عرض مشاركة واحدة
قديم 05-09-22, 01:08 AM   #756

إسراء يسري

? العضوٌ??? » 475395
?  التسِجيلٌ » Jul 2020
? مشَارَ?اتْي » 637
?  نُقآطِيْ » إسراء يسري is on a distinguished road
افتراضي رواية وأشرقت الشمس بعينيها

لا يفلح قومٌ أطاعوا طاغيتهم

" لا أصدق أن البدوي وقع أخيراً بعد كل هذا " قالها عمر للواء نشأت والذي أتى اليوم لزيارته مع بقية زملائه والمباركه له فأومأ الرجل برأسه وهو يقول :-
" لقد تم القبض أيضاً على اللواء والذي تم اثبات تورطه مع البدوي وشركاه بعد حادثك أنت ورشاد
وهو من دبر لك أنت ورشاد المكيدة بالتعاون مع الضابط رياض للقضاء عليكم "
"لا أصدق
لا أصدق أن رياض ضحى بنا وقد كنا دفعته وعشرة عمره " قالها رشاد بعدم تصديق فكان صوت أحد القادة يرد عليه قائلاً بحكمة :-
" سترون في عملكم ما يجعل شعر رؤوسكم يشيب "
التفت عمر للواء نشأت وهو يقول :-
"ألن تخبرنا جنابك عن أمر أكمل البدوي وسبب دفاعك عنه أمامنا قبل يوم الحادث ؟"
ابتسم نشأت وعيناه تشردان في البعيد يقص عليهم ما حدث قبل فترة

" احضر لي أكمل البدوي من تحت الأرض وإن علم مخلوق يتنفس بهذة المقابلة لن ترى خيراً "
قالها لأحد الضباط بنبرة أمرة ثم أخبره مواصلاً :-
" لا تجلبه على القسم بل هناك ببيت البلدة وهناك
يوم الثلاثاء في الثانية بعد منتصف الليل ولا تسألني كيف "
الثلاثاء المذكور في الثانية بعد منتصف الليل
"اجعله يفيق "
دقائق وكان أكمل يفتح عينيه شاعراً الدنيا تدور به وظل دقائق ساكناً حتى فاق أخيراً ناظراً للبيت الريفي حوله بحيرة حتى لمعتا عيناه بقسوة وهو يدرك الرجال حوله حتى وقعت عيناه على الرجل المهيب الجالس أمامه فهمس بنبرة حذرة صارمة وهو ينتفض من مكانه :-
" من أنت؟"
ثانية وكان ذورق من المياه يغمر وجهه فلمع الشرار بوجهه وهو يرفع يده ضارباً من فعلها وحين كاد يردها له كان صوت الرجل المهيب يصدح :-
"اتركه يا سيادة الضابط
من لا يعرفك يجهلك ؟"
مط أكمل شفتيه قائلاً بازدراء مستنكر :-
" سيادة الضابط ؟
هل تظنون أني يختم على مؤخرة رأسي لأصدق "
مط اللواء نشأت شفتيه قائلاً باستنكار مماثل :-
" لا وهل يجهل أحدهم الذئب الصغير
حاشاك يا سليل البدوي
اخرج له كارنيه النقابه وبطاقتك يا سيادة الضابط "
دقائق وكان أكمل يعاود الجلوس قائلاً بجمود :-
" ماذا تريدون ؟"
" اتركونا وحدنا "
بعد خروج الجميع كان اللواء نشأت يقترب منه قائلاً :-
"هل علمت أن البدوي كشف محاولتك للتبليغ عنه أم لا ؟"
صمت أكمل يناظره بقلق ثم قال ببرود :-
" أي بلاغ عن ماذا تتكلم ؟"
ضحك الرجل ثم قال برنة إعجاب :-
" حويط تعجبني "
قص عليه بعض التفاصيل التي قصها على عمر ورشاد إلا أن أكمل ظل على إنكاره حتى كان اللواء يخبره عن ثغره بعمل البدوي جعلت عينا أكمل تلمعان وهو يقول بذهول :-
" كيف عرفت هذا ؟"
"أخبرني أنت كيف عرفت ألم تخبر عمر ورشاد أنك لا تمسك عليه شئ ؟"
رفت عينا أكمل إلا أنه أصر على موقفه قائلاً :-
"أنا لا أعرف عما تتحدث "
أخرج الرجل ما يثبت هويته ثم قال بنبرة صلبة :-
"انت الأن تحت رحمتي وليس من صالحك المناورة معي
إن كنت تريد مساعدة نفسك ومن حولك ساعدني حتى أقف جوارك "
همس أكمل:-
" وكيف أمن لك ؟"
"اسمع لقد فعلت تحرياتك جيداً قبل أن تلجأ لعمر ورشاد وتعرف جيداً الأسماء التي تعاون أبيك من جهاز الشرطة
لذا فلنتصارح أفضل بعد أن أثبت لك هويتي "
" ماذا تريد ؟"
قالها أكمل بمناورة فقال الرجل بتأكيد :-
"رأس البدوي ولك ضمان حمايتك أنت وأهل بيتك "
" وكيف أفعل هذا لقد لجأت لكم ؟"
جر الرجل كرسياً وجلس عليه بشكل معاكس :-
"أمامك خياران
أن تعترف أنك معك ما يثبت إدانة البدوي
وإلا لما ترتب منذ وقت بطاقة هوية مزورة وترتب أنت وصاحبك حتى تهرب للخارج مع ابن اخيك وزوجتك بمساعدة الفنانة نيكول بشراوي ومعارفها صحيح "
برق الخوف بعيني أكمل جلياً فهدأه قائلاً :-
" لا تخف لقد كنا حاميين ظهرك جيداً منذ أن لجأت لعمر ورشاد بل نحن من سهلنا لك كل الاجراءات مغلقين على البدوي كل الثغرات حتى لا يصل لك "
" ماذا تريد ؟"
" كل ما تعرفه عن البدوي "
" وما أدراك أني أعرف عنه شئ لقد أخبرت عمر أني لم أجمع عنه شئ "
خبط الرجل على ظهر كرسيه المقابل لصدره بغضب :-
" لا تناور معي "
" لن أسلمك شئ إلا حين أصل المطار "
ضحك الرجل ساخراً :-
" أي مطار
مطار......... حيث أخر عملية ستقوم بها لوالدك أم مطار ..... حيث البلد التي ستهرب لها لتعيش بهوية مجهولة ظاناً أنه لن يصل لك يوماً ؟"
تعالت ضربات أكمل وأطرق برأسه دون رد فقال الرجل بمهادنة :-
" ساعدني لأساعدك "
أسقط في يد أكمل وهو يشرد قائلاً :-
" أنا بالفعل اجمع عنه كل كبيرة وصغيرة منذ سنوات
فقط لحماية ابني
لقد هددني به منذ أن ولد "
قاطعه اللواء قائلاً :-
"تقصد ابن أخيك الراحل صحيح ؟"
أومأ أكمل وواصل :-
" نعم
كنت منساقاً له لكن ليس بكل شئ فقد كنت متمرداً لا أجد لحياتي معنى أو سبب
حتى ولد علي فعرف هو أنه نقطة ضعف لي وهددني به ومن وقتها عزمت على البحث وراؤه علني اتخلص منه يوماً "
رفع رأسه ينظر للرجل ثم واصل :-
" الوحيد الذي وثقت به سراج واشترينا وقتها مساعده
سراج من دفع النقود مستغلاً مرض ابن الرجل
لقد كانت ضربة حظ لنا
ولي خاصة فسراج من دفع فكل نقودي مراقبه
من وقتها وأنا أجمع كل الخيوط حوله واخضع لكل ما يريد حتى نفد صبري حين أراد قتل زوجتي وجنينها فلجأت لعمر ورشاد "
" لكنك تزوجتها وتعلم أنه بالتأكيد يتخلص من جميع نقاط ضعفك ليسيطر عليك
اعذرني لو كان علي طفلا ليس بحالة خاصة لم يكن ليتركه يوماً واحد "
أومأ أكمل قائلاً بنبرة محتقنه :-
"أوافقك كانت أنانية مني لم أستطع تجاوزها حين أدخلتها لحياتي "
أومأ الرجل ثم قال بنبرة جدية :-
" حسناً
قبل أي شئ أريدك ألا تظهر لعمر ورشاد ثانية
أريدهم أن يظنوا أنك خدعتهم "
ضيق أكمل عينيه فقال الرجل موضحاً :-
" البدوي بدأ بتتبعك ونحن نشك أنه علم بأمر عمر ورشاد ونحاول حمايتهم "
"لكن ما حدث كان بالجبل وقد كنا حذرين "
"إنه سيد البدوي حيث أزيد من عشرون عاماً لا تصل له الشرطه ولا تضع عليه يد "
أومأ أكمل فواصل الرجل :-
" ستسافر لتُتمم العملية التي أمرك بها ولن نشككه بشئ ابداً حتى اللحظة الأخيرة
أما عن أهل بيتك فسنؤمنهم حتى تعود لهم "
" ثم ؟"
" ثم هذة تخصنا لا تخصك
كل ما عليك هو الأوراق والمستندات تحت يدك "
عودة ...
" لم يكن أكمل البدوي سهلاً بالأخير " قالها عمر ضاحكاً ثم قال باهتمام :-
"أين هو الأن "
تحدث زميله الأعلى منه في الرتبة والذي أحضر أكمل للواء قائلاً :-
" لقد سافر وتم الأمر على ما يرام من حيث العملية لكن ما توقعناه حدث
لقد أرسل البدوي رجالاً ليتم تلبيسه بقضية مخدرات وتعرف ماذا تعني قضية مخدرات هناك "
" يا ابن الكلب " سب رشاد فتحدث اللواء نشأت قائلاً :-
" كنا على تواصل مع أجهزة الشرطة هناك فلم نكن لنأمن لابن البدوي كلياً
وحتى شكوكنا كانت بمحلها لقد نزل بالجناح الملكي المزود بغرفة سرية "
قطب عمر قائلاً بتشكيك :-
" لكن لما ؟"
"بهذة الغرفة كان يوجد سراج وزوجته والطفل أما عن الجناح فكان وهو ونيكول ظاهراً أنه مع امرأة
عشيقة كما يقولون "
اتسعت عينا عمر بذهول قائلاً :-
" إنه داهية هل هرب ؟"
" لا لم يكن ينوي الهروب هو كان صادق معنا لكن كان سيقوم بتهريب زوجته وطفله عن طريق صديقه أظن حتى يضمن سقوط البدوي
هو كان كل همه طفله وزوجته "
ضحك عمر قائلاً :-
"لا أصدق أنه أقنع غدي البرعي بالهرب
ماذا عنه الأن ؟"
"إنه مسجون بمدينة ......."
زفر رشاد قائلاً بتركيز :-
" لكن سيادتك قلت أنكم كنتم تتواصلون مع الشرطه هناك "
أومأ الرجل ثم قال :-
" نعم وهو ساعدنا كثيراً واعتبرناه شاهداً ملك
وفترة سجنه اجراءات أمنيه إلى حين "
.......................

سيف الهوى فتاك لا تعصى عليه أقسى القلوب

ترتدي فستاناً قصيراً باللون العنابي منقوش بفاكهة النبأ قصير يصل لركبتيها وبحمالتين عريضتين كاشفاً عن نحرها وبداية ظهرها
فستاناً ألهب حواسه كلها خاصةً أنها لأول مرة ترتدي شيئاً جريئاً كهذا وطبعاً لا يحتاج للسؤال عن من اشتراه لها
لا يعرف والله سعاد أمه أم أمها هي
التقط قطعة التفاح يأكل منها يغيظ وهو يتابعها بعينيه حتى رفع حاجباً شريراً وهو يراها تلف وشاحاً حول رأسها وجسدها فهمس بتهديد وكأنها تسمعه :-
" افعليها افعليها حتى يكن كسر قدمك على يدي إن شاءالله "
ويبدو أنه يوم حظها فهاهي تتحرك ناحية الباب وبيدها شئ لم يتبينه فهدر :-
"إلى أين تذهبين إن شاءالله "
وبذاك الهجوء المستفز كانت تستدير ترد عليه بنبرتها المائعه التي اعتمدتها الفترة الماضيه :-
" أين سأنزل يا عمر
سأنزل لأمي بالطبع "
اتسعت عيناه قائلاً بغضب:-
" ستنزلين هكذا ؟"
" لقد لففت الوشاح "
هل يخبط رأسها بالباب ويرتاح منها ومن برودها وماء البطيخ الذي تعيش فيه ؟
" هل تريدين أن تجلطيني كيف تجعلين أمي تراكِ هكذا ؟
وما هذا الوشاح السخيف الذي تلفينه ماذا عن ساقيكِ؟"
اتسعت عيناها تنظر لساقيها وكأنه سبها مثلا ثم قالت :-
" ساقاي ما بهما ؟"
رغماً عنه جرت عيناه على ساقيها الملفوفتان بنظرات حاره ذكوريه إلا أنه عاد وتجهم من نفسه فعقد حاجبيه ساخراً منها بغيظ :-
" لا ولا شئ لقد نسيتيهم بالمصيف تقريبا "
تأففت سنابل فزادت من ذهوله ثم وضعت الكيس بيدها على الطاولة وهي تقترب منه قائلة بضيق وانفعال:-
" يا الله منك يا عمر يا الله ألا يعجبك العجب أبداً "
جلست جواره فناظرها بقرف ويأس رغماً عنه
إنها باردة باردة باردة
بل هي عاطفيه عاطفيه جداً تشبه حلوى القطن مجرد أن يقترب منها تذوب فيه وعند تلك النقطة هو ملتاعاً بكلا الجانبين
جانباً ذكورياً منتشياً ذائباً معها وأخر رجولياً متألماً منها حين يوسوس له شيطانه أنها كانت ذائبة مع الأخر
تلك الفكرة التي تراوده من حين للأخر فيحاول التغلب عليها
زفر بضيق وهو يحاول الوقوف قائلاً بتجهم جعلها تمتعض :-
" ساعديني لأدخل الغرفه "
اقتربت لتفعل وجسدها اللين تفاعلاً مع رائحة صابون استحمامها لم يساعداه أبداً
حتى وصلا أخيراً للفراش فتعثرت ووقعت
بريق عيناه اشتعل بإثاره وهو ينظر لها لاهثه تضحك بتلاهي وهي تقول :-
"أنت ثقيل جدا يا عمر "
تنظر له فتهدر الحمم السائلة في أوردته وهي تقول بنفس النبرة اللاهية عن ما يجرى له :-
" هل تريد أن تأكل الفاصوليا اليوم ؟"
شهقت وهو يشدها له بينما عيناه العنيفتان الغائمتان بالعاطفه أذابتها وهي تستسلم لقبلته شديدة العنف العاطفي
تتأوه بذهول وكأنها لا قبل لها على ما يفعله
لأول مرة يظهر لها توقاً عنيفاً فتكاد ذراعه أن تهشماها
يغيب فيها ولا يعرف كيفية الإفاقه
ريقها مسكر يدير الرأس كالخمر
انفصلت أنفاسهم دون أن يبتعدا عن بعضهم البعض إنشا فهدر بنبرة حارة خلخلت ركبتيها رغم أنها لم يكن بها لفظاً واحداً مفهوماً لكن عيناه ولمساته تكفيان:-
" بالله عليكِ كيف تكونين هكذا ؟
ما الذي تفعلينه ؟
ما الذي تفعلينه "
وتهمس بالعشق مغمضه عينيها بتسليم لتيار العاطفه الجارف وطأت شفتاه مواطن أنوثتها
وباللحظة التي أخذ فيها شفتيها مره أخرى خلع قلبها واختطفه ليجاور قلبه
أتتشارك القلوب هي الأخرى اللحظات الحميمة ؟
تتبادل الهمسات واللمسات كالأجساد ؟
تحتدم العاطفه فيواصل سطو مشاعره عليها وقد اجتمعت كل حواسه اللحظة أن ينالها إلا أن وهن جسده كان أكبر فابتعد متأوهاً بتوجع شديد وهو يضع يده على صدره حتى كان صوت ولولتها يصده وهي تقول :-
" يا إلهي يا عمر لقد رشح الجرح دماً "
ظل يلهث طويلاً ولا يستطيع أخذ نفسه من شدة الألم حتى همس من بين أسنانه :-
" اتصلي برشاد ليحضر طبيباً أو أي أحد أنا لا أستطيع تحمل الألم "
بعد ساعتين
همست أم عمر لكنتها بغيظ :-
"ألم يجد الطبيب سوى هذة الموكوسة ؟"
تبرمت سنابل تناظرالممرضة الأجنبيه بغيظ وهي تغير له مكان الجرح بعد أن عاينه الطبيب واستأذن لينتظرها بالأسفل حتى يقوم بمكالمة ما
اقترب رشاد منهم هامساً وهو يضيق عينيه :-
" لما وقفة ريا وسكينه هذة ؟"
اقترب من خالته ثم همس :-
" أخبريني يا ريا لما سكينة متجهمة ؟"
ناظرته خالته بامتعاض دون رد بينما تنتبه لصوت الممرضة وهي تقول له :-
"ما المجهود الذي فعلته يا سيد عمر حتى يحتاج جرحك لتقطيباً جديداً ؟"
اتسعت عينا سنابل واحمر وجهها بقوة فهمست سعاد بنفسها :-
" خيبك الله يا مفضوحه "
" صحيح يا بن خالتي ماذا كنت تفعل " قالها رشاد بشقاوة دون أن يفطن فعلياً لشئ فقط يشاكسه
رماه عمر بنظرة مزدريه جعله يواصل بكيد :-
" إن لم تكونوا قدر اللعب لم تلعبوا بحق الله "
صدرت ضحكه عاليه من الممرضه جعلت رشاد يقول :-
" محظوظ يا عمر "
ضربته خالته على صدره تناظره بتوبيخ فامتعض مبرطماً بينما ركزت هي مع تلك التي تخبره بنعومة :-
"أنت رجل ذوق جدا ونبيل (جنتل) يا سيادة الضابط "
خبطت سعاد بكفيها على صدرها وهي تقترب منهم هامسة لكنتها بغيظ :-
" الرجل يُشقط منا يا موكوسة "
تأففت سنابل فسبتها سعاد ثم وقفت جوار فراش ابنها حتى انتهت الممرضه فصحبتها هي وسنابل للخارج بينما الأخرى مازالت تشكر بذوق الضابط فقالت سعاد بغيظ :-
"لا يغرنك مرضه إنه جلف لا يستطيع أن يبل ريق امرأة بكلمة واحدة "
ثم ابتسمت بمحبه وهي تنظر لسنابل قائلة بسعادة أموميه لم تستطع كبتها :-
" سوى تلك البلهاء "
حركت سنابل شفتيها يميناً ويساراً هامسه وهي تستدير :-
" والله ولا حتى البلهاء "
......................

دوما ما تكون المحن ماهي إلا منح ربانيه

" يا رجل لا تقم بأفعال الكافرين قم فادعوا ربك ليضمد جرحك "
يقولها الأجنبي لأكمل الذي منزوياً بركنٍ قصي لا يغيره منذ أن وصله الخبر
وكأنه أقسم ألا يبرح حتى يبلغ الموت
إلا أنه لا يسمعه
كان ك شاب فقد كل حياته يوم فقد ابنه فأصبح جسداً بلا روح
ذقنه نمت حتى أصبحت لحية لكنه ليس بالشيخ أبداً
هو الناسك للذنوب
والمتهتك لنهب الحقوق
المتعبد بمحراب الفسوق
هو الماجن المنكر لكل ماهو مشيراً للإيمان
والعابد المتنصل من أمور قدر الرحمن
هو العبد
هو المستعبد
هو صاحب المائة وجه
تعجب الرجل مستغفراً وهو يجلس مراقباً له كحال الأيام الماضيه
لم يرى يوماً رجل يبكي بلا دموع
لقد جفت مأقيه لكنه مازال باكياً
هو يستطيع رؤية دموعه وإن لم يذرفها
هائماً على ذاته حتى أنه يخاف النوم وحين يفعل يفيق متفززاً منادياً على اسم ابنه
علي
لكنه لا يلومه
هو حتى لا يستنكر أنه لم يرفع كفيه للسماء مرة عن طريق الخطأ
ومن أكثر منه يفهم كيف يكون القلب مطموساً بذنوبه
ميتاً في ركود ؟
" أتظنهم دف...."
اتسعت عيناه متفاجئاً ولأول مرة تخرج منه كلمة
بل هي جملة قطعها ولم يستطع أن يواصل وقد هاجمته نوبة ضعف فانفجر في نشيج عنيف به صدى شهقات رجولية مؤلمة وهو يدفن رأسه بين ركبتيه
تحددثوا مراراً عن فقد الأم لفلذة كبدها لكنهم لم يهتموا كثيراً عن شعور الأب
ذاك الشعور الأشبه بجرحاً حياً عميقاً غائراً بمنتصف القلب
وكأن أحدهم طعنك بخنجراً وعمد ألا يستله من جسدك
وكأن الدنيا تكاثرت عليك وعزمت أن تُحني ظهرك وتكسر هامتك
كأنك ارتكبت من ذنوب الأرض أعظمها فكان قدرك عذاب حشرجة الحلقوم
كأنك لا تتنفس رغم أن هواء الدنيا يعبأ رقتيك
وكأنك إن تنفست فلا يخرج منك إلا ناراً تحرقكك
"أأأأأأأأأأأأأأه"
يصرخها بتوجع وهو يطبق بكفيه على صدره يميل أرضاً جاثياً على ركبتيه ويرثي :-
"أشم رائحته يا إلهي أنا أشم رائحته
كيف أشمها قويه هكذا ؟"
"أريده أريد أن أضمه مرة واحدة
ليس عدلاً أن يضمه قبراً بدوني "
"كل ما فعلته ضاع هباءاً
كنت أسعى لحمايته فذهب وتركني"
يخبط بكفيه على الأرض بعنف وكأنه يريد خرقها قائلاً :-
" افتحوا لي هذا المقبرة وضموني معه هناك
لا أريد دنياكم لم أعد أريدها "
تقدم منه الأجنبي بعزم وهو يرفعه عن الأرض قائلاً بنبرة صلبه يحاول اختراق أعماقه :-
"ألا أدُلك على ما يريحك ؟
أتريد أن تشعر به معك جوار قلبك حياً ملموساً
أتريد السُكنى ؟"
ينظر له أكمل بعين بعيدة شاردة مهتزة فيواصل الرجل بثقة :-
" هل تريده أن يؤازرك ؟"
يتلهف أكمل ظناً أنه علي ويثيره الرجل دعوة لرب علي
استغل ضعف جسده وهو يحركه معه قائلاً :-
"إنه وقت الخروج تعالى معي "
بعد دقائق كان يقف به أمام صنبور ماء ثم قال بهدوء :-
" توضأ"
توتر أكمل وهو يبعده عنه قائلاً باستنكار ووهن :-
" ما الذي تهذي به ؟"
لم يتزحزح الرجل ولم يقل إصراره أمراً :-
" توضأ يا رجل "
دفعه أكمل وهو يتحرك مبتعداً عنه دون رد إلا أن الرجل كان إصراره أعتى وبنيته أقوى وهو يعيده مرة أخرى مكانه ضاغطاً :-
"ألا تريد التواصل معه ؟
أفق يا عبدالله وتوضأ "
يظنه بتلهفه علي
ويقصد الرجل بإيمانه رب علي
هل تعرف الشعور اللحظة ؟
وكأن أطنان من الذنوب وطبقات من النكات السوداء
جبال من المعاصي كلها تتعاظم في قلبه وتنعصر وهناك بالأسفل وبعمق القلب نكتة بيضاء أصلها فطرة تصارع للخروج من بينهم
" توضأ "
كررها الرجل فدمعت عينا أكمل هامساً بوهن وهو يفتح كفيه :-
"أنا أنا لا أعرف "
ابتسم الرجل ابتسامة سمحه
ابتسامة العارف وهو يفتح الصنبور قائلاً :-
" ومن غيري يصدق أنك لا تعرف
توجه للصنبور الأخر وافعل ما سأفعله "
بعد دقائق كان يتجاوران بمساحه فارغة فقال الرجل :-
"أقبل على الصلاة "
شعر أكمل وكأن شيئاً ثقيلاً يطبق على صدره فهمس بنبرة مختنقة باكية :-
"لا أستطيع "
"إن أطعته فهو حبيبك
وإن عصيته فهو طبيبك "
يكررها الرجل بنبرة رحيمة عدة مرات ثم قال بتروي :-
"أقبل على الصلاة "
يشعر أكمل باختلاط الجمود مع تخلخل القلب الغارق في الركود
الوهن يشتد به والرجل يكرر بنبرة تتخلل للنفس :-
"أقبل على الصلاة ليطببك "
وعن يمينه كان يستمع قلبه لهسهسة ملكه أول مرة أن أقبل على الصلاة
وعن شماله يهسهس شيطان ضلاله الحميم ألا يفعل
ينحني على ركبتيه والصراع يشتد فيصرخ :-
"أنا لا أعرف ما تقول
لا أعرف "
رفعه الرجل مرة أخرى قائلاً بعزيمة :-
"أقبل تُجبر يا رجل "
دس بين يديه مصحفاً صغيراً ارتجف كف أكمل وهو يمسك به
فتحه الرجل على الفاتحة وقال :-
" لنصلي معاً "
بعد أن فرغا من الصلاة التي أداها أكمل كحركات أتقن تأديتها وراء الرجل متناً على ذاكرة الطفولة البعيدة
" سأعلمك كيف تصلي ركعتين تشكو بهم همك "
بعد عدة ليالي
بليلة حالكة السواد أثقل سوادها جدران الزنزانه كان أكمل يجلس جاثياً على ركبتيه يحاول أن يرفع عينيه للسماء عله يناجي هذا الذي دأب على مناجاته الأيام الماضيه مع رفيق زنزانته
نظر له نائماً المصحف لا يفارق جانبه أبداً
يجعله يصلي معه كل الصلوات ويتركه دون كلمة واحدة ويعود لمصحفه وهمسات تتكرر بلسانه لا يعرفها
شعر بنغزٍ في قلبه ونبرة علي التي لا تفارق أذنيه
"أريدك معي في الجنة يا بابا "
بكى بعجز منادياً عليه وقلبه لا يتصور بعده
ابنه ... ابنه
علي مات ؟
صغيره لم يعد موجوداً يتنفس من هواء الدنيا ؟
هل جاور علي أخيه ؟
أتراه كان أحق به منه ليرحل سريعاً ويجاوره ؟
لما لم يمت هو ؟
نسمة هواء كعلي تموت بينما تبقي رياح عاتيه متعفنة مثله لتتنفس ؟
ما هذا الوجع
ما هذا الوجع ياربي
ياربي ؟
أتراه نطقها فعلاً
يارب يارب يارب يارب
يهمسها بتكرار متلهف كالظمأن اللاهث لقطرة ماء
وقعها كالمسكن ونطقها كالمداواة
يرفع وجهه للسقف فتهفوا روحه لرؤية ربه الذي يناديه
هو يريد السكينه
يريد مخدراً لهذا الوجع
يتحرك ناحية فراش الرجل ويأخذ سجادة صلاته التي يفرشها أمامهم بالعرض فيفعل المثل ويفرشها عرضاً هو الأخر جهلاً أن الرجل لا يفعل هذا سوى لعدم وجود أخرى
يقف رافعاً كفيه للمرة الأولى من تلقاء نفسه فيشعر بالخوف ولسانه ثقيل عن النطق حتى قالها
"الله أكبر "
وهيبة الفعل مجاورة لجرح القلب جعلاه يجهش ببكاء متوجع
لا يعرف ماذا يفعل
يقرأ جهراً كما كان يرى الرجل يفعل جهلاً منه أنه ما فعلها سوى ليؤمه
" بسم الله الرحمن الرحيم "
تجري على لسانه دون تعثر وحين شرع في القراءة لم يذكر سوى
" الحمدلله رب العالمين
الرحمن الرحيم "
صمت بعجز لا يعرف ما يقول فكبر ثم ركع هامساً :-
" سبحان ربي العظيم "
وانحناؤه لنفسه عجز وانحناؤه لله قوة وإن لم يدركها القلب تستشعرها النفس
النكته البيضاء قوتها أعتى فتحاول تخطي طبقات السواد لتسطع
يبكى وهو يسقط ساجداً ولم يعرف ما يقول زيادة عن :-
" سبحان ربي الأعلى "
لكن الرجل قال كلمه فليفعل
"أريد ابني
فقط أضمه بين ذراعاي
أشم رائحته
اسمع صوته أقبله
أريد ابني "
بعد دقائق كان الرجل يمسح دموعه وقد استيقظ منذ بدأ أكمل القراءة جهراً
اقترب منه ووضع المصحف بين كفيه وتركه حتى وإن كانت صلاته متعثرة
وعاد أكمل الركعتين حتى أصبح عشر
هو لا يعرف ما يفعل
هو يجد فيهم السكنى فظل الليل بطوله معيداً في الركعتين حتى نام قبيل الفجر وحين فعل كان يرى نفسه في أرض خاليه يجثو باكياً بانفطار يشق القلوب

ينادي مناجياً أن ينقذه أحد ولا مجيب حتى كان يرفع رأسه رأسه في السماء معيداً تلك الكلمة "يارب "
تلك الكلمة التي عجز السحر أمام بطش قوتها
وعجزت المداواة أمام رهبة رحمتها
حتى كان نوراً قوياً يتلألأ جعله يغمض عينيه ثم يعود ويفتحهم قارئاً تلك الجملة المكتوبة بين السحاب مرات ومرات
وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ

أنتهى

ملحوظة متبقي في الرواية حوالي أربع فصول
الختام يلوح في الأفق


إسراء يسري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس