عرض مشاركة واحدة
قديم 06-07-22, 10:21 PM   #61

Hya ssin

كاتبة وقاصة بقلوب احلام


? العضوٌ??? » 450526
?  التسِجيلٌ » Jul 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,615
?  نُقآطِيْ » Hya ssin is on a distinguished road
افتراضي


الفصل السادس

.

في الصباح..
وقفت أوركيد بوجهها الباهت أمام كاميرون الذي أخبرها ببرود
((لقد أخرجتك اليوم فقط لأن ماتيلدا أصرت على ذلك))
صوبت أوركيد وجهها المتجهم لزوجة كاميرون هادرة من بين أسنانها ((شكرا لك يا سيدة إيستون))
حركت ماتيلدا شفاهها وقالت لها بدون صوت
((لقد أخرجتك فقط لنستكمل خطتنا))
وكانت أوركيد موافقة لها، ستساعدها على أخذ ما تريده ثم الهرب معها دون أن تشعر بذرة تردد..
طلب كاميرون منها الانضمام على مائدة الطعام لتناول الفطور معها ففعلت والحرص يأخذ منها كل مأخذ في إبقاء تعابير وجهها محايدة.. غرست شوكتها بقطعة لحم ناضجة ثم دستها في فمها بصمت مطبق على المكان قبل أن تكسره ماتيلدا قائلة
((!تخيل أن تعرف الشرطة بشأن خطفك لأوركيد فجأة يا كاميرون!))
توترت ملامح كاميرون من قولها المباغت الذي جاء فجأة بدون أي مقدمات.. فغمغم بصوتٍ محتقن
((ما الذي جلب هذا الموضوع الآن))
كانت نظراته تطفح بالتحذير لكن ولسبب ما وجدت أوركيد هذا الموقف الواقع به مضحكا، فسحبت المنديل من حجرها واستخدمته لإخفاء صوت يشبه القهقهة أكثر من شبهه بالسعال متحاشية النظر إليه.. حتى ردت ماتيلدا بتهديد مبطن بالبراءة
((أنا فقط خائفة من الزج بك في السجن حين اكتشاف الحقيقة))
فغر كاميرون شفتيه وتفاقم غضبه من كلماتها الموحية بالتهديد..
دفعت ماتيلدا طبق طعامها بعيدا وأرجعت كرسيها عن الطاولة تبارح المكان.. وفورا تطلع كاميرون ناحية أوركيد مهاجمًا إياها وهو يلوح بإبهامه
((لا أريد سماع كلمة منك))
حاولت أوركيد الحفاظ على وجه رزين ثابت لكن فشلت بل تشنجت مرتجفة كل خليه من وجهها.. بقي كاميرون يمعن النظر بوجهها فتصاعد الاحمرار الزاحف لوجهها ليدمدم أخيرا
((أطلقي ضحكاتك قبل أن تنفجري من الكتم))
وسرعان ما فلتت منها ضحكات صاخبة جلجلت المكان.. ومع أنه كان يفترض به أن يتصاعد غضبه ويوبخها.. إلا أن ملامحه لانت بعد لحظات والتمعت السلوان في عينيه كأنه قرر ان يستسلم للمرح ويخرج نفسه من الضغوط التي تطغى على أيامه منذ خطفه لأوركيد.. فرسم بسمة صغيرة على شفتيه سرعان ما استحالت لضحكات خافتة امتزجت مع ضحكاتها طويلًا أن قبل تلاشى تدريجيا ويجد نفسه يقول بصوتٍ أجش
((أعتمد عليك في عدم السماح لماتيلدا الخروج من منزل المزرعة إطلاقا))
انقلب وجه أوركيد فجأة وتساءلت محتجة
((لماذا لا تعطيها الطلاق الذي تريده؟ خذ بعض الشفقة عليها!))
لم تكن تعرف شيئا عن فقدانه لمزرعته هذه في حال تم الطلاق بينهما فرد عليها بصوت مغتاظ
((لا تأخذنك الشفقة إلا على نفسك أنتِ!))
انصرف كاميرون فقلبت أوركيد بعينيها حول المكان ثم خطت نحو الردهة في الخارج ثم نحو غرفة ماتيلدا ودلفت مباشرة نحو حمام مُنبهة بأنها ستنظفها.. عبأت الحوض بالماء والزهر.. وها قد حان وقت استرخائها..
==========================
مضت الأيام على الجميع برتيبة مملة.. وفشلت كل محاولات أوركيد في الهروب من هذه المزرعة المكان.. ولا تدري ما يحصل مع ماتيلدا إلا أن الاخرى أيضا خيمّت الكآبة عليها حتى أضحت شبح امرأة تحتضر.. وأضربت عن الأكل والشرب والحياة، لولا تلك اللقيمات المقتضبة التي تطعمها لها بنفسها قسرا..
أطل كاميرون بوجهه الذابل على مرآ زوجته ثم قال بحزن
((طميها جيدا يا أوركيد، كأنها تعيش مجاعة ما!))
وضعت أوركيد طبق الطعام جانبا ثم صرخت فيه متباعدة بعنف مكتوم
((لماذا أطعمها؟ انت تريد قتلها ولهذا ترفض الوصول معها إلى مساومة عادلة للطلاق حتى تقتلها!))
اضطربت ملامحه وقال بعذاب عارم
((لا، لا أحاول أن اقتلها! لو أردت قتلها لكلفت ذلك لأناس لهم هذا الاختصاص!))
أطلقت صوتا ساخرا ثم قالت معاودة حمل طبق الطبق
((هل يمكن أن تغادر فوجهك يزيد من إعراض ماتيلدا عن الطعام ويسد نفسها عن الحياة أكثر))
كلمات أوركيد الموجهة له ومفادها عن كره زوجته له جعلته يشعر بإحساس مبهم لا يخمده إلا أن ينتقم من أوركيد ويجعلها تعاني كما يأسى هو مع زوجته الكارهة له والطامعه فقط بمزرعته هي وعائلتها..
صمتت أوركيد لحظة تستشف ملامحه فأدركت أن كلماتها نجحت بالتربص به ولعبت بأوتاره الحساسة فعاودت اختراقه بالكلمات السامة بتهكم
((أنا سعيدة بأن زوجتك لا تطيقك أبدًا وتتصيد الفرص لتتخلص منك! لا ألومها فلو كنت مكانها لفضلت الموت على البقاء معك تحت سقف واحد!))
توهجت عيناه بضراوة ليقول بوعيد وحقد
((أؤكد لك بأنك لن تخرجي من عتبة هذه المزرعة لأخر يوم في الحياة!))
ثم وجد تلك الابتسامة الشيطانية ترتسم على وجهه ليردف لها بنبرة ذات مغزى
((سمعت إشاعات من الحي الذي تعيشين فيه كانت قد أطلقتها أختك بأن سبب هروبك من المكان هو حبك المثير للشفقة لخطيبها! هل حقا أنتِ واقعة في حب خطيب شقيقتك!))
توجست لمعرفته بأمر خطيب شقيقتها إلا أنها قالت بثبات مزيف
((قريبا سأنعم بالحرية من هذا المكان وأفضح أمر خطفك لي، والسبب الوحيد لاختفائي!))
شددت أوركيد على أخر كلماتها فأمرها بنصف عين خبيثة
(( تجهزي للخروج معي، أريد الذهاب برفقتك لمكان ما.. الآن حتى لا نفوت الموعد))
صعدت أوركيد الشاحنة الخاصة به وسار بهم في الطريق فاتكأت على الزجاج تنظر من خلالها بلا اهتمام حقيقي.. استغرق الطريق وقتا طويلًا قبل أن يوقف كاميرون الشاحنة فجأة هادرًا من دون مقدمات
((هل تحبين أن تدخلي الكنيسة لإلقاء نظرة على زفاف شقيقتك!))
سرت قشعريرة في جسد أوركيد لجملته ولم تستوعبها بنظرها المتشتت من حولها إلا عندما وقعت عينيها على الكنيسة التي أوقف الشاحنة عندها! هل حقا يقبع في داخلها مراسم زواج ديمي من خطيبها! خطيبها ذاك الذي انخرطت في أحلام اليقظة معه هو ومن تمنت أن يكون رجلها الذي تجعله كل حياتها! حتى أنها تخيلته بائسا سيحث عائلتها أن تبحث عنها وعن سبب اختفائها.. ابتلعت حروفها وانحسرت الدماء عن وجهها.. هل قام ككاميرون بقطع كل هذه المسافة إلى مقاطعة مونتانا ليجعلها تشهد على هذا الزواج الذي يدمي قلبها!
لم تكن أوركيد من صدمتها تشعر بالدموع المتجمعة في عينيها حتى كونت غلالات منها منعتها من الروية أمامها وتشوش المشهد تماما، وبدأت تغيم حدقتيها بانفعالات كثيرة ولكنها تحكمت بزمامهم في قوة وهي ترفع رأسها لكاميرون وتقول بصوتٍ مخنوق
((أيها المنحط!))
انحسرت ابتسامة كاميرون فجأة وحل محلها شعور مبهم لا يجد له تفسيرا.. جَعلها ترى حفل زفاف رجل أحبته حتى لو بالسر كانت حركة ذكورية بحتة منه أراد بها الإحساس برد الاعتبار من تلك الكلمات التي رمته بها بقسوة!
لقد أراد إيلامها بعد أن عرف بحبها الصامت لخطيب شقيقتها قبل حتى ارتباطه من شقيقتها.. لكن ما حدث أن كل هذه الدموع في ماقيها قهرا وعجزا أصابته بمقتل!
جفل على نفسه عندما شعر به تحاول بقوة فتح باب السيارة المؤصد بإحكام فشغل المحرك على الفور مهددا إياها
((لا تحاولي الخروج أبدًا فلن تقدري، سنعود للمزرعة))
وعندما وصلا بعد ساعات وترجلت أخيرا من الشاحنة نادها فالتفتت له تطالعه بنظرات قوية ومر طيف من الحزن في عينيه قبل أن يقول فجأة دون ان يتنازل عن حصار عينيها
((لست من جعلته يحب شقيقتك ويتزوجها فلماذا ترمينني بنظرات اللوم!))
رأى عيناها لامعتان بالمزيد من الدموع لكن المختلف فيها عن الأخرى أنها أبية ترفض الانزلاق على وجنتيها.. لم تقل شيئًا ولم يعلق هو بشيء بعد ذلك، فقط نظراتهما لم تنقطع ما بين العتاب.. اللوم.. خيبة الأمل المتبادلة والضياع..
تشتت عقلها يعيد عليها تلك اللحظات القاسية التي عاشتها مع عائلتها، فتداخل في لحظاتها الصعبة التي تعيشها الآن ويختلط الحزن بظلام مباغت حال بينها وبين كل هذا بعد خطف رجال كاميرون.. تنحنت وكانت لا تزال تقاوم بشراسة عدم البكاء لتردف بازدراء
((لقد جعلت من حياتي أكثر بؤسا!))
ابتسامة باهتة مرت على شفتيه وهو يرى هذا الكم الهائل من الحقد والكره الموجه منها تجاهه.. لكن الصمت التام هو ما قابلها للحظات ثم ما لبث ليقول بخفوت
((يبدو أنك تكرهينني كثيرا..))
تسارع صخب الدماء التي تتدفق نحو شريانها المضطرب.. رمشت بعينيها مرة واثنان إلى أن صرخت كرامتها بها وزأرت فيها لتنفجر كلماتها بثورة متمردة عليه
((نعم أكرهك أكثر مِمَّا تتصور يا سيد إيستون، وسأجعلك تندم على احتجازي وتتمنى لو لم تقدم على هذا الأمر))
نظرت إليه بتضارب لاهثة بعد ما أنهته من كلام، وقد بدت عيناها خاليتان من التعبير رغم أنه ما زالت أثار الدموع تتعلق بأهدابها لتقول بتزمت
((بعد أذنك))
اتجهت إلى غرفتها وتحضرت للنوم وهي ترفع الأغطية.. لكن قبل أن تندس بينها لم تنسَ أن تضع بالقرب منها إنذار الساعة الذي عدلته لتستيقظ في فجر الغد، عليها أن تستعيد ثقة كاميرون إيستون وتقنعه باعتيادها على العمل هنا وألفتها للمكان وبغتة تحاول الهرب مجددا..
==========================
بعد مرور أيام وجيزة دخل كاميرون فجأة لمخدع زوجته بقوة ليجد ماتيلدا على حالها المألوف، كئيبة كالشبح تشرد بنظرها نحو نقطة وهمية.. حلّ أول زرين من قميصه الذي شعر به يخنقه ثم بدا تائها وهو يقول
((أنا لا أحاول أن أعاملك هنا كسجينة لمجرد رفضي التعاون معك في اتفاقية الطلاق، يمكنك أن تهبطي للطابق السفلي أو تخرجي للحديقة إذا أردتِ))
فتحت شفتيها تقول بصوتٍ لا حياة فيه
((فقط اغرب عن وجهي))
غادر كاميرون إلى المطبخ حيث تتواجد أوركيد تصنع القهوة لها بشرود هي الأخرى.. لكن وكأنها تسبح في الفراغ، تصارع أفكارها وخيالاتها لتعرف نهاية ما تعيشه فلا تجد، وكأن الحياة وضعت على عاتقها أن تضعها دوما في عذاب سرمدي لا آخر له..
انتزعها من جب أفكارها صوت خطواته المتقدمة منها.. جابت عيناه عليها لتقول له بتحفز كمن كانت تتأهب قدومه
((ماتيلدا تصرخ عليك كالعادة؟))
أخد نفسا عميقا بحث نفسه على التجلد ثم رد
((كثفي من مراقبتك لماتيلدا، لقد باح لي أحد رجال بأنها قامت برشوته لمعرفة بعض الأمور عن جرد الماشية عندي))
قطبت حاجبيها فجأة وتساءلت
((لقد سمعت عن أحد المزارعين عن افتعال تخريب في مزرعة لا تبعد بالكثير عنا، هذا مريع))
قال بفتور تملك صوته
((لقد سبق وحدثت تلك الحوادث لمزرعتي بل زادت الى حد إشعال حرائق وسرقة مواشي، لذا لا ادخر أي حزن أو شفقة لباقي ملاك المزارع))
اعترى الاستنكار وجهها وتساءلت
((ألم يتم حتى الآن كشف من يقوم بإضرام النار وسرقة المواشي؟))
هز كتفيه بلامبالاة ثم تقدم إلى غلاية القهوة الموضوعة فوق رف المغسلة.. جاء بكوبين كبيرين وملاهما قهوة حتى الحافة تقريبا، ثم مد لها يده بأحدهما لكن قبل أن تقول شيء جفلا الاثنين على صوت ماتيلدا تصرخ وهي تهبط من درجات السلم
((كاميرون هل أنتَ من أخبرت كل من في المزرعة ألآ يتحدثوا معي؟ أنتَ حقا تعتبرني سجينة مثل تلك الخرقاء أوركيد؟))
برقت عينا كاميرون بغضب وتزلزل قلبه وهو يرى نفسه كالعادة أمام أوركيد ضعيف شخصية تعنفه زوجته دون هالته المهيبة التي يتحلى فيها مع الجميع في الخارج، فجلجل صوته فيها بانفعال
((نعم لقد علمت عن محاولاتك بمعرفة جرد مزرعتي، لا حق لك أبدًا بالاستفسار عنها أو سؤال أحد عمالي عن أي شيء متعلق بها!))
لم يرف جفن من عيني ماتيلدا وهي تتقدم من كاميرون تتحداه بسفور
((سنتطلق قريبا وستغدو هذه المزرعة لي، لذا من حقي معرفة كل شيء متعلق بها))
رفع سبابته وهو ينذرها بالنظرات الجادة في الوعيد الذي ينطقه
((غادري من أمامي أو سأحبسك في القبو بحق، رؤيتك تثير غيظي))
رفعت حاجبيها تخبره برعونة
((إذن مت بغيظك))
انفلت اللجام عن تحمله وصبره فقبض على رسغها يجرها نحو الخارج إلى حيث يتواجد القبو، ألقاها إلى داخله غير آبها لاعتراضها الذي يشي بجزعها
((أنا أخاف الظلام))
احمر وجهه من شدة الانفعال إلا أنه تابع باحتدام
((وستخافين من تقليل احترامي من الآن وصاعدا))
ثم استدار مغادرًا بعد أن احكم إغلاق القبو وماتيلدا تنهار للأرض تكتم صرخة منها.. إن ما يجبرها البقاء هنا وتحمل هذا الرجل ليس عائلتها وتغطية عليهم وإخفاء أي أدلة تبقى من اثرهم بل وأيضا لتتوصل معه لمساومة طلاق عادلة بينهما.. لقد تزوجته وتحملته لسنوات فقط من أجل هذه اللحظة..
عندما عاد للمنزل كانت تقف أوركيد أمامه وتطلب منه برجاء رقيق ((لا تبقيها هناك))
نظر لها بعينين مرهقتين ثم قال بصوتٍ مجهد
((أوركيد اطلبي إعداد الطعام لها ثم اجبريها أن تأكل منه، كان وجهها شاحبا جدًّا، إنها تعاني من سوء تغذية))
عقدت حاجبيها تسأله مستنكرة
((لماذا لا تنفذ لها ما تريد؟))
تشنجت ملامحه وأغمض عينيه للحظة ثم قال دون مواربة أو تحفظ
((لأني ببساطة لن اسمح لأحد أن ينتزع مني هذه المزرعة، قد أتمكن لو أعطتيالمزيد من الوقت إعطاءها شيئا يغنيها عن الرغبة في مزرعتي!))
تحرق حلقها بصعوبة وبعد دقائق طغى الصمت بينما أكملت تساؤلها بصوتٍ كان يضج بحزن خالص
((وأنا؟ لماذا لا تطلق سراحي؟ سأتراجع عن تهديدي بالإفشاء عن ذنب خطفك لي))





التعديل الأخير تم بواسطة Fatima Zahrae Azouz ; 07-07-22 الساعة 09:01 PM
Hya ssin غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس