عرض مشاركة واحدة
قديم 08-08-22, 09:09 PM   #520

Hager Haleem

كاتبة قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Hager Haleem

? العضوٌ??? » 359482
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,301
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Hager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الثامن والثلاثون

" Who did you see ??! "

( رأيتِ من ؟!! )

يسألها وعيناه لا تفارق محياها المرتجف ، يسجل فزعها ويحفظه داخله بقوة حتى يبثه أضعافًا في قلب من أوصلها لهذه الحالة !
لا يفهم ما يدور ولا يهمه الآن سوى درء هذا الخوف عنها ..
فهي حبيبته الشامخة التي لن يسمح لها بميل
أما فضة فحالها كان أسوء .. !
فقد سقطت تمامًا بين أمواج متلاطمة تصفعها دون توقف أو رحمة
سقطت بين ضربات الحقيقة والتكذيب !
فعيناها تقسم بحقيقة ما رأت بينما عقلها متأرجح بتردد
تارة يصدق على حديث عينيها وتارة أخرى يضع أمامها الحقيقة التي عاشت عليها طوال الشهور الماضية ..
أنها ذبحته ، تخلصت منه
سفكت دماءه القذرة بيدها وأخذت بثأرها !
ومنذ متى يعود الموتى للحياة ؟!!
" ماذا يحدث ؟!! .. ماذا بكِ يا فضة ؟!! "
يخرج لها صوت بِشر المُتعَب من بين الأمواج فينسف كل شيء بهيئته المرهقة وعيناه التي تبدو وكأنها لم تعرف مذاق النوم منذ أيام عديدة .. !
وكأنه أطفئ إنذارات الحريق التي ضوت داخلها وداخل عقلها فابتلعت فضة ريقها بتوتر لا يزال يسيطر عليها ثم نظرت نظرة عابرة نحو آل لتهمس بعدها بتراجع مرتجف :
" لا شيء ، لقد شعرت ببعض الدوار لا أكثر "
ولكثرة ما يمر به بِشر فقد تقبل تفسيرها الساذج بصمت بينما رمقها آل مستنكرًا فحذرته بعينيها حتى يصمت
فهي آخر ما ترغب به الآن هو إضافة حمل جديد فوق كاهل بِشر المُنهَك
فلا هي على يقين مما رأت ولا هو به طاقة لتحمل هذيها الآن !
أما صخر فقد نظر إليها بتدقيق للحظات قبل أن يتراجع بدوره متفهمًا رغبتها في عدم التحدث في وجود بِشر ثم أعاد إلى آل ابنته وانخرط مع بِشر في استعداداتهم للمغادرة بينما بقي آل أمامها ينظر لها وكأنه على وشك شج رأسها ليدرك ما يدور به ثم سألها مرة أخرى بعد ابتعاد الرجلين بصوت ثلجي :
" Who did you see Silver ?!! "
( رأيتِ من يا فضة ؟!! )
ومرة أخرى تتوتر حدقتي فضة وتتهرب منه لتمر عدة لحظات ثم تستجمع قواها فتخرج نبرتها أكثر ثباتًا :
" لقد تخايلت بشيء لا أكثر "
أومأ لها آل بتفهم كاذب وكأنه يسايرها ثم سأل بإصرار :
" حسنًا .. بماذا تخايلتِ ؟!! "
بدأت ليندا تبكي بصوت مرتفع إعلانًا عن جوعها الشديد فتراجعت فضة خطوة للوراء تبعتها بأخرى وأخرى إلى أن توارت وراء باب الغرفة التي حُجزت فيها فداء تاركةً سؤاله مفتوحًا دون إجابة !
تاركةً عيناه تتابع هروبها بصبر متوعد
فهو لن يتركها قبل أن يدرك حقيقة ما تعرضت له للتو
لن يتركها قبل أن يفهم سبب نداء استغاثتها الذي خرج بعفوية تدل على تعرضها لأمر جلل
أما فضة فكانت لا تدري ..
أهي تهرب منه أم نفسها التي تعرت فظهرت بواطن ضعفها دون سابق إنذار .. !
أم تهرب جبنًا من شبح ظهر للحظة واحدة وتوارى ؟!
كل ما تدركه أنها كانت تلهث ..
تلهث وكأنها كانت تركض لأميال وأميال دون وصول
تلهث بقلب مرتجف وروح واهنة وعقل يكاد يشت من كثرة التفكير في إذا كان ما رأته هو حقيقة واقعة أم خيال بشع خرج لها من أعمق نقطة في كوابيسها .

_______________

( بعد عدة ساعات )

بخطوات ثابتة في ظاهرها ، منتحبة مترنحة في باطنها خطى بِشر إلى الغرفة التي وضعوا بها جثمان والدته والتي تم فيها الغُسل ..
لقد انتهى كل شيء ولما يبقى إلا أن يلقي عليها نظرة الوداع
وأي وداع !
إنه الوداع الأخير الذي لا يتبعه لقاء ..
تحرك حلقه الجاف وقد تم تكفين الجثمان بأكمله تاركين الوجه مكشوفًا حتى يستطيع أبنائها واحبائها توديعها ..
أبنائها !
أبنائها الذين لم يدخل منهم إليها سواه .. !
هو الذي يقف الآن جوار رأسها ورائحة الموت تزكم أنفه
وصوت القرآن يصل لمسامعه فينقله معه لشعور أقرب للطفو
وكأنه يطفو داخل حلم غير مفهوم
أصواته بعيدة ، مشوشة وحتى الرؤية به غير مستقرة ..
هو حلم .. عاد فيه طفلًا يقف جوار والدته النائمة يناديها ولا تجيب !
طفلًا يرفع سبابته ويمررها على وجنتها فتهاله برودتها ويتراجع بخوف
طفلًا طفرت دموعه التي حبسها لساعات طالت وطالت حتى أحدثت شقًا جديدًا داخل روحه
شقًا سيبقى للأبد .. !
لقد ماتت أمه دون أن يخبرها ولو لمرة أنه سامحها
أمه التي طلبت السماح بنظراتها مرارًا وهو اختار أن يتغابى حتى لا يفتح باب لمواجهة كان سيخسرها فيها لا محالة !
رحلت أمه تاركًا ورائها باب الوجع مواربًا وقد كُتب عليه أن لا ينغلق أبدًا ..
رحلت وتركت داخله جرحًا من المستحيل أن يندمل
فما أقسى أن تنتهى الحكاية في المنتصف !
وقتها ستظل عالقًا تحت رحمة ( ماذا لو ؟!! )
ماذا لو تغاطيت أكثر ؟!
ماذا لو اقتربت اكثر ؟!
ماذا لو كان القدر امهلك وأمهلها فرصة أخيرة ؟!
رفع بِشر وجهه للأعلى يحاول السيطرة على دموعه دون جدوى ثم نزل على ركبتيه فأصبح وجهها أكثر قربًا من قبل ثم همس جوار اذنها بصوت متحشرج من البكاء :
" لا تخافي يا أمي ، أنا هنا .. لستِ وحدك "
انغلق حلقه من البكاء فسعل للحظات قبل أن يستطرد بصوت مهتز :
" لقد سامحتك ، إذا كان هذا سيريحك فليشهد الله أنني لا أحمل لكِ في قلبي إلا كل خير "
ومرة أخرى يرفع أصابعه ليلمس وجهها فيرتعد جسده من برودة جسدها وصوته يخرج مبحوحًا من البكاء :
" هذا فراقنا الأخير في هذه الدنيا يا امي ، لكن لا تخافي مؤكد سنلتقي من جديد "
أنهى بِشر حديثه بقبلة على جبينها ثم نهض يمسح وجهه يكفيه وهو يتمتم لها بصوت مختنق :
" فداء مرضت لهذا لم تستطع وداعك ، أما علي ...... "
" هنا "
انتفض بِشر والتفت وراءه ينظر لأخيه بعينين دامعتين فاقترب منه ثم وقف أمامه قائلًا بنبرة هادئة :
" أخبروني أنك بحثت عني قبل دخولك إليها "
مسح بِشر وجهه مرة أخرى وهو يهز رأسه بتأكيد فقال آل وهو يلقي نظرة عابرة نحو جثمان أمه :
" لقد انتهى الأمر "
همس بِشر بصوت مكتوم وهو ينظر بدوره إلى أمه :
" لم تفقد أملها في عودتك قط "
ابتسم علي ابتسامة واهنة ثم غمغم :
" وها قد أصبحت هنا "
أومأ بِشر ثم همس بعبوس وهو يوليهم ظهره وقد نال منه التعب لأقصى درجة :
" هيا ... لنخبرهم حتى نشيع الجثمان "
راقب علي مغادرته بعينين مشفقتين ثم عاد بنظراته إلى أمه واقترب منها ينظر إليها بتدقيق وكأنه يحفر ملامحها داخله للمرة الأخيرة ثم أمسك بطرف الكفن وغطى وجهها هامسًا باهتزاز من رهبة الموت :
" وداعًا أمي "
ليتركها بدوره ويخرج وراء بِشر تاركًا للنساء إتمام عملهن حتى تبدأ مراسم تشييع جنازتها وينسدل الستار معلنًا انتهاء حكايتها للأبد .
__________________

يتبع ..


Hager Haleem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس