[فاتن نبيه]

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نورهان الشاعر

و يروح يوم و تأتي أيام
و ينقلب بنا العمر بين سنين و أعوام
فيا أيتها الأيام الفانية عليك السلام
و يا أيتها الأرواح المهاجرة يلقاك الوئام
و يصاحبك الهناء على الدوام

و مشى الناس وراء مواكب الكلام
و قلبي أنا إستوطنه الهيام
فإتخذ له جنان العشق مقام
قد سرى النور فيه فلم يعرف بعد تلك الليلة ظلام
فما أعذبك يا أحلى لحن لم تعزفه الأنغام
و ما أجملك يا لوحة لم يرسمها رسام
يالفصاحتك يا بيتا ما حضره إلهام
كنت غزلا لم تدونه أقلام
و معجزة لم تحتويها أحلام
قد ربطني بك سرا الحب و الغرام
دون أن تلتقي أجسادنا حتى بالسلام

يا بسمة على وجه القدر
قلبي على قلبك بعد عناء عثر
فظننت هواك لم يخلق بدنيا البشر
و قد خبرت به الطير و الزهر و الحجر
قد أقام حبك بروحي و في جنباتها استقر
فمضيت أترنم بهواك في خفر
و جنون العشق في قلبي قد هدر
يملؤني بمشاعر منيرة كالذرر

و مقام أنسي أضحى محرابا لحبي
بعد أن رمي ذاك الغريب يوما في دربي
و إستعمرني و أخذ أراضي دون حرب
هواه خافقي بلا سبب
و سكن خوالجي بلحن عذب
عزفه على أوتار القلب

كنت أتلصص عليه خفية حين يحضر
أرنو إليه مختبئة و روحي في جنبات روحه تبحر
مشاعر ندية على قلبي تمطر
أود الإقتراب أكثر فلا أقدر
و ما علمت إلى متى سأصبر
و هواه في قلبي لازال يحفر
فمن ذا الذي ذنوب العشاق يغفر

كان يترك لي بعد إدباره مكاتيب
فلا أجد عادة بما أجيب
و حروفي تبخرت في شعور مذيب
و سمت روحي مع موكب مهيب
و أنا أدعو ربي أن يكن لي معه نصيب
فوحده من أضحى للقلب قريب
هو المؤنس الغالي و الحبيب

و كنت أترك له بعضا من جواباتي
أعطرها بحبي و إبتسامتي
و أنثر عليها نور الأمنيات
فإن تعثرت بها كلماتي
شفع لي برق النجمات
و قد أسررت لها خفية بحكاياتي

و بعد أيام طال غيابه
تغيب عن مواعيده و انقطعت مكاتيبه
فظل قلبي يلتوي في نار مخاوفه
و أنا أناجي المولى أن بحفظه بحفظه..

ظل القلب من بعده هائما مكسور
تغيرت به كل مجريات الأمور
و أضاعت من بعده الراحة و السرور
سألت عنه السحب و الطيور
و فتشت عليه بين الياسمين و الزهور
إنتظرته ليل نهار عله يعود و روحي يزور
و يبدل تعاستي بالحبور
اقسمت في نفسي أن لا أهرب إن قرر الحضور
و سأهدي له حبي و عشقي المقرور

دقات لحوحة لا تستحمل الإنتظار
قد سرقتني من عالم الأفكار
و أنا جالسة ليلة مع الياسمين و الأزهار
أهيم في شجوني و أمضي بإبحار
فجريت أخبئ هذه الأسرار
أداري المكاتيب فلا تدركها الأبصار

كانت رحاب من على الباب
لم أقابلها كعادتي بالترحاب
و قد صارت روحي مجرد سراب
بلدا مهجورا سكنه الأغراب
إقتربت مني في توجس و إرتياب
و سألتني بحزن ما دهاك يا أغلى الأحباب
أين إبتسامتك التي تسلب الألباب
أعين أصابتك فأغشت وهجك بالضباب
أم هم صاحبك و منع الفرح من الإقتراب؟

بإبتسامة مرهقة أجبتها
سعادتي يا طيبة فقدتها
و روحي في روح قد أضعتها
أحلامي طارت وقت أمسكتها
و قصتي انتهت بعد أن بدأنها


دعيك أنت من أحزاني
و تعالي أدفئي أحضاني
ما أحوجني إلى الحنان
وقت إحتضرت أزماني
و إرتفعت بالرثاء ألحاني..

ضمتني إليها و لم تعلم بما تجيب
تمتمت بدعوات تمنيت أن لا تخيب
و قالت الفرج عند الله قريب
فلا تشقي نفسك مع اليوم العصيب
كله يدبر يا ابنتي و يغيب

إنزلي صغيرتي والدك يرغبك
و تسلحي بإيمانك الله ينصرك
يبارك أيامك و لا يتركك
فلا تغالي بالحزن إنه يذهبك..

قبلت خدها بإمتان
و قلت لها بركت يا نبع الحنان
عل قلبي يجد هناءا أو نسيان
و يهدأ بمواجعه إن أنا الأوان
فأقيم به في جنات من أفنان
ببريق حلو فتان

و نزلت بعد ذلك إلى والدي
و قد كان كالصرح الصامد
صخرا قاسيا يرتجف له كبدي

ألقيت عليه السلام و جلست
بهدوء كلامه إنتظرت
و المخاوف على قلبي انتثرت

و بعد لحظات إنتظار
ألقى علي بالقرار
كان يأمر لا يحكي أخبار
و هو يقول زواجك سيكون بعد طلوع النهار
ما سمح لي بالإستفسار
و هو يلقي على قلبي أسهما من نار
و يرفع يديه متلفا أي خيار
و هو ينهظ تاركا المكان علي ينهار

و في جنح الليل خرجت باكية من الدار
و قد قرر قلبي لجنتي الفرار
أطلب أنسي من بقعة الحب المختار
و قلبي مكلوم منهار
أجري باكية و دمعي يفيض أنهار
فلم أبصر تلك السيارة التي حملت معها الأخطار
صدمتني و تركتني للإحتظار

تتوالى الكروب
و بعد بعد و هجر قرر الأب أن يحسم الأمر بالزواج
فهل يزوج اميرته ممن يطرق الباب
أم يذعن بمن اختبار قلبها و لحبها يستجيب
و ينسى و الحساب
أميرتي و حبيبتي الغالية
كم يبهرني قلمك الخلاب
و روحك التي اختزلت داخلها الفن الأواب
كم أنت جميلة تتقني نثر الحب
و يحبك العشق و ينحنى أمام براعك ما تخطه روحك الرائعة
يا أميرة الرومانسية أنت حفظك الله
ووأدام عليك فضله و الابداع