عرض مشاركة واحدة
قديم 07-03-22, 11:22 PM   #97

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Rewitysmile17 وانطوت صفحة الهوى - القصاصة الرابعة: القسم الثالث

على إحدى طاولات مطعم الفندق، جلس إيلاف يتناول الإفطار مع ملك ومالك اللذين جلس كلا منهما على أحد جانبيه، حيث انشغل الصغيران بتناول بعض مثلثات الجبن ومشروب الحليب مع الشوكولاتة..

بعد قليل، انضم إليهما سفيان حاملا طبقا يحتوي على بضعة أصناف من الجبن وقطع من المخبوزات صغيرة الحجم، ولما جلس إلى المائدة وألقى تحية الصباح، لاحظ غياب شادن، فسأل شقيقه عنها، ليرد الأخير بضجر: "(شايدز) لم تنزل للفطور.. تقول إنها متعبة وستلحق بنا عندما يحين موعد التحرك للملاهي"..

سأله سفيان متوجسا بقلق: "هل هي فعلا متعبة؟ ماذا أصابها؟"

رد إيلاف بعد تفكّر: "جسديا هي بخير.. ولكن نفسيا.. لست متأكدا"..

رفع سفيان حاجبه، ليستطرد الأخير: "أقصد أنها ربما تكون غاضبة مثلا.. ولا تريد الجلوس إلى جوار زوج من الذكور اللذيّن لا يجيدان الحديث بلباقة.. وأحدهما يحتد مع أول فرصة للانفعال ولا يستطيع التحكم بشرارات غضبه أبدا، فيتركها تشعل الأجواء كما يحلو لها، ولا يهم من تلسعه ألسنتها"..

زجره سفيان مصدرا صوتا يشبه الزئير، فازدرد إيلاف ريقه، ثم تابع: "أخي أحدثك بمنتهى الحياد.. لقد احتديت عليها بقسوة حين وبختها بشأن الطفلين ولم تعتذر لها حتى مع تأكيد الطبيب لك أنهما لم يصبهما سوء وأنها قد أجادت التصرف بإجبارهما على شرب الماء بكثرة".

زفر سفيان براحة، بعد أن اكتشف أن شقيقه لم يلاحظ تغيرا في تصرف شادن بعد ذلك العناق العفوي عند المقصورة، وإنما أوعز تصرفها لغضبها من توبيخه لها قبل يومين..

قال مدافعا عن نفسه: "ماذا كنت تتوقع مني عندما أكتشف أن طفليّ قد يكون أصابهما التسمم بسبب وجبة نيئة لا تتحملها معدتاهما في هذا السن؟"..

قال إيلاف مدافعا: "أخبرتني (شايدز) أنها كانت متأكدة أنهما لن يستسيغا هذه الشطائر ولذا طاوعتهما بدلا من إحداثهما جلبة في منتصف المطعم.. وكانت بكل الأحوال ستسحب الطبق من أمامهما بعد أن يتذوقا الطعم، لتشترط عليهما أولا تناول بعض الأصناف الملائمة لهما أولا فتضمن شعورهما بالشبع أو نسيانهما لهذا الصنف من الأساس.. أي أنها كانت قد حسبت جيدا حساب كل تصرف محتمل لهما وجهزت رد الفعل المناسب له"..

زم سفيان شفتيه كاتما بعض كلمات الاعتراض واللوم، فتابع إيلاف بعد أن ناظره بعتب: "لا تنسى أنها قد تركت عملها وتخلت عن نظام حياتها لأسبوع بالكامل من أجل انقاذ الموقف بعد أن ترجتها سميحة كيلا تحرمك من فرصة تحقيق هدفك.. فبدلا من أن تشكرها وتظهر امتنانك لها.. تفضلت أنت وأهنتها وجرحتها بتوبيخك وصراخك"..

فتح سفيان فمه يهم بالدفاع عن نفسه، لكنه لم يجد ما يقوله، فقال إيلاف نيابة عنه: "كان يجب أن تعاملها بطريقة ألطف يا سفيان.. لن تنكر أمامي أنك قد بالغت في رد فعلك.. بالمناسبة هي تحملت عصبيتك وابتلعت تأنيبك لها لأنها لم تكن تريد أن تكون سببا في تشتيت ذهنك خلال المرحلة الأهم في المنافسات.. لكن هذا لا يعني أنها تقبلت تصرفك معها"..

نهض سفيان بانفعال، فأصدر مقعده زئيرا غاضبا جراء احتكاكه بأرضية المطعم، وحين سأله إيلاف: "إلى أين؟"،

هتف ببرود يناقض اشتعال عينيه بالحنق الذي يسكنهما أغلب الوقت: "سأعود خلال دقائق"..

تحرك سفيان نحو مكتب الاستقبال، وطلب من الموظفة أن تتصل بالهاتف الداخلي بغرفة شادن..

في غرفتها، كانت شادن تستمع لأغنية أنغام (يا ريتك فاهمني)، وهي تنهي فرد شعرها المجعد بمكواة الشعر أمام المرآة بعد أن غسلته، فانتبهت إلى صوت رنين الهاتف الداخلي للغرفة، فسارعت بوضع المكواة جانبا، ثم أغلقت تطبيق الموسيقى، ورفعت السماعة، فجاءها صوته محتدا يهتف بلا تحية: "انزلي للفطور"..

صمتت شادن قليلا مندهشة من تصرفه غير المعتاد، لكنها ردت بنبرة يغلفها الكبرياء والضيق: "لست جائعة.. سأرتاح قليلا.. وأوافيكما للذهاب للملاهي عندما تستعدون جميعا.. فقط أرسل لي التوأم بعد الفطور لكي أبدل لهما ملابسهما لأخرى مريحة تناسب الركض واللعب"..

وما بين توبيخه القاسي ثم عناقه العفوي، فإن شادن في الحقيقة لم تكن تود المكوث في محيطه أكثر مما يفرض عليها عملها بالفعل، بل إنها أصبحت مستعدة تماما للمغادرة إلى القاهرة في آية لحظة..

لقد فوجئت بنفسها تدخل في حالة صدمة وارتباك منذ أن وجدت نفسها تشعر بنبضات قلبه الهادرة بقوة..

ومنذ تلك اللحظة، بدأت مشاعرها تتلاطم ما بين غبطة خفية وغضب صريح.. فالمقطع الذي أظهر احتفال سفيان بالفوز ثم عناقه لأسرته قد تم تداوله على نطاق واسع عبر منصات التواصل الاجتماعي في مصر، وامتلأت التعليقات بالتساؤلات عن هوية تلك المرأة التي عانقها البطل..
ولا أحد يعرف الحقيقة..

لا أحد يعرف أنها بالنسبة له ليست سوى أخت صديقه التي لا تعني له شيئا على وجه الخصوص..

ومن جهة أخرى، كانت مستاءة من الشعور الذي سيطر عليها لحظة أن شعرت بأنفاسه على جبينها، وبنبضات قلبه القوية إلى جوار قلبها الذي تدافعت دقاته بجنون ولذة خفية تتسلل إلى أوردتها لتنفجر شرارات كهربية في أعصابها احتفالا بأمنية خفية انتظرتها لآلاف الصباحات ولم تتحقق أبدا، فما كان منها تحت وطأة الدهشة والصدمة سوى أن تيبست على صدره، وكأن جانبا من عقلها قد احتفظ بوعيه، عاكسا شعورا نما بداخلها كناقوس يصدح معلنا أن ما يحدث في تلك اللحظات أمر خاطئ..
وشديد الخطورة.. برغم الفرحة اللحظية..

انتبهت شادن من شرودها على صوت سفيان الذي اندفع بنبرة أكثر صرامة دون أن يرفع من نبرته كيلا يلتقط أحد من المارين انفعاله، قائلا: "اسمعي.. أمامك عشر دقائق ثم أراكِ أمامي بالمطعم.. إذا لم تنزلي خلالها لتتناولي فطورك.. سأصعد أنا لأصطحبك للأسفل بنفسي"..

فغرت شادن فمها ولم يسعفها بالها المشغول برد مناسب، فأكمل هو بنبرة خطِرة: "إن كنتِ تتذكرينني جيدا كيف كنتُ قبل سنوات.. فأنتِ تعرفين بالتأكيد أنني لا أحب تكرار كلامي ولا أحب من يخالفه.. سأنتظرك"، ثم أغلق الخط دون أن ينتظر منها ردا، لتسرع هي بتصفيف شعرها في شكل جديلة كلاسيكية خلفية لكي تنزل للفطور..

بعد أن انضمت إليهم شادن على المائدة وسط دهشة إيلاف وفرحة الطفلين، بدأت تتناول وجبة خفيفة وهي تتبادل الحديث مع إيلاف وتصب تركيزها على الطفلين، متجاهلة ذلك الذي كان يجلس إلى طرف المائدة يكمل تناول طعامه دون أن يفتح معها مجالا للكلام، مكتفيا فقط بمراقبتها من وقتٍ لآخر وهي تربت على طفليه وتبتسم لها بأمومة عفوية..

توجه الجميع بعدها إلى ملاهي "ديزني لاند هونج كونج"، لتسيطر عليهم أجواء السعادة والمرح، خاصة إيلاف الذي قام بتسجيل العديد من المقاطع والتقط عشرات الصور لكي ينشرها تباعا عبر حسابه الخاص على انستجرام..

أما ملك ومالك، فقد استمتعا مع والدهما وشادن بزيارة (أرض المغامرات)، ثم انتقلوا إلى (جزيرة طرزان) وتجولوا بمنازله الثلاثة المحفورة بقلب الشجر، كما زاروا (أرض الفانتازيا)، حيث استمتع التوأم بعالم ميكي وعربة سيندريلا ثم انتهت جولتهما برحلة قصيرة على متن قطار (أرض الفانتازيا) لمشاهدة باقي معالم المدينة وشخصيات ومعالم حكايات ديزني، خاصة (قلعة الأميرة النائمة) و (كهف سنووايت)..

في اليوم والأخير لهم بالمدينة، تجولت المجموعة داخل المتاجر القريبة من الفندق من أجل شراء بعض الهدايا، فحرصت شادِن على شراء هدية لكل واحدة من صديقاتها ولأطفال العائلة أيضا الذين كانت قد انتقت لهم هدايا أخرى من ديزني لاند..

أما إيلاف، فقد أوفى بوعده لأخته دانة واشترى لها عدة قطع من الملابس والأحذية الرياضية العصرية بألوان ناعمة للفتيات كما تتسم الأزياء الآسيوية عموما، وكذا اشترى لها بعض مستحضرات العناية بالبشرة التي طلبتها هي بنفسها دون خجل، وكأنها تعلن للجميع أنها شارفت على وداع قطار المراهقة لتحلق بطائرة الشباب وتدلل أنوثتها كيفما تشاء..

بعد عودتهما للفندق من أجل حزم الحقائب، اجتمع سفيان مع بعض ممثلي شركات عالمية مختصة بإنتاج الأطراف التعويضية، حيث تلقى عروضا ليكون وجها دعائيا لهم بعد تتويجه كبطل باراليمبي، بحيث يتم تزويده بأذرع تعويضية تم تنفيذها على أحدث الطرز التقنية، شريطة أن يقوم بالدعاية لها في بلده بالتأكيد أو من خلال مقاطع دعائية للترويج العالمي، لكنه لم يمنح أيهم موافقة نهائية بعد، مؤكدا أنه يحتاج للتفكير في الأمر وتجربة المنتجات فعليا والتأكد من جودتها ثم التواصل معهم للتفاوض معه بعد عودته للقاهرة..

في المساء، خرج الجميع إلى القاعة التي خصصها الفندق للاحتفال بالأبطال الباراليمبيين من مختلف الدول، حيث اختار سفيان بدلة رسمية سوداء مع رابطة عنق فضية، أما إيلاف فقد اختار بدلة رسمية بتصميم عصري، حيث نسق قميصا أسود وسروالا كلاسيكيا بنفس اللون مع سترة قرمزية داكنة وتخلى عن رابطة العنق، وتزين مالك ببدلة مشابهة كثيرا لذوق خاله، أما ملك، فقد ارتدت فستانا وردي اللون بتنورة واسعة تصل لأسفل الركبتين مع حذاء وردي لطيف عليه نقش يشبه أذني الفأر ميكي، بالإضافة لطوق للشعر بنفس اللون والتصميم تقريبا..

أما شادن، فقد صففت شعرها في شكل جديلة فرنسية جانبية مفككة، وزينته بعقد من اللؤلؤ، التف حولها بشكل جذاب، بينما تألقت بفستان أخضر من قماش المخمل الناعم بأكمام نصفية تصل لأسفل المرفقين وفتحة صدر ضيقة على شكل رقم سبعة العربي، ويقسم تنورته عن نصفه العلوي بخصر محدد بدقة بكشكشات داخلية، بينما ينتهي بتنورة تحاذي الساقين باتساع محدود وتصل حتى القدمين مع شُقة أمامية تصل للركبتين..

كانت شادن هي قد اقتنت الفستان على عجل خلال تسوقها صباحا عندما علمت بخصوص الحفل وإصرار إيلاف وسفيان على حضورها مع الطفلين، كونه حفلا أقرب إلى مناسبة تكريمية وليس مثل تلك السهرات الجامحة التي لا تناسب حضور الأطفال..

حين دلفوا لداخل القاعة، كانت العديد من الأعين الذكورية تتفحصها بنظرات تقييمية، ما أثار حفيظة سفيان الذي لم يكن قد استفاق بعد من ذهوله حين شاهدها لحظة خروجها مع الطفلين من غرفتها إلى الممر الذي كان يقف فيه مع أخيه، لتتحرك أمامهما بخيلاء أنثوي.. غريب..

كانت شادن تمسك يد ملك، بينما أمسك إيلاف مالك، وتحركا صوب المصعد، وخلفهما كان يسير سفيان الذي يهتف بداخله دون أن ينطق بكلمة واحدة وقد عقدت الدهشة لسانه:
( من هذه الـ .. الـــ .. الحسناء المبهرة؟ وأين ذهبت شادي بشعرها القصير وسراويلها الواسعة؟ هل أجبرها على العودة للأعلى وتبديل فستانها؟ أم أطلب منها البقاء بالأعلى مع الطفلين)..

تحرك سفيان خطوة عازما على مطالبها بالعودة لحجرتها وتبديل ملابسها والاسترخاء بفراشها استعدادا للسفر، فلا حاجة لها للظهور بهذا الشكل وسط كل هؤلاء الثعالب الذين يطالعونها بانبهار وجوع..

لكنه حين وصل للمصعد، وجد صوت ينمو من داخله يهتف محذرا: ( لا تخصك..!!)

كانت الأجواء شبابية بامتياز، حيث كانت الموسيقى الراقصة لأشهر الأغنيات العالمية الحديثة تنطلق من السماعات الضخمة المتراصة في أركان القاعة.. وبعد تكريم الأبطال تباعا بهدايا تذكارية من إدارة الفندق، ازدادت الأجواء مرحا وحيوية، حيث بدأ الشباب يتراقصون على أنغام الموسيقى..

وحين انتقل إليه الشعور الحماسي كالعدوى، حمل إيلاف التوأم تباعا وأوقفهما على إحدى الطاولات الجانبية وأخذ يراقصهما بعفوية، حتى أن شادن التقطت لهما مقطعا مصور ا قصيرا بعدسة هاتفها..

بعد قليل، كانت شادن تقف على مقربة من الطاولة التي يتراقص عليها ملك ومالك مع عمهما إيلاف، بينما كانت هي تتمايل برفق مع الموسيقى دون أن تبرح مكانها مستغلة أن البقعة التي تقف بها لا تصلها إضاءة قوية، لكنها فوجئت بأحد الحاضرين يتوجه إليها ويطلب بلباقة أن تشاركه الرقص، غير أنها رفضت بتهذيب متعللة برعايتها للطفلين، فأصر هو على مراقصتها بنفس البقعة، مؤكدا بالمرح بكلمات إنجليزية بلكنة شعوب دول جنوب آسيا:
We can dance here in this spot where you can look after your kids
(يمكننا أن نرقص هنا في نفس البقعة بحيث تتمكنين من متابعة أطفالك)

ردت شادن موضحة بإنجليزية طليقة بنبرة عفوية:
Oh, no.. These are not my kids.. I am not married.. I am just doing a temporary babysitting job for a friend, who happens to be a Paralympic champion as well
(لا.. هذان ليسا طفليّ.. أنا لست متزوجة.. أنا فقط أقوم بمهمة مجالستهما بشكل مؤقت من أجل صديق أصبح بطلا باراليمبيا أيضا)، ثم أعطته ظهرها وظلت تطالع الطفلين وتتمايل معهما لكي تحفزهما على الاستمتاع..

التمعت عينا الرجل بنظرة تقديرية، ومرت بمخيلته بعض الأفكار الجامحة عن ليلة ساخنة ستجمعه بها حتما إذا نجح في إغوائها بشكل صحيح، فاقترب منها أثناء الرقص مفتعلا التلقائية، ثم أخذ يحرك أصابع يديه برفق ملامسا خصرها، لكنها توقفت عن التمايل، وأنزلت يديه بعنف، وهتفت فيه بحنق:
What exactly do you think you’re doing?
(ما الذي تظن نفسك فاعله بالظبط؟)

رد هو بنبرة متزلفة:
We’re just having some fun
(إننا نقضي وقتا ممتعا فحسب)

ظهرت علامات الدهشة والاستهجان على وجه شادن، ولكنها وقبل أن ترد، فوجئت بحائطٍ فولاذي ينتصب أمامها ليمنع عنها الرؤية، ففغرت فمها، قبل أن تستمع له يوبخ الشاب بنبرة صارمة ويطرده بعيدا:
I suggest you get your butt outta here before I show you the way out with my fist
(أقترح أن تشرع بالمغادرة قبل أن أريك طريق الخروج.. بقبضتي)

زفر الشاب غاضبا، ثم ابتسم متسليا مطالعا سفيان بنظرة تقييمية ساخرة خاصة بعد أن لمح كفه تلمع وذراعه متيبس بجانبه، ففهم أنه يضع ذراعا تعويضي، قبل أن يسأله ببلادة:
And who exactly are you to her?
(وأنت.. من تكون بالظبط لها؟)

في تلك الأثناء، كان إيلاف قد أنزل الطفلين عن الطاولة، وأوقفهما جانبا، ثم وقف إلى جوار أخيه ليتمددا أمامه بقامتيهما الطويلتين كبوابتين شاهقتي الارتفاع تحميان قلعة الأميرة، وأخذا يناظرا الشاب بنظرات عدائية، قبل أن يقول إيلاف:
We are both her brothers, so bugger off
(إننا شقيقاها.. لذا اغرب عنا)

في النهاية، اضطر الشاب للمغادرة بعد أن لاحظ العديد من النظرات تلاحقه من الحضور، بالإضافة إلى نظرات الاشمئزاز من الجميلة ذات الفستان الأخضر الجذاب، وأخرى غاضبة من هذين اللذين يدعيان أنهما شقيقاها، فأخذ يسبهما برأسه لأنهما قد حرماه من ليلة ساخنة مع تلك الحسناء، ثم تحرك صوب مجموعة أخرى باحثا عن صيدٍ متاحٍ..

في اللحظة التالية، هدر سفيان بنبرة لم تترك مجالا للجدال: "هيا.. لنعد لغرفنا.. لابد أن نخلد للنوم مبكرا كي نلحق بموعد السفر صباحا.. والتوأم في حاجة للراحة بعد يوم مرهق"، ثم أشار لطفليه، فاقتربا منه بطاعة، لتمسك ملك بيده اليسرى، بينما اكتفى مالك بإحكام قبضته الصغيرة على ذيل سترة والده، في تصرف معتاد بالنسبة له بعد أن دأب والدهما على العناية بهما بمفرده منذ وفاة والدهما، فكان يدربهما على بعض الطرق البديلة لكي يحيطهما برعايته برغم بتر ذراعه، فلا يتجاهل أحدهما لصالح الآخر..

أشار إيلاف لشادن لكي تتحرك قبله، وسار سفيان خلفها كي يضمن أنها لن تتعرض لمضايقات جديدة، بينما يحذر عقله من الإبحار في تلك البحيرة الغامضة المليئة بالتساؤلات التي تريد أن تصرخ تحثه على الإجابة عليها.. خاصة السؤال الأكثر إلحاحا: ما سبب شعوره بالضيق منذ أن لمح ذلك الرجل يقترب منها؟

لكنه تجاهل الرد.. ورغم ذلك لم يمنع نفسه من الغمغمة ببعض كلمات ممتعضة عن ذكور تتلاعب بهم شهواتهم، موبخا نفسه على التزامه بواجهة متحضرة رغم أن داخله يستحثه كي يعود لهذا الحقير ويلقنه درسا قاسيا..

كلماته الغاضبة برغم صوته الخفيض وصلت إلى مسامعها بوضوح، فارتجف جسدها ليلاحظ هو الأمر، فاستكمل المسير ، بالكاد يضع الصمت قضبانا على شفتيه كي يمنع نفسه من توبيخها على تباسطها في الكلام مع شخص غريب..

لأنها.. لا تخصه..

أما هي، فقد صعدت لغرفتها وبدلت ملابسها، ووضعت التوأم في سريريهما، ثم تمددت على سريرها وشغلت على وضع (التكرار) أغنية "ياريتك فاهمني" على أحد تطبيقات الموسيقى بعد أن وضعت السماعات في أذنيها، وبدأت تستمع لأداء أنغام بصوتها الشجي، فبدا صوتها مع الكلمات واللحن، وكأنه يلامس روحها، فأخذت تردد معها عندما بدأت نفس الأغنية تتكرر بأذنيها للمرة التي لم تعرف عددها:

ياريتك فاهمني بجد زي ما بفهمك
وتقرا اللي جوايا أما عيني تبصلك
يا حلمي اللي متأجل وأنا هموت وأحلمك
يا عمري اللي ناقص عمر نفسي أكملك
يا كل الكلام اللي بشفايفي بهمسه
يا أملي اللي بتمنى أطوله أو ألمسه
يا هوى من زمان عايشة عشان بتنفسه
ياريت أبقى آخرك في الحياة دي وأولك
لو أختار ما بين نفسي وما بينك هعترف
بإن أنت أغلى وأولى وكمان أولاً
بحبك سنين في السر ومحدش عرف
وأنا أدفع سنين تانيين وأحبك في العلن



يتبــــــــــــــــــــــ ـــــع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس