[كلبهار]

وقت المغرب

جلست زينة في غرفتها تنود بجسدها للامام والخلف بعينين مثقلتين وقلب مهموم ... منذ عادت صباحا وللان لم تنزل الى الطابق السفلي ... تعللت واعتذرت بحجة انها متعبة وتريد النوم ... لن تنسى طوال حياتها نظرات عمتها عندما عادت اليها بعد اقل من ساعة .... كانت نظرات اختلطت بين الذهول والتساؤل ... لتجيبها على سؤالها الصامت قائلة بلهجة خافته بالكاد خرجت من شفتيها المتيبسة :
- لا احد في المنزل يا عمه فقط امي وقد شعرت بالملل وعدم الراحة هناك
أومأت عمتها بعدم اقتناع وقالت وهي تحول نظراتها لذراعها المطوية فوق صدرها :
- مابها ذراعك ؟!
لتجيبها بتلعثم وارتباك :
- لا شيء ... ليس بها شيء ....
ثم اضافت بتوسل وقد غرقت عينيها بالدموع :
- فلنعد للمنزل عمتي بالله عليك ارجوك
وهكذا ... الصمت كان سيد الموقف ... فعمتها ظلت ساكته دون ان تنبس ببنت شفه ... ربما اشفقت عليها ؟ ربما اكتشفت بحدسها أن عائلتها لا تريدها ؟
الم حاد جعلها تنتفض وهي تأن بخفوت ... ابعدت كم ثوبها الذي كان واسع قليلا لتحدق بعينين دامعتين بالجلد الذي اخذ ينتفخ ويزاد احمرار مع مرور الوقت ... من منتصف ذراعها العلوي الى اسفل مرفقها كله احترق منظرة كان بشعا ومخيفا ... يارب كيف ستتحمل هذا الوجع .. اقل حركه كان الالم ينغرس في صدرها ... وكأن دبابيس مغروسة فيه .... طرقة خفيفة على الباب جعلتها تعتدل وتغطي ذراعها بسرعة ... اجابت بصوت ضعيف :
- تفضل
دلفت عمتها واغلقت الباب خلفها ثم جائت لتجلس جانبها قائلة بجدية :
- مابالك اليوم ؟ لم تتناولي الغداء معنا والان لم تنزلي لتشاركيني باعداد العشاء مثل كل يوم ؟ ماذا حصل ؟!
نظرت لها زينة وشفتيها ترتجف ثم بدأت دموعها تنزل بغزارة ...وبسرعة اقتربت منها عمتها هاتفه وهي تحتضنها :
- مابك يا ابنتي ؟ لما كل هذه الدموع ؟!
لم ترد عليها بحرف بل ظلت تبكي بوجع وهي تضع رأسها فوق صدر عمتها الاخيرة التي شددت من احتضانها اكثر لتصرخ زينة بوجع :
- آه ... ذراعي
ابتعدت عنها العمة سهام وقالت بارتباك وحيرة
- مابها ذراعك ؟
حدقت بها زينة وهي تشهق باختناق وتقول من بين دموعها المنهمرة بغزارة :
- ا.. احترقت
اتسعت عيني عمتها بذهول وهي تهتف بقوة :
- احترقتي ؟ اين كيف ولماذا ومن احرقك؟ دعيني ارى ؟ اين احترقتي يا زينة ؟
رفعت زينة كمها قليلا لتشهق عمتها بعدم تصديق وهي تامرها :
- اخلعي الثوب ودعيني ارى
نظرت لها الاخيرة بخجل وكآبة لتأمرها مكررة بحدة وغضب :
- لا وقت للخجل مني يا بنت اخلعي الثوب هيا بسرعـــــــــــــــــــــ ة .
وببطئ بدأت بالتخلص من ثوبها وعمتها تساعدها بحذر وهي تغمغم بعدم رضا :
- كنت اعلم ان هناك شيء ما غير صحيح اليوم ... قلبي حدثني بذلك والله .
وما ان ظهر الحرق حتى بدأت عمتها بالولولة وهي تضرب صدرها وتقول :
- يا ويلاه عليك يا زينة ... كيف تحملتي هذا الوجع الى الآن ؟! لما لم تخبريني ؟
لم ترد عليها فقط كانت صامته وهي تطرق رأسها ارضا خجلة من جلوسها هكذا بملابسها الداخلية امام عمتها الاخيرة التي صرخت تستجوبها بغضب مكبوت :
- كيف احترقت ؟
همست زينة وقد اخترعت كذبة انزلقت على لسانها بسهولة كالعادة :
- قلبت ابريق الشاي علي دون ان انتبه يا عمه .
حدقت بها عمتها بعدم اقتناع وقالت :
- قلبتي ابريق الشاي على ذراعك ؟!!!!!!!!
ابتعلت ريقها واجابت :
- كنت جالسة جانب المدفئة وانقلب عليّ .
اومأت عمتها وعلامات عدم التصديق تلوح بعينيها بينما رسم الألم والحزن على معالم وجهها وهي تقول :
- هذا الحرق يحتاج لطبيب .
همست برعب وهي تعود بجلستها للوراء :
- عمتي ارجوك ...
قاطعتها الاخيرة بحدة وهي تهب واقفة لتتوجه نحو الدولاب :
- اسكتي يا زينة لا اريد ان اسمع حرف واحد منك ... عتبي عليك كبير ... ذراعك كلها محترقة وانت صامته لم تخبريني منذ الصباح !
بدأت تبحث بين ملابسها وهي تغمغم بتوبيخ :
- الى متى كنت تنوين عدم اخباري وكأني غريبة عنك ولست عمتك ؟
اعتدلت بوقفتها ثم مسحت جبينها قائلة وكانها تتحدث مع نفسها :
- ليس لديك قميص بدون اكمام .. سأذهب واحضر لك واحدا من عندي
التفتت ناحيتها وقالت بحدة وهي ترمي فوق السرير بنطال الجينزعاقدة الحاجبين :
- ارتدي بنطالك الجينز هذا ساذهب واعود بسرعة
..............
يتبع