عرض مشاركة واحدة
قديم 26-10-09, 07:50 PM   #30

أمل بيضون

نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة

 
الصورة الرمزية أمل بيضون

? العضوٌ??? » 77031
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 7,187
?  نُقآطِيْ » أمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond repute
افتراضي

3- وأنطلق الجحيم
ظلت تراقب القارب وهو يناضل فوق سطح البحيرة التي تزداد أضطرابا حوالي ربع ساعة , وبدأت أسنان جولي تصطك , وأدركت أن الأمر ليس مجرد رياح شديدة قصيرة , بل أنها قد تستمر عدة ساعات , ولا بد لها من الألتجاء الى القبو تحت أطلال البيت.
وتذكرت لفافة الطوارىء التي نسيتها في درج سترة النجاة بالقارب وتحوي معدات الأسعافات الأولية أذا واجه المرء متاعب في مكان لا أحد فيه يساعده , وكان عليها أن تسبح مرة أخرى الى القارب , حيث واجهت صعوبة هذه المرة في ركوبه بدون أن ينقلب في الماء , وعندما عادت الى الشاطىء ... كانت الرياح باردة كالثلج , فهرعت الى أطلال البيت القديم.
وأول ما فعلته لدى وصولها الى القبو أن فكت اللفافة وأخرجت منها شمعة وعلبة ثقاب , وبعد أن أصبح ملاذها تحت الأرض مضاءا بالوهج الغريب , خلعت ثوب أستحمامها , ثم قامت ببعض التمرينات الرياضية لأعادة دورتها الدموية الى طبيعتها.
وتمنت جولي لو أنها قد أدخرت بعض الطعام ... وجلست على الأرض مستندة الى جدار القبو وهي تسائل نفسها ... ترى الى متى ستظل محصورة هنا؟ الساعة الخامسة الآن , وحتى أذا بدأت العاصفة بالهدوء بسرعة , فلن يكون هناك أمل في العودة الى سوليتير قبل حلول الظلام , بينما تكون العمة لو وهرقل في فزع شديد.
وبعد أن قضت ساعة في القبو بمفردها , أحست بأنها قد لا تجد الشجاعة على الزحف للخروج من هذا الجحر في الظلام الى البحيرة بعد أن تهدأ العاصفة , وسمعت صوت شيء يسقط كالرعد في الخارج فأستبد بها الرعب وكادت تصرخ لولا أن وضعت يدها على فمها , ثم أدركت أن هذا الصوت لا بد أن يكون من شجرة أقتلعها الأعصار.
وفجأة فتح الباب بقوة , وفي الثواني التي سبقت هبة الريح التي أطفأت الشمعة , لمحت الشبح الطويا الأسود اللامع الذي يواجهها .... ثم ساد الظلام فصرخت وأحست بركبتيها تتهاويان.
وعندما أستعادت وعيها , كانت الشمعة مضاءة , وهي راقدة على الأرض بينما أنحنى سيمون تيرتان فوقها.
وقال برفق:
" كل شيء على ما يرام , أنت الآن في أمان تام , لا تفزعي , خذي رشفة من هذه...".
وقبل أن تتمكن من أستعادة صوتها ,وضع ذراعه تحت كتفيها ورفعها قليلا وهو يمسك القنينة أمام شفتيها.
وأبتلعت جولي جرعة من الشراب , وبدأت تسعل... فأجلسها سيمون ثم ربت على ظهرها حتى توقف السعال وفتحت فمها لتنفس , كانت تهتز في أرتباك وهي تنظر اليه بينما كان يخلع سترته الصوفية وبنطلونه الطويل ويبقى بقميص وبنطلون قصير , ودفع اليها بما خلعه لكي ترتديه , وأرتدت جولي في بطء وأرتباك السترة الصوفية الدافئة , وكان بنطلونه طويلا جدا على ساقها فأعطاها حبلا ربطته به حول وسطها ثم ركع ليرفع أطراف ساقي البنطلون قليلا.
وقالت له وهي تنظر اليه:
ماذا تفعل هنا؟ كان يجب أن تكون في بربادوس ؟ أين أبي وجيزيلا؟".
فأنتصب واقفا وقال:
" في نيويورك , كما أعتقد , غادرا باربادوس في ساعة متأخرة من ليلة أمس , وعندما عدت الى سوليتير وجدت العمة لو وهرقل في حالة يرثى لها , هل حدث شيؤ لقاربك؟ لماذا لم تعودي عندما بدأ الجو يكفهر؟".
" كنت سأفعل ذلك لو رأيته, ولكنني كنت مستغرقة في النوم...".
" آسف أذا كنت قد أثرت رعبك , أتحبين جرعة أخرى من الشراب؟".
" كلا , شكرا , أنا الآن على ما يرام , ولكن لماذا عدت الى سوليتير؟".
" أضعت ساعتي وهي ساعةممتازة , فظننت أنني ربما تركتها في الجزيرة".
" كان ذلك من حظي , ولكن كيف أستطعت المرور خلال الصخور بزورقك من تلك الفتحة الضئيلة؟".
" هناك فتحة أكثر أتساعا في الجانب الشمالي , كانت مغامرة , ولكنها نجحت".
" أجل , كانت مخاطرة أذ كان من الممكن أن تتمزق أربا...".
" لم أستطع العودة الى سوليتير بمفردي , فقد وعدتهم بأعادتك".
" وهل ستعود الى المغامرة مرة أخرى , أم ننتظر حتى تهدأ هذه الرياح؟".
وكان الأثنان مضطرين الى التحدث بصوت مرتفع بسبب ضجيج العاصفة , بينما كان الجو يزداد سوءا كل دقيقة , وبعد ثانية واحدة من سؤالها , سقطت شجرة ضخمة أخرى , فصاح في وجهها:
" هل أنت مجنونة؟ هناك أعصار مقبل قد يجتاحنا في أية لحظة , أبتعدي عن الباب , لأنه قد يندفع الى الداخل".
" أعصار!".
وشحب وجه جولي وهي تفكر في العمة لو وهرقل والأطفال الذين ليس لديهم فجوة للألتجاء اليها مثل هذا القبو , وصاحت تقول:
" ماذا سيفعلون؟ وأين يختبئون؟".
" لقد ذكرت لهرقل ماذا يجب أن يفعل, تعالي وأجلسي , هل أنت جائعة؟".
أحست جولي بالجوع قبل ذلك , ولكنها ليست جائعة الآن , أذ كان القلق يشغل بالها على الآخرين , وجلس سيمون بجوارها ووضع في يدها شطيرة من الجبن , فأخذت تأكلها بدون أن تشعر بأي مذاق بينما كانت تبتهل الى اللهه حتى لا يهب الأعصار على سوليتير , أن العاصفة التي تزمجر الآن فوق جزيرة أوراغان لا تقارن بما في قلب الأعصار من ضراوة مدن بأكملها يمكن أن تخرب , وسيارات تتطاير في الجو كعلب الثقاب , وقوارب تتحطم الى قطع صغيرة, ومنازل تدمر وتتحول الى أنقاض , ومع العواصف الشيطانية يأتي موجات المد الرهيبة التي تجتاح كل شيء في طريقها.
وبدأت ترتعش من البرد وتوترت أعصابها , أحس سيمون بالرعشة التشنجية التي تسري في جسدها , فأجبرها على أرتشاف المزيد من الشراب , وعندما أستمرت الرعشة , جذبها بين ذراعيه وقال:
" لا تجزعي , أنني أحاول تدفئتك فقط".
وألتصقت به مثلما كانت ستفعل مع أبيها , أو مع هرقل لو كان أحدهما هنا , وعندما سرى الدفء في أوصالها وهي بين ذراعيه وحرارة جسمه القوي , هدأت نفسها وأخذت حيويتها تعود تدريجيا.
وفجأة أجتا الأعصار الجزيرة!
وأنطلق الجحيم ودارت المعركة الفاصلة بين قوى الشر والخير , وعندما أنتهى كل شيء ... لم يبق غير السكون والخواء , والدمار الكامل , قال سيمون:
" سنرى الآن مدى التلف الذي حدث , أشك في أن تكون القوارب قد نجت من هذا الأعصار".
وبينما كان يتجه صوب الباب نادته بسرعة:
" أنتظرني , ساقي لا تزال نائمة".
وعاد ليساعدها على الوقوف , وظل يسندها حتى عاد الأحساس الى قدمها.
ثم قال:
" يدهشني أن الباب ظل مكانه , ويعلم الله أي دمار سنراه في الخارج".
ولم يكونا بحاجة الى النظر بعيدا , فقد بدا الخراب على الجانب الآخر من الباب , حيث كانت شبكة من الأغصان المتكسرة تسد درجات القبو.
وبعد أن أضاء المصباح الصغير عدة دقائق , دفع سيمون الباب بقوة فأغلقته وقال:
" أخشى أننا سنضطر للبقاء هنا حتى ضوء النهار".
" لماذا".
" أعتقد أن هناك شجرتين على الأقل تكومتا في الخارج , ولا يمكننا المغامرة الى أن نرى ماذا نفعل , وأظن أن أغصان الشجرتين مستندة الى شيء ما , وأذا سقطت فسوف نحبس تحتها".
" ولكن يجب أن نعود الى سوليتير فقد يحتاج الآخرون الينا".
وأندفعت نحو الباب فأمسك كتفيها بخشونة وقال بحدة:
" يجب أن ننتظر حتى ضوء النهار , فبدون قوارب سنضطر للسباحة , ولكن ليس في الظلام".
" ربما كانت القوارب في حالة جيدة , أنني خارجة الآن ولن يمكنك أبقائي".
فدفعها نحو الجدار وأمسك بها قائلا:
" بل يمكنني , لا تكوني حمقاء أيتها الفتاة , لقد صمدت حتى الآن بصورة رائعة , فلا تنهاري الآن".
" دعني أذهب".
" أذا لم تكفي عن ذلك فسوف تجبرينني على أن أؤذيك ... يا جولي".
وفجأة مزق السكون صوت سقوط هائل بطيء في الخارج , فضمها سيمون بقوة نحوه , وأبعدها عن الباب قبل أن يخترقه غصن شجرة ضخم كان من الممكن أن ينفذ من جسميهما معا .
وتهاوت في ضعف شديد , وقال بعد لحظة:
" هل رأيت ماذا كنت أعني؟".
" أجل , آسفة".


أمل بيضون غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس