عرض مشاركة واحدة
قديم 21-02-23, 05:03 PM   #561

Lamees othman

كاتبةفي قسم قصص من وحي الأعضاء

 
الصورة الرمزية Lamees othman

? العضوٌ??? » 453673
?  التسِجيلٌ » Aug 2019
? مشَارَ?اتْي » 2,388
?  مُ?إني » Jordan
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Jordan
?  نُقآطِيْ » Lamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond reputeLamees othman has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك mbc
?? ??? ~
وسخر لي الجسد والحواس في سبيلك
افتراضي




الفصل الخامس والعشرون

***

تكلموا تُعرفوا، فإن المرء مخبوء تحت لسانه..
من أقوال أمير المؤمنين رضي الله عنه وأرضاه
سيدنا عليّ ابن أبي طالب
***



أفزعه طرقها الصباحي وصياحها المفاجئ باسمه:

ـ معاوية.

أزاح الغطاء عن وجهه بعصبية وزفر يدلك جبينه بيأس فإن لم ينهض ويسكتها ستظل تناديه هكذا كأنها بائعة في سوق الخضراوات وسيعرف القاصي والداني بأنه لا يزال محتلًا فراشه، كررت النداء فمد يده يمينًا إلى الكومود يلتقط هاتفه فينقر على شاشته لتظهر له الساعة، لا يزالا في السابعة والنصف وقد نام قبل ساعة واحدة فقط بعد أداء صلاة الفجر، لم ترحمه عبلة وتصمت أو تخفض صوتها الجهور حتى، نهض متألمًا برأس ثقيل يغادر الغرفة إلى الصالة المرتبة وتوجه إلى النافذة فتح دفتيها الخشبيين ليقابلها نزقًا:

ـ ماذا تريدين؟
بشّ وجهها مع ابتسامتها الواسعة ورفعت له صينية الفطور:
ـ فطور الهناء يا معاوية بك، حضرته خصيصًا من أجل معاليك.
ضرب جبينه وتحركت أنامله عنيفة مضطربة فوق رأسه وكاد يجتذب خصلاته ويقتلعها غيظًا:
ـ لا أريد الفطور يا عبلة، من فضلك لا تطرقي بابي ثانية، أريد أن أنام الآن.
عبست وأزاحت نظراتها عنه فيما تلوي شفتيها:
ـ والفطور الذي تعبت في إعداده؟!
هدّل كتفيه متنهدًا:
ـ خذيه معكِ ودعيني وشأني.
حدجته غاضبة ثم أشارت لباب المنزل المرتفع نسبيًا:
ـ افتح الباب حتى أضع الطعام في المطبخ.
استنكر ذلك وصاح رافضًا:
ـ بالـتأكيد لن أفتحه، لستِ صغيرة ولا يصح أن تدخلي البيت وأنه فيه وحدي.
جعدت أنفها متهكمة فيما ترمقه بسخرية واضحة:
ـ لكنك أخي، أمي أرضعتك مع أحمد وقالت لنا أنك أصبحت ابنها من وقتها، وكل أولادها إخوة.
حاصرته في ركن ضيق وأجبرته على الاستسلام فتمتم:
ـ لا أنكر ذلك، لكن أخاكِ أحمد نفسه لا يعتبرني أخاه!
مطت شفتيها بلا اكتراث ودارت عيناها حوله بملل:
ـ لا يهم، المهم أنني وحسن نعتبرك أخانا.
استأنفت بعد برهة صمت:
ـ شاركني الفطور الآن، أريد التحدث معك في أمر مهم.
رمقها مضيقًا عينيه فهي أصغر وأقل جدية من التحدث في أمور مهمة:
ـ ما الأمر؟
أشارت برأسها للجلسة الأنيقة أمام باب الشقة مباشرة، فالمدخل يتكون من درج قصير ومساحة واسعة مستوية أمام الباب المغلق، قد اهتم بها العمال وفرشوها بالأثاث قبل أن يسكن معاوية هذا البيت، حثته عبلة بضربة خفيفة على الأرض:
ـ لن أضيع اليوم بأكمله في توسلك يا معاوية لا تصدق أنك مهم.
تمتم خلفها مصدومًا:
ـ لا أصدق أنني مهم؟
افتعلت ابتسامة باردة:
ـ هيا قبل أن أعود للصياح باسمك من جديد.
تأوه حانقًا ودلك جبينه براحة يده بعنف:
ـ حاضر يا عبلة تفضلي افترشي الجلسة بفطورك ريثما أغسل وجهي وأنضم إليكِ.
رفعت ذقنها متعالية قبل أن تقدم على صعود الدرج تحت دهشته من تصرفاتها، هز رأسه يمينًا ويسارًا بلا حيلة وأطبق أجفانه واستدار للداخل، غسل وجهه بماء بارد وجففه ثم خرج إليها ووقف أمام باب الشقة متأففًا:
ـ أنا أسمعك، تفضلي ثرثري.
ضحكت بخفوت فيما ترص الأطباق فوق الطاولة وتشير إليه:
ـ انظر، أنا طباخة ماهرة.
أخفض بصره إلى الطعام الذي تتشدق بمهارة صنعه فوجد أجبان وبيض مسلوق وبطاطا مقلية وبعض المقبلات، رفع عينيه إليها متهكمًا:
ـ واضح واضح، تبدين مثل الشيف بوراك تمامًا.
انطلقت ضحكاتها واستقامت تستدير إليه، دنت منه في خجل وبادرت بعناقه من الجانب، أخذها تحت ذراعه تلقائيًا وضمها للحظات ثم حررها، ابتسمت وعادت إلى أطباقها قائلة بمحبة:
ـ هيا تفضل.
شعر بسكينة تغمره فجأة، هذه الفتاة بريئة وحمقاء ولا تعرف شيئًا عن بشاعة العالم، رافقها في تناول الفطور وأذهلته شهيتها غير المناسبة لضآلة جسدها، وهو فاقد للحواس لا يتذوق الطعام ولا يشعر بروعته مثلما تخبره، تناول عدة لقيمات بصمت حتى وجدها تضع كوب الماء الذي تجرعته في دفعة واحدة فوق الطاولة وراحت تتحدث:
ـ أريد أن أسألك سؤالًا.
وضع الخبز من يده وانتبه لها:
ـ خير.
ازدردت غصة بطيئة وسألته:
ـ ما هو معيار النجاح والفشل يا معاوية؟.
أذهله سؤالها فارتفع كلا حاجباه مستفهمًا:
ـ لماذا تسألين هذا السؤال؟
تنهدت في ضيق وأخبرته:
ـ خالتي صفية قالت أنني فاشلة مثل أمي.
اكتنفه الحنق وود لو ينهض ويذهب إلى خاله ويشكو له ما يسمع لكنه ارتكن للحكمة وسأل عبلة بهدوء:
ـ وما رأيك أنتِ يا عبلة، كيف تقيمين أمي قمر؟
قضمت شفتيها لحظات وغمغمت بصوت يكاد لا يسمع:
ـ لا أعرف.
تحكم في غضبه وراح يحدثها بصبر:
ـ ليس بإمكان المرء أن يكون مثاليًا في كل شيء.
أسبلت أهدابها تكمل بدلًا عنه:
ـ أمي لا تنفك عن العمل المثمر، كل شيء تمسكه بيدها يتحول من شيء بلا قيمة لآخر قيم ومهم إلا....
بتر معاوية سردها الذي انتهى بغصة يأس:
ـ إلا والدك، فقد تزوج صفية وترككم، أليس كذلك؟
أومأت فيما تنطفئ عيناها بغمام الحسرة:
ـ أجل.
رفرفت أهدابه وأجلى صوته ليخرج أكثر قوة ورصانة:
ـ ليس من شأننا أنه فعل ذلك، هو قراره وحده، لقد تضررنا نعم لكن الأمر الواقع أنه اختار بنفسه، فلماذا نظل نحن سجناء الحزن بسببه.
هزت رأسها بطريقة تشي ببساطتها:
ـ ماذا تقصد يا معاوية، أنا لا أفهم.
تبسم برفق:
ـ أقصد أن أمي قمر لم تمت خلفه، وما زالت هنا لا تربط نجاحها فيما تفعله به.
أومأت بتفهم ومن ثم توقفت تبلل شفتها بطرف لسانها:
ـ لكنني فاشلة في كل شيء، أمي لديها بعض النجاحات في البيت والمزرعة ولديها مالها الخاص لكن أنا لا شيء البتة.
أشار برأسه إليها باسمًا:
ـ لا تزالين صغيرة يا عبلة، لديكِ العمر بأكمله تفعلين أشياء مفيدة.
ترددت لحظات قبل أن تتحدث بصوت خفيض:
ـ أنتَ ناجح والجميع يفخرون بك.
تنهد بصدر معتل وأطبق أجفانه فقد باتت هذه السيرة تخنقه:
ـ معيارهم سطحي.
توسعت عيناها تعارضه:
ـ وأنا أيضًا أفخر بك لا تقل عني سطحية.
قهقه وأشار للطعام:
ـ لقد انتهينا من تناول الفطور، هيا انهضي وخذي أطباقك وغادري!
طرقت الطاولة عدة مرات بطفولية:
ـ ليس قبل أن نعقد اتفاقًا.
زفر ومسد جبينه:
ـ ها قد أتينا للمتاعب وألم الرأس.
ضحكت ببراءة:
ـ كما تعرف أنا الآن قد وصلت للثانوية بأعجوبة.
رفع أحد حاجبيه وأنصت لها باهتمام فاستأنفت:
ـ أنت ستساعدني في الدراسة لأكون طبيبة، وأنا سأحضر لك كل يوم وجبة غداء ساخنة.
فغر فاهه فتلك الطفلة تفاوضه بثقة لم يعهدها فيها، لوح لها بكفه بلا اكتراث:
ـ طبيبة مرة واحدة؟... لقد قلتِ إنكِ قد وصلتِ للثانوية بأعجوبة، تظنين أنني ساحر مثلًا ومعي فانوس سحري يحقق لكِ المستحيلات؟
عبست وأدارت وجهها بعيدًا عنه:
ـ لكن عمتي نادرة قالت إنك كنت تلميذًا عاديًا حتى نهاية الإعدادية وبعدها أصبحت تهتم بالدراسة.
اتسعت ضحكتها وأضافت:
ـ ولا تنسى نصيبك من الصفقة، الوجبة الساخنة من يدي!
لوح لها بلا اهتمام:
ـ أمك تحضر لي الطعام كل يوم، لا أحتاجك في شيء.
رفعت ذقنها من جديد:
ـ لكنني أستطيع طهو طعام مختلف غير المحشوات واللحم والدجاج والأوز خاصة أمي.
سألها مضيقًا عينيه:
ـ تستطيعين صنع البيتزا؟
سارعت بالإجابة المشاغبة:
ـ والبرجر أيضًا.
صفق فجأة بحماس:
ـ حسنًا اتفقنا.
ودون مقدمات ظهر حسن من العدم فقد جاء قبل قليل وانتظر حتى تنتهي عبلة من المفاوضات، ضحك بانطلاق فيما يصعد الدرج:
ـ لا أصدق أنك وافقت بتلك السهولة.
تنهد معاوية واتكأ لظهر الأريكة من خلفه:
ـ مع الأسف يا حسن.
وصلهما حسن والتقط إصبع بطاطا مقلي يتناوله ببطء ثم يشير إلى رأس أخته بسبابته:
ـ هنا كتل خرسانية لا تخترقها المواد الدراسية ببساطة.
مال معاوية برأسه مستسلمًا تمامًا:
ـ سأقنعها فيما بعد أن تترك التعليم وتتزوج كي تهتم بزوجها وأطفالها.
ضحك حسن وبسط ذراعيه بمسرحية:
ـ اسمحا لي أن أنضم إلى هذا التجمع الرائع، وأقيم هنا للأبد.
اعتدل معاوية يسأله:
ـ ستظل معنا دائمًا؟.
شرد أمامه يعانق بصره وريقات الأشجار العالية:
ـ ربما حان الوقت للخروج من عباءة أبي والانطلاق هنا.
مشط معاوية المدى من حوله:
ـ وماذا يوجد هنا كي تنطلق فيه؟
تهالك حسن جوار عبلة التي عادت تنتاول الفطور من جديد:
ـ سأنشأ قناة على اليوتيوب وأصور المزرعة بتفاصيلها.
ألقى معاوية وسادتين إليهما، واحدة استهدف بها حسن والثانية لأخته فأجفلا:
ـ لقد أتيت إلى هنا للهرب من الصخب والاختلاء بنفسي، لا يناسبني هذا النشاط الاجتماعي.
قالها ونهض يدلف إلى الشقة ويصفق الباب في وجهيهما فتبادلا نظرات الظفر وانطلقا في الضحك..
***
لم يشعر بالتحرر التام رغم انعزاله وتوبته الكاملة، شيء آخر بات يؤرقه في كل لحظاته، إثم كبير قد اقترفه ذات مرة ويزيد قرفه من نفسه مهما حدث...!
مأوى..
يمتلك رقم هاتفها وتردد كثيرًا في مهاتفتها، في منتصف نهار رائق اتخذ قراره وطلب رقمها، من رقم جديد كان قد أحضره له حسن قبل عدة أيام، سار تحت أشجار المانجو العالية ووضع الهاتف على أذنه، ردت عليه مستغربة الرقم:
ـ أهلا، من معي؟
ازدرد لعابه بعسر وضربه الخزي في مقتل:
ـ أنا..... معاوية... الهلالي.
استقبلته بالصمت لبرهة ثم بدأ وابل من السباب واللعنات يصله متتاليًا، استمع إليها بصبر حتى انتهت لاهثة، وجدته قد سكت وسمعها فاستغربت وسألته:
ـ ماذا تريد يا شبيه الرجال؟
احتقن وجهه فيما يعجز عن الرد على إهانتها:
ـ لدي دقيقة واحدة أحدثك فيها، احترامًا لزوجك الذي لم يؤذينا في شيء سأقول ما أريد سريعًا وأمحو رقم هاتفك من عندي.
لا تنكر أنه أثار فضولها كما أثار حنقها تمامًا فهو يتحدث ككقديس وكأنه لم يتطاول على شرفها قبلًا، اصطكت أسنانها وتهكمت بلذوعة فيما تعلق:
ـ ستحدثني مثلما تتحدث سيئة السمعة عن الشرف؟
فرك جبينه بقوة وقال بمصاحبة زفرة حارة:
ـ أريد أن أعتذر يا سيدة مأوى عمّا بدر مني في حقك وأسأل الله أن يسامحني، أرجوكِ سسامحيني.
توقف عقلها كما لُجم لسانها، سيدة مأوى؟.. وسماح؟... عن أي سماح يسألها، انطلق لسانها دون لجام:
ـ لن أسامحك، لا أنتَ ولا أخاك التيس، وأشهد ليوم القيامة أنكم أسوأ من عرفت، وبيت الهلالي لم ينجب رجالًا بل كلكم نسوة.
ابتلع كل ما يخصه بغية التحرر لكن عند سيرة أخيه لم يتقبلها:
ـ أنا الآن أتحدث عن نفسي يا سيدة مأوى، لقد أخطأت في حقك، لكن أخي لن أسمح لكِ بالتطاول عليه، أنتِ مخطئة أكثر منه.
تنهد بصوت ثقيل مسموع واستأنف:
ـ ما فعلتِه معه حرامًا سيحاسبك الله عليه، أنصحك بالتوبة منه والتوقف عن لومه وحده على كل ما حدث.
أغضبتها طريقته فزعقت بغل واضح:
ـ الدقيقة التي سمحت لنفسك فيها لانتهاك حرمة رجل آخر قد انقضت يا ابن القادرة، اذهب إلى الجحيم أنتَ وعائلتك القذرة.
لم ينبس ببنت شفة ووجل قلبه مما تلفظت به، رمته بسهم محترق فأحرقت صدره من جديد، أنهى المكالمة دون كلمة زائدة وأغلق الهاتف تمامًا، عاد إلى شقته بكآبة تكاد تتقاطر من جوارحه وذهب إلى الحمام مباشرة، ثم وقف طويلًا تحت المرش عاريًا، ماء بارد نظيف يغمره دون أن يرفع يده، رفعها أخيرًا يدلك جلد ذراعيه بقوة، رغم التوبة ورغم الرغبة في التحرر لا يزال يشم رائحة القذراة تفوح منه ولا يعرف خلاصًا لذلك.

يتبع...


Lamees othman متواجد حالياً  
التوقيع
ست وعشرون نجمة وبضع من سماء روحي معلقة بين ثنايا الأفق!



(وَاجْعَل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ)

سبحان الله والحمدلله، ولا إله إلا الله، والله أكبر.❤
رد مع اقتباس