عرض مشاركة واحدة
قديم 12-03-10, 07:18 PM   #31

Jάωђάrά49

نجم روايتي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية Jάωђάrά49

? العضوٌ??? » 106278
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 1,312
?  مُ?إني » الدار البيضاء
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Jάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك dubi
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي


شاء الله

الجزء الرابع عشر


مر الاسبوع بسرعة
لكن رغم ذلك كان اسبوعا تصافت فيه النفوس
وتعالت فيها نغمات بعض الارواح سعادة
فرحا وحبا

سعيد
تسافر به الاحلام مع وردته الندية
تضم عليها نقيطات ماء مصفات مكثفة تتدحرج وتذيب بذلك روحه
تضم اليها الاشعاع الرقيق الليلي وتتندى به حتى الخضل
ابتسامتها ورنت ضحكاتها مابين السماء والارض
في جو حياته
ملامحها الصافية وهي منشرحة له لالغيره
يدري فقط انها تعيد دفعات الهواء النقي في رأتيه
وتجدد بذلك الدم في عروقه
ويختزل العشق في قلبه الى ضربات ملتهبة متحرقة الى حب متبادل نبضات بعيدة عن اذنيها
يتمنى ان يجد يوما ما رأسها الجميل على صدره
ليسمعها نبضاته
ويسمح لها بالتطفل على خزائنه
التي لايصلها الا من هم اغلى مثلها
خروجهما الى فاس وزيارة معالمها التاريخية اثر بهما كثيرا
وخلق من ذلك التاثير انشراح غريب وتراجعت مشاعر النفور لتحل معها سعادة من الحنين عادت

جعل عبير
تشعر انه رجل نبيل بكل المعايير
رجل من ملكته ذات حظ لايعوض لكن لاتدري لما بدأت تتأقلم مع فكرة انها زوجته
ولاتتخيل غيرها في ذلك المحل
لربما لانها تدري انها عبير وهو سعيد
وتبقى ذكريات قوية بينهما تراها بمنظار طفلة لاخ أكبر
ولاتريد ان تفكر بعد الان بسلبية مادام كتب لها في قسمتها
وسعيد شعر بالزهو لانه استطاع ان يخرق احد الاسوار التي كانت تحجب عنه شخصيتها الرقيقة المفعمة بالحياة
المنعشة لصدره زفرات
كانت السعادة التي تنير حياته كشمس دافئة بعيدة عن ملمس يده تفرحه لهذا الوضع الذي بدأ يتعود عليه
ويحاول ان يبعد عنه افكارا
تكاد ترمي جسده بنيارن محرقة
او لربما يشعر بجميرات لهب تتدحرج في شريانيه
من انصهارات بركان ثائر يلجم جماحه بقسوة
وهو ليس مستعدا ليفقدها
وهي بدأت تحس انه سعيد الذي احبته دائما بطريقتها قد عاد
ليملأ حياتها سرورا ومرحا
وتحمد الله على ذلك



عثمان

أشعر تلك الزهرة بان ثريا فعلا زوجته
يبتسم لها
فيغور قلبها لرأيته هكذا
تسرح في ابتسامته وتكاد تبكي لانها
غير مصدقة انه يرفع من مستواها امام الاخرى
يظهر انه اكثر اتفاق معها امامهم
رغم ان الواقع مختلف
يجعلها تتشارك معهم مختلف المواضيع
وما يأرق احلامها
ويفقدها النوم بين ذراعيه هو
هل همساته لها في تلك اللحظات المجنونة
حقيقية ؟ام هي الرغبة فقط
تتمنى ان تصل قلبه
تريد ان تخرج من هته المتاهة الضيقة الخانقة وتصل الى مرسى قلبه عله يقبلها في قفصه حتى ولو سجنت كعصفورة صغيرة فسترضى بحبه لها كما هو بدون كمال
فهو لايظهر لها في وحدتهما سوى الهدوء الغريب عنه في حالته
ومعاملتها كزوجة طبيعية
يشعرها بالاطمئنان من تغير طريقته معها وهي ترضى به و بفرح
كان يفسحها ايضا بحيث يخرجان مع عبير وسعيد
لزيارة المتاحف والمساجد
وايضا المولى ادريس
وكم اشتروا من تلك الحلويات اللتي تفوح منها رائحة الزهر العطرة الشهيرة
وهي في جميع الالوان والاذواق من صنعهم الخاص
وايضا زيارة بقعة خارج فاس قليلا تقع شامخة بين مدينتين فاس ومكناس
وهي وليلي ماتبقى من حضارة عظيمة
حضارة بصمت وجودها في التاريخ ما قبل المرحلة الرومانية
وقد بقيت في وقوفها هذا طوال قرون طويلة مضت
اقواس عالية تدمع عيناك من اشعة الشمس اذا ما رفعتهما الى علوها
واعمدة نقشت عليها حروف رومانية ترسخت في اماكنها بعناد
ساحرة هي ينابيع السعادة التي انسكبت على الصدور المعششة فيها صرخات الحب الملهتة
كان اسبوعا لاينسى
عاشوا فيه ساعات سعادة لاتعوض
لكن هل سينتهي الحب بطرق جميع الابواب دفعة واحدة فتفتح ويجد كل منهم ظالته وتوئم روحه؟
ام ستخدش الجفون الى الخدود دماء فتزعجها دموع مالحة تتير الالم اكثر فاكثر؟
من يدري فما دام هناك مكان للحب فهناك سعادة ومعاناة





بعد اسبوع


في مدريد يوم الاتنين الساعة الثانية زوالا

احدى اللحظات الصعبة التي تفوق الاحتمال الحزن الذي تشبت باطراف الملامح وجعدها وهممها
قوة خفية مألمة
وحش ينشر ظلمة حالكة بسم الألم متجردا من الرحمة
يسحق الشرايين حتى الانين الذي يريد ان يفيض باصحابه الى النهاية
مريم في العزاء ما استطاعت ان تمنع دموعها
حاقدة هي على ابنها
تشعر انها بدون قيمة فطلبها كان رخيصا عنده
ارادت ابنتها وهاهي الان تراها ميتة
جثة خامدة ...جسدا خاليا من اي تعبير ....لاحياة فيه ولانفس
شبهتها تنعم براحة النوم
والله اعلم بموتانا اجمعين
احساس رهيب بان قلبك ياخد منك
تقطع منه قطعة
ويرد الى مكانه لتعيش انت وربع نبضك ممزوج برياح الم هوجاه
مدى الحياة تتصاعد الى قلبك مرارة الذكريات
تريد الانسحاب من مشاعر الاشتياق للاحبة
فلاتجد نفسك سوى وفيا لصور لهم من الذاكرة
متشبتتة هي بحضن ابنتها الباقية
رائحة الغالية
صدر قسم دفئه بين ابنتين النصف للميتة والنصف للحية
التي
وضعت راسها على رأس امها المغطى بشبكة سوداء عادة لدى الاسبان ارتداءها لتنتهي هي الثانية بتبليلها بالدموع
اللون الاسود طغى على الكل واستقبلت التعازي
من الاصدقاء و اساتذتها في الجامعة و اصدقاء عصام في ميدان عمله في القانون
عصام....
يداري احزانه متوشحا على معطفه الاسود غلاف التبات
القوة في التحامل على جرعات المر التي يلعقها بالغصب فلا يوجد بيده وسيلة يخفف به انفجارات القلوب حوله
ملامح متعبة جامدة من الاسى
جسد رياضي قوي تهوى ركائزه من الداخل
ليمسى جسدا فارغا من الامل بعد فقدانها
هي من احدى النجمات التي وضعها على سقف غرفته
يتأمل ويتخيل كيف سيقوم ببناء مستقبل لها اكبر من حياتها ومن سعادته
لاعبها وفضل تقاسم السهر على مرضها مع امها
داعب خدودها وحكى لها وسمع ضحكاتها على طريقته السيئة في الحكي

يريد ان يبكي ومن يواسيه؟؟؟

بعد ان انصرف الجميع
مريم شبه غائبة عن هذا العالم تسترجع لمحات من الماضي تريد ان تحيها بلملمت اجزاء منه
جرعة دمع مع ابتسامة مع فرح
تعطيها روحا خيالية لترتاح
لكن ابدا ما كانت لتحضى اكثر مما تلمح

نسرين ما تحركت من مكانها رغم تعب كتفها الا انها فضلت الا تستخسر في امها كتفها فهي تعاني الف مرة اكثر منها
ومهما تخيلت الم الام تدري انها لن تستطيع ان تشعره كما تشعره في هذا الوقت مريم
فالأم هي الوحيدة المقهورة من فقدان فلدة كبدها وبقوة كبيرة
عاشت في بطنها وتربعت فيه بكل الدقائق الحلوة والثواني المرة
بركلات افرحتها الى ابعد حد اينما ذهبت كانت حملها الوحيد
عاشت معها تسعة اشهر قبل ان تعيشها مع احدهم

هي
امها....
ومهما وصفنا في حرقتها فستبقى عميقة في القلب
كمن حفر سيجارته بقسوة في زربية ثمينة فمهما حاولت لن تعوض مكانها


بعد ان فرغت الشقة
توجه عصام الى غرفته واقفل الباب وراءه
ليس مصنوعا من حجر ولابد من ان تذرف دموعه مهما حبسها
اقترب من منضدته
يصر اسنانه على شفته السفلى والقهر يظهر من عيونه الحمراء حزنا
امسك قارورة العطر واراد ان يرمي بها على وجهه في المرآة لكنه عاد متنهدا بقوة وضعف ليرجعها الى مكانها
يكره نفسه في هته اللحظة بقوة
يشعربتانيب ضمير قاتل
هو من اراد ان يفخر بتربيتها
اراد ان يجعلها فتاة متخلقة في بلد متوحش بعادته على حياتهم الصغيرة
هل فعل الصواب ؟
انه السبب في موتها
لكن كيف كان ليتصرف غيره في مثل ذلك الموقف؟
كان ليتفاهم بالعقل
من يملك دما حار وقد ورثه عن اجداده المسلمين كيف كان ليتصرف غير ان يقوم بدبحها
بينما هو لم يفعل اراد ان يربيها ولم يعلم انه لم يفلح
حتى بات الخوف حليفا له في نظرته للباقيات
امه واخته

قال بحسرة:
-استغفرك يا ربي اللهم اعني على حالي فانت المعين

حمل حقيبته التي كان قد اعدها وخرج جارا اياها وراءه اوقفها واستدار ليقوم بتوديع اسرته المتبقية في الصالة الصغيرة
اراد الدنو من امه لكنها حاولت ما امكنها بوجهها المحمر ان تصب كل ما لها من كره في نظرتها اليه
ونفضت يده التي ارادت ان تحط على رأسها
فنهضت لتتركه واقفا فتزيده كربا بتصرفها الجارح معه

قالت نسرين تقف من مكانها لتقترب من اخيها
- ارجوك اخي لا تغضب منها من اجل ...اختي المتوفات
ضمت نفسها اليه تتدحرج دموعها هي الاخرى بصمت وراسها يصل الى تحت ذقنه وضمها بشدة ليتنهي بالقول
- ارجوك يا نسرين انها امانة في رقبتك لن اكون هنا في هذه المدة الصعبة بالنسبة لها... لذا لا تتركيها لا انت ولا ميغيل اعتمادي وكل اعتمادي عليكما
قالت تقبله على خده وترفع نفسها اليه
- لا تخف اخي ثق بي سأعتني بها عد لنا فقط انت سالما

قال مبتعدا :
- ان شاء الله

خرج من الشقة يشق له طريقا الى المصعد وبعدها يضغط الزر لينزل به

في الاسفل كان ميغيل مع بعض الاصدقاء المسلمين الذين ساعدو في انزال الجثة التي سيقوم عصام باخدها في صندوق عادي من الخشب في سيارته الكبيرة ويحمد الله لانها واسعة كفاية
كانت تريد مريم هي و نسرين ان تذهبا معه من قبل بساعات لكنه رفض متحججا بقسوة الطريق عليهما وطولها والامر ليس هينا فحمل جثة كمن يحمل جبلا على قلبه ويتمنى من الله ان يتحمل هذا القلب الى النهاية فالباقي كثير


بعد ان سلم على اصدقاءه الذين وقفوا معه في محنته
ركب سيارته وانطلق مع الاوراق اللازمة التي تصرح له المرور من الحدود بها دون عراقيل

وهو يعلم انه قد اتخذ ذلك القرار في المستشفى قبل يوم بالتحديد ولايدري ان كان في محله او لا
قرار مصيري





في المغرب
بالقرية المجاورة
ببيت العربي


جميلة
تقف امام النافذة التي تتوسط غرفتها تظلل عيونها من وهج الشمس لترفع نظرها الى طائر في السماء
يحلق بحرية منحه اياها الرحمان
تكاد تحسده عليها
بعد دقائق من الان سوف تحرم هي من حريتها
خناجر مغموسة في سم مميت تغرز في قلبها تتفرع منها انصال حادة تقطع تنفسها كانسان
بقوة وبدون اية رحمة
مسحت دمعة فارت من عينها
ابتعدت من النافذة
وكل المآسي في حياتها تذبحها آلاف المرات تعيد نفسها امامها بعناد لاتحاول ان ترأف بها حتى
و لملمت اطراف قفطانها الاصفر الناعم المتناغم مع وجهها الابيض وشقورة شعرها
رغم ماهو معروف على الناس في القرى
وجوه لفحتها الشمس من سعيهم وراء لقمة العيش
خلافا عليها هي التي لم ترى الشمس كثيرا الا من السطح او من النافذة لسبب واحد وهو ان والدها يكبتها دونما سبب

تتجنب ذكريات زحفت على جسدها
كل مرة تعيد نفسها عليها
تترك وراءها قلبا اهترت عروقه من الحزن
بعد معضلة المت بهم وهي في سن صغيرة

ابدا لن تذكرها
لكنها تعود

الان تريد النسيان
لاتدري لما تشعر انهابدون قيمة
لما فكرت ان رجلا اتر طيفه في حياتها
كم هو مثير مرور البعض من امامنا فقط لفترة وجيزة فتجد صورته اقرب اليك من نفسك
زادت من امساكها لنفسها من ذرف دموعها
فلايجب ابدا ان تشعر انها فريدة من نوعها
لكي تنقد من فخ كهذا


وتستحضر الان المعاناة المستقبلية التي تتنتظرها

سمعت مفتاح يتحرك في باب غرفتها نهضت من مكانها
لتجد انها امها مرتدية احدى قمصانها للمناسبات في لون كحلي ممزوج بورود برتقالية قانية

نظرت الى امها بحزن وهي غير مصدقة انها بعد لحظات ستبتعد كليا عن هذا المكان

قالت بأسى:
- لما يا امي ؟ابحث عن تفسير غير الذي في رأسي فلا اجد سواه ...

قالت رقية مقتربة منها وقد كست ملامحها علامات ضعف وتعب
- آسفة بنيتي لكن ان لم تفعلي ذلك فلابد من انني وحدي من سيدفع الثمن

قالت جميلة بقهر:
- لما يا امي؟ دعيني اهرب ان فقط شعرت... ان ذلك سيأثر فيك

قالت رقية برهبة:
-ماذا ؟ تريدين تسويد وجهي بنيتي... الست امك ؟الا ترأفين يا ابنتي؟ انا من كسر ظهري وانا احمل ظربه عنك

اسرعت جميلة في ضم امها بقوة تخفي دموعها وقالت:
- حاشاك اماه ابدا لن اسود وجهك ....الكل سيراني وانا ازف له ...ما يخنقني فقط... اننا للحين لم يكتب كتابنا ....اليس في ابي قطرة دم

قالت الام تبتعد عنها وتطبطب على وجنتاي ابنتها :
- اصبري سيجازيك الله على صبرك وسوف يتزوجك تعرفا على بعضكما كما قال ابوك وسيكون خيرا ان شاء الله

- ابي يا امي العزيزة لايعرف الله لو يعرفه حقا لكان .. ...آآآآآآه اريد قتله ...تحطيييمه خنقه

قالت امها تسكتها بيدها
- اسكتي ارجوك بنيتي بحق مارضعتي من امك من حليب.... لاتفعلي شيء تندمين عليه... ارجوك وانا ساسعى جهدي ليكتب عليك العقد

ذخل العربي عليهما ونظر اليهما كل على حذى بعيون كالصقر الكاسر:
- هل فاتني شيء ؟هل تعانين من مشكلة رقية؟

قالت الام بسرعة تربت على كتف ابنتها وتبتسم:
- لا سننزل حالا

وكانت عيون جميلة تضخ لوالدها حقدا وكرها خاصا
لم تعرفه في نفسها ابدا


في الاسفل
وجه قد يظنه البعض قدرا متسخا لكنه فقط يكاد لونه يكون ازرق قاتم او لونا قريبا له
سيماهم في وجوههم
رجل قبيح في الخلقة يا سبحان الله ولايحمل ذرة رحمة لديه اربعة اخوات اتنان عن يمينه بقفطانيهما واتنين عن يساره
تغنين وتطبلن على الدف بايديهن
فرحات لان اخاهن الوحيد وجد له هذه المرة ضحية اخرى بفضل ماله
اعطى للعربي ما اراده فوجد انه سيحصل بسهولة على مايريد

عند نزول جميلة واول ما وصلت نصف الدرج
توقفت
و توقفت امها وراءها ايضا
سرحت نظرة جميلة في الباب امامها ووجدت انها لربما لو ان صديقتها الوحيدة في هذا العالم هنا الان لكانت اعتقتها بطريقة ما لكن اين هي لما لم تحضر ؟
شعرت بالوحدة ببرد يجمد اطرافها رغم ان فصل الصيف حار في المنطقة
الا انه شيء من الرعب على بداية لها في فقدان الامل من الحياة

- هيا عزيزتي انهم ينتظرون

- لن اهرب امي

نزلت الدرج في رأسها الف حساب للذين يظنون انهم قد نشبو كامل انيابهم فيها فشلوها وحطموها
لديها اسلحة ستستعملها ان اضطروها
نزلت تحت زغردات وابتسامات حقودة من الجارات ومن تحسدها الان على وضعها
فتتمنى هي من القلب ان تاتي لمكانها فقط لتعيش هي حرة بدل هذا الدل





في منزل السي محمد

بعد ان علمت هند من امها عن التلميح حول حضورهم بعد اسبوع
كادت الصعقة ان تفني قلبها كليا فما بال اذا ما راته بعد ان غابت عن ناظريه
كانت تشعر انها تطير
وفوق السحاب تسير
شعرت بان قلبها يدفع نبضاتها خارجا كفقاعات نظِرة

لم يتصل بها ابدا
لاتنكر انها لربما تحتاج سماع صوته كل يوم
لكن قوانين في الحياة تفرض سيطرتها على الواقع
لتجعله ذا قيمة
لذي جعلها تشعر انه فعلا جونتلمان ويحترم كلامها

نزلت من غرفتها متوجهة الى الدرج لتجد امها تدخل في تلك اللحظة الى المطبخ
نزلت برشاقة هرة لتلتحق بها
وضمتها من كتفيها فشهقت رشيدة
لتبتسم بعد ذلك

قالت رشيدة:
- كل هذا اشتياق؟

قالت هند بفرح:
- وان لم اشتق لماما لمن ساشتاق اذا؟

قالت رشيدة تقترب من صفية التي كانت منهمكة في تحضير طعام الغذاء

- لست ادري... فبعد حكاياتك المطولة عن زوج المستقبل بت اشك

- اوه امي لما هذا القول الان؟ انا فعلا احبك لاتشعريني بالسقم

قالت رشيدة تقرص وجنتها:
- لن افعل ولكن اعلمي فقط انه... ينتظرك كيلوغرام كامل من التمر لتقومي بحشوه بكل الانواع التي علمتك غزالتي فلا تتهاوني

- حسنا ماما ....تريدين ان تذيقيهم من تصاميمي؟

قالت رشيدة تغضن جبينها بمرح
- تصاميمك؟ خبيثة...اليست من اختراع الكتب

قالت هند بابتسامة مشرقة:
- انها من اختراع الكتب لكنني اضيف عليها من غبار اصابعي السحري

قالت رشيدة تضحك وهي تخرج من المطبخ:
-هههه.... سنرى ما سيخلفه غبارك ذاك على الله الا يخلف زوبعة

اقتربت هند من مكان عمل صفية مبتسمة باشراق وقالت تحمل السلة التي تحوي التمر
:
- صفية كيف اصبحت الان بعد ذلك التعب؟

قالت صفية تتهرب قدر الامكان من الاجابة:
- بخير..و الحمد لله

- الم تذهبي الى الطبيب؟ ام تريدين ان استدعي طبيب العائلة؟

قالت صفية بعيون مدمعة:
- لاتفعلي سيدتي ..ارجوك

قالت هند مندهشة من تقلبها المفاجئ :
- ما الامر صفية؟؟... لاتخيفيني بدموعك...ما الذي يحدث؟

قالت صفية مرتبكة
- سيدتي....انا..انا... حامل

قالت هند مبتسمة بكامل فمها
تصرخ جارية الى امها تلحقها قبل ان تصعد الى فوق:
- امي ...امي
حاولت ان تمنعها صفية لكن دون فائدة
فقد كانت هند رشيقة بشدة ولم تستطع ان تلحقها

قالت رشيدة وهي تقف في اعلى الدرج

- امي... صفية حامل...حامل

ظهرت على ملامح رشيدة شيء من الامتعاض والضيق وقالت بعد ذلك
- مبارك لها
وانصرفت بسرعة وكأنها لم تفرح للخبر
لتبقى هند تحك رأسها غير فاهمة لما يحدث كان على امها ان تفرح لصفية اكثر منها
لكنها تناست الامر سريعا لتدخل وتساعد صفية قدر الامكان

قالت صفية مرتبكة:
- سيدتي ما كان عليك اخبارها

قالت هند بارتياب:
- لماذا؟ هل لاني الوحيدة لديها امي انسانة مثقفة ليست كالاخريات

زاد ارتباك صفية ففضلت الانهمك في ما تحضره وكذا فعلت هند




في القصر

بعد ان استقبل افراد العائلة الازواج المتعبين من السفر
قرر سعيد ان يذهب الى الاراضي فهو يضن انه ترك الشغل بما يكفي وعليه الاطمئنان وكذا اراحة والده من تعب التجوال المرهق له
لذى صعد الى جناحه حيث كانت عبير قد غيرت ببيجامة واسعة طويلة بقلوب بيضاء على لون سماوي جميل
وربطت شعرها شكل كعكة وحاولت ان تجاهد التعب وترتب ملابس كل واحد منهما
رغم انها شعرت ببعض الارتباك من لمس ملابسه الا انها وجدت ان شعورها ليس في محله
لكنها فقط تتعجب من حضور روحه القوية في ملابسه
وهذا هو المحرج
عندما ذخل عليها الغرفة
ووجدها تجلس على سريرها تحجبها الستائر المرفوعة قليلا
وقف للحظة
معجبا بوضعها حيث كانت تجلس والحقيبة عند قدميها
وكيف تضع اصابع قدمها على الاخرى كطفلة صغيرة
اثاره ذلك الانهماك والعناية التي تمسك بها ملابسه وتطويها بطريقة فنية
اعجب باصابعها التي تمررها على القميص المخطط بخطوط زرقاء
وشعر انها كما لو انها تمرر اصابعها الرقيقة البديعة على صدره القوي وباغثه الم العشق لهته المرأة

لذلك قال محمحما:
- احم احم....عبير اتمنى الا اكون قد ازعجتك

امالت راسها بابتسامة مشرقة من مكانها مطلة عليه:

- سعيد لا بالعكس كنت فقط ارتب ملابس..ملابسنا

قال يقترب من السرير يتكئ على العمود المزخرف للسرير ضاما ذراعيه على صدره :

- هل يتعبك ذلك؟... تعودت ان اهتم بتلك التفاصيل... فقط الامر انني مضطر للذهاب الى العمل الان..يمكنك ان شعرت بالتعب ان تتركيها هناك على السدادر وساقوم بطويها لاحقا

نهضت حاملة قمصانه
- ابدا هذا عملي وافتخر به لاتقل هذا... احب الاعتناء بهته الامور لطالما كنت هكذا

قال سعيد مبتسما بوسامته فضهرت غمازاته بقوة تعزز رجولته:
- ماذا ان تناوبنا؟
قالت مبتسمة بخجل تخفض نظرها
- لا سعيد ابدا ؟
قال يشاكسها :
- ابدا ابدا؟

التفتت تنظر اليه :
- الا اذا ما حكمت عليك في لعبة الورق اليوم
ما رأيك ؟

قال يفسح عيونه بقلب مفعم بالحب
خذر لذيذ من قربها و في ما منحها الله من صفاء :
- تتحدينني انا شاطر في لعبة الورق رغم اني لا احبذها

قالت عبير ببراءة:
- لما؟

شعر انه سيتورط مع اسألتها فقال ينقد نفسه مبتعدا الى الحمام:
- نسيت عبير علي ان استحم سريعا فالعمل ينتظرني

قالت عبير تلصق يديها على عضديها:
- وانا الن تعدني ان نلعب الورق للتسلية فقط

قال وكأنه يفكر:
- حسنا سنفعل

فابتسمت له حتى انه نسي نفسه وهو يقف في مكانه ينظر اليها بعشق الا انها باحراجها حمحمت فاستدار ليدخل الحمام ويتركها تستعيد وجهها المشرق من الخجل





في جناح عثمان

تركته بالاسفل منسجما في الحديث مع جدهما ووالده
وصعدت هي الى جناحها
رمت بحقيبة يدها على السرير
لاتدري لما تشعر انها عادت الى حصن حصين بين اسوار سجن عتمة
تشعر ان شيء يكتم على انفاسها ولاتدري ماهو
انه حدسها مرة اخرى وتخاف من تلك المشاعر التي تسبق حصول امور ما
خائفة هي من ان يكون وراء هدوء زوجها شيء مخفي
حتى نظراته لاتستطيع ان تفسرها هل هي نظرات توعد
ام نظرات حب
جلست على السرير واضعة يديها على خديها تفكر في مئات الافكار فزوجها بالنسبة لها لغز لايفك ولايوجد له حل
وتريد ان تصدق انه فعلا مع تغيره قد نسي الامر الذي اتعبها في البداية

نهضت من على السرير واقتربت من حقيبتهما تفتحها لتقوم باخد الملابس التي ستغسل والملابس التي لم تستعمل اصلا
واعادت الى الخزانة البعض والبعض الاخر وضعته في السلة الى ان تقوم بانزاله للغسل

اقتربت من الخزانة لتأخذ ما سيلزمها للاستحمام
واثارها فضول
ان تقوم بالاطلاع على محتويات خزانة زوجها
فضول قد تذفع ثمنه دون ان تدري





في جناح سعيد


خرج سعيد من الحمام اكرمكم الله
وكان قد ارتدى سروال تجينز وقميصا بنيا
وقد حلق دقنه بعد ان نمى شعره كثيرا
كان قد مشط شعره المبتل الكث وانتشرت خصلات حول وجهه مما زادته جاذبية
تنهد وهو ينظر الى من توليه ظهرها
كيف بالله يستطيع ان يبعثر مشاعرها
هو من كان فعلا بارعا في ذلك مع الباقين
تنهد بعمق وغالب رغبة في ضمها وتقبيلها على جبينها او وجنتها فقط لاغير
ان يحصل بذلك على دفعت رافعة للمعنويات قبل العمل
تجعله يعمل بنشاط اكثر متاكد هو من انها قادرة على ان تذيبه شريانا شريانا
واقترب من الباب عندها التفتت اليه عبير وهي تقول :
- سعيد...
التفت اليها
- اردتني
قالت تنظر اليه معجبة بوسامته الضاهرة التي لاتنكرها غير ان اي مشاعر من اي نوع لا تباغت نفسها
- تبدو وسيما هل كل هذا من اجل العمل؟

ابتسم فرحا من كلمتها مجيبا:
- اجل اعرف انني مفرط في الامر ....لكن عادتي ان اكون كامل الاناقة رغم ان الشغل الذي اقوم به يجعلني افقدها في دقيقة...لكن هل من اجل هذا ناديتني؟

قالت بخجل تغير الموضوع:
- في الحقيقة اريد ان أذهب الى ماما لكي انام عندها قليلا بعد الغذاء انت لاتمانع؟

قال يمعن فيها النظر وهو يشعر انه عليه ان ينفذ للجميلة طلباتها
فهي نفسها كثيرة عليه:
_ طبعا واذيقيها من الحلوى الفاسية ...ام تراك لم تتركي منها شيء ؟

زاد خجلها مع ابتسامة محتشمة:
- طبعا لا ...انت تظلمني.. احب الحلوى لكن لست شرهة

قال يبتسم بالمثل وعيونه الناعسة برموشها الكثيفة
تخفي عجائب الهوى في قلبه:

- اه ...لا حاشا ان تكوني كذالك انت كل شيء جميل في الحياة ...احم... سأذهب

كانت عبير في تلك اللحظة من حرجها من كلامه المعسول قد انتهت من توضيب كل شيء دون ان تشعر
فاقتربت منه تسال باهتمام:
- هل ستأتي للغذاء؟

تعجب لسؤالها لكن زاد ذلك من دفئ غريب بين اوصاله
وهو انه الان يشعر انه انسان يعيش في الحلال ويتمتع
بمحاسنه باهتمامها كغريزة انثى بحتة :

- لا لن استطيع ذلك ...مرر اصابعه في شعره مبعدا نظره مفكرا....اظن ان وجدت شيء في الاسفل فسآخذه معي وان لم اجد.. فساتناوله مع العمال

التقت نظرته بها وقال:
- لما السؤال ؟

ارادت ان تتكلم لكنها ابتلعت كلماتها خجلا منها كمن يريد ان يفرض على شخص شيء ما
- لا لالشيء ...رافقتك السلامة

- آمين

نظرت اليه وهو يخرج من الجناح بطوله وهيبته الطاغية
وهي تشعر انه فعلا لابد من انه لايشعر بالراحة في العمل في الاراضي
وكيف يا ترى ضروف الاكل هناك
تنهدت لتأخد حجابا من غرفتها وخرجت بدورها لتنزل الى اسفل حيث كان الرجال قد خرجوا الى الصلاة باكرا
وفاطمة ومليكة تحضران طعام الغذاء في المطبخ

ذخلت عليهما لتجد ان هناك امرأة اخرى معهما ولابد ان الشغل في القصر يتعبهما لذى وضفتا خادمة جديدة للمساعدة

قالت مبتسمة بخدود متوردة وقد تعود عليها الجميع خجلة على الدوام وهذا ما يسحرهم في شخصيتها
أعلنت حضورها:
- السلام عليكم...
التفتت فاطمة منشرحة الملامح وهي تنظر الى زوجة ابنها بحب

- اهلا بالغالية

اقتربت منها عبير تقبل يدها قائلة :
- كيف حالك امي
-بخير حفظك لي الله
اقتربت من مليكة بدورها مبتسمة لتقبل يدها ورأسها
- وانتي ماما؟
قالت مليكة التي كانت تقشر الجزر
- ظننت ان ابنتي نسيتني

- امي لا ...تدرين انني طلبت من سعيد السماح لي بالبقاء معك وراء الغذاء

قالت مليكة التي كانت تحضر السلطة
على المائدة وراءهم
- لديك بنات يا مليكة ماشاء البارئ متخلقات بارك الله فيهما

قالت مليكة تبتسم وهي تنظر الى عبير:
- الحمد لله
قالت عبير السؤال الذي كاد ان يفحم شفاهها من الاحتراق:
- امي فاطمة ...سعيد مر عليكما هنا؟

قالت فاطمة:
- لا لماذا؟

- لانه ذهب الى الاراضي ليتفقد العمل

قالت فاطمة بعتب:
- الله يهديه لما فعل ذلك ...لابد انه سيتغذى الان هناك كان عليه على الاقل ان يترك لنفسه اليوم للراحة ويستأنف عمله غذا

قالت عبير ساهمة :
- اذا هو لم يمر هنا؟

قالت فاطمة ترتب المعدنوس على القطعة الخشبية الخاصة لتقطعه:
- لا لابد انه نسي ...اعرف بني جيدا لايحتمل ان يحمل والده اعباء العمل

قالت مليكة:
- سعيد رجل قوي يا فاطمة مادام يحتمل مشقة العمل فدعيه يفعل مايراه مناسبا...لابد من انه يرى ان الوقت لايرحم

قالت فاطمة تمط شفاهها:
- كما تقولين ..رضي الله عنه ابني ذاك من بين اخوته الاكبر والذي يمتلك هيبة من جده مباشرة


كانت عبير تستمع باهتمام الى الحديث الدائر بين المرأتين ووجدت انها كما ترى زوجها فهو من كلام امها وفاطمة احسن من ذلك


قالت مليكة تسأل عبير:
- الم تتفقدي اختك لم ارها منذ صعدت

قالت عبير :
- لابد من ان السفر انهكها ونامت الان






في جناح عثمان

كانت ثريا تجلس على الارض
تمسك كومة اوراق ونفس الاسم يتكرر فيها
تكاد تنفجر لو انه اسم رجل لما فكرت بسلبية
لكنه اسم امرأة في كل الاوراق الطبية والتي تضهر ايضا انه عثمان من دفع مصاريف عمليتها مسبقا
من تكون هته المراة لتحتل ملابسه
اوراق تخبأت بين ملابسه بدقة لما؟
من تكون هته المختبأة
هته التي خرجت الان تضهر في ضوء الحقيقة وليس الخيال المرعب من ان تفني احداهن نبضها من الغيرة
من تكون تلك المراة؟ وهل تربعها بين قمصانه تعني تربعها في مكان غير ذلك
كانت تتحرك الى الامام والوراء وتشد يدها على الاوراق
التي تضهر ان العميلية بعد اسبوع
ذرفت دموع القهر بشدة رغم انها لحد الان لم تتاكد من صحة شكوكها
لكن قلبها على الهاوية
ولاتستطيع ان تبقى جامدة دون احساس وهي ترى من ستقوم بدفعه لينتهي قطع لاتجمع مهما خيطت

- اريد ان اعرف من هي هته الهام ....ارجوك ربي لاتجعلها شخصا انتهي بسببه في مستشفى المجانين فقلبي لايحتمل ارحمني ربي
ارجوك ارحمني

سمعت باب الجناح يقفل معلنا عن دخول شخص
تعرفه حتى من خطواته الواثقة على الارض
ابدا لايمكنها ان تحفظ شخصا كما تعلمت مع كل دقيقة ان تحفظ فيه كل شيء
مشيته التي تهز قلبها مع كل اقتراب منها
رائحته الرجولية التي تجعلها تنام على جنبات طرقات الضائعين في الحب
تريد لها سبيلا فلاتجد في ابواب سوى ظله الكبير

وقف ينظر الى الغرفة لتسقط نظرته السوداء عليها في الارض تجلس منكمشة بطريقة تقطع القلوب من الشفقة
اقترب منها ليقول بقسوة وعد نفسه ان يسترجعها لدى عودته الى هنا
الى القصر:

- ثريا...ما الذي تفعلينه جالسة هكذا؟...وماذا تحملين في يدك؟

نظرت اليه بالكاد تمدها له ليمسكها ويقرأها
وعندها علم جيدا ان وضعيتها كان نتيجة حسرة او تاتير ما وبات الان السبب واضحا بل مكتوبا امام عيونه

قالت ثريا بارتجاف :
- من ..الهام؟...من تكون تلك المرأة ؟هل تعرفها؟

قال ببرود رهيب جمد الدم في عروقها:
- والله اظن الامر يخصني ولم اسمح لك بالتطفل على شيء من اوراقي بل اعطيتك التصريح فقط للمس ملابسي ...ما الذي اذخلك في اموري ...
(امسك وجهها بقوة يرفعه اليه وقد اغرقته دموعها بين رموشها الحمراء:
- اخبريني يا ثريا ما الدافع لبحثك في ملابسي

قالت تبرر:
- لم افعل ذلك عمدا...كنت ارتب القمصان ووجدتها
اخبرني الان ارجوك من تكون الهام

جلس قربها يشبك ساقيه امامه وظهرت قوته وصلابته قربها هي التي بدت كقشة تلعب بها الرياح
قال ينظر الى الاوراق دون رحمة:
- كانت ستكون امرأتي قبل ان تأتي انت

صعق قلبها بدون رحمة
تبعترت شرايينها الما
شعرت انها كالمجانين في المروج الوحشية دون مخرج
ابعدت وجهها عنه واخفت دموعها
التي نتجت عن انفاعلها ونبضاتها التي تريد قتلها
خوف خافت هي منه
فتكون في دقائق الى اسد ضار
تلتهمها الوحشة والشعور المر

اكمل وهو يمعن النظر في تفاصيل وجهها قرب شعرها اللولبي الاحمر
وشعر بارتعادها واحس انه يصيبها في الهدف المباشر وانه يفوز لا محالة:
- كانت امرأة خلوقة جدا ذات جمال ذاخلي وخارجي ايضا
وفقط لانها مريضة لم ترضى ان تبقى قربي لانها خافت من ان تصبح عالة علي ...شريفة فعلا

نهضت ثريا من مكانها بسرعة مبتعدة عنه:
- اسكت...اسكت ارجوك اسكت...كف عن ذلك لما تصر على تعذيبي الست بشرا؟

قال بقسوة في ملامحه اكثر من نفسه:
- اصمتي ولاترفعي صوتك ....اخبرتك لتعلمي بانك صاحبة حظ ايتها المخادعة الكاذبة لدى لاتنتظري ان تدوم هدنة اسبوع العسل لانني ساعود بقوة كريهة لم تريها في حياتك

نهض برشاقة الى مكانها حيث وقفت مشعتة الشعر من كثرة تمرير اصابعها فيه من القلق وبيجامتها السوداء التي تصل الى تحت الركب

وقال ينظر اليها من فوق حيث ابعدت عيونها عنه فراقب شعرها الذي يكاد يغطي وجهها:
- انت ومشاعرك لاتهمني ...واكثر ما اتمناه هو ان تكفي عن دموع التماسيح تلك فلن تنفعك معي....ما يهمني حاليا جسدك لما لااستفيد منه مادام حلالي؟؟؟ لكن ..ابشرك انتظري الفرج من هذا الزواج قريبا فما ان اشعر انني عفت جسمك هذا حتى اقوم بترتيب الامر لاسهل الطلاق بيننا

رفعت نظرها اليه لكنه ابتعد عنها ياخد له ملابس مريحة ويبدأ في تغيير ما يرتديه في الحمام
قالت بنبرة مصدومة من وراء باب الحمام تسمعه كلامها:
- انت تمزح معي عثمان ....عثمان لاتقم بفعل كهذا والله اعدك انك ابدا لن تلمسني ان ظللت على هذا الكره لي وانا والله لست مذنبة

صرخت عندما لم تجد منه جوابا
- عثمان تسمعني ان اردت تطليقي فلن تلمسني ...لن تلمسني من الان ايها الكريه...اكرهك... انا اكرهك اكرهك
اجهشت بالبكاء بقوة فسمعت باب الحمام يفتح لبتر الدموع من عيونها
ولإحياء الخوف في جوفها:
اقترب من مكان وقوفها قرب السرير حيث تراجعت
فرأته يقترب منها متكدر الوجه متغضن الجبين
مكفهرا كسحب سوداء تحمل البرق والرعد في آن واح

- ما الذي قلته الان؟

- ما سمعته ولن اتراجع عن كلامي

- لا لااطلب منك التراجع الان عن قرارك بل ان تعتذري منه لانك فعلا تحديت حدودي كلها وطفح الكيل منك...قد اقوم يا ثريا باخذك بعيدا عن هنا وارميك من اعلى سفح يصادفنا وعندها اكون قد غسلت نفسي من عارك

- لا انت غير قادر على ذلك ...لو كنت رجل حقيقيا لما عاملتني هكذا ..لو حالفني الحظ قليلا لكنت الان انعم بحياة سهلة مع احدهم في باريس او اي بلد في فرنسا بدلا منك

شعرت انها كما لو انها مصارع غير محنك في عمله يحمل اللون الاحمر لينتهي بقرون الثور في قلب صدره

حملها ورماها على السرير بقوة من غضبه الاعمى
ليسجنها تحته يمسك كلتا يديها التي تحاربانه

- عث..مان دعني ..دعني

- هل قلت تنعمين بالراحة مع آخر تخونيني... حتى في خيالك يالك من كلبة... اكاد ارأف بك لكنك تظهرين يوما عن يوم ...على حقيقتك وانا فعلا حكمي حق فيك

- انت الرجل الوحيد المريض ....الذي شاهدته في حياتي ...ان لم تتركني ساصرخ

- ان صرخت فلن يكون من مستفيد سوى انا بوضعك في حضن امك ايتها الثريا لتشرحي لها لما خدعتنا عندها سنضحدك من هذه العائلة نهائيا

كانت لاتزال تتخبط تحت قوة يديه
وفي لحظت شعرت ان قواها بدأت تضمحل وتتضائل
ولم تستطع ان تكمل القاومة فضلت ساكنة وهو فوقها ينظر اليها ويشهد انتصاره عليها
:
- تقولين انك ستمنعينني عنك...اولا صفدت يديك بيدي والباقي اعرف انه سيكون سهل

- انت وغد ياعثمان ...صرخت... اكرهك

اقترب يدنو منها ولمح تغيرا في عيونها الرمادية يقترب من شفتاها المتوردتين تحت شفاهه القاسية فهمس
- والان لما لا تظهري لي كرهك الحقيقي

شعرت انها تلتهب من قربه وان نبضها بقوة يخونها
وتنفسهما امتزج بتناغم ساحر
حرر يديها فبدل ان تبعده عنها قربت يديها من عنقه وظلت تشعر بالحب الكبير له في قلبها يصبح مأثرا بها الى حد الجنون لذى انبتر من يديها قبل ان يكمل ما اراد فعله ليقول وهو يقف:
- انت تحت سيطرتي الى ان امل شئت ام ابيت يا ثريا
قلتها من قبل فلابد انك مخادعة وضعها الله في طريقي لاقوم بتلقينها درسا مهما لتثوب من كذبها وتلفيقاتها

وابتعد عنها يخرج بكامل ملابسه من الجناح
ويتركها وحدها تغوص في مستنقع المعانات المليئ بعلق اليأس والحب المستحيل له






في منزل يونس وياسمين



كانت تضع على المائدة صحون الطعام الذي منذ ان اصبحت وهي تقوم بتحضيرها
تحس ان يونس تغير وتدري انه منذ ان قالت ذلك الكلام الذي اقسمت على اخفائه عن الجميع ان زوجها الان غاضب منها دون ان يجعلها تشعر بغضبه
في الحقيقية باتت تشعر انه لربما يحبها فعلا وانها كانت مخطئة في جرحه لكنها ايضا تظن انه هو من اضطرها الى ذلك فلقد كذب عليها وهي لم ترد سوى بناء عائلة
لتجد هذا الشخص يخبئ لها انتقامه منذ زمن
كانت تضع آخر الاطباق على المائدة عندما دخل يونس الى البيت صامتا لعلمه ان لافدوى ابنة ياسمين ولايامنة تعلمان انه
يتحدث
لدى يفكر ان يبتعد لاسبوع او اكثر
ليترك لياسمين الفرصة في ترتيب افكارها من ناحيته
وايضا ليعود على اساس انه قد قام باجراء عملية على حباله الصوتية حيث كان يعاني من المشكل لكي يمارس حياته طبيعية معهم ويكتشفهم اكثر

التقت نظرته بجارحة الفؤاد منذ ان كان شابا يافعا
الى الان
وتعرف جيدا كيف تكون هته المرأة عاشقة بوفاء وتكون من اقسى النساء على كوكب الارض
لايزال منظرها امامه يبعث به براكين لن تنطفئ هذا يعرفه لكنه يصبر عليها
لكن بقدر الحب لها بقدر العتب على هذا الجرح الذي تفرع في باقي اوصاله فما إن يراها يشعر انه يتالم منها بشدة

احنى راسه لها وتلقى في يديه فدوى التي استقبلته تصرخ:
- بابا يونس ..اشتقت لك كنت اقول للجدة انني اشتاق اليك فانت الوحيد هنا الذي يشعرني بالمرح اما الباقون فهم مملون

عاتب الصغيرة باشارة اسكتي من يده ومن عينه ففهمته

قالت ياسمين لفدوى :
-دعي اباك عزيزتي يرتاح انزلي عنه ليذهب ويغسل يديه من اجل طعام الغذاء

انزلها واقترب من يامنة ليقبل رأسها فقالت:
- رضي الله عنك يابني كيف كان يومك

اشر جيد
فقالت ياسمين للجدة:
- يقول جيد امي....نظرت اليه تستجدي اهتمامه بما حضرته

فتلقت منه نظرة احتقار لما حضرت من طعام على المائدة وذخل الى غرفته دون ان يجلس معهم

بهتت من تصرفه ذاك
نهضت لتتبعه الى الغرفة التي هي اجمل من بيتها القديم بفراش تقليدي لكن انيق
عندما ذخلت عليه وجدته عاري الصدر
قالت تسأله:

- يونس الن تأكل؟
فك حزامه ليبقى بشورط قصير تعداها تحت نظراتها الغير فاهمة واخد روبا وتوجه الى داخل الحمام

تبعته الى الحمام تقول :
- لما تقوم بهكذا تصرف يا يونس اخبرني ما خطئي؟

نظر اليها بكره يحاول ان يحرجها
وقف امام المغسلة الصغيرة واخد معجون الحلاقة ليحلق دقنه
فلمست كتفه
ولم يفته ابدا جلده الذي احترق تحت لمستها الا انه التفت اليها ينظر بازدراء والى يدها بقرف
فاحست انها فعلا تائهة لما لايتكلم الان هل كلامه معها من قبل كان حلما؟

- كلمني يايونس اعلم انك تتكلم لست بيامنة او ابنتي لذى ....
قال يحلق دقنه برشاقة:
- محقة انا اتكلم لكن في الوقت المناسب وبما انك مصرة ساقول لك ما سافعله
اولا سادعي باني مسافر امام يامنة وفدوى وستساعدنني في الامر
اما في الحقيقة فسوف اقطن في غرفة مجهزة للعمال في حضيرة الدواجن الخاصة بي لاكثر من اسبوعين على الاقل اريد ان اتركك مع ذكرياتك العتيدة مع زوجك الاول رحمه الله ...لست من يستغل لذى كوني مرتاحة وقد اعود الى هنا على اساس عودتي من السفر بعد اجراء عملية على اوتاري الصوتية ما سيجعلني اتكلم بحرية في حضور يامنة وفدوى

بقيت مندهشة لهذا الرجل الذي يحول حياتها الى زوبعة تبعتر افكارها

- زوجي ليس لاني احب...
- اسكتي ارجوك لا اريد سماع المزيد لن اثقل عليك مايدفعني الى هذا هو انني انسان شهم ولاارضى بان ارغم شيء على احد

لم تستطع ان تقول اي شيء
فقال هو ينظر اليها وقد انهى غسل وجهه الحليق تاركا شاربه الطويل على اطراف دقنه يضهر بوسامة:
- هلا تفضلتي وخرجتي فانا اريد ان اريح عضامي قبل ان انتقل هذا المساء

خرجت وبقيت لحظات تحاول ان تستوعب ما يحصل اذا هو فعلا مجروح منها ومن كلامها
يالي من مجنونة ما الذي فعلته لم اقصد حتى ان...






في القصر



في مكتب الجد يجلس بشموخ فوق كرسيه وراء مكتبه الضخم الفخم ووراءه بالتحديد مجموعات من الكتب الثقافية والطبية التي يستفيد منها في تحضير خلطاته الرائعة من الاعشاب فهو يحاول ان يجعل ما امكن
من في البيت يستعملون الاعشاب التي كانت رفيقة دربه في مشوار حياته اي في بداياته
كان عشابا من الطراز الاول لديه في القصر غرفة شبه مختبر يقوم بتجربة الاعشاب فيها ووضع وصفات جديدة والى الان استطاع ان يدفع كتابين من الاعشاب المفيدة في السوق
يأمن انه الانسان مهما تخلى عن الادوية والعقاقير وتغييرها بالاعشاب فسيحافض الانسان ما امكن على مناعته
وصحته من اللادمان

اليوم يجلس على مكتبه مرتديا قميصه الطويل الابيض الذي يضفي عليه هبة خاصة على كبر سنه ويضع طاقية مشبكة جميلة صنعتها له مليكة من اعمالها في الحياكة والتطريز
وقد كان يضع على عيونه نظارتيه الطبيتين ويطالع كتابا عن معلمة الفقه المالكي

عندما سمع طرقا على الباب رفع نظارته ووضعها على المكتب معطيا الاذن بالدخول
وضع الخيط الى حيث وصل في الصفحة ليقوم بوضعه في الجهة اليسرى من يده
نظر الى الوافد بطلب منه وهو عبد الصمد
الذي كان مرتديا كامل ملابس الفروسية التي في بعض الاحيان
يجدها ملائمة لرشاقة جسده القوي الرشيق اكثر من اخوته من ناحية النحول عكسهم هم الاقوياء بشكل ملفة

قال :
- السلام عليكم جدي
اقترب منه كفارس من الفرسان المغوارين وقبل يده ليقول الجد
- رضي الله عنك بني اجلس ..لاتقف هكذا

- حسنا جدي تحت امرك

قال الحسين مرتاحا اكثر في جلسته يمعن النظر في حفيده:
- تعرف لما ارسلت في طلبك؟
- لا والله جدي لم يخبروني الا بانك تريدني فقط
- ارسلت فيك لاقوم بمناقشة مشروع زواجك

نظر اليه عبد الصمد بوجهه الوسيم دو القسمات الفاتنة:
- هذا كرم منك جدي

- طبعا ...هلا اخبرتني بما تنوي فعله ...من جهة اعرف جيدا العروس تلك الصغيرة تلزمها العناية فتعرف جيدا انك ان تزوجتها يافعة في مثل سنها العشرون فعليك ان تصبر على دلالها الذي تعودته في بيت والديها...ومن جهة عليك ان تعرف كيف تجعلها امرأة واقعية وناضجة التفكير

قال عبد الصمد بطريقة تدل على تمكنه من نفسه في الامر:
- لاتحمل هما جدي انا اعرف جيدا كيف اتعامل معها باذن الله ومساعدته فانا مدرب اصلا ...
ابتسم ليبادله جده نفس البتسامة

- اذا انت واثق؟... طيب باذن الله ستخطبونها هذا الاسبوع كما قال سليمان؟

قال بالايجاب:
- اجل جدي ...في هذا الاسبوع باذن الله لانريد ان نأجل ذلك والزواج سنحدد له في نفس الفترة قبل فصل الخريف

قال الجد :
- اتمنى ان تعلموا سي محمد بانكم ستقومون بعقد الكتاب في نفس ليلة الخطبة .....اصلا نحن اصدقاء وليس من الضروري ان تطولا في ذلك

شعر عبد الصمد بان فعلا صبره سيكون له فوائده
وحلمه الان بات يتحقق بسرعة والحمد لله واخيرا فرج الله اسره من ذلك النذر

- ان شاء الله جدي

يمكنك ان تذهب عبد الصمد واتمنى ان يبارك لكما الله في حياتكما
قال عبد الصمد بعد ان قبل يده مرة اخرى :
- امين جدي ان شاء الله وترى اولاد احفادك في القريب ان شاء الله

- امين بني ...لاتنسى ان تاتيني باوراق البيع والشراء في الاحصنة

- طبعا جدي الا تحتاج الى شيء الان ؟

- لا...يمكنك الانصراف

قال عبد الصمد مبتسما
- السلام عليكم

عند خرجه شعر انه يكاد يثقب السقف من سعادته الغامرة في روحه
ترفرف اطراف ورود تعبق بعطر هنديته الجميلة
وتعشش في انفاسه للان ادفائها السخية بالشوق





في القرية

في طريقه الى بيت العربي مرتديا في هذا الحر قميصا ابيضا بدون اكمام وسروالا من سراويله المميزة التي تزيده رجولة في اللون العسكري

كانت سمرته التي اكتسبها بجلوسه في الشمس ملفة فقد افتقدها كثيرا في ظلمات السجن العفنة
والان بات بحمد الله يطرد برودة الجنبات في ذلك القفص من مسامه الى الخارج لتنعم روحه الخاوية الا من عشق لفتاة ازهرة له
ومن غيض يتآكله لوحوش افترست شبابه اليافع قرب والدته

اقترب من باب المنزل المتكون من طابقين تحت اشعة الشمس الحارة
يقفز على حجر كبير برشاقة
وبعدها
وقف وسط الحي ينظر الى نافدتها الصغيرة وقلبه ينبض بقوة ياتراها سوف تطل لتراه يقف كالابله الولهان هنا لتنتهي بتبريد ناره بسطل ماء في هذا الحر
لكنه لم يحصل على مراده لذلك اقترب من الباب ليصعد الدرجات الفاصلة عن بيتهم
طرق ثم دفع الباب الحديدي المعوج ليدخل
لايدري لما شعر بفراغ غريب في البيت هذا
اولا لم يسمع صوتا في المطبخ يسال من الداخل والذي يكون صوتها طبعا هذا ما افتقده فعلا
لذلك لم يحضى هته المرة الا بطلة من امرأة يعرفها وهي زوجة العربي

قالت :
- أأه السلام عليكم اخي تريد العربي ...انه في الداخل
اشارت الى الصالة الديقة الصغيرة التي يتوسطها التلفاز المهتري والذي يكاد لايظهر الا القليل من الصورة
قبل ان يظهر للعربي نهض هذا الاخير ليبدأ بالسب واللعن وهو يضرب على التلفازلكي تصلح الصورة فيه وعندها عندما شهد لمعانا ما قريبا منه علم انه هود ونظرته الخارقة للعادة بالنسبة له:
- انت؟
- انه انا... جئت كيف الاحوال؟

- سنكون يا اخي بخير ان انت تنحيت عن طريقنا

قال هود يطل عن غرفة جميلة مبتسما بثقة
- اين جميلتي ؟ هل هي نائمة

شعر العربي انه سيفوز عليه هته المرة فقال:
- جميلة ذهبت ..باح.. لم يعد لها وجود هنا

تكهرب الجو اصبح لون هود قرمزيا من الغضب حتى ان عرقا اخد ينبض في جبهته بقوة والندبة في جبينه زاد ضهورها:
- كيف ؟
انقض عليه بسرعة يلصقه على الحائط بقوة يخنقه بيدين قويتين:
- اين هي جميلة ؟..اخبرني ايها النكرة والا طعنتك الى الموت اخبرني
قال يشدد على السؤال ويضرب له راسه مع الحائط بقوة:

العربي مصعوقا لونه احمر قان وانفاسه مكتومة
ذخلت رقية تحاول فك زوجها وهي تقول :
- ارجوك اتركه يا سيدي اتركه اتوسل اليك
- ليس قبل ان يعترف لي هذا النذل
- ساخبرك انا لقد ذهبت مع زوجها الى بيته فلا تفعل له شيء ارجوك... ارجوك

صدم هود والعربي بين يديه
شعر بالم مبرح في شريانيه يتراقص باستهزاء على حاله
انها الوحيدة التي تبقى له في هذا الكون كيف لهذا الكائن ان يحرمه اياها

امسك به بقوة يضعه على الارض ويجلس عليه يحطم له وجهه بقبضات قوية قوية حتى ان وجه العربي تكسر من الضرب
ورقية تحاول ان تعتق زوجها الا ان هود كان كالاعمى حبيبة قلبه هو تذهب بسهولة لغيره

قال يقف بعد ان رآى العربي تحته مفشلا كليا من النفس
- اخبريني انت ...الى اين اخدها؟ ومن اخذها؟ ومنذ متى؟ اخبريني والا قتلته وقطعته اربا ورميته الى الكلاب في الخارج
- انننننها .....

من خوفها اعترفت له بكل شيء عن مكانها ومن اخدها وكيف حصل كل هذا
ويا للعجب لدى خروج هود بقيت هته المرأة المغلوب في امرها تنظف جراح زوجها من حبها فيه الى متى مثل هذا (((((الا....))))))في حياتنا؟



خرج هود كالاعمى تقريبا يشد على يده بقوة تقلبه كان كالطوفان الذي يكون هادئ فلايفتأ ان ينقلب ما في الاسفل الى فوق بقوة
اخد العنوان الذي اضطره الى استعمال عربة بحصان وطلب من سائقها ان يسرع في قيادتها
كان يتحرق يتقلب كالخبز في الفرن تحرقه الافكار من كل الجوانب يكاد يختنق ويفقد صوابه كليا
توقفت العربة التي طلب من سائقها ان ينتظر وسوف يقوم بدفع ثمنه مضاعفا

كان المنزل يلوح له وراء السنابل الكثيفة في ارض صغيرة وتقدم ركضا لايدري كم يفرقه عن البيت لكنه يكاد يجن من فكرة ان يلمسها ذلك الخسيس


في ذاخل المنزل بغرفة نوم عادية جدا كانت جميلة بقفطانها الرقيق الاصفر لاتزال تجلس فقد استطاعت ان تتملص من هذا الخنزير وقد بررت ذلك بانها تريد ان تأكل فهي جائعة
قال .....:
- سوف يحضرون لنا الطعام الان ارتاحي انت ههههههه
نظرت اليه بكره تقريبا تخفيه في ابتسامت تشوبها تغيرات نفسها عن هذا الوضع:
- ان شاء الله

اقترب منها اكثر وابتعدت اكثر
- تعالي لما انت خائفة .؟
- انا جاااائعة ولست خائفة ولاتكن لحوحا

دخلت من الباب احدى اخوات عريس الغفلة كما نقول وهي تزغرد وتصلي على النبي
حتى العقد لم يكتب انهم فعلا حقيرون وابي احقر منهم

قالت اخته:
هاهو الطعام دجاج مشوي بالحامض والزيتون هنيئا مريييئا رووووووي

خرجت لتتركهم فقالت جميلة:
- هلا سبقتني لغسل يديك سانتظرك
قال بغباء ضاهر:
-حسنا
يا الهي لايذكر حتى انه للتو خرج من الحمام
اللهم اعتقني يارب
جذبت من صدرها قارورة ملأتها بسم الفأران الهاري
وسكبت منه في مكانه وتنفست وهي ترتجف بقوة لم تفكر ابدا انها قادرة على قتل احدهم لكن فلتموت على ان تلمس حدود الله بشيء

خرج يضحك وجلس قربها
فقالت بابتسامة :
- ابدئ انت
- ساطعمك
- لالا لا يا زوجي ....هه كل انت اولا وسآكل وراءك فانا اخجل ولاتنسى سمي الله وكل بيمينك وكل من امامك
شعرت انها تريد ان تبكي فليست هي بالقاتلة ولاهي بمن يتمنى بقتل نملة لكن ابدا لن يصل امرئ اليها الا في الحلال حتى لو ادخلت السجن فهو ارحم لها
ما ان شرع في غمس الخبز في المرق حتى سمع صراخ وعويل في الاسفل وتلى ذلك دخول هود
في تلك اللحظة التقت عيونهما ولاتدري لما شعرت انها الان فعلا بامان وشعر ان قلبه الان ارتاح قليلا على عزيزته
اقترب وقلب المائدة وسط ذهول الحاضرين من الاخوة من وراءه ومن زوج الغفلة الذي نال من الضرب ما لم ينله في حياته حتى ان هود كاد ان يقوم برميه من الشرفة لولا دراعه التي ارسلت من تلك اللمسة الى قلبه تيارا ابرد ناره
نظر اليها يقول:
- هل انت بخير؟
- بخير فقط انزله
انزله ليأخذ يدها ويخرج من البيت باكمله الذي تركه في فوضى عارمة حتى من الاخوات فتن كليا بالاخ الذي اكل فعلا مما اراد
في وسط الارض المسنبلة بنعومة توقفت وتوقف لينظر اليها فاخدت يدها منه وقالت:
- اشكرك سيدي على مافعلته لكنني لا استطيع ان اكمل معك

نظر اليها وقد تاتر بجمالها الرائع حتى خشي عليها من الشمس فاعطاها الجاكيت الخاصة به ووضعها لها على شعرها الذي نسيت ان تغطيه

- ما الذي انت خائفة منه انا لست هو؟
- اعرف لكن حياة في الحرام لااريد... وبت فاقدة للثقة مادمت لم اجدها في والدي ...ومن يخبرني انك لست مثل الزوج العتيد فوق ولن تكون نذلا مثله

شعر ان الغضب بدأ يعصف بقلبه لايريد منها ان تشعر هكذا:
- انظري ثقي بي

- لا استطيع... افهمني انا لحد الان كنت على وشك ان اقتل الرجل بالسم الهاري اتدري كدت ان اموت خوفا قبله

اراد ان يخفيها في صدره ان يبرد وجعه ويمسح خوفها
- هل ستعودين الى بيتك؟

- لا ...

- واين ستذهبين الان؟

قالت تضم ذراعيها حولها بارتباك
- ساتدبر حالي

- انظري ساتزوجك الان ان اردت فقط لن اتحمل رؤيتك وحيدة في اي مكان مختفية عن ناظري

بعث في نظرته كل العشق الذي يميله اليها
فنظرت اليه لاول مرة تسمع شيء كهذا ولاتعرف معناه لكنه يشعرها بالفرح هذا ما تعرفه
- اذا ارني انك فعلا ستفعل ذلك...وتستحق ثقتي

سبقته وسط السنابل المتمايلة بنسائم الهواء الصيفي الناعم
تحت نظراته التي التهمها جمال طلعتها وتبعها مبتسما الان فقط ارتاح كليا بعد ان فجج غضبه في من ارادوا ان يلمسو ياقوتته الثمينة
وشعر بالسعادة لانها ستصبح تحت سقفه له وحده في عزلة تامة عن باقي الخلق

يتبع.............


















ان شاء الله


الجزء الخامس عشر

بعد ثلاثة ايام

في القصر

كان عبد الصمد لايجد الوقت الكافي للحصول على بعض الراحة فقد كان عليه ان يذهب في المساء مع والد واخوانه وكذا امه الى منزل السي محمد لكتب الكتاب على هند
والقلق رغم كل هذا يبعث في نفسه عدم الارتياح البتة

كانت امه قد حضرت للعروس لوازم الخطبة والزواج في آن واحد
وكذا المهر
وقد سبق واتصلت برشيدة معلمة اياها انهم قادمون ليخطبوا ويكتبوا الكتاب فطلبت ان تسمع موافقة ابنتها
وهذه الاخيرة فرحت كثيرا ووافقت حتى تركت والدتها مندهشة من فرحتها هته واندفاعها العجيب نحو الموضوع لذى انتهت بتفسير الامر بانه فرحة العروس بزواجها
امر عادي






**************************


في هذين اليومين المنصرمين


وصل عصام الى العاصمة الدار البيضاء لانهاء الاجراءات اللازمة في دفن اخته في مقبرة الغفران
وكم آلمه قلبه وتحسر لفقدانها لكنه وعد الا يبكي عليها
ان يدعو لها بالرحمة والمغفرة عسى ان يرحمها الله ويسامحها ويبعد عنها العذاب
بعد ان دفنت
وقف ينظر الى قبرها البارد
والى الرجل اللذي يعتني بالقبور وقد طلب منه ان يضع لها من ذلك العشب المورد برقة
انعش قبرها بقطرات ماء بللت تربته
سرح صاحب النظرة العميقة في هدوء القبور
الا من الرجال اللذين يقرؤن على البعض منها في قبور متفرقة وبعيدة
مقبرة الغفران دات مساحة شاسعة تضن انها لن تتنتهي بتاتا خضراء
هانئة من تقلبات الحياة
سرحت نظرته كثيرا ودعا لها بالمغفرة
واستغفرالله في نفسه كثيرا وشعر بانه محظوظ فما دام في الحياة فلابد من ان الله يترك له الفرصة في اتخاذ الطريق السوي
تحرك من مكان قبرها
وشعر ان قلبه يعلق وراءه لكنه اتخذ كامل قوته وخرج من هذا المكان داعيا لكل الموتى بالرحمة
وقرر ان يذهب الى المعاريف حيث يقطن حاليا في فندق مريح ويحتاج فعلا الى الراحة فهو لم ينتهي بعد من هته المدينة
فينتظره شوط آخر عليه اجتيازه




**************




في حدود تلك الارض البهية



هود عاشق هو
وعشقه تفرع في كل مناطق جسده غلغل روحه ورفض التنازل ابدا
اصبح كالمجنون فعلا وبالخصوص بعد ان تزوجها
توجته كملك في عالم الحب
ورأى انه ابدا لم يعشق انسانة بعد حب امه الخالص الى الان غيرها
كانت قربه على زربيته المتواضعة الدافئة تنام فاردة شعرها على ذراعه القوية
يحمد الله لانه بدأ للتو حياته التي تمناها دائما رغم ان الحظ لم يحالفه
في بداية حياته
الا انه الان بات اكثر تأكدا من انه فقط يمر في الحياة من تجارب وصبره عاد عليه بالفوائد المفرحة لروحه
والمرضية لكامل عروقه
دفن رأسه في شعرها وتخذر هو مع عطرها
وما زاد نبضه قوة تنفسها ونغمته المتسلسلة دون ملل تدفئ صدره المرتعش
تركها على وضعها واقتنع بانه يكفيه
رفعته فجأة افكاره
اخطاء الماضي الجسيمة
يتمنى من الله ان يصبره بعد اقتراب اعترافه لها فان علمت قد تنتهي بقتله او تركه
ويضن ان هي قتلته سيكون اهون وارحم لقلبه
الذي تزيد اوجاعه بسببها الان
نامي ياجميلتي الغالية فلا اتمنى الان سوى لحظات السعادة هته الا تفنى ابد




*********************



بالقصر
في جناح عبير



تلوم نفسها كثيرا لانها فعلا تسببت في نهوض سعيد للعمل متأخرا
ضلت تلعب معه الورق
متحدية اياه بانها من سيفوز لكن كان يغلبها
شعرت بسعادة وحميمية خاصة في سهر الليل الى ساعة الفجر وكم ضحكت على نكاته اللتي تدري انها سخيفة فقط لانه يتعمدها كذلك
سبق واعترف لها بعشقه لها وكم كانت كلماته في بعض الاحيان تخرج منه دون قصد
فتتعداها بالاستمرار في احاديثهما الشقية
عن هذا وذاك
وبالخصوص كم كتمت ضحكاتها عنه عندما كانت صغيرة في مواقف عدة
سر جميل في علاقتها به انها تعلم انها لا تمله
ولاتعلم انه يكاد يهلوس باسمها في خياله
وربحته في النهاية في لعبة الورق
وبهذا كسبت ويعني انها من سيهتم على الدوام بكل اموره
ولديها مخططات اخرى من اجله
ويكاد هو ايضا بما يخبأه لها من مخططات يلين بها مشاعرها نحوه تخرج في لحظات يريد ان يفرحها بها
لكنه يتمالك قلبه ليحفظها للوقت المناسب
في الحقيقة تعجز عن فهم سعادتها بتواجده معها وحضوره وكذا امتاعها بخفة دمه
تعلم انه زوجها ويحق له مايحق وهذا فقط ما يجعلها تتغاضى عن كلامه المعسول في بعض الاحيان
لكنها لاتنكر انه يروق لها سماع المديح منه
وانتهت السهرة بسماع الاذان لصلاة الفجر واقفلت السهرة وقد اشعرها هذا بانها تتمنى لو يبقيا هكذا طويلا
وكان عليها ان تصلي وتقفل على نفسها الستائر لتنام براحة
لكن اهي فعلا مرتاحة؟
لم يغمض لها جفن الا وهي تسمع خطواته لدى عودته من المسجد سالما وبعد ارتياحها غابت في نوم عميق





*******************




في جناح عثمان


ضل الاتنان على نفس الحال
عثمان غاضب كل الغضب منذ ان ذكرت انه لمن الممكن كان لها ان تحضى بالراحة مع شخص آخر غيره
لايدري ولكن مجرد التفكير في الامر يجعله قادرا على ان يهد القصر بما فيه لكن ابدا لن يضهر لها شيء تتخده كسلاح ضده

هي من جهتها عذبها هذا التباعد بينهما
غالبت نفسها واحاسيسها المشتتة في درب الحب لرجلها المغرور
تضهر له انها غاضبة منه بالقدر الذي هو عليه فلا يتبادلان سوى كلمة السلام
بعد المشاجرة كل ينزوي في جهته من السرير
تحاول ان تشعر نفسها ان هكذا افضل لكن كيف لامرأة تحب شخصا بهذا القدر ان تفكر هكذا؟
تريد ان يمتلكها بالقوة حتى ولو بالغضب الاعمى فهي باتت تتوافق مع طبيعته الحادة لكن برود كهذا ما لاتريد
هل يعني انه يملها الان؟
هل يمكن ان تكون لتلك المرأة مكان في حياته في قلبه؟
تريد ان تسأله ان تتوسل له في ان يخبرها فقلبها ماعاد يحتمل
الالم يزداد بقدر التباعد
لكنها عدلت عن افكار الانهيار امامه فما عاد الامر ينفع

والشوق الغريب في دم عثمان يغلي مع كل نظرة يوجهها لها فكم هو صعب فرض الكبرياء على ساحة الصراع انه موجع ومؤلم بإفراط
لايعرف لما صعب عليه ان يفرض البرود في تصرفه
على ان يقربها منه رغم تواجد العائق الكبير بينهما
اعتاد على انصياعها بين ذراعيه
على اختطاف القبل من شفاهها
دفن اصابعه المتوجعة في قلب شعرها الاحمر العجيب
شيء بدائي بينهما يجهل قوته الخفية ومن اين تنبع
ما مصدرها الحقيقي
لايدري لما هو يحبذ ما تهديه اياه من جمال فائق واعترافات
حب له ويعشق تدللها
حتى الالم
انه يضعف وليس في صالحه ذلك فهي واحدة لاتستحق ابدا ان يغرم بها
هذا حلم يتمنى الا يتحقق
ولن يتحقق





***************************




في بيت يونس



الذي اصبح بيت الياسمين وحدها
هاهي الان تشعر بتأنيب ضمير لايفتأ ان يعذبها
انه يونس انسان سبق واعدمت روحه من قبل
وهاهي الان تشهد له قسوة لم تعهدها
لم تتزوجه الا لكي تعيل عائلتها وتكتشف في الاخير انه رجل من الماضي
قد عاد
تركها ليذهب الى البيت قرب حضيرة الدواجن خاصته مورد عيشه
وتركها كدمية الشيفون
مهدودة القوى لاتركز على امر وتستعين بابنتها الان في المطبخ وفي الاعتناء بالجدة
ولاتستطيع ان تفسر سبب هذه الوحشة التي ملأت غرفتها
حملت ابنتها لتنام معها في غرفتهما علها تقلل من وطئت الحال
لكن بدون فائدة كأنها غير موجودة اصلا
تشعر بوجع غريب مشاعر سخيفة لايجب ان تشعر بها ناحيته
لكن لاتنكر ان مكانه فارغ ان دفئه قربها شيء سخي على احاسيسها
انه ليس ببعيد ليس الا قريبا
لكن لاتستطيع ان تقلل من كرامتها وتذهب لمصالحته مادامت غير نادمة اصلا فهي لم تقل سوى الحقيقة


يونس

كان مدبوحا فعلا منخورا من كل عروقه التي كفت عن النبض
بعد ان خلا لها البيت وتركها وراءه
لانها حقا تجرحه كثيرا دون ان تدري
وتحيي الان لديه جراح الماضي لتزيد عليها بجراح الحاضر
الجروح اصبحت تتفجر وتجعل منه انسان مصنوعا من الصخر لايريد
ان يقسو عليها كثيرا لان الحب ليس بيد احد فلاهو بيده ولابيدها
لكن الافضل ان يحتفض بكبرياءه عاليا
مرفوعا الى فوق
ويترك الحكم في الامر بيد احكم الحاكمين



**********************




في منزل سي محمد



كما سبق واشرت ان اليوم حدد لكتب كتاب العروسين
وكل واحد منهما السعادة تأخده الى السحب بين النجوم المتلألأة
هند تحضرها والدتها وتساعدها في كل الامور البسيطة ايضا
فرحت رشيدة لانها اليوم ترى ابنتها عروس وفي نفس الوقت تجد ان ابنتها الوحيدة اللتي تملأ عليها البيت هرجا ومرجا ستتركها
الامر تتضارب فيه السعادة مع الحزن بل تجتمعان مما يسبب في عيون امها تلك الدموع
كانت تقف هند امام امها وهي تعدل لها قفطانا في الوردي الناعم بتفصيلة انيقة
وشاهدت الدموع في عيون امها:
- ماما لما تبكين؟
قالت رشيدة تنفض الدموع بعيدة :
- فرحة بنيتي
ردت هند تبتسم لها وهي تقول :
- ماما لاتخافي علي ساكون بمأمن وايضا نحن لن نكون بعيدتين على بعضنا البعض
قالت رشيدة :
- سيصبح المنزل فارغا من حضورك بنيتي ساشتاق لك ولجنونك

اقتربت هند تقبل امها وتضمها برفق:
-انا لا ازال هنا الى يوم العرس... احبك ماما ولن اتركك سآتي لرؤيتك كلما توفرت لدي الفرصة وعد
اجابت رشيدة مبتسمة:
- على الله توكلنا اتمنى ان تسعدي ابنتي فهذا هو الاهم

سمعتا طرقا في الباب وسمع معه صوت والدها:
- يامعشر الحريم مسموح الذخول

ضحكت الاتنتان معا لتقوم بفتح الباب رشيدة ويدخل الوالد
نظر الى ابنته
السي محمد اليوم بالذات يكتشف سر طلب عائلة صديقه المخلص سليمان يد ابنته فلابد من ان عبد الصمد شاهد الاختلاف الذي لم يشاهده هو في ابنته الذي ظنها ستبقى على الدوام صغيرة
قال يفتح ذراعيه:
- ماشاء الله ابنتي انا عروس اهدي والدك ضمة
اقتربت من والدها تضمه بحنان
فقالت رشيدة:
- ارجوك السي محمد لاتخرب لها شعرها للتو انتهينا منه بصعوبة

ابتعد ولاتزال ابنته في يده
فقال موجها لها كلامه:
- ارأيت كم امك غيورة لانك تضمينني ايه طبعا تريدك لها وحدها هههه
قالت رشيدة بعتب :
- سي محمد كف عن الضحك انا لست كذلك
علينا الاسراع فقد يأتي المدعوون على حين غرة ارتدي شالك ابنتي وحاولي تغطية كامل شعرك
قالت هند بتبرم:
- لكن لما امي انا لست محجبة؟
ردت رشيدة تعاتبها هي الاخرى:
- هيا ارتدي شالا يخفي شعرك ليس من المعقول ان تظهري للرجال هكذا الا تلاحظين ان نساءهم محجبات ليس من المستحيل الا يطلب زوجك الامر ذاته
قالت هند ببراءة مبتسمة ملأ ثغرها:
- حقا ...لااظن الامر سيئا سأوافق على الفور
ضحك سي محمد يغمز زوجته فأومئت هذه الاخيرة له لتبقى هند بينهما لاتدري فحوى كلامهما بالاشارة
- عما تتغامزان ها اخبراني والا آلمني رأسي؟
قالت رشيدة تضحك على غمزات زوجها:
- ليس مهما ابنتي...اقتربت منها تمسك يدها وتجرها الى المندضة حيث اجلستها
- تنقصك بعض التعديلات على الماكياج ...سي محمد اخرج هيا ماذا تنتظر ؟سيأتي الضيوف استعد للاستقبالهم وانظر اذا كانت صفية مع المرأة الاخرى قد حضرتا كل شيء ...واخبرها ان احتاجت للراحة ان تذهب للنوم فهي والطفل في بطنها يحتاجانها
قال زوجها بقلق غير ضاهر:
- حسنا
تبادلت مع زوجها نظرة مليئة بالذكريات المريرة لينسحب تاركا اياها تكمل تعداد ابنتها بقلب مهموم والله وحده العالم به





في القصر



في اكبر غرفة بالقصر
غرفة مولاي السلطان عبد الصمد
الفارس النبيل والمروض المحنك
انتهى للتو كذلك من تحضير نفسه طاقم حالك كسواد الليل المتعاظم
وحذاء لامع بدى في قمة الاناقة مع ربطة العنق اياها
كان راضيا عن نفسه كثيرا فيدري انه وسيم حتى الجمال ويمتزج مع القوة والصلابة
كان الطقم يضهر قوة صدره النحيل وبطنه الرياضية مع تناسب البنطال المفصل بعناية تامة
يهتم دائما عبد الصمد بمظهره ولايفوت الصيحات الاخيرة في الاسواق
لكن بطبيعة الحال يعطي التصاميم التي يريد ان يرتديها لمصمم خاص به
فصّال ماهر يعرف انه ان فقد زبونا مهما كعبد الصمد فلن يكون سوى الخاسر لانه يدفع له بشكل زهيد حتى يحصل على التفاصيل التي يريد
ويحب ايضا ان يرى اسمه بجانب اسم الفصال على الملابس
هذا يجعله يشعر بخصوصية في ملابسه اكثر

يهتم بمظهره ويعرف انه يؤثر في معشوقته الصغيرة
ما ان يفكر فيها حتى تعود قوة مشاعره نحوها بقوة اكبر
اسبوعان تقريبا مرا وهو يشعر كما لو كانا قرنان
وهما ولدا فيهما من جديد
يشتاق اليها بشدة حيث بات يبلغ تلك الدرجات العليا في الشوق

سيتصرف معها بحزم وقوة ...نعم يعشقها بكل انفاسه بل تكاد تجعل منه انسان احدتمت عليه الحالة في حبها
يريدها بسداجتها قريبة منه
وكم يبدو له الامر مشوق لطالما كانت البريئات في الحياة سعي الرجال
لكنه سيحصل عليها بالحلال ويدري انه الوحيد في القصة من حضي بالتجربة في فترة كان بعيدا فيها عن القصر
لكن الان هي من لوعته
هي من بسداجتها في العشق توهته
ستجده عاشقا مثالا حيا للرومنسية
وهذا ما يجعله سعيدا لضعفه الذي لن يضهره طبعا
فعزة نفسه تجعله غير قادر على ان يتدلل لفتاة
لكن عليه ان يروضها قليلا لتصبح خاضعة لاوامره في بيتها اي القصر

وقف يتأكد من مضهره في المرآة
واستدار لدى رؤيته لوالدته تذخل ابتسم لها وعلم مسبقا انها ولابد ستاتي للتتأكد من ان ابنها كامل الاناقة لاهو ولاإخوته يحاولون ان يتملصوا من عنايتها بهم
يتركونها على راحتها دائما
كانت قد ارتدت جلبابا اسود على قفطانها الاسود ايضا
واقتربت منه تحقق في اناقته
فعبست قليلا وتعجب عبد الصمد لامرها فقال:
- مابال والدتي الجميلة عابسة؟
قالت بحزن :
-تبدو كامل الاناقة بني ... اشعر انني ماعدت قادرة على مساعدتكم في شيء
اقترب منها يضمها:
- لاامي ماهذا الكلام فقط نحن نستطيع بالتأكيد الاهتمام بأنفسنا ولانرضى تحميلك ثقلنا في هذا السن كذلك
تنهدت وهي تعود الى طبيعتها:
- الان ستتزوج انت ايضا على الاقل ستكون لديكم من تهتم بشؤونكم
وتفكني من جنونكم رحمني الله ورحم زوجاتكم
ضحك عبد الصمد يقول:
- هههه امي تعلمين ان هند مدللة صغيرة لكنها محببة أتمنى ان لايكون طلبي للزواج منها قد كدرك ...امي اعلم انك تحبين ان تنقي على ذوقك لكن قلبي ارادها مابيدي حيلة
قالت تبتسم له :
- في الحقيقة بني صدمت في بادئ الامر لانها تصغرك تقريبا بعشر سنوات الفرق بينك وبين اخوتك ان زوجاتهم عاقلات و...لايمكنني ان احكم على هند باي شكل فهي مأدبة وهادئة غير هذا لست ادري ان كانت ملمة باشغال البيت لكن ذلك سيصلح مع الوقت
- امي سبق وطلبت منك اجابتي... انت راضي عنها؟
- بكل تأكيد بني... ولك انت ما كنت لارضى باقل منها لانها فتاة جميلة وقد ارضاني حيائها واحترامها انا راضية عنها كرضاي عنك فلاتحمل هما عزيزي
- ارحتني امي اشعر الان بالراحة اكثر لمعرفتي بنظرتك اليها وتأكدي من انها ستكون ان شاء الله سترضيك كما ابنك

قال يخرج معها من الغرفة الكبيرة
- لابد من ان والدي ينتظرنا في الاسفل
قالت تبتسم:
- يبدو كما لو انه من سيتزوج يقول ..لاتتاخروا علي اكره الانتظار
ضحك عبد الصمد:
-هههه ابي المسكين يحمل همومنا دائما ..حفظه لنا الله ولك ايضا يا سيدة السيدات
قالت تنظر اليه جانبيا :
- يا ولد كف عن هذا والا اعطيتك بالشربيل على رأسك
ضحك اكثر:
-هههه احبك امي وانت غاضبة تبدين بعكس الغضب مرحة ههه
بادلته ضحكته ونزلت معه ليركبا الجيب السوداء مع والده





في الاعلى بغرفة سعيد




كان قد انهى ترتيبه لنفسه
سروال رمادي كلاس مع حذاء اسود وقميص ابيض تركه مفتوحا عند الصدر عادته لايستغني عنها
كانت عبير تجلس وراءه فوق سريرها تنظر اليه باعجاب خفي فقد اثارتها طريقة تحضيره لنفسه بخفة لاتأخد اكثر من ربع ساعة فيبدو بعدها رجلا جذابا بكل المعايير

وضع قلادته في عنقه
وانتهى برش بعض العطر الذي اخترق هدوءها
واعجبها استنشاقه كثيرا فرائحته تنم عن ذوق رجولي مرهف
استدار ليقابل نظرتها الساهمة
وعقد حاجبيه على وجهها باهتمام فانتهت هي بالقول بخجل:
- تبدو انيقا ....
قال يسرح في طلعتها الرقيقة فوق السرير
ببيجامتها الطويلة السوداء الواسعة قد سبق واشترتها من مراكش بنصف كم واسع
وكم يراها نقية حتى شعرها المضفور وراءها يجذبه اليها
غالب مشاعره وتقدم نحوها يمد لها ساعته عمدا لكي تقوم بتركيبها على معصمه القوي
- هلا ساعدتني
نهضت من فورها تنظر الى مايمده لها وابتسمت ببراءة
تمسك بالساعة من بين اصابعه المتوجعة تحت ملمسها الناعم
ظل ينعم بلحظات وجع كبرى وهي تحت نظرته
مخذرا كليا تسلبه النشوة والعذاب بذلك كل ارادة
لما يزيد من عذاب نفسه
لكنه يدري ان العذاب في قربها اهون عليه من لاشيء يفضلها حقيقية امامه على صورة في عقله
رفعت نظرتها اليه فاحرجت حتى الاحمرار من نظرته المتبتة على شفاهها
تركت يده بأدب لتقول تكسر السحر الذي يثمله ويخجلها
- سعيد لقد انتهيت اظن انهم ينتظرونك
نظر الى ساعته يتظاهر بالنظر اليها وقال:
- محقة علي الذهاب ليلة سعيدة الافضل الا تنتظريني سأكون متعبا الليلة لن استطيع السهر ...قال ضاحكا...اشعر بالنعاس منذ الان اخاف ان انام في الطريق
- لا ارجوك لاتقد انت ان كنت متعب ....اعني الافضل ان يسوق عثمان مثلا
- كنت امزح معك لاتقلقي هذا فعلا ما سأفعله
على فكرة تذكرت ...سيارتي الصغير الرياضية تحفة علي ان آخدك في نزهة فيها يوما ما ذكريني فقط
ابتسمت بفرح:
- سيسعدني ذلك
همس
- تصبحين على خير
قالت مـتأثرة بابتسامته الجميلة
- رافقتك السلامة اهتم بنفسك
خرج مبتسما يشعر بالزهو فعلا لايطلب اكثر من هذا السحر الذي يلفه والباقي فل يقتله ان شاء فلن يتجاوز خطوطه الحمراء نحوها مهما حصل




في جناح عثمان

ساعدته في ارتداء سترته الرمادية القانية وابتعدت تحت نظرته
الملتهبة تقول:
- سأنام اليوم عند امي اريد ان اتكلم معها في عدة مواضيع
استدار مغضن الجبين :
- ماذا؟غير معقول هل اخبرتها بانك ستبيتين عندها؟
- ليس بعد
- جيد لانك لن تنامي الا في غرفتك
قالت تجابه نظرته بقسوة اكتسبتها هته الايام من فرط قسوته عليها
- لاتكن قاسيا انام دائما في غرفتي ما المانع ان نمت عند امي الليلة ...لقد قلت ان لدي....
قال يقترب من مكان وقوفها
- وما نوع المواضيع التي تريدين ان تتحدثي فيها معها ليس لي علم بها؟
قالت بارتباك
- امور تخص النساء
قال يزيد اقترابا منها
- وما هي؟
قالت تتكلم دون ان تنظر اليه:
- لاتكن حشريا يا عثمان ..ارجوك
قال يمعن فيها النظر ويفصل كل ملامحها على حدى:
- لن امنعك على عمتي فغلاها اكبر من غلاك عندي هذا لتعلمي فقط...اذهبي لها الان وعندما يقترب وقت وصولي ساعلمك وعندها اريد ان اجدك في السرير ...هه حتى وان لم يكن لك عمل فيه

شعرت بان قلبها يمتزق مع اهانته التي تشعرها انها لاتصلح لشيء الا ل...
- ما رأيك يا عثمان؟ لن تجدني وسانام لديها
قال بهدوء وهو يخرج من الغرفة الى وسط الجناح لتتبعه:
- ستعودين الى الغرفة وان لم اجدك فساقوم باحضارك من جناح عمتي لن يهمني ان احرجتك
خرج من الغرفة صافقا الباب وراءه
ليتركها تشعر بالهوان والهزيمة وانه عصي على الدمارلايهزم ابدا
منذ ان اشعرها انه سيحصل على مايريد متى اراد وهي مستعدة للقتال بكل ما تملكه ضد ضعفها
قسّت نفسها
لكنه بدل ذلك اظهر انه غير عابئ حتى بها فلم يحتويها ولا مرة منذ ثلاثة ايام بين ذراعيه
وهذا يشعرها بفراغ رهيب
لذى تفكر جيدا انه حان الوقت لتضهر له الدلائل وتحضر له الواقع وحقيقة انها شريفة على الارض امام عينيه
فبعدها فقط ستحضى بحياة كما تستحق
هي ليست من يستأهل هذه القساوة كلها فقلبها اضعف بدرجات كثيرة على القوة التي تضهرها في اوقات عديدة





في بيت السي محمد



استقبل الضيوف بترحيب كبير
ادخل الرجال الى الصالة الخاصة بالرجال وكذلك اتى العادل مع سليمان
لانه يدري ان الجد ان هو طلب شيء فهو لصالحهم

قال سي محمد مبتسما للجالسين :

- اهلا بكم كيف الاحوال يا سليمان ؟

قال سليمان المرتدي لجلباب بني غامق
- الحمد لله بخير كيف الاحوال عندكم انتم ان شاء الله مرتاحون؟

- بخير الحمد لله نحمد الله المحصول هذا العام يساعدنا كثيرا على تطوير المزرعة

قال سعيد الذي كن يجلس بجانب عبد الصمد ومن الجهة الاخرى لعبد الصمد عثمان بحيث يكون العريس في الوسط:
- انت محق عمي نحن نستعين بالعين التي نملك بجانب الارض الا ان المطر رحمة من الله بكل تأكيد مهما روينا لانستطيع ان نستغني عنه
والمحصول هذا العام مرتفع بفضل الله

قال سي محمد:
- اجل بالفعل مرحبا بكم مرة اخرى عندنا

شكره سليمان وقبل ان يتحدث
في نفس الوقت
همس عثمان لعبد الصمد كاتما ضحكته
- هل لجم لسانك؟
قال سعيد من الجهة الاخرى
- العاشق المسكين تائه اعذره ياعثمان يفكر بالصغيرة التي لوت قلبه
قال عبد الصمد يحاول ان يحتفض باعصابه في ثلاجة:
- كفا عن هذا لست برضيع
قال عثمان يبتسم :
- ومن يخاف؟ فانت ستتزوج فتاة جميلة من بعذ اذنك في مدحها لكنها فعلا تليق بك على الله ان ترينا الوجه الحقيقي لاخينا الاصغر على الاقل ان تطيح به على الاخر
قال عبد الصمد يدافع عن شخصيته من كلامه:
- ابدا سأتزوج لأبني عائلة وشخصيتي ابدا لن تتغير
قال سعيد بمرح:
- آآآآه... يا عبد الصمد ستتزوج وترى الحياة على حقيقتها
قال عبد الصمد يبتسم اخيرا
- لم ارى مجنونين اكثر منكما ...ولكن اوافقك يا سعيد لابد من انها تلف احبال الجنون على مخك للتتحدث هكذا
التفت سعيد عنه لكي لايضهر ضعفه لذكره اياها فقال:
- تكلم عنها باحترام
- طبعا اخي ولو انها في متابة اختي اليست زوجة الاكبر
وانت عثمان اخبرني فقط الم يحصل ولجمت لسانك لاتقل لا
قال عثمان بجدية اشعرها وكانه يقولها بمرح:
- لم تخلق من تلجمه لي


تحدث سليمان يقول:
- تعلم يا محمد لما اتيناك اليوم

تهامس الاخوة الاقوياء في جلستهم التي اضهرت الواحد منهم اضخم واكثر جاذبية من الثاني... ليسكتوا

- ورغم ذلك نريد بل ويشرفنا ان نربط نسبكم الرفيع بنسبنا بطلب يد ابنتك المصونة هند لابننا عبد الصمد ونتمنى ان يكون نسب الخير والمحبة

قال سي محمد مبتسما:
- والله يا سليمان كل الشرف لنا بان يرتبط اسمانا مع بعض وان شاء الله سأطلب موافقة العروس





استقبلت رشيدة فاطمة بكل لباقة في الترحاب
ادخلتها الى الصالة الخاصة بالنساء
كانت الصالة مفروشة بسدادر تقليدين في اللون الازرق وكان ثوبه ناعما
وجميلا ايضا
قالت رشيدة مبتسمة:
- اهلا بك يا فاطمة حللت اهلا ووطئت سهلا الله لايحرمنا من مجيئك عندنا البيت نور بوجودك

قالت فاطمة
- لك كل الشكر عزيزتي كيف احولكم انتم ان شاء الله بخير

قالت رشيدة مبتسمة:
- طبعا بخير مادمتم انتم بخير

- هذا من ذوقك غاليتي
اخدت عيون فاطمة تحوم على الصالة وتنتظر ظهور هند في اية لحظة
قالت:
- اين هند الن تشرفنا العروس بجلوسها معنا؟

قالت رشيدة :
- طبعا سوف تنزل حالا اخبريني عنكم كيف الاحوال مع العرسان الجدد سمعت انهم عادوا من السفر؟

قالت فاطمة:
- بخير الحمد لله الفتاتان في قمة الروعة لايزال جمالهما يؤثر في بطيبوبتهما ونبل اخلاقهما...ما شاء الله اذا ما وضعتهما على الجرح يلتأم

- حفظهما الرحمان بالرفاه لهما والبنين وايضا باحفاد يملأون عيونك يا فاطمة

- آمين يارب لاتدرين كم يسعدني ان اجد ان اولادي يبتعدون عن الحياة الحرة ليحصنوا انفسهم بزوجات نقيات مثقفات وايضا جميلات
والجميلة هند منهم طبعا

ضحكت رشيدة:
- اشكرك على المدح

- لاوالله ليس مدحا انه فعلا حقيقة ابنتك في تلك السهرة بهرتني بتغيرها الجدري وتستحق ابني الذي اعرفه قاسيا بطباعه لكنه ذا قلب حنون....هل عروستنا من محبي الطبخ؟

قالت رشيدة تشهد لابنتها:
- ايه طبعا انها بارعة في الطبخ والاعتناء بتفاصيل المنزل حتى انها من تعتني بملابس والدها واشياءه ...هههه اضنه الان سيقوم بطردي ان قمت ببعثرت اشياءه

ضحكت فاطمة:
- اذن الفتاة الصغير محنكة في شغل البيت
ما شاء الله في الحقيقة ولاصارحك هذه هي الانثى التي تلائم ابني فهو من محبي النظام في كل شيء
واظنها بعد كلامك ستناسبه كليا هنيئا لهما ان شاء الله

- آمين هذا كله من ذوقك والله اخجلني كلامك الله لايحرمني منك صديقة

في تلك اللحظة ذخلت هند في قفطانها الوردي
واضعة على شعرها شالا خفيفا ورديا يغطي كامل شعرها الاشقر الذي يصل الى اكتافها وقد صففته بدقة متناهية
ابتسمت امها وفاطمة لدى رؤيتها
اقتربت منهم تمد لهم التمر المحشو واخدت منه الاثنتان
وقد بدى على فاطمة انها راضية على هته الفتاة كزوجة لابنها فهو جذاب وما كانت لتقبل له باقل جمالا من هند
لربما هي انانية بعض الشيء حيال هذا لكنها تريد لابنها ان يبقى محصنا ضد الجميلات في العالم لفرط جاذبيته
وهذا لن يكون الا بزوجة ساحرة مثل هند

قالت هند بخجل العروس لحماتها :
- هنيئا امي

ضحكت فاطمة ممعنة في ابتسامتها العذبة وخجلها وكذا ادبها فقالت لرشيدة :
- ما شاء الخالق كما لو انني اراها لاول مرة ...وجهت كلامها لهند...اين خبأت كل هذا الجمال يا هند بارك الله فيك عزيزتي

همست :
- آمين

- هذا التمر لذيذ على ماذا يحتوي؟

قالت هند
- على عجين الفستق مع المكسرات

سألتها باهتمام:
- انت من صنعته؟

- اجل

- ماشاء الله ...ما شاء الله
وجهت فاطمة كلامها الى رشيدة

- ان شاء الله يا رشيدة اتينا اليوم لنطلب يد المصونة ابنتك الغالية هند
وهي ليست غريبة علينا اعتبرها ابنتي دائما

ابتسمت هند تنظر الى امها من تحت عيونها الخضراء
فقالت فاطمة:
- لنا الشرف ان تاتوا الينا بهذا الطلب المفرح لنا ...وهاهي هند موجودة لقد سمعت بنيتي وانت من عليها ان تجيب

قالت هند تبستم بخجل :
- اقبل




سمعت الزغردات حتى صالة الرجال وعندها نهض سليمان يسـتأذن منهم ليأخذ الجواب من ابنته وقف وراء الباب الى ان تقدمت اليه هند واعطته جوابها
وكان الفرح والسعادة يلم العائلتين
طلب منها ان تحضر الى مجلس الرجال حيث جلست لاول مرة امام عبد الصمد الذي ذهل لرقتها وجمالها الذي افتقده كثيرا
وذهلت هي من شدة وسامته وقد احتفضت بعيونها على المائدة التي وضعت عليها الاوراق
وامضى كل منهما على العقد
واستطاع اخيرا عبد الصمد ان تصفى روحه كليا وان ترتاح من القلق الذي كان قد انتابه من ان يفرق بينهما اي احد او ان تعود في قرارها في الزواج به
انسحبت العروس واستقبلتها الزغاريد وعلت اصوات الخادمتين بالصلاة على النبي
وطلبت فاطمة ان تجلس هند قربها
اوضحت لها بعض الاشياء وركزت لها على الحجاب ففي عائلتهم كما تقول لا تدخلها فتاة بدون حجاب وافهمتها ذلك بطريقة محببة
لكنها فقط لو تدري انه لاشيء يهم هند مادامت قرب حبيبها
الذي تعشقه منذ ان رأته في اول لقاء لها به
وهكذا بعد العشاء واتخاد كل واحد منهم مكان مريحا له
كان عبد الصمد صعبا عليه ان يركز على الكلام الذي يقال
وقد تغامز سعيد وعثمان على سهوه وضحكا معا
قال عثمان:
- مبروك ياعريس ...ياعريس.. هل تسمعني؟
قال عبد الصمد يفيق من خيالاته المجنونة في خالبة العقل لديه
- بارك الله فيك اخي هل اردتني
- ههه لاااااا يبدو ان الصدمة كهربتك ما الامر الهذه الدرجة تأثرت

تغضن جبين عبد الصمد:
- ارجوك عثمان بدون سخافات
- والله لست ادري ان كنت انا السخيف بينما انت ساه منذ ان وقعت العقد
قال ساهما في افكاره:
- اريد ان اراها
قال عثمان ضاحكا لسعيد يسمعه:
- هل سمعت سعيد يقول انه يريد رؤيتها
قال سعيد
- المسكين اتفهمك لابد وانك تقاسي

عدل عبد الصمد المسلوب القوى عن الاجابة تاركا لاخويه الوقت لرؤية اخيهم لاول مرة يضهر الخنوع غصبا عنه
التفت الى اخويه
- اريد فعلا رؤيتها علي ان اقوم ببحث بعض المساءل ...المهمة في زواجنا
قال عثمان
- اطلب الاذن من حماك اخي وانظر اذا كان سيوافق فهذا حقك
حار في الامر كيف له ان يفعل ذلك؟
لكنه تغلب على ارتباكه وسأله اذنه في رؤيتها وقال سي محمد انه سيعلمها لكي يقوما ببحث الامور الخاصة بهم في احدى القاعات بالفيلا
وسهل عليه تفهم الوالد حقه في رؤيتها على انفراد

دخل الى قاعة صغيرة تحوي مجموعة من الكنبات سوداء وثيرة للغاية
تتوسطها طاولة زجاجية فخمة فوقها مزهرية تحوي زهورا ذهبية لاتذبل
بجانب الكنبيات عن يسارها توجد شرفة واسعة تفضي الى حديقة البيت لديهم
انتظر مطولا في الصالة
وجلس يرجع جانبي سترته ورائه بعد ان فتح ازرارها واطلق سراح ربطة العنق في عنقه
اتكأ على ظهر الكنبة مرتاحا في جلسته
سرح في افكاره وفي هنده الجميلة صاحبة العيون الخضراء العميقة
الى ان اعلنت دخولها عليه





في القصر




لم يكن هنالك سوى الجد الذي اطمئنت عليه ابنته مليكة فقد نام
وابنتاها اللتان اجتمعتا في غرفتها تنتظران حضورها
كانت ثريا تتكئ على مخدة امها واختها امامها تربط ساقيها في جلستها
قالت ثريا:
- كيف زواجك عبير؟ هل انت سعيدة صغيرتي؟ اعلم انه كان من الصعب عليك التأقلم

قالت عبير تبتسم:
- لا والله انا سعيدة في ..زواجي طبعا سعيد جدا طيب ويعاملني بشكل يفوق الخيال لاتتصوري كم يلبي لي من طلباتي واشعر بالسوء لذلك

قالت ثريا متسائلة:
- لكن لما تشعرين بالسوء؟

اضطربت عبير ولعنت نفسها لانها خرقاء دائما تتكلم بغير عقل:
- لا ...فقط انا اخاف الا اوفينه حقه

قالت ثريا مبتسمة:
- كل هذا الجمال اختي ولايوفيه حقه هذا جنون انت اختي رائعة ولربما اروع مني
اكملت جملتها بنبرة اسى
قالت عبير تسألها:
- ثريا لما انت عابسة اختي هل يؤثر فيك اي مشكل هل هو عثمان ...صارحيني اختي فلربما استطعت المساعدة
قالت ثريا تقلب وجهها بابتسامة تظهر فيها السعادة كما لو انها تستحضر معها ذكرى تتبت لاختها انها حقا سعيدة:
- لا اختي انا سعيدة... كذلك عثمان...رقيق متفهم محب انسان طموح وهذا هو رجل احلامي احمد الله لانه كتبه لي... بدل ان ابحث عنه
ابتسمت لها عبير:
- انا كثيرا سعيدة...هل تدرين سوف يأخذني سعيد في جولة في تلك السيارة السوداء التي تظل مرصوفة في الجانب الاخر من القصر

- حقا مبروك ...لابد وانكما ستستمتعان كثيرا فهي من طراز سريع

- قال لي ان اذكره لنخرج فيها لكنني اخجل

قالت ثريا تعاتبها
- تخلي عن خجلك قليلا ليس طول الوقت خجل خجل هذا قد يجعل الامور بينكما معقدة بعض الشيء حاولي ان تتقبلي تلك الامور على انك مرتاحة وسعيدة ومنشرحة

نظرت اليها عبير بعدم فهم لكنها لم تستطع ان تفهم معنى كلام اختها جيدا لانها لاتدري في تلك الامور شيء
- هلا شرحتي لي اختي ....حركت رأسها....لم افهم جيدا ما الذي تعنينه

نظرت اليها ثريا بدهشة وعدلت المخدة وراءها لتقول:
- يا الهي الا تفهمين ابدا ..لاعليك كيف اشرح الامر؟؟؟ اتمنى الا تحرجي لعلمي جيدا انك تكرهين الحديث عن هته الامور....الرجل يعشق المرأة التي تأخد وتعطي ...ياالهي نظرتك الواسعة هته تجعلني اشك في ان المسكين يعاني الامرين في ضحد خجلك ...قبل ان تأتي امي ساقول لك
مثلا انت ضميه ...ق...

قطعت كلامها عبير خجلة حتى اذنيها تبعد نظرها لتخفي الصدمة على وجهها تخاف ان تكشف نفسها:
- اسكتي اختي فهمت ليس عليك ان تقولي

ضحكت ثريا رغم معاناتها هي الاخرى في وجه اختها لتلطف الجو وابتعدت عن الموضوع
- مارأيك في زوجة عبد الصمد اليست صاحبة عيون جميلة اتعجب كثيرا في رجال هته العائلة اشعر في بعض الاحيان انهم مغرورون الى ابعد حد ....اعتقد انهم يضنون انهم ان لم يختاروا من تجابههم في الوسامة وترضي حضراتهم لن يرضوا بها ابدا

- رأي في العروس انها جميلة وفاتنة لكن لما كلامك عن الرجال هكذا انهم لربما قسات كطبيعة القرويين لكن لااظن ان كلامك الاخر في حقهم جيد

قالت ثريا:
- لا عليك اختي لاتهتمي

ذخلت في تلك اللحظة عليهم مليكة وهي تقول :
- الله على الجميلات عندي لا أصدق انكما هنا مجتمعات لدي في الحقيقة انا سعيدة لذلك
جلست قرب ابنتيها
وذخلت النساء في احاديث طويلة عريضة





في منزل سي محمد




كان ينتظر بحرارة رؤيتها
في مكانه فوق الكنبة الوتيرة
امعن النظر فيها ولاحظ انها تحمر خجلا لوقوفها هكذا
اوجعته حتى السكر بحلاوتها ودلالها
اشار لها ان تقترب قربه فوق الكنبة
ولم تصدق نفسها انها فعلت
ولاتصدق انه امامها الان باتت في لحظة عرضة للبكاء لانه من تمنته طيلة حياتها هاهو الان امامها
فقد ضنت انها ستخور واقفة على الارض فشلت ركبها وارتعدت
وازداد ارتجافها بينما هو ضل صامدا بصلابة شخصيته
اعتدل بقوة جسده التي تغلب جسدها الرقيق الرشيق
وجلست قربه ضامة يديها في حضنها
كلمت نفسها
لما الخجل الان ياهند لاتفقدي قوتك

بدت له كانها الامطار التي تروي الاراضي القحلة
وكأنها قوز قزح الذي يزين سماء انقسمت بين سحاب ونور شمس بعد عاصفة ممطرة
عطرها اذابه الى ابعد الحدود التي اخترقت حدود الطبيعة الحية بكثير
يحترق هو من هذا البعد القريب ويدمره السكون الذي يلفهما
مال عليها وتبعثر كليا استنشق عطرها الاخاد وتاه عن ارض الواقع
همس لها تحت التاثير الذي هو فيه
بعيون حمراء كالنار
- مبروك
كان ينقل لها زوابع الحب الاهوج والى صدرها يترسى ليقلبها كليا
ردت بالكاد
- شكرا
كان كالسكران في حاله
اصابعه امتدت الى ظهرها صعدت عليه برفق
ارتعشت اوصالها للمسته وتوقف تنفسها مع سرعة نبضها
سمعت تنهيدة مديدة تخرج من صدره متحشرجة قرب اذنها وعيونه مغمضة كليا فكاد يغمى عليها
صعدت يده الى شعرها المصفف ليزرعها بجانب اذنها ويرفع الشعر قليلا ليهوى عليها بقبلة دافئة على كتفها الابيض الرائع شعر بارتعاشها واسعد لذلك
لكنها ابتعدت عنه قليلا تحاول ان تكون جدية اكثر
- عبد الصمد ...مممبروك لك.. ايضا
رفعت بالكاد نظرتها اليه لتجده ينظر الى كتفها بتمعن فاستغربت الامر وسألها بصوت عميق:
- هند ...اريد ان اسألك هل ذلك النمش على اكتافك ....اعني لديك منه الكثير؟
ذهلت لسؤاله فاجابته بصراحة لاتدري مايصبوا اليه في سؤاله:
- أجل لما تسأل؟
ابتسم ونهض يبتعد عن مكانها هوس جديد وضع امام عيونه لن يرتاح الليل مادامت تحمل جمالا اخادا على جسدها يعلم انه سيعذبه ذلك النمش لا يستطيع ان يتخلص من عشقه لها
تشل تفكيره وتحصرنه على محياها المزهر

قال ينظر اليها عائدا الى مكانه بعد ان هدئ الجنون الذي اطاح به منها وجلس قربها ويطوي ساقه تحت الساق الاخرى لتبقى هي تحت نظرته كليا :
- الم تشتاقي الي ايتها الصغيرة
لم تستطع ان تفصح له عن مكنون قلبها فهي اكثر منه تشعر بالحرج مختلط مع حب جارف فقالت مبتسمة
- لست ادري ...رفعت اصابعها امام عينيها تقيم القدر....اظن قليلا هكذا
نظر الى يدها وابعد نظرته عنها مغضن الجبين
نظرت اليه وسعقها حاله لدى قالت توسع المساحة بين يديها البيضاوان الرقيقتان
وانتظرت ان يهتم لكنه ظل مبعدا نظره عنها
عبست وشعرت بالحزن لم يكن قصدها ان تجرحه
فاقتربت منه تدس دراعها في يده وتهمس قرب شعره الاسود في اذنه
- اشتقت لك كثييييييرا عبد الصمد فلا تفعل هذا بي
كان وقع همسها قويا على روحه هز كل اوصاله وتربعت رغبته في ضمها الى صدره فوق عرش افكاره لكنه غير رأيه يلزمها تأديب فلتتأدب اذن
جرت ذراعه القوي فلم يستجب
قائلا:
- كفاك كذبا هند لم الكذب بالله عليك قلت الحقيقة في البداية وصدقتك لكنك لم تسمعي كم اشتقت اليك انا
قالت تسرح في عمق عيونه لاول مرة من هذا القرب
- كم ؟اخبرني
تتبع مخارج الكلمات في فمها وعض على شفاهه
- تت لا اذكر انني اشتقت اليك بالقدر الاول حتى؟
صدمت من كلامه
وابتعدت عنه لتنهض لكنه امسك ذراعها واقترب منها يهمس وراءها بصوت متأتر مخمور
- اخبريني يا حوريتي البرية كيف ترضين؟... دلالك استسيغه كما استسيغ كل شيء فيك لكن لااحبد ان اتار فالغضب عندي اقبح صفاتي
احمرت خجلا ونظرت اليه تقول :
- عبد الصمد اترك يدي من فضلك وقل لما طلبت
في رؤيتي؟
اقترب من اذنها يقول :
- لانني اشتقت لك كثيييييرا وفوق ما تتصورين
واحلم منذ ان رايتك بشيء واحد... ان اعانقك
شعرت ان صدرها يشق في النصف اول مرة في حياتها تسمع كلاما خارقا كهذا ولم تتخيل ولافي احلامها ان يحدث امر مماثل
مرر يديه على وجهها واخترق شعرها حتى البعثرة
وعانقها حتى الثمالة وكان وقع طعمها عليه مذيبا حتى العظام وتنهد بعمق فاخيرا يتحقق الحلم الذي لطالما عذبه وانتشار هذا الدفئ الذي لف قلبيهما بسخونة اعاد لكل منهما الحياة من جديد
ابتعد عنها وقد فقد شيء من ترتيب ملابسه وافقدها ترتيب شعرها الجميل وقال وعيونه عليها هي التي احنت عينيا خجلا واحمرارا
- لم اظن انك ستقصين شعرك...لكنت منعتك هند
مرر اصابعه في شعرها يرتبه لها
وقد كانت حالمة تنظر اليه
فقال مبتسما بوله :
- ارأيت انني اجعلك تدفعين ثمن تعجرفك ايتها الزهرية
قالت هند بصوت لا تعرف ان كان لها او لا:
- اليس من الاجدر الان ان نناقش امورنا الجدية
ضحك وقال:
- تعالي الى حضني وسنتحدث بجدية
قالت تنظر الى يديها متكأة على ظهر الكنبة
- تت لا انا هكاذا ...افضل فقط لنتحدث قليلا مثلا ماذا عن الاعمال في الاسطبلات كيف تجري تدري انني اشتقت لحصاني لركبه
قال عبد الصمد ولاتزال يداه ترتب لها الخصلات ببطئ وهو بجانبها
- وهو كذلك ينتظرك فلا تخافي عندما ستذهبين الى هناك ساحاول ان اخصص لك ولزوجات اخي وقتا لايكون فيه العمال حول الاصطبلات لتقوموا بالنزهة على راحتكم
قالت له تنظر الى عمق عينيه:
- اخبرني عبد الصمد انت تحبني؟
ابعد عنها عينيه مفكرا:
- هو لست ادري لكني شخصيا اعلم انه ما في صدري لك ينبوعة حبي ليس عاديا ولم اشعره مع احداهن
قالت مندهشة:
- كنت تعرف النساء من قبل؟
- قبل حادثة امي وبعدها سطوب علمت انه لمن الممكن ان اموت وانا في وضع ادخل على اثره جهنم الحقيقة ان الله موجود واحترامه واجب وان نقوم بمايريده منا هو الاهم اشعر بالراحة الان لن اتعرف على نساء اخريات مادمت املك اجملهن

ارتاحت لكلامه قليلا وسألته:
- تدري اريد اطفالا من سنتنا الاولى ما رأيك هكذا سنكون سعيدين اكثر
قال يصارحها:
- في الحقيقة من يراك من اول وهلة لن يصدق انه لمن الممكن ان تفكري في الاولاد
- اريد منهم الكثير وياريت توائم في كل مرة
جحظت عيناه وقال يضحك:
- جننت هو اجل يمكنك الولادة... هذا ما اشتهيه منك عمري...لكن طبعا لااريد منك ان تفقدي صحتك...اريد ان اعيد عليك سؤالا هل فعلا لديك من النمش على كتفيك الكثير
ردت بتلقائية:
- اجل في ظهري البعض منه و...نظرت اليه وشاهدت الاهتمام على وجهه ونظرة غامضة...انت خبييييث لما تسأل لست بريئا يا عبد الصمد تصدمني
- لا في الحقيقة اتطلع الى الشرح المفصل الذي سيصبرني في ليالي بدونك
- انت جريئ
- مع حلالي ليس في الامر عيب ...الم تحسبيها اعني النمش
ضحكت:
- انت مجنون لا بالطبع لا كيف لي ان افعل هذا سيبدو كما لو انك تعد النجوم وفي الحقيقة لست غبية لفعل ذلك
قال مبتسما:
- اريد ان افعل ذلك ان اعدها سيكون الامر ممتعا
احمرت وتضاهرت بالغضب لكن ابتسامة سبقتها
قال يتذكر امرا:
- نسيت تماما امرا مهما كنت اريد ان اهديها لك مع المهر والخاتم لكني اقتصرت على تركها بيننا
قالت بشك :
- ماهي ؟
- هذه
جذب من جيب سترته علبة بيضاء ناصعة توسطتها سنسلة ذهبية تحوي نصف قلب مليئ بحبيبات الالماس الجميلة
- عبد الصمد هذه لي
- اجل دعيني البسك اياها
البسها اياها مستمتعا بقربها وابتعد لينظر اليها عن كتب
- جميلة عليك بل انت من جعلتها جميلة حياتي
قالت بفرح
- حقا اريد ان اراها لكن لما هي نصف قلب اين الباقي
قال لها يفك ازرار قميصه العلوية ويجذبها ليريها لها
كانت نصف قلب من نفس القلب غير ان هذا الذي في عنق عبد الصمد نصف قلب عادي من الفضة معلق في سلسلة من الفضة
قالت تقرب يدها تلمسها تحت جاذبية صدره
- انها راقية هل صنع القلب هكذا؟
- اجل انت نصف ذهبي وأنا نصف فضي
ضمت نفسها له تدفن راسها في كتفه
- اشكرك حبيبي وعودك كلها تاج على رأسي أحبك

قطع عليهما خلوتهما صفية بعد ان طرقت الباب ابتعد الاتنان
عن بعضهما البعض
وقالت صفية معتذرة:
- آسفة سيدتي لكن السيد سليمان يطلب منك سيدي المجيء لانه حان وقت الذهاب
وخرجت صفية محرجة
قال عبد الصمد معدلا ملابسه واقفا :
- هيا صغيرتي علي الذهاب ساتصل بك غاليتي حسنا؟
قالت هند بعدم رضى :
- حسنا لاتنسى ذلك هناك اشياء كثيرة علينا التحدث فيها
وقفت بجانبه وقبل جبينها قائلا
- ساشتاق اليك
- وانا كذالك
- علي ان اذهب فطبع والدي انه لم يعد صبورا




في القصر

في جلسة الام وابنتيها
كانت تتحدث عن العرس وعن اللواتي اتين اليه من الطبقات الثرية
وقطع كلام مليكة صوت رنين هاتف ثريا الاحمر
فتحته
فقرأت الرسالة من زوجها
((حان وقت النوم يا سندريلا اذهبي الى السرير الان))
شعرت بانها كركوزة يلعب بها لكنها فعلا لاتريد منه ان ياتي ويجدها مستيقظة او ان يقوم بالدخول الى جناح عمتها كما قال فهذا امر مخيف لدى بادرت بالقول :
- امي عبير تصبحان على خير ...قالت تتمطى كقطة ساذهب الى النوم الان لابد ان الرجال في الطريق

- هل زوجك كان من اتصل؟
- لا لم يتصل بل ارسل رسالة عادة بيننا هههه
قبلت جبين امها وخد اختها وانسحبت لتنام

فقالت عبير:
- امي ستسامحينني ان ذهبت علي ان احضر السرير فسعيد متعب من العمل اتمنى الا تغضبي
قالت مليكة مبتسمة:
- لاياابنتي ابدا اعلم جيدا انه لمن الحظ لي ان اكون مع ابنتي في منزل ازواجهما هذه هي حسنات العائلة اذهبي زوجك اولى صغيرتي سعيد يستحق منك كل العناية تذكري ذلك ابدا لاتحاولي ان تقللي من جهدك في العناية به فالرجل يبقى سندا للمرأة مادامت هي سندا له

قالت عبير تبتسم لها مقبلة يدها بحنان:
- كلامك جميل امي على العين وعلى الراس لن يرى مني فارسكم ذاك سوى المعاملة الطيبة فقط




في جناح عبير


كانت قد ارتدت غلالة نومها البيضاء تحت الركبة وارتدت عليها روبها وازاحت الستائر الفاصلة بين الجهتين فسعيد يفعل هكذا دائما لابد وانه يحب ان يذخل الهواء الى رأتيه لدى لاتريد ان يشعر بالاختناق وراء هته الستارة الكبيرة
كرم منه حقا ان يتركها تنام وحدها في سرير بعيدا عن عضات الناموس اي الحشرات
فرشت له على السداري الواحد
شرشفا نضيفا ابيض وعدلت له مخدته بشكل جيد
وقفت واصطدمت بحائط دافئ وراءها





في جناح ثريا

نامت على جنبها الايسر
مرتاحة قليلا لان التعب خدرها كليا عن البقاء مستيقظة
اتعبها التفكير فيه لان الامر لن يجدي نفعا اصلا لن تصل بافكارها لبر سوي مادام
هو
كارها اياها بهذا القدر
اذن فلينعم بحياة دونها لانها فعلا ستفعل المستحيل لألاّ ينال منها شيء
سمعت دخوله الى الجناح وخطواته بعد ان ازال الحذاء اصبحت خافتة على الزربية بحيث لم تعرف اين هو في الغرفة اجمع

كان بعيدا عنها يغير ملابسه
بعد ان بقي بشورط قصير فهذا الحر استلقى على السرير
يضع راحتي يديه على عينيه لكن لم يبقيهما سوى بضع ثوان جذبته كما تجذب الفراشة الى النور
تنهد بعمق
تنام وكل شعرها مرمي باهمال ساحر وراءهاوكتفاها الجميلتان بارزتان لم تغطيهما من الحر
اقترب تحت الشرشف الذي يدترها واحتضنها
كان هذا يدفئ قلبها ان هو فعله دون ان يحصل على شيء او دون نية
الحصول عليه
استند على مرفقه الذي وضعه بجانب رأسها وهمس في اذنها
- نائمة ام تدعين النوم
وضع يده الاخرى على كتفيها يضمها اليه
- غريب امرك تدعين القوة وتنتهين بالضعف
ماسر ضعفك هذا اعترفي وتدللي فهذا ما اعشقه فيك

لم يعد في استطاعتها الاحتمال حرارتها ارتفعت تحت يده وهمساته
وتعلم علم اليقين انه لايبحث عن شيء سوى مراده اذا عليها المحاربة لا الخنوع
كلامه هذا ليس سوى فخ ينتصر لوقوعها فيه في النهاية
ظلت تحافظ على انتظام انفاسها
ولدهشتها لم يصر
لم يصر عليها او يوقظها بل ظل هكذا يضمها وهو الشيء الذي بهرها وملأ قلبها سعادة فياضة
دفن رأسه اكثر في شعرها ونام قربها
في تلك اللحظة فقط فتحت عيونها وابتسمت في حبها لهذا الرجل الذي لن ولن تفهمه ابدا وغموضه ما يجعلها اكثر تعلقا به





في جناح سعيد

بعد ان وقفت اصطدمت بحائط دافئ
او صدر قوي لا يتزحزح في الواقع لكنه تزلزل لهذا الالتصاق الطفيف الذي بعده جعلها تشهق وتستدير لتقابله
ابتسمت تضع يدها على صدرها:
- يا الهي اخفتني كدت اصرخ

- سلامتك عبيرتي من الخوف

اضطربت لكلامه مرة اخرى وغيرت الدفة
- كيف كان الزواج؟
قال شاعرا بشيء من اليأس الذي اخفاه عنها:
- جيد والحمد لله تم كل شيء على ما يرام
قالت بابتسامة مشعة :
- الحمد لله
نظر سعيد وراءها بسبب طوله الفارع:
- لما كلفت نفسك وحضرت السرير ايضا امره سهل لم يكن عليك ذلك؟
قالت بعتب:
- كيف تريد مني الا احضره وانت متعب بسببي هل تريد ان اجهز لك الحمام لتريح عضامك

قال بصراحة:
- لا اريد ان اريح عضامي بالنوم فقط عمت مساء
اقترب من فراشه ليجلس عليه وينتهي بالتمدد
مبعدا نظره الى السقف عنها

- الا تريد امرا آخر؟

- اريد الكثير لكن ليس القول بالفعل المناسب

لم تفهم كلامه وراقبت انسدال جفونه واسترخاءه
وابتعدت عنه الى سريرها بعد ان اطفئت الفنيارين الازرقين واضطجعت في سريرها
تشعر بتأنيب الضمير تشعر انها لاتستحقه لاتستطيع ان تمنحه السعادة وهو من يعشقها كما يقول
كيف لها ان تجتاز حاجز الخجل وتعبره اليه صعب عليها ذلك
حتى اختها تنصحها بالامر نفسه
هل سعيد فعلا يريد ان تفعل ما قالته اختها هو لم يلمح حتى الى انه يريد فعلا ذلك
اضطربت افكارها وانتقلت من دائرة ضيقة الى دائرة اوسع وصعب عليها النوم لمدة ساعة ظلت تتقلب فيها في السرير
لم تصل الى حل
فدعت الله في سرها بكل كيانها ان يفرج عنها وعنه

يتبع.............














إن شاء الله


الجزء السادس عشر



بعد يومين
من أيام الله



في ساعات الصبح الاولى
قبل بزغ الشمس الخجولة حتى



في جناح عثمان



بعد صلاته للفجر لم ينم

وبعد صلاتها للفجر نامت



وقف بكامل ملابسه وحلته الأنيقة تخطف الانفاس
تظهر قوة في نظرته تحت النظارة الصافية دات الاطار الذهبي
وذا وقفة كنمر يملك قدرة وطاقة ذاتية تظهر انه حاكم في بسط سيادته
على من حوله
قميص ابيض تحت صدرية رائعة في اللون الرمادي
وسروال كلاس في نفس لونها وحذاء ابيض يكمل منظر رجل بمعنى الكلمة تظهر صلابته تحت لباسه فتزيد مظهره هيبة وبأسا
يقف امام الشرفة ينظر في تلك الساعات الاولى
الى تلك الالوان البرتقالية في الافق البعيد
الى صباح رائع روعته تجلت في ما تحيط به
واستدار مدخلا يديه في جيوبه
يقترب منها نائمة وغافلة تماما عن اي حياة في الكون
زاد من اقترابه وتأملها
وغالب الشوق الذي يريد منه ان يوقظها
ان يزرعها بين أضلعه
ان يكفي شوقه الضاري منها
فهو يخرب كل نظام في تنفسه
لانه يعذبه وليس هو من يشعر هكذا وابدا لم يكن هكذا
وكأن اشجار حياته الخضراء
فرغت من الورق واستوطنتها الغربان
يتبدل حاله ويشعر انه قريب لا محال من مسامحتها لكن
اللعنة على كبرياءه التي ترفض كل الرفض حكم القلب في تصرفاته فلا تفتؤ ان تملي عليه امورا تجرحها وتعبث
بفؤادها
وان تذيقها من السقم الذي يسببه الحب بدل السعادة
غالب الميل الموحش لها
الكاسح لوجدانه والمستنزف لروحه
واقترب منها حيث كانت تنام ووجهها لنفس مكان وقوفه
يمنحها وهج الصباح مابين خيوط الفجر والصبح جمالا خاصا
جذب يده اليمنى واتبعها اليسرى
وتبت الهاتف امامها تماما
شغل الهاتف على الكاميرا واخذ لها صورة
له وحده لم يسبق لاحد ان رآها في وضع رقيق كهذا
ولن يراها احد مهما حصل هكذا فهي له وينتابه جنون وغضب قوي في التفكير في الامر
شعر مبعثر على المخدة والبعض منه على سحنة وجهها الابيض الصافي
على رموش طويلة حمراء وثغر مزهر على الدوام
تغضن وجهه تحركة العضلة في فكه واخذ لها الصورة بسرعة واعاد الهاتف الى داخل جيبه كره نفسه لهذا الضعف
تشد من قهره وتضاعف الالم في صدره وهذا ما هي مفلحة في فعله
انحنى على جبينها وأزاح الشعيرات عليه لتغرس شفاهه القاسية فيه
ولثم جبهتها النقية واستنشق عطرها
كذكرى بسيطة تستطيع ان تمنع عنه هذا الوجع
لكن لافائدة
ابتعد قبل ان يوقظها
واخذ حقيبته العملية مع حقيبة صغيرة وضع فيها من الملابس ما سيحتاج
ليخرج
من الجناح كله
تاركا وراءه فلق القمر كما يسميها في احلامه

نزل من القصر وحقيبتاه في يده
سوداوين كما افكاره المغمومة
نزل الدرج وخرج من الباب الكبير
اقترب من سيارته الجيب البيضاء وضع حقيبة ملابسه في الصندوق الخلفي لها
وحقيبة اوراقه قربه في مكان لايزال يستوطن عبقا من روحها فلا يستطيع ان يفكر سوى بها




بين زقاق في القرية



وبينها ظهرت حلته شامخة غريبة ومتناقضة مع هذا الحي الفقير
عثمان
اقترب من باب احدى البيوت وطرق على اصحابه
ليخرج الصبي الذي سبق وساعده في احدى المرات
كان الفتى يعلم جيدا انه ان ساعد عثمان سيقوم هذا الاخير بمساعدته فالصبي ما ان اخبر امه بافتخار انه يساعد عثمان ويتقاضى على ذلك اجرا سعدت للامر رغم انها لو علمت من ابنها انه يساعد احدا آخر لما سمحت له بذلك
ولكنها تعرف ان عائلة المنصور اناس طيبون يساعدون الناس بما استطاعوا


اقترب منه الصبي :
- صباح الخير سيدي

جلس عثمان القرفصاء لعلمه كيفية التعامل مع الاطفال واضعا يده على كتفه يعلم انه ما يجب ابدا اظهار القوة على الصغار
لان هذا يحبط من معناوياتهم والافضل دائما ان يجلس ليتكلم معهم ويساوي بين عالميهم
- صباح الخير كيف الاحوال يا رجل؟

قال الصبي بشموخ رافعا انفه:
- بخير سيدي

ابتسم عثمان وقال:
- جيد جدا هل تريد ان تقوم بإحضار الافطار لامك؟

قال الفتى يبتسم بحماس:
- اجل سيدي سوف تفرح

قال عثمان للصبي:
- إذن ما عليك هو ايصال هذه الورقة للاستاذة الهام الان وفورا لااريد تأخيرا واحرص على الا تقوم الفضوليات باخذ الورقة منك …انت تعرف الاستاذة الهام جيدا اليس كذلك؟

قال الصبي:
- اجل سيدي تعطيني الحلوى عندما احضر لها الورق انها لطيفة

اعطى عثمان للصبي الورقة وقال :
- اذن خد ولاتتأخر.. هيا
ضربه بخفة على كتفه مشجعا كان كما لو انه شغل سيارة
على الفور ذهب الفتى جاريا ليوصل الامانة



بعد ان اعطى الفتى الورقة لإلهام التي كانت في كامل ملابسها
ومتجهزة لحضور الفتى
منحته من الحلوى واخذت الورقة
قرأتها لتجد انه ينتظرها بسيارته على الطريق
سبحت في افكارها قليلا ومن ثم فكرت انه من الاجدر ان تترك للفضوليتين ورقة كتبت عليها انها سافرت على عجل لترى والديها
فلاتريد منهما ان تقوما بنشر الاشاعات عن انها مثلا خطفت
تعلم ان لهما خيالا واسعا
اخدت حقيبتها واستطاعت ان تخرج من المنزل دون ان تلحظ الاستاذتان شيئا


وصلت الى السيارة البيضاء بجلبابه الجميل في تفصيلته في اللون السماوي يصل الى اسفل الركب مع حجاب وسروال ابيض حريري وحذاء ازرق رياضي خفيف صيفي
حيث وجدت عثمان ينتظرها متكئ على سيارته واضعا يديه في جيبيه
يشدو اغنية من امداح النبي (ص) بخفوت
وانتبه لتقدمها فأنتصب في وقفته بأدب ينتظر اقترابها
قالت له بحياء:

- السلام عليكم

قال يبتسم :
- وعليكم السلام آمل الا اكون قد تأخرت عليك؟

قالت لاتزال محتفضة بابتسامتها :

- لا …

نظر اليها تقف خجلة فقال ليكسر حاجز الخجل بينهما كأصدقاء:

- اسمحيلي ان احمل عنك الحقيبة سأضعها في الخلف

قالت تنظر الى حقيبتها كالبلهاء واومئت :
- آآه ...اجل طبعا تفضل

اعطته الحقيبة التي وضعها في الخلف بالقرب من حقيبته واقفل الصندوق
ترك وراءه صوتا خفيفا
واقترب يفتح لها الباب الخلفي للسيارة ليتركها على راحتها :

- تفضلي بالركوب

قالت تنظر بالكاد اليه :

- اشكرك
سمت الله وذخلت الى السيارة
التي في حياتها لم تركب مثلها شعرت انها تغرق في المقعد الوتير لونه في (البيج) اي اصفر فاتح

اقفل الباب وراءها والتف على السيارة ليفتح باب السيارة و يجلس
وراء المقود
وضع( سِدي ) لسورة البقرة وقال يشغل السيارة لينطلق
لكن قبل ان يتحرك قال يسألها:
- هل انت حافظة لدعاء السفر؟فإذا لم تكوني كذلك اعطيتك كتيبا لست بحاجة اليه لحفظي لها اصلا

قالت بحرج تحمر لاي سبب وبالاخص لكلامه معها:
- لا اشكرك حافظة لها اشكرك كثيرا

قال مبتسما :
- العفو

وغاب كل منهما في عالم من الافكار المتأرجحة
الهام وهي تدعو الدعاء مخفية صوتها في صوت المقرئ
وتفكر في آن واحد كيف لها ان تقوم بالعملية وهي بعيدة عن اهلها؟
تخاف ان تموت بدونهم وفكرت انه لابد لها من ان تتصل بهم وتخبرهم بانها على وشك ان تقوم بالعملية بعد اسبوع



اما عثمان فقد كان منظما اموره بشكل جيد
يتمتم بالاذكار
وذكراه تأخذه الى ثريا
رغما عنه
لكنه لايريد ان يفكر بها
لكن ما باليد حيلة لايشبع ابدا من دفئها ولارقتها رغم قسوته عليها
الا انه يعرف الان وهو يفكر انه سيغيب عنها او هي ستغيب عن ايامه القادمة
وسيعاني الامرين في النوم فلابد من ان دفئها اصبح الوحيد الذي يساعده على الهدوء
الامر في حياته متناقض تماما فهو نفسه لايفهم مايحصل له
تحيره ولايريد لهذه الحيرة ان تنتهي لانه اصبح مدمنا عليها بحق
سيشتاق كثيرا الى مناقشاتهما الحادة الى الجنون بينهما الى حد الانهيار في لحظات حب مجنونة تذهله ولاتترك لعقله صوابا
تناقض افعاله مع احاسيسه كبير... لدرجة انه الان مسافر الى الدار البيضاء
ولم يعلم سوى اخوته ووالده وجده بعد خروجهم من مسجد القرية في الفجر
يلعن احتياجه لها ويريد ان يشعرها بعذابه بان يعذبها معه بالمثل
شيء عصي عن الفهم
نفض عن رأسه غيمة الافكار تلك ليركز على السياقة




***********************



في القصر


بساعة الافطار

بجناح سعيد

كانت عبير تجمع شعرها على شكل كعكة مرتبة جيدا لتقوم بوضع الحجاب البرتقالي عليه بشكل جميل
مع فسان طويل في اللون الاخضر الفاتح بأكمام واسعة مزمومة عند الكوعين
وانتعلت بعد ذلك صندالا جلديا يسهل عليها التنقل في القصر وخارجه
اصبحت لياليها مأرقة من كثرة التفكير
ان سعيد يعاملها بشكل جد لطيف لكنها تشعر ان هنالك شيء مفقود في تصرفاته لاتدري متى آخر مرة ربت فيها على كتفها حتى
او امسك يدها
انها لاتريد إلا ان يكون تلقائيا معها في التصرف
لكن غير ممكن لعاشق ان يكون تلقائيا في التصرف
ما يريده هو ان يحصل على شيء منها يبرد لهفته والاحتراق في جوفه لها
تشعر ببعض الغضب لان الامر لايمكن الا ان يصير على هذا الحال في العالم
كانت تشعر بالراحة معه عندما كانت صغيرة لكن الان كل الحال قد تغير
فما العمل؟
التفتت الى الستارة الكبيرة بينهما فبعد ان خرج من الحمام ملفوفا في روبه الكبير الاسود
ذخل الى الجهة الاخرى ولم يخرج حتى الان
اقتربت من سريرها وأخدت تشد اكثر على الستائر فيه لتبقى
مرفوعة ولتلهي نفسها الى حين خروجه


أزاح الستارة وهو يغلق ازرار قميصه متظاهرا بالاهتمام بها فقط
لمح ظلها قريبا لكنه تفاداه ووقف امام المنضدة بدوره ليتفقد مظهره
حاول ان يجاهد على نفسه
فهي كل ما يتنفسه بالاجماع من هواء واكسجين
ويشعر انه في قمة السكر ما ان تصل رائحتها الفريدة الى خياشيمه
فتعصف باوردته وتلخبط خلاياه
بل تجعلها ممتزجة حتى التوحد
وقال دون ان ينظر اليها هي التي توقفت عن العبث بالستارة وأخذت تنظر الى هيأته الرائعة القوية
معجبة عن غير عادة بهيبته وطوله وتموج العضلات في ظهره في حياتها لم ترى مثل بنيته الجسمانية
تبدو قوية لكن متناسقة
فسبحان الله وما شاء الله هذا ما استطاعت ان تنطق به لكي لاتصيبه عينها

- عبير تريدين ان آخذك في جولة هذا الصباح في سيارتي؟

قالت تبتسم ملأ ثغرها بفرح مقتربة منه:

- اجل بكل سرور.... لكن وعملك؟

قال يهز اكتافه الصلبة:
- لايهمك امر العمل ....سنقوم بجولة حول الاملاك منها ايضا ان اريك ما فاتك منذ سنوات وان تستنشقي هواء عليلا في هذا الصباح

قالت مبتسمة اكثر:
- اتمنى الا تكون السيارة سريعة كثيرا والا اضطررت الى التشبت بك طيلة النزهة

راقته للحظة الفكرة واتسم رده بالهدوء الممزوج بالرقة التي يحاول ان يغالبها لكن دون جدوى :
- لاتخافي ...مادمتي معي ساتخلى عن جنون القيادة الخطرة هذا اقوم به فقط في الاماكن الخالية ولأقوم بتصفية افكاري

نظرت اليه مليا:
- غير معقول ....اتفعل هذا ولاتخف ؟اعني الا تخاف من الحوادث؟

انهى رفع القميص عند ساعديه والتفت اليها يبتسم :
- حسنا في بعض الاحيان نحتاج الى الخلوة والراحة لنتلاحم بشكل قوي مع ارواحنا

قالت مخفضة رأسها:
- اتمنى الا تقوم بعمل خطر يا سعيد لانريد ان نفقدك...
كادت ان تبلع لسانها من الكلمة التي خرجت من فمها
متمازجة مع شعور قاس عليها اخفائه
ذهل لما سمعه واراد فعلا ان يكون التفسير الوحيد الذي ظهر بقوة في قلبه قبل عقله انها لربما تحبه
ان تكون في هته الاثناء كما هو تقطعه الاشواق اليها الى رقتها وصفائها
وحنانها الغير مبتدل ابدا
لكنه تراجع عن الفكرة وانتابه احباط اخفاه بحنكة
- لا تخافي يا عبير لست مجنونا ...اعرف جيدا ما افعله ولاتظني انني اسوق بطريقة مجنونة كما في راسك الجميل بل فقط بسرعة السيارة وليس بطريقة مجنونة...لكن مادمت تقولين هذا فلن افعله سوى من اجلك

قالت تنظر اليه بعينين بنيتين لامعتين:
- من اجلي.. انت لطيف جدا سعيد

رجاها في اعماقه الا تقوم بقول مثل هته الكلمات فلو قالها غيرها كان اهون
لكن ما ان تقول في حقه شيء جميلا يبدأ قلبه الذي ضعف لرقتها
بالذوبان وتقرعه طبول لا تريد ان تهدئ مهما حاول منعها
وتقف بروعتها في الحؤول بينه وبين التفكير السوي
إقترب منها لحظة طغى فيها بجسمه الكبير عليها
وبقي في مكانه ينظر الى ملامحها الذاهلة المنتظرة الى التصرف الذي سيبدر منه
كانت تأثر فيه وفي انفاسه وتجعل الدم يضخ في شريانيه
بقوة بركان هائج
تلاقت نظرتها معه للحظة
يدري انه يتحفز شيء فشيء للانهيار وان تنهار معه كل جوارحه
لكنها لاتدري لما ارتعشت لقربه وكستها سخونة غلفت وجنتيها ومن ثم عيونها التي انسدلت تحت هيبته


كل هذا كثير عليه
انها المرض الوحيد الذي يعاني منه
والبلسم بين يديها في شفائه
يريد ان يعيد تقبيل جبينها كما اول ليلة والح عليه الامر لكنه يخاف من الرفض لان الرفض بات الشبح الذي يطل عليه كل ليلة ليذكره بالليلة الاولى بينهما
وبانه ليس الرجل الذي تمنته ان يكون زوجا لها بل اخا فقط

نطق بثقل في كل اعضاءه:
- هيا للنزل الى الافطار

خرج الى الصالة الصغير
نظرت اليه يخرج وشعرت بالاسى بشكل كبير
وتبعته تسرع في خطاها لاتدري لماذا؟
لكنها تعلم انه يفعل كل شيء لاجلها فلما لاتفعل شيء من اجله؟؟
انسلت يدها في قلب يده النابضة
لسعته دارة كهربائية قوية اضفت الرقة في عينيه الملتهبتين عليها وانسحر كليا بابتسامتها العذبة الشفافة
ابعد نظرته عنها ليخفي ما يجري بذاخله وتحرك امامها
وخرجا ينزلان الدرج معا الى ان اضطر ان يبعد يده عنها مكرها
ولاتدري نفسها لما شعرت ببعض الأسى غلف روحها
وانتشر شيء من البؤس في نظرته
بقيت امام المطبخ الذي يسمع منه حديث زوجة خالها وامها وكذا الخادمة الجديدة
اشار سعيد مغضن الجبين لها بالدخول الى المطبخ
وشعرت ببلاهتها في وقوفها هكذا تنظر اليه فلوحت له بيدها كطفلة
مبتسمة ودخلت المطبخ

لتتركه هو في وسط الردهة في القصر
منخور القوى من الحب
يتقلب فيه كتفاحة تتقلب في الشكولا لتعطي الذ فاكهة حب على الاطلاق
حاول ان يستنشق الهواء الذي في الردهة ويبعد هذا الاختناق الذي بات مكرها عليه
حمد الله على كل حال
وابتعد ليدخل مجلس الرجال حيث سيقوم باخذ فطوره معهم
لكنه تراجع
فكر في شيء آخر لذى قام بالاقتراب من المطبخ الذي كانت تجلس فيه النسوة
ولم يرد ان يدخله فقط لانه يظن ان لربما زوجة اخيه ثريا فيه لدى قال بصوت مسموع يطرق بابه:
- احم ....السلام عليكم

قالت مليكة التي تجلس في الجهة المقابلة للباب على المائدة وعلى يسارها جلست عبير وقابلتها في الجلسة حماتها فاطمة بابتسامة نشيطة كالعادة في اهل القرى
ان النشاط هو علمهم المرفرف عاليا:
- بني... ادخل تفضل

قالت فاطمة تبتسم له بحب:
- اهلا بني وعليكم السلام هل تريد شيء ما ؟
ضحكت
- لابد من ان الجميلة من تريد ام انا مخطئة؟

ابتسم سعيد لتظهر غمازاته
لكن فقط لانه لاحظ لاول مرة ابتسامة خجولة على ثغر زوجته
- في الحقيقة امي انت محقة كنت اريد ان اقول انني وعبير سنخرج لنفطر في الخارج ونستغلها فرصة لنتنزه

قالت فاطمة تحرك رأسها باعجاب :
- فكرة مدهشة...حسنا من قد يمانع ..اسبقها انت وهي سأساعدها انا في تحضير السلة هيا اذهب قد تنزل زوجة اخيك

قال ينحني لهن مبتسما بمرح:
- آسف على الازعاج سيداتي افطار شهي

عبير كانت منسحرة بصوته رغم انها لم ترفع نظرها ابدا الا انها شعرت بشعور جميل جدا
انسان لها وحدها
يوليها اهتماما يعبق روحها بنسيم كريح حملت معها ذرات ذهبية تلفها في عالم غريب عنها
يحرص على ان تكون سعيدة وهو رجل شهم لم تكن لها تجربة مع احدهم كالبعض ولم تعرف ابدا معنى الحب
لكن تدري ان سعيد لديه قدرة على الاستحواذ على تفكيرها لسبب تجهله
ولاتريد افساد الامر

سالت نفسها بغثة
اتراني اصبحت احبه في اسبوعين ؟؟؟؟

شعرت بيد على رأسها وقالت لها امها:
- عبير انهضي حبيبتي لا تتركي زوجك ينتظرك في الخارج

قالت فاطمة وقد نهضت
- هيا صغيرتي سأريك الاشياء التي يحبها زوجك لكي تقومي بترتيبها

اعطتها تعليمات وتلك التعليمات كان العقل لها منفتحا بشكل كبير منسجما مع سماعها ولايفلت اي خيط منها
اخبرتها بمقدار حب سعيد لحب الرغيف الذي يعشقه مع العسل والمربى الحمراء
وكذا يشرب معه الشاي
وبعد لحظات يتبعها بقهوة ساخنة حارة بالتوابل الخاصة بالبهار المغربي العجيب
ويحبها ان تكون ساخنة بشكل كبير حتى وان كان في الحر فطبيعته تتأقلم مع الاشياء التي لا يستطيع البعض التأقلم معها
وهكذا كما حضرت لها هي من شطيرة التفاح الرائعة وبعض الكعك لعشقها لها

خرجت تودع امها ومليكة مبتسمة
وجدت ان سعيد ينظر الى باب القصر في انتظراها ونظراته عميقة تتألق لدى رؤيته
اقتربت منه بطلعتها الراقية
وقال يحني رأسه لها فاتحا لها باب السيارة:
- تفضلي
نظرت اليه :
- اشكرك

دخلت السيارة ودخلها هو بالمثل من جهة المقود قال ينظر الى السلة في حضنها:
- هاتها عنك ضعيها هنا بيننا
فعلت كما قال لها
بدى جدا جذابا وراء المقود رغم انها سبق وان راته هكذا الا ان الوضع الان مختلف تبدو سيارته راضية عن صاحبها بحيث رغم طوله الفارع وضخامة جثثه الا ان السيارة ذكية وواسعة من الداخل
وحيث تحتوي على مقعدين فقط
سوداء تعطي شخصيته سلطان وقوة








**************




في جناح عثمان




كانت تقف في غرفتها حائرة وقد كانت في كامل ملابسها
حجاب ابيض على جلباب صيفي احمر وسروال ابيض يظهرها رائعة الجمال ويضفي عليها سحرا خلابا لكن بطبيعة الحال تظهر انسانة هادئة
لاتثير من حولها ادنى ذرة
فالملابس الساترة لها هذا التاثير السليم على البشر
كانت زاوية الهاتف بين اسنانها واليد الاخرى على عضدها
تفكر منذ ان انتهت
كيف ؟
كيف ؟
كيف؟
تعودته باقيا قربها الى ساعة الافطار
يقرأ القرآن او يعود للنوم بعد الفجر
لتستفيق وتجد ان شيء غريبا في الغرفة لاتدري ما هو؟ ناقصا
ارادت ان ترسل له رسالة على هاتفه او تتصل به لكنها فكرت ليس مرة اخرى
ستقوم بجمع شتات كبريائها او ماتبقى منه اصبحت غير قادرة على الصبر اكثر
تتمنى ان تكون الوحيدة في افكاره
همه الوحيد في هته الدنيا
ان تحضى بالحب الصادق منه
لكن ملت ان تبقى هي من يحرك الدفة لتصل فلاتجد نفسها سوى تحوم في نفس المكان
تركت هاتفها مكرهة تتبع كبريائها لاول مرة فما عاد في استطاعتها ان تبقى الوحيدة من تهتم به وبكل شيء فيه
وهو يتركها كما لو انها فقط من يتودد له
اصبحت التعاسة عنوان كبير اسود في حياتها
لاتشعر بكلمة زوجة ابدا
لايمنحها ذلك الشرف بان تعلم عنه اسراره وتحمل معه همومه
اجل
لربما تكون هي اكبر همومه لكنه يحملها ما ليس في طاقتها
تركت الهاتف وخرجت لتنزل الى الافطار ساهمة في شتى الافكار





******************





في بيت هود





كانت تقوم بالعمل بقلب سعيد
فرحتها بمكانها الجديد او عش الزوجية
تعدى كل الحدود
في حياتها ما كانت تتصور انها ستحضى بزوج محب قمة في الروعة
يذيقها احلى الحياة الرومنسية اللتي ضنتها ابدا غير موجودة
تحب حضوره الغريب في هذا البيت الصغير الذي بات يتغلغل فيها حتى العمق
غرفة واحدة تشهد احلامها التي لاترى غيرها الان احلام الحب
بين ذراعيه
فعلا تعشقه حتى باتت لا تستطيع ان تراه دون ان تندس بين ذراعيه

هي الان في الباحة وراء البيت حيث كانت تقف امام عمودين خشبيين ترسخا في مكانيهما يضمهما حبل للغسيل في اللون الاصفر
كانت تقف امام البئر الصغيرة تقوم برفع السطل بكل ما اوتيت من قوة فلم يكن ابدا البئر واخد الماء منه مما تعلمت

حوط خصرها ساعدين قويين فاجفلت بخوف وسقط السطل في البئر

قالت بتأفف :

-ااه...افففففف يا الهي ....
قبلها عدة قبلات في عنقها اذابتها وفككت في الهواء كل كلمة ارادت ان تنطقها ادارها اليه ينظر اليها بوله ولوعة لاتنقضي:
- ماذا ؟....جميلتي انا... تتأفف.. لما؟ هل اكون انا السبب؟
اخدت رغما عنها بعضا من جديتها:
- اجل حضرتك السبب فلو لم تجزعني لما سقط السطل في البئر
قال يحاول ان يفهم:
- اذن انت الان غاضبة مني؟لانني اسقطت لك السطل في البئر؟
قالت تومئ :
- اجل ....قم باخراجه انت ...هيا

نظر اليها مستمتعا بتصرفاتها التي تنم عن امراة متزنة لاتعبث
جذب السطل بخفة ووضعه على الحافة وسكب منه في قدر نحاسي وامسك به مبتسما تحت نظراتها التائهة:
- والان الاتزالين غاضبة؟
قالت مبتسمة :
- لا مادمت قد جدبته انت
اقترب منها بالقدر ونظرة خبث في عيونه
فقالت تتراجع:
- هووووود ما الذي تنوي فعله ..اه لالا ...لا
اخدت تجري ويجري ورائها بخفة يحومان على البئر
يرميها بقطرات من الماء يحملها من القدر في يده ويرشها بها
امتعه كثيرا ضحكها المتتالي وشهقاتها لدى سكبه للماء فقال:
- لقد فرغ القدر تعالي لاتخافي لن افعل شيء الان

قالت مبتعدة في الجهة الاخرى من البئر :
- ومن يضمن لي انك لن تقوم بسكب ما تبقى من الماء في السطل علي
قال مبتسما :
- وعد لن اقوم برش الماء عليك لكن فقط تعالي هيا لاتكوني قاسية
اقتربت منه وجدبها الى صدره بقوة ودفن رأسه في عنقها وهمس:
- اين كنت تخبإين هذا السحر الفتاك حاسبي يا جميلة اكاد انسف ..بل تكاد شرايين تخرج من شدة النبض فيها
لفت دراعيها الرقيقتان على عنقه وهمست:
- قدرني الله لك وانا لك
نظر الى وجهها ورأى تلك القطرات تتدحرج على وجهها فابتسم بسكر يقبل خدها وانفها وقالت بين انفاسهما المتحشرجة:
- ارجوك هود دعني ...اقوم بتحضير الافطار

انسلت بين ذراعيه واخدت ما تبقى من الماء في القدر تحت نظراته
وتحركت من امامه بغنج تقلب عيونها بدلال
كانت كما لو انها تستوف كل ما له من نفس على الارض
تسرق اضلعه منه وكل العروق التي تنبض باسمها هوجا وتعصف بصورتها كبوق يعلن الحرب على كل جوارحه


نفض السحر الذي كان يقف فيه
كما لو انه يجرف تحت تربة متحركة
وتبعها الى الداخل حيث رفعت اكمام قميصها
وجلست على زربية هي في الحقيقة من ظهر الشاة اي من الصوف تحاول ان تحضر الاكل ما امكنها
مما يملكان في الكوخ حاليا
كانت تجلس قرب النار وجلس قربها بل وراءها بحيث ينظر الى ماتفعله من وراء كتفها عمدا
ليقوم بتشتيت تركيزها بنظرته السوداء الملتهبة على خبز الخبز الذي قامت بتركه يخمر
حملت خبزة تضعها على القدر فوق النار واخدت تراقبها وقلبتها بصمت تبتسم لدندنته وراءها رفعت عيونها للسماء وحاولت تجاهله
أخذ ينظر اليها يستفزها مستمتعا بالالحاح على النظر اليها
اخد يرتب لها القميص الازرق من جهة الخصر ومن جهة امامها بحيث لايفلت لمسها برقة وارهاف
عندما نضجت الاولى اخدتها ووضعتها فوق سلة صغيرة وضعت عليها منديلا يمتص حرارة الخبز
ظلا على ذلك الصمت الذي طبعا لايعني سوى انهما في قمة الانسجام والتفاهم معا
كانت قد جمعت شعرها من قبل الى فوق بمشبك ابيض وتناترت بعض الخصلات الشقراء حول وجهها
رفع يده الى عنقها ومرر اصابعه عليه برقة
وحط بشفاهه برقة عليها
قالت جميلة تنظر اليه وهو قريب منها:
- ارجوك هود ساحرق الخبز ان ضللت على هذا الحال ارجوك
نظرتها البريئة التي كانت تصيح بحبها له جعلته يتنهد بوله وترك عنقها ليمد يده على الخبز الساخن ليقضم منه يشتم رائحته التي نقلته الى ايام لاينساها ما حيا
قالت تسأله بعد ان اكل منه:
- هود ....كيف الخبز؟ أجيد؟
قال يستطعمه:
-دعيني ارى ...ممم...ممم...
- هود قل لا تجعلني اغتاض
قال مبتسما بسحرها الذي تنشره في المكان
- رائع جميلتي.... تدرين انك المرأة الثانية في حياتي

كادت ان تحرق اصبعها واجفلت بشدة وارتجاف
امسك اصبعها ونظر اليها يضعه بدفئ في فمه
وقد اطال ذلك الى ان اخدت يدها منه واشاحت بوجهها عنه شبه غاضبة
تنهد ليكمل متجاهلا غضبها لانه يدري انه لن يبقى بل سيتبخر عندما سيخبرها:
- امي كانت الاولى ..تطبخ وتديقني من خبزها الرائع واكلها الشهي
وبعد ان دخلت السجن ...ماتت حيث لم استطع ان اراها او اتسامح معها والشخص الذي سبب لي ذلك ساذهب اليه اليوم لاحصل على تعويض

التفتت اليه ونظرت اليه بحب جارف بعد ان ازاحت الخبزة الاخيرة
مررت اصابعها على وجهه وبالخصوص جبهته المشوهة قليلا لكن بالنسبة لها تزيده جاذبية تروق لها كثيرا
قبلته فيها وضمت راسه لصدرها واحتضنها هو بالمثل يتنفس عطرها الطبيعي الذي منح اياها الله
وقالت:
- هناك اشياء يا حبيبي لم تخبرني اياها امك رحمها الله انا متاكدة بانها ما كانت لتشعر سوى بالفخر انها ملكت رجلا مثلك
ابتعد عن صدرها ليهديها قبلة في عنقها الابيض ورفع نظره اليها:
- اخبريني من اين خرجت لي؟ اتعجب فقط
غضنت جبينها وابتعدت عنه تضع الماء على النار لتصنع الشاي

- من اين خرجت او من اين خرجت لي انت

قال يمرر يده على شعرها ووجهها:
- سلبت لبي يا جميلة يا عمري عديني انك لن تتركيني مهما صار؟
قالت مبتسمة:
- لست مجنونة لتركك فانت حبيبي انا ... هلا اخدت الخبز ووضعته على الطاولة

قال بطريقة تضهر الخمول:
- اليست بعيدة دعيني يا جميلتي الصغيرة احضى بدفئك فلا اشبع منك ابدا

قالت تكتسيها الحمرة:
- من يسمعك يقول اني لا اوفينك القدر الكافي من الحب

وقف يحمل السلة بيد واحدة والاخرى انحنى على وجهها يرفعه اليه مقلوبا من دقنها وقال:
- الحب معك كجنة من السماء ولدت على الارض لا مثيل لها انحنى على دقنها وقبله وابتعد يتركها مبتسمة على جنونه
وتصرفاته المتوحشة الرقيقة
تنهدت تكمل ما بدأته


بعد ان انهيا تناول الافطار خرجت جميلة الى الخارج حيث السقف يحمي من اشعة الشمس اذا ما ارادا ان يجلسا
سبقته بقميصها الازرق القاتم الطويل الذي ربطت اطرافه الى اعلى ليفسح لها المجال في الاشتغال دون عذاب وقد ارتدت تحته سروالا فضفاضا جميلا نسائيا اختارته هي بنفسها يوم تزوجا
تذكر جيدا كيف كان ذلك اليوم وكيف كان تعامل هود معها فيه برقة لامتناهية
رغم خجلها الا انه كان عطوفا حنونا استطاع ان يدفئ قلبها ويسعدها وان يهواها ويبعد عن عيونها الحزن الذي استعمرها
وقفت تنظر الى الارض التي لم تزرع ابدا امامهم والتي كانت ممتلأة بالاعشاب الضارة
قال هود يلحق عليها خارجا بما انه سيذهب في مشواره:
- حبيبتي ارجوك ان تبقي في المنزل ولاتفتحي لاحد ادري ان القرى يمكن ان تكون آمنة بعض الشيء لكنك جميلتي لااحبذ ان يحصل لك شيء في غيابي ولا في الخيال اتفقنا صغيرتي؟
قالت تضم نفسها اليه وتعبت بخصلات شعره:
- اتفقنا لكن ..ارجوك عد مبكرا ها ....لاتتركني وحيدة هنا ادري انني بامان لكني ...اه
احتضنا بعضهما بقوة تدفن راسها في عنقه ويستنشق عبق شعرها الاشقر
- لا عليك لن اتاخر اعرف جيدا ان الزيارة لذلك الشخص لن تكون سارة لكنها ستفيدني

ابتعد تاركا اياها تنظر اليه رجلا كما تحب متوحشا حنونا الى ابعد الحدود
تتمنى من الله الا ياخده منها هو الاخر
لانه الوحيد الذي من يستطيع سبر اغوار اعماقها
وتستسيغ طعم الحب واياه من دونه ابدا لاتساوي شيء في هذا الكون
دخلت تحت شمس الصباح الجميلة واغلقت الباب عليها




**********************



فوق الطريق التي اتخداها


اوقف سعيد سيارته بجانب حدود منها تبدأ صفوف مرصوفة من اشجار الليمون الرائعة
خرجت عبير من السيارة بعد ان فتح لها سعيد الباب
وجدت انه لمن الغريب ان تكون مرتدية نفس الوان الطبيعة فستانا فضفاضا اخضر ينزل على حنايا جسدها برقي وحجاب برتقالي
قال لها يمنحها يده اليمنى بينما يده اليسرى تحمل السلة:
- هيا معي ...سنجد لنا مكانا معزولا نفطر فيه
ابتسمت مرتبكة قليلا من اللمسة التي اصبحت الان امرا عاديا لكن لاتزال تزعزع نفسها بشكل غريب
تمشيا هكذا لمدة قصيرة ليصلا الى بين شجرتين تنشران ظلهما على بساط اخضر من العشب
ناعم تحت الأقدام
حط السلة على الارض وجال بنظره على الارجاء ليقول

-لابد من ان العمال في الجزء الاخر لن يقلق راحتنا احد هنا

امعن النظر فيها وهي تبتسم وتقوم بالجلوس على ركبها لفتح السلة واخدت شرشفا نضيفا ابيض وبسطته ليقوم هو بالركوع ايضا مساعدا اياها في بسطه
كانت حواسه تتحفز على الانهيار في اية لحظة
يا الهي لو تعلمين ما تفعلينه بقلبي وروحي ووجداني
اصبح جسدي كله متقشفا من قربك هذا ينادي بصوت عالي ان ارويه من دفئك وحنانك ليتك فقط تمنحين نفسك فرصة صغيرة لاحتضنتك لملأت حياتك احلاما لاتنقضي
اصبح الارق حليفي والوحشة انيستي
تكويني نار نظرتك وهاجة تلهب الاوصال

جلس سعيد في مكانه متكئ على الشجرة الكبيرة يراقبها مسكرا مخنوقا بالعشق مشبعا بالوجع الذي يسري في شرايينه مجرى الدم ويتشعب في الكريات بعروقه وتحفر فيها حفرا دون ان تشعر

نظرت اليه وشعرت بالاحراج من نظراته اخدت ما ستقدمه له في الصحن والشاي ايضا واعطته الكأس المزخرف باللون الذهبي
تحت نظراته التي لم تشأ ان تفلت اي لحظة من هذا الجمال الذي امتزج مع الطبيعة بشكل صيرها له وجعلها تروق عينه دون ملل

قالت له لتكسر الصمت وحرارة النظرات ولم تستطع ان تتحرك بحيث جلست بشكل معاكس له فباتت تحت رحمة عيونه المحرومة المتأججة:
- الجو جميل هنا ...لم يكن جدي مالكا لهذه الاشجار من قبل

قال سعيد يسرح في الاشجار والخضرة امامه:
- الارض له وخدمها العمال الى ان اعطت مع السنين ما اعطته تدرين ان الليمون الان هذا فوقك نظري اليه..

رفعت راسها ترى اوراق الشجرة التي تبسط جمالها فوقهم ولاحظت الليمون الشبه اخضر فوقهم
قالت تسال:
- مابه؟

وضع سعيد الكأس من يده :
- ظننا ان هذا العام لن تعطي ثمارا وخفنا من ضياع المحصول لكن الحمد الله رحمنا فقد ازهرت هذا العام متأخرة فقط وضننا انها لن تفعل ابدا وهذا هو سبب اخضرار الليمون كما ترين لم ينضج بعد

قالت تسكب له في الفنجان القهوة السوداء الساخنة:
- سبحان الله

مدت له الفنجان وامسكه واحنى راسه عليه يحرك السكر الذي وضعه فيه
قرر ان يجرب حظه فهي حلاله وليس عيبا ان حصل على شيء بسيط يطفئ ناره
قال يخفي الوهج الذي يهدد بالانفجار في اي وقت من عيونه الساخنة بشدة الشوق الذي يوجعه ويألم صدره بقوة:
- عبير
ردت تنظر اليه وقد وضعت كاس الشاي من يدها
- اجل
كان نبضه قويا سريعا
يهدده الا يفعل فقد تجرحه ويدوم الجرح كثيرا في قلبها ويصعب عليه العيش معها تحت سقف واحد بعد ذلك او شفائه:
- اذا طلبت منك ان تاتي الى هنا قريبة مني سترفضين؟

المت بها حيرة وتبعثرت كل افكارها و تاهت نظرتها لكنها اجابت بخضوع لعلمها انه زوجها ويفعل من اجلها الكثير فيجب ان تخضع له قليلا ولو بالغصب:
- لا ...اقصد ليس لدي ..مانع
نهضت تقترب منه بخجل لتجلس قربه تطوي قدماها تحتها وتجلس بارتباك
شعر بان الارض لاتسعه فرحة لانها لم تنفر بل استجابت
وضع الفنجان الذي ولايدري لما اليوم بات يشعر انه يزيد من سخونة الجو عليه بدل باقي الايام
التفت اليها ينظر اليها من فوق
وتكلم بما لجم لسانه منذ مدة تبدو له عهودا مضت همس بكل ما يملك من مشاعر تتراقص على قلبه وتريد ان تنهيه الى النهاية:
- عبير...
بالكاد همست مخفضة نظرها عنه:
- نعم
قال يفصح عن ما يثقل صدره ويكاد يتسبب له بنوبة قلبية من كثرة الضرب على اوتاره :
- انا..انا احبك

شعرت ان الكلمة تجاوزت اذناها لتغوص في اعماقها وترفرف بقلبها عاليا
ياربي ما الذي يحصل لي هل جننت رحمتك يا الله
لم تستطع ان تجبه لان الخجل يزيد من احمرار وجنتيها

- اعلم انه لربما هذه الامور صعبة لانك بريئة ..اعرف انه ابدو لك لربما متوحشا لكني عكس ذلك اتمنى فقط لو تفهمين

خرجت تنهيدة مديدة من صدره مثخمة بما يكتم على انفاسه
اقرب يده من يدها واخدها برفق يتمنى الا تقوم باي فعل يجرحه فقلبه لها وحدها ولم يعد باستطاعته التحمل اكثر
دفن شفاهه الرجولية في باطن كفها
ارتعشت ورفعت نظرتها اليه وقد اضمحل الخجل بل ما كان لم يعد له اثر سوى انها بقيت حالمة في ما يفعله يقبل يدها بحنان بالغ
بل وتجاوبت يدها بحيث وضعتها على خده
كل المشاعر في ذروتها تهدد بالانهيار في اية لحظة اقتربت منه تدفن نفسها بخجل بالغ في صدره لاتدري لفعلتها سببا لكنها اراحتها وبعثت بها شيء لم تعهده في نفسها
قال بين انفاسه المتهدجة:
- لقد انشاتني بدون مثال سابق
سمعت قلبه يضرب بهوج واستقرت يدها على صدره وتشبتت به تخفي نفسها في صدره القوي كليا لاتدري لما شعرت ان البرد موجود حولهما بينما الدفئ لا يختزل الا في حضنيهما مع بعض اغمض كل منهما عيونه تاخذه دوامته المنعشة الى عوالم خارقة لاتتكرر كل يوم
وشدد ذراعيهعلى خصرها وشعر بلهفته تزداد لكنه قرر ان ينعم بهته اللحظة
ابتعدت عنه قليلا ولاحظت عيونه التي بدت كالنعسانة قرب وجهها المحمر ولم تستطع ان تنطق بشيء ابدا
بعد ان استرجعت طبيعيتها قالت:
- الن تذهب الى عملك؟
وبدات تجمع الاغراض
قال ينظر اليها بين رموشه السوداء بابتسامة منتعشة فرحة:
- ومن يملك هذا الوجه الجميل يستطيع ان يذهب الى مكان؟

زاد تورد خدودها وقالت :
- اتحدث... بجدية ...انوي ان احضر لك طعام الغذاء ان لم ترد ان تتغذى معنا في البيت

قال ينهض ليقوم بطوي الشرشف
- سيكون ذلك رائعا ان تاتي لنتغذى معا هذا سيصبرني على بعادك يا قمري

يخجلها الى ابعد حد لاتدري الى اين سيقودها هذا الجدار الثاني الذي هدمته نحوه لكنها تدري انها تتبع فقط قلبها وان كان قد بدأ يغرم به فعلا فلابد من انها ستعرف

اراد اكثر من حضنها في صدره
بات يريد ان يخترق الحدود الفاصلة بينهما الى عمق اكبر
ويتمنى ان يلمس تلك الشفاه العذبة التي تعذبه في كل لحظة لكنه اقنع نفسه بانها تحاول ان تغالب خجلها فلا يجب ان يستعجلها لو كان الامر بيده لكان مختلفا لانه جامح بطباعه
لكن ولانها بريئة ورقيقة فيخاف عليها من الكسر

قال يمنحها يده بعد ان حمل السلة
ابتسمت تمسكها وتعززها بوضع اليد الاخرى على ذراعه تربطها فيها ملتصقة به ببرائتها اكثر
ويتجهان معا الى السيارة





********************

في القصر


ثريا تعلم انها لم تفعل الصواب
لكنها لتعرف مكان زوجها دون ان تكثر الترثرة سألت عبد الصمد الذي صادفته خارجا من مجمع الرجال ولعلمها بان عبد الصمد انسان متفهم قليلا اجابها بانه سافر في الصباح وفسرت انها فقط نسيت لابد من انها نسيت

ماهته السكاكين التي تشرخ صدرها وماهذه الالام التي تفضي الى بئر عميقة تسيل فيها دمائها ولاتعلم من اين ستعيدها
انكسر كل شيء فيها ككأس امتلأ بسائل ساخن وانشق ليترك مافاض يفيض على ساحت الحب الاعمى
انتشلتها عذابات الهوى بملاقيط حادة تنغرس في صدرها دون رحمة
تعلقت بين الشك والواقع كالشاة
بل ذبحت كالشاة وتركت مذبوحة بجسد حي
ميت في الاساس منذ ان امتزج نبضها بقلبه منذ ان تخلت عن اسلحتها في الحرب ضده منذ ان كانت له وحده
لماذا انا لما ياربي يفعل بي هذا
اكتفيت وتعبت يجعلني دائما على الهامش لانني طبعا لست سوى امرأة لعوب في نظره احبه وحبه يخرقني نصفين
ويكتنيني بوحشية

صعدت في قمة غضبها لاتدري ما عليها فعله لكنها يجب ان تعلم لما يعاملها هكذا يجب ان تفهم قسوته تلك هل لها من نهاية؟
صعدت الى جناحها واقفلت الباب وراءها بكل ما اوتيت من هدوء
دخلت الغرفة لتطلع على ملابسه وفعلا هنالك نقص فيها
وحقيبة من الحقائب المتسلسلة تنقص
اذن هو سافرفعلا لكن لما لم يقل لها

- لما لم يأخدني معه
ادمعت عيونها بحرقة لطغيان هذا الرجل والذي لايريد ان يتنازل عنه ابدا
اخدت الهاتف النقال واتصلت به
تنتظر بقلب مرتجف وما ان اجابها حتى شعرت انها تحتاج الى الجلوس

في تلك اللحظة كان قد اوقف السيارة واستاذن من الهام ليقوم بالأجابة
- الو..
قالت بصوت يشوبه الاضطراب رغما عنها:
- عث..مان
ابتعد عن السيارة
- اهلا وسهلا

قالت تقف منتصبة تحاول ان تضهر قوتها في مجابهته:
- اين انت الان ؟
قال لها باستهزاء لاذع:
- وهل من حقك ان تسالي اين اذهب واين امشي ؟؟ألست انا من لديه الحق في ذلك؟

قالت وقلبها يتوجع من حديثه والدموع تتدحرج صامتة على خدها وحتى الكبرياء بات في الخلف وراءها مكبلا لصق فمه مكتومة انفاسه:
- لما لم تخبرني في الفجر انك مسافر لما لم تأخدني معك؟
قال ببرود:
- حضورك معي ليس مهما

يوسع الجرح في قلبها بقسوته
يدمي فؤادها بطعناته الثثالية لها
جلست قرب السرير على الزربية تشد على يدها المتحرر بين ركبها من عصبيتها:
- الهذا الحد لست مهمة بالنسبة لك الا اعني لك شيء؟
قال بنفس البرود:
- اخبرتك لو كان حضورك معي مهما لاحضرتك ليس الا والان ماذا ؟

قالت تمسح عيونها:
- الا تحبني عثمان؟؟... ولو قليلا

قال وعيونه تسبح في خيالها بين انفاسه:
- عن اي حب تتحدثين بالله عليك..انظري ليس لي النهار كله معك علي الوصول الى الدار البيضاء بسرعة

قالت تصرخ بحنق مرتعدة:
- انت لعين عثمان ولم ارى انسان اقبح منك اكرهك ياذا القلب المتحجر
دون ان تقفل الهاتف رمته على الحائط حتى ملأت الغرفة باشلائه وانهارت هي تبكي على السرير تعتصر من الداخل اوتارها
وتتألم بكل ما في قلبها من حب تعيس

بينما هو نظر الى الهاتف بتفكير ليقوم باعادته الى جيبه ويدخل السيارة

- اسف الهام ان ازعجتك

-لا لا عليك

رات الهام انه بدى غاضبا قليلا من طريقة تحدثه في الهاتف
لكن الامر ليس من شانها






********************

في منزل السي محمد




كان سي محمد في مكتبه الخشبي الرائع يفضي من شرفة جميلة الى الحديقة الصغيرة المحيطة بالمنزل
كان اليوم يراجع الارقام التي وصلت ارباحه اليها لحد الان مع العلم انهم لم ينتهوا من الحصاد كليا بعد
فرح كثيرا لان ابنته الوحيدة قد تزوجت وحمد الله كثيرا
يفكر بان يجهز لها احسن عرس بالمنطقة ويفرح بها كباقي الناس
يتمنى فقط الا تظل زوجته رشيدة على هذا الحال
ابتعاد هند عنها بعد وقت قصير في اواخر الصيف يحبطها
وحمل صفية يأثر فيها كثيرا
يشعرها كل هذا بتعاسة لاتوصف وهو يحاول بحبه ورعايته لها ان يخفف عنها من مقاساتها

كان قد نادى على صفية لتأتيه
لانه ينوي ان يحدثها بجدية فمن اجل زوجته يفعل المستحيل
ويريد منها ان تكون خادمة مستمعة لاوامره كما هي دائما

سمع طرقا على باب مكتبه وقد كان يراجع اوراقه
فانتهى بتنحيتها جانبا في الروجيستر
وأذن بدخول الطارق
- تفضل... ادخل

كانت صفية من دخلت ولكنها بدل ان تتقدم اليه ليناقشها في الموضوع الذي ناداها من اجله لاحظ عليها نظرة غريبة توحي بشيء ليس بالسار قالت:
- سيدي شخص يقول انه صديق قديم لك يريد ان يراك
-هل قال ما هو اسمه؟
حركت صفية راسها يمينا وشمالا فقال :
- اذن اطلبي منه ان يعود ادراجه
انحنى على اوراقه ودخل الشخص دون ان يشعر الجالس على المكتب بذلك وقال للخادمة انصرفي بالاشارة يغمز بانه يريد مفاجئته فرفعت اكتافها وخرجت تغلق الباب بخفوت
لكن السي محمد الذي اعاد الاوراق قربه شعر انه ليس وحيدا في الغرفة وعندها رفع عينيه لينهض من الكرسي وتشل ركبه من الهلع ليجلس عليه مجددا

- ه...و...د.......



The---and
يتبع.............


Jάωђάrά49 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس