبية.
خطت قلم الكحل بلا اكتراث فخرج قائلا:
-سأكون في السيارة.. لا تتأخري
-تبًا!
للمرة الثالثة على التوالي تُعيد رسم كحلها، وتفسده بدموعها.. دموع امرأة صعبة تكال إليها كل الأشياء الصعبة.. الصعبة للغاية لهذه الليلة. حين رأت أن دمعتها على مشارف الهطول تركت القلم واكتفت بالسواد الذي علق عند أهدابها السفلى فهو كفيل بجمالها، أكملت زينتها وتباطأت متعمدة في خطواتها نحوه، فتح لها السائق الباب الخلفي فزفرت لكثرة التعقيدات، من أين جاء بالسائق وهل ستحتمله طوال الطريق؟!
هبط قلبها حين وصلا، شعرت بالترنح لحظة ولاحظ لحسن حظها، فاستدار حول السيارة منحيًا السائق، فتح لها الباب وجذب كفها داعمًا رغمًا عن أنفها، سار بها صوب الباب الخلفي فاستغربت وقبل أن تتفوه بحرف وجدت "أغيد" راكضًا نحوها، اتسع قلبها وغمرتها الفرحة فتركت كف زيد واستقبلت طفلها:
-اشتقت إليك حبيبي.. اشتقت إليك.
غاب وجهه في صدرها:
-وأنا أمي أكثر بكثير.. من الجيد عودتكما.
ضمته لها بقوة أكبر تتنشق رأسه الصغيرة:
-ها أنا عدت ولن أتغيب عنك ثانيةً.
تركها في عهدة الصغير حتى جاء دوره فتلقفه بذات الشوق، كان مدركًا أن حالتها كلها ستتغير برؤيته وقد كان، عادت الحياة لعينيها، والشفق يسبح براحة فوق بحرها،
تولت المربية أمر الطفل وأخذته، صمتت ولم تعقب فالتفتت له وشبكت كفها بكفه قائلة بهدوء:
-جاهزة!
خطا بالممر نحو حديقة الاحتفال:
-لم أنتظر شكرًا على أي حال.
لم تجبه وقلبها يتخم بالامتنان ولم ينتظر حديثًا منها إلا أنه أسمع أذنها المتكبرة وهو يميل نحوها بحميمية عالية والأنظار تتوجه نحوهما بشيء يشبه الدهشة والحركة تسجل لصالح الغلاف العاطفي:
-أعلم بتأثيره عليكِ، فلولاه لدخلتِ مرتجفة.
التفتت إليه متصنعة الضجر:
-كم أنت مراعٍ.. عليّ تقدير ذلك لك.. لا تقلق ستحصل على امتناني بطريقتي.
التمعت عيناه بخطر يهمس بهدوء بطيء وجاءت كلمته الأخيرة أبطأ:
-بل أخذه أنا كما يجب...
ثم ضمها بنظرة تملكية خالصة:
-وبطريقتي!
-يبدو أن العريسين لا يرغبان بالدخول هنا والشوق على الأبواب يأخذهما منا.
اقترب زيد نحو شقيقه الذي حيّاه بمودة وتجاوز سالي متعمدًا إلا أنه التفت لهما قائلا بصدق:
-أتمنى لكما حياة طيبة خالية من المنغصات.
مر الباقي بإرهاق معنوي تحيّات مزيفة، أحضان خاوية، تهاني وتبريكات جوفاء بلا صدق، حتى تم افتتاح الحفل بموسيقى، انضمت الأزواج لحلبة الرقص كانت تجاوره وبداخلها ترجو رقصة تسحبها من تسليط المجهر عليها وإخضاعها للتحليلات النفسية والتنبؤات، تهرب لملجأ وقتي يأمنها من هذا الصراع
-ألن يشاركانا العروسان.. نحن هنا لأجلكما.
تملق بها أحد المدعوين فتهكم زيد لسماجته، ضامًا إياها نحوه أكثر قائلًا:
-زوجتي وأراقصها.. لكن في بيتنا! ليس أمام الملأ.. فهذه الرقصة تعنى بخصوصية لن أضيع قدسيتها في الاختلاط.
ازدردت ريقها ونظرات والدته نحوها تذيب عظامها كالهلام، تسيطر على الدوار الذي يكتنفها بمشقة وعزيمة تحسد عليها، فضحها تمايلها بين جسده، فقادها بهدوء نحو البوفيه المفتوح واختار لها صنوفًا من الحلوى تحسبًا لهبوط السكري عندها
-تناوليها.
أخذت الطبق منه بطاعة وتناولته على استيحاء غير مقصود جذب الأنظار، تركها ومضى بين الحضور، راقبته كيف يسير بشموخٍ، مهيبًا فارضًا سيطرته، أنيقًا في خطوته وكلمته، ببساطة كان رجلها.. كان رجلًا لامرأته.. ولم تكن هي امرأته يومًا.
تداخلت عليها ذكرياتها معه كيف جاء من العدم حين فارقها الخل والصاحب بخسارة والدها وفضيحته التي طالت كل ما يمتلك رغم براءته؛ للأسف كان ضحية لحيتان الأسواق الذين فخخوا له وأوقعوه بلا نهضة.
لم تكن تعلم أن علاء الذي قام بتوظيفها في شركة لم تهتم باسمها، كان قد ربطها بقدرها، كان زيد مالكها يعرفها ولا تعرفه أبدًا، وكان مرحبًا بها بصورة حارة؛ اندهشت في بادئ الأمر باهتمامه بها وقد عزت ذلك لوجهها الإعلاني سابقًا، إلا أن إصراره ومحاوطته إياها أوقظت مخاوفها بكونه يظنها فريسة مستعملة ملّها صيادها الأول الذي لم يكن سوى " علاء"..
لامرأة مثلها كانت في أكثر أحوالها من الهشاشة والضعف سلكت محاربته كأسلم الحلول؛ فحياتها المحطمة وقلبها المتناثرة شظاياه ليس بمقدورهما استقبال طوفان جديد لبحرٍ غادر!
استمرت محاولات تقربه لها وتوكيل الأعمال الكثيرة لها، وظهوره الغريب في مواقف ملغمة من مواقع حياتها، كانت تجده في التعرض للأزمات أو المشاكل وكان في ذلك رسالة واحدة مفادها "مراقبته إياها"
رغم نيله بجدارة لقب فارس الوقت!
لم تتوان بإشهار تهديدها له حين وصل به الحال لزيارة بيتها في حي معدم وفقير، طلب قربها ورفضت.. طلب علاقة منها ولم يتعنَ إخفاء وقاحته وهو يطالب بها، إلا أن الإجابة كانت صفعة منها لم تصل وجنته..
تجاوز تهديدها دون أن يمر عليه، واستمر بملاحقتها حتى زارها مجدداً وفعل بجنونه المعتاد الذي باتت تألفه.
كانت لتقتله كما يجب إلا أنه فاجأها بطلبه الزواج منها؛ والمصيبة كان جادًا.. جادًا وظنته قد يستهويها لرغبة إلى حين الملل.
فهي تعلم أنها مطمع جسدي يرضي الرغبات والنزوات، التي تصلها كل ليلة.
رغبات دنيئة لم يخفها شركاء والدها وبقايا وسطها الذين يلاحقونها، لقد فقدت الثقة في كل شيء، وعاشت أقصى مراحل الخوف وهي تغلق الأبواب برعشة من هجوم غير متوقع من دائني والدها وأصحابه الذين يريدونها.
قبلت طلب زيد ما دام يريده في العلن وأمام الملأ ليحفظها ويقيها شر البرد وعراء الروح، رغم شكها بنجاح زواجها.
ومع كامل صدمتها نجح زيد في زرع بذرته داخل رحمها سريعًا، وأنجبت أغيد قبل أن تكمل الحول عنده، عند هذا الخاطر ملست بطنها بشرود حزين وحدسها لا يخطئها فتمتمت:
-يبدو أنك وطدت بنيانك هذه المرة كما فعلت سابقًا؛ أي قدر يربطني بك!؟

-حين أتيتني وقبلت بك بعد جهد طلبت منك ألا تكسري قلبه؟ أتذكرين؟
انتفضت من ذكرياتها على صوت والدته التي جاءت لها ولم تنتبه، حدقت بإجفالها وقالت بهدوء مخيف لها:
-لا داعٍ لرعبك.. لم أؤذيكِ وأنا في عز نقمي عليكِ.. فلن أفعل الآن.
اضطربت ملامح سالي فسألت:
-كيف حالك مدام ليلى؟
أجابتها قسوة ملامحها:
-لستُ بخير.. وأنت السبب..
حاولت سالي تبرير موقفها إلا أن والدته بترت نيتها تؤنبها من بين أسنانها ونظراتها تتجه نحو ابنها الذي لأجله قبلت سالي رغم الفضائح التي طالتها من عائلتها؛ ومن علاقتها بعلاء التي انتهت بشكل صادم ومثير لوسطهم، كان من غير المعقول سباحة زيد خلف افتتانه بها، إصراره المجنون عليها، لقد ظنوها نزوة وفي الآخر أذنوا لهُ أن يفعل متأكدين من تركه لها لاحقاً إلا أنه لم يفعل، بل تشبث بها مستزيداً في ولهه رغم تشوه علاقتهما.
-لن أسامحكِ على كسر قلبه سالي.. كنت قد أوصيتكِ به فلم تحفظي ما طلبته.
أطرقت رأسها ثم رفعته وبررت في خفوت:
-أنا لا أطلب منكِ سماحًا هذا يعود لكِ .. لكن لا تنبذيني فالعلاقات والزواج ليس فيها كسر بقصد، هذه مقدرة لا نملك كلنا نفس السعة فيها!
ردت عليها ليلى بقسوة وصلف:
-لكنكِ تعمدت وتقصدت كل شيء!
اختار زيد الذي يقف في وسط مجموعة أن ينظر نحو طاولتها التي غفل عنها لحظات، استأذن بلطف وسار نحو الطاولة واضعًا كفه في جيبه، ضم المشهد بعين مدروسة فرأى الاضطراب واضحًا، اقترب بخفة ووصل والدته قائلاً لسالي:
-عليكِ شكر والدتي سالي، ما إن سمعت بعودتنا حتى أصرت على إعلاننا للملأ، لم تطق صبرًا من فرحتها.
رفعت رأسها نحوها ترد بمجاملة:
-السيدة ليلى دائمًا صاحبة مبادرة وتسعى لضم شمل الجميع بمحبة.
حدق زيد في والدته ولم تتكلف سالي عناء دراسة وضعهما حتى قالت ليلى بقصد:
-كل ما يهمني سعادة زيد.. أرضى لأجله بأي شيء وأفعل أي شيء لأجل أبنائي وإن تعارضت رغباتهم مع رغباتي..
نادى السيد بدر الغياث زيد فذهب له مجبراً، راقبت ليلى رحيل ابنها ثم التفتت لسالي بتهديد:
-في المرة الأولى اخترت عدم مسامحتك.. في المرة الثانية لن يوقفني شيء عنكِ إن حاولتِ مس قلبه بضرر أو كسره.. صدقيني لن أكتفي بتهديدٍ.. بل سأتعامل معك كما يجب ويليق بكِ.
بقي تهديدها معلقًا على جدار عقلها طوال طريق العودة، عادوا بأغيد والمربية التي جاءت مع السائق، وصلوا الشاطئ ورغبت بشدة الركض نحو البحر والارتماء بين أحضانه؛ دخلوا المنزل فكانت آمنة بجوار الطفل الذي غفا في الطريق وتناولته المربية نحو غرفته، لم يكن في وسعها أو بمقدورها أن تتحدث أو تدخل في جدال عقيم معه؛ لم تنظر إليه وهي تعتلي السلالم نحو حجرتها؛ أمسك بساعدها فشعرت بذبذبات خانقة تطبق عليها سحبها نحو غرفة بعينها:
-أنا متعبة ولست في وضع يسمــ..
-أريد رقصتنا!
وجهها كان بحاجة لصورة، فم متدلٍ بغباء وعينان زائغتان:
-ها؟
جذبها نحوه يغمرها في أحضانه دون أن يتوقف عن المشي وإدارة المذياع الكلاسيكي في الغرفة، انسابت الموسيقى وانساب صخب قلبها معه، كفها فوق نبضاته الرتيبة الهادئة، رقصة كاملة بلا حروف.. أو كلمات! لغة جسد متناغمة، تتوقف فيستدير حولها، يأخذ كفها تتقدم صوبه لحظات وخصرها بين كفيه، تميل حد وصولها الأرض تتعانق النظرات بصمت، يشدها نحوه بقوة، تجاريه بالخطوة.. والقوة.. ولا تيأس!
توليه ظهرها، ويأبى وجهها فتعود له مرغمة وتلتفت، يتلقفها ويبدأ جنون جديد لا أمل بوقوفه؛ حتى همست باستسلام:
- لا أستطيع الاستمرار.. لقد تعبت..
وذابت حروفها في فمه، حملها نحو حجرتها يكمل رقصه على حواف الجنون وجسدها، إلا أنها قالت ما إن هبط بها الأرض:
-أنا جاهزة إن كنت تود الحصول على شكرك..
ثارت ثائرته منها وشعر بغضبٍ لدلالة قولها وما يحمله، لا زالت في ظلالها القديمة كل ما تراه منه رغبة جسد وأمر غريزة مفروغ منه.. تقدمها له بامتنان:
-تستحقين أن أعاملك كرجل يأخذ امتنانًا وشكرًا.. لتعرفي بحق كيف تكون العلاقات بين الأزواج الطبيعيين.
ولم يمهلها حرف، وكل جيوشه حاضرة لغزوها، وكانت أرضها هشّة خائرة القوى فاستسلمت لاجتياحه وتحالفت معه ضدها.









Lamees othman غير متواجد حالياً  
التوقيع
ست وعشرون نجمة وبضع من سماء روحي معلقة بين ثنايا الأفق!



(وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ)

سبحان الله والحمدلله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.❤
رد مع اقتباس