عرض مشاركة واحدة
قديم 03-11-22, 11:31 PM   #63

سار@

? العضوٌ??? » 506764
?  التسِجيلٌ » Sep 2022
? مشَارَ?اتْي » 209
?  نُقآطِيْ » سار@ is on a distinguished road
افتراضي

والغائب الحاضر كان على بعد آلاف الأميال يجلس على فراشه وأمامه حاسوبه يعمل بدأب ليل نهار

حتى لا يفكر بها وللأسف يفشل دائمًا فأخر شيء يفعله كل يوم قبل إغلاقه لحاسوبه ونومه

هوتأمله لصورتها الحبيبة .. فأين المهرب منها أكثر من ذلك.. لا يعلم .. وإن أغلق حاسوبه فهي

بطلة أحلامه كل ليلة , لم تخلف موعدها معه ليلة واحدة منذ قدومه إلى هنا.. ابتعد لآلاف الأميال

ولم يستطع نسيانها.

وهل حقًا أراد نسيانها يومًا؟

أبدًا لم يتخيل أن يفعلها يومًا وإن أراد لن يستطيع فهي تجري في عروقه مع دمائه وتضخ إلى قلبه

بقوة لا إرادية منه.

هو فقط ابتعد كي لا يجرحها بغضبه وعدم استيعابه لما حدث معه.. لم يكن لديه أمل في وقوفه

على قدميه مرة أخرى ولم يرد أن يربطها به.. أعذار كثيرة ساقها لنفسه ولها قبلًا ولكنه كان

يخشى شيئًا أكبر من ذلك.. كان يخشى تحول حبها له لشفقةٍ وعطف ومع الوقت لسأمٍ وملل..

أهون عليه أن يموت ولا يرى هذا منها لذلك قرر أن يهرب هو أولًا أفضل لكليهما وأخذ أمه تحديدًا

معه كيلا تضايقها أكثر فبعدما حدث لا يأمن عليها سوى بجوار جده ووجود أمه في القصر كان

سيُصعب الأمر عليها أكثر مع حقدها المتولد نحوها فقرر أخذها معه كي يبعدها عنها.

عزل نفسه عن الجميع كرس وقته بين علاجه والطبيب النفسي الذي رشحه له طبيبه المعالج

والذي نفعه كثيرًا الشهور الماضية, وبين عمله فهو قد افتتح فرعًا آخر للشركة كان قد أسس وأعد

له منذ زمن وكان ينوي اصطحاب لوسيندا معه والبقاء للأبد بعيدًا عن عمه لكن شاء القدر أن يستقر

هنا وحده.

لقد أخبر أباه اليوم أنه سيبقى هنا للأبد ولم يسلم من ثورته

-لقد قررت استكمال علاجي والبقاء للأبد وتولي فرع الشركة هنا بينما أنت تدير الفرع هناك .

ثار أبوه غاضبًا لأول مرة بهذه الطريقة وقال:

-ماذا تقول سليم؟ أنا أحصي الأيام الباقية كي تعود وتتسلم مسئولياتك هنا وأنت تقول بأنك

ستبقى عندك للأبد!

أجاب بهدوء:

-نعم يا أبي ما المشكلة.. فأنت تبلي حسنًا طيلة الشهور الماضية في العمل ماذا إذًا؟!

كاد أن يفصح عما لديه ولكنه تراجع قائلًا:

-هناك من يساعدني بني.. شهد وغيرها من المساعدين ولكن هي لديها دراستها في النهاية

وتفعل ذلك بشكل مؤقت.. أما أنت فمكانك هنا ينتظرك وكل شئ تركته خلفك.

لم يفهم سليم مغزى كلام والده وقال:

-ستعتاد الأمر يا أبي شهد قوية وتستطيع أن تفعلها وأنا سأساعدكم من هنا في أي شيء

تحتاجونه.

-لن يعجب جدك هذا الكلام بني.

-لا تخبره الآن أبي.. أنا حقًا أريد هذا.. أريد أن أبقى بعيدًا لا أريد العودة للصراعات العقيمة مجددًا.

-إن لم تعد الآن فستندم باقي عمرك بني.

سأل بعدم فهم:

-ماذا تقصد أبي أرجوك لا تتكلم بالألغاز هكذا؟

-لا شيء بني فقط راجع نفسك في هذا القرار ولا تتعجل.

أغلق أبوه الخط ومن وقتها وهو يفكر في كلامه ولا يعرف مقصده.. هل يقصد لوسيندا؟

هل مازالت تنتظره؟

هل ما زالت تحبه بعدما فعله بها وقاله لها؟

أم تركته خلف ظهرها حقًا وعشقت غيره.. عند هذه النقطة ضغط يده بقوة حول حاسوبه حتى كاد

أن يهشمه وصورتها أمامه تضحك بعذوبة ورقة.. يذكر جيدًا هذه الصورة فقد التقطها لها يوم أن

أخذها ليريها المنزل الذي اشتراه ليكون منزلهما بعد زواجهما.. حتى لو أقاما في القصر سيكون

هذا عشهما الصغير الذي سيهربان إليه بين الحين والآخر بعيدًا عن كل شيء فهو يقدس

الخصوصية والهدوء ويعلم أنها أيضًا مثله.

يومها قابلها وأخبرها أن هناك مفاجأة يحضرها لها.. أوقف سيارته في هذا المكان الراقي والهادئ

نسبيًا أمام منزل من طابقين .. سحبها خلفه وهو يسألها

-ما رأيكِ؟

نظرت للحديقة أمامها بإعجاب وعدم فهم وقالت:

-إنها رائعة حبيبي ولكن لمَ نحن هنا؟

ابتسم بسعادة لأن الحديقة قد لاقت إعجابها وقال وهو يتقدمها نحو المنزل:

-تعالي لأريكِ باقي المفاجأة.

دخلت خلفه متعجبة وشهقت عندما رأت المنزل من الداخل فكان به كل شيء حلما به واتفقا أن

يكون بمنزلهما .

-ما هذا سليم؟

-هل أعجبتكِ المفاجأة حبيبتي؟

-أعجبتني!! إنها مذهلة ولكن.. منزل من هذا؟

اتسعت ابتسامته والتفت يداه حول معصميها وقربها منه قائلًا:

-إنه منزلنا حبيبتي.. عشنا الصغير.. لنا وحدنا فقط.

ونظر حوله متابعًا:

-لم أستطع الصبر حتى أكمله فكرت أن أخبركِ عنه ونكمل الباقي معًا.

التمعت عيناها بفرح وعشق غامر وهمست له:

-أحبك سليم.

-وأنا أعشقكِ يا قلب سليم.

ضمها بقوة.. بشوق.. يستنشق عبير شعرها ورائحتها التي يعشقها ولم تتغير منذ طفولتها.. مزيج

من عطرها الناعم ورائحتها الخاصة.. مزيج من البراءة والنعومة .

ازدادت لمساته حميمية.. وغيبتها همساته العاشقة إلى أن تناثرت قبلاته على وجنتيها وكاد أن

يلتقط شفتيها فهمست تستجديه:

-سليم.. توقف أرجوك.

نظر لها مشوشًا من فرط عاطفته المجنونة بها وقال:

-لماذا لولي..وإلى متى سأتوقف؟

-ما نفعله خطأ.. لا أريد أن نفعل شيئًا نندم عليه لاحقًا.

-ولماذا نندم؟.. أنتِ زوجتي وحبيبتي .

-نحن في حكم المخطوبين حتى وإن عقد جدي قراننا.. أريد أن تصطحبني إلى هنا في ثوب زفافي

بعد حفلٍ كبير يحضره الجميع وأكون أنا نجمته الوحيدة .. سعيدة وأنا أتأبط ذراعك وأذهب معك

لمنزلنا أمام الجميع وبمباركة أهلنا.

ابتلع ريقه كم يود هو الآخر أن يتحقق هذا الحلم:

-سيحدث حبيبتي ولكن إلى أن يحدث هل ستضنين عليّ بقبلة عابرة كل حين؟

نغزها فؤادها بالذنب نحوه وأحاطت عنقه بذراعيها قائلة بخجل:

-قبلة واحدة فقط.. لا أريد أن أتأخر.

وبعدها لم يع أيا منهما ما حدث.. لقد كان إعصارًا وليس مجرد قبلة.. تفجر معها كل شوق وصبر

وحرمان وانتظار السنوات الماضية ولم يشعرا بما حدث بعدها فعندما عادا من غفوتهما كانا في

الفراش وقد أصبحت زوجته فعليًا و كلاهما مصدوم ولا يصدق ما حدث.

بعد وقت قليل كانت تبكي بين ذراعيه وتخبره بندم:

-لم يكن علينا أن نفعل هذا سليم.. كان يجب ألا يحدث بهذه الطريقة.

ضمها بقوة يهدأها ويخبرها:

-اهدأي حبيبتي.. ما حدث قد حدث لوسيندا.. لا تلومي نفسكِ ولا تلوميني حبيبتي أرجوكِ.. لست

بقديس أنا رجل كان بين ذراعيه حب عمره ولم أستطع أن أقاوم صدقيني لم أستطع.

كان ردها تنهيدة حارة خرجت مع شهقة من بين شفتيها وهي تقول:

-ماذا سنفعل الآن؟

-سنحاول مع عمي مرة أخرى بل مرات عديدة حتى يوافق.. وإلى أن يحدث سنعيش حياتنا

كزوجين بشكل طبيعي.

وقد كان.. تركت عملها وتفرغت له يقضيان وقتهما بين هذا المنزل والسفر للخارج في جولات عمله

والسياحة, وقد عاشا معًا أجمل أيام حياتهما, وظنا أن ما يختلسانه من الدنيا باسم العشق والحق

المكتسب سيدوم طويلًا ولكن هيهات فلكل شيء حلو أو مر نهاية.. وقد واجه حبهما الكثير من

العواصف إلى أن افترقا.

أخرجه من شروده بحبيبته رنين هاتفه .. نظر نحوه ليجد جده.. زفر بضيق يبدو أن والده لم يضيع

وقته وأخبر جده بقراره وهاهو سيوبخه عليه.

فتح الاتصال بعد شهور من المقاطعة وقال بوجوم:

-مرحبًا جدي.

ولكن الجد لم يبادله ترحيبه وقال بصوتٍ حازمٍ قاطع دون أن تبدو عليه لهفة أو اشتياق لحفيده

الغائب لسنة وبضعة أشهر:

-أريدك أن تكون أمامي في أسرع وقت ممكن.. وأعني بأسرع وقت بضع ساعات .. يومان على

الأكثر.

أجاب سليم قلقًا:

-ماذا حدث جدي ؟هل حدث ما يستدعي قدومي بهذه السرعة؟

-نعم.. هناك أمور هامة للغاية تستدعي قدومك في الحال وعلى أقرب طائرة.

لم يزد العجوز شيئًا آخر وأغلق الهاتف بهدوء كان وقعه صاخبًا في قلب وعقل سليم .. تُرى ماذا

حدث؟

وهل يتعلق الأمر بها؟

**************
يتبع


سار@ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس