عرض مشاركة واحدة
قديم 24-01-10, 07:45 PM   #10

أمل بيضون

نجم روايتي وعضوة في فريق الروايات الرومانسية المكتوبة وفراشة عبير المكتوبة

 
الصورة الرمزية أمل بيضون

? العضوٌ??? » 77031
?  التسِجيلٌ » Feb 2009
? مشَارَ?اتْي » 7,187
?  نُقآطِيْ » أمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond reputeأمل بيضون has a reputation beyond repute
افتراضي


2- آخر الليل لقاء

لن تنسى كولبي أبدا يوم عودتها الى الجذور , على جانبي مدرج الهبوط أصطف حوالي أربعين شخصا من السكان الوطنيين من خدم وعمال المزرعة الكبيرة , الكبار منهم في السن أرتدوا ثيابهم التقليدية الزاهية , وزينوا رؤوسهم بالألوان الصارخة والريش , أما أجسامهم فتألقت بخطوط من الأبيض والأحمر والأصفر.
وما أن وطأت كولبي المدرج حتى أرتفعت الأصوات مرحبة , وتمايلت الأجسام على أيقاع أقدامهم تضرب الأرض وهم يغنون بلهجتهم الوطنية , لكن كولبي كانت تفهم جيدا ما يقولون:
" أحبك , هل أنسى من أحب ؟ لا , عودي الى الينابيع السعيدة".
وأغرورقت عيناها بالدموع , أحست بكل عواطفها تتفجر في تلك اللحظات , معظم هؤلاء الناس أختارتهم ودربتهم العمة راشيل , فبرهنواعن وفاء وأخلاص للبيت الذي ضمهم , الكبار منهم أمضوا سنوات عدة من عمرهم في خدمة عائلة كينغ للأهتمام خاصة بالأطفال البيض الذين وضعوا تحت رعايتهم.
بن العجوز وقف في مقدمة المستقبلين , هو أحد كبار قبيلة الكنغارا , تلقى ثقافة الرجل الأبيض فأستوعبها جيدا وبدون جهد , لكنه لم يفقد شيئا من حضارته الخالدة , وبدا وجه العجوز مشرقا بلون نحاسي تحت ظلال من الشعر الأبيض.
وتوجهت كولبي اليه مباشرة , مادة يدها بمحبة:
" أنت لا تتغير يا بن , تماما كالأرض المحيطة بك".
أشرق وجه العجوز فخرا وأعتزازا , وأنحنى يحييها بأحترام , وعيناه ترقصان فرحا.
" أه لا يا آنستي , أهلا".
نادرا ما كان يتكلم , لكن كولبي أحست أنه يحتضنها بالنظرة التي يغمرها بها , ترنحت قليلا وهي لم تزل واقفة في مكانها , لقد سافرت أكثر من ألفي ميل في الأربع وعشرين ساعة الماضية .
وضع بن يده على كتفها بحنان قائلا:
" أعتقد أنك متعبة يا آنستي".
ضحكت كولبي بهدوء , فرنت ضحكتها وكأنها صرخة أرهاق.
" أنا تعبة جدا يا بن , لكم هي رائعة العودة الى الوطن , أنها المرة الأولى بعد ثماني سنوات , لكنها لا تزال كما الأمس , مزيج من عطر الورود والأشجار".
أبتسم مؤيدا , وأجتمعت بشرته الداكنة في شبكة رقيقة من التجاعيد الرمادية :
" ها هو سيدي".
قالها ببطء فأستدارت كولبي لتلاحظ للمرة الأولى سائق السيارة النحاسية اللون التي تحمل حرف الكاف محفورا بالذهب , كان شابا رقيق الجسم , تبرز تقاطيع وجهه الجذاب بحدة تحت تاج كثيف من الشعر الأسود ,نزع قبعته العريضة وأنحنى لها بأحترام مبالغ, فيه شيء من الآداء المسرحي , ضكت كولبي ومدت يدها مرحبة:
" لا بد أنك ستيفن".
أبتسم لها وأمسك بيدها الممدودة:
" لا أحد غيري يا آنستي , المرشح الثاني لوراية الأمبراطورية في حال حدوث شيء ما للأخ الكبير دارت".
" لنأمل ألا يصيبه شيء ألا بعد عمر طويل".
أجابت كولبي بسرعة وفي صوتها شيء من الأستغراب.
" أنا متعلقة جدا بأبن العم دارت".
فرد ستيفن بعفوية:
" ومثلك معظم الفتيات يا آنسة كولبي , دارت من أكثر العازبين شعبية لدى النساء , وأنا بعده طبعا".
" كم أحسدك يا ستيفن".
أجابته بسخرية , وأستدارت لتراقب بن الذي كان ينقل حقائبها الى السيارة والى جانبه بوب غافين يحاول جاهدا أن يفتح حوارا مع العجوز.
ففي المنطقة أشتهر بأنه أفضل صياد في البلاد , وأروع من يروي النكات هذا أذا تمكن المرء من أن يجعله يتكلم , وعادت كولبي بنظرها الى ستيفن فأسرع يقول:
" هل تشرفنا الآنسة كولبي بتفقد الصفوف؟".
ولم تخل نظرته من عبث ساخر وهو يفحص وجهها الصغير .
" يسرني ذلك يا ستيفن".
ومشت في أتجاه صفوف السكان الأصليين المنتظرين , الوجوه كلها أتجهت صوبها بأحترام ممزوج بأعتداد واضح بالنفس , وبفخر أكيد بعرقهم , دارت كولبي بين الصفوف مبتسمة للجميع, محيية بالأسم الوجوه الأليفة التي عرفتها عندما كانت طفلة.
" كنت رقيقة جدا ومتواضعة في معاملتك لهم , نحن لم نشهد مثل هذا الأستقبال عندما جئنا الى هنا".
هكذا علق ستيفن فور عودتها اليه , فأجابته كولبي بصراحة:
" آسفة لذلك يا ستيفن , وأود هنا أن ألفت أنتباهك الى أنني لم أكن أتظاهر بالتواضع , أنا أحب هؤلاء الناس , كبرت بينهم ومعهم , لو أستطعت أن تكسب ثقتهم فأنهم يصبحون أوفياء لك , كانت عمتي راشيل تقول أن راحتهم يجب أن تكون من أهم أهتماماتنا , كانت سيدة عظيمة".
" لا شك في ذلك يا آنسة كولبي , ما زلنا نسمع الكثير عنها من كل زائر يمر بالمزرعة".
كان يتكلم بمودة قريبة من الطابع الرسمي , وفجأة ضرب رأسه بكفيه وكأنه تذكر أمرا مهما:
" أمي وسوزان تنتظراننا , دارت ذهب لزيارة عائلة تنتت المجاورة لنا على الحدود الشمالية الشرقية".
رفعت كولبي حاجبيها متسائلة:
" التيناتت , لا تقل أنهم أشتروا مزرعة موغارا من الكولونيل العجوز؟".
" العجوز توفي منذ أربع سنوات بالسكتة القلبية , لا بد أنه كان متقدما جدا بالسن ,وعائلة تينانت أستقرت مكانه الآن , أنهم بالفعل أناس متحضرون ومن النوع الذي يصلح أن يجاوره المرء".
" حقا؟".
تمتمت كولبي بشرود , الكولونيل العجوز كان مؤسسة قائمة بذاتها في هذه البقعة النائية , رائد المدرسة القديمة , أنها تذكر كم كان معتدا بنفسه وبأرادته الحديدية , لهذا ساءها أن تسمع أحدا يتحدث عنه بهذا الأسنخفاف , ولاحظ ستيفن أنزعاجها فقال:
"آسف , أخطأت أليس كذلك؟ أعرف أن دارت كان يقدر العجوز كثيرا , لكنه كان يبدو جافا وقاسيا".
" ربما لكنه كان يملك روح النكتة والمرح أيضا".
وأشرقت أبتسامتها الرائعة فتجاوب معها بسرعة.
" في أي حال يا آنسة كولبي , نحن سعداء جدا لوجودك هنا معنا , يشعر المرء بالوحدة هنا بدون فتيات جميلات يتحدث اليهن".
وتسللت الى عينيه الزرقاوين نظرة حائرة , فأبتسمت كولبي لتساؤله الصامت:
" أعرف ماذا تقصد , أعتقد أن لأستعداداتك الطبيعية علاقة بالأمر يا ستيفن!".
فقهقه الشاب عاليا:
" الآن أنا لا أعرف ماذا تقصدين , مع هذا هناك متسع من الوقت , تعالي يا كولبي يجب أن نودع بوب , لا بد أنه يرغب في الأقلاع قبل حلول الظلام".
وقبل أن ينهي عبارته أقترب منهما الطيار الشاب:
" هل كل شيء على ما يرام يا آنسة كينغ؟".
سألها بجدية يناقضها المرح في عينيه:
"نعم , شكرا سا سيد غافين ... أقصد بوب , لم أكن أتوقع رحلة بهذا الهدوء".
" شكرا وأهلا وسهلا بك دائما , علي أن أرحل الآن , ستيفن , هل لك أن تبعد الآنسة كينغ عن المدرج , لا أعتقد أنها تحب طعم الغبار".
وأصر بوب على مرافقتهما الى السيارة , لكنه خص كولبي بجملته الوداعية:
" سأراك قريبا".
وفرحت كولبي بالوعد , ففي هذه الأرض النائية القليلة السكان , يتخذ الأتصال بأنسان آخر أهمية لا تعرفها المدن.


أمل بيضون غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس