عرض مشاركة واحدة
قديم 18-09-22, 12:02 AM   #278

*سارة عاصم*
 
الصورة الرمزية *سارة عاصم*

? العضوٌ??? » 439475
?  التسِجيلٌ » Jan 2019
? مشَارَ?اتْي » 261
?  نُقآطِيْ » *سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute*سارة عاصم* has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل التاسع عشر
كانت أحجية متشابكة
قلبك.. وبداخله متاهة
وفيه أنا ضللت الطريق
-هل أنتِ غبية أم ماذا كيف لك ن تطلبي هذا لطلب من زوجك؟؟
تأوهت من وكزة جدتها التي طالت ذراعها، مسدتها ثم مالت على حجرها وتحدثت بينما تلوي شفتيها بضيق
-ما الذي كنتِ تريديني أن أفعله يا جدتي وهو يتبجح ويأتي لغرفتي طالبًا مسامحتي؟؟؟.. وبصراحة أردت التعرف على غريمتي التي... التي... سرقت قلبه
تحشرج صوتها في جملتها الأخيرة فضمتها فاطمة إلى صدرها لتستكين عليه وتغمغم بقلب مكلوم على حفيدتها
-غريمة ماذا يا حمقاء وهل يوجد غيرك في قلبه... هو اختارك أنت لكن الأخرى لا أستبعد أن لجدك يدًا في هذا الأمر
بدور
-حقًا يا جدتي؟؟
نهاد
-كيف هذا... هل يمكن لأمر كهذا أن يحدث
رابحة بدموع
-والله وهل سلطان امرأة ليسمع كلام جدي في هذا... هو يعرف أنه إن فعلها لن أنظر في وجهه القبيح مرة أخرى
فاطمة بخبث
-هل هو قبيح حقًا
انتفضت رابحة بعصبية غير مبررة وبوجه أحمر كانت تصرخ عاليًا
-نعم بوجهٍ قبيح وقلب أقبح... هل لأنني أحبه يفعل هذا بي؟... لقد تذللت له حتى يقبلني وأنا هي التي اختارته يا جدتي وليس هو من فعل... لولا وقوفي في المجلس وإرادتي للزواج به لكانت الأخرى زوجته الوحيدة..... لم أكن أريد أن أقول هذا الأمر حتى لا يُقال تعايره لكن حفيدك جاحد أنكر قلبي الذي أحبه وهو لا يستحق
هزت رأسها نفيًا والدموع تنساب من وجنتيها واحدة تلو الأخرى... أغمضت عينيها مجروحةً... ومقهورة... قلبها يئن حسرة على حُب أضاع كبريائها وهي أنثى كل ما تُقدسه هو الكرامة
-أنا أكرهه... حقًا أكرهه ولا أريد رؤية وجهه مرة أخرى ... فليكن شجاعًا ويطلقني وأنا أعده أنني لن أريه وجهي مرة أخرى... وليهنأ مع زوجته .... "ابتلعت ريقها وأكملت بصوت مكتوم" إن كان يظن أنني سأتغاضى وأعود لها فأخبريه يا جدتي أنه مخطئ رابحة الهاشمي لن تحني رأسها لأيًا كان .... حتى لو كان من امتلك قلبي يومًا ما
الجميع شهد حالة الانهيار التي تلّبست رابحة.... مع كلامها السريع ... حالتها المشعثة .... دموعها المتواترة بغزارة على وجنتيها الحمراوين كما عينيها
حديثها أيقظ الكثير في صدور الثلاثة اللاتي يستمعن لما تقوله
فجدتها كانت تشعر بالذنب لأنها كانت تعلم بوادر الفكرة التي تنمو في عقل زوجها وحفيدها ولم تكن بذلك الإصرار لتمنعهم
أما بدور فتمنت لو أنها كانت مثل رابحة من البداية ... قوية لا تخشى شيئًا... لم تكن لتحصد كل هذا الألم
ونهاد كانت في عالم آخر لا يشمل رابحة ولكنx توابع مشكلتها والتي بدأت تؤثر على تفكيرها... وكما هي دائمًا لا تلبث أن تخطو خطوة حتى تعودها للخلف... كانت خائفة!
كان أول من قام بالفعل هي بدور التي قامت واحتضنت أختها وربتت على ظهرها وتركتها تسكب حزنها على كتفها علّه يختفي أو ينتقل إليها، المهم ألا تتألم شقيقتها لدرجة أن تحني رأسها هكذا وهي من اعتادت على الشموخ
-لا عليك حبيبتي .. لا تذرفي دمعة واحدة على من لا يستحقك ... هذا الوغد سيعود راكعًا إليكِ وسترين
تمتمت رابحة من بين انتحابها
-راكعًا أو ساجدًا لا أريده أبدًا... وهذا قراري النهائي
هنا جاء دور فاطمة العقلاني التي هتفت وهي تسحب رابحة إلى حضنها مرة أخرى
-هوّني على نفسك يا حبيبة جدتك... أعلم مقدار ألمك جيدًا وأنه لا شيء سيزيح هذا الألم سوى رؤيتك لسلطان نادم على ما فعله... يزول حزن المرأة من زوجها حالما يُظهر ندمه واهتمامه...
هنا تحدثت بحرقة
-هل تقولين أنه ربما أعود له وأسامحه إن أظهر ندمه؟؟ على جثتي
استغفرت فاطمة في سرها ونظرت للفتاتين لتجد نهاد شاردة في ملكوتها وبدور ترفع يديها باستسلام وربما تأييد لما قالته رابحة لأنها تعرف ما على وشك قوله جدتها... وبالفعل كما توقعت فقد استرسلت فاطمة وهي تعبث بشعر رابحة
-جميعنا نقول هذا من غضبنا على أزواجنا لكن لو تقطعت بنا السُبل في النهاية ليس لنا إلا هم... هل تريدين العودة تحت إمرة أبيكِ؟x هو ابني لكن لا أحب تعاملاته أقولها صراحة.... أنا لا أخبرك أن تتخلي عن كرامتك... انتقمي حتى تشفي غليلك وعندما تشعري أنكِ اكتفيتِ عودي إليه... وأنا أضمن لكِ أنه لن يكررها
-إنه ليس نادم حتى!!!
احتجت وقد بدأ صوت بكاءها يخفت
-إذًا أنتِ لا تعرفين زوجك جيدًا... ركزي بنظراته وحركات جسده المشدودة ستعلمين ما يضمره
تدخلت بدور تلك المرة وقد بدا مظهرها مغتاظًا من حديث جدتها.. فأردفت بإباء وذراعيها يلتويان عند صدرها في تحدي
-ولم عليها هي أن تكتشف دواخله وتبحث عن ذرة الندم الذي يمنّ عليها بها... لو كانت مكانتها عنده لا ترتقي أن يأتي ويُبدي أسفه ويتوعد أنه لن يكررها إذًا لم تبقى عليه هي الأخرى؟
بدا كلام بدور مقنعًا لحد كبير ويتماشى مع تفكير رابحة التي ضربت كفها بكف شقيقتها التي أصبحت مُثيرة للدهشة
-أحبك يا بدور وأنتِ تفهمينني جيدًا
-حبيبتي انا في ظهرك دائمًا
منظرهما جلب الضحكات إلى فم فاطمة التي ضمت بدور إلى حضنها هي الأخرى
لكن المشهد كان ناقصًا... ونهاد بصرها شاخص في نقطة معينة كأنها لا ترى غيرها... بدت كمن لم يحضر المشهد فقط منذ نهيار رابحة وهي على تلك الحالة الصامتة تُخفي التياعها الداخلي
-نهاد... نهاد أين شردتِ يا حبيبتي
نادتها الجدة بصوتها الحنون لكنها لم تستجب إلا بعد وكز بدور لها، وبدلاً من الرد بشيء لائق من الحديث ألقت عليهم نظرات زائغة وانتفضت من مكانها
-أنا سأعود لغرفتي...
وبخطوات سريعة اتجهت ناحية الباب وخرجت دون أن تأبه بنداء الثلاث سيدات القلقات
كانت بدور على وشك الخروج خلفها لكن رابحة منعتها
-اتركيها يا بدور مع نفسها قليلاً فهي أنها بحاجة لذلك
وبالخارج التقت نهاد بثريا التي كانت تثرثر أمام خنساء قليلة الحياء التي تقف بروب قميصها الكاشف لنعومة القميص أسفله في الطرقة دون خجل
-لا أعلم ما الدراما التي تفتعلها رابحة تلك الأيام... وماذا إن تزوج هو رجل وهذا حقه... أهلاً يا سنيورة نهاد
قطعت حديثها مع خنساء حالما رأت وجه نهاد الشاحب أمامها، ابتلعت نهاد ريقها وتوجهت نحو غرفتها لكن كان يتحتم عليها المرور من جانبهما وسماع ما يجرحها من فم الحيتين
-لما لا تأتي وتساعديني في تحضير الطعام وتهزي جسدك هذا ربما ينحف قليلاً
ردت خنساء باستهزاء
-أعتقد أنها ستحتاج الكثير من العمل يا خالتي
والإجابة منها كانت صفعة حطت على وجه خنساء... وصفعة أخرى كانت من نصيب باب غرفتها التي اندفعت إليها وأغلقته خلفها
*****
الآن تقف أمام مرآتها بوجه أحمر ويد تهتز من الغضب، فملابسها التي ملأت الأرض والفراش لا تُناسب المكان الذي تقصده، لم يكن لديها وقتًا لتبتاع شيء جديد فلجأت في الأخير لملابسها التقليدية الخاصة بالبدو.... عباءة سوداء ووشاح بنفس اللون
-الوغد تميم لم يهتم حتى بأمر تذكيري عندما أعود سأتصرف معه حتى يتجاهلني هكذا
كانت تتحدث بحدة بينما يدها تعبثان بالكحل وتقوم بتحديد عينيها الفضية التي انطفأ بريقها منذ مدة ... ويبدو أنه لن يعود لفترة
لا تعرف شعور الاستياء الذي ينتابها في الصباح الباكر بسبب أنها لا تمتلك ملابس لائقة بالعاصمة... أم لأنها لم تحظَ بمحادثةx أخيرة مع الحقير فراس الذي دمّرَ مشاعرها وتركها تهبط من شاهق الحالمية إلى أسافل الخيانة...
لو ترى وجهه مرة أخرى لتقف أمامه وتبصق عليه وتخبره أنه لا يستحق أن يُحبه أحد في تلك الحياة
ولا يستحق أن يولد
يستحق فقط كل ما هو سيئ وقميء ...
فقط لو مرة أخيرة لتصفعه على تعجرفه الزائد الذي خوّل له سهولة أمر انسلاخه منها بمثل تلك الطريقة .... المهينة!!
أخذت نفسًا عميقًا وزفرته... بدأت الدموع تتجمع في عينيها لكنها لم تأذن لقطرة واحدةx أن تسقط.... يكفي سقوطها.

أخذت تدير رأسها يمينًا ويسارًا متجاهلة ما فكرّت به للتو، مُركزة على رسمة عينيها على الأقل صباحها الغاضب انتهى بقلب مكسور لكن برسمة أعين جميلة!!

التفتت لتأخذ وشاحها الموضوع على الكرسي وعقدته حول رأسها بلفة تقليدية بحتة لكن قبل أن تنتهي قامت بفكه وعقده بطريقة أخرى رأتها على الفتيات هنا وهي قادمة أثناء ما كانت تتجول بعينيها لتزيح ملل الطريق من دخولها للعاصمة حتى البيت....
-ليست سيئة أبدًا يمكنني اعتمادها من حين لأخر
ارتدت حذائها ولم يتبقَ سوى أن تخرج الآن وتتبع تميم حتى مقر العمل الذي لا تعرف عنه شيئًا سوى أن جدها وضعها فيه عنوة... دون الأخذ برأيها.... وكأنه يعاقبها!
حسنًا ليس هناك فائدة من هذه الأفكار الساخطة عليها أن تتجهز للقادم الذي لن يكون بدوره هيـّن
وعلى ذكر القادم
هذا الغريب به شيء يدعو للغرابة أكثر من اسمه النادر
ربما عيناه اللامعة
أو حديثه السلس
نعم ... هذه هي.... لدغته الخفيفة في الراء التي ينطقها "غ"...
كل شيء به يدعو للتحديق... ولكن هذا مريب أيضًا
-هل يمكن!!
وفجأة تمتمت وهي تضع أصابعها أمام فمها بإدراك، ثم أكملت مُضيّقة عينيها
-هل صباحي معكر لأنني طردته؟!... أيعقل!
وبكل تبجح كانت تتساءل بأريحية شديدة ولا كأنها قد داست على اصبعه بالخطأ!.
هزت كتفيها بلا مُبالاة وفي خاطرها تصميم على سؤاله اليوم عمّا إن كان يشعر بالضيق منذ أخر حديث له معها
خرجت من غرفتها نحو غرفة تميم وهي تسبه في سرها لبطئه الغير مبرر.... لكن صوته العالي نسبيًا أوقفَ قبضتها عن طرق الباب...
لتتأذى أذنها بما سمعت ويتفتت قلبها أكثر
ربما هذا الصباح ليس صباحها حقًا ولو برز القمر في عينيها بعد تكحيل سماءه
********
هل يظنونه وغدًا..؟
نعم هو بالفعل كذلك ... لكن ليس بهذه الصورة التي تبلورت داخل عقولهم وتأبى الانقشاع
يعترف أنه أخطأ خطئًا فادحًا سيكلفه العديد من الاعتذارات وربما أيام متتالية لن يرى فيها ضحكتها الرنانة الأنثوية ولا عينيها العسلية ذات الضي الدافئ....x وسيبقى شعرها الغجري أسير ذاكرته فقط
مسحَ على وجهه وزفرة قوية تخرج من فمه تحمل ضيقًا من وزر يأبى أن يُفارق صدره
-أنتِ تقتليني يا رابحة... تقتليني ولا تدرين
كانت مُجرد تمتمة بائسة في وسط العتمة التي غمرَ بها ذاته في صومعته الخاصة، منذ متى لم يأتي لهنا؟!!
ربما هو خائف أن تتواتر ذكرياته مع رابحة في هذا المكان... أول مرة تحدته كانت هنا
وأول تلامس بينهما كان هنا
وأول مرة غرق في عسل عينيها غصبًا عنه... ويبدو أنها أصابته بلعنة فمن بعدها لم يتوقف عن الارتواء منه
هذا المكان يحمل عبقًا مُريحًا مع مرارة تُذكرك بأخطائك....
ولبئس هذا
-أنت السبب في كل ما يحدث، تفضل وقم بحل الأمر قبل أن يسوء
لقد ساء الأمر بالفعل عندما قرر أن ياسمين يجب أن تعيش معه بالمنزل، وللمفاجأة طلب رابحة الذي وافق هواه كان هو م حيّره
فهي بالتأكيد تخطط لشيء لأنها تظن أنه جلبها ليكيدها أو لتعيش معهم ويُصبح هو زوج الاثنتين
ما قالته مُنافي تمامًا لما يريده فعلاً
الشيء الوحيد الذي يضمن لياسمين سلامتها من أذى والدها وخالها هو مكوثها في بيته وتحت كنفه فلن يتجرأ الاثنان على المساس بها
ما في الأمر أنه على وشك أخذ خطوة وفضح كل شيء .....
ربما ستشعر بعدم الارتياح لكن هذا لا يوازي مقدار الخطر الذي ستتعرض له لو لم تكن هنا....
لكن في الكفة الأخرى ... كانت هناك رابحة بنظراتها غير المريحة وعنفوانها ... بالتأكيد لن تتركها في حالها
حتى طريقة التفكير فيها مُشابهة لشخصيتها.... كاسحة!
عدّلَ من وضع جلسته المتكئة بإهمال على الأريكة ليحاول التفكير في حل يوازن به بين القنبلتين الموقوتتين اللتين تركهما في المنزل ولا يعرف ماذا تفعلان الآن... لكـن ما حدث قبل أن يتركهم ويأتي لهنا
فلاش باك
*****
"هذا هو المكان الذي من المفترض أن أكون سعيدة لأنني سأعيش فيه؟"
فكرت ياسمين بغضب وهي تنظر للمنزل الكبير الذي توقفت عنده السيارة الخاصة بزوجها، كان يجب أن تعرف أنه لن يمنحها الراحة كاملة، سيجعلها منقوصة حتى تكون دومًا في حاجة للمزيد منه فيعطيها هو بقلب كبير
-حسنًا يا عزيزتي انزلي لأعرفك على العائلة
-هل تمزح معي حقًا!!
نظرَ لها مستغربًا طريقتها الفظة
-لم سأمزح معك بشأن كهذا ونحن أمام البيت؟
زفرت كل الطاقة السلبية التي اختزنتها داخلها ثم التفتت إليه بحدة
هل حقًا ستجعلني أعيش مع ضرتي في منزل واحد-
التفتَ لها محدقًا في تقاسيم وجهها الذي انفلت عن هدوءه وظهرت عليه إمارات غضب عاصف
-هل بإمكانك أن تثقي في هذه المرة وتقبلي أن تعيشي هنا
-لا
كانت واضحة صريحة لم تُجمّل حديثها..
هي بالفعل لا تضمن ما سيحدث إن دخلت هذا المنزل، ليس لها ظهر لتحتمي به وفي أقل ظرف قد تحتك بضرتها ستحدث مشكلة بينهما وهي بالطبع ستكون المخطئة المنبوذة
لا تريد أن تعيش هذا الشعور مرة أخرى...
أن تكون بلا حول أو قوة.. ووحيدة
-لا؟!! هل تسمعين ما تفوهتِ به للتو!!... إذا لم تزوجتني إن لم تكوني تثقي بي
مررت يدها في شعرها وأطرقت وجهها أرضًا تحجب عن سودائه دموعها... ستحاول إيصال شعورها دون أن تعيب في أهله وتتمنى أن تنجح
تنهدت مُديرة وجهها ليكون مقابلاً لملامحه المتحفزة وأردفت بجدية
-يا سلطان افهمني قليلاً... لم تمر فترة طويلة منذ عرفت أن هناك امرأة تشاركني فيك... ولن أكون كاذبة إذا قلت أنني تقبلت الأمر.. وأشك أنني سأفعل... لذا ليس من الطبيعي أن تضعني في مكان لا أعرفه مع ناس لم أقابلهم ولا مرة في حياتي وخصوصًا ضرتي التي بالتأكيد تلقائيًا سيحدث بيننا مشاجرات عديدة... لم تضع البنزين بجانب النيران وأنت تعرف أنها لن تحرق سواك.... لذا أنا أرفض هذا .... أرجوك أعدني لوالدي.
صمتت منتظرة رده الذي طال طريقه حتى سمعته...
وبالنسبة له لا يُنكر منطقية تفكيرها لكن ليس بيده شيء غير ذلك.. و ربما ما يفعله أخطر الآن مما سيحدث مع خالها مأمون
أمسكَ يديها ضاغطًا عليها برفق مُثبتًا مُقلتيه نحو خاصتها مسترسلاً بصوته الأجش الآسر
-لديكِ أنا في المنزل وأنا أضمن أن لا أحد سيتعرض لك بعد أوامري بعدم المساس بك... لا تقلقي... ربما لن تعرفي الآن الهدف من مجيئك لهنا لكن في القريب العاجل سيتضح كل شيء أمام عينيكِ وستشكرينني
(أو تكرهيني)
همسها في نفسه دون نية في الإفصاح، ورغم توتره الداخلي أبقى ثباته الخارجي صلدًا حتى يستطيع التأثير عليها
-ما الذي تتحدث عنه
تساؤلها كان وليد حديثه المُبهم، لكنه لم يجيبها اكتفى بقوله
-ليس الآن ستعرفين في وقت لاحق.... لكن ثقي بي
وهنا تقلبَّ قلبها بين تصديقه وتكذيبه
وهي بين الضفتين حائرة... أتبحر نحو حدسها أم تعكس اتجاهها
لكنها تخاف الغرق في المنتصف!

********
يدخل ممسكًا بيديها وبين كل حينٍ وآخر يضغط عليها ليطمئنها، بينما هي غائبة في اللمسة التي طالت كفها وكم تتوق ألا تنتهي
وقفت في البهو تنظر بتيه للمنزل الكبير الذي يحوى أثاثًا أثريًا ذو طابع بدوي أكثر منه عصري

-اجلسي هنا يا ياسمين حتى أنهي الأمر وآتي ولا تقلقي لا أحد يأتي لهنا إلا نادرًا

أجلسها سلطان على مساند وثيرة كمثل التي في مجلس الرجال، أمسكت بيده لا تريده أن يرحل
هي وحدها في مثل هذا المنزل الكبير وفي أي لحظة مُعرّضة أن تلتقي بزوجته الأخرى!!
-لا تتركني
ربت على كتفها في مواساة وقد بدأ مظهرها يُحرك الندم داخل قلبه....
-لا تقلقي لن أتأخر.

تركته يرحل وهي تراقب ظهره، ولو قالت أنها شعرت بالأمان ستكون كاذبه
فهي تعلم تمام العلم أن سلطان لو سيُطلّق واحدة... ستكون هي.....
لذا فالأمر محتوم من البداية هي كانت كبش فداء لشيء لا تعلمه، والجميع يتناقلها كعروس ماريونيت لا حولَ لها في تقدير مصيرها

ولبئس المصير مع زوج تُحبيه لكنه لا يمنحك سوى القلق.... تتسولين مشاعره وأنتِ في أعز الاحتياج....
كانت تفرك يدها بتوتر ولم يلبث كثيرًا حتى وجدت امرأتين تدلفان قرب الباب استطاعت سماع صوتهما قبل أن يفتحا باب المجلس وتدخلان

وهنا كانت الزهرة الرقيقةx في مواجهة الفرس الجامح
فنجاني قهوة انسكبا في قدري عسل قد ابتلعهما من الاتساع....

لقد عرفتا على الفور هوية كل منهما، ربما كان احساسًا .... أو الهيئة التي تبدو عليها الفتاتين
فبالطبع ياسمين التي ترتدي ملابس لا تمت لهم بصلة وتجلس في المجلس وحدها؛ قد تكون مثالاً رائعًا لزوجة ثانية مختبئة تدخل عرين الزوجة الأولى

أما وقفة رابحة الخشبية التي أدركت أولاً هوية ياسمين جعلت الأخيرة تتفطن لتعابير ملامحها التي قتمت وهي كانت في بادئ دخولها ضاحكة!!

بقيت الفتاتان تنظران لبعضهما بمشاعر متضاربة.... كلها تحمل قدرًا من السوء
غيرة.... خيانة.... نفور.... شماتة.....

الآن هي أمام من شاركتها في حبيبها وصاحب سهاد الليل المؤرق
هي على موعد مع خاطفة النوم من عينيها، وجالبة الأحزان

كل ما تريد أن تسمعه منها هو إجابة لسؤال يشعشع في عقلها منذ أن سمعت خبر زواجه؟
"لماذا؟"
هل لأن جمالها هادئ وهي ذات جمال حاد؟!
هل يحب الشعر البني؟
هل لأنها أقل وزنًا منها؟!!
أيعقل السبب يكمن في بشرتها البيضاء والتي تبدو ناعمة..... ترى كم مرة ملّست أصابعه على وجنتيها
وكم مرة قبّلَّ شفتيها؟؟
والسؤال الأخير لم بقدر عقلها على طرحه فتألم قلبها نيابة عنه

كل هذا وبدور تقف بينهما لا تفهم شيئًا... مالت على رابحة هامسة
-من هذه التي تنظري إليها كما لو أنها شيطان
غمغمت رابحة وهي على نفس حالة الجمود التي تلبدتها
-ضرتي.... التي سأرحب بها على أكمل وجه
وبصوت عالٍ كانت تقترب منها بابتسامة قوية وقلب مهزوم
-أهلاً بك يا ضرتي... سعيدة بوجودك معنا....
ولم تسكت عند هذا الحد بل قرّبت كفها بالسلام لكن ياسمين ظلت تنظر لها في عدم تصديق وريبة مما جعل رابحة ترمي ابتسامة ماكرة وتجلس بالقرب منها
-لم أتوقع أن سلطان سينفذ طلبي بهذه السرعة
-م م ماذا؟
كل ما أخرجته هو حروف متلعثمة والإدراك يمر بها كاويًا روحها
ولم تنتظر رابحة فضربت على الحديد وهو ساخن بقولها الغير مكترث في ظاهره
-لقد اقترحت عليه أن يأتي بكِ إلى هنا حتى نستطيع التعرف على بعضنا والعيش سويًا دون مشاكل... ولنحيا حياة هادئة فهو ليس أول ولا أخر رجل يتزوج مرتين
هي لم تسمع البقية هي وقفت عند جملة " اقترحت عليه أن يأتي بك إلى هنا"
يا إلهي!!
ألهذه الدرجة كانت لُعبة في يدx سلطان وبأمر من غريمتها كانت تتحرك على حسب هواهم
ابتلعت ريقها وتلقائيًا تشكلّت قبضة يدها، وتمنت أنها لو تكلم رابحة ذات اللسان الثرثار والتي تتحدث الآن لكنها غارقة في أفكارها


التفتت لها ياسمين وبشق الأنفس رسمت ابتسامة على شفتيها .... وبالرغم من أنه لم يكن عليها اصطناع المودة لأن ملامحها مفضوحة تحت أنظار رابحة المستمتعة كان لا بد أن ترد بدلوماسية
-نعم لقد أخبرني سلطاني.... وافقت سريعًا لأنه طلبَ مني هذا.... ولأنه تعهد بحمايتي فأنتِ بالتأكيد تعرفين السكن في تلك الصحراء دون أن تتبع قبيلة أو ماشابه خطير.... لذا أخبرني أنني سأتي لهنا مؤقتًا حتى يجد لي بيتًا بمفردي....
ضحكت وقد بدا مزاجها رائقًا بعد الغضب الذي بان على وجهه رابحة
-ليس بمفردي بالتأكيد... أنا وهو

إن كانت تظن أنها انتصرت فهي مُخطئة لأن الضحكة التي جلجلتx بأنثوية في أرجاء المجلس كانت من نصيب رابحة
ولم تكتفِ بذلك بل سخرت وهي تتحدث من بين بقايا ضحكتها
- هل تطنين أنه سيترك منزل العائلة؟ .... ستغادر روحه جسده قبل أن يفعل....
قطعت حديثها وتصنعت التفكير ولكن في الحقيقة هي مستمتعة بملامح الذعر التي أطبقت على وجه غريمتها...
تحدثت أخيرًا بينما تضع قدم فوق قدم وبكل الارتياح الذي ادخرت
-هل تريدين التحدث مع سلطان؟ .... بإمكانك الذهاب لتلك الغرفة التي تُقابل هذه الغرفة وستجديه.... أشعر أن لديكِ الكثير لتقوليه
...................

................................

-وهل تجرؤ أن تأتي بها لهنا؟!
هدر محمد أمام وجه سلطان الجامد والذي لم يتحرك عن جموده بل زاد عمه استفزازًا واضجع للخلف على المسند وبصوتٍ هادئ أجاب
-نعم فهذا بيتي وهذه زوجتي ومكانها معي أينما أكون
حرّكته مشاعر الغيظ الدفين فوجد نفسه يهتف بحقد
-ولم الآن تذكرت أنها زوجتك وأتيت بها لهنا.... أنا أشعر أن هناك شيء خفي في الأمر... شيء غير مستحب
وإلى هنا لن يستطيع أن يفي بوعد الهدوء أمام عمه الذي قطعه على نفسه قبل الدخول للمجلس، فاهتاج وهو يردد
-ليس كل من يفعل أمرًا يظن أن الجميع فاعله... هذه إهانة لجدي لأنها في بيته قبل أن تكون إهانة لي
-أيها ال..... لم لا تقل شيئًا يا أبي
التفتَ لأبيه الجالس بملامح لا توحي بشيء سوى الخواء، صمت ران على المجلس بعد جملة محمد
وبعد مدة منَّ عليهم كامل بجملة بسيطة
-اسمعوا جيدًا ما سأقوله لأنني لن أكرره.....
وهنا تأهبت الأذن سماعًا ودق الجلب وجلاً.... فالقادم قاتم!
لكن الجد لم يلبث أن فتح فمه حتى اندفعت شظية مشتعلة من الباب اقتربت منه لتقف أمامه بغضب
-هل كذبت عليّ يا سلطان!! اجئت بي لهنا ارضاءً لزوجتك؟

**************
حافية القدمين.... غطاء رأسها منزلق بالكاد يغطي شعرها... دموع امتزجت بكحلها الفاحم فصارت دموع سوداء.... شهقات خفيفة متتابعة وجسد يختض ورعًا ....تقبع على السلالم المُطلة على السطح كان من الممكن أن تُنسى اليوم لكن هذا الذي أقفل باب شقته للتو لفت انتباهه حشرجة بكاءها فاتبع خطاها حتى وجدها.

رفعت وجهها لتراه مهيمنًا عليها بطوله لا يقول شيئًا لكن عيناه قالت العديد من التساؤلات القلقة
"ما الذي تفعله هنا.... هل هي بخير؟..... لم هي في تلك الحالة.... أحدث لجدها شيء؟..... هل تميم عنّفها؟"
لكنه لم يترجم منها سوى واحدًا
-هل أنتِ بخير؟
-نعم أنا بخير
خفوت صوتها مع مظهرها المشعث لم يكن مطمئن خاصةً وأنها إجابتهاx كانت بمثابة "اغرب عن وجهي أريد ممارسة ضعفي وحدي"
لكنه لم يستسلم وهو يراها في حالة يُرثى لها وهي من اعتادت الوقاحة في وجهه
دس يده في جيب بنطاله ورفع هاتفه أمام نظراتها التي بدأت تتحاشاه
-سأتصل بتميم
فجأة صرخت أمام وجهه وهي تقبض على الهاتف الذي بيده

-لا لا .... كله إلا تميم... لا تدعه يأتي
أنزل هاتفه وعيناه تمر على وجهها بترقب يشوبه القلق
-حسنًا لن أتصل به لكن عليكِ أن تخبريني ما الذي فعل بك هذا ولماذا أنتِ هنا وليس في شقتك تنتظريني لأقلك للعمل
استطاعت أن تلمح خشونة باردة في صوته، فأدركت على الفور أنه مستاء من أخر مرة كان فيها عندهم وللحق هي ليس لديها القدرة الآن على التحدث في أي شيء... لكنها تُقدر شهامته الكريمة معها واكتراثه

في النهاية أخرجت بعد الحروف من فمها لكنها لم تسد رمق الواقف يراقبها بتفحص
-لم يحدث شيء
-بالله عليكِ!!
هنا هدر أمام وجهها فأغمضت عينيها تاركة ضعفها المُتمثل في دموعها ينساب على وجنتيها ودون أن تفتحهما تمتمت
-أخفض صوتك رجاءً حتى لا يسمع تميم.... واتركني وحدي
ظلَّ ينظر إليها من علوه غير قادر على فعل شيء، لقد أطرقت بوجهها في حجرها وبكت بصمت، حالتها النكراء التي تُخالف طبيعتها الفظة ذات اللسان السليط تُقلقه.... وهو يُحمّل نفسه مسؤوليتها طالما أنه هو من وجدها بتلك الحالة
-هل تريدين الذهاب لمكانٍ ما والتحدث
رفعت رأسها لتراه يُطل عليها بابتسامة رائقة وبيده منديلاً يمده لها، لا تعرف كم من الوقت قد مضى لكنها حسمت أمرها بعد تردد كبير وأخذت المنديل لتمسح وجهها الملطخ بالسواد، وللمرة التي لا يعرف عددها تفاجئه بردها على ما يقترحه
-أسفة أنا لا أعرفك كفاية لأذهب معك هكذا لذا رجاءً المرة الثانية اذهب لعملك واتركني وشأني... ولا تخبر تميم
حسنًا ... لو توقع منها ردًا لينًا لكان الخطأ منه هو، وهي لم تُبدِ له في أي مقابلة لهما أي ود

تنهدَ بضيق ورفعَ الهاتف مرة أخرى ولأنها كانت منشغلة بالنظر للتراب المغطي للسلمx لم تنتبه إلا عندما سمعت اسم شقيقها يخرج من فمه
-أهلاً تميم كيف حالك؟
اتسعت عينيها واستقامت سريعًا مما سبب لها دوارًا لحظيًا لكنها لم تستكن ومدت يدها تريد خطف الهاتف وهو يبعدها بيده الأخرى الخالية بينما يكمل حديثه
-.... أين أنت؟.... اه ....اممم.... لا أنا وأنسة بنون في العمل ولن نعود مبكرًا اليوم ..... ربماعليك طبخ الغداء....
عندما انتهى وجدها تهدر أمام وجهه بغضب أشوس قد بلغ مبلغه منها لتدخل هذا الغريب في شؤونها
-أنت أيها الغريب لما تتدخل في شؤوني أخبرتك أن تتركني وترحل.... هل تهددني مثلاً باتصالك بتميم؟؟... اذهب للجحيم أنت وهو
كان يضع هاتفه في جيب بتطاله ويتلاعب بمفتاح سيارته بملل كما لو أنه اعتاد على وقاحتها.... لم يلبس ببنت شفه حتى انتهت أعطاها ظهره وهو ينزل قائلاً بلا مُبالاة
-صوت تميم كان ناعسًا وعلى الأرجح سيعود للنوم لأن ليس لديه محاضرات اليوم... وأنا أخبرته أنكِ لن تكوني موجودة حتى لا تلتقي به على الأرجح لعدد ساعات ليس بقليل....
وهنا استدار إليها مترقبًا
-والآن هل ستظلي جالسة هنا أم تأتي معي للخارج على الأقل لتزيلي هذا الحزن عنكِ وتتوقفي عن التفكير في السبب قليلاً!!
ظلت ترمقه بغيظ كأنها على وشك قتله وفي النهاية كانت تحسم الأمر وتقف لتنفض عبائتها وتنزل الخطوات القليلة
وبدوره هو ابتسم وأكمل نزوله وهي خلفه....
تخبر نفسها هل عليها أن تثق في معشر الرجال مرة أخرى؟؟؟
....................
بغرفة نهاد تجلس على الأريكة بوجه شاحب وجسد يختض للأمام وللخلف دون هوادة

لقد تملك الخوف من قلبها حتى أنها أصبحت لا تقدر على التنفس
هناك ثقل يجثم على صدرها ولا تستطيع التخلص منه!!
هل ربما لأنها أحبته ووهبت أمانها إليه؟
أم لأنها وثقت وما أوجعها هو فرط الثقة؟!
تدور في حلقات مفرغة تبدأ وتنتهي عندها
وعدي لا يُطمئنها بل أصبح منشغل أكثر من الأول كأنه يعاقبها على هذا السؤال
رغم أن إجابته لم تكن صريحة لكنها ليست واضحة أيضًا... لذا لم تأخذ منه ما يسد خوفها

ترى هل ستسوء الأمور؟
هل لو كانت بجسد معتدل لكانت تقبلتها حماتها.... وعدي لم يكن ليفكر في الزواج عليها

هل لو أنها بشكل آخر لتقبلها والدها ولم يكن ليضربها ويحرمها من أبسط حقوقها!!
هل وهل تموج في عقلها تتحرق للاستكانة لكنها لا تجد مكانًا بجانب الذعر الذي استولي عليها
هل ستشرق الشمس بعد استيلاء المحاق على السماء!
ترى؟!!

في خضم تفكيرها وجدت عدي يدخل من باب الغرفة ملامحه لا توحي بالخير، جسده مشدود ونادرًا ما قد تراه هكذا....

اقتربَ منها وعلى وجهه ملامح مُبهمة وفي لحظة واحدة كان يحضتنها ويهمس لها ببضع كلمات لم تفهم منها سوى المواساة!!
لماذا يواسيها؟
هي تريد الأمان لا المواساة!
مهلاً
نعم هو مُحق
يجب عليه أن يواسيها
في موت أبيها....
وكان هذا أخر ما سمعته من همسه قبل أن يُغشى عليها بين ذراعيها وهو يهزها بين يديه برعب

وإلى هنا انطوت صفحة الغرام
وحلّت صفحة الشقاء
تُرى سيقدر السلطان أن يمتلك هواه
وإن فلت
فمن له لاجم؟


*سارة عاصم* غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس