عرض مشاركة واحدة
قديم 19-04-22, 12:05 AM   #8

فاطمة الزهراء أوقيتي
 
الصورة الرمزية فاطمة الزهراء أوقيتي

? العضوٌ??? » 475333
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 612
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
?  نُقآطِيْ » فاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond reputeفاطمة الزهراء أوقيتي has a reputation beyond repute
افتراضي الفصل الأول

الفصل الأول


"في قاعة للحفلات في أحد الفنادق في برشلونة"

عيون زرقاء ثاقبة تراقب تحركات ذلك الجسد الرشيق و الجو المرح الذي تنشره حولها كلما حادثت أحدهم؛استطاع التقاط بعضا من أحاديثها باللغة الاسبانية فلم يفهم منها سوى بضع كلمات استطاع تعلمها من خلال زياراته المتعددة لاسبانيا؛سمح لنفسه بتأمل تفاصيلها ابتداءا من شعرها المموج المنسدل فوق ظهرها و وجهها الدائري وتوقف لبرهة متأملا ابتسامتها المتلألئة والتي بدت بارزة جدا و متناقضة مع لون بشرتها الأسمرثم غمازتيها تحديدا،-آه من تلك الغمازات-،إلى فستانها الطويل الذهبي اللامع ذو الحمالات الرفيعة أكمل تحديقه فتوقفت عيناه على عظمتي التروقة البارزتين من تحت الفستان وتحديدا وشم ساقي اللافندر والذي لمحه سابقا ثم مسح بعينيه على طول الفستان إلى أن وصل للحذاء ذو الكعب العالي و الذي أكد له أن قامتها قصيرة ربما ستصل إلى صدره إذا نزعت الحذاء..

"هل هي أجنبية؟" هذا ما تساءل عنه بعد تأمله الطويل لها...قاطع سيل أفكاره صوت عميق ينادي بجانبه باسم"سَمارا"استدار ليرى مصدر الصوت القريب فلمح رجلا أسمر البشرة و وسيم الوجه يقاربه عمرا و أقصر منه بقليل وهمس بداخله"اسمها سمارا إذن..."...اقتربت من الرجل الذي ناداها باسمها فدفعت كتفه بخفة و ألقت كلماتها تعاتبه "لقد تأخرت..ظننتك لن تأتي أبدا"قهقه عاليا ثم لمس جبهتها بسبابته كأنه يفك العقدة بين حاجبيها"تعقدين حاجبيك مجددا..ستبرز التجاعيد باكرا بوجهك الجميل على هذا المنوال"ابتسمت بتكلف وعقدت يديها أمام صدرها"ظريف جدا...متى وصلت طائرتك؟"أمسك بيدها وتفحص مظهرها بإعجاب بدى واضحا على ملامحه"وصلت منذ ساعتين،استحممت ،غيرت ملابسي وها أنا هنا أمامك كجثة متأنقة تحتاج النوم و بشدة"ثم أدارها حول نفسها مصفرا بإعجاب جذب بعض الأنظار إليهما"تبدين فاتنة..لا أصدق أن سميرة و حكيم أنجبا هذه الفراشة "ضحكت باستمتاع فظهرت غمازيتها اللتان أهلكت أحدهم و هو يراقبها من هذا القرب و وجد الجواب على سؤاله السابق"بل هي عربية ومن بلاده أيضا....
"بل قل قنبلة متفجرة أذهلت الجميع في هذا الحفل"كانت هذه إحدى الجمل التي نطق بها رجل بهي الطلة وطيب الملامح، غزى الشيب شعر رأسه،عاش جل حياته في اسبانيا,رجل ذو عقلية غربية وجذور عربية متأصلة قرر التخلي عن الغربة بعد سنوات بعيدة من الابتعاد و الاستقرار في الوطن...ابتسمت بخجل و هي تتلقى هذا الغزل الصريح من رجل ستيني تعرفه منذ نعومة أظافرها و تكن له كل التقدير وقالت"ربما لن أنام الليلة بسبب هذا الكم الهائل من الإطراء الذي تلقيته منكم"ابتسم الرجل لمزاحها و ربت على ظهرها بحنية"بل هي الحقيقة يا حلوة"...و أكمل مازحا"أنت إنجاز حكيم في هذه الحياة"جاراه الآخر في المزحة"ورأيي من رأيك يا عم محمد و الله" قهقه الثلاثة"فأكمل العم محمد"كيف حالك يا ولد...لم أرك منذ مدة"أجابه الشاب الماثل أمامه"بخير يا عم محمد...أحضر لبعض الأشياء و التي ستجعلك تراني كل يوم ان شاء الله حتى تسأم من وجهي الجميل".."ستندم على هذا حتما يا عمي ..بل ستتمنى أنك لم تعرفه يوما...إنه مزعج اسألني أنا التي أراه أكثر من رؤيتي لوالداي..لم أعد أستطيع التحمل"رفعت سمر راحة يدها لجبهتها في حركة درامية و يدها الأخرى فوق صدرها وتعابير وجهها تدل على البؤس"قهقه العم محمد لمزاحها و هو يرى ردة فعل أسامة الذي ضربها خلف رأسها فتأوهت بخفة و همست "همجي متوحش"فأجابها أسامة" وهذا الهمجي سيفقع عينك اليسرى"وأخرج لسانه وهو يتلاعب بحاجبيه"حرام فيك البدلة التي ترتديها..أشفق على مصممها ما إن يعرف أن أصنافك من البشر يلوثون ما صممته يداه ب همجيتهم"وكانت هي من أخرجت لسانها هذه المرة و تراقصت حواجبها وهي تناظره بقرف مصطنع ثم احتمت بظهر العم محمد ما إن هم أسامة بإحكام ذراعه حول عنقها كما يفعل دائما ثم انفجرت ضاحكة..."حسنا يا أولاد نحن في حفل و علينا أن نحافظ على مظهرنا وهيبتنا أمام الأغراب"قاطع العم محمد مزاحهم وهو يحاول جاهدا كبح ضحكاته والتفت للطاولة بجانبه قائلا"دعوني أعرفكم بالشخص المفضل لدي في شركتي.."انتبه له الولدان اللذان استمرا في جدالها بهمس فاعتدلا واتخدت سمر الجانب الأيمن للعم محمد بينما وقف أسامة بجانبها؛فهتف محمد باسم "أشرف"واستدار الآخر ما إن سمع اسمه وابتسم بهدوء ثماعتذر من رفقته و اقترب منهم وعيناه تنتقل بين أسامة الذي يرمقه بنظرات مقيمة وسمر التي ترمقه بفضول بينما يناظره محمد بفخر رجل أعمال استطاع الحصول على مناقصة ضخمة"أعرفكم على'أشار بيده نحو أشرف'... أشرف قاسمي مدير مكتب التصميمات في فرع الشركة في البلد،بالإضافة إلى وسامته فهو موهوب جدا..سأطلعك على تصاميمه يوما ما يا سمر"و أشار بيده لسمر"و هذه الفاتنة سمر الطالبي مع إني أفضل أن أسميها ذات العيون الثاقبة والحس العالي بالألوان وهي مهندسة ديكور في الفرع هنا ببرشلونة"ابتسمت بخفة وهي تمد يدها ليده الممتدة وتسلم عليه وتعلقت العيون ببعضها لثواني ثم همسوا في ٱن واحد"تشرفنا"..وفكر'اسمها يناسبها'
"وهذا هو أسامة اليوسفي أحد مسيري هذا الفندق لكنه ضيف هنا اليوم.."سلما على بعضهما بهدوء وبرود استشعره أسامة من أشرف الذي ابتسم بتكلف وهو يرمقه بنظرة متفحصة لملامحه في محاولة منه أن يجد الشبه بينه و بين سمر عدا لون البشرة الذي دفعه في البداية ليظن بأنهما أخوة خصوصا مع تباسطها الشديد في تعاملها معه على عكس باقي الضيوف الذين حرصت على إبقاء مسافة محترمة بينهم ، لكن الاختلاف الواضح في الألقاب جعله يعدل عن ظنونه وهو يتساءل هل هو زوجها...ثم انتبه إلى أن اسمها سمر وليس سمارا كما نداها أسامة سابقا..،نهر نفسه وأرجع خصلات شعره للوراء وهو يحاول أن يركز في الحوار الذي فتحه العم أحمد حول الحفل السنوي الذي يحضرونه الآن والذي يقيمه الفرع الرئيسي للشركة و يدعو مدراء فروعها الأخرى حول العالم في محاولة منهم لتبادل الأراء و المعلومات و الدمج الاجتماعي بين مختلف الجنسيات...

انتهى الاحتفال وانسحب الجميع و آخر ما لمحه أشرف هو مغادرة أسامة و سمر معا و هو يضع سترته السوداء فوق كتفيها قبل أن يركبا السيارة معا وحاصرته مشاعر متناقضة لم يحبذها...أقنع نفسه لوقت طويل أنه لن يدع تلك المشاعر تجتاحه و تتحكم في حياته مجددا.
_____________________
في بقعة أرضية أخرى بعيدة كل البعد عن الأحلام و الطموحات والرفاهية بمفهومها العام...في قرية من داخل البلد و قبل آذان الفجر بدقائق تسلل جسد يحمل فوق كتفه حقيبة كبيرة و أخرى صغيرة ذات حمالات فوق صدره واستدار على أعتاب مخرج القرية يشيعها بنظرات حزينة و عيون دامعة و قلب مكسور لفراق الأحبة ثم اتجه إلى محطة سيارات الأجرة بحذر شديد و يستدير في كل مرة ليرى إن لمحه شخص ما و تبعه..

"هل تحتاجين مساعدة يا فتاة؟"سأل الشاب العشريني الفتاة أمامه وهو يرمقها بإعجاب و يشير لسيارة الأجرة بجانبه،ناظرته بنظرة تكسوها شجاعة خادعة لمن يراها بينها تختض من الخوف داخليا و المكان حولها خالي إلا من سيارتي أجرى و بعض النساء والرجال المعدودين على رؤوس الأصابع و هذا الولد أمامها و الذي يرمقها بنظرة شاب لم يرى في حياته فتاة،جاهدت لتخرج صوتها بشكل عادي دون أن يفضحها الارتجاف الواضح الذي تشعر به مما أقدمت عليه"محطة القطار من فضلك"هذا ما استطاعت قوله و هي تناوله الأجرة و الحقيبة ليضعها في صندوق السيارة فتناولها الشاب منها وهو يناظر يدها الممتدة بنظرة جائعة للمسة مختلسة،استقرت في الكرسي الخلفي للسيارة فتلتها عدة سيدات من الواضح أنهن اعتدن الذهاب للمدينة في هذا الوقت من الصباح و رجلين جلسا على الكرسي الامامي بجانب السائق..انطلقت السيارة و استغرقت الفتاة في التفكير وهي تراقب انبثاق الأشعة الصباحية رويدا رويدا و سمحت لدموعها بالانهمار وهي تنطلق لقدر مجهول ستجاهد فيه وحدها كفتاة قروية لم تزر المدينة سوى بضع مرات معدودات ونحو وجهة معينة فما بالك بالانطلاق نحو مدينة غريبة لا تعرف فيها أحد و لم تزرها في حياتها...تمسكت بالورقة في يدها والتي تحمل أحد العناوين و هي تردد في نفسها جميع الأدعية والآيات التي تعرفها ثم أكملت مراقبتها للطريق الذي بدى لها طويلا جدا وهي تعانق حقيبتها.
______
'للسادة المسافرين والمسافرات المتوجهين لمدينة اكادير،المرجو منكم التوجه للبوابة1 وانتظار القطار الذي سيصل بعد دقائق،رافقتكم السلامة"
انتفضت الفتاة واقفة من الصوت الذي قاطع تفكيرها و استدارت يمينا و يسارا تبحث عن رقم البوابة،ربتت على الوشاح فوق رأسها ولم تهتم بتغطية خصلات شعرها البارزة من تحته والتي ظهر أكثر من نصفه..

هي لم تهتم بارتدائه قط لولا المجتمع الذي تعيش فيه والذي يحتم على الفتيات ارتداءه منذ سن السابعة بحجة أن شعرهن عار يجب أن تغطينه لأنه يثير شهوات الرجال من حولهن و يجلب الفتنة ولا يحق لأحد أن يراه سوى أزواجهن كأن العالم كله يتمحور حول الرجال وكيف يفكرون؛ عند هذه الخاطرة بالضبط أقسمت أن تتمرد على كل تلك الأفكار التي تتلخص في أن الفتيات خلقن لإطاعة الأوامر و التزام الصمت وليس لهن الحق في استكمال الدراسة أو السعي نحو طموحاتهن بل لا يحق لهن الحلم.

استقلت القطار و توجهت للمكان المدون على التذكرة ...زفرت بقوة وهي تراقب تحرك القطار و نقلت أنظارها للخلف تتأكد من أنها في أمان و لا أحد تبعها...حاولت مداراة ارتعاشها و هي متأكدة أن ما أقدمت عليه كبير جدا ولا مجال للتراجع...تأملت الطريق واستغرقت في أفكارها مجددا و تساؤلات كثيرة تعصف بدماغها..ماذا ستفعل الآن؟كيف ستدبر أمرها؟هل كان تهورا منها أن هربت من البيت بهذه الطريقة؟مررت يديها على وجهها بشكل عنيف و هي تحاول طرد الأفكار التي تراودها و تركز على أن هروبها من أجل مصلحتها و أن ما يخبئه لها المستقبل أفضل بكثير مما كان سيحدث لها...
_____________________

"في برشلونة"...

استيقظت سمر صباحا مع ألم مزمن في رأسها من سهر الليلة الغابرة واحتاج منها الأمر ثواني لتدرك أنها بالفعل متأخرة عن العمل فانتفضت واقفة بسرعة افزعت القط المسكين من نومه الهانئ بجانبها فوق السرير...جرت نحو الحمام فطرقت الباب بجنون"أسامة بسرعة أنا متأخرة" استمرت في الطرق قبل أن يفتح أسامة متجهم الوجه و يلازمه كذلك صداع مزمن ثم هتف "ماهذا العرض منذ الصباح؟ ألا يستطيع المرء النعم بالهدوء في الحمام لدقائق؟ اسمه بيت الراحة يا سمر؟" نظرت له بتذمر كمن اعتاد سماع نفس الأسطوانة كل صباح ثم هتفت هي الأخرى "لقد تأخرت"ربتت على كتفه قبل أن تبعده عن باب الحمام ثم دخلت و صفقت الباب بعنف أفزعه فشتم "لقد سمعتك يا أسامة سأخبر أبي أنك تلوث أدناي منذ الصباح بألفاظك العطرة" نظر لباب الحمام بغل مقلدا صوتها ثم اتجه لمطبخ الشقة و بدأ في إعداد الفطور .

بعد فترة قصيرة خرجت سمر من الحمام وكانت قد جهزت نفسها و تركت شعرها مفرودا على طبيعته المجعدة واتجهت نحو المطبخ و أنفها يستنشق رائحة شهية.."الله ماذا أفعل بدونك يا أسامة ..لو لم تكن في حياتي لكنت مت جوعا أو أصبحت أتسول طعاما في الشوارع..صباح الخير" اقتربت من منضدة المطبخ ثم خطفت قطعة من الكريب بالشوكولاطة كان قد أخرجها أسامة سابقا من الثلاجة و سخنها ثم التهمتها بسرعة وتناولت كأس قهوتها بيدها.

كان واقفا وظهره متكئ على الثلاجة وبيده كوب قهوة ويشعر بإطراء مزيف من الوصلة التي تتحفه بها كل صباح ثم أجابها بنخوة وتظاهر بأنه يمسح غبارا وهميا فوق كتف قميصه"صباح النور..أعلم أعلم...حياتك من دوني لا شيء يا سمارا...هيا كفاك كلاما لقد تأخرتِ.."وضع الكأس جانبا و اتجه للطاولة لتناول مفتاح سيارته والسترة الرياضية الموضوعة بإهمال فوق الكنبة ثم نحو الباب "هيا لأوصلك"
تبعته سمر وهي تتأكد من أن حقيبتها تحتوي على كل شيء ستحتاجه ثم حملت حاسوبها وانطلقوا..
أوقف أسامة السيارة أمام باب الشركة وانطلقت سمر بخطوات واثقة نحوها...وقبل أن تتجاوز الباب استدارت وأشارت له بيدها مودعة ثم همت بالدخول فارتطمت بصدر عضلي صاحبه يرتدي بدلة رسمية بقميص أبيض فتراجعت متأوهة .."هل أنت في العادة ترتطمين بكل من تقابليهم؟"رفعت عينيها تحاول تبين الصوت الرخيم الذي تحدث فاصطدمت بنظراته الباردة ترمقها بتفحص ثم نقل نظراته للسيارة التي انطلقت للتو...

رفعت سمر حاجبها الأيمن ورمقته بتعجب"عفوا؟"
شبك ذراعيه أمام صدره يراقب قصر قامتها وقال"إنها المرة الثانية التي ترتطمين بي...هل تتقصدين ذلك؟"
رمقته باستخفاف ثم قالت"جرب شيئا آخر ..فهذه الحركة لم تعد تفلح مع الفتيات..ثم أني لم أرك سوى البارحة وعلى حد علمي لم أرتطم بك"
قهقه عاليا بسخرية"هل أنت جادة؟ فعليا أنت بحجم عقلة الإصبع وصور لك عقلك أن أتحرش بك...آسف لست من نوعي حقا"...شعرت بالغضب من تشبيهه لها بعقلة الإصبع لكنها آثرت التريت و عدم افتعال مشكلة منذ الصباح الباكر ومع شخص لم تقابله سوى مرة واحدة وعلى يبدو أنه يحمل لها مشاعر سلبية ظاهرة بوضوح من كلماته و تعابير وجهه وشيء ما بنظراته جعلتها تتأملها للحظات فشعرت بقشعريرة تسري في جسدها "هل نعرف بعضنا من قبل؟" تفاجئ لسؤالها و بدى ذلك جليا على وجهه

فأكملت"أقصد أشعر أنك تحمل لي ضغينة من نوع ما وليس لأنني ارتطمت بك أو لأن أحمر شفاهي قد ترك بقعة على قميصك الأبيض" خفض نظراته الى قميصه الأبيض وتحديدا وسط صدره ثم رفع نظراته إليها بغضب يحاول السيطرة عليه و يبدو كأنه انتبه للبقعة للتو..
أخرجت منديلا مزيلا للماكياج من حقيبتها و ناولته إياه"أعتذر عن هذا... أما عن ارتطامي بك فلا أعتذر عنه ...كان بإمكانك تنبيهي قبلا.." نظر ليدها الممدودة للحظات ثم تناول المنديل من يدها و شرع في مسح البقعة ...هل سبق أن أشار إلى أنه يشعر بمزيج من الاستفزاز و الألفة مع شخص لم يقابله سوى البارحة..
انتهى مما كان يفعله ثم كور المنديل وأدخله بجيب سرواله..ورفع نظراته إليها فكانت ترمقه بفضول وتنتظر أن يجيبها فقال"ماذا؟"
احتضنت حاسوبها للمرة الألف ثم قالت"لن يضرك في شيء أن تشكرني على المنديل او ربما ابتسامة ستكون كافية سيظ أشرف" و انهت كلامها بابتسامة زائفة كمحاولة لصنع الود...لكنه قابلها بنظرة باردة وهمس بجانب أذنها قبل أن يغادر" شكرا و اعتذارك مرفوض" ثم ذهب تاركا إياها تستشيط غضبا وهمست"استفزازي متكبر" ثم دخلت إلى الشركة تحدث نفسها و تشتم في سرها...

"من أغضبك منذ الصباح يا فاتنة؟"
رفعت سمر وجهها للصوت المألوف و تهللت أساريرها ثم نبست بمفاجأة"صباح الخير عم محمد ماذا تفعل هنا؟" اقتربت و وقفت أمامه ثم أجابها بابتسامة واسعة تخللت وجهه ذو اللحية الرمادية" كنا أنا و أشرف على موعد مع المدير ...بالمناسبة هل رأيته..لقد كان غاضبا ولا أعرف أين ذهب؟" أجابته بديبلوماسية"آآه نعم لقد رأيته ...خرج قبل قليل ..تعلم محاسن الصدف" أنهت كلماتها بسخرية و هي تتذكر الموقف منذ قليل ...
رن هاتف محمد وقبل أن يجيب قال لسمر" سأمر عليك أنت وأسامة في المساء لنتسامر قليلا قبل أن أغادر إلى البلد"
أجابته سمر بحبور "حسنا سننتظرك يا عم محمد..إلى اللقاء"
غادر محمد وانضم لأشرف الذي ينتظره في السيارة ثم انطلقا نحو وجهتهما....
_____________________
في غرفة أشرف في الفندق

اخترق باب الغرفة و غضب ناري من نفسه يجتاحه ....اتجه للحمام و وقف أمام المرآة يتطلع في هيئته وتوقفت عيناه على البقعة التي زالت تقريبا فوق قميصه وتحسسها بهدوء ثم اتجه نحو سريره و جلس على حافته مستغرقا في تفكيره و مشاعر غريبة تجتاحه...رائحة عطر لافندر قوية لازالت تزكم أنفه فتقوده أفكاره لذلك الجسد الهزيل الذي ارتطم به صباحا وتلك العيون العسلية التي تشبه عيون قطة مشاكسة...لم يتمالك نفسه صباحا وهو يحادثها بأسلوب مغيض بدون سبب وجيه ...لم ترق له مشاعر الانجذاب التي شعر بها ما إن لمحها تخرج من السيارة ومشاعر النفور من نفسه ما إن تذكر من أنها من الممكن أن تكون امرأة متزوجة وقد سمح لنفسه سابقا في الحفل بتأملها و تتبع حركاتها بكل نذالة...
كان يشعر بحرب شعواء تفور بداخله و مقاومة قوية لشيء كان قد أقسم سابقا ألا يسمح لنفسه مجددا بالخوض فيه..المشاعر العاطفية...
اقترح عليه محمد الذهاب معه لزيارة سمر و أسامة في منزلهم وقد قاوم نفسه بأعجوبة ورفض العرض المغري وتظاهر بالانشغال ليتخلف عن الدعوة ... وكم كان يريد رؤية وجهها الصغير و ابتسامتها المتلألئة لآخر مرة قبل مغادرته وسماع ما في جعبتها من أحاديث ...لكنه في غنى عن ذلك ولا ينوي الدخول في متاهة مشاعر بدأت بالانبثاق منذ رآها في الحفل ولم يستطع التوقف عن التفكير بها طوال الليل لتتجسد أمامه صباحا في أبهى حلة..انتفض من السرير بهمجية وگأنه يحاول التخلص من تلك الأفكار ونزع عنه سترته ثم تلاها قميصه الأبيض الذي كان مصيره أحد أركان الغرفة واستلقى فوق السرير بفانيلته البيضاء واستغرق في نوم عميق...
__________________________

يتبع..



التعديل الأخير تم بواسطة ebti ; 18-11-22 الساعة 11:33 PM
فاطمة الزهراء أوقيتي غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس