الموضوع: مقصلة الكلمات
عرض مشاركة واحدة
قديم 29-01-24, 09:03 PM   #3

شهيره محمد

? العضوٌ??? » 489212
?  التسِجيلٌ » Jun 2021
? مشَارَ?اتْي » 529
?  نُقآطِيْ » شهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond reputeشهيره محمد has a reputation beyond repute
افتراضي

القصة الثانية ( قيود واهية)

القصة الثانية ..

فكرة القصة أتتني حين انتشرت ظاهرة تحويل النقاب إلى غطاء للوجه، التعمق في الأسباب والدوافع جعل الأمر مادة للنقاش وكثير من النساء وقعو تحت مقصلة الكلمات وتغيرت قناعتهم للنقيض وهنا اكتشفت أن تلك الخطوة التي نتمنى أن تُحسب لكل النساء ثوابًا حولتها عوامل كثيرة إلى عقاب ... ولن أبالغ إن قلت أمر مكروه بل وباب للفتنة وكم دفعني ذلك للكتابة عن الأمر ربما لم أناقش الظاهرة بشكل أعمق لكني على الأقل جازفت وسلطت الضوء عليها ولكم الحكم ........

༺༻༺༻

ألجموا نبال الكلمات عنا، فلا سامحكم الله ولا غفر لكم على ما عطب منا، ألجموا أفواهكم التي باتت تشكل خطراً على ثوابت كادت من شدة النفاق أن تفنى، فلستم الحاكمين بأمر الله ولا لحدود إرادتكم سطوة تبنى، ما أنتم سوى زمرة لا يأخذون من الضلال براح ولا هدنة، زمرة تمادوا في غيهم حتى صار سهلًا عليهم أن يجعلوا من الدين فتنة، أهوائهم اختلطت وتضافرت بداخلهم وزادتهم سخطًا ونقمة، فلا حد الله يردعهم ولا هم المؤمنون حقا كما علمنا، فمن قمعنا باسم الدين ليس منا .. ومن أوهن عزيمتنا بالكلمات ليس منا.

༺༻

تقف سلمي داخل غرفتها تتأملها بعيون متأثرة وساعات الزمن الحاسم في مصائرنا تمر بها اللحظات سريعًا لتضعها داخل تلك اللحظة الفاصلة ما بين حياة تودعها بامتنان لكل من دعمها داخلها وعلى مر سنوات ثم تعد حقائب الأمنيات المبتورة بصدرها لتعيد وصلها داخل حياة أخرى تأمل أن تتحرر فيها من كل قيد وضعف كبلاها طويلًا، طامحة في أن تصبح أخيرًا جزء من كيان يمنحها الحق في أن يكون لها صوتًا مسموع ورأي يؤخذ به ومشاعر تراعى وتفاصيل تهتم لها.

كل شيء في هذا اليوم كان أفضل مما تمنت.

كل شيء كان منسق بحكمة ربانية جعلت قلبها يبتهل لله شكرًا على نعمه، كل شيء يدعوها لتصر علي التحرر وهذا ما جعلها تحسم أمرها في قرار قد تنشب لأجله ح.رب لم تعد تبالي به.

فبالماضي كانت خاضعة دون حماية، لكن الآن الأمر يختلف فقد رزقها الله زوج صالح متقي متفاهم يدرك تعاليم دينه ويسير عليها لا يسيرها حسب أهوائه، ابتسمت سلمي وهي تُكمّل إعداد حقيبتها التي اختارت كل شيء سيوضَع داخلها بدقة متناهية فكم مرة بالعمر ستغدو عروس

ليطرق باب غرفتها وتدخل أختها يمني تقول بدموع متأثرة

" لا أصدق أنكِ سترحلين، ما بال العمر ...كأنه عجول في كل شيء.

في أخذ والدكِ منا

في دفعنا نحو النضوج

في رحيلك

ليتنا لم نكبر يقين "

اقتربت منها سلمي تضمها بتأثر

وبقوة وهي تقول

" هذه سُنة الحياة، لا شيء يجعلكِ تتحاملين على الزمن، ثم يومًا ما أنتِ أيضًا سيتحتم عليكِ الزواج هل سيعني ذلك أنكِ سترحلين عني ...أماكن الأحبة وإن بعدت قريبة، ما بالكِ بشخص يسكن القلب، أنت بالقلب يمني "

بكت يمني تأثرًا ثم حين وصلهما صوت الحركة الدؤوبة بالخارج ابتعدت عن أختها تمسح دموعها وهي تقول

" لقد كنت أبحث عن نقابك لأقوم بكويه قبل وضعه بالحقيبة لكنّي لم أجده، أخيكِ شدد على أن زوجك سيصل ليقلكِ إلى مركز التجميل بعد ربع ساعة ويجب ألا يقف في انتظارك كثيرا ، تعلمين كيف يهتم إبراهيم بتلك التفاصيل " قالت سلمي

" نعم أعلم فابراهيم يهتم لكلام الناس ، ونظرة الناس ، وافكار الناس أكثر مما يهتم لنا "

ثم تحركت نحو حقيبتها لتنهي ما كانت تفعله وهي تقول

" لا تهتمي لأمر النقاب واذهبي لتستعدي يمني فأوس على وشك الوصول "

سألتها يمني بعدم فهم

" ما بك لا تبدين بخير ، ثم من سيكمل كوي الملابس إذًا، أعطني إياه سأنتهي سريعًا " اقتربت سلمي منها ودفعتها بلطف خارج الغرفة وهي تقول

" اذهبي يمني واستعدي ودعيني أستعد لما سيحدث "

لم تفهم يمني حديث أختها لكنها انسحبت لتتمم على حقيبتها وترتدي نقابها هي الأخرى وتقيم صلاة الظهر الذي أذن منذ نصف ساعة كاملة.

༺༻

بعد قليل....

وقف إبراهيم على باب منزله يتنحنح بصوت مسموع وهو يخفض عينيه أرضًا ويقول

" يا أم إبراهيم "

اقتربت والدته التي تخفض أكمام عباءتها بحرص شديد ثم تخفض نقابها وتقول

" ما الأمر يا بني "

قال لها إبراهيم

" لقد وصل أوس، هل انتهت يقين ..ثم صوت الفتيات مرتفع يا أم إبراهيم، صوتهن يصلني بالأسفل وهذا لا يجوز..هل هذا ما وصيتك به .. "

قالت والدته

" يا بني أنهن ضيفات لدينا ولن أستطيع أن أفرض عليهن الصمت، ثم الصوت مرتفع نظرًا لعددهن كما ترى، تساهل قليلًا فلن يأتينا الفرح كل يوم "

قال إبراهيم بتجهم

" حسنًا يا أمي لكن لا أريد مزاح ولا ميوعة ولا أصوات مبالغ فيها، ماذا سيقول الناس عنا ؟؟؟ فالجيران دوما ما تحاكوا في استقامتنا والتزامنا ...من فضلك يا أمي شددي عليهم حتي تمر هذه الليلة و أحضري سلمي هيا "

أسرعت والدته تعبر صالة البيت العامرة بفتيات ونساء العائلة نحو غرفة سلمي تطرق بابها ثم تدخل بعجل لتجدها تجلس على طرف سريرها تتمسك بحقيبتها الموضوعة بجوارها وهي تبدو شاردة فنادتها والدتها

" سلمي، ألم تنتهي ...زوجك بالأسفل واخيكِ يقف على الباب ويبدو علي عجلة من أمره " وقفت سلمي وقالت كأنها تقر بلحظة التحرر

" بلى أمي لقد انتهيت منذ قليل، سأخرج حالًا"

نظرت لها أمها وقالت

" كيف انتهيتِ ..أين نقابكِ ..هل لم تحضره لك يمني حتي الآن "

أجابتها سلمي ولا شعور قد أثنى عزيمتها عما تنتوته

" لا أمي ...يمني لا دخل لها ...إنه أنا لقد قررت من اليوم خلع النقاب "

تجمدت والدتها بصدمة وقالت بتخبط

" ماذا تقولين! تخلعين ماذا يا ابنتي؟

أخيكِ على الباب وهو لا يطيق الانتظار، ارتدي نقابكِ واخرجي له"

هزت سلمي رأسها برفض وقالت

" لن تسير الأمور بهذه الطريقة اليوم يا أمي ...سامحيني أرجوكِ، لكنها ليلتي ومن حقي أن أخذ قراري فيما أريد بشأنها وما لا أريد ويكفي أنني تحملت فرض الأمر عليّ لسنوات، إبراهيم إما أن يقبل ويتفهم وإما أن يرفض ولكن لا تنتظري أن يجد لرفضه صدى بداخلي ، لا تنتظري مني أن ألتفت وأهتم لكلام الناس مثلما يفعل فقد حسمت أمري"

أسرعت أمها تغلق الباب لكي لا يتسلل صوتها للخارج وهي تقول"

يا ابنتي ألم ننتهي من هذا الأمر منذ سنوات، ما الذي أعاد فتحه اليوم، يا حبيبتي لماذا تسعين لتكدير الأجواء من حولكِ في يوم كهذا، اذكري الله واخرجي لأخيكِ ولا تدعي الشيطان يتلاعب بكِ " قالت سلمي

" لن أفعل يا أمي، فهذا الأمر لم ينته يومًا، أتدرين كمّ الصراع الذي أعيشه يوميًا خلف قرار لم يكن لي، أتدري كم مرة أرفع وجهي للسماء بخجل عظيم يملأ روحي لأني أداري وجهي إضطهادًا وليس تقربًا، أتدري أني اليوم كأي فتاة أريد أن أرى ذاتي في صورة ترضى الله و ترضيني وليست ترضى أخي والناس الذين يجب حين ينظرون إلي يقولون هذه فعلا أخت الشيخ إبراهيم ، يا أمي ارتداء النقاب له لذة روحانية لم أشعر بها مطلقًا لأنه لم يكن قراري "

ظهر الخوف جليًا على وجه أمها التي قالت

" يا حبيبتي، أخوكِ لم يُرِد لك سوى الصلاح، لما تتحاملين عليه بهذا القدر وتتركي الشيطان لينغز بينكما "

قالت يقين بقوة

" يا أمي إبراهيم فرض عليّ الأمر رغم علمه أني لست مستعدة له لأنه حسب قوله راع ومسؤول عنا، لكنه أغفل أن علاقتي بربي ما دمت سوية في ديني وأرى الحق حقًا والباطل باطلاً لا يحق لأحد التدخل بها ، لكنه لم يكن قويا كفاية ليضحد كلام الناس الذي جعله يكبلنا بقرارته " تعالى الطرق على باب الغرفة قبل أن يُفتح وتدخل يمني وهي تقول

" أمي لقد وصلت مجيدة "

دخلت مجيدة رافعة النقاب عن وجهها متقن الزينة تطلق زغرودة قوية وهي تتمايل وتقول

" مبارك يا سلمي، ستكونين أجمل عروس "

وصلهن صوت إبراهيم الغاضب من الخارج يقول

" الصوووت يا من بالداخل "

سارعت والدته تغلق الباب وهي تقول لسلمي

" استغفري الله يا حبيبتي وارتدي نقابك وتوكلي على الله، أخوكِ لو علم بما تنتويه سيقيم الدنيا على رؤوسنا "

سألت يمني بتوتر

" ماذا يحدث يا أمي "

ضربت والدتها على خدها بخفة علامة على الخوف والتوتر وقالت

" أختك تريد خلع النقاب " توسعت أعين يمني فيما قالت مجيدة بهدوء

" لا تكبري الأمر يا زوجة عمي، أغلب المنتقبات يخلعن النقاب في أفراحهن، إنه يوم بالعمر "

نظرت لها سلمي برفض وقالت

" لا يا مجيدة فأنا لست أنوي استعراض جمالي اليوم والتعفف بقية العمر فأنا عفيفية بحجابي واحتشامي، وليس كل المنتقبات يفعلن ذلك، اعذريني فيما سأقول وسامحيني إن بدى كلامي جارحًا لكِ لكن لعل الله أرسلكِ اليوم في هذا الوقت تحديدًا لتسمعي أني أخاف أن يأتي يومًا عليّ فأهتز وأصبح مثلك "

بهتت مجيدة وقالت بصدمة وهي التي لم تعتد من سلمي سوى التهذيب والاحترام

" مثلي ...ماذا تقصدين، ما بي يجعلك ترفضين أن تصبحي مثلي"

قالت سلمي

" ألا تنظري لملابسك، ألا تلتفتي لتصرفاتك، إن تمردك على إرتداء النقاب جعلكِ تتصرفين بطريقة مغايرة لطبيعتك الخلوقة، هل هذه الملابس تناسب وقار وعظمة النقاب، هل هذا النقاب العصري يُعَد نقاب ساتر، لقد وصل بكِ الأمر لترتدي النقاب على ملابس شبابية، ترسمين عينيكِ أسفله بشكل يجعلك أكثر إغرء ولفتًا للأنظار، لا تخفي حاجبيكِ المنمقين على الدوام، لقد أهنتِ النقاب ومكانته وتحول من درجة للقرب لله لرمز لتحكم زوجك بكِ ، صغرتي لأمر ترفضه روحك حتي أصبحت دميمة لكي لا يقول الناس أنك كسرت كلمة زوجك "

صاحت بها والدتها بغضب قائلة " سلمي احفظي لسانك، ماذا حدث لكِ "

قالت يمني

" يا سلمي هذا الحديث الآن ليس له فائدة "

قالت سلمي بما يشبه الصراخ المكتوم

" بلى له ألف فائدة، أنا لست الجانب الخاطيء في هذا الأمر لأكن مجبرة على الصمت والقبول أكثر، ألا تعرفو جميعًا لما ذادت نسبة التحرش ضد المنتقبات، لأن أمثال مجيدة من منْ قرروا التحرر أسفل النقاب كانوا السبب في دفع الفتيات السيئات لاستخدام النقاب لاخفاء وجوههن ..لقد سهلوا لهم الأمر كثيرًا، فأصبح أمر شائع بين الرجال أنّ أغلب المنتقبات ربما ارتدوه لاخفاء هويتهن لا أكثر " عمّ الصمت تمامًا وسلمي تناظر والدتها برجاء أن تدعمها في قرارها وحين يأست قالت

" يا أمي المنتقبة عن إقتناع، المدركة لفحوى النقاب تعرفها العيون من بعد أمتار، فهي تكون وقار في ذاتها .. .حاجبة نفسها عن جميع الأعين إلا عين الله التي لا تنام، تجاهد قدر استطاعتها لكي ترتقي بدينها، زينتها حياء واحتشام وعفة وهذا ما علمتنا إياه"

ثم التفتت إلى مجيدة وقالت

" مجيدة أسفة لفظاظتي لكن النقاب ليس بأمر هين يمكنك العبث به أو التمرد عليه، إنه رمز لشيء مقدس وأنتِ تنتقصين من قدره وقدر نفسكِ وتجعلين تحررك ذريعة لغيركِ للفساد، أرجوكِ إما أن تلتزمي بكونكِ امرأة مسلمة محتشمة لا تقدر على إرتداء النقاب وعسى أن يعينها الله على ذلك، وإما أن تدركي معني كلمة إمرأة منتقبة وتخضعي لها لأن ما تفعلينه يحملكِ من الذنوب ما لا طاقة لكِ به ، وحديث الناس آخر ما تهتمي به ، فلو تركنا عقولنا لما يقوله الناس لمتنا شنقا علي مقصلة الكلمات"

بكت مجيدة وقالت

" يا ليت لدي إصرارك وقوتكِ وقدرتك علي تجاهل البشر من حولنا ، فأنتِ محقة يا سلمي لقد تحول النقاب في مجتمعنا لمجرد ساتر لملامح الوجه لأننا تناسينا ديننا وصارت الأهواء تسيرنا وضغط المجتمع يدفعنا لأشياء لسنا علي إستعداد لها ، فبالماضي حين كانت تقبل المنتقبة وجب أن تتنحي الرجال لأجلها، وأن تعامل باحترام مبالغ فيه أما الآن فقد أصبح هذا نادرًا جدًا "

قالت يمني

" ما تعنيه سلمي هو أنكِ إن أردتِ التمرد فليكن على زوجكِ والمجتمع لا على رمز ديني لأنكِ هكذا تسيئن للإسلام، النقاب تشبه بأمهات المؤمنين ومظهركِ لا يقترب لاحتشام المؤمنين يا مجيدة "

بكت مجيدة وشعور قاتل بالذنب يملأها أنها سلمت أذنيها لحديث الناس الذي جعلها تخضع لما لأمر كهذا يستلزم من المرأة إلتزام وتقدير فقالت سلمي

" أرجوكِ يا أمي قفي معي هذه المرة، أخبري أخي أن المسؤلية عن الرعية تعني التوجيه وليس الجبر، أخبريه أن الله أعطانا المساحة في كل أمر ليس بمعصية، أخبريه أني أرتدي الحجاب طاعة لله عز وجل وإن أراد الله يومًا ما سأرتدي النقاب لمرضاته لا غيره وأنا ملتزمة بكل ما يعنيه ذلك "

هزت أمها رأسها وقالت

" أخيكِ لن يتقبل هذا الحديث " خلعت مجيدة نقابها بحرقة وقال

" ليس قراره هو أو غيره، أنا لم أكن هكذا يوما يا زوجة عمي، ليتني كنت بثبات يقين، على الأقل هي لم تتزعزع عن احتشامها كنوع من الاعتراض الواهي علي حديث البشر أو تحكم زوجها ، أرجوكِ لا تضغطي عليها أكثر وساعديها لتأخذ تلك الخطوة " نظرت والدتها للثلاثة أوجه وقالت بقلة حيلة

" لله الامر من قبل ومن بعد "

ثم التفتت خارجة فقالت يمني لسلمي

" هل يعلم زوجكِ بهذا الأمر " أجابتها سلمي

" لا ...لكنّي لا أنوي الذهاب إلى أي مكان قبل أن يعرف وله مطلق الحرية في قراره، أعلم أني اخترت توقيت خاطيء جدًا لكن الجرأة على الاقدام استلزمت مني ألف تردد حتى وجدت نفسي أمام الأمر الواقع "

بمجرد أن أنهت سلمي حديثها كان إبراهيم يقتحم عليها الغرفة بعيون جاحظة تنذر أنه أدرك كل شئ.

༺༻

ليلا....

كانت سلمي تجلس كشمس أشرقت في ربوع ليلة سرمدية تضوي بغني ولا وصف لها سوى غانية، يجاورها أوس الذي كان اليوم من بدايته يخبيء له صدمات ومفاجئات متتالية، التفت نحو يقين التي تجلس شامخة منتصرة لكن دون لمحة واحدة من الزينة، كأن سعادتها تزينها بزينة ربانية جعلته يسمي ويصلي من عيون الناس، مال عليها يهمس لها

" لقد تركتك في مركز التجميل منذ ساعات، وحسب ما أتذكر لقد دفعت مبلغ لا بأس به وكنت متحير جدًا في كيفية تصرفك بعد قراركِ المفاجيء، هل لي أن أعرف ماذا فعلت بالأربعة ساعات الماضية "

أجابته هامسة

" لقد كنت أهتم بنفسي ..ببشرتي وشعري وأظافري وأقدامي وأفعل كل شيء يشعرني أني عروس، لقد خلعت النقاب لكن هذا لا يعني أني أعطي لنفسي ذريعة للتبرج، نحن نستطيع أن نفعل كل شيء في إطار الدين " كانت توليه كامل اهتمامها متجاهلة النظرات الموصوبة عليها كسهام تطلق نحوها بعدما نصب البشر أنفسهم عليها قاضي وحكم والهمسات التي كان تصلها لتخترق أذنها عن عمد

" خلعت النقاب يوم زفافها كأنه كان ترتديه لاصطياد العرسان الملتزمة وها لم يعد له داعي ...أين ذهب التقوي والصلاح هل تبخروا بعدما أوقعت شاب من عائلة كريمة ، كلما تحدث أحد يقول أخت الشيخ وبالنهاية ظهر أنها منافقة ....هل أصبح خلع النقاب في الزفاف موضة تتبعها الملتزمات ...كيف استطاعت فعل ذلك ؟؟كم هي صفيقة "

ابتسم أوس غير مهتم بكل ما يسمعه ونظر لها نظرة مستبشرة بكونها ستكون النصف الذي سيعينه على الصلاح ودعا لها من أعماق قلبه المؤمن أن يرزقها الله حب النقاب والعودة إليه بقلب مقبل دون إدبار عما قريب.

༺༻

بعد خمس سنوات ......

دخل أوس شقته يحمل عدة حقائب ثم يتلفت يمينًا ويسارًا وسط سكون المكان قبل أن يعقد حاجبيه باستغراب وهو يلج تجاه الغرفة الرئيسية ليجد سلمي تقف أمام المرآة ترتدي عباءة سوداء ذو قصة مميزة، وتمرر يدها عليها عدة مرات صعودًا وهبوطًا في حركة متوترة، اقترب حتى وقف أمامها تمامًا وتعلقت عينيه بعينيها من خلال المرآة فقال

" ما بكِ "

ابتسمت وقالت

" لقد تأخرت "

رفع الحقائب إلى مرمى عينيها وقال

" لقد مررت بوالدتك وأحضرت الحقائب لكِ "

ابتسمت سلمي وهي تستطيل لتقبل فكه ثم تلتقط منه الحقائب وتفرغها بحماس على السرير بينما هو يراقبها بتعجب، لتلتقط قطعة قماش سوداء وتقول له

" هلا ساعدتني "

سألها بتعجب

" فيما"

أجابته بابتسامة راحة كأنها أتت بعد مجهود مضني

" أخيرًا وبمنتهى الرضا لقد حسمت أمري يا أوس، لا تعلم كم تمنيته، وكم تمنيت أن يرتعش قلبي هكذا ..وتدمع عيناي، تمنيت ألا يحرمني الله من تذوق حلاوة هذه اللحظة "

كان أوس قد أدرك ما بين كفيها فابتسم لها وقال

" لو أنكِ أخبرتني بما تنتويه لاشتريت لك العديد منه فلا داعي لتجعلي شيء مما مضى جزء من هذا القرار، فأنا لازلت أذكر يوم زفافنا...أذكر مواجهتكِ لي برغبتكِ وعينيك التي كانت مستسلمة لقرار موجع قد يصدر مني نحوك "

قالت سلمي

" أنت لم تخذلني أبدًا لقد كنت ونعم الرجل الراعي الذي أنصت وتفهم وأخذ القرار الصائب ثم تركني لأخذ خطواتي نحو الله على مهل، مهل لا يؤخرنا عن طاعة ولكن يرسخها في داخلنا، فأنت لن تفز بقرب إن لم تعطه حقه في كل شيء

والقرب من الله يحتاج نفوس مطمئنة حسمت صراعتها ووجهت وجهها الذي فطر السموات والأرض "

لفها أوس بذراعه وقبّل رأسها بعمق وهو يقول

" تقبل الله منا ومنكم صالح الاعمال، ووفقك إلى ما يحبه ويرضاه، وأضاء بصيرتك " ابتسمت بدفيء وهدوء لم تشعرهما من قبل في كنف إبراهيم قبل أن تتحرك نحو السرير تلتقط هاتفها ثم تقف أمام المرآة وتقول له

" هيا ، البسني إياها "

تحرك أوس نحوها وقلبه يتقافز فرحًا يضعه على وجهها ثم يعقده من خلف كأنما يعقد الأمر بقلبها الذي رق خاشعًا يدعوا الله أن يغفر له الذلات ويجعله عامرًا ما بقي له من أنفاس ويهديه إلى طريق الحق والصلاح ليسألها أوس

" أين حفصة "

أجابته

" لقد نامت بعدما قصصت لها قصة سيدنا موسى وغدًا سنقرأ الآيات معًا، إنها ذكية تحاور وتناقش "

قال أوس

" مثل أمها لديها إصرار لا يشوبه شائة على أن تكون مؤمنة صالحة حرة القرار "

قالت له بسعادة

" ديننا دين يسر وليس عسر، ومن يدرك الدين حقًا يسعد في الحياة وفي الممات".

༺༻

انتهت القصة

على وعد بلقاء آخر وقصة قصيرة أخرى تحت مقصلة الكلمات ❤️


شهيره محمد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس