عرض مشاركة واحدة
قديم 05-03-22, 09:42 PM   #1966

Lamees othman

كاتبةفي قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Lamees othman

? العضوٌ??? » 453673
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,377
?  مُ?إني » Jordan
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » Lamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
وسخر لي الجسد والحواس في سبيلك
افتراضي




منزل (حمد الغربي) ليلًا
بصبر راقبت والدة رونق ابنتها وهي تتنقل بين أروقة المنزل بأقنعة البشرة التي حفت بها وجهها، انتظرتها حتى اطمأنت لنوم صغيرها ودخلت إليها تخبرها:
-لقد أعددت لنا قهوة تعالي نحتسيها في الشرفة
توجست رونق لطلب والدتها فكتمت تعليقها هاتفة:
-حسنًا دقائق وآتي!
تنهدت بلا حيلة ترتدي حجابها وتلحق بوالدتها التي استقرت في الشرفة تعاين نبتة الصبّار الصغيرة، مرأى النبتة وهدهدة أنامل والدتها الحانية سخّر إدراكها وأعلمها كم كانت أمها صابرة.. صبرت على والدها وغيرت طباعه التي لا يحتملها أحد.. روت أيامها بدنو الفرج.. وأمنت وعورة طباعه بمسافة الثقة، ببساطة حمد الغربي وُلِدَ منقادًا مطيعًا بلا كلمة وألحق بأهله الأذى وإن طال وضاح منه المدى.. إلا أنه تغير؛ رغم كل شيء تغير قد لا يكون ذلك بصورة مطلقة إلا أن رجل اليوم يرى بعقله.. ورجل الأمس يمضي حسبما يسجل له (غيره).. يتوجه حسبما يقال ويوصى له!
لطالما كان الصبر حكاية (عواطف) والدتها، لها معه حكاوٍ لم ترو.. لكنها جنتها وهذا المهم، لم تتوقف يومًا عن استخدام عقلها معه، لم تتوان عن توجيهه.. تعويده أن يلجأ لها مشعرةً إياه بقيمة رأيه المهمش والمركون على الطرف في زاوية مهملات آل الغربي، لم تعانده في وضاح رغم أذيته لهُ؛ لأنها إن كسبت بغضته أحالت حياة ابنها فراغًا فهي تؤمن بالعزوة والسند وكلها يقين أن وضاح سيضيع أكثر لأنه أضاع ما بين يديه وما يملك في مشاريع والده وعمه الخاسرة!
التفتت عواطف بغتة كمن تنبهت لوجود رونق توًا وملامحها يهزها الحنين والتعاطف:
-لماذا لم تشعريني أنك هنا!
اقتربت رونق من الكرسي المزينة إطاراته بالقش:
-شعرت بانغماسك في خلوة خاصة مع نبتتك!
ضحكت عواطف ترد:
-هذه النبتة ابنتي، فرعها طيب.. مهما اقتلعنا جذورها تنبت..
ثم التفتت لرونق:
-لكنني كل حين أتفقدها.. لم أختل بها فعلاً كنت أردد مساء الخير عليها.. لذا لا داعٍ لمشاعرك الجياشة.. فأنت المطلوبة هنا بجلسة خاصة.
لنسمة الصيف الخجلة تبسمت رونق، فكت دبوس حجابها تمنح جسدها نعيم النسمات الحانية، قائلة بصوت رائق بعيدة هي عنه:
-كلي شوق يا غالية.. هات ما عندك!
كلها يقين أن أمها ستقوم بفتح موضوع علاء معها ولم تتأخر.. ارتشفت من مشروبها تحت إحساس رونق المترقب.. استسلمت رونق للرائحة وقررت خوض المذاق تناولت فنجانها، وقبل أن تتذوق، سمعت تنهيدة والدتها فتهربت بعينيها نحو أصص الزهور وعواطف تفتح باب التأنيب:
-إلى متى ستبقين هنا ابنتي؟
مع كامل تهيئتها النفسية للحديث إلا أنها بوغتت من باب العادات والتقاليد فهتفت متعجبة:
-ماذا! لم أفهم!؟
بصبر حدقت عواطف بها، تفند الحديث لها بمصارحة مكشوفة:
-كلتانا نفهم جيدًا ما أقصد.. حتى متى ستبقين هنا متهربة منه بعد كل مشكلة بينكما؟
ضاعت كل ملامح رونق وسيطرتها الواهية تختفي فبررت:
أنا وإياه لسنا على خلاف.. بل في الواقع هذه زياراتي المعتادة..
تنهدت والدتها هذه المرة متذمرة:
-ألا زلت تكذبين يا رونق؟ ألا تعلمين أنك ستبقين في نظري طفلة كابنك باسل أقرأ كل حرف تخفينه جيدًا بملامحك الشاحبة هذه ومعافرتك للانطلاق بحيوية أمامنا
وكانت أم.. أم ببساطة ينبض قلبها مع كل خلجة لوليدها، يتألم مرة.. الألم مرارًا.. يحزن.. يغص.. يفشل وربما، بل مؤكد يتجاوز وينسى.. ويحفر قلبها كل معاناته.. وهذه عواطف في تلك اللحظة فهتفت لها بذبول:
-سهل جدًا أن تتقني تمثيل سعادتك على الجميع.. إلاي يا ابنتي..
أذنب وجه رونق والشفقة تحط على قلبها فيما تكمل والدتها:
-لماذا تتركين له التفوق عليكِ كل مرة؟
تأهبت ملامحها برد غاضب:
-لم يتفوق عليّ.. بل ما بيننا لا يوجد فيه ربح أو خسارة
تأسفت عواطف بقلة حيلة فكل تواجد رونق هنا لا يرضيها أبدًا ليس (تثاقلاً) منها، بل (استهجانًا) لتصرفاتها الغبية، ضمتها بعينين حازمتين رغم لينهما تغمغم من بين أسنانها:
-لا تتركي له الساحة.. لا تعطيه حجة بفراغ وقته، هذا رجل وحين أقول رجل فأنا أقصد الرجل الواقعي في حياتنا بعيدًا عن تكتيكات المرأة وعاطفتها! تدركين ذلك صحيح؟
سألت رونق بصبر موشك على الانفجار وكأنها تنفي ما تحاول والدتها إيصاله:
-ما الذي تقصدينه؟
ردت بتلقائية لكن بحروف مصممة:
-الرجل قد يتأثر بغيابك، لن تجدينه يبكي ويتوسل كل حين لرضاكِ.. الرجل حاجاته مختلفة عنكِ كلك وعاطفته لا تقاس ولا تقارن، إياكِ..
ثم رفعت يدها الرنانة بأسوارها:
-إياكِ أن تفسحي لهوة فراغك أن تتسع.. أن تجعليه يعتاد غيابك.. تتشابه الأيام لديه بحضورك وعدم بقائك، أن تدعي طيف امرأة يتسلل له وأنت في غفلة راحتك هنا..
للحظة كادت رونق أن تحكي لها أن ما بينهما ظل امرأة أساسًا.. إلا أنها دافعت بخفوت:
-علاء ليس كذلك!
وضعت والدتها طبق الفنجان على الصينية:
-لا تراهني على أي رجل.. لا تعطِ ثقة مطلقة بإفراط ولا تزهدي فيه فتبخسيه حقه وتوهبيه خسارتها!
رق صوتها بعد حزمٍ:
-لكنني أقول لكِ كامرأة تناظر ابنتها التي طالت جلستها ومغيبها ورجلها في بيته.. ما الذي تريدينه؟ هل جئت هنا لمشكلة تحتاج حلا من الكبار الذين أسقطتِ وجودهم وتتعاملين معها بطريقتك؟
لم تفسح لها مجالاً للرد وأكملت:
- إن كان كذلك فأنا أقول لك ببساطة أنها طريقة فاشلة بامتياز وشقيقك كما والدك يلحظان عدم طبيعيتك ولن يصبرا طبعًا..
ولكيلا تفسر رونق الأمر بطريقة انفعالية شرحت لها:
-هما لا يتثاقلان من وجودك بالعكس بعينيهما أنت ولا أحب على قلوبنا من قربك.. لكنهما لن يمررا فكرة غيابك وزوجك في بيته!
أسبلت رونق أهدابها والخزي يتملكها فوالدتها تملك كل الحق فيما تقوله، إلا أن رحمة الأم غلبت تأنيبها فشملتها بحنانها فيما تعيد عليها قولًا لا تنفك عن ذكره:
-قوتك الحقيقية تكمن في مجابهته ندًا لندٍ تحت سقف واحدٍ لا تخضعي ولا تتنازلي.. تأخذين حقك كاملًا غير ناقص، تطبقين على نفسه وتفكيره.. الابتعاد ليس حلًا.. الراحة ليست طريقة للوصول إلى سبيل بينكما.. كوني معه وحققي كل ما تريدين وخذي انتقامك منه ضاحكةً ومستبشرة!
**
باتت ليلتها بخاطر متكدرٍ وجهها شاحباً وخط كحلها الشيء الحي في عينيها، رطبت شفتيها بمزاج قاتم بحت، استقلت المواصلات العامة بدلًا من سيارات الأجرة والطلبات الخاصة، ركبت جانب سيدة تحتضن صغيرًا شردت فيه وغصت متذكرة طفلها الذي كان ليكون في عمره، داعبته ببسمة حانية فرد عليها بمثلها وفمه أحمر ملتهب بفعل شقٍ صغير يعلن عن سنٍ يزحف للظهور، رقت عيناها شوقًا لصغيرٍ تعوض فيه حرمانها وتحيي فيه ذكرى الصغير الذي فقدته، التهت في أحوال الناس وقصصهم، أنستها الرفاهية هذه الطبقة من الناس الممتلئين بفيضٍ من مسؤوليات الحياة التي يتعاركون في سبلها، ودت لو طال الطريق في رحلة الاكتشاف والوقوف عند كل وجه، انخرطت في أحوال الناس وتوقفت عند الأب في جلسته الذي يناظر الساعة والأم التي تتصل بأطفالها لتأكيد نصائحها.. عاملٌ يحمل عدة وطالبة بيدها كتب.. الجميع يسعى.. يتقدم.. يعافر ويحاول بجد متعايشين لكل منهم حكاية، يلوذ بحلوها ليتعايش مع مرها.. في أقرب موقف للمصرف هبطت مضطرة، وأكملت سيرها بهدوء على الرصيف.. شاردة كل حيرة الدنيا تستلذ بتيهها، شعرت بتمهل سيارة قربها لم ترفع بصرها، بل ظلت بنظراتها إلى الأمام دون أن تلتفت
-أي خير سير إلي لألمح زوجتي العزيزة!
للحظة كادت أن تتوقف قدمها اليمنى لكنها حثتها
-ألن تردي عليّ التحية؟
شدت في خطواتها فتمهلت نظراته الحبيبة تعانق كل إنشٍ يعرفه كما خطوط يده، أنزل نظارته للأسفل يقول لها بعبثٍ سرى مع اشتعال نظراته:
-خسارة كبيرة لك أن لا تلتفتي لعلاء! لكن لا بأس ستلتفتين فيما بعد
نفخت بغضب والتفتت لهُ فحققت المراد لو تدري، بعيدًا عن أي تعاطف أو حنين.. بعيدًا عن وضعهما.. هذه النظرات والأسلوب الملاحق كان يتبعه معها لينالها.. تذكرت كم لاحقها.. هذه الذكريات التي استفاضت فيها رغمًا عنها بلمحة حنين من ماضٍ لن يعود أغضبتها:
-تصرف بما يليق في مكانتك سيد علاء العظيم
رد عليها بإصرار:
-تصرفي بما يليق بك كزوجتي واصعدي معي!
-لن أصعد
-ستصعدين
-لن أفعل..
-إذن أنا أفعل
وبحركة غير متوقعة ركن السيارة سريعًا جانب الرصيف وهبط بغطرسته المميزة.. كأناقته المحببة وخصلاته البنية تلتمع تحت شمس الصباح، لم تعره انتباهًا وحاولت تخطيه إلا أنه جذب معصمها بحدة دون أن يلتفت لها، بل تصرف وكأنه لا يحبس يدها يجاورها دون جلبة:
-انتبهي لتصرفاتك ولا تتخطيني
تلوت معصمها فشدها أكثر
-بل أتخطاك وكأنك لم تكن يومًا.
رد بهدوء كاتمًا كل انفعالاته:
-حسنًا.. أنا أعرف جيدًا كيف أعود.. كيف أكون لكِ كل شيء
رفعت رأسها بإباءٍ تزامنًا مع تخفيفه الشد على معصمها، والتفتت له متوقفة
-من أين تأتي بالثقة هذه كلها!
رد عليها بصفاءٍ حسدته عليه ولا تعلم كم يواجه نفسه فيها في هذه اللحظة:
-من قلبٌ عانى مرارة فقدك مرة!
تركت كفه واستعادت سيطرتها على نفسها تركته ومشت فيما ترد:
-كدت أصدقك
لحق بها فاتحًا زر سترته:
-لم أكن صادقًا بقدر هذه اللحظة.. التفكير بخواء حياتي دونك لا أجرؤ في السير فيه!
كتمت تنفسها وتوقفت مجددًا:
-هذا الكلام علة كل مشاكلنا.. لا يليق بنا الحديث عن العواطف.. تبدو الأحاديث عنها مريعة ومثيرة للنفور
أعاد كفها بدفء أكبر إلى كفه فتقبلتها على مضض نظرًا لشبه وصولهما المصرف
-أنت لا تعطني فرصة!
على حافة اليأس كان وصوته مشحون بعاطفة أمل مؤثرة.. شعرت بحرارة أنامله على باطن كفها تلسعها، وحركة جسده التي تعرف أوقاتها جيدًا مع دفئها المثقل بالحميمية.. كان عليها أن تتأهب.. تتأهب لأن هذه البوادر ليست طيبة:
-أعطني فرصة أثبت لكِ فيها أن الحب خُلِق لك.. وحروف غزلي لا تليق بسواكِ.. ومهما حدث بيننا من حماقتي إلا أن حبكِ هو الحقيقة الحيّة في عمري!
تشنجت أصابعها فحاول مسها بإبهامه لتخفيف ضغطه، همست له من بين أسنانها
-أكرهك
وللكلمة وجوه ومعانٍ كثيرة لن يفهمها، ولكنها تعانيها فما تكابده ليس هينًا
تكرهه لأن باسل يتموضع نصب عينيها والانفصال يقتلها لأجله!
تكرهه لأن والدها لن يتفهم مشكلتها معه وقد ينشب بين والدها وشقيقها مشكلة إضافية تكون سببها
تكرهه لأنها لم تبح للآن لعائلتها سبب خلافهما لكيلا يسقط من أعينهم كما سقط من عينها.. لكنها قد تتخطى من باب احترامها لابنها
تكرهه لأنه يوقفها على مفترقٍ قاسٍ وصعب تحارب فيه وحدها..
فكرت للحظة لماذا تعاني وحدها، لماذا عليها أن تعايش الصراعات الدائرة فيها وأولها ثقتها في نفسها..
أنها ليست كافية له، وسيقع في شرك أي أنثى رائعة ومع أنه لم يفعل مسبقًا إلا أن سقطته كفيلة بتأجيج كل مخاوفها، وعليها أن تعود لهُ لتحيل حياته جحيمًا كما تعاني هي!
هنا تذكرت كم تبدو "أكرهك" تستحق المعاني لأنها لم تشفِ غليلها منه بعد!
وصلا المصرف وقبل أن يدخل رمى بمفاتيحه إلى الحارس:
-اجلب سيارتي هنا من فضلك!
ثم دنا نحوه هامسا بخفوتٍ لم يصل أسماعها غير المهتمة به فصراعاتها في أوجها كما أفكارها المتضاربة، لقد تأخرا عن البصمة ودقائق فاتت على موعدهما بسبب مراهقته المتأخرة والمقيتة! لم تعلم أنها وصلت المصعد فدخلته بتنهيدة تمسح كل أثر للفوضى داخلها، نقرت على زر الطابق الذي يحتله مكتبها وقبل أن يُغلق الباب اختنق المصعد بعطر الطاووس واحتل المكان الفارغ بحضرته، لا تحتمله.. لا تحتمل إلحاحًا في غير موقعه، وغيظها منه يعطيه بطاقة تأثرها به.. للأسف هي ليست متأثرة.. ما يستحقه البرود.. البرود سلاح كل مختالٍ متفاخر مثله
ادّعت الهدوء ورفعت رأسها بأنفةٍ مشيحة بوجهها عنه، فتحت عينيها على وسعهما ترفع أجفانها وأهدابها استقامت بمنظر خلاب مترفع، أنفاسها بطيئة وكان كل شيءٍ على ما يرام، حتى باغتتها الدهشة حين وجدت نفسها بلحظة مدفوعة لمرآة المصعد وكلها محصورة بين يديه التي ارتفعتا فوق رأسها، كانت في رحاب أنفاسه المتلهفة والمتوعدة.. وقريبة قرب النبض له! وبعيدة بعد التوبة عنه
تعالت وتيرة تنفسها بغضبِ امرأة لم تكن في حصار زوجها الذي زهدت فيه ونأت به عنها طويلًا.. ولم تكن الحاقدة الناقمة عليه أيضًا!
جل ما توهج في خاطرها المكسور إحساسها كأنثى تلك اللحظة، ليس إحساسًا نابعًا من ضعفٍ تجاهه، ولا كرامة تراق بمجرد لمسة، الحاجة بأنها لم تحظ بهذه المشاعر المتناغمة منذ فترة حتى كادت تنساها
-ابتعد!
لم يتحرك.. فحاولت التملص برشاقة دون أن تحيد بعينيها عنه
-اشتقت لملامحك..
كزت على أسنانها بعنف:
-ابتعد
-دائمًا ما كانت ملامحك مرساي.. أحط فيها رحالي!
يا الله!! الحرارة التي لا تريدها!
الصوت المثقل بعواطف التوق
النظرة التي تفتت أي قلب سواها
والإحساس الخائن الذي تصارعه!
إحساس أنثوي بحت لا محل لوجود علاء فيه من الإعراب
-أكره تعبيراتــ..
وذابت الحروف بلمسته الأولى.. وتوقه الثاني.. وشغفه الثالث!
لم تستسلم.. ولم تدفعه إنما أبقته ليعرف مر التجربة بأن يذوب فيها ولا يحركها قربه!
والثبات في حضرة رجل شغوف جهاد، إلا أن لها قوة صمدت بها حتى آخر رمق، مال برأسه من حدود فكها الذي أشبعه تقبيلًا، ومسه بتنهيدة طويلة.. تنهيدة رجل يائس.. يئس عودتها.. ونيلها من جديد!
مس طابع الحسن برقة ومال نحو تجويف عنقها المغطى بحجابها
-الآن عرفت معنى الغرق بلا نجاة!
بسطت شفتيها الغاضبتين وردت:
-كم كان تقديرك في مادة اللغة العربية؟
فاجأه السؤال حد أن فتح فمه ببلاهة.. إلا أنه لن يسقط في فخ ابتعادها عن حصاره الذي تنشده، فقربها الغنيمة والمسعى الذي يود لو يموت فيه دون أن يبالي..
بعدها نار..
هجرها جنون
فراقها خسارة
وهو الذي لم يجرب الخسارة يومًا!
تتشابه المسميات.. وتتفاوت المرارة بمعطيات ما يشعره
تنهد وأجاب من بين شفتيه اللتين تحرقان جيدها:
-كنت فاشلاً فيها
حاولت إبعاده فضم خصرها، أكملت بذات السخرية:
-لا تبدو فاشلاً.. تذهلني قدرتك التعبيرية أكاد أشعر أنني في اختبار لمادة التعبير بجملك الغناء بالغزل المبتذل
تبسم هازئًا:
-تعلمته لأجلك!
-لا يهمني
التفت للائحة المصعد التي أوقفها، نقر زرًا خاطئًا فضحك لطول الرحلة، دار المصعد فارتجت للحظة فالخوف من المصاعد عادة لن تتخلص منها، دعمها بكفيه يهمس لشحوبها اللحظي:
-الطريق إليكِ معبدٌ بقصائد لا تنتهي لو تعلمين!
تأففت ومالت بسمتها بيأس، من دون أن يحرك يده عنها، مد بالأخرى ونقر زر الطابق المخصص
-مع كامل مقتي للخروج إلا أنني سأفعل مضطرًا
ردت بصوت غاضب:
-حمدا لله لاضطرارك.. بطريقك هلّا رفعت رأسك الكبير عن رقبتي فأنا أحتاجها
رفع رأسه باسمًا، خصلاته النافرة بلونها الجذاب تحط على حاجبيه الكثين الأنيقين بفعل عاصفته الهوجاء منذ لحظات.. كل شيء فيه مدقق بأناقة، حتى ضحكته المميزة، كل لمحة منه
تأسر..
تأوي..
تستحق ثناءً لن ينطلق من فيها الغبي مجددًا
-تتمعنين في استفزازي بكل ما لديك!
حدقت به بقسوة، والكحل في عينيها على شفا أن يسيح
-صدقني لا أستفزك.. هذه طاقتي المفعمة بالمشاعر نحوك!
فُتح المصعد وسارت صوب غرفتها بخطوات متزنة واثقة، دخلت الباب وهناك كانت في استقبالها صدمة حيوية متمثلة في أصيص لزرعة الريحان خاصتها.. من زرعتها وسقتها،
والزرعة ميتة
عارية من أوراقها
منكمشة كعود خاوٍ من حياته!
رق قلبها الذي تغاضى عن فعلة علاء واحتضنت الأصيص بلهفة أم على أبنائها، لمحت ورقة بيضاء مطوية في جوف الأصيص فتناولتها:
-إن لم تأخذك فيها رأفة أعيديها؛ كل زهورك ميتة بلا حياة، هلّا أتيتِ لتحييها؟
جعدت الورقة فيما تلقيها في القمامة:
-أكرهك علاء! أكرهك!
التفتت فتلقفتها أحضانه صرخت فيه وأصابعه تغلق الواجهة الزجاجية لمكتبها:
-ما الذي تفعله هنا؟
اقترب منها بشوقٍ مُسكِرٍ وأهدابه ترتخي بعاطفة مشتعلة:
-أعطيكِ سببًا لتكرهيني أكثر..
ومن دون مقدمات انحنى نحوها، يدير رأسها بقبلة تطيح بصواب أي أنثى إلاها، لا تعلم أي حقد نحوه تغلغل فيها لتشاركه العذوبة قاصدة.. أن تظمأ حواسه بعد ارتواءٍ غير مشبع.. وتعلمه الحرمان بعد التذوق!
وهكذا رونق تكتبه بحروف امرأة عاشقة؛ وتطوي صفحته كرجل حاقد، لم يستطع التوقف، وأنثاه بين يديه، أنثى تختصرها حروف الأبجدية وتختزل حبها كعنوان رئيسي يصفها
تمادى وأفسحت له
شكا واستقبلته بترحاب
عبّر عن شوقه.. وأنصتت!
مرت الدقائق بينهما طويلة، حتى أبعدته فرفع رأسه مكرهًا بتخمة مدوخة، ناظرها بفقدان سيطرة متمتمًا:
-عودي إليَّ رونق..
دار حول نفسه:
-لم أعد أحتمل فراقك.
شفتيها التي صكَّ خارطة عشقه فوقهما لا زالتا بتأثير ختمه وليأسه كانتا شامتتين:
-قل لي لماذا أعود؟
-لأنني بحاجتك..
-العودة إليّ يلزمها الكثير.. فكر بشيء خارج الصندوق؛ يُدهشني!
رمقها طويلاً بلا أي كلام، حتى استقام عن الطاولة يساوي سترته بعنجهية:
-سأفعل رونق؛ أعدك..
خرج من عندها ولذتها تغمرهُ وتفيض حتى تغرقه، قضى يومه بابتساماتٍ غبية، يتخبط في معاملاته ويخط توقيعه بعد جهدٍ جهيد من سلسلة الأخطاء والتعثر حتى المعاملات، رباه رونق أنسته اسمه كيف يُكتب، وكيف يحفظ تماسكه!





Lamees othman غير متواجد حالياً  
التوقيع
ست وعشرون نجمة وبضع من سماء روحي معلقة بين ثنايا الأفق!



(وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ)

سبحان الله والحمدلله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.❤
رد مع اقتباس