عرض مشاركة واحدة
قديم 25-09-22, 01:04 AM   #582

Hager Haleem

كاتبة قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Hager Haleem

? العضوٌ??? » 359482
?  التسِجيلٌ » Dec 2015
? مشَارَ?اتْي » 1,301
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
?  نُقآطِيْ » Hager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond reputeHager Haleem has a reputation beyond repute
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الثاني والأربعون

" أنتِ طالق يا فضة "
زفرت فضة بارتياح وكأن حمل قد نزل عن كاهلها ..
فهي أصرت على ليث حتى يعجل أمر طلاقها فلا يتورط بِشر معها في المزيد من المصائب وقد اقتنع ليث بوجهة نظرها بعد أن أوضحت له الكثير من الأمور أبرزها حمل سندس الذي يجعل من استمرارها مع بِشر ولو صوريًا أمرًا مستحيلًا !
لكن راحتها اللحظية طارت في الهواء فور سماعها صوت التصفيق المسرحي وقد أدركت صاحبه على الفور وبالفعل ظهر صوته كدوي قنبلة سقطت عليهم دون سابق إنذار :
" Wonderful , in that case I want to marry her "
( رائع ، وفي هذه الحالة انا اريد الزواج منها )
فارتدت للوراء تنظر نحوه بعينين ذاهلتين في الوقت الذي اغمض فيه بِشر عيناه وهو يسبه سرًا ...
أما ليث فما هما سوى لحظتين استوعب فيهم ما قيل ليكشر بعدها عن أنيابه وتقوده خطواته نحو آل ونيته واضحة وضوح الشمس ..
سيقتله ويتخلص منه !
ظل آل مكانه يراقب اقترابه منه بابتسامة ملتوية ونظرة ماكرة تحتل حدقتيه وكأنه يتحداه دون حروف مما جعل خطوات ليث تزداد قوة ليضم بعدها قبضته ويرفعها كالقذيفة في وجه آل الذي لم يرتد خطوة واحدة للوراء ومع ذلك لم تمسه قبضة ليث التي وقعت بين ذراعي بِشر وقد حال بينهما بسرعة فائقة يحاول حماية أخيه المتهور من غضب ليث المحموم وهو يقول بصوت قوي وواضح :
" إنه اخي يا ليث ، ولن يُمس بسوء طالما انا حي ارزق "
بنظرات نارية تحول ليث تجاه بِشر فاستطرد الأخير :
" وانت أيضًا أخي .. لذا ولأجل خاطر اخيك دع هذا الجنون عنك "
ولأن آل لم يُخلق ليصمت تدخل وقال بسطوة :
" لولا سيلفر لكان لي معك حساب آخر "
اعتلى الجنون ملامح ليث وحذرته فضة بعينيها من وراء شقيقها حتى يصمت لكنه استطرد بعينين ضيقتين :
" ثم ما الذي يغضبك في طلبي الزواج منها ؟!! "
" اصمت يا علي "
يهتف به بِشر بعصبية وليث يكاد يفتك به وببِشر في وقت واحد ولا يمنعه سوى صلة القرابة اللعينة بينهم لكن آل لا يتراجع فيكمل حديثه ببُغض بعد أن اقترب من ليث خطوة أخرى وبِشر يحول بينهما تحسبًا لأي جنون يطرأ عليهما :
" سيلفر على الأقل ستكون معي في أمان ، لن يجرؤ أحد على مس شعرة منها لا حلقه بالكامل .. ستصبح زوجة حقيقية مرغوبة وليست حِمل زائد على رجل متزوج بالفعل ، ستخرج من القمقم الذي قررتم بكل إجحاف تقييدها داخله تحت مسمى الحماية "
وبذكاء لا ينقصه قرأ آل رفض ليث قبل أن ينطق به لذا قاطعه قبل أن يتحدث وغمغم بينما يُشير نحو فضة :
" لماذا لم تسألها عن رأيها حتى ؟!! "
سارع بِشر بالانضمام إلى جبهة أخيه فحدث ليث بنبرة قوية :
" انه محق ، لنسألها على الأقل "
لم يتوقع ليث تأييد بِشر لجنون أخيه فرمقه باستنكار وارتفع صوته بغضب :
" عن اي شيء تسألها ؟!! .. هل جننت انت الآخر ؟!! "
ليلتفت بعدها إلى فضة التي تراقب تطور الوضع بعدم تصديق ويهدر بها هي الأخرى :
" لما تصمتين ؟!! .. هل أنتِ موافقة على هذا العته ؟!! "
شعرت فضة أنها حُشرت في الزاوية فرمقت شقيقها بمهابة التقطها الرجلين الآخرين فتمتما سويا :
" تحدثي ولا تخافي يا فضة "
" no one can touch you ,Don't worry my queen"
( لا تخافي مليكتي ، ليس بإمكان أحد لمسك )
اتسعت عينا ليث من ثقته الممتزجة بحميمية حديثه معها فالتفت إلى فضة بكليته وقد أدرك أن الأمر بينهما أعمق مما اخبرته سابقًا لتؤكد نظراتها القلقة صحة شكوكه فيرمقها ليث بنظرة جافة قبل أن تخبو شعلة غضبه تمامًا ثم تخرج نبرته بجفاف يعادل جفاف نظرته :
" تحدثي "
ابتلعت فضة ريقها بتوتر شديد ثم همهمت بعد لحظات أمام نظرات الرجال الثلاث :
" لقد تطلقت للتو "
وقد كانت كلماتها المعدودة كفيلة بتوضيح موقفها فاتسعت ابتسامة آل برضا بينما نظر بِشر نحو ليث بترقب يراقب ردة فعله لكنه لم يستطع التكهن بما يدور في خلده وقد أسدل الغموض ستائره فوق صفحة وجهه فبقي جامدًا ، يحدق في فضة التي أدركت معنى جملتها متأخرًا فشحب وجهها بشكل تدريجي وانعقد لسانها تمامًا واعتلى الترقب والرعب حدقتيها بدورها !
" اظن لا مزيد من الغضب الفارغ "
همهم بها آل بظفر فلم يتنازل وينظر إليه ليث حتى بينما لكزه بِشر دون حديث ليلتزم الصمت فرمقه آل بضيق وبعد لحظات عصيبة نظر ليث إلى بِشر ثم غمغم بصوت يحدده الغضب دون أن ينظر لفضة :
" سأغادر لساعة واعود ، لتبقى بأمانتك "
ودون كلمة أخرى وبخطوات تكاد تحفر الأرض من العصبية غادر ليث وترك ثلاثتهم ينظرون في إثره بملامح متباينة ..
بعد لحظات أراد آل أن يخطو تجاه فضة فأبعده بِشر بحسم ظهر في نبرته :
" كفى "
رمقه آل باستنكار وتمرد بينما عادت فضة إلى الداخل بخطوات تشي بما تمر به في هذه اللحظة فراقب الإخوة مغادرتها ..
واحد بضيق لحالها
والآخر بابتسامة ظافرة كمن نال اكبر غنائمه .. !

___________________


( الوادي )

( هل تظنين انكِ انتصرتِ ايتها المعيوبة المريضة ؟! .. هل تظنين أن عليلة مثلك قد تجلب طفلًا حي سليم ومعافى ؟! )

( لا تفرحين يا معيوبة .. كل هذا من أجل من سينزل ميتًا من بطنك ، وحين يتأكدون من موته وموتك سيلقون بكِ من جديد ولكن هذه المرة تحت التراب )

( من تنتظرونه بشوق وجنون لن يرى النور .. سيموت مثلما ستموت أمه )

لم تكن مجرد كلمات مسمومة يتردد صداها في أذنيها ..
بل كانت كخناجر تقطع من لحمها الحي
كترانيم موت تعذب روحها وتؤرقها
كألسنة لهب تحرقها حية ، كنبوءة ساحر اسود القلب ألقى بها في غياهب كوابيسها !
وجوارها عزيز يحدثها دون توقف ، يعتذر لها ويحاول الاطمئنان عليها لكن صوته يصلها مشوشًا ، بعيدًا وكأنها انفصلت عنه تمامًا ..
( من تنتظرونه بشوق وجنون لن يرى النور .. سيموت مثلما ستموت أمه )
صوتها الناقم ويقينها جعلوا جسدها يرتعد فتجد نفسها في لحظة بين ذراعي زوجها الذي خرج صوته غاضبًا كما لم تسمعه من قبل :
" وحق الله لأجعلها تعض أصابعها ندمًا على كل حرف تفوهت به ، أقسم أن لا يمر الأمر مرور الكرام هذه المرة "
وغضبه ممتزج برعبه عليها خاصةً وهي صامتة ، ميتة النظرات والروح
لا تبالي بما يقول ولا بوعيده لأخته .. !
وبعد وقت لم يعي أيا منهما لحسابه خرج صوت غالية باترًا :
" سواء كنت حية أو ميتة .. إن نزل ولدي حيًا مُحرم على اختك رؤيته أو الاقتراب منه ، وإن حدث العكس يا عزيز ولو بالخطأ لن اسامحك أبدًا حتى وإن كنت ترابًا تحت الارض "
ولأنه يضع الذنب فوق كاهله لأنه هو من أصر عليها لتذهب معه غمغم بلهفة وقلقه يزداد من شحوب وجهها :
" ابعد الله عنكِ كل شر وحفظك من كل سوء ، لن يحدث إلا ما ترتضيه يا غالية "
ليتبع دون أن يفلتها :
" أخبريني كيف تشعرين بالله عليكِ "
" لست بخير ، ولن اكون أبدًا بخير طالما هذه المرأة في حياتي "
تهمهم بها بصوت شارد مغلق وكأنها تحدث نفسها فيعقب عزيز دون تردد :
" لن ترينها مجددًا "
اغمضت غالية عينيها تبحث عن راحة هي ابعد ما تكون عنها ثم همست بضعف شديد ، بصوت مكتوم يكاد يُسمع وهي تنزلق لتستلقي تمامًا فوق الفراش وعزيز لا يفارقها :
" اريد أمي "
شتم عزيز اخته مرة أخرى بصوت مكتوم ثم همس في اذنها :
" سآخذك لها في الصباح "
لم تعقب غالية وقد تمكن منها التعب والارهاق ليفرض عليها النوم سلطانه ويرحمها من الألم الذي ينخر في قلبها بلا توقف
فهي تتألم بحق وتشعر أنها ستلفظ آخر انفاسها في أي وقت وكأن دقائقها أصبحت معدودة .. !
سبح عقلها في الظلمة التي التفت حوله
والصمت فرض نفسه على كل خلية فيها
حتى شعورها بما حولها أصبح معدومًا ..
وغابت غالية عن كل شيء تاركةً جوارها عزيز يحدق فيها برعب ما بعده رعب ، يشعر أنه إذا اغمض عينيه عنها الليلة قد لا يراها مجددًا .

______________________

رن هاتفها فنظرت بلهفة ازدادت حينما أدركت أن ليث هو المتصل ..
فهي تكاد تجن قلقًا عليه منذ اختفائه صباحًا
استقبلت المكالمة تهتف بلوعة :
" هل انت بخير ؟!! "
" لست كذلك "
خرجت جملته المكتومة كسهم نافذ نحو قلبها فهوى برعب خرج في سؤالها المرتعد :
" ماذا حدث ؟!! .. هل وصلت له ؟!! "
وعلى الناحية الأخرى عبس ليث ثم استوعب سؤالها فازدادت ملامحه شراسة ثم أجابها :
" لقد أتى بنفسه .. لم ينتظر وصولي إليه "
لطمت ليالي وجنتها ثم غمغمت برعب :
" ماذا ؟!! .. كيف هذا ؟!!! "
هدر ليث بنفور :
" إنه يحوم حول فضة بعد كل ما فعله بها لكن وحق الله لأجعله يتمنى الموت ولا يطاله "
" وهل فضة بخير ؟! .. هل تعرض لها ؟!! "
اغتم وجه ليث وخرجت نبرته جامدة :
" لا، وفضة بأفضل حال ممكن .. أشعر وكأنها استعادت نفسها القديمة ، وكأن روحها ارتدت لها "
صمتت ليالي قليلًا ثم قالت بحذر :
" لكنك لا تبدو مستبشرًا باستعادتها لروحها كما تقول "
التزم ليث الصمت لبعض الوقت قبل أن يسألها بخفوت :
" كيف حالك يا ليالي ؟!! "
" حالي من حالك يا ليث "
عبس ليث وقد وصله الرد فخرجت نبرته قوية بالوعد :
" بظهوره اليوم عجل من أمره ، سينتهي كل شيء عما قريب واعود لكِ ولحارث "
" يا رب يا ليث ، يا رب "
همهمت بها بحزن عاجز وفراقهما يفعل بها الافاعيل ..
تكره ابتعاده عنها رغم أنها تدرك أن قربه لا يعني سوى موت شقيقها ..
لكن وماذا تفعل إن كان شقيقها هو من يصر على الأذى ؟!!
شقيقها الذي بسببه بيعت تحت مُسمى الزواج
شقيقها الذي جرها معه في ذنب عظيم لا تزال تحمل اوزاره فوق كاهلها حتى هذه اللحظة
شقيقها الذي باع الكل واشترى نفسه فقط .. !
" ليالي ! "
أخرجها صوته من شرودها فهمست بألم :
" معك "
صمت ليث قليلًا ثم قال بإرهاق :
" كنت بحاجة لسماع صوتك "
( وانا بحاجة لوجودك معي )
كادت أن تهمس بها لكنها تراجعت حتى لا تزيد من همه ثم قالت :
" سينتهي كل شيء ونعود لحياتنا بأمر الله "
أمن ليث ورائها ثم أنهى المكالمة فجلست تدعو سرًا أن يهون الله عليها ، أن يُنهي حيرتها ويجمع شمل عائلتها الصغيرة .. !
عائلة !
كلمة لم تذق حلاوة معانيها أبدًا ..
فوالدها باعها حرفيًا لدثر الثأر بينهم وبين عائلة العامري
وليث على قدر رجولته إلا أنه لم يتمكن من إخماد نار قلقها ..
فدائمًا ذكرى ما حدث كانت حاجز بينهما
حتى في أكثر لحظاتهما قربًا .. !
والآن الذكرى انقلبت لواقع ملموس فبات وقعها أعنف ..
وهي ذاقت مرارة الذكرى فما بالها بعلقم الواقع !
نهضت ليالي بتثاقل شديد ، تستغل انشغال والدتها في زفاف ابنة جارتهم والذي ذهبت إليه بعد جهد كبير منها ..
تحركت ببطء حتى وصلت إلى الغرفة التي يعمل بها والدها عادةً في المرات القليلة التي يضطر فيها لإنهاء أعماله في المنزل
كانت تدرك أنه يضع بها كل أوراقه لذا دخلت وهي تسمي الله وقلبها يرجف بوجل ...
فهي الآن تبحث عن دليل يُوصل لزوجها لرقبة شقيقها
والحقيقة ليست بحاجة إلى تزيين
فقد اختارت أن تُسلم رقبته إلى ليث بعد ما فعل وإن وجدت شيء لن تتراجع عن إرساله
فإن كان خياره هو ( نفسه ) فلا لوم عليها إن حذت حذوه واختارت ( نفسها )
استندت ليالي على المكتب وبدأت تبحث في الأوراق المتناثرة فوق سطحه ورغم أنها في المنزل بمفردها مع الخادمة إلا أنها كانت تنظر كل بضعة ثوان نحو الباب خوفًا من وصول أحد .. !
وبعد عدة دقائق فقدت ليالي فيهم الامل في أن تعثر على شيء ذا فائدة جلست على كرسي المكتب وبدأت تعبث بالأدراج بلا تركيز حقيقي لتعبس بعد لحظات حينما وجدت الدرج الأخير مغلقًا بقفل حديدي فبدأت تبحث بعينيها عن المفتاح هنا وهناك دون نتيجة ..
زفرت ليالي بتعب لكنها تحاملت على نفسها وعادت إلى غرفتها من جديد ثم أخذت سكين الفاكهة الصغير الذي تتركه والدتها عادةً مع طبق الفاكهة حتى تتناول منها كلما أرادت وأخذت هاتفها لتصور به أي شيء قد تجده ثم ومرة أخرى عادت إلى المكتب بخطوات حاولت الإسراع بها قدر ما استطاعت لتجلس بعدها أرضاً أمام الدرج بإنهاك ثم بدأت بفك المسمار المثبت للقفل بحرص إلى أن خرج المسمار من مكانه ففتحت الدرج تبحث داخله عن أي شيء يساعدها ...
بدأت ليالي تقرأ الاوراق الموضوعة داخل الدرج بسرعة كبيرة فوجدت الكثير من العقود والملفات التي تخص عمل والدها
لتنتبه بعد ذلك لوجود عقد شراء شقة في العاصمة بتاريخ ليس ببعيد فقامت بتصويره بسرعة ثم عادت لتبحث عن أي شيء آخر دون جدوى فأعادت كل شيء لموضعه ثم بدأت بربط المسمار من جديد وهي تكاد تنهار ألمًا من جلستها على الأرض
وبعد دقائق كانت ليالي تعود إلى غرفتها ببطء ووهن شديدين ثم اجفلت حينما هتفت الخادمة اسمها بتفاجئ من وجودها في صالة المنزل بهذا الانهاك وهي التي لا تغادر غرفتها الا لمامًا فلم تجد ليالي مبررًا حين سألتها ثم قالت بعد لحظات بتعب وهي تلوح بسكين الفاكهة :
" لقد كنت ابحث عن السكين وناديتك كثيرًا ولم تجيبي "
اعتذرت منها الخادمة ثم دعمتها إلى أن عادت إلى غرفتها من جديد فجلست ليالي فوق الفراش وهي تطلق تأوه اقلق الخادمة فسألتها بتسارع :
" هل اتصل بالحاجة أو سيدي غالب ؟!! "
هزت ليالي رأسها نفيًا وقد اُستنزفت تمامًا ثم همهمت بعد لحظات :
" لا داعي ، سأرتاح قليلًا وبعدها سأكون بخير "
رمقتها الخادمة بخوف وظلت واقفة جوارها لبعض الوقت فغمغمت ليالي بصوت متعب :
" هيا لا تقفي هكذا "
ثم اتبعت لتضبط دورها :
" ولا تبتعدي كثيرًا لربما احتجتك مرة أخرى "
اومأت لها بطاعة ثم غادرت غرفتها وهي تفكر في الاتصال بسيدتها الكبيرة حتى لا توبخها في حال حدث شيء لأبنتها ..
اما ليالي فما أن غادرت الخادمة حتى أخرجت هاتفها ونظرت إلى الصورة التي التقطتها لعدة لحظات ..
خائفة
بل مرتعبة
ربما هذا هو طرف الخيط .. !
لا ، الأمر ليس بحاجة إلى ذكاء أو وضع احتمالات
هذا هو طرف الخيط الذي أراده منها ليث ..
هذا هو سبب وجودها هنا
لا مزيد من مفترق الطرق يا ليالي ..
حانت لحظة الاختيار الأخيرة
إما أن تبعثي رسالتك فتنهي أمر شقيقك او تختاري التزام الصمت فتتأذى فضة من جديد
وهذه المرة ليست كسابقتها ..
فكل الأمور واضحة وانتِ تدركينها هذه المرة ، وتدركين مدى الأذى الذي ستتعرض له فضة ولستِ غافلة كالمرة السابقة !
عليكِ بالاختيار ..
زوجك وطفلك ام شقيقك !!
دمعت عيناها بأسى وعجز ثم همست بصوت مرتجف وروح واهنة :
" لله الامر من قبل ومن بعد "
لترسل بعدها الصورة إلى ليث ثم تغلق هاتفها تمامًا وكأنها هاربة من الجميع ، وكأنها مُحاربة اُستنزفت وهوت ارضًا فاختارت أن لا تنهض من جديد .
___________________

( العاصمة )

تجلس بغرفتها تُعيد قراءة الرسائل ..
فهي زادها في هذه الفترة اللعينة التي تمر بها
هي وقودها للاستمرار
ليس فقط لأنها رسائل حب تمنت أن تعيشه ..
ولكن لأنها كانت تخبرها أنها مرئية ، فارقة في حياة شخص آخر
و أي شخص ..
إنه فارس أحلامها منذ سنوات عدة
أول من نبض قلبها عشقًا له
وأول من تمنت قربه
لذا هي لن تبالغ إذا قالت إنها حفظت رسائله عن ظهر قلب
فقلبها من يقرأ وليس عيناها فحسب ..
روحها من تستوعب وليس عقلها فحسب
كل حرف ، كل فاصلة بين الحروف ، كل جملة وكل تشبيه
جميعهم حُفروا داخل قلبها وعقلها .. !
جميعهم أصبحوا داخلها مثله تمامًا
توقفت عيناها عند اخر رسائله تقرأها بقلب ينبض بحبه ..

( أحبك حتى الرمق الأخير ولنا حديث آخر )

فابتسمت بخجل انقلب الى توتر شديد حينما وجدته أصبح متصلًا وعلامة كتابة رسالة قد ظهرت لها دون سابق إنذار ..
يا الله .. إنه يكتب لها رسالة جديدة
تزايدت نبضات قلبها وخرجت من المحادثة بسرعة البرق حتى لا تفضح نفسها لتصلها اول رسالة منه بعد لحظات معدودة ..

( الحمد لله انكِ فتحتِ هاتفك أخيرًا وقرأتِ رسائلي .. هذا يعني أنكِ بخير وبدأت باستعادة قواكِ )

ورغم لهفتها لقراءة الرسالة كاملة لم تستطع فداء أن تعلن له عن وجودها وبدأت بقراءة الرسالة من خارج التطبيق وأثناء قراءتها وصلت منه رسالة أخرى فأرادت فداء إغلاقها ولكن ولحظها انفتح التطبيق فاتسعت عيناها بهلع وخوف بينما اتسعت ابتسامة ادم على الجانب الآخر وكتب بسرعة ..

( مرحبًا ... كيف حالك ؟!! )

ظلت فداء ترمش بخوف وهي تقرأ رسالته لتصلها أخرى في نفس الوقت دون أن تبادر هي وترد عليه ..

( اشتقت لكِ فوق ما تتخيلين )

اتسعت عيناها وتورد وجهها كما لو أنه أمامها ولم تجد الجرأة للرد عليه بينما اكتفى آدم بوجودها وقراءتها للرسائل فاتبع دون ملل ...

( لا بأس ، سأكتب انا واكتفي انتِ بالقراءة ... مؤقتاً )

ابتسمت حين قرأت اخر كلمة وقد تخيلته وهو يشير إليها بتحذير مضحك ثم انتظرت بترقب شديد إلى أن وصلتها رسالة أخرى ..

( لو تعلمين كم أتوق لرؤيتك ، اختفى مذاق كل شيء حولي باختفائك عن عالمي .. أعلم أنه رغمًا عنكِ لكن ماذا افعل بقلبي الذي يريد حبسك وتقييدك داخله ؟! )

شعرت فداء أن الدماء تجمعت في وجنتيها وحبات العرق قد تجمعت أعلى رأسها بينما الابتسامة الحلوة قد شقت طريقها إلى شفتيها بعد أيام طويلة من الحزن والكمد ..

( اريد سماع صوتك بشدة ورؤية عيناكِ الجميلتين .. اريد مشاكستك كما يحلو لي ، اريدك حولي في كل مكان يا فداء ، لقد ازداد يقيني أنني لم أحب أبدًا ولم يدرك قلبي معنى العشق إلا حينما ظهرتِ في حياتي .. فكل شيء تبدل بوجودك ، حتى نوبتجيات العمل الخانقة تصبح ممتعة معكِ )

لم تشعر فداء إلا بالدموع وهي تغرق وجهها وهي تستقبل منه هذا الفيض من المشاعر دون سابق إنذار ..
رسائله غيث من السماء وهي عطشى
حبه زاد لقلبها الجائع
وحروفه ألوان طيف لعينيها التي سأمت رمادية كل ما حولها ..

( انتظر عودتك بفارغ الصبر ، انتظر ظهورك أو حتى سماع صوتك ... انتظر أي شيء منكِ ولن أسأم أبدًا يا فداء وكما أخبرتك وسأظل أعيدها ... أنا هنا وسأبقى هنا )

_______________________
( في الأسفل )



كانت فضة تجلس بصمت جوار سندس ذات الوجه الشاحب والتي لم يمنعها ارهاقها من التمتمة بصوت مبتهج :

" مبارك "

رمقتها فضة بطرف عينيها ثم سألتها بتهكم :

" على الطلاق ؟؟! "

هزت سندس رأسها نفيًا ثم قالت بتفكه :

" مبارك لي أنا على طلاقك ، أما أنتِ فمبارك عليكِ الخطبة "

" ما شاء الله ... هل جعلتي مني امرأة مخطوبة أيضًا ؟!! "

كانت فضة تشاكسها لكن الرد جاءها بصوته إذ دخل عليهم دون سابق إنذار كعادته وهو يجيب :

" بل أنا من جعلت منكِ عروس جديدة "

رمقته فضة للحظات قبل أن تنهض فتكاد توازيه طولًا وآل يتطلع فيها بإعجاب وهي التي عادت لارتداء عباءتها الفخمة فبدت كملكة جنوبية كما يحب أن يدللها ..

" هناك حديث يلمع في عينيكِ "

تمتم بها آل بعينين وامضتين بالذكاء فنهضت سندس بتعب وهي تهمهم بصوت خافت :

" من الأفضل أن تتحدثا هنا وأنا سأراقب لكما عودة ليث تجنباً للمزيد من المشاكل "

" Thank you Sis "

راقبا سويًا مغادرتها ليلتفت بعدها آل نحو فضة ثم تخرج نبرته جادة :

" ماذا تريدين سيلفر ؟!! "

ومضت عينا فضة بنظرة لم يفهمها للوهلة الأولى ..

كما لو أنها عثرت على ضالتها

ابتسم آل لهذا الاستنتاج ثم قال بمشاكسة :

" هل تتأملين ملامحي ؟!! .. أنا بالفعل أدرك مدى وسامتي خاصةً في مدينة كمدينتكم "

تجاهلت فضة مشاكساته ثم قالت بصوتًا ثابتًا :

" أنا موافقة على الزواج يا آل "

ومضت عيناه للوهلة الأولى لكنه لم يكن بالخصم السهل فعقب ورائها بنبرة ذات مغزى :

" آل ! "

فتكرر فضة وراءه تؤكد قولها وهي تومئ له :

" آل "

" وماذا تريدين من آل ؟!! "

" أريد مهري "

عبس آل بعدم فهم فأوضحت له فضة ببساطة :

" شيء يشبه هدية العرس "

غزا الفهم ملامحه ثم صمت للحظات قبل أن يسألها بعينين نافذتين لأعمق نقطة في روحها :

" And Which gift would you like queen ?!! "

( وأي هدية ترغب بها ملكتي ؟!! )

تجيبه فضة دون لحظة تردد :

" تجد لي أحدهم "

ومضت عيناه باستمتاع غريب وكأنه دخل لعبته المفضلة فخرج سؤاله بنبرته الجليدية وكأنه ترك لآل العنان :

" من تريدين ؟!! "

وكأن نطقها للحروف يؤذيها عبست فضة ثم تمتمت بصراحة تامة :

" الكلب الذي لطخ شرفي لا يزال على قيد الحياة ، آتيني به وسأكون لك "

عبس آل ثم تمتم تلقائيًا :

" في كل الحالات ستصبحين لي لكنني لم أفهم ما قلته "

ليتبع :

" Would you speak English ?! "

يريد ترجمة .. !

"تبًا "

كزت فضة على أسنانها ثم قالت بإنجليزية طليقة :

" The one who raped me "

( الشخص الذي اغتصبني )

وهنا اختلف كل شيء ..

اختفى الترقب والهزل تمامًا عن وجهه وحل محله الذهول أول الأمر ليتبعه بعدها تعبير ذئبي مرعب وكأنها أطلقت وحشه من مكمنه

وكأنها سحبت فتيل قنبلة موقوتة لن تُبقي على شيء

اختفى علي ثم تبعه آل ليتركا ورائهما مارد مخيف خرج سؤاله بنبرة مريعة ، كنصل سكين ثلم سينحر كل من يقف في وجهه لتدرك فضة أن كل شيء سيتغير بعد هذه اللحظة :

" What's his name ?!! "

( ما اسمه ؟!! )

نهاية الفصل الثاني والأربعون


Hager Haleem غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس