عرض مشاركة واحدة
قديم 15-08-22, 07:57 PM   #572

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
Rewitysmile21 وانطوت صفحة الهوى - القصاصة العشرون: القسم الأول

القصاصة العشرون

(ما لم تسرده الأساطير)



أبيات شعر الغرام، صفحات الروايات الرومانسية، المشاهد العاطفية بالأفلام، وحتى كلمات الغرام والهيام بالأغاني.. كلها تتواطأ ضدك..
كل أدبيات الهوى تسرد لك الجانب الأنيق فقط من الحكاية.. تلمّع الصورة، بل تلوّنها وتزينها حتى تكاد تختفي معالمها الأصلية خلف ما تم تصديره لك..
وأنت – كأحمق ملعون – تخطو بقدميك في فخ الهوى المبهر بتفاصيله، والمرعب بأهواله.. تتقدم بحماس دون أن تدري شيئا عما ستلاقيه فعليا بدنيا الغرام..
لكنني سأنقذك من الوهم يا مسكين.. فقط اسمح لي أن أصطحبك في جولة سريعة لتكتشف الحقيقة..
مُر عبر سطور هذه القصاصة، وطالع ما لم تسرده الأساطير..




شتاء جليدي.. طقس عاصف لا يُطاق..
رفعت ياقة معطفها الثقيل بعد أن دثرت رقبتها جيدا بوشاحها الصوفي الثقيل ورفعته إلى شفتيها وأنفها ليصد عنها الهواء المندفع كشظايا زجاج تكاد تُدمي وجنتها الذهبية العاشقة للشمس..
كانت تعلم أن زيارتها للعاصمة الاسكتلندية إدنبرة في هذا التوقيت فكرة سيئة بسبب برودة الطقس الشديدة في ظل موجة عاصفة من الرياح القطبية..
(على من تكذبين؟).. وبخت شذى والي نفسها، فهي تعلم جيدا وعن تجربة أن زيارة أية بقعة باسكتلندا في أي وقت من العام هي أسوأ فكرة قد تخطر على بالها، خاصة وأنها من ذوات الدماء المدارية الحارة، ومهما طالت إقامتها في أوروبا، فإنها لن تتعود أبدا على برودة الطقس الذي تخاصمه الشمس طوال شهور السنة إلا من بضعة أيام بمحض رحمة إلهية بساكنيها كيلا تتجمد الدماء في عروقهم..
لكنها لم تكن مؤخرا في أوج حظها، فقد استجابت لدعوة صديقتها البريطانية دارسي لتمضية عطلة نهاية الأسبوع معها في زيارة بعض معالم مدينة إدنبرة حيث تزور الأخيرة أقارب والدتها، قبل أن يفترق طريقيهما، فدارسي ستذهب خلال شهر إلى الولايات المتحدة لاستكمال دراستها العليا في مجال الاقتصاد، بينما ستنتقل شذى مع عائلتها إلى منطقة الخليج العربي من جديد، وتحديدا مدينة دبي، حيث ستستقر عائلتها أخيرا بعد تخرجها وأختها مرح، وتلقي والديها دعوة للإشراف على تأسيس أكاديمية علمية ضخمة هناك..
سيكون على آل (مصطفى والي) العروج على مصر أولا من أجل حضور حفل زفاف نبيل وزهو خلال ثلاثة أشهر من الآن..
نبيل وزهو.. مين يصدق؟..
أصغر فتاة بفرقة الفتيات ستتزوج أولا.. بل وأوقعها النصيب في نبيل الحلواني.. زينة شباب العائلة، والذي اتضح أنه كان يخفي حبا عظيما لها طوال السنوات الماضية احتراما لاعتبارات الجيرة بين عائلتيهما، حتى أنه قد طلب يدها من والدها أكثر من مرة، وظل الأخير يرجئ الأمر ، إلى أن منحه موافقته في النهاية بعد أن وافقت ابنته..
خرجت شذى من شرودها عندما أشارت دارسي بحماس نحو متجر للهدايا في منطقة (الميل الملكي) بقلب إدنبرة، والتي تعتبر أشهر أحياء العاصمة وأكثرها حيوية وصخبا، حيث تعج بالمتاجر والمطاعم والمزارات السياحية القريبة من قلعة إدنبرة وقصر (هولي رود هاوس) واللتين عرجت عليهما الفتاتان بالفعل في الصباح ضمن نزهتهما السياحية..
قالت دارسي بفرح وهي تشير نحو أحد المعروضات عبر واجهة زجاجية:
“Look at this lovely sequin dress. It gives the vibe of old chic, does it not?”
"أنظري إلى هذا الفستان الجميل المزين بالخرز.. يبدو كنموذج للأناقة الكلاسيكية.. أليس صحيحا؟"
ردت شذى بنصف اهتمام بعد أن تفحصت الفستان:
“Yes, indeed”
"بالفعل"
تابعت دارسي تسألها بابتهاج:
“Do you think it will fit me? Can we buy it for a bargain price? I’ll give it a new home in my wardrobe”
"هل تعتقدين أنه سيناسب قياساتي؟ هل يمكننا شراءه بسعر منخفض.. سأجعل خزانتي موطنا جديدا له"..
ردت شذى بنبرة واقعية تبدد حماس صديقتها:
“Oi. Girl.. I think it’s very expensive for your budget.. Don’t get too attached”.
"مهلا يا فتاة... أعتقد أنه غالٍ بالنسبة لميزانيتك.. لا تتعلقي به كثيرا"
مطت دارسي شفتيها، وأبعدت خصلة متمردة خلف أذنها، ثم قال بإحباط:
“You’re right.. Let me at least try it on”.
"معك حقِ.. لكن على الأقل دعيني أجربه عليّ"..
هزت شذى رأسها موافقة، وأشارت نحو مدخل المتجر قائلة:
“Sure.. Lets get inside the store”
"بالتأكيد.. لندلف إلى داخل المتجر"
بعد أن انتهت دارسي من تجربة الفستان الذي كان تصميمه رائعا على قوامها ولكن سعره مرتفع للغاية، كونه مطرز يدويا، قادت صديقتها المصرية صوب أحد المطاعم ليتناولا طعام الغداء وهي تهتف بحماس:
“This is my true surprise for you.. This restaurant actually serves Egyptian and Arab dishes”
"هذه هي مفاجأتي الحقيقية لكِ.. هذا المطعم يقدم أطباقا مصرية وعربية"..
صفقت شذى بكفيها بسرور وقفزت في مكانها، قبل أن تقول:
“Fantastic. Let’s get inside.. I crave Egyptian food.. My mother rarely cooks from our local cuisine.. Only in Ramadan and Bairams, may be”
"رائع.. لندلف للداخل.. أشتهي الطعام المصري.. أمي لا تطبخ أكلاتنا المحلية كثيرا.. ربما في رمضان فقط والأعياد"..
حين جلستا إلى إحدى الطاولات المطلة على الميدان الفسيح، اقترب منهما نادل شاب في بداية العشرينات من عمره، يتسم بملامحه الأوروبية بشعره الأحمر، ولكن شيئا ما بملامحه أشعرها بألفة غريبة، فأطالت النظر إليه، مما جعله يرفع حاجبيه مندهشا وهو يناولهما قائمتي الطعام، لكنه قال بلكنة اسكتلندية ثقيلة:
“Welcome to Cairo Tidy Scran.. How may I help you, mi ladies? ”
"أهلا بكما في مطعم (أطعمة القاهرة اللذيذة).. كيف يمكنني مساعدتكما.. سيدتيّ؟"
أخذت دارسي تقلب في قائمة الطعام.. ترى صورا لأطباق من المطبخ المصري وأسفلها أسماؤها بحروف انجليزية، وقبل أن تطلب من صديقتها أن تقترح عليها الأطباق الأشهى، هتفت شذى وعينيها تبرقان بالفرحة: "يا الله.. يوجد هنا طواجن بامية باللحم.. وملوخية بالثوم.. وبسلة بالجزر.. وحتى يوجد أيضا كشري.. لا بد أن نتذوق الكشري حتما"..
فغر الشاب شفتيه وجحظت عيناه دهشة، قبل أن يسألها باللهجة المصرية المنغمة قليلا بتأثير تواجده في دولة أوربية: "مصرية.. أنتِ مصرية؟"
كان هذا دور شذى كي تعانقها الدهشة، حيث هتفت بعد أن أغمضت عينيها وفتحتهما عدة مرات: "هل تحدثت لتوك بالعربية؟ بل باللهجة المصرية؟"
هنا تدخلت دارسي قبل أن يخرج كلاهما من صدمته كليا، حين قالت بلكنتها البريطانية الأنيقة:
“Let me introduce you two.. This is my dear friend Shaza Waley.. and this is my other dear friend Tamer Gameel, who I met in London two years ago where he was studying in Chef Academy London and obviously, both of you are Egyptian”
"دعاني أقدّم أحدكما للآخر.. هذه صديقتي العزيزة شذى والي.. وهذا صديقي العزيز الآخر تامر جميل.. والذي تعرفت إليه في لندن قبل عامين حيث كان يدرس في أكاديمية Chef Academy London.. وكما هو واضح.. كلاكما مصريان"..
تبادلا التحيات بانبهار حقيقي، فقد اعتادت شذى على مقابلة الكثير من أبناء الجالية العربية في لندن، لكنها كانت تعلم أن تواجد العرب في اسكتلندا محدود للغاية، ولم تتوقع أبدا أن تقابل مصريا هنا.. أشارت دارسي لتامر بالجلوس، فسحب مقعدا وجلس قبالتهما يطالع شذى بانبهار، فهتفت الأخيرة فيه بنبرة مازحة بلهجتها المصرية التي كانت تبحث عن مجالٍ لتطل من خلاله خارج حدود شفتيها بعيدا عن حديثها المعتاد مع أفراد أسرتها: "ما لك تنظر لي وكأنني قطعة أثرية بالمتحف؟"
ابتسم تامر مشدوها، ثم قال: "والله.. لولا أنني أعرف التقاليد المصرية وتعاليم ديننا لكنت غمرتك بأحضاني الآن عوضا عن كل أفراد عائلتي الذين لا ألتقي بهم إلا مرة كل عدة أعوام.. يا إلهي كم أشتاق للوطن"..
كانت نبرته مكسوة بالحنين فخرجت بعض الأحرف مضطربة مشدودة بين أوتار الشجن، فازدرد ريقه، وأقسم بيقين من سينفذ أمنيته حتما: "يوما ما سأستقر في مصر.. ولن يلومني أحد"..
كان تامر يحرص على الحديث بالعربية وكأن صوته يشتاق لتشكيل تلك الكلمات، ولسانه يتوق لنطقها منغمة باللهجة المصرية، فقالت شذى منبهرة: "بإذن الله تحقق حلمك.. أنا أيضا من الطيور المهاجرة.. لكنني لا أسعى تحديدا للاستقرار بالوطن.. لأن معي أسرتي.. لا أتنقل بدونهم"..
هنا، نهضت دارسي عن مقعدها، وقالت بعد أن منحتهما ابتسامة صافية:
“You two just sit here and talk it out about your origins, while I go window-shopping for a while.. Shaza, just call me when you order our food and it’s served.. I want to try your local dishes”
"اجلسا هنا وتحدثا عن أصولكما ريثما أتجول وأشاهد المعروضات في واجهات المتاجر.. وأنتِ يا شذي.. اتصلي بي فور أن يتم تجهيز الطعام وتقديمه.. أريد تجربة أطباقكم المحلية"، ثم حملت حقيبتها وغادرت المتجر، تشيعها أصوات الاثنين يتمتمان بكلمات وداعية..
تبادل كلٌ منهما الحديث عن عائلته ومسقط رأسه ومتى كانت المرة الأخيرة التي زار فيها مصر، إلى أن قالت شذى باستدراك: "سأزور مصر خلال ثلاثة أشهر قبل أن أسافر مع أسرتي إلى دبي للاستقرار بها لعدة سنوات بعد.. لقد تنقلنا طوال عقد أو أكثر بين عدة دول ما بين الشرق الأوسط وأوروبا"..
قال تامر بذهول: "دبي.. ها؟ يا للمصادفة.. لقد جاءتني فرصة عمل لمطعم intercontinental.. لكني مازلت أدرس الأمر.. عائلتي الاسكتلندية لا تريدني أن أغادر.. وعائلتي المصرية تريدني أن أعود لأحضانها.. وأنا لم أحدد قراري بعد"..
لمحت هي طيفا يعبر بسماء عينيه الزرقاوين فيشعلهما ببريق خاص، فهتفت بتواطؤ من يمتلك نفس الروح الحيوية بداخله: "وأنت تتوق لمغامرة بعيدا عن الجميع.. صحيح؟"
ابتسم تامر، وقال: "لستِ جميلة فقط.. بل وذكية أيضا"..
حركت شذى كتفيها باعتداد، وقالت: "إذا بحثت عبر شبكة الانترنت عن شذى والي، ستكتشف أنني ملكة جمال متوجة في الوطن.. أما بالنسبة للذكاء.. فهو وراثة في العائلة، عائلتي كلها علماء، وأنا قد درست الاقتصاد وإدارة الأعمال.. وأتعامل مع الأرقام بنفس السلاسة التي تتعامل معها مع تقطيع الطماطم"..
منحها تامر ابتسامة متسلية، مبديا إعجابه بشخصيتها الواثقة المتميزة، فتابعت هي بهدوء: " ربما إذا جئت لدبي يوما ما.. نلتقي مصادفة؟"..
ضحك تامر وأومأ برأسه معجبا بفكرتها..
عادا لتبادل الحديث لبضع دقائق أخرى قبل أن يقول تامر بنبرة آسفة: "لحسن الحظ أن المطعم لأبي.. وإلا لكنتُ قد طُردتُ من عملي اليوم.. أتعلمين؟ من النادر أن يرتاد مطعمنا هنا في إدنبرة مصريون.. ولكن في فرعنا الآخر في لندن.. هناك الكثير من المصريين.. يا إلهي لا أصدق.. اشتقت للحديث لشخص مصري وجها لوجه غير أبي.. جميع أقاربنا أحدثهم عبر سكايب.. حتى الشيخ الذي يدرّسني الإسلام ليس مصريا"..
ابتسمت شذى وقالت: "أظن الأمر أصعب بالنسبة لك كونك نشأت هنا، فلا تجد أقارب كثر لتحدثهم بالعربية.. ربما عليك فعلا السفر لدبي.. أو للقاهرة"..
تمتم تامر بالموافقة، ثم نهض يعد لها أشهى الأطباق المصرية بنفسه..


يتبـــــــــــــــــــع


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس