عرض مشاركة واحدة
قديم 15-08-22, 08:17 PM   #579

مروة سالم

كاتبة في قسم قصص من وحي الاعضاء

 
الصورة الرمزية مروة سالم

? العضوٌ??? » 482666
?  التسِجيلٌ » Dec 2020
? مشَارَ?اتْي » 1,756
?  مُ?إني » مصر
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » مروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond reputeمروة سالم has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   ice-lemon
?? ??? ~
Why so serious?
:jded: وانطوت صفحة الهوى - القصاصة العشرون: القسم الثامن والأخير

في صباح اليوم التالي، وصل بحر إلى القاهرة قاطعا عطلته، بعد أن تسلم خطابا من إدارته يخبره بترشيحه من رؤسائه للانضمام لقوات حفظ السلام الدولي بسبب كفاءته..
بعد أن توجه لمبنى الإدارة وعلم مواعيد انضمامه للإدارة الجديدة كي يبدأ التدريبات ثم يتم توزيعه على وحدته، تحرك منتفشا صوب النادي الذي يتجمع فيه حاليا بعضٌ من أفراد عائلته ومعارفهم.. فأخذ موقعه جالسا باعتداد بين سفيان ونبيل وإيلاف على طاولة جانبية تواجه طاولة الفتيات..
على بُعد أمتار قليلة، كانت أمواج تتبادل المزحات مع شادن وزهو ، فيراقبهن زوجان من العيون .. أحدهما بشوق واضح تحينا للحظة زفافه إلى عروسه، والآخر خلسة، كونه لم يفاتح والد حبيبته بعد، خاصة وأنه يتوقع أن يرفض والدها وينتهي الأمر..
أما سفيان، فقد كان يجلس في الاتجاه المعاكس شاردا بأفكاره، فلا تقع عيناه أساسا على جمع الفتيات، وكانت تلك فرصة جيدة لفتاة نحيفة القوام ذات شعر قصير مشعث، تختبئ بملابسها الفضفاضة، لكن عينيها الخانئتين كانتا تستقران من وقت لآخر على مصدر همها واهتمامها..
وعلى طاولة ثالثة، كانت تجلس فايزة وسميحة ولطيفة ومنال معا وبرفقتهن الصغيرة دانة التي تعرفت لتوها على (لين) صديقتها الجديدة وابنة جيران أسرتها بنفس التجمع، إذ حدث التقارب بين الصغيرتين بعد أن تقابلتا أكثر من مرة بمدرستهما الابتدائية، بينما قررت مارية والدة الأخيرة أن تهرول قليلا بالمضمار كي تحافظ على قوامها، خاصة وأنها ليست مقربة من فايزة ولطيفة، ربما بسبب فارق العمر أو اختلاف الاهتمامات..
على الطاولة الجانبية، قال بحر لرفيقيه باعتداد وتحدٍ، وقد تركزت نظراته على نبيل: "كم قلتَ ستدفع لي إذا تم اختياري بقوات حفظ السلام الدولية من جانب رؤسائي؟"
وضع نبيل كأس العصير خاصته جانبا، وأخرج منديلا ورقيا يمسح عرقه المتصبب بسبب ارتفاع حرارة الصيف، ثم قال بغطرسة: "من؟ أنت؟ لا أصدق؟"
قال بحر بثقة: "هل تريد نسخة من خطاب الترشيح؟"
فغر نبيل شفتيه وناظره بغيظ يمتزج بعدم التصديق، بينما أطلق سفيان ضحكة مجلجلة، فقال نبيل: "أتضحك يا قائد؟ هذا الصغير يظن أن بإمكانه التنمر علينا"..
قال سفيان بنبرة قوية لا تقبل المزح، موزعا نظراته بينهما بالعدل: "عليك أنت.. أما أنا.. القائد.. فعليه أن يفكر ألف مرة قبل أن يوجه لي ربع كلمة"..
تنحنح بحر حرجا، ودارى الأمر بتناوله كوب العصير خاصته وارتشافه بعضا من محتوياته ليرطب بها فمه، بعد أن جف حلقه فجأة..
صحيح أن بحر قد دخل الكلية الحربية لشعوره بالغيرة من نبيل بعد أن أبدت أمواج إعجابها بمهنته، إلا أنه كان يتطلع دوما إلى سفيان، الرجل الذي يكبره بتسع سنوات ونيف..
كان يبدو له دائما بقمة سيطرته، وكأنه لا يهاب شيئا، وكأن لا شيء على الإطلاق بإمكانه أن يزعزع ثقته بنفسه.. يتحدث دائما بثقة وهدوء، لا يحتاج لرفع صوته ليحظى بانتباه من حوله أو طاعتهم.. يتمتع بذكاء ووعي ملهمين رغم أنه لم يعانق الثلاثين من عمره بعد..
لقد قابل بعض المتباهين.. أصحاب الشخصيات المهزوزة الزائفة.. أما سفيان مرتجي، فهو قائد فعلي يجبر الجميع على احترامه وطاعته ومنحه ولائهم الكامل.. سيكون محظوظا بحق إن عمل تحت إمرته..
رد نبيل بعد انتفش قليلا في جلسته، موجها كلماته التالية لبحر ليخرجه من شرود أفكاره: "لا بأس.. أنا أيضا أكبرك سنا ورتبة عسكرية.. وعليك احترامي بأي مكان"، ثم ناظر صديق عمره، وسأله بجدية: "ما رأيك يا سيادة الرائد أن نطلب ضمه إلى وحدتنا؟ تعلم أن الملازم أحمد جبريل كان يريد تغيير إدارته.. لنضمه إلينا، فيقع تحت رحمتنا.. أقصد حمايتنا"..
قال نبيل كلماته الأخيرة بنبرة خطرة، فضيّق بحر عينيه معترضا، لكن سفيان الذي أعجبه الاقتراح قال مُرحبا: "فكرة جيدة.. لنرفع طلبا للإدارة، وأظن أنه ستتم الموافقة عليه سريعا.. وإذا لم يلحق بالسفر معنا في رحلتنا التالية، لينضم إلينا بتلك التي تليها.. أحسنت يا سِنوْچ"..
" سِنوْچ؟".. سأل إيلاف باهتمام، بعد أن ظل يستمع إلى حديثهم باهتمام، ليرد سفيان شارحا: "كلمة مصرية قديمة تعني الثاني، ونطلقها على نبيل كلقبه في الكتيبة، تعبيرا عن رتبته بوحدتنا بالجيش.. كوني أنا القائد.. ولقبي (العمدة)"..
قال نبيل شامتا: "أخبرهم كيف يُنطق اسمك بالهيروغليفية إذًا؟"
رد سفيان بثقة ولا مبالاة: "(حاتي - عا)"..
تبادل بحر ونبيل وإيلاف الضحك بصخب، فرمقهم سفيان موبخا دون أن ينطق كلمة واحدة، لتتلاشى الضحكة عن أعينهم، قبل أن يمد سفيان يده لبحر ويقول بترحيب حقيقي دون مشاكسة أو توعد: "مرحبا بك بيننا"، قبل أن يحرك كفه ويمرره بشعر أخيه الأصغر كي يطرد عنه التوتر الذي أصابه قبل دقيقة واحدة، بينما ناظر نبيل بحر بتوعد، وابتسامة متسلية ترتسم على شفتيه..
وعلى الطاولة الأخرى، سألت زهو باهتمام: "متى سيطلب بحر يدكِ من والدكِ يا أمواج؟"
ردت الأخيرة بغيظ: "لا أعلم.. لقد جاء للقاهرة صباح اليوم، ولا أعلم متى سيغادر.. سأسأله بعد قليل"، ثم ناظرت شادن تسألها: "وأنتِ؟"..
ردت شادن متصنعة عدم الاكتراث: "أنا ماذا؟ أنا أعيش ببساطة بلا قصص رومانسية وأكشن وغموض مثلكما"..
رمقتها أمواج بفضول، محركة أنظارها بين شادن وذلك الذي تهرب مقلتيها نحوه من وقتٍ لآخر، رغم أنه يجلس بوضع جانبي، ولا يراها.. ترفض أن تمنح سؤالها الحياة في شكل بضعة كلمات، محافظة على سرية الأمر عن زهو كيلا يصل لنبيل بشكل أو بآخر..
فهمت شادن سؤالها الصامت، فردت قائلة: "لا شيء.. فقط أتأمل الطبيعة"..
هزت أمواج كتفيها بلا اكتراث، ثم عاودت النظر لبحر حتى تلاقت العيون، فأشارت له لينهض لكي تحدثه، فنهض وتبعه نبيل الذي حضن أنامل زهو بكفه، ومنحها ابتسامة مشرقة، وهو يقول: "لنتنزه قليلا بعيدا عن هؤلاء العُزاب يا (زوووز)"..
تحركت زهو معه وهي تمنحه ابتسامة خلابة، ليتبعهما بحر وأمواج، يسيران خلفهما بتشنج وهناك الكثير مما لم يفصح به أيهما للآخر..
أما شادن، فقد تحركت صوب طاولة والدتها، فيما نهض سفيان وأخوه إيلاف ليتوجها للسباحة للتخلص من الرطوبة المرتفعة..
أخذ نبيل زهو لتناول المثلجات، فقالت الأخيرة بضيق: "لا تُغرني يا بيبو.. أريد أن أحافظ على وزني الذي تعبت في ضبطه حتى يكون فستان الزفاف لائقا بي ومناسبا لقياساتي"..
منحها نبيل نظرة مشتعلة مرت على جسدها ببطء تعانق تفاصيله، قبل أن يقول بصدق: "ستكونين مذهلة في الفستان، أحبكِ كما أنتِ يا ذات المنحنيات القتّالة"..
ضحكت زهو بعفوية ووجها قد تورد خجلا، وأطلقت رنينا صاخبا، فهتف نبيل ممازحا: "اضحكي يا زهو.. ليبدأ اللهو"، ثم طوّق خصرها بذراعيه، فهمست بتوبيخ تبعد كفيه عنها: "تهذب يا بيبو.. نحن في مكان عام"..
رد هو باستفزاز: "ولكننا في بقعة خاصة جدا.. كما أننا عقدنا القران بالإجازة الماضية.. أي أنكِ زوجتي.. يا قمر.. يا حلو.. يا عسل"، مقرنا كلمات غزله بتربيتات خفيفة أعلى خصرها متظاهرا بدغدغتها..
رفعت سبابتها بتحذير، تقول بخجل: "ولو.. ولو.. ولو"..
رفع هو كفيه باستسلام، وقال: "حسنا.. حسنا.. كفي عن الولولة يا هادمة الملذات"..
اعتقلت مرفقه بكفيها كقط مشاغب في تصرف جريء يبعد عن خجلها الفطري وطبيعتها المتحفظة، ثم قالت: "تعالى لأمنحك بعض الملذات"..
التمعت عيناه بحماس وتساءل مبتهجا: "حقا؟"
ردت هي بنبرة مغيظة: بالطبع.. ليس هناك ألذ من المثلجات في منتصف أغسطس"..
زفر نبيل وتبعها، وهو يقسم أنه ذات يوم سيحررها من خفرها وتهذيبها الزائد لتذوب بين يديه كقطعة من الزبد..
في بقعة أخرى، كانت أمواج تقف متخصرة أمام بحر تسأله بتوتر: "متى ستطلب يدي من أبي؟"
رد بنبرة عابسة: "متعجلة أنت على الرفض.. لا تقلقي.. سأهاتفه اليوم وأطلب منه تحديد موعدٍ قبل أو بعد زفاف نبيل"..
زفرت بضيق، وقالت: " لا أفهم سبب تشاؤمك يا بحر"..
قال الأخير بنبرة جامدة: "لأنني بحثت الأمر من كل الزوايا وأكثر من مرة.. ولم تكن النتيجة في صالحي أبدا"..
ردت بتحدٍ: "سنرى"..
أما على الطاولة، فاستغلت لطيفة انسحاب منال وابنتها من الجلسة، وبدأت تتحدث مع فايزة وسميحة عن آخر استعدادات زفاف نبيل، معبرة عن ضيقها لانفراد زهو باتخاذ كل القرارات الخاصة بتأثيث البيت، ما دفع شادن للدفاع عن صديقتها قائلة: "أمي.. ما هذا الذي تقولينه؟"
ردت أمها باستياء: "أمك ماذا؟ هل تكذب أمك؟"
تنهدت شادن، وقالت بحرج: "لا أقصد.. ما قصدته أن زهو كانت تنتقي أثاث البيت بالاتفاق مع نبيل، حيث كان يراسلها كلما سمحت ظروفه، كما أنها كانت تنتظر كل عطلة له قبل أن تقوم بشراء الديكورات"..
ردت الأم بامتعاض: "إنها تختار قطع غالية.. لا أصدق التكلفة الكبيرة لتلك الديكورات.. لو كانت طلبت مشورتي، لكنتُ قد انتقيت لها بعض القطع من متاجر أعرفها بأسعار مقبولة"..
ردت شادن بامتعاض: "أمي.. زهو لم تخرج أبدا عن حيز المبلغ الذي حدده أبي في اتفاقه مع والدها، كما أن والديها يدعمانها ماديا لاختيار ما تريده، لأنها ابنتهما الوحيدة.. يريدانها أن تسعد فقط وتؤسس بيتا تحيا فيه عمرها كله بسعادة مع شريكها"..
هتفت أمها بغيظ: "هل تقولين أنني لا أريد لنبيل أن يسعد؟"
تدخلت فايزة تقطع الطريق أمام وصلة توبيخ من لطيفة لصغيرتها، فقالت: "البنت لا تقصد يا لطيفة.. كل ما تريد أن تقوله فقط.. أن موعد الزفاف قد اقترب وليس هناك ضرورة لشدة الأعصاب.. كل شيء سيسير كما نريد.. أخبريني متى سيصل نادر وزوجته ميشا ونائل ابنهما الصغير"..
توهج وجه لطيفة عند ذكر اسم ابنها المهاجر، وقالت: "سيعود غدا مساء بإذن الله.. ومتي سترجع فريال والبنات؟"..
قالت فايزة: "أظنهم سيعودون يوم الزفاف صباحا، وسيقضون معنا أربع ليالٍ، ليطيروا إلى دبي في اليوم الخامس"..
همست سميحة بتعاطف: "أرجو أن يستقروا في دبي هذه المرة، فربما تصبح بعدها الفرصة مهيأة لهم للعودة أخيرا لمصر"..
قالت فايزة بأمل، والشوق يغلف نبرتها: "أرجو ذلك كثيرا"..
ساد صمت قصير بعدها، قطعته سميحة وهي تقول بسعادة: "سأخبركن سرا.. لكن لا تخبرن أحدا بعد.. الأمر ليس رسميا.. لكن سفيان سيخطب"..
وكأن دلوا من الماء المثلج قد انسكب على رأس شادن، ليصيبها بالجمود ويشل تفكيرها لدقائق، بينما ناظرتها أمها بتعاطف، قبل أن تمدد تهنئتها لسميحة لتشاركها فايزة، في الوقت الذي عادت فيه أمواج من لقائها القصير ببحر، فاكتشفت من نظرة واحدة لابنة خالتها أن هناك شيئا يخص سفيان قد حدث، فهتفت بحبور: "شادن، تعالي معي لمعرض النادي.. هناك درجة من أحمر الشفاه لا أدري هل ستناسب لون بشرتي أم لا"، ثم مدّت كفيها تحتضن كفيّ شادن الثلجيين، وتسحبها لتقف، لتسير بها عدة خطوات، حتى ابتعدتا عن الجمع في بقعة منعزلة خلف الأشجار، وعندها ارتمت شادن في أحضان أمواج لتبكي بحرقة خيبة جديدة ممهورة بتوقيع.. سفيان مرتجي..



نهاية القصاصة
قراءة ممتعة


بالنسبة للتفاعل... سأتركه لتقديركم


مروة سالم غير متواجد حالياً  
التوقيع
رد مع اقتباس