عرض مشاركة واحدة
قديم 03-07-22, 04:13 PM   #3

شهيره محمد

? العضوٌ??? » 489212
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 529
?  نُقآطِيْ » شهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

مساء الخير والهنا ♥️

المشهد الرابع

منذر

في الخارج أسرع بشر نحو السيارة ليفتح بابها ويلتقط منها زجاجة المياه فيفتحها ويسكبها بأكملها على رأسه محاولا أن يخرج من حالة التلبد التي أصابته ثم سقط جالسا فوق المقعد يهمس بفزع "ماذا فعلت؟ لن أعرضها لذلك أبدا …. ماذا أفعل؟" كان بشر كمن أصيب بنوبة هلع انتشله منها صوت صفي الذي يصرخ بمنذر "كيف تفعل ما فعلت في الداخل؟ هل تعمدت أن تضعنا أمام الأمر الواقع؟" قال منذر بسخرية "لماذا أنت عصبي لتلك الدرجة؟ فهذه حياتي وأنا حر" رد عليه صفي باستنكار "حر! ...كيف؟ وماذا عن أسمهان ومحسن؟" نظر منذر لأخيه وقال بتهكم "لم أرك تثور لهذه الدرجة حين تعنتت وطلبت الطلاق بينما عادت زوجتك إليك، لم أرك غاضبا فاقدا لتعقلك وهي تقصيني من حياتها وتعلن أمام الجميع أنها ابنة عمي وأم ابني فقط فيما كانت زوجتك بجوارك ولم أرك معترضا في كل مرة كنت أتوسل إليها لتصفح فتزداد رفضا وامتهانا لكرامتي وأنت غارق بنصرك أن بلقيس سامحتك وغفرت لك، لذلك كما كنت بلا دور من البداية فابقَ كما أنت ولا داعي لتتدخل" هم صفي بأن يهجم على منذر ليقف أسد بينهما وهو يقول "كفاكما فضائح، صفي دعه يفعل ما يشاء" قال منذر بسخرية ظاهرة لكنها كانت كجحيم يأكله "نعم يا صفي دعني أفعل ما أريد كما تركتموها تفعل ما تريد، ارفعوا أيديكم وأحكامكم عني كما فعلتم معها ورضختم لقرارها، لا تلوموني على أي شيء فلا أحد فعل معها حين تركتني وأحرقت قلبي" همد جسد صفي الذي كان متحفزا بغضب وقال "أيها الاحمق هل تظن أنني وبلقيس لا نعاني من تبعات ما حدث؟ هل كل ما رأته عيناك أنها بجواري وقد سامحت وغفرت؟ أنا فعلا لن أتدخل لأنك بهذا التفكير قد اخترت بملء إرادتك أن تصير أعمى لا ترى الحقائق كما هي بل تراها كما تريد لتظل تقنع نفسك أنك الوحيد الذي يعاني، تزوج يا منذر وعش كما تشاء، ولكن تذكر أن أسمهان يوما ما ستأتي لتقول سأتزوج وحينها كما لم نعارضك لن نعارضها ولتحسب من الآن خساراتك لأنها حقا فادحة" صمت منذر وتراجع خطوات للخلف كأنه يهرب مما ألقاه صفي بوجهه فيتدخل سالم بهدوء ليقول رغم الغصة العالقة بروحه "أنا لم أعلمكم أن تقفوا ضد بعضكم، الأمر لا يستدعي كل هذا الغضب يا صفي، اهدأ وبارك لأخيك وادعُ أن يتمم الله له على خير ويبارك له" نظر صفي لعمه بعدم تصديق وقال "عمي..." رد عليه سالم بحسم "لا أريد جدالا ...بارك لأخيك ...وأنت يا اسد بارك لأخيك" كانت لحظة حاسمة في حياة منذر والجميع ينصاع له ويسلم لقراره تاركين إياه ليقود سفينة حياته ليقترب منه أسد ويضمه بأخوة وهو يقول "إذا كان هذا ما سيسعدك فأنا سعيد لأجلك" ثم يتبعه صفي الذي ضم أخاه وقال "مبارك يا أخي" أحنى منذر رأسه واقترب من عمه يستشعر انهزامه وهو يقول بتوتر "عمي" ربت سالم على كتفه وضمه بحنان وهو يقول "لا داعي للتبرير يا بني فأنا واثق أنك عاقل وتستطيع إدارة حياتك ...مبارك لك" أمال منذر رأسه على كتف عمه والصمت كان أبلغ ما يقال ليبعده سالم وهو يقول "هلا شرح لي أحدكم ما به كبيركم؟ يبدو كمن صُعق بالكهرباء كأنه لا يصدق أنه سيتزوج" توجهت العيون إلى بشر الذي كان ما يزال على جلسته والمياه تقطر من رأسه وعيونه شاخصة إلى الأمام والأفكار سيوف تقتله كمدا، يجاوره ليل الواجم برفض وقد أقصى نفسه عما يحدث بالصمت….



❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️

المشهد الخامس

خرجت سجى وخلفها الفتيات ليجدنَ الشباب يجلسون بوجوم وصمت فقالت وقد شعرت بالتوتر الذي يملأ المكان "بلقيس جهّزت العشاء للأطفال، سآخذ نوراي لتأكل" هزت سمراء رأسها وهي تقترب من عمها لتقبل كفه ورأسه وتقول "أنارت مصر بوجودك يا عمي، كيف حالك؟" لم يستطع سالم أن بجيبها سوي بإيماءة بسيطة من رأسه فعقدت سمراء حاجبيها وتحركت تجلس بجوار ليل الواجم وتسأله بهمس "ماذا حدث؟" التفت لها ليل ونظر لعينيها بعمق ثم تنهد وقال "لم يحدث شيء" عقدت سمراء حاجبيها بعدم فهم والتفتت لأسد الذي بدا من شدة عبوسه كأنه شخص آخر وبجواره عزيزة تهمس له بكلمات فلا يجيبها سوى بهزة من رأسه ليقول فخر "سأرحل أنا فأمير ينتظرني" وقفت سمراء تقول باعتراض "لن تذهب إلى أي مكان يا فخر قبل أن تتناول معنا العشاء" أمسك ليل بكفها وقال بصوت مكتوم "اتركيه" وقف صفي يقول بهدوء "أين بلقيس؟" نظرت لهم أسمهان بقلق متحاشية النظر إلى منذر واقتربت من والدها لتقبل رأسه وكفه وهي تقول "حمدا لله على السلامة يا أبي، اشتقت إليك" جاهد سالم ليبتسم ولكن ابتسامته وأدها القهر لتتمعن في وجه والدها ثم تسال بتوتر "أبي، هل أنت بخير؟" ربت والدها على رأسها وقال "بخير يا حبيبتي، أين والدتك وخالتك؟" ردت عليه محاولة أن تستشف ما يدور وقالت "خلدتا للنوم بعد صلاة العشاء فاليوم كان طويلا عليهما" وقف سالم وقال "أنا أيضا أريد أن أنام" سارعت سمراء تقول "ألن تتناول العشاء معنا يا عمي؟" قال سالم "لا أستطيع" تحفزت سمراء بنظرة أدركها ليل جيدا وقالت "هلّا شرح لي أحدكم ماذا يحدث؟ هل رفض الشيخ أن يتزوج بشر من خارج العائلة؟ لا أظنه سيعارض" أنهت سمراء حديثها تناظر تبارك التي كانت تقف بجوار زوجها لتدعمها تبارك قائلة "فعلا أبي لن يمانع أبدا، فبشر ليس أول شاب يتزوج من خارج العائلة، أظن أن الأمر لا يخص بشر" قالتها تبارك بتفكير غير مدركة أنها أصابت الهدف لينظر نزار لأخته محاولا أن ينهي هذا الموقف السخيف بأسرع ما يمكن واثقا أن أسمهان ستجيد التعامل مع الموقف فهي لم تخيب ظنه بها يوما لتفعل الآن، رغم صعوبة الموقف قال بشجاعة "الشيخ وضع بشر في موقف لا يحسد عليه فارضا أن يتم الزفاف على أرض العزايزة" كسا الذهول ملامح الفتيات فهن على علم أن سالم لا يدري بأمر تولين لتسارع أسمهان تسأل بعدم فهم "وهل هذا ما يجعلك مهموما لهذه الدرجة يا أبي؟" اعترض سالم قائلا "لستُ مهموما يا حبيبتي ولكنني مرهق وأريد أن أرتاح" جذبت عزيزة ذراع أسد بخفة لتسأله "ما به عمي؟" لتأتيها الإجابة من نزار الذي قال "باركْنَ جميعا لمنذر فقط خطب اليوم من الشيخ إحدى فتيات العائلة" لحظة واحدة مرت بصمت وكل واحدة منهن تأخذ وقتها كاملا لإدراك الصدمة بعكسها هي، لم تُصدم أبدا بل كان الأمر بالنسبة إليها أشبه بانتصار كبير، فلا أحد يعلم أبدا أن جزءا منها كان يجلدها بلا رحمة ويتهمها بالأنانية لأنها فضلت كبرياءها على كل شيء، على ابنها الذي يحتاج والده، على قلبها الغارق بالعشق وعلى منذر الذي كان ينتظر منها غفرانا لم تستطع أن تمنحه إياه، وأخيرا سكن ذلك الجزء بانهزام وهي تؤكد له أن منذر لم يكن ذلك الرجل الذي سيصمد، فبرغم حبه لها ليس ذلك الثابت الراسخ. زفرة راحة توسعت لها الأعين وضربت الجالس بصمت مذ بدأ الحديث بمقتل لتبتسم وهي تلتفت له قائلة "مبارك يا منذر، هل نعرف العروس أم هي من فرع بعيد من فروع العائلة؟" لا يدري في هذه اللحظة كيف يصنف شعوره، فلا هو سعيد بما فعل ولا هو نادم عليه وتلك النظرة في عينيها تؤكد له أنه خارج الحسابات والحسبان، ليقول بتفاخر تعمده يحاول أن يداري به جرح كرامته "الطبيبة بهية العزايزي" نطقن جميعا بذهول في نفس الوقت "بهية!" نظر أسد بوجوم لعزيزة وسألها "هل تعرفينها؟" لتأتيه الإجابة من أسمهان التي قالت "ومن لا يعرف الطبيبة؟ أهنئك على اختيارك يا منذر فبهية جوهرة حقيقية" ضم سالم ابنته يدعمها بصمت فيما قالت سمراء بضيق لمنذر "رغم أنني أملك أسئلة لا نهاية لها حول الأمر لكن مبارك لك يا منذر" لتمتم عزيزة خلفها "مبارك يا منذر" لتلتفت الأنظار لتبارك التي بدت حزينة لأجل أسمهان فوضع نزار يده على ظهرها يحثها على المباركة لتقول "مبارك لك" خرجت بلقيس من المطبخ ليسرع صفي نحوها يقبل رأسها وقد بدا على وجهها أنها سمعت كل شيء، فقالت بصوت خافت "مبارك لك يا منذر" خرج عاصي من الغرفة يساعد غفران لتتحرك وقد بدت شبه نائمة لتدور أعين منذر بين الجميع، سمراء جوار زوجها، عزيزة تلازم أسد، تبارك محاطة بنزار وبلقيس تسكن لأخيه، حتي هي بين أحضان والدها وهو لا يجاوره شيء سوى الفراغ والوحدة.
وقف منذر يقول "سأرحل أنا فهناك أمر أريد أن أقوم به" فقال له ليل "مأمون وبشر على وشك الوصول، انتظر ل…." قاطعه منذر يقول وهو يتحرك نحو الباب "غدا إن شاء الله يا ليل" خرج منذر يتمتم لنفسه بغضب كأنه يؤنبها على ضعفها الذي يعاني منه "أسمهان انتهت، لن أفكر فيها ثانيةً فأنا لا أريد امرأة تحاسبني على أخطائي وتعاقبني بالفراق والنبذ بل أستحق أكثر من ذلك وهذا ما سأحرص عليه مع تلك التي جلبها القدر لطريقي وإن لم يكن معها فمع غيرها".
نظر فخر لأخيه ثم حرك رأسه بوداع وانسحب خلف منذر ليُخرج صوت أسمهان الثابت الجميع من حالة وجومهم وهي تقول "فليهاتف أحدكم بشر ومأمون فلقد تأخرا وهكذا لن نأكل إلا بعد منتصف الليل" …...
❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️


كل من حولها يندد بحريتها، يغتال ما يعتريها من الفخر والكرامة، تدرك أنها ستظل سجينة، سبية ومصيرها معلق، ستعيش وهم الحرية ولا يمكنها أن تطمع بأكثر من ذلك لأنها في الماضي كانت زوجة لرجل لا يرحم والآن هي مطلقة في مجتمع يتعامل مع الطلاق كوصمة عار، فلا يمكن لاحتشامها أن يكون كافيا، ولن يشفع للمطلقة تدينها ولا أخلاقها في هذا المجتمع، وكأنها أصبحت شيئا مستهلكا في نظر البعض فتُصنف بدرجة أقل من باقي البشر وتُعامل بانتقاص، والبعض الآخر يراها خطرا لابد من الاحتراس منه فتُعامل كالوباء، وهناك من يراها متمردة لا تحترم الأعراف فتُعامل بنوع من عدم الاحترام بل وأحيانا تكون مطمعا للنفوس الضعيفة التي تظنها عقولهم المريضة صيدا سهلا.
ارتشفت بهية كوب اللبن على عجل وهي تقول لنفسها مصيرك يا بهية حروب لا تنتهي، ففي البداية كانت حربك ضد شخص واحد وعانيتِ منها كثيرا، فهل تظنين أن محاربة المجتمع بأكمله بالهينة؟ ابتسامة متحسّرة شقت ثغرها الوردي لتحمل حقيبتها وتخرج من باب المنزل الخلفي تنظر لساعتها وهي تدعو ألا تلتقي بوالدها أو أحد من إخوتها وإلا سيكون صباحها بائسا كما العادة.
تحركت بهية تدعو الله أن يتمم هروبها الصباحي على خير فهي لا ترى نور السماء إلا وهي ذاهبة للشيخة نعمة كل صباح لتعطيها أدويتها وتتابع حالتها، ولم تكن تستطيع فعل ذلك لو لم يكن الشيخ من أمر والدها وإخوتها بنفسه بإرسالها، وما إن همت ببلوغ بوابة المنزل حتى أوقفها صوت أخيها الجهوري يقول بغضب "إلى أين يا بهية؟ هل تظنين دخولك وخروجك بالأمر الهين؟ كم مرة سأحدثك عن وضعك، يكفي ما حدث لنا بسببك والأفواه التي أصبحت تلوك سيرتنا" التفتت له بهية بعيون محتدة غاضبة لا تظهر من تحت نقابها وقالت له "ذاهبة إلى البيت الكبير كما أفعل كل صباح لأجل الشيخة نعمة ...ووالدي يعلم يا محمود ….أما بخصوص وضعي والكلام الذي طالكم فأنا لن أدخل معك بهذا النقاش مجددا ... السلام عليكم" تحرك محمود يقول لها "لم يعد هناك خروج بمفردك، قدمي على قدمك أينما ذهبت، ألا تعرفين ما الذي يقال على أمثالك؟ أستغفر الله العظيم" كانت بهية كعصفور يُنحر كل دقيقة ومن أقرب الأقربين، كانت تود لو بإمكانها أن تصرخ وتثور لكنها قالت بغضب محاولة إنهاء ذلك الجدال العقيم "عليك أن تستغفر كثيرا يا أخي حين تحرِّم ما أحله الله، حين تأمر الناس بالبر وتنسى نفسك وحين تجاهر بالمعصية وأنت غارق فيها" لم تترك له بهية مجالا ليرد وهي تسرع خارجة من بوابة المنزل ونقابها وحده من يشهد على دموعها ومناجاتها لربها ليكرمها بالفرج العاجل…….

بعد قليل
كانت بهية تنظر لوجه نعمة الذي يشع ضياءً كأن القرآن الذي لا تتوقف عن تلاوته زادها نورا وراحة وعزلها عن الدنيا بسوادها وشرورها، فابتسمت بسكينة وقالت لمنار بهمس "ما شاء الله ...اللهم زدها من فضلك ...طمئني الشيخ فضغطها اليوم أفضل بكثير" ربتت منار على كتفها برقة وقالت لها "لنتركها لخلوتها فنحن قد تطفلنا عليها أكثر من اللازم، كما أنني أريد أن أتحدث معك قليلا" ابتسمت بهية التي كانت شديدة الشبه بمنار أكثر من تبارك التي ورثت منها حلاوة الطبع...
خرجتا معا من الغرفة بهدوء لتقول منار "تعالي لنتحدث في مجلس الشيخة بعيدا عن الخادمات" استغربت بهية وقالت "هل الأمر بهذه الجدية؟" هزت منار رأسها وقالت "أي شيء يكون الشيخ طرفا فيه فهو شديد الجدية" انقبض قلب بهية وارتجف بدنها وهي تتحرك بجوار منار ورعبها أن يكون ما سيقال له علاقة بوجود يوسف في منزل الشيخ بالأمس.
أغلقت منار باب المجلس خلفهما وقالت لها بابتسامة ودودة "اجلسي يا بهية فالشيخ حمّلني رسالة لك" جلست مقابل منار وهي تقول بتوتر "خيرا يا منار" قالت لها منار "خير يا حبيبتي لا تقلقي، هناك من خطبك من الشيخ بالأمس والشيخ وافق وينتظر موافقتك، ورسالته لك أنه لن يجبرك على القبول لكنه يبلغك أن القبول أفضل لك وفي النهاية القرار قرارك" فسألتها بهية بارتباك "أتقولين إن الشيخ وافق؟ إذاً كيف ينتظر موافقتي؟ لا أفهم" رمقتها منار بتفحص وقالت "الشيخ وافق على الفكرة مبدئيا فأنت تعلمين أن باستطاعته رفض الأمر شكلا ومضمونا وعدم إبلاغك بالأمر لكنه رأى أن …." قاطعتها بهية لتقول بفزع "أهو يوسف؟" قالت منار برفض "بالطبع لا، فالشيخ يقول إن هذا الإنسان خبيث لا يُؤتمن جانبه لذلك أنصحك أن تفكري بالأمر بجدية، الشيخ يريد صالحك ويقول إن منذر رغم عيوبه وانفصاله عن زوجته سيكون خيرا لك بإذن الله" لم يكن الاسم بغريب على أذن بهية التي سألتها برهبة "من منذر؟" لتجيبها منار "منذر رأفت العزايزي" وقفت بهية لتقول بصدمة "أخو سمراء وعزيزة!" جذبتها منار من كفها بلطف لتجلس وهي تقول "نعم هو" ليطفو الاستنكار على ملامح بهية التي قالت "هل من لم يحفظ ابنة عمه التي تربت معه في منزل واحد سيحفظني أنا؟ ثم لماذا أنا؟ ومن أين يعرفني؟ هل الشيخ من عرضني عليه؟" عبست منار وقالت بلوم "ما هذا الحديث يا بهية؟ أين عقلك وحكمتك؟ هل تظنين أن الشيخ قد يعرضك كالسلعة على أي أحد؟" أشاحت بهية بوجهها وقالت "لا أعرف يا منار، ولكنني أشعر أن الجميع يريد التخلص مني وعلى رأسهم أبي وإخوتي" أمسكت منار كفها لتقول "أقسم لك أن ابني جعفر أكد لي أن الشاب وقف في المجلس وطلبك بالاسم، ثم لماذا تحكمين عليه من خلال تجربة مر بها؟ فلا يمكن أن يكون طلاقك من يوسف معناه أنك شخص سيء وربما لا يوجد بينكما شخص سيء ولكنكما غير متفاهمين وغير متوافقين، أنا أدرك كم تكرهين الأحكام المسبقة على البشر لذلك فكري على مهل، وتيقني أنك ربما تجدين في منذر الرجل الذي يستحقك وتستحقينه، فزيجة كهذه أولا ستكون لك نجاةً من جبروت يوسف الذي لن يدعك تعيشين حياتك ورغم أن الشيخ سيتصدى له لكنه شخص لا يؤمن جانبه أبدا، وثانيا ستكون تحررا من تحكم والدك وإخوتك والشاب كما سمعت عنه متحضر كثيرا لم يكن يمنع زوجته السابقة من العمل وحتى أخته من تدير الشؤون القانونية الخاصة بمجموعتهم وهذا مبشر فهو سيدعمك لتحققي ذاتك، وأيضا سمعت أنه صغير بالسن ووسيم وأهله جميعا أشخاص طيبون وهذا أنا واثقة منه لأن ابنتي دخلت بيتهم فعاملوها كواحدة منهم ومن اهتمت بغفران طوال الوقت خالتك كوثر والدة منذر" هزت بهية رأسها بحيرة رهيبة وقالت "لا أعرف حقا ماذا أقول" قالت لها منار بمودة "أنت تعلمين كم أعزك ولولا ما بيننا من عشم لم أكن لأقول لك ما سأقوله ….اسمعيني يا بهية….كان يمكنني أن أكون أنا أول من تطلب الطلاق حين سمح به أبي جعفر رحمه الله، فأنت لا تعلمين كم أن الشيخ عبد الرحمن قاس كالجمر الذي أطبق عليه كفي فلا ينطفئ ولا أرتاح من احتراقه لكن قلبي الذي يحبه والذي اعتاد غيرته وغضبه وجموده يغفر له بل أضحيت أرى أن كل ما به يناسبني كأننا نكمل بعضنا، وأنت لم تحبي يوسف أبدا لكنك عشتِ معه بالمعروف وانتهى ما بينكما بالمعروف أيضا، فلماذا لا تطوي الصفحة وتنتهزي الفرصة لعلك تجدين في هذا الإنسان كمال روحك؟" لم ترد بهية فقالت لها منار "الشيخ يريد ردك غدا بإذن الله فهو لن يخبر أباك أو إخوتك لأنه يعرفهم جيدا، فكري يا بهية ومهما كان قرارك أعدك أنه سينفذ بإذن الله" أغمضت بهية عينيها وما بين أفكارها التي ترفض تلك الزيجة غير واضحة المعالم كان هناك شيء مقيد بها يرجوها أن تطلقه ليحلق بعيدا عن هنا ...عن أرض الأوهام الحرة ...والحرية الواهمة ……..

❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️

المشهد السابع:

في ذلك المجلس الكبير كانت تجلس وحيدة تحاول بمنتهي الهدوء إدراك تبعات القرار الذي اتخذته، فاليوم ستتزوج رجلا لا تعرف عنه شيئا وما تعرفه عنه يجعل موافقتها على الزواج منه أغبى ما فعلته في حياتها، فكأنها بعد زواجها من يوسف أصبح لديها غباء غير منقطع النظير فيما يخص الرجال، لكنها الآن ستتزوج وسترحل مع زوجها تاركة تلك الأرض التي لم تتوقف عن قمعها ابنةً وأختا وزوجةً لسنوات وستحلق في فضاء جديد تماما عليها تخشى أن يكون وسعه صادما لها فتستيقظ من أحلامها علي واقع قاسي جديد، انقبض قلب بهية فأغمضت عينيها تستعين بذكر الله ليُفتح باب المجلس وتدخل منه تولين وخلفها حورية، فتوترت بهية ووقفت تستقبلهما بلباقة فاقتربت منها حورية تقول بحفاوة "أهلا وسهلا بالطبيبة، هل تأخرنا عليك؟" قالت بهية بتوتر وعيناها تسترقان النظرات لتولين التي وقفت بعيدا عنها قليلا "أبدا لكنني خشيت أن يبرد الطعام ومنار أخبرتني أن تولين لم تتناول أي شيء مذ أتت إلى هنا، كيف حالك يا تولين؟" أخذت تولين نفسا قويا تطرد به كل المشاعر السلبية التي يولدها فيها أمر زواج منذر فبهية بدت شديدة البساطة والطيبة والجمال واقتربت منها تبتسم بقدر ما استطاعت وقالت "كيف حالك يا طبيبة؟ ظننت أنك قد نسيتِني فذكرياتنا معا لا تحفز الذاكرة" ابتسمت بهية وقالت "وكيف افعل وقد تركتِ بذاكرة كل فتاة من العائلة أثرا لا يُمحى، فالجميع يرينَك بطلةً ….بطلتنا جميعا" غامت عينا تولين ورفعت أصابعها تتلمس ذلك الأثر أعلى جبهتها لتقول "أنا لست بطلةً صدقيني، بل ما حصل كان بمشيئة الله ورحمته" قالت حورية "الطعام سيبرد ومنار الرقيقة ستتحول لأخرى لا تجيد سوى التوبيخ وطبعا سيكون التوبيخ موجها لي وحدي" نظرت تولين للطعام حتى وقعت عيناها على طاجن ورق العنب باللحم فانتابتها مشاعر لا تفسير لها وتحركت نحوه كالمغيبة وجلست أمامه تماما تقول "هذا لي ولا يمكن أن يكون لغيري" نظرت حورية لها بتعجب فتحركت بهية لتجلس بجوارها وقد استرخت قليلا لترفع إليها تولين عينيها الدامعتين وتقول "مبارك يا بهية، أتمنى السعادة لكما أنت ومنذر" لم تدري بهية ماذا تقول فقد أخرستها الصدمة وخاصة حين عادت تولين إلى الطاجن لتأكل منه كأنها تتغزل فيه ……..
❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️❤️
المشهد الثامن :

خلال لحظة كانت كنزي تعدو كطفلة غير عابئة بالنظرات المسلطة نحوها وتقترب من المجلس ثم تقتحمه بلا استئذان، فوجدت تولين تكاد تذوب من فرط لذة الطعام تجلس بسلام وعيناها غائمتان حزينتان، وضعت يدها على صدرها الذي يرتفع ويهبط بانفعال وهي تقول بغضب "لثاني مرة أخبرك أنني لن أسامحك أبدا أبدا أيتها الخائنة" ابتسمت حورية لكنزي فيما ذهلت بهية للحظات قبل أن تشعر بنفسها كفأر سقط بمصيدة وهي تلمح الواقفتان خلف كنزي، رفعت تولين عينيها بهدوء نحو كنزي وزمت شفتيها كالأطفال تقول لها بتأثر بالغ "لم أصدق حين رأيت ورق العنب، تعالي وانظري إليه كأنه جاء لأجلي" تحركت كنزي نحو تولين تجلس على ركبتيها وتضمها بقوة وهي تقول "لم أرَ بحياتي صديقة خائنة مثلك، أنا أشتاق إليك الآن وسنتعامل كأن شيء لم يكن ما دمت بخير، لكن هذا لا يعني أني سامحتك" ضمتها تولين بقوة وقالت "كنت أتمنى بهذه اللحظة لو أنك بجواري تشاركينني الطعام وتخبرينني أني حمقاء بلا عقل لكن كل شيء سيكون بخير" اعتدلت كنزي في جلستها تجاور تولين ثم بدأت تأكل وهي تقول "أنت حمقاء بلا ذرة عقل ولا لمحة تعقل، خائنة للجميع ولي بشكل مضاعف لكن كل شيء سيكون بخير والطعام فاق توقعي، مذاقه شهي" ابتسمت تولين وقالت لها "افتقدت وجودك" عادت كنزي لتعانقها فقالت سمراء "آسفات للمقاطعة لكن نحن هنا" التفتت لها تولين بعيون دامعة ترفع ذراعيها كطفلة فانحنت سمراء لتضمها بقوة ثم تقبل جبهتها وتقول "الحمد لله أنك بخير، بشر وصل كالمجنون وهو في الخارج والجميع كان مرتعبا عليك" همست تولين بصوت مختنق "أنا بخير" تحركت سمراء مفسحة المجال لأسمهان التي ضمت تولين وهي تقول لها "أيتها القوية، كان عليّ أن أخبرهم أنه لا داعي للقلق عليك فها أنت تتوسطين مجلس الشيخة مع طاجن ورق العنب خاصتك" ابتسمت لها تولين فقالت حورية "لا سلام على الطعام اجلسن لتأكلن" جلست سمراء ثم نظرت لبهية بابتسامة هادئة وقالت "اعذرينا يا طبيبة ولكن لساعات كنا سنموت من القلق عليها، كيف حالك؟" تمتمت بهية باختناق تحاول ألا تحيد بنظراتها نحو أسمهان "لا عليك، أنا مقدرة للوضع، كيف حالك أنت؟" صمتت للحظة ثم وقفت فجأة بتوتر تقول "سأخرج لأساعد منار" توترت الأجواء والعيون تتجه لأسمهان التي أمسكت بيد بهية تجذبها لتجلس وهي تقول "لا داعي لكل هذا التوتر يا طبيبة فأنت أصبحت من العائلة الآن، اجلسي ودعينا نأكل" نظرت لها بهية بتوتر فهزت أسمهان رأسها تقول "لا داعي للحساسيات فيما بيننا، نحن سنصبح عائلة ولا أخفيك سرا لقد سعدت جدا حين أعلن منذر أنه سيرتبط بك، ففي النهاية أنا أعرفك وأعرف أخلاقك فلم أكن لأرضى بغيرك لتكون أمّاً لإخوة ابني، مبارك لك يا حبيبتي، أتم الله لكما بالخير" لم تكن بهية تدري ما هو شعورها تحديدا في هذه اللحظة فشيء بها اطمأن وشيء بدأ يرتجف بهلع وهي تلتفت إلى سمراء التي تقول لها "مبارك يا طبيبة، من الجيد أن يكون لدينا طبيبة فأنت لا تعرفين أي أسرة كثيرة الحوادث نحن" هزت بهية رأسها برقة تشعر بالوحدة وسط هذا الكيان المهيب وخلال لحظات عم الصمت والجميع يتناول الطعام بهدوء لم يخلُ من مشاكسات كنزي وتولين …..

مرت دقائق قبل أن تدخل منار المجلس تطلق زغرودة رقيقة مثلها وتقول "لقد عقد المأذون القران ويريدون العروس في مجلس الرجال" التفتت العيون نحو بهية حتى تولين التي كانت تلوك قطعة لحم ببطء فارتجف بدنها تبحث وسط وجوههن عن أختها لتؤازرها أو عن أمها لتقف بجوارها فلا تجد غير الوحدة صاحبا لها، لينقذها صوت منار التي قالت "تولين تحركي، إخوتك ينتظرونك في المجلس" التفتت الأعناق بقوة نحو تولين التي نظرت لمنار بذهول وقالت "أنا! أتقصدين عقد قراني؟ ...أنا العروس التي أطلقتِ لأجلها تلك الزغرودة؟" ابتسمت لها منار وزغردت مجددا قبل أن تقول "وسنزغرد للصباح حين تضعين توقيعك، هيا فالمأذون لديه عقد قران آخر" نظرت تولين للوجوه حولها قبل أن تصيح بذهول "إنها أنا! …. أنا العروس!" ثم قفزت واقفة تسحب كنزي من يدها لتقول لها "تعالي معي لتريني وأنا عروس ...هل تصدقين؟ ...كيف هو منظري؟" قالت لها كنزي وهي تعدو خلفها بصوت متحشرج "منظرك مزري للغاية" توقفت قدما تولين للحظة ثم قالت "لا يهم، هل تشعرين بقلبي؟" أسرعت أسمهان وسمراء وحورية خلفهما فيما التزمت بهية وحدتها وحدودها.


شهيره محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس