الموضوع: طموح أنثى
عرض مشاركة واحدة
قديم 26-02-23, 06:17 PM   #3

لولو ليال

? العضوٌ??? » 496421
?  التسِجيلٌ » Dec 2021
? مشَارَ?اتْي » 124
?  نُقآطِيْ » لولو ليال is on a distinguished road
Rewity Smile 5 2- مِـفُآجآ‏‏هِ?ُ‏‏ُُ غّيـﮯر مِـتُوقعَ‏‏هِ?ُ‏‏ُُ..

اللهم صل وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمغين....

أستغفر الله العظيم وأتوب إليه.....




في الصباح


بعد أن جهزت نفسها دخلت المطبخ و توجهت مباشرة إلى الخزانة تجذب الطبق ومعه علبة حبوب الفطور، وضعت القليل في الطبق ثم فتحت الثلاجة وجلبت علبة الحليب لتفرغ القليل منه في الطبق، و ما كادت تعود حتى هجمت " ريما" على الطبق خطفته و هربت بينما تقول بضحكة مرحة.
- حضري آخر لك أنا مستعجلة، فاتتني المحاضرة وسيعلقني الدكتور من ياقة قميصي اليوم... وبالمناسبة صباح الخير يا قمر.
لم تجبها " ليف" و اكتفت بشبه ابتسامة تدل على مزاجها المعكر لهذا اليوم ولا تدري لماذا. تدعوا أن يمر على خير إذ أن عندها مقابلة مهمة مع فنان مشهور و المخرج لهذا اللقاء سيئ السمعة وهي اكتفت من تلك التصرفات القذرة و المضايقات التي لحقتها منذ اليوم الأول للعمل. تحملت كثيرا ولا تدري متى يفرغ خزان الصبر عندها لتنتفض.
.
.
خرجت من المصعد كعادتها تحمل كوبها وتدندن بأغنية ما تحاول تعديل مزاجها لتجد تلك الشقراء تقف أمامها كأنما كانت تنتظرها، تكلمت بسرعة وهي تجرها من يدها:
- " ليف" هيا لا وقت لديك، "ريتشارد" سيحرق المكان من شدة غضبه و أنا أهاتفك منذ الصباح الباكر. أين هاتفك يا فتاة؟
- توقفي.. فقط توقفي لما تسحبينني هكذا كمعزة من وسط الحقل. قلت توقفي.
سحبت " ليف " يدها تعدل ملابسها بحنق قبل أن تردف:
- لماذا كل هذه العجلة ؟ نسيت هاتفي على الصامت لهذا لم أسمعه ثم " ريتشارد" وتعرفينه منذ متى لم يكن غاضبا أو متوترا.
زفرت و مزاجها يزداد سوءا بينما تكمل:
- أخبريني الآن ما به قبل أن أدخل إليه و ينفث نيرانه علي.
- جاءه اتصال بالأمس- أظنه تلقاه في الحلم- يقول أن هناك مهرجان للسينما مهم جدا ولا تسأليني لماذا ستعرفين كل شيء في الداخل. هيا ف" ريتشارد" من قبل طلوع الشمس هنا يجمع المساهمين والأعضاء، حتى انه اتصل بملاك القناة التي تعملين بها.
أمسكت " ليف" جبهتها بتعب قبل أن تتقدم بخطوات مثقلة إلى قاعة الاجتماعات. طرقت الباب و قبل أن تفتحه سبقها" ريتشارد" بفتحه وعلامات الحنق بادية عليه، ثم مباشرة وبدون أي كلمة سحبها وراءه إلى المكتب. دفعها بخفة لتدخل و الدهشة تأكل ملامحها؛ دخل خلفها ليتخذ مكانه وراء المكتب وينطلق في الحديث:
- "ليف" تلقيت اتصالا بالأمس من هيئة تنظيم المناسبات والمهرجانات الثقافية والسينمائية؛ و قد أخبروني أنه هناك مهرجان ضخم سيقام في "......." هذا بلدك الأم أليس كذلك؟
هزت رأسها موافقة وخطواتها تقودها تلقائيا للجلوس مقابله دون أن تعي وقد استحكم الهلع جميع خلجاتها، ليكمل هو بعدم اهتمام بحالتها:
- مهرجان أظن أنه يقام لأول مرة في هذا البلد على حد علمي.
صمت قليلا ثم أكمل وهو يحك مؤخرة رأسه بحيرة:
- الأهم من هذا هو أنني علمت أنه سيكون هناك جمع بين الثقافتين الغربية والشرقية وليس ذلك فقط بل حتى الثقافة الآسيوية والإفريقية. بالمختصر يعد هذا المهرجان همزة وصل أو نقطة دمج بين كل ثقافات العالم و هذا بحد ذاته حدث كبير. و الدولة المنظمة ستنفق ثروة لإنجاح هذا الحدث وقد تدعوا كل الفنانين من كل العالم، و يقال قد يحضر شخصيات سياسية وكتاب و أصحاب السير الذاتية و ربما رؤساء دول ورؤساء سابقين.
قال آخر كلماته بصراخ من شدة حماسه فيما كانت " ليف" ما تزال فاغرة فمها وعقلها توقف عند كلمة " بلدك الأم" و كادت تأخذها دوامة الذكريات لولا أن ضرب " ريتشارد" سطح المكتب بقوة أفزعتها وهو يتحدث بغضب.
- " ليف" أفيقي هل نمت على حظي، أفيقي يا فتاة قبل أن أحطم رأسك، هل هذا وقت...
قاطعته و قد وجدت صوتها أخيرا:
- أظنك أكثرت من الأكل أمس قبل النوم.
رد عليها ببلاهة:
- ماذا!!؟
ثم أردف بخشونة وقد عاوده الغضب:
- توقفي عن السخرية يا حمقاء فليس لدينا وقت لذلك. اتصلت بكل من له صلة بهذه المجلة وسنعقد اجتماعا بعد أن يكتمل عدد الحاضرين.
انهي كلماته وخرج تاركا إياها تصارع باب الذكريات فليس من مصلحتها أن يفتح. لكنها لم تدري انه فتح ولا سبيل لإقفاله، جالبا معه جيوش ستسعى لتحطيمها. فهل تكفي عزيمتها للوقوف في وجهه؟ لا ندري...



تجلس في مقهى الجامعة مبعثرة أوراقها وتنقر على حاسبها، كوب كبير موضوع بجوارها وآخر فارغ مرمي على الجانب؛ هاتفها مرمي بعيدا و قلم مغروس في شعرها الأصهب المطلق لتشعثه في كل مكان. لا تأبه لأي شيء غير تلك الشاشة أمامها. رنين هاتفها جذبها عنوة من انغماسها و دفعها لترفع عينيها عن الشاشة العزيزة إلى مصدر الصوت، و ما لبثت تبحث عنه تحت الأوراق أو بجانب الحاسب حتى جفلت من صوته عندما ارتمي أمامها؛ رفعت بصرها للذي فعل ذلك قبل أن تتكلم ببرود وشبه ابتسامة وقليل من التعجب.
- "بدر" ‼ متى هللت علينا؟ ظننت أننا لازلنا في بداية الشهر.
- مزحة ثقيلة.
أجابها بينما يجلس تزامنا مع انقطاع الرنين. حملت هي الهاتف ليرتفع رنينه مرة أخرى؛ أعقبت بينما ترد على الهاتف:
- صدقني... ليست أثقل من طلتك... ألو ..
صمتت تستمع لمحدثها بينما يبتسم "بدر" ابتسامة غاضبة بها لمحة من شجن و عينيه تنتقلان بحرية على صفحة وجهها.
- كيف حدث ذلك؟؟
غضن حاجبيه توجسا عندما لمس القلق في نبرتها فيما تتحدث هي.
- حسنا... حسن ... أنا قادمة الآن أين نلتقي؟
اتبعت كلماتها بشروعها في لملمة الفوضى أمامها ليساعدها هو بطريقة عفوية عندما رأى تخبطها. أغلقت الهاتف بعد أن سمعت اسم المقهى ثم تكلمت بتوتر:
- علي الذهاب. اعذرني قد نلتقي فيما بعد.
استقام واقفا بعد أن نهضت تحمل حقيبتها المهملة ثم تبعها قائلا:
- هيا سأوصلك فلن تجدي سيارة أجرة بسهولة في هذا الوقت.
تبعته معقبة باتهام.
- اشتقت لسيارتي التي سحبت مني بدون سبب.
ابتسم ساخرا بينما يفتح لها الباب.
- أجل ظلما و عدوانا.
ردت ببعض التحدي:
- ها أنت قلتها بفمك. " ظلما و عدوانا"
- و الحادث الذي كاد أن يودي بحياتك؟
- ما به؟ ثم أنا بخير الآن، هيا كلم بابا ليعيد لي سيارتي الجميلة يا مغتصب.
نظر لها نظرة أربكتها قبل أن يقول بتحد واضح.
- مغتصب!؟ لا يا عزيزتي أنت مخطئة، من أحبه يأتيني بالحب و ليس بالغصب.
- أقصد سيارتي يا أحمق، ثم نعم أنت السبب؛ فلو لم تجبر والدي تقريبا على أخذها لما فعل أنت تعرفه، لا يهمه شيء عدا العمل.
همست آخر كلماتها وقد طغى الوجع على نبرتها و اختفي التحدي والغضب الذي كان في أولها. زفر بتعب من تفكير ابنة خالته ومن الحياة التي تعيشها عامة، تكلم ببعض اللين معقبا:
- هو يحبك لا تقولي ذلك.
ردت ناهرة إياه و قد اشتعلت جذوة الغضب من جديد:
- لا تحدثني في هذا الموضوع مجددا فهو منتهي بالنسبة لي.
صمت على مضض ثم سألها عن المكان الذي تقصده.
بعد مدة قصيرة أوقف السيارة بجانب المقهى، و قبل أن تنزل تكلم بخفوت لكن بنبرة قوية:
- سأعيدها لك عندما تأتي للبيت في الإجازة القادمة، لكن حاذري على نفسك.
أجابته بغضب وحزن حفر فيها عميقا وهي تصفع باب السيارة بقوة.
- عرفت أن ليس أبي من أخذها، لم يفعلها من قبل أبدا.

---------------------------------------------------
دخلت المقهى بخطوات عجلة ويدها تمسح دمعة توهمتها مست خدها من اثر الحزن الذي يسكن صدرها. لمحت صديقتها في الزاوية البعيدة بجانب النافذة التي تطل على الشارع المكتظ. كانت شاردة وعلامات الشجن تظهر عليها. كوب القهوة الساخنة يقبع بين يديها ويحكي حكاية أخرى. لم تستطع المقاومة فجذبت هاتفها ملتقطة صورة لها ثم نشرتها على أحد المواقع كاتبة تحتها " بعد أن تخذل.. تصبح أكثر هدوء وأعمق نوما و أطول صمتا... و ابخل حرفا.." " مقتبسة" و تقدمت مدعية مرحا غير موجود كمحاولة لإزالة الوجوم البادي على " ليف".
- مراحب يا عبوس المدينة . ماذا حدث ؟ هل ستنقرض البشرية قريبا؟ صراحة أتمنى ذلك لتختفي عدة وجوه تنغص على حيا...
قاطعتها "ليف" بنبرة ساخرة طبع عليها بعض الألم و براعم الغضب قد تشكلت على حاجبيها:
- ماذا يا حمقاء المدينة. ألن تصمتي قليلا لتعرفي المصيبة التي وقعت على راسي والتي تفوق فناء البشرية.
- تكلمي فورا وبدون فواصل إعلانية فليس لدي صبر والإعلانات مملة هذه الأيام.
- ريما ... توقفي أرجوك فظرفي لا يحتمل مزاحا أبدا.
كلمات "ليف" الناهرة لم تلقي لها " ريما" بالا بينما تعقب بسخرية:
- ربما المشكلة في الطابع، غيريه أو غيري الظرف ككل ههههه.. ثم لما تستخدمين الظروف؟ وقتها انتهى منذ زمن جدي . الانترنت أفضل بكث... انتظري ... أنا آسفة .
ضحكة ريما بعد أن أعادت الغاضبة التي نهضت عازمة على الذهاب لمكانها ثم أردفت بجدية:
- يا فتاة قصدت أن أغير القليل من جوك، كنت تبدين بائسة وعلى بعد كلمتين من شلال الدموع الذي يسقط بمناسبة أو من غير. ثم اخبريني لماذا دموعك ليست عزيزة، أظن أن كل المياه التي تشربينها تذهب في مجرى الدموع. عندك خلل أكيد..
قاطعتها "ليف " و قد اكتفت من مهاتراتها الفارغة، فإن كانت دموع "ليف" تهل دون سبب، لسان " ريما" يتكلم دون سبب أيضا.
- ابلعي لسانك قليلا ودعيني أتحدث. " ريتشارد " تكلم اليوم عن إمكانية عودتي للبلد.
صمتت تترك لصديقتها بعض الوقت لتستوعب لكن الأخرى ردت بمنتهى الغباء:
- أي بلد؟
- أو.. لا أرجوك ركزي معي قليلا. " ريتشارد" عقد اليوم اجتماعا حول المهرجان الذي سيقام في البلد هناك، والذي بالمناسبة اليوم عرفت به أيضا. وعينني ضمن الفريق الذي سيذهب لتغطية الأحداث.
ابتلعت "ريما" ريقها الجاف قبل أن تقول بجدية غريبة عليها:
- و ماذا ستفعلين؟
- لا ادري صدقيني ذهني مشوش و أحس أنني في دوامة.
صمتت قليلا لتحتسي من ما يوجد داخل الكوب ثم أردفت ببؤس:
- و عندي الآن مقابلة و لا يمكنني تحمل ذلك ال&é& أوه يا الله.
- من هذا؟
- لا عليك شخص غير مهم ، ركزي معي وفكري في حل للمشكلة.
فهمت "ريما" أن صديقتها تحتاج قليلا من الدعم على الأقل حتى تنهي اليوم. فأعقبت بنبرة قوية:
- لا تقلقي، كل شيء سيكون على ما يرام. أنت قوية وسيمر هذا كما مر ما قبله، اعتبريه تحدي و ستنجحين بإذن الله. ثم أنت " ليف" الآن شخص جديد تماما بكيان و روح جديدة.
ردت "ليف" بانهزامية غريبة:
- لا أدري "ريما" لا أظن أنني استطيع المواجهة. أحس كأنني احمل في صدري الكثير والجبل على ظهري يزداد ثقلا كل عام يمر. أخشى أن تكون المواجهة فوق طاقتي فافقد كل شيء، أخاف أن ينضح صدري بمكنوناته ويهد الثقل ظهري ليقسمه ولا تقوم لي بعده قائمة.
- أنت أقوى من ذلك عزيزتي، ثم لما تفترضين السوء. ربما لن تكون هناك مواجهة أبدا فأنت ذاهبة للعمل ليس إلا.
- لا أعرف ..أنا فقط خائفة. خائفة جدا.. وجزء خائن مني مشتاق بل يكاد يموت شوقا للذي مضى.
- أنت قوية "ليف". قوية جدا وتأكدي أن قوتك الكامنة داخلك أكثر من ما يظهر منها. لا تبتئسي واشحني طاقتك سواء كتب لك المواجهة أم لا، أنا واثقة انك تستطيعين النجاة بنفسك.
ابتسمت "ليف" بشجن و دمعة تتدحرج على خدها. أمسكت يد صديقتها ثم قالت بامتنان.
- شكرا حبيبتي، لن أنسى فضلك أبدا.
صمتت قليلا ثم أردفت بمزاح:
- أخبريني كم كررت كلمة " أنت قوية" حتى الآن.. ههههههه.. أحسست أنني سأواجه مصارعا ما أو عندي مسابقة في رفع الأثقال، أنت كارثة في المواساة.
انطلقت ضحكات الفتاتين عالية لتعقب ريما بعدها بكلام جدي نادر عن طبيعتها استدعى دموع الأخرى.
- اضحكي يا صديقتي الغالية فلن تنتهي المشاكل أبدا مادمنا نعيش و مادام فينا نفس. و لولا هذه الضحكات المسروقة من الزمن لما استطعنا المواصلة.
- لما تبكين حبيبتي يا صهباء؟ ألم أحذرك من فعل ذلك.
تشدق "رامي" بابتسامة قبل أن ينظم إليهما في حين أعقبت " ريما" رافعة يديها مستسلمة
- براءة يا ناس، دمعتها من تتلكأ على النزول.
ابتسمت " ليف" ثم نقلت نظرها ل "رامي" بحب شع من عينيها مما استدعى كلمات " ريما " المشاكسة التي ألقتها وسط ضحكها المرح بينما تنغز "رامي" في خصره:
- أنظر " رامي " القلوب تخرج من عينيها، ههههه، أنظر وصلني قلب هنا.
أشارت بيدها في الهواء فيما تكمل وسط ضحك "رامي" وخجل "ليف" الحانق:
- اذهب لست أنا المقصودة، بل الجالس بجانبي. اذهب ليحملك في كيس مع إخوتك بجانب قلبه هو الآخر.
- "رييما"
نهرتها "ليف" ووجهها احمر من الإحراج ليعقب "رامي" بهيام"
- لا تقلقي، سأحفظهم داخل قلبي وليس جواره فقط.
- أووه ... الآن حقا ليس لي مكان بينكما، هيا نلتقي فيما بعد يا أصدقاء، عندي محاضرة الآن وسأعلق حتما في السقف هذه المرة.
أنهت كلامها منطلقة بصخبها المعتاد حتى اختفت خارج المقهى. سحب " رامي" سيجارة من جيبه و أشار للنادل بالقدوم ثم ما لبث أن وضعها في فمه حتى سحبتها "ليف" قائلة بحنق.
- ألم نتفق على أن تتوقف عن شرب هذه السموم.
أجابها مدعيا عدم الاهتمام بينما يسحب أخرى ويضعها في فمه ونظراته تخترقها.
- اتفقنا على الكثير، لكن لا احد يهتم على ما يبدوا.
نظرت إلى ما ترتدي ولم يكن بالسوء الذي يلمح له فتنورتها الوردية الواسعة تصل إلى ما تحت الركبة بقليل كما القميص الأبيض الرسمي ذا ياقة عالية تكاد تخنقها. زفرت باختناق من تحكماته قبل أن تقول:
- "رامي" أرجوك لا تبدأ مجددا لا ينقصني تأنيبك الآن.
- لست أنا من بدأ. ثم ما بك؟ لما كل هذا البؤس؟.
رد بلؤم و هو يشعل السيجارة و ينفث دخانها بغير اهتمام و عينيه تلقطان ينبوع الدموع وهو على وشك الانفجار. لترد هي وبنبرة مهزوزة لم يرها عليها من قبل:
- أنا تعبة و أحس أن صدري على وشك الانفجار. أظن أن تراكمات السنين ستغدو بركانا يطيح بي ولا يدعني إلا جثة هامدة.
انفجر ينبوع دموعها أخيرا ليهرع مسرعا جالسا بجانبها و يسحبها لحضنه. و لم تمانع هي إذ كانت في حاجته فتمسكت به تحاول أن تبعد حالة الضعف التي ألمت بها منذ سمعت خبر عودتها. بعد مدة ليست بالقليلة استعادت القليل من ثباتها و لاحظت جموده لذا رفعت رأسها لتجده ينظر بعيدا إلى شخص يقف بجانب الباب يطلب شيئا فتكلمت.
- تعرفه؟
ابتعدت عنه معتدلة في جلوسها بعد أن حول نظره إليها و أجابها بنبرة مخنوقة.
- لا..
صمت قليلا، تنحنح و تعدل في جلسته ثم سألها بحنان ظهر من عينيه.
- أخبريني ماذا هناك؟ قد استطيع مساعدتك.
ردت بنفس نبرته:
- باختصار وبدون إطالة. سأعود للبلد في غضون شهر من الآن.
اتسعت عيناه من الدهشة وظهر بريق سعيد فيهما لتسأله باستغراب.
- لما أنت فرح كأنني قلت لك أنك ربحت المليون.
رد و البهجة مسيطرة عليه:
- بل أكثر يا حبيبتي، أكثر.
ازداد استغرابها و تغضن حاجبيها لتسأله مرة أخرى.
- لهذه الدرجة كنت تود الخلاص مني؟
انتفض كمن لسع للتو وأمسك بيدها يشرح ومشاعر جمة تمر على صفحة وجهه.
- بل أنا فرح لكلينا يا غبية. سأعود معك وسنتزوج هناك.
جاء دورها الآن ليعلو وجهها دهشة ليست أقل من دهشته وردت بصوت مغاير:
- ماذا تقصد؟
أجابها بهدوء يشوبه بعض الحماس وهو يضغط على كفيها:
- كما سمعت عندما تعودين سأعود معك واطلب يدك للزواج، كما تعلمين كل أهلي هناك و كنت أتحين الفرصة لأطلب منك العودة لنتم زواجنا هناك في وجود أهلي و صراحة خفت أن ترفضي أو على الأقل أن تماطلي؛ لكن الحمد لله جاءت الفرصة على طبق من ذهب.
ردت وغصة استحكمت حلقها لتلك الفرحة الموءودة في المهد:
- أنت تعرف أنني لن استطيع ثم أنا ذاهبة للعمل.
أعقب بإصرار:
- لا يهم ..
صمت مستدركا لما قالت ثم سألها:
- أي عمل؟
- هذا ما لم تدعني أقوله قبل قليل. هناك مهرجان عالمي سيقام في البلد و أنا ذاهبة مع فريق المجلة والقناة أيضا لتغطية أحداثه. هذا أولا ... و ثانيا قد أخبرتك بكل ظروفي من قبل و بالتأكيد مستحيل أن يحصل ما تقوله الآن. سنتزوج لكن هنا في أمريكا و باسمي " ليف" و ليس هناك غيره.
- و أنا أقول لك لا تقلقي. سأدبر كل شيء و سنتزوج هناك و بمباركة الكل وباسمك الأصلي " حياة سعد" و ليس " ليفانا سميث" .
نبرته كانت واثقة مستحكمة تدل على الصدق أثارت تحدي " ليف" لترد:
- و كيف ذلك؟ الأمر مستحيل.
- لا تقلقي ودعي كل شيء علي، سأحل كل المواضيع الشائكة و بعدها نتزوج.
صمت الاثنان ليزداد بؤس "ليف" بعد هذه الكلمات ليس قلة ثقة به، لا، لكن المراد صعب؛ صعب جدا ويكاد يكون مستحيلا. و هي متأكدة أن هناك ثمنا عليها أن تدفعه لتحصل على حبيبها ورفيق الروح " رامي" و تتوجس خيفة من ماهية هذا الثمن، تخشى أن يكون اكبر من أن تستطيع دفعه.
-------------------------------------------------------


لولو ليال غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس