عرض مشاركة واحدة
قديم 25-10-09, 08:00 PM   #4

أمل بيضون

نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة

 
الصورة الرمزية أمل بيضون

? العضوٌ??? » 77031
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 7,187
?  نُقآطِيْ » أمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond repute
افتراضي

فكرة خاطفة ألحت على ذهنها عن الرجل الآخر الذي كان في المقهى , لقد كان جذابا بشكل قاس وغامض و ... وفجأة سمعت هدير صوت محركي الدراجتين خلفها تماما , كان المنعطف قد حجبهما عنها , الآن أصبحا مرئيين ... ويقتربان , شابان يبحثان عن المشاكل ,يرتديان سترتين جلديتين سوداوين على سروالين من الجينز , أصبحا أقرب , يا الله , أين السيارة الأخرى , أو أية سيارة أخرى؟
مر الأول مسرعا فأهتزت السيارة بعنف , كان أسلوبهما فعالا , تمهل الأول حتى وصلت السيارة الى منعطف ضيق فخفف سرعته بحيث أضطرت فانيسا بدورها الى تخفيف السرعة , في حين كان الثاني خلفها يمنعها من محاولة الرجوع , أحست فانيسا برغبة جامحة في أن تطلق لسيارتها العنان , لكنها أدركت أن ذلك لن يفيد ,كانت الدراجة النارية ضخمة بحيث لا تؤثر بها السيارة , والطريق لا يسمح بالتجاوز , وسرعان ما حل الصمت عندما سكتت المحركات.
تلفتت حولها في محاولة يائسة للبحث عن سلاح , عبثت أصابعها المحمومة في حقيبة يدها , فأصطدمت بجسم دائري بارد ... أنه عطر بخاخ , القارورة صغيرة , لكنها أفضل من لا شيء , كم من الوقت سيمر قبل أن يحطما الأبواب؟
أقترب الشاب الأول من النافذة ومسح الزجاج وهو يبتسم , كانت أسنانه متآكلة ووجهه مصابا بحب الشباب ... وفي عينيه رغبات تتجاوز سنوات عمره.
" أرجوكما , أتركاني لحالي".
كلمات لا معنى لها في هذا الموقف , أطلقتها كأنها أبتهال.
عندها , ومن حيث لم تتوقع , سمعت صوت منبه سيارة طويلا وعاليا يأتي من الوراء , ألتفتت , قفز قلبها من شدة الأرتياح , في الوقت المناسب تماما , كانت سيارة الجاكوار التي تخص الرجل الغامض في المقهى الصغير ,والسائق يطلق المنبه لأن دراجة الشاب الأول تغلقالطريق أمامه , وفي اللحظة التي توجه فيها الشاب لأزاحة دراجته , فتحت فانيسا الباب بسرعة , لم يكن الشاب يريد أي تدخل , بل يريد أن يفسح الطريق للجاكوار , وكان أمام فانيسا ثوان معدودة , وبينما كانت تحاول الركض متجاهلة الشاب الثاني وذراعيه الممدودتين , ترجل سائق سيارة الجاكوار من سيارته وأغلق الباب خلفه , وحاولت فانيسا أن تهدىء قدميها المرتجفتين عندما شاهدته متقدما نحو سيارتها.
قالت له:
"أرجوك ساعدني... هذان الشابان...".
" أعرف , لقد شاهدتهما".
جاء صوته عميقا , ربما كان صوته عذبا في الأوقات العادية , لكنه الآن غاضب ومنفعل , هذا ما لفت أنتباه فانيسا للوهلة الأولى وهي تنظر اليه كوسيلة أنقاذ ,وسرعان ما أدركت شيئا أعاد الخوف الى نفسها , هو شخص واحد , وهما أثنان وقويان , ولا يبدو عليه أنه قوي , بالرغم من أنه طويل القامة وعريض المنكبين ويمشي واثق الخطى , لقد لاحظت هذه الأمور كلها عندما دخل المقهى وهي في منتصف وجبتها , وقبل أن يبدأ الشابان تحرشاتهما , بدا عليه أنه من النوع الذي يفضل تجنب المشاكل , لكنه لن يفعل ذلك الآن , أو هل يفعل؟ هل يتركها وحدها ويتابع رحلته؟
وأخيرا تكلم , أزاح الشاب الأول دراجته بعيدا عن الطريق واضعا أياها قرب سيارة فانيسا بحيث تستطيع الجاكوار أن تمر.
قال وهو يبتسم:
" هيا أيها الفتيان , أذهبا من هنا".
وقف الشاب الأول , وهو القائد على ما يبدو , في مكانه مباعدا بين ساقيه وواضعا يديه على خصره في وقفة تحد.
" أسمع , لقد أزحت دراجتي عن الطريق فلماذا لا تتابع رحلتك , نحن لا نتعرض لك؟".
" كلا , لكن هذه الشابة ترفض أعتراضكما لطريقها , وأنا شخصيا لا ألومها لذلك...".
لكنه لم يستطع أكمال جملته .
أستدارت فانيسا نصف ألتفاتة لأن الشاب الثاني كان حتى ذلك الحين صامتا , ولذلك شاهدته أولا فصرخت:
" أنتبه".
ولكن تحذيرها لم يكن ضروريا , كان الشاب يحمل زجاجة في يده , ولو أنها أصابت هدفها لفقد الرجل الغامض وعيه , لحسن الحظ , خابت الضربة , وراقبت فانيسا بأعجاب مشوب بالدهشة كيف أن الرجل أستطاع أن يقبض على معصم الشاب ويلويها بشدة مع أنحناءة خفيفة من جسده هو , كان مدهشا أن تراقب المعركة لأنها جرت كما لو في التصوير السينمائي البطىء , وتشاهد وجه الشاب وقد علته الدهشة أذ سقطت الزجاجة من يده المتشنجة ثم تبعها هو في السقوط ... هنا تدخل الشاب الأول وتقدم مهاجما , وقالت فانيسا لنفسها:
" هذه هي النهاية ".
وألتفتت لتبحث عن عصا أو أي شيء للمساعدة.
حدث كل شيء بأسرع مما تتصور وصل الشاب الأول مسرعا نحو الرجل الغامض رافعا قبضة يده للوصول الى وجه خصمه وواضعا قوته كلها في هجومه , وشاهدته فانيسا وهو يقفز من فوق الرجل الذي أنحنى قليلا الى الخلف ثم عاد ليجلس على صدر الشاب بسهولة وسرعة .
أدركت فانيسا أنه يتقن رياضة الجيدو , وعرفت الفرق بين مشاهدة اللعبة على شاشة التلفزيون وبين ما جرى الآن .... أنه الفرق بين الرياضة والواقع.
أنتهى كل شيء , نفض سائق الجاكوار الغبار عن سترته وهو ينظر بأشمئزاز الى الجسدين المرميين اللذين يحاولان الوقوف على أقدامهما , ثم خاطب فانيسا قائلا:
" أصعدي الى سيارتك وتابعي السير , سأتبعك أنا بسيارتي , هيا بنا بسرعة".
لم يكن هناك مجال للكلام , أطاعته من دون أن تتفوه بكلمة وأدارت محرك السيارة بيدها المرتعشة , ثم هدأت قليلا عندما أدركت أنه هو الذي يجب أن يرتجف أذ ما كان هناك سبب لذلك , وليس هي.
على بعد خمسة أميال , وبالقرب من مفترق طرق , أعطى سائق السيارة أشارة ضوئية طالبا منها التوقف , ففعلت وترجلت من سيارتها , الشيء الأول الذي يجب أن تفعله هو أن تشكره .
أقترب منها , ودون أن يفسح لها المجال سألها بلهجة آمرة:
" ما أسمك؟".
فماتت كلمات الشكر على لسانها فورا.
" فانيسا".
بدأت كلامها , لكنها لم تستطع أن تتذكر أسمها الثاني " آ .... سميث".
قال بنغمة ساخرة وهو يرفع أحد حاجبيه:
" يبدو أنك تجدين صعوبة في تذكر أسمك الثاني!".
لمعت عيناها بالغضب لبرهة وقالت:
" أنني مضطربة ... كانت تجربة مخيفة".
" صحيح".
وافق قائلا:
" حسنا يا آنسة سميث".
مشددا على كلمة سميث :
" أنا لا أنصحك بالسفر وحيدة في المستقبل ... على الأقل في مثل هذه الأماكن , أنت تعرفين المتاعب التي كنت ستواجهينها لو أن أحدا لم يصل في الوقت المناسب؟".
ووجدت أن عرفانها له بالجميل بدأ يزول بسبب طبعه الحد , لكنها تمسكت بالجملة الأخيرة التي نطق بها لتنطلق منها وتقول:
" نعم , وأنا شاكرة لك ما فعلته من أجلي".
" عرفت في المقهى ما ينويان فعله , وتبعتكم طول الطريق مع أنني لم أكن أقصد هذه الناحية أساسا".
" آه , لقد بدأ يترك تأثيرا غريبا عليها , كان من النادر أن تعجز عن أيجاد الكلمات المناسبة , ومن النادر أيضا أن تجد رجلا مغلقا الى هذا الحد , كأنه لم يكن يراها على الأطلاق , كان طويل القامة بحيث سبب لها الأزعاج , خاصة أنها طويلة أيضا , ولم تتعود أن تنظر الى الأعلى لتخاطب الآخرين , معه أضطرت لذلك , فقد كان أطول منها , عريض المنكبين , أسمر الوجه , وذا عينين لامعتين بشكل غير عادي حتى خيل اليها أنهما تسخران منها , لكن هذا غير معقول!
وأنهى كلامه قائلا:
"فأما أن تحضري معك رفيقة طريق أو أن تتعلمي بعض الكاراتيه".
" سأتسلم وظيفتي على بعد ثلاثين ميلا".
أجابت برد حاسم بدا لها جافا:
" ومن الصعب والحالة هذه أن أحضر معي مربيتي , أليس كذلك؟ أما بالنسبة للكاراتيه , فقد كنت أعتبر الأسكتلنديين محبين للضيوف.... لكنني يجب أن أعيد التفكير بهذا يا سيد".
عليه أن يتقبل رأيها بالأسكلتلنديين كما يشاء , بدأت أعصاب فانيسا تتوتر , وكلما أسرعت بمغادرة المكان , كان ذلك أفض لها.
" كال غرين يا آنسة سميث".
وشدد على نطق الأسم الذي يؤكد كونه أسكتلنديا.
" أليس من الأفضل لنا أن نواصل السير".
وأستدارت نحو سيارتها وهي تقول:
" فالشابان...".
" سوف يستمران في البحث عن مفاتيح المحرك لمدة غير قصيرة بين الأشجار".
أجاب مبتسما , ليس هناك ما يضحك , مجرد أبتسامة كشفت عن أسنان لامعة.
" وحتى لو وجداها , فسيندمان أذا ما حاولا اللحاق بنا".
ولم يكن متبجحا , كان يقول الحقيقة , لم تستطع فانيسا أن تمنع الكلمات:
" من الجميل أن تكون واثقا الى هذا الحد من نفسك".
أبتسمت أيضا وهي تدرك تأثير أبتسامتها على الرجال , أنها الأبتسامة التي تسحر , ولكنها لم تسحره هو.
" هذا صحيح".
ونظر اليها بكبرياء .
" أنك ذات مزاج عصبي يا آنسة , أليس كذلك؟ ربما كنت تفضلين أن أتركهما فيصيباني بالزجاجة؟".
" لم أقصد ذلك".
وبدأت تشعر بالأرتباك , من يعتقد نفسه هذا الوحش المتعجرف؟
" قصدت...".
لكنها لم تكن متأكدة مما تقصده الآن , وأنهت كلامها بنبرة حزن:
" يبدو أنك تعتقد بأنها غلطتي".
نظر اليها مجددا , تعبير غريب جدا مر للحظة على ذلك الوجه الأسمر الجذاب :
" ألم يعلمك أحد بأن تغضي طرفك الساحر عندما تكونين في بعض الأماكن؟".
" ماذا؟".
من الأكيد أنه لم يفكر ....
" كيف تجرؤ على هذا القول؟ وماذا تقصد من ورائه؟".
وجهها في العادة أبيض اللون وناعم بشكل يتناقض مع شعرها الأسود , أما الآن فقد أحمر خداها وألتمعت عيناها البنيتان الغامقتان بشرارات الغضب.
" دعك من هذه الأقوال".
كان يتكلم بهدوء , وكأنه يخاطب طفلا.
" لا تقولي لي أنك لم تعطهما نظرة تشجيع حتى ولو غير مقصودة ".
ورفع يده مسترضيا عندما قال العبارة الأخيرة:
" لكنك لا تستطيعين تجنب الأمر , أليس كذلك؟ فأنت مدركة لجمالك , أنت كاذبة أو مغفلة أذا أنكرت ذلك – وكان يجب أن تعرفي أنك ستسببين المتاعب بمجرد...".
" لن أقف هنا لحظة أخرى لأستمع الى أقوالك يا سيد غرين".
صرخت بأنفعال وأستدارت عائدة الى سيارتها.
" لست أدري من هو الأسوأ فعلا , وداعا".
خيم صمت ثقيل ,لم ينبس ببنت شفة ولم يحاول أيقافها , ترى ما الذي كانت تتوقعه ؟
نظرت في مرآة سيارتها تراقب الطريق خلفها وهي تنحدر مسرعة نحو هدفها , رأته يدخل السيارة بسهولة رغم ساقيه الطويلتين , لم يكن ينظر اليها , بل لم يكن مهتما أبدا , زمت شفتيها بغيظ , لقد كان شخصية بغيضة مع أنه أنقذها من وضع لا تحسد عليه , ألقت نظرة أخرى قبل أن تحجب الطريق سيارته عنها , شاهدت بصيص أحتراق سيكارة من خلف الزجاج , أنقبض قلبها ,هل ينتظر فعلا حتى يتأكد من عدم وجود أية مشاكل؟ هذا ممكن , لكن مع مواصلة السير , طغت أفكار أخرى ملحة على ذهن فانيسا , أفكار حول المكان الذي تقصده والأسباب التي دفعتها للقدوم.
حدث شيء غريب جدا قبل بضعة أميال من دينستون هاوس , توقفت للحظة حتى تراجع خريطتها وتتأكد من المنعطف الحاد الذي برز الى اليمين والذي يقود الى طريق يبدو وكأنه ينتهي الى جبل منعزل موحش , عليها أن تتأكد قبل أن تتابع سيرها , لئلا تجد نفسها في طريق لا يمكنها العودة منه الا بعد أميال عديدة ... خاصة أن الظلام أصبح حالكا , والغيوم الداكنة تطبق على الأرض منذرة بالمطر الغزير.
أنه طريقها بالفعل , لقد أشرت على الخريطة بعناية في مكتب المحامي بعد تلقي التعليمات منه , لا يمكن أن تكون مخطئة , فالمنعطف الحاد هو الدرب الذي يجب أن تسلكه , أعادت فانيسا الخريطة الى مكانها وتأكدت من خلو الطريق من السير ثم أنعطفت يمينا , لاحت بشكل غير واضح سيارة تنهب الأرض على الطريق نفسه الذي تركته فانيسا قبل لحظات ... وتساءلت فانيسا ما أذا كانت هذه السيارة هي سيارة الجاكوار , من الممكن ذلك , لكن الأمر مستبعد , ثم أنشغلت عن التفكير بذلك( الفارس الأرعن) وهي تتجاوز منعطفا حادا ضيقا برز أمامها فجأة ... وما هي الا دقيقة حتى كانت الجاكوار وراءها .
لم يكن أمام فانيسا مجال كي تفسح له الطريق لتجاوزها , فالدرب المتعرج الضيق كان يجعلها حذرة وبطيئة , هل هو مستمر في ملاحقتها؟ ربما يريد أن يقول لها شيئا ؟ عند المنعطف التالي , وكان هناك متسع للتجاوز , أعطته أشارة كي يعبر ,لكنه توقف , ولم يعد أمامها الا التوقف.


أمل بيضون غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس