الموضوع: رواية رُد قلبي
عرض مشاركة واحدة
قديم 02-06-22, 12:35 AM   #8

وسام اسامة

? العضوٌ??? » 490011
?  التسِجيلٌ » Jul 2021
? مشَارَ?اتْي » 67
?  نُقآطِيْ » وسام اسامة is on a distinguished road
افتراضي الفصل الثامن

رواية "رُد قلبي"
الفصل الثامن الجزء الأول " كسر كل ماهو قابل للكسر"
............................
كانت تحرك القلم بشرود..ولازال الوجوم يحتل قلبها
لا ليس الوجوم فقط بل الألم والخذلان ..وائل فلح في كسر خاطرها وقلبها..وكل شيئ بها قابل للكسر
وائل حبيب الفؤاد..

شعرت بروحها تنسحب منها والحنين يضرب علي نوافذ قلبها بإلحاح..ولكن كرامتها تأبي وتعود لتُذكرها بخياناته
وبكلماتة الخبيثة التي القاها علي مسامعها يوم طلاقهم

رفعت الهاتف واتجهت الي معرض الصور لتري صور لتلك الرسائل التي بُعثت لها من إحداهن ..تقرأ كلماتة المؤلمة
كلمات حقيرة قالها ليجذب إنتباه تلك الأنثي التي يحادثها
علي حساب قلبها وكرامتها

القت الهاتف ووضعت رأسها علي مكتبها تطلق العنان لدموعها تخرج دون توقف...بل وارتفعت الشهقات ايضا تُصاحب دموعها..وعقلها يجلدها بإسترجاع مادار بينهم يوم طلاقهم..كيف كشف جُرحها وضغط عليه بقسوة

وحدة عيناه وهو يمضي علي وثيقة طلاقهم
كانت عيناة شامتة وقاسية..رغم ثبات هيئتها ولكنها تماسكت وتماسكت..ولكن كلما تذكرت ما دار بينهم تتألم اكثر
.....
عقد وائل ذراعية بوجوم وهو يتابع المُناقشات التي يجريهاوالدة مع عمه ليتفقوا علي طلاق ليلة منه
والأخري تجلس في مقعد بعيد نسبيا مُنشغلة بهاتفها
ليقف بحدة قائلا..
-انا هاخد مراتي اقولها كلمتين قبل مايجي المأذون

ثم اتجه الي ليلة ليجذبها في احد الغرف الجانبية بمنزل عمه..وعكس المُعتاد منها جذبت يدها بحدة هاتفة...
-ملكش حق تلمس ايدي ولا تلمسني اصلا
مش هسمحلك بأي تصرف همجي

اغلق الباب بعنف لينظر لها بحدة ...
-ليلة انتي واعية للي بيحصل دا..ليلة احنا هنتطلق بجد
مش لعبة ولا حوار وخلاص..انتي مُدركة لدا

عقدت ذراعيها بصمود لتقول بإيجاب..
-وانتا ساحبني وراك عشان تقولي اننا هنطلق كمان دقايق
طب ماانا عارفة ياوائل انه طلاق بجد..وانا الي طلباه لو فاكر

جز علي اسنانة بعنف ليقول..
-ليلة انتي مستوعبة كلامك...احنا لو اتطلقنا هتنتهي
وهتندمي بعدين اننا انفصلنا لسبب تافه زي دا

لاح الألم علي عينيها لتبتسم بإستفزاز قائلة...
-لو في حد هيندم يبقا انتا مش انا ياوائل
انا بعد كدا مش هبادر بالشعور..لا هغضب الأول ولا هندم الأول..زي ماحبيتك الأول..انسي انك تضمن وجودي وتذل فيا عشان عارف اني كنت بحبك وبجري وراك في كل حتة
خلاص احنا انتهينا ياوائل..روح دور علي واحدة تانية تتكلم عليها مع البنات عشان تبرر خيانتك ليا

كاد ان يتحدث بحدة لتقول بحدة اكبر..
-انتا خاين ياوائل..مبتملاش عينك واحدة
طماع وعايز كل حاجة ومغرور وواخد قلم في نفسك
انا هحب غيرك واتخطب واتجوز لراجل يحبني ويقدرني
راجل يتكلم عليا بإحترام مش يقول انه اتجوزني شفقة لأني بجري وراه

هتف وائل بغضب وهو يضرب الحائط جوارها..
-خاين دا لو انا متجوزك بمزاجي..لو انا حبيتك واختارتك
وبعدين ايه الي مزعلك في الي قولته
انتي فعلا جريتي ورايا وحاصرتيني وخليتي كل الي حواليا يجبرني علي حُبك وكنتي هتموتي عليا

ثم ضحك ساخرا..
-ليلة انتي قطعتي شرايينك لما عرفتي اني مصاحب واحدة قبل مااخطبك..وخطبتك بعدها
هقولهالك وهقولها لغيرك انتي الي جريتي ورايا ودبستيني
ولما بدأت اتصالح مع الموضوع بدأتي تمارسي هويتك في التسلط علي الناس...انا مش هندم علي طلاقنا ياليلة
انا شايل همك في محاولة انتحار جديدة3

خرج من الغرفة وصفع الباب خلفه بعنف
لتسقط علي الفراش بألم
رغم تكون الدموع بعيناها واحمرار وجهها بإذلال
ولكن همست بإختناق ونبرة جافة...
-اقسم بالله ياوائل لتندم..اقسم بالله ماهشفق عليك ولا هتاخدني بيك رأفة هنساك ياوائل..وهكمل حياتي
هتكون قدامي زي الهوا..

راحت ذاكرتها لذاك اليوم الذي وقعت بحبة صريعة
وكبتت الحب بقلبها حتي فاض بها الشعور..كانت فتاة مرحة جائت لتوها مع عائلتها من احد البلاد العربية..التي ولدت ونشأت بها..وجائت الي مصر ليستقروا بناءا علي رغبة والدها في الإستقرار في وطنة

لتري إبن العم الوسيم وائل
الذي خطف قلبها في وقت قصير للغاية
لذا..قررت أن تحاصرة وتقترب منه خطوة خطوة
وساعدها بذالك حلاوة حديثة ورقته معها..وإبتسامتة الرائعة..ونُطقة لإسمها "لِيلة" لتقع أكثر وأكثر

كانت تراقبة علي وسائل التواصل..وبالنادي
وفي التجمعات العائلية..حتي بات شعورها مكشوف للجميع..لم يكن صعبًا عليهم معرفة عشقها له
كل شيئ بها يفضحها..نظراتها وملامحها ،وإرتجاف يديها

حتي هو التقط حُبها ولكن يالغرابة لم يصدر أي ردة فعل
وكأنه مُعتاد علي حب الإناث له
ومن هُنا بدأ الألم

إستفاقت علي طرقات والدها ويعقبة فتحه للباب..ليطل عليها بنظرة غاضبة مُشفقة علي حال قلبها..
-المأذون جه..يلا قومي اغسلي وشك وتعالي
الموضوع يتفض وادخلي اوضتك عيطي فيها

حركت رأسها بإيجاب ووقفت تمسح دموعها هامسة..
-حاضر يابابا..انا جاية وراك اهو

خرج والدها وأغلق الباب لتمسح وجهها وتحرك يدها سريعًا امام وجهها لتجلب الهواء وتتنفس بعمق
ثم رفعت يدها لتخلع تلك الحلقة الذهبية التي تخنق اصبعها ولتنظر لها ثوان..ثم تخرج بثبات تُحسد عليه

إستفاقت علي يد وضعت علي رأسها بحنان
رفعت رأسها ولازالت الدموع تشوش رؤيتها..لتجدها صديقتها حلا..التي تلقفتها بين احضانها سريعًا..تربت علي ظهرها..بينما الأخري اطلقت العنان لدموعها وشهقاتها حتي شعرت بإنفاسها تنتهي

لتهمس بصوتٍ باكِ...
-انا تعبت ياحلا..عايزة انسي كل دا
مش عايزة افكر فيه..عايزة انساه وانسي سنتين عدو من حياتي هدر..عايزة قلبي وعقلي يسكتوا ياحلا

دمعت صديقتها علي حالها لتهمس..
-اهدي ياليلة والنبي..احنا في الشغل والموظفين بدأو يبصوا علينا..استهدي بالله وقومي روحي وانا هستأذنلك من استاذ أيمن يلا

هزت رأسها بنفي وهي تمسح عيناها بقوة..ولازالت شهقاتها لم تهدأ او تنضب..
-لا..روحت لقيت أستاذ صالح وطلبت إستئذان رفض
واداني شُغل انجزه في يومين

زمت حلا ثغرها لتقول..
-يادي النيلة هو استاذ صالح موجود..طب يلا اغسلي وشك وحطي ميك اب يداري وشك الأحمر دا
وتعالي اساعدك في الشغل

صدح صوت قوي في المكتب جعلهن ينتفضن بفزع...
-أظن ان كل واحدة فيكم عندها شغل كتير
انما الإهمال واخد حقه معاكم يا آنسات

هتفت حلا بتوتر..
-مستر صالح أسفين والله بس ليلة تعبانة وانا كنت جنبها
وكنت بقولها تدخل تستأذنك تمشي وو..

هتف صالح بحدة..
-آخر الشهر بقبضكم مرتباتكم ومبستأذنش يااستاذة حلا
والانسة ليلة كويسة..بس هي واخدة خبطة مأثرة علي ادائها في الشغل..وانا شايف ياتتخطي وتنشغل في واجباتها او تقعد في بيتها وتكتئب براحتها
هنا شُغل بس...والي معترضة فيكم تتفضل تكتب إستقالتها وتسيب مكانها لحد يستاهله

ثم أتجه لخارج المكتب وصدح صوته من جديد وهو يُحادث أحد..لتهمس حلا ببغض..
-ربنا ياخدك ياشيخ..قومي يابنتي اغسلي وشك
لا نلاقي الرفد جايلنا لحد عندنا

وقفت ليلة بشرود واتجهت لتغسل وجهها من أثر البكاء
وهي جديًا تفكر في تقديم استقالتها وتقديمها للسيد صالح
ولكن أجلت تلك المواجهة للغد...فهي في غِني عن اسلوب رئيسها الفظ

بينما كان صالح يتحدث مع احدهم في الهاتف قائلا..
-متقلقش..انا شديت عليها دلوقتي عشان متكررش الكلام دا تاني..وانهاردة هتطول في المكتب عشان كلفتها بشغل
كتير...متقلقش والله رغم اني مش فاضي للكلام دا

همهم بكلمات بسيطة ثم أغلق الهاتف..ووزع نظرة للشاشة أمامة والتي تعكس صور موظفية عن طريق كاميرا مراقبة لهم..كي لا يتقاعص أحدهم عن العمل
لتظهر ليلة وهي تجلس علي مكتبها وتبدأ بإنجاز عملها بصمت

ليهمس صالح ساخرًا..
-قد ايه الحب مُثير للسخرية
x x x x x x x x x x x x x x x x x xx ***
في الصباح الباكر في حدود الساعة الخامسة صباحًا
موعد العمل الأساسي لعُبيدة...يؤدي صلاة الفجر ومن ثم يتجه الي عمله ...كما اعتاد كل صباح
ولكن كان هذا الصباح مُختلف كُليًا..سمع خطوات ركض علي السلم المؤدي الي سطح البناية1

وتلقائيا أمسك خشبة غليظة واسرع وراء ذاك الطيف
وعقله يخبره ان ذاك الطيف ماهو إلا مُتلصص او سارق
فما الذي سيجعلة يركض علي السُلم متجهًا الي سطح البناية الساعة الرابعة فجرًا!

ولكن توقف فجأة وهو يري ظهر تلك الأنثي التي يعلم هويتها..أنثي لا تنفك عن ارتداء الملابس الغريبة
وفي غمرة قلقة لم يُرهف السمع في صوت رنات خُلخالها

هيأتها وهي تقف خلف السور وتعطيه ظهرها وخصلاتها تطيح هنا وهناك بعشوائية تليق بها..واختفاء خطوط الليل وسط بياض النهار يحيط بهما ...والطيور تُحلق في سرب متناغم في السماء

لوحة فاتنة عبرت عن اندماج الطبيعة مع الغزال الشارد
ولكن شعر بالغرابة الشديدة بوقوفه يراقبها بتلك الطريقة
ليختار الإنسحاب قبل ان تراها
ولكن امنيتة كانت شبه مستحيلة حين سمع صوتها المبحوح وهي تقول...
-مين !

التفت اليها ليطمئنها حين سمع تساؤلها المذعور
ليقول بهدوء...
-انا عُبيده ياانسة شروق

همست في نفسها بغيظ
-رجعنا لإسم شروق تاني

ولكن همهمت هامسة..
-اممم صباح الخير ياسي عبوده

لا يعلم لِما اتجه اليها ووقف جوارها مُتمتما..
-صباح النور..طالعة علي السطح بدري كدا ليه
انا افتكرت حرامي الي طالع..وطلعت اشوف

ضحكت وهي ترمي خصلاتها خلف ظهرها...
-طب ماانا بطلع كل يوم..اشمعنا حسيت إن في حرامي انهاردة مخصوص !

عقد حاجبيه بدهشة..
-بتطلعي كل يوم..ازاي محسيتش

هزت كتفيها كإشارة لعدم المعرفة..ولكنها لم تكن كذالك بالنسبة إليه..ليشيح بعيناه عنها مُتمتما...
-وبتطلعي كل يوم ليه

نظرت للسماء هامسة بإبتسامة رقيقة..
-ابدًا..بحب ريحة الصبح اوي..بحسه لسه نضيف
لسه الناس متزاحمتش وخلصوا الهوا

انطلقت بسمتها إليه وهو يري منطقيتها في الحديث لأول مرة..ليقول..
-وهو الهوا بيخلص!

نظرت اليه ورفعت حاجبها الأيسر مع إبتسامتها لتقول..
-اه طبعا بيخلص ..ولما بيخلص الناس بتطلع الهوا بتاعها
مش واحنا صغيرين كنا بناخد في المدرسة
انا احنا بنسحب الهوا..وبنطلعه تاني

همهم بإيجاب مُبتسما بإتساع لأول مره..ويخصها بها..
-بس دا العكس..احنا بناخد هوا مُلوث وبنطلع هوا نضيف
وبكدا احنا بننقي الهوا مش بنخلصه

ذمت شفتيها بتفكير مُتمتمة..
-بجد ..دا انا فاتني كتير اوي بقا

ضحك عُبيده بخفوت وتأملها للحظات وهي تذم شفتيها كالأطفال..وتُفكر في كلماتة ليقول..
-انتي درستي ايه ياغزال

كلماته خرجت بتلقائية ودُهشت غزال من نُطقه لإسمها مُجردا من كلمة "انسة"..ومع ذالك قالت ببساطة...
-اخدت ثانوية عامة وبس

كرر خلفها بدهشة..
-ثانوية عامة..ومكملتيش كُلية ليه
كان مجموعك قليل !

أمسكت خُصلة لفتها علي إصبعها كعادة قديمة لها لتقول..
-لا كنت ادبي وجبت ٨٠٪ تقريبًا..بابا كان بيجبلي المُدرسين
ومذاكرة ومُراجعات وحجات انا مليش فيها
بعرف انجح بس ميهمنيش موضوع التعليم كله

دُهش أكثر من كلماتها وعقد حاجبية قائلا..
-طب ازاي..دا انتي باين كنتِ شاطرة
ايه يخليكي متدخليش كُلية وتتخرجي وتشتغلي بشهادتك زي باقي البنات مابتعمل وبتقول

هزت كتفيها ضاحكة برقة..
-وانا مالي بالبنات..انا مليش في المذاكرة ومليش في الشغل والتعب والكلام دا..علي رأي بابا انا اتخلقت ارتاح واتستت بس

زاد إتساع عيناه من تلك الكلمات الغريبة التي تصدر من فتاة ببساطة..وخاصة في القرن الواحد والعشرين !
لتُكمل غزال بمنطقية وهي تُلوح بيدها...
-يعني ليه اتعلم حجات في الجامعة انا مش هستخدمها
عشان انا مش هشتغل أصلاً..وليه اتعب واحاول اثبت نفسي في حاجة مش فهماني..انا شايفة نفسي في بيتي
مش في كُليات ولا شُغل..

-طب والمسؤلية والتجارب الحياتية..مش عايزه تجربيها

هزت رأسها بنفي..
-انا هتجوز واحد يشيل المسؤلية هو ويعيش التجارب الحياتية وكل الكلام دا2

ضحك عُبيدة ليقول..
-وانتي هيكون دورك في الحياة

حركت كتفها بدلال هاتفه...
-هتدلع وادلعة..ياخد واحدة متعلمة وشايلة مسؤلية وبتشتغل ويشيلوا الهم والحياة تبقا جد
ولا ياخد واحدة فاضية تدلع وتدلعة براحتها من غير فزلكه ياسي عبودة1

هنا اطلق عُبيدة ضحكات عالية وهو يضرب كف بأخر قائلا..
-مبدأك غريب بس حلو..وإسمي عُبيدة مش عبودة والله

كادت تفلت من فمها جُملة" انتا الي حلو"
ولكن كبتتها ولم تقُل شيئ ولكن عيناها عكست تلك النظرة التي تُشتته..وبالفعل ماهي سوا لحظات حتي انقشعت ضحكته وحل الهدوء عليه ليقول وهو ينظر لساعته..
-الوقت خدنا واتأخرت علي شغلي
اممم يلا سلام عليكم

ومن ثم انطلق كعادته هاربا من نظراتها المُغوية
بينما اتسعت بسمتها وهي تتمطئ بدلال كسول..
-عليكم السلام ياسي عبوده

لتهبط هي الأخري الي شقتها وهي تسير ببطئ كي لا يستيقظ كامل او ريشة..وبنفس الخفة اتجهت الي غرفتها وارتمت علي الفراش تحتضن الوسادة بقوة وهي تعض علي شفتيها بحماس وعقلها يسترجع مُحادثتهم القصيرة بالنسبة اليها

وانقضي اليوم بملل وإعتيادية كما المُعتاد...ولكن حينما اشارت الساعة الرابعة عصرًا
صدح صراخ غزال المُتألم حينما التوت قدمها جعلت ريشة تهرع بفزع وتأخذها الي المشفي في منطقتهم بعدما اخبرتها غزال بذالك
لتقول ريشة بقلق..
-استني اتصل بالحج كامل يجي ياخدنا نروح المستشفي

لتهتف غزال بألم وعينان دامعة..
-لا مش هقدر استناه..قومي سنديني نروح احنا
يلا ياريشة بسرعة

وكما طلبت غزال سندتها ريشة بصعوبة..لتوقف سيارة تُقلهم الي المشفي الذي يبعُد منزلهم بشارعين لعجز غزال عن السير وصراخها المُتألم

وحينما دلفوا الي الإستقبال همست ريشة..
-استاذ عُبيده شغال هنا..اقعدي اسأل عليه
عشان يشوف هيودينا لمين بالظبط

جلست غزال ولازال كاحلها يؤلمها بشدة..حتي اغمضت عيناها بقوة وعضت علي ثغرها من شدة الألم
حتي سمعت صوت ريشة تقول..
-عرفت هو فين..تعالي نلحقه بيقولوا هيمشي دلوقتي

اتجهت معها غزال ولازالت الدموع تلتمع بعيناها ومع كل خطوة تخطوها كاحلها يؤلمها أكثر وأكثر
حتي وصلوا الي غرفة جانبية وفتاة جالسة علي مكتب صغير ..وبالزاوية يوجد فراش صغير
لتنظر لهم الفتاة وتقف قائلة..
-خير مالها

تحدثت ريشة بإيجاز..
-لوت رجليها..امال فين استاذ عُبيده
عشان يردهالها ولا بقولنا نروح لمين

هتفت الفتاة...
-لا استاذ عُبيده مش هيعرف عشان عنده مشوار دلوقتي
وو..

قاطعها دخول عُبيده وهو بنظر لريشة وغزال بدهشة..
-في اية ياريشة مالها

انشرحت ملامح ريشة بإرتياح لتقول..
-وهي ماشية لوت رجليها ومش قادرة تمشي
انا دوخت عليك في المستشفي

همهم عُبيده قائلا..
-طب يلا بسرعة..ريناد معلش روحي كلمي رئيس القسم قوليلة أننا هنتأخر عشر دقايق بس

انسحبت ريناد بإيجاب..بينما صدح هاتف غزال برقم كامل لتقول بقلق...
-الحج كامل بيتصل ..اكيد قلق
هطلع ارد انا عليه عشان ميقلقش

اتجه عُبيده الي غزال وانحني الي كاحلها يحركه لتطلق صرخة مُتألمة..ليتمتم بأسف وقد فهم اين الألم
ولازلت تتأوه بألم كلما لمس كاحلها

مسدت علي قدمها بألم وهي لا تدرك معاناة المسكين الذي يحاول رد قدمها في أسرع وقت..وجبينة يفرز العرق بكثرة
لتقول بمسكنة وصوت متألم...
-يووة جتني اية..انا آسفة ياسي عبودة
عطلتك عن مشوارك..لكن رجلي أااه

حاول الآخر عدم التركيز علي قدمها البيضاء اللامعة
أو خلخالها الذهبي الذي يرن بلا توقف..ليجلي صوتة قائلا بهدوء..
-عُبيدة ياأنسة شروق مش عبودة
وبعدين مفيش عطلة دا شغلي

تنهدت وهي تنظر له بنظرات تربكة..لما تلك الأنثي جريئة لتلك الدرجة..لِما تحدقة بنظرات يود لو يصفعها بقوة لو تختفي من عيناها ويختفي تأثرة بها..لترطب شفتيها الحمراء قائلة بخفوت...
-امم أصلي سمعت الي اسمها عماد دي
بتقول انك خارج معاها..كنت هاخد بعضي وامشي وأخلي ريشة تربطهالي وخلاص..لكن انتا ياسي عبو..قصدي عبيدة
الي أصريت..ولا اقولك يادكتور

لف الشاش علي قدمها وهو يدعو الله ان تظل اعصابة ثابتة ولا يتأثر بتلك المغوية ونبرتها الناعمة تلك..ليقول بجمود بعدما أنهي عملة..
- زي ماقولتلك ياأنسة دا شغلي..وبعدين انا مش دكتور
هتجيبي المرهم دا من الصيدلية تدهنيه بعد كدا تدفي رجلك..ألف سلامة

همهمت بإحباط واضح وهي تنزل قدمها ارضًا..
-مش كنت نسيت انسة شروق دا
ماانتا الصبح قولتلي غزال

اشاح بوجهه عنها يكبت إبتسامه صغيرة علي هيأتها
ليقول وهو يُلملم الأدوات...
-هو دا اسمك ولا انا جايبة من عندك

اجابتة بخفوت ناعم وهي تحاول الوقوف..
-لو جاي من عندك يبقا علي قلبي زي العسل

رغم إلتقاطة لجملتها ولكن هتف..
-بتقولي ايه

إبتسمت إبتسامة غاضبة وهي تضبط وشاحها..
-بقول سلامتك..شكرا يا سي عبو..

قطعت كلماتها لتقول..
-ياعُبيده

ثم هتفت بإسم ريشة لتدخل الأخري سريعًا تُساعدها علي السير بينما عُبيده يقف بمحله يتابع خروجها بشرود
لتقطعه ريناد هاتفة..
-عبيدة يلا عشان اتأخرنا اوي كدا

همهم بإيجاب وهي يتجه للخارج معها وكبت ضحكة خائنة حينما تذكر ذاك الإسم الذي اطلقته غزال علي ريناد
وبدلت معالم الإسم ليكون "عماد"
x x x x x x x x x x x x xx ..........................
ساعدتها ريشة في الجلوس علي الفراش..ثم جذبت وسادة كبيرة لتضعها تحت ساقها المُصابة بحذر..لتطلق غزال تأوه متألم وهي تعض علي شفتيها..لتقول ريشة بقلق..
-علي مهلك ياست غزال..ثواني هروح اعملك حاجة سخنة بسرعة

هزت غزال رأسها بنفي لتقول..
-لا متعمليش حاجة..هاتيلي موبيلي من برة
وتعالي ضلمي الأوضة عشان هنام

اطاعتها ريشة حينما ذهبت سريعًا لتجلب الهاتف
ومن ثم أغلقت النور المُنبعث من الشرفة
وكذالك المصباح..لتسمع صوت غزال المُرهق...
-اقفلي الباب ياريشة

أغلقت الباب واتجهت الي غرفتها هي الأخري لتجلس بها بصمت..تنهدت بملل وهي تطلع حولها..حتي استقرت عيناها علي التقويم المُعلق بالحائط..لتشهق بدهشة وهي تعد علي أصابعها كم مضي علي اليوم المنشود
والذي لم تتذكره لكثرة الأحداث الماضية

ابتهج قلبها وقفزت تقف أمام المرآه تطلع بهيئتها
همهمت برضا حينما لم تجد بثور جديدة تُعاند رغبتها
او هالات سوداء تُقلل من جمال وجهها
ولكن توقفت اناملها عن استكشاف وجهها وعبست بتمني
تمنت أن تكون جميلة بالقدر الذي يجعلها تثق بهيأتها امامة دون خوف

لوهلة حل الحسد علي عقلها حينما تمنت جمال غزال
تمنت لو رُزقت بالقليل منه..ثوان حتي انتفضت تستغفر ربها وتُذكر نفسها ان تلك الأشياء بيد الله..وان نقمت سيزول مانقمت عليه

تنهدت بحالمية وهي تسترجع هيأته بعقلها
ابتسامتة الهادئة..واخلاقة التي تزيد حُسنة بعيناها
عزة نفسه التي تطغي علي اي شيئ..ملامحة الوسيمة ايضا تُشكل سببا في زيادة ضربات قلبها

ابتسمت خجلة من تفكيرها
وهي تتنهد بقوة قبل أن تتجه الي غرفة غزال تطرقها برفق ليصلها صوت غزال تأذن بالدخول
لتدلف ريشة بإرتباك قائلة...
-اممم جيت اقولك اني هنزل اشتري كام حاجة من تحت البيت..وو..اشوف لو عايزة حاجة

همهمت غزال باسمة ..
-خلي البواب يجبلك الي انتي عايزاه بدل ماتنزلي

توهج وجهها بإحمرار لتقول وهي تشيح بعيناها...
-لا ملوش لزوم انا هروح اجيبهم..وبعدين دا في المكتبة الي جنب البيت

همهمت غزال بتفهم لتعطيها إبتسامة عابثة..
-لا لو المكتبة روحي انتي..المهم تكلمي بابا تقوليله
عشان ميقلقش عليكي ولا حاجة..اصلك بتطولي في المكتبة

تلجلجت الأخري وهي تُتمتم بكلمات خافتة قبل ان تخرج من الغرفة وتغلق الباب خلفها
بينما غزال تنهدت وهي تضع رأسها علي الوسادة من جديد
ويدها تعبث بهاتفها وهي تتنقل بين صورة علي موقع التواصل الإجتماعي...ظلت تحدق في صورة تلو الأخري وقلبها ينتفض بلهفة وهي تتفحص ملامحة الرجولية

عُبيده لم يكن الرجل المثالي الذي يُمثل آلهة الإغريق
لم يكن وسيما بالقدر الذي يجعل فتاة بحسنها وجمالها تتمني وصاله...علي العكس..كان شاب قد آخذ من الحسن مايكفيه..ولكن عيناها تراه أجمل الرجال..وخاصة بطابع حُسنة الذي يزين ذقنه ..تجعلها تشعر وكأن طابع حُسنه حفرة وكلما نظرت اليه وقعت في تلك الحفرة صريعة

توهجت عيناها وهي تري له صورة يبتسم بها بصدق
إبتسامة وصلت لعيناه وجعلتها هي الأخري تبتسم بإتساع
وبتردد شديد اتجهت الي أعلي صفحته وضغطت علي الصندوق الأزرق..!

بينما ريشة كانت انهت ارتداء ملابسها..ومشطت شعرها
وطالعت وجهها لثوان..قبل ان تقرص وجنتيها بقوة ليترك الإحمرار أثر واضح..تأوهت بألم ولكن حينما انبثقت الدماء في وجنتيها ابتسمت بإتساع..لتتجه للخارج وقلبها يتراقص فرحا لرؤية الحبيب

وماهي إلا دقائق ووقفت أمام احد المكتبات الكبيرة
ودلفت وهي تبتسم بإتساع..وزادت ضربات قلبها وهي تراه
تري ضياء يقف علي الخزينة وهو نسرين إبنة عمه وتعمل معهم ويبتسم بهدوء

تلقائيا ارتفعت يدها لتضغط علي قلبها محاولة الصمود
واقتربت بخطوات ثقيلة إليه والقت سلام مُرتجف وفي الوقت ذاته كان مُلتهف...
-السلام عليكم

نظر لها ضياء والفتاة ليبتسم ضياء بإتساع قائلا...
-عليكم السلام..ازيك ياريشة

اضطربت وخجلت لتقول باسمة..
-انا الحمدلله..انتا عامل ايه ياأستاذ ضياء

اعطاها إبتسامة رقيقة ليقول..
-انا بخير الحمدلله

قُطعت حبال نظراتهم حينما نطقت الفتاة الواقفة جواره قائلة بإبتسامة...
-مشوفتكيش في الخطوبة ليه ياريشة
انا فاكرة اني عمي قال للحج كمال وعزمكم

عقد ريشة حاجبها بعدم فهم لتقول..
-خطوبة ايه ياابلة نسرين !

حل الوجوم علي وجه ضياء بينما هتفت نسرين بنبره ذات مغزي...خطوبتي انا واستاذ ضياء ياحبيبتي..كانت اول امبارح،واستغربت انك مجتبش رغم انك بتعزي أستاذ ضياء

شحبت ريشة وحلت الصدمة علي وجهها ونظرت لضياء
لتجده يضغط علي أصابعه بقوة ويشيح عيناه عنها
همست بنبره مجروحة رغمًا عنها...
-خطوبتكم !

همهمت نسرين بإيجاب ثم ابتسمت ببشاشة قائلة..
-عقبالك ياريشة..رغم انك لسه صغيرة
بس إن شاء الله تلاقي إبن الحلال الي يسعدك

حركت ريشة رأسها بإيجاب والدوار يداهمها ولكن تماسكت وهتفت دون إبتسام...
-الف مبروك ياابلة نسرين..ربنا يسعدكم

ثم تركتهم سريعًا وخرجت من المكتبة بخطوات مُتعثره ووجه محتقن بالدماء..بينما ضياء يُطالع أثرها بحزن وأسف علي تلك الصغيرة التي امتلكت شعوره في الخفاء...ولكن هكذا أفضل..لها وله1

ولكن كان حال ريشة مختلف..كانت خطواتها في الشارع شبه راكضة..والدموع تهبط بلا توقف
وشعور الصدمة يختلط بالألم والخذلان
كانت تحبه!
وظنت أنه يحبها من نظراته الحنونة..شعرت بعاطفته في لهفته رؤيتها حينما تغيب عن زيارة المكتبة في وجودة
لقد صور لها عقلها انه يحبها هو الأخر
ولكن لم يحبها

عند تلك النقطة غص حلقها بألم وشعرت بألم يضرب قلبها
من قال أن الم الحب ليس حسي !
اطلقت العنان لساقها تسير بلا هدي..ولازالت دموعها لا تنضب ولازات شهقاتها مكتومة...يداها ترتعش بلا توقف

نظرت بعيناها المشوشة بفعل الدموع الي برج الحمام المشهور في منطقة جوار منطقتهم..لتصعد السُلم لتصل للعِلِية سريعًا

حتي وقفت في الأعلي وأنفاسها منتهية..ودموعها تزداد
وكلمات نسرين تُقطع قلبها بلا رحمة او شفقة
ضياء اختار أخري ليتزوحها !
هل كانت تتوهم ذاك الشعور المشترك بينهما!

هل يأسها من الحياة جعلها تتوهم الحب!
وإتصالاته التي كان يجريها لها خلسة أثناء فترة خدمتة العسكرية...رغم انه لم يقل شيئ صريح
إلا ان تلميحاتة لم تكن كاذبة

امسكت هاتفها الصغير وضربت علي الأزرار بغضب وألم
كتبت رسالة وبعثتها له..وكان فحواها كلمة يتيمة
ولكنها عبرت عن كل مايختلج في خاطرها
"ليه"...كلمة صغيرة للغاية وخلفها الكثير
جلست أرضا أعلي برج الحمام..وتركت العنان لشهقاتها أخيرًا..وهي تقبض علي هاتفها بقوة

ومع كل شهقة عالية كانت الطيور تفر من حولها
ابتعد الحَمام عنها وهو يترك لها المساحة لتعبر عن الألم
رن هاتفها برنين تعرفه..برقم تحفظه عن ظهر قلب
زادت قبضتها علي هاتفها وهي تخفي وجهها بيدها

لا تدري هل تترك هاتفها وتقبض علي قلبها الذي انتفض كالطير الجريح!
قلب لم يجد من يربت عليه..والتهي في شعور يُنسية اليُتم والضغوطات التي تصبها سيدتها عليها
أين المفر من كل تلك الآلام..اين

سكت الرنين أخيرًا..ليهمس صوت جوارها..
-اظن كان لازم تردي وتواجهي الي وصلك للحالة دي

انتفضت بفزع لتجد شاب جالس جوارها ارضًا يطالعها بنظرة صامته ومتعاطفة لتهتف بحدة...
-انتا ازاي تقعد كدا

تمعن الشاب بوجهها لثوان قبل أن يقول..
-هو انا كل مرة هشوفك هتكوني معيطة ياريشة

انتفضت واقفة وقد تبينت ملامح الشاب لها لتهتف..
-ايه قلة الأدب دي انا بقولك ايه الي مقعدك تقولي..

قاطعها بحدة جعلتها تنتفض بفزع...
-لمي لسانك واقعدي زي ماكنتي قاعدة يابت انتي
ولو سمعت كلمة يومك مش معدي

فزعت ريشة من نبرته القوية وتذكرت حين رأته في قسم الشرطة حينما هتف الضابط له" هستناك ياشريف بيه"
ابتعدت بعض الخطوات وجلست بعيد عنه بشكل نسبي

انمحت ملامحة الحادة وضحك بخفوت قائلا..
-كدا انتي بعدتي يعني..ماشي ياريشة

مسحت دموعها بتشتت لتهمس بصوت مُرتعش..
-انا عايزة امشي

أشعل شريف سيجارة ودخنها ببطئ ليقول وعيناه مُسلطة علي الحمام الذي يحوم حولهم بتناغم...
-كنتي بتعيطي ليه ...مين ضايقك المرادي

زمت شفتيها وعقلها يصور لها أبشع المشاهد إن ردت عليه بوقاحة..من الممكن أن يُلفق لها احدي التُهم ويسجنها
أو يستخدم قوته البدنية...وظهرت أفكارها علي وجهها بوضوح..ليبتسم شَريف بصمت..ليقول..
-مين ضياء الي كان بيرن
اتسعت عيناها وهي تري الهاتف بيده..لتضغط علي أسنانها بحدة لتقول بغضب مكتوم...
-هو تحقيق ياباشا..هو انا عملت حاجة

لم يجيب علي كلماتها ليقول..
-وكنتي بتعيطي بإنهيار كدا ليه..اممم إلا إذا...

وترك جملتة مُعلقة في الهواء لتدافع الظنون في عقلها لتقول بإندفاع...
-إلا إذا ايه...لو سمحت ياباشا عايزة تليفوني

نظر لها شَريف ببساطة هاتفا..
-انتي بتقوليلي باشا ليه !

هتفت بنفس التساؤل..
-إلا إذا ليه

هز كتفيه العريضين قائلا...
-إلا اذا انك متخانقة مع حبيبك ومزعلك
فا بتعيطي بسببه

زمت شفتيها واستحضرت عيناها الدموع من جديد
واشاحت وجهها عنه بألم..وقد تقلصت ملامحها من جديد
ليهمهم بخفوت قائلا...
-زعقلك !

هزت رأسها نافية لتتناثر دموعها وخصلاتها هامسة...
-خطب

تنهد شَريف بصمت وهو يلقي السيجارة ويمسح علي رأسه وينظر لها دون حديث..ليقول بعد صمت..
-بيرن عشان يبررلك

حركت كتفيها بعدم معرفة ولازالت تبكي بصمت
ليقول بتحذير..
-اكتر حاجة بكرهها في حياتي حد يكون عنده لسان وبينطق ويكتفي بالردود دي

رفعت رأسها بدهشة ولازالت دموعها تهبط
هل هو مجنون ! هي تبكي بإنهيار وهو يحذرها
ولكن صمتت ولم تُجيبه..وانتظرت ان يعطيها هاتفها

ولكن رأته يخرج أحد السيجار غريبة الشكل ويُمزقها بشرود وبطئ..عقدت حاجبيها ولم تمنع نفسها من التساؤل..
-وطالما بتبوظها بتشتريها وبتضيع فلوسك ليه

رفع رأسه لها وهتف بجمود..
-انتي عارفة ايه ببوظها دي ايه !

اجابت بتلقائية ونظرة مُستخفة بتساؤله..
-سيجارة..هتكون ايه يعني

تأمل وجهها الأحمر اثر البُكاء..وعيناها المُنتفخة..ليقول وهو يلقي السيجارة المُفتتة جانبا...
-سيجارة حشيش

شهقت بصدمة ونظرت لهيأتة وعقلها يُفكر
كيف لهذا الشاب الذي يبدو عليه الإحترام والعلم يشرب تلك الممنوعات..ليتقلص وجهها بإشمئزاز هامسة..
-وبشتري ليه البلا الأزرق دا من اساسه

سمع همستها ليقول ببرود..
- رغم إنه مش شغلك بشتريه ليه..لكن هقولك
عادي تجربة حاجة مجربتهاش قبل كدا

لم تنمحي ملامحها المُشمئزة لتقول...
-دا سبب دا..وبعدين هتبقا مدمن بعدين وهتندم
ماهو المنيل بندق كان بيشرب القرف دا
عشان كدا عقله مبقاش فيه

ضحك شَريف علي نبرتها المُشمئزة ليقول..
-لا متقلقيش انا مش مدمن..كل حكاية جربته مرة ومعجبنيش..فا قولت ملوش لازمة اجربة تاني
وإلا مكنتش بوظت السيجارة

همهمت ريشة لتقف قائلة...
-عايزة تليفوني لو سمحت

عبست ملامحه ليقول..
-انا قولتلك قومي !

لاح الخوف علي وجهها ليتنهد وهو يضرب علي ازرار هاتفها..ثم هتف وهو يقذفة لها...
-امسكي

التقطتة بصعوبة وكادت تفر من امامة لتسمع صوته يقول..
-ريشة..الي يكون سبب في انهيارك دا تاني
متتردديش تعملي فيه زي ماعملت في السيجارة كدا

إلتفتت له هاتفة بعدم فهم..
-ابوظه !

ضحك شَريف لثوان وهو يهز رأسة قائلا..
-لا لما تجربي حاجه ومتعجبكيش لازم تسيبيها...وخصوصا لو كانت لسبب..مثلا فراغ عاطفي..تمرد..عايزة تثبتي لنفسك حاجة
ودا بينطبق علي العلاقات والحب والزمالة....والحشيش

همهمت بإمتعاض هاتفة
-انتا بقا جربت الزفت دا بسبب الفراغ ولا التمرد ولا عايز تثبت لنفسك حاجة

تقلصت ملامحة بجمود وكأنه لم يكن يبتسم منذ ثوان..
-حاجة متخصكيش

وهبطت البرج سريعا بينما ظل هو بمكانة..وأخرج سيجارة "بريئة" ودخنها ولازالت عيناه شاخصة في السماء وقت الغروب..لينطق هامسا...
-حد في الدنيا يبقا اسمه ريشة !

x x x x x x x x x x x x x x x xx ***
خرج آخر موظف في المكتب ولازالت مُنكبة علي الأوراق التي ستسلمها اليوم لرئيسها..وللحق طوال الإسبوع الماضي لم ترفع عيناها عن الأوراق والتهت بهم
رغم الدموع التي كانت تطرف عيناها كلما أستحضرت كلمات وائل..إلا ان العمل المتراكم يعيدها الي تركيزها

سبع أيام كاملة لم تنفك عن العمل بشكل مستمر ومُضاعف
تعمل عمل اكثر من ثلاث موظفين..ولازال صالح يكلفها بالمزيد والمزيد...وحينما تخبرة ان هذا كثير
يصيح بصوتة الحاد
"علي مكتبك ياباشمهندسة وبلاش دلع"

صدح صوت هاتفها..لتمسكة وتجيب بخفوت...
-ايوه ياحلا

-ايه ياليلة عاملة ايه دلوقتي
طمنيني عنك

تنهدت ليلة وهي تلقي القلم بضجر..
-زهقت من الشغل الي مش راضي يخلص دا
المكتب بتاعي والي جنبي فضيو وانا لسه قاعدة بشتغل

شهقت حلا بدهشة...
-انتي لسه في المكتب..دا معاد الشغل عدي عليه تلات ساعات ياليلة كل دا استاذ صالح مذنبك

"مذنبك" كلمة جعلت ليلة تنتفض هاتفى بحدة..
-اقفلي دلوقتي ياحلا عشان دا مكلفني بشغل يقعدني في الشركة للصبح

وصلها إتصال من مكتبة لترفع السماعة وتسمع صوته الحاد يقول أمرًا...
-خلصي تصميم الڤيلا وهاتية..وركزي في شغلك ياباشمهندسة مش عايز تقصير

اغلقت ليلة الهاتف وألقته علي المكتب بعنف واتجهت الي مكتب مُديرها المُباشر وهي علي حافة الغضب
لم تطرق الباب بل دلفت بعنف وصاحت...
-ممكن افهم سبب الي بتعمله دا...اسبوع كامل وشي محطوط في شغلي وشغل غيري وكأني عبدة هنا

رفع صالح وجهه إليها وهتف...
-اطلعي برة روحي شوفي شغلك

ازداد غضبها اضعاف وتوهج وجهها بحمرة الغضب لتقول بين أسنانها...
-أنا..مُستقيلة..مش هكمل شغل معاك

والتفتت لتخرج ليقول بنفس هدوئه..
-العقد الي انتي موقعاه مع الفرع الي في السعودية بيقول ان مدة العقد بتاعك تلات سنين كاملة بدون إنقطاع إلا للأجازات المسموح بيها وأجازات الرأفة..وفي حالة وفاتك بس يبقا عقدك منتهي..وللاسف مفيش شرط جزائي تدفعية وتمشي لأن عقدك بيقول ياالشغل ياالحبس
إلا لو انا الي فصلتك

كان يتحدث وهي في حالة صدمة كبيرة..لتتجمع الهموم علي قلبها وكذالك الدموع.. التفتت له لتقول بإختناق..
-انتوا بتعملوا معايا كدا ليه !

لم يتأثر صالح لنبرتها الباكية ليجيب..
-عشان مصلحتك..متخليش تجربة فاشلة تأثر علي قراراتك وشغلك ياأنسة

زاد إختناقها عندما تأكدت ان خبر طلاقها أُشيع في عملها ووصل الي رئيسها الا مُبالي لتقول بحدة رغم الدموع..
-مش من حقك تحكم علي حياتي بالفشل او النجاح
مش من حقك تعمل فيا كدا

جملتها الأخيرة كانت مُتهدجة يائسة..جعلته ينظر لها بتدقيق ليجد التشتت في عيناها..وكأنها تُخاطب شخصًا أخر...ليقف من مقعدة ويقترب قائلا...
-عملت فيكي ايه !

قالت وهي تبكي وترتجف وتنظر ليدها موضع الخاتم..
-ت..تعمل الي عملته..تخوني وتفضل تجرح فيا
وتقول أني مرمية عليك..مش من حقك تكون غلطان وتجرح بالكلام كمان

عندما تحدثت بإنهيار وهلوسة تأكد أنها ليست بخير
وان ضغوطها مع ضغطة عليها في العمل جعلها تصل الي مرحلة الإنهيار علي أتفه الأشياء

ليجاريها قائلا...
-بس دا نصيب..لازم تتخطي الي حصل
كأن مفيش حاجة حصلت من الأساس

كانت كلماته تصل لها من بعيد للغاية..ولكن همست بنبرة جعلته يتأثر علي حالتها المُتألمة..
-طب وقلبي

جملة جعلت يُصاب بالخرس المؤقت وهو يمسح علي وجهة بنفاذ صبر وتعاطف..ليقول بلين..
-اتفضلي روحي ياانسة ليلة..وتكوني موجودة بكره في ميعادك

رفعت وجهها الباكي وملامح الضياع ترتسم علي وجهها
لا تدري من أمامها..وائل..ام رئيسها صالح !
لتهمس بتشتت..
-انا...انا ماشية

ثم خرجت من المكتب بينما جذب مفاتيحة الخاصة وخرج خلفها قائلا...
-تعالي هوصلك

هزت رأسها بنفي وأمسكت هاتفها بأنامل مُرتعشة تتصل بأحد الأرقام..ليجيب الطرف الأخر لتقول بصوت مرتجف باكِ...
-كريم تعالي خدني من الشغل

بينما صالح ظل يطالعها لثوان وهو يُفكر
امثل ليلة تُخان..اي رجل يملك العقل ليخون تلك المرأة
وخاصة وهي تُكن تلك المشاعر له..اي أحمق هو
ولكن رجع الي مكتبة بصمت وهو يُطلق تنهيدة عالية
واصابعة تُمسد بين عيناه مطولاً عله يزيل تأثرة من بُكائها
وهمستها المؤلمة حينما قالت
"طب وقلبي"

لهج لسانة بدعاء لها ولقلبها سرًا
عل الدعاء يُنجيها

x x x x x x x x x x x x x x x x x ***


وسام اسامة غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس