عرض مشاركة واحدة
قديم 18-05-22, 10:18 PM   #18

روايات نور محمد

? العضوٌ??? » 500766
?  التسِجيلٌ » Mar 2022
? مشَارَ?اتْي » 195
?  نُقآطِيْ » روايات نور محمد is on a distinguished road
افتراضي ضجيج الصمت-نور محمد

الفصل الثاني عشر

يوم الحفل

"عادت شمس من الشركة في ذلك اليوم وتناولت الغداء مع والدتها ثم توجهت ناحية غرفتها تستعد للحفل في الساعات القليلة المتبقية.
وفي المساء، كانت قد انتهت من كل شيء وتوقفت أمام المرآة لترى نفسها، كانت ترتدي فستاناً طويلاً حريراً باللون الأسود ذا حمالتين رفيعتين وشعرها الأسود الطويل منسدل على ظهرها وأحد كتفيها، زيَّنت عينيها بكحل أسود يبرز جمالهما وأحمر شفاه داكن، ووضعت حول رقبتها طوقاً رقيقاً.
وأثناء ما كانت ترى نفسها، دخلت والدتها إليها وانبهرت بجمال ابنتها للغاية، قالت بابتسامة واسعة"
- ايه الجمال ده يا شمس!

"ابتسمت شمس في سعادة ودارت حول نفسها قائلة"
- حلوة بجد؟

"قالت والدتها في حنان"
- أوي

"ثم اتبعت في فخر"
- عارفة؟! شبهي لما كنت صغيرة

"ضحكت شمس قائلة"
- بجد؟

"قالت والدتها في زهو"
- أمال أنتِ فاكرة ايه؟ هو محمود حبني من شوية؟!

"ضحكت شمس ثم التقطت حقيبتها وتوجهت ناحية والدتها وقبَّلتها قبل أن تقول"
- أنا اتأخرت، سلام بقى

"ثم خرجت من الغرفة ووالدتها من خلفها تقول"
- ماتتأخريش

.....

"بدأ الحفل، كان هناك الكثير من الحضور، الجميع كانوا مبهورين بكل التحضيرات التي نظمتها نهال بنفسها بكل احترافية.
لم يكن رامـي بحاجة إلى مراجعة أي شيء من بعدها فقد كان يثق بها تماماً، واليوم شعر أن ثقته في محلها لما يراه في عيون الناس من انبهار وعلى شفاههم من حديث.
كان يقف عند إحدى الطاولات مع والده، الذي كان مشغولاً بالحديث مع بعض من رجال الأعمال الآخرين بينما كان هو مشغولاً رغماً عنه بشيء آخر، كان يدور بعينيه في كل اتجاه بحثاً عنها، أين هي؟ لا بد أن تكون قد أتت، إن الكلمة التي ستُلقى بخصوص المشروع قد أوشكت على البدء وهي لم تأتِ بعد.
مرت لحظات وعينيه مُركزة على مدخل القاعة حتى وجدها تدخل منه، قلما ينبهر بأي شيء وقلما أكثر ما ينبهر بالشيء مرتين، هذه هي المرة الثانية التي تبهره فيها منذ ليلة عيد ميلاد يارا، وها هي الآن تعيد الكرَّة ثانيةً."

****

"دخلت إلى القاعة وقد شعرت ببعض التوتر الذي أصابها فجأة من نظرات الناس من حولها، ولكن عينيها توقفت على عينيه هو وقد كان يراقبها منذ أن دخلت.
ظلت في مكانها غير قادرة على التحرك سواء بالذهاب إليه أو الهرب من نظرته تلك التي لم تفهمها، ولكن ندى قد أنقذتها عندما توجهت ناحيتها وأخذتها إلى حيث طاولتهن.
توجهت معها وحاولت الانشغال بالحديث معها ومع سما، ولكنها رغماً عنها كانت تختلس النظر إليه لتجده ينظر إليها هو الآخر.
كانت نظرته تلك تشعرها بارتباك شديد وغريب على طبيعتها الواثقة والقوية. حاولت قدر الإمكان ألا تلتفت إليه أبداً لعله يمل هو الآخر ويلتفت عنها."

****

"وصلت رقية بصحبة رامز إلى الحفل، وكان هو أول من وقعت عيناها عليه، كان أنيقاً للغاية في بدلته الكحلية وقميصه الأبيض ورابطة عنقه الأنيقة بنفس لون البدلة، وشعره الأسود الذي تسلل إليه الشعر الأبيض فزاده جاذبية... جاذبية لم يغيرها العمر بل أضاف لها المزيد.
إنه من الطبيعي أن تلتفت فتاة طائشة كـ سالي لرجل مثله، بالتأكيد استطاع أن يسحرها بفعل ابتسامته الجانبية وعينيه الرماديتين اللتين تلمعان بنظرتي الحب و القسوة.
ولكن الغريب أنها لم ترَ لمعة الحب في نظرته لسالي مثلما رأتها في نظرته لها بمجرد أن وقعت عيناه عليها فعلم بحضورها."

****

"كان منشغلاً في الحديث مع بعض رجال الأعمال وإلى جواره سالي، التي كانت تقف في ملل من تلك الأحاديث التي لا تهمها أبداً، بينما لم يكن هو مهتماً على الإطلاق، فوضعها الاجتماعي كزوجة للسيد سليم الراوي يحتِّم عليها ذلك ولا مجال للاعتراض.
وعندما وقعت عيناه على باب القاعة ورآها، شعر للحظة بأن كل شيء من حوله قد اختفى، ولا يوجد أمامه إلا هي الآن في ثوبها الأنيق ذي اللون الزهري وشعرها الأسود الذي تركته حراً دون قيود، لكم كان يحبه هكذا في الماضي!
لا يدري لماذا خطرت في ذهنه ذكرى عيد ميلادها الثامن عشر الذي حضره مع أخته أمل ليراها في أجمل صورة، كيف كانت ملائكية في الماضي، وكيف لا يزال السحر يحاوطها إلى الآن."

****

"أما ندى، فقد كانت تشعر بحرج وارتباك شديد من نظراته التي لا تخفي إعجابه أبداً وابتسامته الماكرة العابثة التي تظهر على وجهه كلما نظرت إليه لتجعل وجهها يكاد ينصهر من شدة الاحمرار.
كانت تتخيل أن الجميع قد شعر بما يحدث بينما هو لم يكن يعبأ بأي شيء أبداً بل كان مبهوراً للغاية بهيئتها.
لقد استطاع اختيار الثوب المناسب للمرأة المناسبة، لم يخطئ يوماً في اختيار أي شيء يتعلق بهن، يعلم جيداً ما هو مناسب بكل دقة.
لقد كان مستمتعاً للغاية بشكلها الخَجِل هذا، لا تعلم كم تبدو جميلة عندما يملأ الاحمرار وجهها بهذه الطريقة ومعه هو بالذات.
ارتسمت على وجهه ابتسامة مغرورة، ماذا لو علمت السر وراء اختياره لهذا الثوب تحديداً؟"

****


"وعندما أصبح الجميع حاضراً، توجه السيد سليم ليلقي كلمته في البداية، ومن بعده رامز الذي ألقى كلمته باسمه وباسم رامـي أيضاً.
مر بعض الوقت قام فيه الصحفيون بطرح الأسئلة، وعندما انتهوا، بدء الحفل بتشغيل الموسيقى الهادئة لكي يقوم الحاضرون للرقص إن أحبوا.
وأثناء ما كانت شمس تتحدث مع سما وندى، وجدت رامـي يتوجه ناحيتها، وعندما وصل إليها، ابتسم مشيراً"
- ازيك يا شمس؟

"ابتسمت مشيرة"
- مبسوطة

"ابتسم فاتبعت بعد تردد"
- حاسة إن المشروع ده يهمني أنا كمان، وفرحانة بكل إنجاز فيه

"ابتسم للحظات حتى أشار"
- أنتِ كمان بقيتي جزء منه يا شمس! شغلك من عوامل نجاحه

"ابتسمت هي الأخرى وقد شعرت بالسعادة في داخلها. ذهبا سوياً لكي يقدِّمها رامـي إلى بعض رجال الأعمال الذين كانوا يريدون التعرف على كل من ساهم في تصميم هذه المدينة الرائعة، وبالفعل انبهروا عندما علموا أن من شارك في هذا المشروع الضخم مهندسة صغيرة السن في بداية مشوارها العملي.
قال أحدهم بإعجاب واضح"
- مش قادر أصدق ازاي مهندسة صغيرة تقدر تعمل كل ده

"ابتسمت شمس قائلة"
- كل حاجة عملتها كانت بتوجيهات من باشمهندس رامـي، هو الأساس.

"ابتسم رامـي لجملتها ثم لاحظ كلمات الرجل الذي قال ممازحاً"
- واضح إن الشركة محظوظة جداً لأن عندها موظفين شاطرين وأذكيا في الرد...

"ثم اتبع بإعجاب واضح"
- وحلوين كمان

"شعر رامـي بالغضب من جملته وقد فهم تلميحه جيداً بينما لم تجد شمس سوى أن ترسم ابتسامة مجاملة على وجهها.
قال الرجل بعد أن نظر إلى ساحة الرقص التي قد بدأ يظهر عليها بعض الثنائيات"
- تسمحيلي بالرقصة دي يا باشمهندسة؟

"ارتبكت شمس ولم تدرِ بمَ ترد قبل أن تنظر إلى رامـي فتجد نظرته المشتعلة بالغضب ليزداد ارتباكها وهي تلتفت إلى الرجل قائلة بتهذيب"
- أنا آسفة بس مش هقدر

"ابتسم الرجل قائلاً"
- مافيش مشكلة، عن إذنكم

"وعندما رحل، عادت لتلتفت إليه فوجدت غضبه قد خف قليلاً، طالعته للحظات وهي لا تفهم سر هذا الغضب الذي ظهر عليه فجأة حتى وجدته يشير"
- كويس إنك مارقصتيش معاه

"ازداد تعجبها من جملته تلك، إنها تختبر الآن معه شعوراً مختلفاً من جانبه هو، وجدت نفسها تقول دون فهم"
- ليه؟

"أشار مقرراً"
- عشان هترقصي معايا أنا

"ازداد ارتباكها أكثر فاتبع"
- اللي شغال موسيقى ولا أغنية؟

"أشارت بارتباك"
- أغنية

"اتبع مشيراً"
- هنرقص، وهتقوليلي كلماتها

"ظلت صامتة وقد شعرت بقلبها يخفق بشدة من التوتر، ولكنه لم يمهلها بل أمسك بيدها ليتوجها سوياً إلى ساحة الرقص.
كانت تشعر بازدياد ضربات قلبها لقربها منه إلى هذه الدرجة، والذي أثار دهشتها أكثر أنه كان هادئاً للغاية وكأنه لم يكن يكره اقتراب الآخرين منه من قبل.
وجدته ينظر إليها نظرة فهمت منها أنه يستدعيها لكي تخبره بالكلمات، حاولت استجماع شجاعتها كي تستطيع النظر إلى وجهه القريب منها وتخبره بكلمات الأغنية الأجنبية التي كانت شديدة الرومانسية.
كانت تحاول نطق الكلمات دون أن تنظر إليه، وكان هو يقرأ الكلمات من على شفاهها مستمتعاً للغاية بذلك الارتباك الواضح الذي يختبره فيها لأول مرة، لكنه كان مندهشاً، فكيف تكون مرتبكة إلى هذا الحد وقد اقتربت منه مسبقاً بينما هو لم يعتد اقتراب أحدهم إلى هذه الدرجة أبداً؟ حتى لو اقترب من كل من حوله في الفترة الأخيرة، لكن اقترابها هي كان له أثرٌ مختلف... مختلفٌ جداً.
وعندما انتهت الأغنية، رفعت عينيها إليه لترى ابتسامة هادئة على وجهه لم تفهمها أيضاً، يوجد شيءٌ فيه قد تغير، ماذا يقصد بكل ما يفعل اليوم؟"

.....

"ترك رامز من كان يتحدث معهم ثم توجه ناحية ندى التي انتبهت لاقترابه حتى توقف أمامها قائلاً بابتسامته الساحرة"
- منورة يا ندى!

"ابتسمت ضاحكة من طريقته المختلفة عن كل الموجودين في مثل هذا الوسط والذين هم حريصون على الارستقراطية في التعامل بينما هو يتحدث دون أدنى مجهود ضارباً بكل قواعدهم عرض الحائط، قالت في خجل"
- شكراً

"قال بابتسامة ماكرة"
- ذوقي عجبك؟

"شعرت بالخجل والارتباك عندما تذكرت أنها ترتدي هديته، اومأت في هدوء ثم قالت"
- شكراً

"ضحك قائلاً"
- العفو

"ثم اتبع بابتسامة غامضة"
- استعدي

"نظرت إليه دون فهم ثم قالت"
- لإيه؟

"ابتسم في مكر ثانيةً ثم قال"
- مش دلوقتي يا ندى!

"ثم مد يده لها قائلاً"
- تسمحيلي بالرقصة دي؟

.....

"كانت رقية تقف عند إحدى الطاولات تتناول كأساً من عصير البرتقال الذي تحبه وهي تشعر بالسعادة والفخر بصغيريها اللذين كبرا الآن وأصبحا رجلين ناجحين في مجالهما.
انقطعت أفكارها عندما وجدت السيد سليم يتوجه ناحيتها حتى توقف أمامها، ساد الصمت بينهما للحظات حتى قال"
- ازيك يا رقية؟

"قالت في هدوء"
- بخير يا سليم!

"عاد الصمت ليسود بينهما للحظات قبل أن تقول"
- أنا عاوزة أشكرك

"نظر إليها متسائلاً فاتبعت بنفس هدوئها"
- لأنك خلتني اشوف ولادنا تاني، ولأن نجاحهم دلوقتي أكيد أنت لك يد فيه، شكراً.

"ارتسمت ابتسامة خفيفة على وجهه لما قالت ولكنها سرعان ما اختفت ليقول بعدها بنبرة غامضة"
- ماتشكرينيش، ده حقك، ودول زي ما قلتي... ولادنا.

"نظرت إليه ولأول مرة شعرت بأنها لا تفهمه، إنه ليس ذلك الشخص المغرور الذي أتى إليها منذ فترة ليخبرها برغبة ابنيها في رؤيتها بل ويهددها ثانية بحرمانها منهما إلى الأبد، لا يزال على تناقضاته المستمرة، لم يغير الزمن فيه أي شيء... ولا حتى نظرته لها.
كادت أن تتحدث ولكنها توقفت عندما وجدت سالي تتقدم ناحيتهما وتتأبط ذراع سليم قائلة في دلال"
- يا حبيبي مش هنرقص بقى؟

"ثم نظرت إلى رقية واتبعت"
- مش هتعرفنا يا سليم؟

"قال بلهجة مقتضبة وضائقة من طريقتها"
- رقية هانم!... مراتي...

"نظرت إليه رقية في دهشة قبل أن يتبع"
- الأولى.

"شعرت سالي بالحنق الشديد ثم نظرت إلى رقية وقالت بابتسامة زائفة"
- تشرفنا

"بادلتها رقية الابتسامة بأخرى خفيفة ومرتبكة مما قد قاله هو للتو. عادت سالي لتلتفت إلى سليم وقالت متعمدة إظهار دلال أكثر تثبت به ملكيتها له الآن"
- يلا يا حبيبي بقى أنا هموت وارقص معاك

"ثم أخذت تشد ذراعه حتى ذهب معها بالفعل تاركاً رقية التي كانت تشعر الآن بكم من المشاعر المتناقضة التي تزعجها للغاية خاصة وهي تراه يراقصها الآن.
ولم تكن على علم بالحوار الذي يدور بينهما أثناء الرقص، فقد نظر سليم إلى سالي في ضيق وهو يقول بصوت خفيض حتى لا يسمعهما أحد"
- أنتِ مش هتبطلي طريقتك دي أبداً؟

"قالت في ميوعة"
- ايه؟ بلاش ارقص مع جوزي؟

"ثم اتبعت في خبث"
- ولا كنت عاوز ترقص معاها هي؟

"قال وقد احتدت عيناه"
- سالي! الزمي حدودك وماتفتكريش إن عشان الناس حوالينا مش هقدر أوقفك عند حدك

"شعرت بالخوف من أن يقوم بأي فعل متهور فصمتت في ضيق بينما رفع هو عينيه ناحية رقية التي، ولسوء الحظ بالنسبة لها، كانت تنظر ناحيتهما في نفس الوقت.
تلاقت أعينهما للحظات حتى وجد من اقترب ناحيتها وقد فهم من إشارته نحو الراقصين أنه يدعوها للرقص فترك سالي فجأة وتوجه ناحيتهما ونظر إلى الرجل وقال بطريقة حاول قدر الإمكان أن تكون دبلوماسية"
- رقية هانم مابترقصش مع حد

"رحل الرجل بعد أن اعتذر بتهذيب قبل أن تلتفت رقية إليه وتقول في ضيق من تصرفه"
- ماكانش له داعي اللي حصل ده

"نظر لها في غضب قبل أن يقول"
- كنت استناه لما يرقص معاكي ولا ايه؟

"نظرت إليه في غضب هي الأخرى، ذلك الغضب الذي كان يجاهد دوماً للظهور من بين رقة ملامحها الطاغية، كان على وشك أن يبتسم لرؤيتها بهذا الشكل قبل أن تأخذ حقيبتها وترحل من أمامه دون كلمة.
خرجت من القاعة في غضب من كل ما حدث الليلة، ما تلك الطريقة الغريبة التي يتعامل بها؟ قطع أفكارها صوت رامز من خلفها فتوقفت لتلتفت إليه، وعندما وصل عندها، قال"
- رايحة فين يا ماما؟

"ابتسمت في حنان قائلة"
- الوقت خلاص اتأخر وأنا مش متعودة اسهر كده فهروح البيت

"قبل أن يهم رامز بالنطق، جاءهما صوت والده القائل"
- أنا هوصلك

"عادت نظرتها الغاضبة، بينما قال رامز"
- بس ماما...

"قاطعه والده في حزم وعينيه مثبتتين على عينيها هي"
- ارجع للحفلة

"لم يجد رامز غير أن يقوم بتوديع والدته ثم يعود إلى الداخل في ضيق، ظل كل منهما في مكانه دون كلمة حتى قال هو"
- يلا عشان اوصلك

"قالت في عناد"
- مافيش داعي، أنا هروح لوحدي

"قال بنبرته المسيطرة"
- متهيألي أنتِ لسة فاكرة إني مابحبش أكرر كلامي

"نظرت إليه للحظات قبل أن تسير أمامه متوجهة معه نحو سيارته ليقوم بتوصيلها، وعندما وصلا عند بيتها وتوقف بسيارته، ساد الصمت بينهما قبل أن تقطعه هي قائلة"
- إيه اللي بينك وبين رامز؟

"نظر لها دون رد قبل أن تنظر إليه وهي تتبع"
- من أول الحفلة وأنتم مش بتتكلموا أبداً، ومن شوية كنت بتكلمه وكأنه مش موجود، في ايه؟

"قال في ضيق"
- يعني ماقالكيش؟

"قالت بدورها"
- ما أنت عارف، رامز مابيتكلمش

"ثم اتبعت"
- ناوي تبعده عنك هو كمان؟

"ابتسم ابتسامته تلك قبل أن يقول بغموض"
- ابقي اسأليه، يمكن المرة دي تشوفيني صح

"نظرت إليه دون رد قبل أن يتبع ولم تختفِ ابتسامته"
- على فكرة كان في حاجة عاوز اقولهالك

"نظرت إليه متسائلة فاتبع بطريقته الغامضة"
- كنتي حلوة اوي النهاردة

"نظرت إليه في دهشة فازدادت ابتسامته لتشتعل عيناها في غضب قبل أن تنزل من السيارة في ضيق دون رد متوجهة ناحية بوابة منزلها.
أخذ يراقبها حتى دخلت إلى المنزل وأغلقت الباب خلفها فرحل وابتسامة مرسومة على وجهه، لم يتغير شيء... ولا أي شيء."

.....

"عندما عاد رامز إلى الحفل ثانية، وجد سالي تتقدم ناحيته وتقول في حنق"
- سليم راح فين؟

"نظر لها رامز في ضيق وهو يفكر، هل كان والده ثملاً عندما تزوجها أم ماذا؟ قال أخيراً"
- راح يوصل ماما

"قالت في غضب"
- يوصلها؟

"كان صوتها مسموعاً للقريبين من حولهما، وعندما انتبه رامز لذلك وقال بصوت خفيض من بين أسنانه"
- سالي! وطي صوتك أنتِ مش البيت، ولما بابا يرجع ابقي كلميه هو

"ثم تركها وذهب، دبت الأرض بقدمها في ضيق قبل أن يمر بعض الوقت لتجده وقد عاد ثانيةً، توجهت ناحيته في غضب ثم قالت"
- كنت فين؟

"نظر السيد سليم من حولهما وهو يرسم على وجهه ابتسامة خفيفة حتى لا يلاحظ الحضور ما يجري ثم نظر إليها قائلاً بما يناقض ابتسامته"
- أوعدك يا سالي إنك لو ماتصرفتيش باللي يليق بمرات سليم الراوي في يوم زي ده فأنا هعرف ازاي اخليكي تندمي

"ثم أمسك ذقنها بأصابعه في خفة وقال"
- مفهوم؟

"أين كانت كل تلك القسوة من قبل أم أنها هي من كانت مخدوعة؟
شعرت بالسخرية من نفسها، هي التي كانت تحاول اصطياده وخداعه تجده الآن هو من يخدعها.
لم ينتظر منها أي رد بل تركها عائداً إلى ضيوفه متقمصاً قناع التحضر والرقي مرة أخرى، هل يعلمون حقيقته؟ ولكن أي حقيقة؟ إن كان يتصرف بنفس الطريقة مع زوجته الأولى، من المستحيل أن تكون طريقته معها محض تمثيل، فكيف يكذب على من خبرته لسنوات ومن المؤكد أنها تعلم عنه الكثير؟ هل هي فقط من ينالها ذلك الجانب القاسي؟"

.....

"بعد انتهاء الحفل، قام رامـي بتوصيل شمس إلى المنزل غير ملتفتاً لكل محاولاتها في الذهاب بمفردها.
وطوال الطريق، كانت تفكر في أحداث تلك الليلة الغريبة، كل شيء كان مختلفاً... خصوصاً هو، هل شعر ولو بجزء بسيط مما تشعر ولذلك تصرف بتلك الطريقة؟
استرقت النظر إليه فشعرت وكأنه هو الآخر يفكر في أمر ما، هل يفكر فيما تفكر هي به أيضاً؟ كانت ليلة مقمرة وكان القمر يظهر من جانبه هو ملقياً أشعته على عينيه التي بدت الآن أروع من أي شيء، فقط لو تستطيع النظر إلى وجهه كاملاً الآن.
وعندما وصلا عند البيت، توقف بسيارته ليسود الصمت بينهما قبل
أن تشير هي"
- الحفلة كانت حلوة اوي

"اومأ متفقاً بابتسامة ثم أشار"
- عارفة كان إيه الأحلى النهاردة؟

"نظرت إليه متسائلة فاتبع في غموض"
- أنتِ.

"ظلت ناظرة إليه دون رد وهي تشعر بدقات قلبها التي تزايدت خاصة عندما وجدت عينيه تلمع بنظرة جديدة تراها لأول مرة، ومن ثم شعرت بأن قلبها على وشك أن يتوقف عندما اقترب منها في هدوء وقبَّل جانب فكَّها للحظات توقف فيها الزمن حتى ابتعد عنها قليلاً ونظرته لها لم تتغير، ولم يستطع تحديد نظرتها إليه هو الآخر، لم يدرِ إن كان ذهولاً أم استياءاً أم... راحة؟
قطعت أفكاره عندما قالت في هدوء يناقض ما تشعر به الآن من مشاعر لم تستطع هي الأخرى تحديدها"
- تصبح على خير!

"ثم نزلت من السيارة فوراً متوجهة ناحية البيت وهو يتبعها بعينيه حتى اختفت لينظر أمامه ثانية وهو نفسه لا يكاد يصدق ما الذي حدث للتو.
وعندما دخلت هي إلى المنزل، توجهت ناحية غرفتها فوراً وجلست على السرير في ذهول، كانت ليلة غريبة بكل تفاصيلها ليختمها هو بأكثرها غرابة. لم تستطع أن تنكر شعورها بالسعادة عندما غضب لعرض ذلك الرجل بالرقص معها، وطلبه هو منها أن ترقص معه، لم يكن طلباً أو عرضاً من الأساس بل كان عبارة تقريرية وكأنه يعلم أنها لن ترفض أو هو الذي لن يسمح لها بالرفض، وشعورها بالخجل من أن تنظر في عينيه وهي تخبره بكلمات تلك الأغنية ليختم أفعاله بتلك القُبلة الغريبة، والرائعة في ذات الوقت.
نعم... هي لا تستطيع إنكار ذلك، لقد شعرت في داخلها بالسعادة على الرغم من ذهولها، وكأنه كان يريد انتزاع ذلك الاعتراف الذي كان يراودها طوال تلك الفترة وهي تحاول تجاهله...
هي تحبه جداً، وتعلم أنها... تورطت جداً."

.....

"أما عن رامز وندى، فقد أخذها رامز بعد انتهاء الحفل إلى حيث الوجهة التي كان ينتويها، تُرى هل ستفرح بما قرر أن يعد لها الليلة؟
لاحظت ندى أن ذلك الطريق ليست طريق منزلها فالتفتت إليه قائلة"
- ده مش طريق بيتي

"رد قائلاً"
- عارف

"نظرت إليه متسائلة ثم قالت"
- طيب رايحين فين؟

"نظر لها ثم قال مبتسماً"
- مكان كان نفسك تروحيه، ساعة واحدة بس وهترجعي البيت على طول

"لم تفهم قصده ولكنها صمتت و هي تشعر بالفضول لرؤية هذا المكان، وعندما وصلا عند المكان، الذي كان النادي الليلي المفضل له، نظر لها قائلاً"
- وصلنا!

"نظرت ندى إلى واجهة المكان ثم نظرت إليه في دهشة قائلة"
- Night club?

"ابتسم قائلاً"
- مش كان نفسك تسهري من زمان؟

"نظرت إليه قبل أن تجد نفسها تضحك بشدة فضحك هو الآخر قائلاً"
- بتضحكي ليه؟

"نظرت إليه وقالت من بين ضحكاتها"
- أنت مجنون على فكرة

"ابتسم في عبث قائلاً"
- طب ما أنا عارف، يلا ننزل!

"وبالفعل نزلت معه، وعندما دخلا إلى هناك، شعرت بالحماس الذي دب فيها مع صوت الموسيقى الصاخبة، لكم كانت تتمنى أن تقضي سهرة واحدة فقط هناك ترقص وتنسى أي شيء! وفي الآونة الأخيرة تزينت أمنيتها به هو... هو فقط.
وكأنه كان يقرأ كل ما يدور برأسها فأمسك بيدها وقادها نحو ساحة الرقص ليبدأ هو دروسه الأولى في تعليم النسيان لشخص آخر غيره، كانا يرقصان سوياً في سعادة وحماس جعلهما الثنائي المميز من بين الجميع.
كان سعيداً للغاية أكثر من أي مرة جاء فيها إلى هنا وراقص أي فتاة من قبل، كان إحساسه بها مختلفاً جداً، بينما هي الأخرى لم تعهد نفسها سعيدة بهذا القدر من قبل، شعرت بنفسها على وشك الطيران.
لو تستمر تلك الرقصة لساعات أطول فقط كي لا يتوقف هذا الشعور الجارف بالسعادة، ولكنها قد انتهت به عندما التقطها بين ذراعيه وأخذ يدور بها وسط صراخ الباقين من حولهما، بينما اتسعت عيناها في صدمة لبرهة قبل أن تلف ذراعيها حول عنقه متمسكة به هي الأخرى وهي تشعر بسعادة و راحة لم تشعر بهما من قبل.
توقف عن الدوران ثم ابتعد عنها بمسافة بسيطة لينظر في عينيها للحظات قبل أن يميل على أذنها ليقول بطريقة استطاعت إصابة هدفها بدقة شديدة"
- أنا بحبك!

.....

"استيقظ رامز في صباح اليوم التالي على شعوره بشيء ما يداعب وجهه، فتح عينيه ليجدها إلى جواره ممسكة بخصلة من شعرها الطويل تسير بها على وجهه، ابتسم لها قائلاً"
- شقاوة عالصبح كده؟!

"ضحكت ضحكة ناعمة ثم قالت"
- أي وقت معاك تنفع

"رفع رأسه عن الوسادة واقترب من وجنتها مقبِّلاً إياها ثم نظر لها قائلاً"
- صباح الخير يا حلوة!

"ابتسمت قائلة في حنان"
- صباح الخير يا حبيبي!

"ثم اتبعت قائلة وهي تنزل من الفراش"
- ثواني والفطار يكون جاهز

"أمسك بيدها قائلاً"
- ماتقوميش، أنا هحضره بنفسي

"نظرت إليه في تعجب فقال بابتسامة مشرقة"
- أي حاجة أنا اللي هعملها النهاردة

"ثم تركها ليخرج من الغرفة لإعداد الفطور لأول مرة منذ أن عرفته، أو في حياته من الأساس. لم يمر الكثير حتى وجدته قد عاد وهو يحمل صينية كبيرة، تقدم ناحيتها ثم وضعها إلى جوارها وجلس أمامها وأخذ قطعة من الخبز ثم قربها ناحية فمها ممازحاً إياها بقوله"
- هم يا جمل!

"ابتسمت منه ثم فتحت فمها لتلتقط القطعة منه، قال"
- دي أول مرة أحضر فيها الفطار في حياتي. حلو؟

"اومأت بابتسامة ثم قالت"
- طالما أنت عملته يبقى حلو

"قال في حماس"
- أنا حاسس إني عاوز اتعلم الطبخ

"ضحكت منه ضحكة خفيفة ثم قالت"
- هعلمك

"ثم اتبعت"
- بس اشمعنا؟

"قال بابتسامة سعيدة"
- حاسس إني عايز أعمل حاجات كتير يا نانسي! أنا حاسس إني مبسوط بجد

"ابتسمت في سعادة لسعادته، كانت تعلم جيداً سر سعادته دون حتى أن يخبرها، قالت"
- ماحكيتليش عن الحفلة، كانت حلوة؟

"اومأ بابتسامة راحة قلما تظهر على وجهه قائلاً"
- كان يوم حلو

"نظرت إليه للحظات قبل أن تقول"
- قلتلها إنك بتحبها؟

"اختفت الابتسامة من وجهه، لم يشأ أن يروي لها أي شيء مما حدث حتى لا يزعجها، منذ أن كانت على وشك أن تفقد طفلهما وهو حريص أشد الحرص على سلامتها وراحتها النفسية، ولكنه كان يعلم أنها ستفهم كل شيء دون حتى أن يخبرها، هكذا كانت وهكذا ستظل دوماً.
لم يجد بداً من أن يومأ برأسه إيجاباً في هدوء، ابتسمت له دون رد فاتبع"
- أنا مش عاوز اتكلم عن أي حاجة غيري أنا وأنتِ بس

"ثم أمسك يدها وقبَّلها قائلاً بابتسامة"
- ماينفعش أفكر في أي حاجة ونانسي موجودة

"ابتسمت ثانية ثم مدت يدها لتضعها على جانب وجهه وتقول في هدوء دون أن تختفي ابتسامتها"
- أنت مش بتفكر غير فيها يا رامز!

"لكم يشعر بالذنب ناحيتها الآن! لقد كره الشعور بالظلم والوحدة طوال عمره وها هو الآن يجعلها تعيشه حتى في وجوده، والذي يقتله أنها راضية، تمنحه كل الحب الذي يفوق ما يتمناه... تمنحه الحنان والعطف... تمنحه كل شيء دون انتظار أي شيء، قال"
- ليه عاوزة تفتحي موضوع يضايقك؟

"هزت رأسها نفياً قائلة في حنان"
- مافيش حاجة تفرحك تضايقني أبداً، أنت عندي أهم من أي حاجة حتى من نفسي

"رد في ألم"
- أنتِ كده بتعذبيني

"قالت مستنكرة"
- أنا مارضاش أكون سبب في وجعك أبداً، أنا عاوزاك مبسوط وبس، مش مهم أي حاجة تانية

"ثم صمتت للحظات قبل أن تتبع"
- هتقولها عاللي بيننا؟

"هز رأسه في نفي سريعاً ليقول"
- لا، ندى مش هتعرف حاجة

"نظرت إليه ثم قالت"
- طيب وابننا؟

"صمت وكأنه لم يخطر بباله أمرٌ كهذا، اتبعت"
- هتخبيه هو كمان؟

"قال في حزم"
- ابني مش هيستخبى، ابني هيظهر ادام الناس كلها مهما حصل

"ثم عاد ليصمت قليلاً قبل أن يتبع"
- أنا مافكرتش كتير في حكاية إني أقول لندى، ومش عاوز أفكر في أي حاجة دلوقتي، كل اللي أنا متأكد منه إني محتاجلك في حياتي زي ما أنا محتاج ندى بالظبط، ومش هتنازل عن أي واحدة فيكم مهما حصل

"ردت في هدوء يشوبه الألم"
- ماينفعش تاخد كل حاجة يا رامز!

"ثم اتبعت محاولة إظهار بعض القوة"
- لازم هييجي يوم تختار، ولازم تختارها هي

"قال معانداً"
- مافيش حاجة تجبرني اختار أو اتنازل عن حاجة أنا مش عايز اتنازل عنها، فاهمة؟

"شعرت بخوفها عليه يزداد، لكم تخشى أن يكون عناده وتملُّكه سبباً في مزيد من الخسارة التي يهرب منها طوال الوقت! لكم تخشى عليه من الألم! أومأت برأسها دون كلمة فاتبع بابتسامة"
- أنا بفكر آخد اجازة من الشركة النهاردة وأقضي اليوم معاكي، موافقة؟

"لم تكن تريد ذلك، كانت تعلم أن حديثهما هذا أوصله إلى نقطة تخيفه ويريد الآن الهرب منها، ولكنها لم تستطع أن ترفض.
من ناحية، كانت تخشى أن يغضب إن واجهته، ومن ناحية أخرى، كانت تريد وجوده بشدة، كانت تشعر أن ما سيعيشانه الآن لن يستمر طويلاً، ولن يتكرر مجدداً، ولا بد أن تتهيأ لذلك جيداً وتأخذ كل ما يعينها على الصبر في الابتعاد، قالت"
- موافقة

"ابتسم في سعادة، ولكن جاء صوت هاتفه ليقطع عليه تلك اللحظة ليجد المتصل والدته، تعجب من اتصالها ثم خرج من الغرفة وقام من الرد"
- صباح الخير يا ماما!

"ابتسمت رقية قائلة"
- صباح النور يا رامز! أنا عطلتك؟ وراك حاجة؟

"نظر ناحية الغرفة في حسرة ثم قال"
- لا خالص، مافيش حاجة

"صمتت رقية للحظات ثم قالت"
- طب ممكن تجيلي؟

"قال متسائلاً"
- حصل حاجة؟

"قالت مستنكرة"
- لازم يكون حصل حاجة عشان تيجي يا رامز؟

"قال سريعاً"
- لا يا ماما مش قصدي، هاجي حالاً

"أغلق الخط في حنق لضياع الوقت الذي كان ينوي أن يقضيه هنا ثم عاد إلى الغرفة. قالت نانسي وقد لاحظت تغيُّر ملامحه"
- مالك؟ في حاجة حصلت؟

"قال متبرماً"
- ماما اتصلت بيَّ وعاوزاني اروحلها دلوقتي

"ابتسمت نانسي قائلة وكأنها لا تفهم سر انزعاجه"
- وزعلان ليه؟

"نظر لها في ضيق"
- يعني مش فاهمة؟

"ضحكت عالياً ثم قالت"
- ماتزعلش، أنا هستناك

"نظر لها ولم يستطع منع نفسه عن الابتسامة. ماذا لو لم يذهب إلى والدته الآن؟ ماذا لو ذهب إليها في المساء؟ في اليوم التالي؟ ماذا لو لم يذهب من الأساس وظل إلى جوار تلك الساحرة الحمراء؟
قرر التوقف عن تلك الأفكار والاستعداد للذهاب قبل أن ينفذ كل ما فكر به الآن وينسى كل شيء آخر."

…..

"ذهب رامز إلى والدته، وكعادتها استقبلته بحفاوة مقدمة له كل الأطعمة التي يفضلها، والتي لا يخلى منزلها منها أبداً حتى لو ذهب إليها كل يوم.
كانت تتحدث معه في أشياء مختلفة عن الحفل وعن غيره، ولكنه كان يعلم جيداً أن كل ما يحدث ليس سوى مقدمة لحديث آخر، وعندما انتهت من أحد أحاديثها ابتسم لها ابتسامة ذات مغزى قائلاً"
- هو إيه الموضوع يا ماما؟

"نظرت إليه متصنعة عدم الفهم قائلة"
- موضوع إيه يا رامز؟

"ازدادت ابتسامته وهو يقول"
- الموضوع اللي جبتيني النهاردة عشانه

"ظلت صامتة فاتبع"
- ماعتقدش إن حضرتك جبتيني النهاردة عشان ندردش بس

"أخذت نفساً عميقاً ثم قالت"
- أيوة

"أومأ لها برأسه لتكمل فاتبعت"
- ايه المشكلة اللي بينك وبين بابا؟

"هذه المرة، تصنع هو عدم الفهم قائلاً"
- مشكلة ايه؟

"نظرت إليه نظرة ذات مغزى ثم قالت"
- رامز! جاوب من غير لف ودوران

"ظل صامتاً فاتبعت"
- أنا أخدت بالي امبارح إنكم ماكنتوش بتتكلموا أبداً، ايه اللي حاصل؟

"نظر لها ثم قال"
- أيوة، في مشكلة... بابا طردني من الشركة من تلات شهور واعتبرني مش ابنه

"نظرت إليه في صدمة قائلة"
- أنت بتقول إيه يا رامز؟

"نظر لها ثم قال بابتسامة هازئة"
- اتبرا مني يعني، وافتخاره بيَّ أنا ورامـي كان مجرد شكل عشان الناس، غير كده هو مابيفتخرش غير بـ رامـي وبس

"لم تتغير ملامح الصدمة من على وجهها، قالت"
- ايه اللي بتقوله ده؟ ليه؟

"ظل صامتاً دون رد فقالت"
- ايه اللي حصل عشان يوصله لكده؟

"نظر لها ثم قال"
- لو قلت اللي حصل... هتفهميني ولا هتعملي زيه؟

"هزت رأسها في نفي سريعاً ثم قالت"
- مستحيل، أنا مستحيل أعمل كده، بس فهمني اللي حصل

"نظر لها دون رد قبل أن يقول"
- أنا متجوز

"نظرت إليه في صدمة أكبر فاتبع في ثقة"
- وكمان أربع شهور هبقى أب

"قالت في صدمة"
- اا... ازاي يا رامز؟

"أخذ نفساً عميقاً، من الواضح أن لحظة المواجهة قد جاءت مبكراً للغاية، قال وقد قرر أن يكشف الحقيقة كاملةً"
- من سنتين، اتعرفت على واحدة وكان في بيننا علاقة، وبعدين قالتلي إنها حامل، اتجوزنا في السر لأني ماكنتش شايف إن ضروري أي حد يعرف، بابا عرف وراحلها وهددها عشان تبعد عني، وأنا لما عرفت اللي حصل واجهته واتخانقنا وحصل اللي حصل.

"كانت تستمع إلى كلماته وهي بالكاد تستوعب ما يقوله، ما هذا الذي يخبرها به؟ علاقة؟ طفل؟ زواج سري؟ هل هذا هو ابنها حقاً؟ كيف يفعلها؟ ولماذا؟
كان رامز ينتظر منها رداً، وعندما لم تجب، قال في ثقة"
- أنا عارف إن حضرتك مش قادرة تستوعبي اللي بقوله، وعارف إن يمكن تكوني مصدومة فيَّ كمان، بس أنا مش ندمان

"نظرت إليه في دهشة فاتبع بابتسامة غامضة"
- يمكن دي الحاجة الوحيدة اللي مش ندمان عليها، أنا فعلاً مبسوط إني اخترت حاجة بإرادتي وقدرت أحافظ عليها وماخسرهاش، وقدرت أقف قصاده وأرفض تحكم جديد من تحكماته بعد ما كنت مابعملش أي حاجة غير إني أوافق وبس، وفي الآخر ماوصلتش لأي حاجة

"قالت محاولة الحديث"
- ليه يا رامز؟ ليه كده؟

"ابتسم قائلاً"
- لأن ماحدش كان شايفني، ماحدش فكر فيَّ قبل ما يفكر في نفسه، كل واحد أخد القرارات اللي تريحه وبس، وأنا دايماً كنت في الآخر

"دمعت عيناها قليلاً فاتبع وقد شعر بأنه لا توجد أي فرصة أخرى يخبرها فيها عما بداخله لسنوات"
- حضرتك مشيتي زمان وسبتيني مع إنك كنتي عارفة إني محتاجلك، مش هتفرق الكلام اللي كان بيقوله صح ولا غلط، الحقيقة إنك سبتيني ومشيتي وأنتِ عارفة إن دي كانت أكتر حاجة مخوفاني

"قالت وقد هربت دمعة من عينيها"
- أنا مشيت عشانكم، وصدقني كنت هاخدك، أنا فعلاً حاولت وماقدرتش، صدقني

"اومأ برأسه مبتسماً وهو يقول"
- عارف، وأنا مش بلومك، طول السنين دي وأنا عارف إنك أخدتي القرار الصح، ماكنتيش مجبرة تفضلي

"ثم اتبع"
- بس كل ده ماغيرش حاجة من اللي حسيته وأنتِ بعيد، الحقيقة إني كنت لوحدي، حتى رامـي... طول السنين دي وأنا بعتبره عيلتي بجد بس هو كمان كان بيعاني زيي بالظبط، ماكانش بيسمح لحد يقرب، كان رافض الكل... حتى أنا

"ثم اتبع بابتسامة هازئة لم تخلُ من المرارة"
- وبابا عمره ما شاف إلا نفسه وبس، عمره ما شاف نفسه غلط، عمره ما فكر في اللي عمله، كل تفكيره لشغله ولوقته اللي كان بيشغله بجوازاته، ولما بيفتكر إن عنده ولاد ماكانش بييجي في باله غير رامـي، لكن أنا كنت مدير شاطر في شركته وبس، ماكانش بيلتفت غير لما أعمل مصيبة من وجهة نظره عشان ييجي ويخليني أنا اللي افتكر إني ابنه، لكن هو عمره ما افتكر.

"كانت تستمع إليه والدموع تنهمر على وجنتيها في ألم وصدمة ليتبع هو غير ملتفتاً لأي شيء وقد ظهرت على وجهه ابتسامة حنونة"
- نانسي ظهرت في وقت أنا كنت محتاج فيه أحس إني مهم لأي حد، إن في حد بيستناني... عاوزني... بيفكر فيَّ أنا لوحدي واهتمامه كله ليَّ أنا بس، قدمتلي كل حاجة كنت محتاجها، قدمتلي الراحة والحنية اللي بتمناها

"ثم اتبع في قوة"
- اسيبها ليه وعشان ايه؟ لمجرد إن واحد عمره ما فكر فيَّ طلب مني ده عشان خاطر اسمه هو؟ مش هيحصل، أنا عمري ما هرجع زي الأول، عمري ما هوافق على حاجة أنا مش عاوزها، أنا مابقيتش محتاجله

"دموعها تزداد وشعورها بالصدمة يتفاقم، هل هذه هي حصيلة خمسة وعشرين عاماً من الفراق؟ هل تلك هي الرعاية التي أخبرها أنه قد قدمها لهما؟
ما تراه الآن ليس نتيجة رعاية بل نتيجة تدمير استمر لسنوات دون وعي، هل أعماه غروره عن ابنه لهذه الدرجة؟ لماذا؟ أم أنها هي الأخرى مذنبة؟ هل لو ظلت إلى جواره لاستطاعت إنقاذه؟ ولكن ما الذي سيفعله شعورها بالذنب الآن؟ لا شيء... ولا أي شيء.
وجدت نفسها تقول في هدوء"
- وندى؟

"نظر لها دون رد فاتبعت"
- بما إن مافيش أي حاجة فارقة معاك، أكيد ندى عالأقل مهمة بالنسبة لك، هتعمل معاها إيه؟

"قال دون تردد"
- أنا بحبها، هي الإنسانة اللي حبيتها فعلاً واللي ناوي أكمل معاها حياتي، وبرضو مش هسيبها مهما حصل

"ردت قائلة"
- مافيش واحدة تقبل بالوضع ده

"قال في عناد وكأنما يجيب نفسه"
- أنا هعرف ازاي أشرحلها الوضع، هي هتفهمني وهتقبل عشان بتحبني

"ابتسمت في ألم قائلة"
- كنت أنا استمريت مع سليم بعد خيانته ليَّ

"نظر لها دون رد فاتبعت"
- لكن أنت بتتكلم في زوجة تانية وطفل، عارف يعني إيه؟ أنت كده بتظلم الكل

"قال في عناده"
- مافيش حد هيتظلم، ابني هيظهر وهعترف به أدام الكل، ونانسي عارفة إني بحب ندى ومش هسيبها، وهي موافقة عشان مايهمهاش حاجة غير سعادتي، وندى هتوافق لما تعرف إني مابحبش واحدة غيرها، وإن اللي بيني وبين نانسي ده مش حب

"ثم صمت قبل أن يقول بصوت خافت"
- عالأقل بالنسبالي

"ثم عاد ليقول في قوة"
- أنا هعمل كل حاجة عشان أحافظ عليهم، ومش هظلم حد

"ابتسمت رقية في ألم لما ترى الآن، لو كانت ترى سليم في رامـي الذي هو نسخة منه في شكله وطريقته وصفاته التي عشقتها ولم تحبها فقط، فهي الآن تراه في رامز بكل ضياعه بين ما يحتاج وما يريد، تراه بكل تملكه وغروره.
قالت في ألم لم تستطع أن تخفيه"
- خايفة تغلط غلطته

"ظل صامتاً فاتبعت بعينين دامعتين"
- اديك شايف النتيجة اللي وصلنالها كلنا، كله اتظلم... حتى هو

"أصابته جملتها بالألم وبالغضب في آن واحد، هو أبداً لم يشبهه ولن يفعل، سيفعل المستحيل كي لا يكرر فعلته، لن يسمح لطفله أن يذوق الوحدة التي ذاقها، ولن يجعل ندى تمر بما مرت به والدته، وسيعوض نانسي عن كل الحب الذي لم يستطع تقديمه.
هو سيسيطر على كل شيء، سيسير كل شيء كما يريد تماماً، وسيرضي الجميع... حتماً سيفعل."

.....

"في صباح أول يوم في بداية الأسبوع، ذهب رامـز إلى الشركة وهو يشعر بأنه يود رؤيتها، يود أن يؤكد على الشعور الذي عاشه معها في آخر مرة، يريد أن يثبت لنفسه أنها له وستظل هكذا.
توجه ناحية الطابق الذي يوجد فيه مكتبها وتوقف عند أحد الحوائط الجانبية وانتظرها حتى تخرج، وبالفعل رآها وهي تخرج من مكتبها، وعندما مرت من جانبه، صرخ فجأة"
- ندى!!!

"وضعت يدها على وجهها وقد شعرت أن قلبها قد توقف بالفعل، لقد كانت تتوقع المزيد من تلك الأفعال في الفترة القادمة، فبعد أن اعترف أخيراً بحبه لها واستشعر المثل منها فسوف لن يتوقف عن مشاكستها بالكثير والكثير من أفعاله المجنونة التي لم ترَ منها أي شيء بعد.

وعلى الرغم من صدمتها التي شعرت بأنها قد شلت أطرافها للتو إلا أنها كانت سعيدة حتى ولو لم ترفع يديها عن وجهها لتراه حتى الآن.
ولكن عندما لم تسمع أي صوت، حاولت رفع يديها فلم تجده، أين ذهب؟ هل رحل؟ التفتت لتجده خلفها فخرجت منها صرخة صغيرة، ضحك قائلاً"
- مش معقول كده! أنتِ قلبك خفيف جداً

"نظرت إليه حتى وجدت نفسها تضحك قائلة في تعب"
- هو بقى فيه قلب؟! خلاص وقف

"اقترب برأسه منها حتى أصبح مقابلاً لها وهمس قائلاً"
- سلامة قلبك يا ندى!

"ابتعدت عنه خطوة ثم قالت مشيرة له بسبابتها"
- وبعدين بقى؟

"ابتسم في مكر قائلاً"
- طيب نخرج؟

"هزت رأسها في نفي بابتسامة ماكرة هي الأخرى ثم قالت"
- بعد ما الشغل يخلص

"ضم حاجبيه في تعجب ثم قال"
- من امتى الكلام ده؟

"ضحكت في دلال قائلة"
- من دلوقتي

"ثم ابتعدت عنه سريعاً مكملة طريقها إلى وجهتها بينما كان هو يفكر... لقد بدأت اللعب بطريقة أخرى إذن، لا بأس... هو لا يمل الألعاب بل يعشقها."

.....

"ذهب رامـي إلى الشركة وقد قضى ليلته إلى جوار ورد يحاول أن يبثه الكثير مما يشعر به من خلال لمساته على شعره الكثيف.
كان يعلم أن لا أحد يستطيع أن يفهم اضطراب مشاعره التي لا يستطيع هو نفسه فهمها سوى ورد فقط، لذا لم يحاول أن يتواصل مع نسمة ليخبرها بما حدث، كان يشعر بأن ما عاشه في تلك الليلة لا يجب أن يُروى لأحد، سيظل ذكرى مميزة فحسب.
وعندما وصل إلى المصعد، وجد شمس تنتظر هي الأخرى، كانت تتجنب النظر إليه حتى أنها قد ترددت في المجيء اليوم حتى لا تواجهه الآن.
ظل إلى جوارها ينظر إليها ينتظر منها أن تلتفت إليه، وعندما لم تفعل، لوَّح بيده أمام وجهها فرفعت رأسها إليه فوجدت ابتسامته الرائعة تزين وجهه فارتبكت أكثر، أشار لها"
- صباح الخير يا شمس!

"حاولت أن تتماسك ثم أشارت بابتسامة"
- صباح النور!

"ساد الصمت بينهما للحظات قبل أن يصل المصعد فدخلاه معاً، توقف المصعد في الطابق الخاص بها أولاً فخرجت منه دون كلمة ثم عاد المصعد لينغلق ويصعد إلى الطابق الخاص به هو.
وعندما وصل هناك وتوجه ناحية مكتبه، مر إلى جانب مكتب نهال، التي كانت شاردة بعمق ولم تنتبه له، نظر لها متعجباً... ما الذي دهاهن اليوم؟
طرق على المكتب طرقة خفيفة ففزعت من شرودها، ضم حاجبيه في استغراب مشيراً"
- في ايه يا نهال؟

"التقطت أنفاسها ثم قالت"
- ولا حاجة، أنا بس سرحت شوية

"ثم اتبعت بابتسامتها البشوشة"
- حالاً وقهوتك تكون جاهزة

"شعر بأنها ليست كالعادة، ولكنه لم يضف شيئاً ودخل إلى مكتبه ليتركها وقد عادت إلى شرودها.
عادت لليلة الحفل عند ذلك الرجل الغريب، والذي كان من بين الحضور في الحفل ثم وجدته يتقدم ناحيتها ليقول بابتسامة لبقة"
- مساء الخير!

"ابتسمت هي الأخرى قائلة"
- مساء النور!

"قال متسائلاً"
- آنسة نهال برضو، مش كده؟

"اومأت له برأسها فاتبع"
- الكل بيتكلم عن جمال تنظيم الحفلة، أنا كمان عجبني، ولما عرفت إن حضرتك اللي منظماه حبيت آجي أعبرلك عن إعجابي

"ابتسمت نهال قائلة"
- شكراً لذوق حضرتك

"ابتسم قائلاً"
- نادر... نادر رؤوف

"شعرت بأنها قد سمعت هذا الاسم مسبقاً، ولكنها لا تذكر أين، اومأت برأسها قائلة بابتسامة"
- فرصة سعيدة

"قال متسائلاً"
- حضرتك بتشتغلي مع رامـي بقالك قد ايه؟ أنا أول مرة أشوفك

"قالت بدورها"
- بقالي سبع سنين تقريباً

"ضحك ضحكة خفيفة ثم قال"
- واضح إن بقالي كتير ماجيتش مصر فعلاً

"نظرت إليه متسائلة فاتبع مفسراً"
- أنا رجل أعمال وعايش برة مصر وكل شغلي هنا بخلصه من لندن، وكان في بيني وبين شركة الراوي أكتر من تعامل، وقابلت رامـي قبل كده لكن ماشفتكيش معاه أبداً

"ثم اتبع بابتسامة غامضة"
- بس الفترة دي أنا مقيم في مصر وهيبقى في بيني وبين رامـي شغل، يعني اعتقد هنتقابل كتير الفترة الجاية

"لم تفهم قصده ولكنها ابتسمت ابتسامة مجاملة ليقول هو بتهذيب قبل أن يرحل"
- فرصة سعيدة يا آنسة نهال! عن إذنك

"لم تفهم حتى الآن لماذا أتى للحديث معها، إن كان السبب هو مدح تنظيم الحفل فلماذا لم يتحدث مع رامـي ويخبره بذلك باعتباره يعرفه على عكسها هي التي لم تره من قبل؟
ورغم غرابة ذلك الحديث إلا أنها لم تستطع منع نفسها عن التعجب... كيف لرجل مثله وسيم الهيئة أنيق المظهر مرموق المكانة ألا يكون متزوجاً إلى الآن؟ إنها حتى لم تلاحظ وجود أي امرأة معه طوال الحفل، نهرت نفسها لتلك الفكرة، فلماذا تهتم؟ وما الذي يجعلها تفكر في رجلٍ لم تحدثه سوى لبضعة دقائق قليلة؟
عادت من شرودها عندما وجدت رامـي يفتح الباب فجأة وهو ينظر لها في استنكار حتى أشار ساخراً"
- أسيبك ساعتين يا نهال عشان تفوقي وتيجي للشغل؟

"أخذت تؤنب نفسها ثم قامت من مكانها وهي تشير له في أسف"
- أنا آسفة! حالاً هجهز كل حاجة

"مر بعض الوقت، كانت نهال قد قامت بالفعل بإعداد القهوة التي أدخلتها إلى رامـي فوراً ريثما تقوم بتحضير بقية الأمور الخاصة بجدول اليوم والتي ما إن رأتها حتى صُعِقت...
إن اليوم ميعاد لمقابلة نادر رؤوف، كيف نسيت؟ لقد أخبرها رامـي بالفعل عن تلك المقابلة وقامت بتسجيلها فكيف تنسى بتلك السرعة؟
حاولت أن تعود إلى طبيعتها وتتخلى عن شرودها وارتباكها هذا وتدخل إلى مكتب رامـي وتسلِّمه بعض الأوراق، وعندما انتهى من توقيعها وأعطاها إياها مرة أخرى، نظر لها ثم أشار"
- في مشكلة يا نهال؟

"أشارت في تعجب"
- لا خالص، هيكون في ايه؟!

"أشار متسائلاً"
- مش عارف، عشان كده بسألك، في حاجة حصلت في الحفلة؟

"هزت رأسها نفياً ثم أشارت بابتسامة"
- أبداً يا رامـي! كل حاجة تمام

"تنهد مشيراً"
- اتمنى

"ثم اتبع"
- تقدري تتفضلي!

"خرجت من المكتب ولم تمر عدة دقائق حتى وجدته يقترب ناحيتها بابتسامته المُربِكة تلك والتي لم تدرِ لماذا أشعرتها بأنه سعيداً لرؤيتها مجدداً.
توقفت مكانها ثم استقبلته بابتسامة بشوشة، وعندما وصل عندها، ابتسم قائلاً"
- صباح الخير يا آنسة نهال!

"حاولت السيطرة على ارتباكها محافظة على ابتسامتها ثم قالت"
- صباح النور يا نادر بيه!

"ثم اتبعت فوراً بطريقة عملية قبل أن يحاول الدخول في حديث آخر"
- حالاً هبلغ رامـي بيه بوصول حضرتك

"ثم دخلت إلى مكتبه فوراً وخرجت بعد لحظات قائلة بابتسامة خفيفة"
- اتفضل حضرتك!

"و بعد عدة دقائق، دخلت إليهما لتقدم فنجان القهوة إليه وازداد ارتباكها عندما رمقها بنظرة مبتسمة سرعان ما اختفت.
وضعت الفنجان على الطاولة أمامه ثم جلست على الكرسي المقابل له كالعادة عندما يكون هناك اجتماع أو مقابلة ما للترجمة بين رامـي وضيفه.
كانت تقوم بعملها وهي تتمنى لو تنتهي هذه المقابلة بسرعة، ولكن للأسف كان الوقت أبطأ من أن يمر بتلك السهولة، كانت تحاول التركيز فيما تقوم به وتتفادى نظرته الغريبة التي لم تكن تفهمها أبداً.
استمر الحال هكذا قرابة الساعة حتى انتهت المقابلة ورحل ذلك الرجل بعد أن ودَّع رامـي وودعها أيضاً، وخرجت هي الأخرى من المكتب وهي تتمنى في داخلها ألا يقوم رامـي باستدعائها ثانية فلقد اكتفت اليوم، ولو استطاعت أن تأخذ إجازة لبقية اليوم لتختبئ في منزلها لفعلت."

.....

"وعندما عادت شمس من العمل، تناولت الغداء مع والدتها، التي ذهبت إلى النوم بعد ذلك وتركتها في مرسمها.
كانت تجلس أمام لوحتها الجديدة والتي أنهت معظمها تقريباً، كانت لتلك الليلة ولا تدري كيف أنهت معظمها بتلك السرعة، إنها تنسى نفسها في هذا المرسم.
لم يقطع تركيزها سوى صوت جرس الباب، تركت اللوحة ثم خرجت من المرسم بعد أن أغلقت الباب خلفها.
وعندما فتحت باب المنزل ووجدت كمال أمامها، كانت على وشك أن تزفر في حنق ولكنها تمالكت نفسها ليقول هو بعد أن استند إلى إطار الباب"
- ازيك يا شمس؟

"قالت في فتور"
- أهلاً يا كمال! عامل إيه؟

"قال بابتسامة ماكرة"
- مش هكدب عليكي، أنا مش كويس خالص

"نظرت إليه دون رد فاتبع"
- هو أنتِ مش هتقوليلي اتفضل ولا ايه؟

"قالت في رفض قاطع"
- ماما نايمة

"رد متفهماً"
- معاكي حق! ماينفعش ادخل وماما نايمة طبعاً، مايصحش!

"قالت شمس في قوة"
- عاوز ايه يا كمال؟ جيت ليه؟

"قال مباشرة"
- جاي عشان أعرف ردك

"قالت دون فهم"
- ردي على ايه؟

"قال في وضوح"
- على جوازك مني

"نظرت إليه قبل أن تقول في حسم"
- لا، قلتلك قبل كده إن مهما حصل أنا مش هتجوزك

"ابتسم في مكر قائلاً"
- في حد تاني ولا ايه؟

"قالت في قوة"
- شيء مايخصكش، أنت...

"قاطعها بنبرة أكثر قوة قائلاً"
- أنا شفتك معاه في العربية ليلتها يا شمس!

"نظرت إليه في صدمة مما قال للتو، شعرت بأن لسانها قد انعقد فجأة، كان ينظر لها وابتسامة ماكرة تملأ وجهه حتى قال"
- تفسري اللي شفته ليلتها بإيه بقى؟

"ثم ضحك ضحكة خبيثة قائلاً في وقاحة"
- قال وأنا اللي افتكرته مدير شغلك بس، ده واضح إنه الصبح مدير وبالليل...

"قطعت جملته بصفعتها التي هوت على وجهه فجأة، نظر لها في صدمة فقالت في قوة وثقة"
- لا أنت ولا غيرك يقدر يتكلم عني نص كلمة، ولو شفتك هنا تاني أنا هعرف ازاي أوقفك عند حدك

"التمعت عيناه بالشر ثم قال في هدوء شرس"
- أوعدك إنك هتندمي عالألم ده، وافتكري إن أنتِ اللي بدأتي

"أغلقت الباب أمام وجهه بعنف ثم استندت إلى ظهر الباب وشعرت بأنها على وشك الاختناق حتى وجدت والدتها قد استيقظت وخرجت إليها قائلة في قلق"
- في ايه يا شمس؟ ايه الصوت ده؟

"نظرت إليها شمس ولم تدرِ ماذا تقول، قالت محاولة الاحتفاظ بثباتها لتصدقها"
- مافيش حاجة يا ماما! ولاد الجيران كانوا بيلعبوا بس فأنا اتعصبت من الصوت العالي

"قالت والدتها مستنكرة"
- مالكيش حق، يقولوا علينا ايه؟

"ابتسمت شمس قائلة"
- لما اشوفهم بكرة تاني هجيبلهم حاجة حلوة واصالحهم

"ثم اتبعت"
- أنا داخلة المرسم تاني

"ثم توجهت إلى المرسم ثانيةً وأغلقت الباب خلفها ثم جلست إلى أحد الحوائط بعد أن قامت بتشغيل أغنيتها الأثيرة ورفعت الصوت قليلاً ليغطي على صوت بكائها ودموعها التي انهمرت فوراً شاعرة بالضيق والخوف الذي انتابها فجأة لما حدث للتو.
ما الذي ينتظرها مجدداً مع ذلك الوغد؟ وما الذي ستفعله؟"
.....

انتهى الفصل


روايات نور محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس