وفي ظلال أشجار البهار التي أمتدت على طول الشارع وقفت سيارات عديدة أستطاعت كيم أن تميز منها سيارة الأخوين ستان اللذين عملا في زراعة الأخشاب مثل روك , وأن على مستوى أقل , ونتيجة تحفظهما , نادرا ما زارا النادي , أو شاركا في النشاطات الترفيهية المعدة لمزارعي هذا الجزء من أقليم ترانسفال وأستغربت كيم تقاعسهما عن المساركة في الحياة الأجتماعية وهما لا يزالان شابين دون الثلاثين من العمر , وفيما وقفت كيم وسوزان , وصل أحد الشقيقين الى السيارة , وفتح بابها ,وقبل أن يصعد الى مقعده , نظر عبر الشارع ورأى الفتاتين , فرفع يدة لتحيتهما , فقالت سوزان وقد تجهمت قليلا:
" لا يختلف تصميم هذين الأخوين في البقاء عازبين عن تصميم روك السابق , ولست أدري أيهما , جاك أو كليف , أصعب مسايرة ومعاشرة ".
" هذا كليف, أليس كذلك؟".
" صحيح , ولعله أشد وسامة من شقيقه".
وأفترقت سوزان وكيم فأتجهت سوزان الى سيارتها , في حين قصدت كيم المتجر لأن بارت كان قد طلب اليها أن تشتري بعض الدفاتر وأدوات الكتابة الأخرى من محلات القرطاسية , ولشد ما دهشت كيم أذ ألتقت رافيلا وهي خارجة من أحد الحوانيت , فحيتها:
" مرحبا , هل رأيت سوزان؟".
" أعرف أنها في المدينة , لكنني حضرت مع جاك وكليف ستاين".
لم تستطع كيم أخفاء أستغرابها , وقالت:
" لقد فعلتها؟ أنك محظوظة جدا".
ردت رافيلا ببرودة:
" لا أظن ذلك ذلك , لأنني ذهبت الى منزلهما وسألتهما أذا كانا ينويان زيارة المدينة , فردا بالأيجاب , وعبرا عن سعادتهما بأصطحابي".
" كان بأمكانك أن تحضري مع سوزان".
أكفهر وجه الفتاة بينما تفحصت وجه كيم بدقة:
" لم أكن أنوي المجيء , غير أنني شعرت بالملل بعد خروج سوزان , هل صحيح ما سمعته عن خطوبتك من روك لنتون؟".
خفضت كيم رأسها فيما أجابت بأقتضاب:
" أجل".
وهنا تذكرت كيم أن رافيلا وجدت روك مثيرا ومغريا , وكان عليها أن تعرف أنه كذلك".
" أقر بأنني دفعت الى الظن بأنه لم يتسع وقته للنساء , مع أنني كنت أوقن أن العكس صحيح , فهذا النوع لا بد أن يقع في نهاية المطاف".
عبست كيم في وجهها , وذكرتها بعدم لباقتها بهدوء وهي تقول بأختصار:
" آسفة , ولكن , أعذريني لأن علي شراء بعض الحاجيات لرب عملي".
هزت رافيلا كتفيها الأنيقتين :
" أظنك ستحضرين الحفلة الراقصة ليلة السبت؟".
" أغلب الظن".
" الى اللقاء أذن".
وأستدارت رافيلا مبتعدة وهي تلوح بشعرها الرائع دون أنتظار جواب .
كان بارت منشغلا عندما عادت كيم وأعتطته أدوات القرطاسية , ولم تلاحظ تغيّرا في مظهره المتعب وسكونه وهو يتكىء على الوسائد , لكنه كان يكتب وفد بدا عليه الأهتمام بعمله.
وأخيرا رفع نظره , فتطلع الى الحزمة التي ألقتها كيم على الطاولة , وأبتسم ببطء للفتاة التي عضت شفتها السفلى ثم قال:
" أشكرك".
ثم سألته والقلق يكتنفها:
" أتظن أن عليك أنجاز هذا الكتاب؟ هل من الضروري فعلا أن تنفذ ألتزامك؟".
أجابها وقد تنهد في نهاية حديثه:
" لم أعط وعدا بأنجازه , أذا كان هذا ما تقصدينه ,ولكن هذا لا يؤثر عليّ لأن الأنتهاء من وضع الكتاب يملأني بالرضى , وهو في أي حال كتابي الأخير".
" وماذا ستفعل بعد ذلك يا بارت؟".
" سأعود الى منزلي في أنكلترا وأعيش حيارة رجل ريفي شريف في مزرعته". |