عرض مشاركة واحدة
قديم 12-03-10, 07:37 PM   #33

Jάωђάrά49

نجم روايتي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية Jάωђάrά49

? العضوٌ??? » 106278
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 1,312
?  مُ?إني » الدار البيضاء
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Jάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك dubi
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي



الجزء التاسع عشر


جزء مختلف بقوة الله اتمنى ان ينال اعجابكم
والله يابنات كتبت بس على شان خاطر عيونكم ان شاء الله اذا استطعت من تعب العيد وما سفرت اصلا راح اكتب يوم الاتنين من اجل عيونكم
واذا ما كتب الله ان شاء الله بيكون الخميس الجاي
عيدكم سعيد



في يوم ما قبل عملية الهام
اي بعد ازيد من يومين



كانت الهام فرحة سعيدة بل منشرحة وتتناسى كليا ان هنالك عملية ستقوم بها ولاتدري ان كانت ستقوم منها سالمة ام قد يفقدها من يحبونها فيها
تشبتت بحبل الله المتين تدعوه ان تشفى
وتعود لاهلها سالمة
كانت في غرفتها جالسة على سريرها الذي جلست عليه اخواتها واخوها الصغير ايضا الذي رفض ان يجلس في حضن احد غيرها
وامها ووالدها اللذين اخذا لهما كرسيين ليجلسان عليهما
كان الحديث نشيطا بروح الخفة عند اخواتها ضحك وفرفشة وتعظيم الجو في الفندق والاكل على اساس انهم ابدا لم يرو امورا كتلك من قبل

قال الوالد لابنته التي كانت تمرر اصبعها على شعر اخيها وهو ملهي في هاتف ابيه يلعب:
- الهام ياابنتي عثمان رجل طيب والله لا اعرف فقط كيف ساعيد له ما صرفه علينا وعلى العملية عندما افكر في ذلك اجدني اشعر بالغزي من نفسي لانني لا استطيع فعل شيء

قال الهام لابيها:
- لا ابي اصلا انا اعرف بان عثمان حتى ولو حضرنا له المال الان لن يقبله وزيادة على ذلك انت يا ابي تعاني تشنجات عضلية على الدوام كيف لك بالعمل حبيبي لا تفكر في ذلك واترك امرنا لله

قال الاب:
- ونعم بالله

قالت احدى اخواتها بخفوت:
- استتزوجين منه اختي انه رائع

قالت الهام تخرج عيونها من مكانها:
- مجنونة انت الرجل متزوج كفي عن ذلك

قالت الاخت الاخرى :
- اتمنى فقط لو كنت انا من ستقوم بالعملية ااااااااه

قالت الهام :
- امي بناتك تلزمهن السنة

ضحكت الام فهي تعرف انها تعني بذلك ضربهن على مأخرتهن
فقالت الام:
- طلبك رخيص ابنتي ستجدينهن غذا بعد العملية في اكمل وجه ولن يقلقنك

قالت احدى اخواتها تنظر الى الهام:
- اهذه هي الاخوة و...يا لك يا الهام من ناكرة تحرضين امي علينا

قالت الهام تضحك :
- لو لم يكن ابي حبيبي هنا لفعلتها والله ههههه

قالت الام :
- حبيبتي لا تجهدي نفسك ارجوك

قال الاب السعيد بسعادة اِلْتمام الشمل:
- يا ابنتي لانستطيع البقاء اكثر فقد انتهى وقت الزيارات الان سنذهب باذن الله وفي الغذ سنعود ان شاء الله تشفين صغيرتي

نهض يقبل راسها فقبلت يده المتشنجة
وكذا قبلتها وادفئتها اخوتها بضحكاتهن الرنانة
ووالدتها غمرتها بشتى الدعوات الراقية
ليخلى عليها المكان في الغرفة كليا وتنفرد بنفسها وبدعائاتها لله




***************************




في القصر



بطلب من سعيد كانت عبير قد غيرت ملابسها في هذه الليلة
وارتدت تنورة واسعة من موديل اسباني بعدة طيات في اللون الاخضر الفاتح مع قميص حريري في اللون الاصفر المائل الى الخضرة وحجاب يتمايل في اللون الاخضر من الفاتح الى الغامق
كانت قد انتهت من تحضير نفسها وارتدت حذاءا خفيفا في اللون الابيض
كان سعيد قد ارتدى سروالا من الجينز الازرق الغامق ووقف قربها
ابتعدت لتعطيه احدى القمصان الصيفية الزرقاء الغامقة وارتداه بعد ان اهداها قبلة دافئة
بدأت تستشعر لذة العيش مع هذا الرجل فهي الان تتنعم به ويتنعم بها
والحب يزداد يوما عن يوم

قالت تنظر اليه وهو يغلق ازراره:
- الى اين نحن ذاهبان لم تخبرني؟

قال يبتسم :
- الى مكان ساحر هادئ بعيد عن الجميع لن نكون فيه سوى نحن الاتنين

ابتسمت له تقترب منه ومدت يدها على السنسلة الفضية تعبث بها فوجدت عليها اسمه منقوشا وقلبتها لتجد آية الكرسي العظيمة الكريمة
نظرت اليه وقالت:
- هيا سعيد اعطني عنقك اضعها لك

نظر اليها منحنيا على ملامحها
وكما يقولون في بعض الاحيان لغة العيون تواصل للارواح واعماق الافكار
وضعت له القلادة وكل الحب يتبادلانه في نظرات عميقة صافية من اية مشاكل
قال بصوت ملأه المشاعر :
- لما تبدين اجمل من اليوم المنصرم ؟كل يوم تحلوين فيه اكثر

قالت بابتسامت سعيدة مرحة:
- أتمنى ان ابقى دائما في عيونك جميلة حبيبي

قال يغضن جبينه:
- لما هذا القول ؟؟حبي لك ليس لجمالك فحسب اشياء كثيرة فيك اعشقها
ودائما تذكري دائما وابدا

قبل جبينها بدفئ وضمها يمنحها قبلة على فمها وقال :
- اتصدقينني الان

قالت ولاتزال تلك المشاعر والعواطف العاصفة بينهما جديدة:
- أجل اثق بك طبعا

كانت تشعر بالسقم لانها تكذب على زوجها بخصوص اختها
فتخاف ان يغضب وهي لاتريد سوى ان تعيش معه حياة هانئة دون مشاكل
مفعمة بالحنان والامان

قال يبتعد عنها:
- هيا نذهب فلا اريد التاخر

قالت تاخذ هاتفها من المنضدة:
- حسنا ...انتظرني احمل هاتفي

امسكت ذراعه ونزلا الى اسفل
كانت كل من مليكة وفاطمة تحضران طعام العشاء
فذخل سعيد الى المطبخ يقول:
- امي ساخرج انا وعبير قليلا وسنعود متاخرين

قالت فاطمة:
- الى اين؟

قال سعيد ينظر الى زوجته التي كانت تنتظر ان يتكلم وابتسم عاقدا حواجبه ينظر الى امه:
- امي انها مفاجئة لعبير فان تكلمت حصلت على ما تريد

قالت عبير خجلة من الموقف:
- انا لا ...همست مأنبة ....يا لك من رجل

ضحك على خجلها فقالت فاطمة:
- اسعدكما الله بني

قالت مليكة التي كانت تنشف الاواني التي تقوم الخادمة بغسلها:
- عبير زوجك يحضر لك مفاجئة ها استمتعا فقط لاعليكما منا

قال سعيد يسأل بفضول لامه:
- ما الذي تحضرينه للعشاء؟؟

قالت فاطمة :
- اخبرني فقط ان كنتما جائعان ماذا ستأكلا ابقيا حتى تتعشيا واخرجا

قال سعيد يغمز لامه:
- لا امي...فانا انوي تجويع عبير

فغرت عبير تضحك من قلبها على كلامه

فقالت لامها:
- امي اترين ما ارى ينوي تجويعي امي ...

قال يقترب منها :
- لا ايتها الصغيرة امزح فقط هيا امي عمتي تركناكما على خير سنذهب

قالت كل من مليكة وفاطمة:
- رافقتكما السلامة

عند خرجهما قالت عبير تستفسر بابتسامة مفعمة بالمرح:
- هل تحضر لي طعام العشاء في مكان ما سعيد اخبرني بالله عليك

قال سعيد يستمتع بسؤالاتها:
- ابدا ستعرفين بعد ان نصل هيا

امسكت يده وخرجا معا من القصر
كان الجو في الخارج دافئ عن الليالي الماضية فقد كانت حارة
اخذها الى السيارة الصغيرة السوداء فتح لها الباب وركبت تتوعده بعيونها البنية المكحلة وابتسم لها على حركات وجهها الطفولية
ابتعد يركب وراء المقود فاقتربت منه تقبل وجنته وتربط ذراعها حول ذراعه القوي وتتكئ على كتفه
كان الان في هذا الوقت سعيدا للغاية للتغير الذي هز حياته
لايريد لهته السعادة ان تنتهي في اي يوم
ان يبقيا في انسجام طول الوقت يحبها وقربها يذيبه كالثلج
ولايسعى سوى الى توسيع هذا الحب اكثر فاكثر

قال لها وهو يحرك السيارة:
- محبوبتي اتمنى الا تنامي اريد ان تتفاعلي مع الموقف

قالت عبير تنظر الى عيونه السوداء في الظلام :
- لا عليك حبيبي لا اشعر بالنعاس ابدا

وتحركت السيارة بهما في الطريق لكي يصلا الى .....




*****************



في الدار البيضاء




خرج عثمان من سيارته في بذلته السوداء وقميصه الابيض تحت صدرية
جميلة في الاسود ونظارتيه الطبيتين كان قد انتهى من الاجتماع الذي نوقشت فيه العديد من النقاط المهمة حول ظروف التعليم والمناهج المتبعة عليه
و"الاصلاحات"التي سيحاولون بجهد كبير ان يقوموا بها في المدارس التي تحتاج الى اساتذة جدد

توجه الى الاستقبال في الفندق يسال:
- السلام عليكم الم يصلني شيء ؟

قال مضيف الاستقبال:
- لاسيدي لاشيء

قال عثمان :
- مشكور اخي

تحرك عثمان بسرعة الى المصعد الذي صعد فيه الى الطابق الخاص به لكنه تذكر عائلة الهام وقرر ان لاينزل اولا في غرفته بل ان يتاكد من ان جناح العائلة لايحتاجون فيه الى شيء
ضغط الزر مرة اخرى وصعد المصعد الى فوق ليخرج منه ويتوجه الى جناحهم الكبير
طرق الباب وبقي في الجانب متواريا عن النظر الى من يفتح الباب
فتح باب الجناح من قبل الاب الذي قال مبتسما لعثمان:
- اهلا اهلا بني

قال عثمان :
- السلام عليكم عمي كنت مارا الى غرفتي ففضلت المرور عليكم هل تعشيتم ؟

قال الاب محرجا:
- اجل لقد اقتصرنا على بعض السندويتشات و...

قال عثمان متكدرا من نفسه لانه نسي ان يوصي المطعم في الفندق عليهم
- حسنا عمي انت اذا سمحت انزل الى المطعم في الاسفل اطلب منهم من الاكل ما يشتهي اولادك وانتظرني حضرتك في الاسفل حتى انزل لك ساغير فقط

قال اب الهام محرجا:
- مشكور بني والله هذا كثير خيرك علينا كثير

قال عثمان يبتسم ليزيل الحرج بينهما:
- انت في مرتبة الوالد اتمنى ان احتجت لاي شيء ان تطلبه وتترك الفاتورة في اسمي حتى ادفعها ساذهب الان وسانزل لك بعد ربع ساعة

- حسنا بني
هكذا قال الاب المسكين الذي لايعرف كيف سيستطيع في حياته ان يعوض على هذا الرجل ما يفعله من اجلهم
يشكر الله في صلاته كثيرا لانه فعلا صادفهم مع رجل شهم جدا



في غرفة عثمان



كان فعلا متعبا من العمل
وضع السترة على السرير باهمال واتكأ للحظة على ظهره
انه من جهة متعب من العمل لكن في الاصل تعب الروح تعب المشاعر من التفكير والاشوق اليها من يعذبه فعلا هي
كيف لها هذا التاتير على حياته
انه شبيه بالبئر الذي بدون ماء ليس بئرا بل حفرة عديمة الجدوى
يبقى هو وافكاره انسان غائر في افعاله لايستطيع احد توقع افعاله مهما كان

نهض يفك الازرار الجانبية لصدريته السوداء
وقميصه وانتهى بارتداء جلباب انيق من ثوب يسمى
"الْمْلِيفًَة الحرة للرجال"
في اللون الابيض وسروال في الابيض مع شربيل في نفس اللون كان يحتاج الى الراحة في جميع جسده ويدري انه يرتاح هكذا عندما يحتاج الى الراحة فعلا شيء من اصالة تجدرت في الاعماق دون قياس
بل وزرعت منذ زمن بذرة اعطت جذورا لاتقلع البتة
اصالة مثل هذه في الدماء مع الذكريات تجري

نزل الى الاسفل في بهو الفندق
ليتوجه بعد ذلك الى المطعم الصغير الانيق فيه
وجد ان الرجل الكهل قد اتخذ لنفسه مكانا في المطعم وعندما شاهده حياه من بعيد بحرارة اقترب منه عثمان وانحنى يقبل يده

شعر الرجل انه فعلا لو كان له ابن كبير شديد التواضاع والحكمة والعناية هكذا لكان يفتخر به يوميا
لكن عثمان كان يحب ان يحترم الناس الكبيرين في السن
لانه يعرف ان الانسان يزداد ضعيفا وينتهي ضعيفا



"بنات البارح بالصبح حضرت درس في اداعة الناس والصراحة انصدمت بل فجعت عندما سمعت اللي بيعطي الدرس قال انوا لما كان في الحج حلف انوا سمع احد الرجال يدعي على ابنوا بان تقطع اطرافه ان يحصل له من الامور الشنيعة ما لاتتصورون بهتت
عندما سأله الرجل لما يا فلان تدعي حرام عليك فعل ذلك بهته الطريقة لابنك
قال الرجل الكهل المسكين ان ابنه يلعب الكاراتيه وانه يربطه يكبله وياخذ في ضربه امام جميع اخوته بتلك القوة الشبابية والتجبر وانه يعاني من ضربه حتى الالم
كادت عيوني تفر دمعا
الرفق بالوالدين فإن فقدهما احدنا ماتت روحه ولن ينفع الندم بعد ذلك فلا جنة بلا رضى الوالدين "



قال عثمان ياخذ قائمة الطعام مبتسما ليلطف الجو بينهما:
- سنطلب شيء يشبع جوعنا ...على فكرة هل طلبت لابنائك شيء؟

قال ابوا الهام:
- طبعا بني اخدت لهم العشاء بفضلك والله يا بني لست ادري كيف لي ان اشكرك

قال عثمان فهو لايحب الشكر كيفما كان ابتسم:
- لا ياعمي ولو الامر عادي جدا ليس الا طعاما المهم ان تكونوا جميعكم بخير

نظر عثمان الى القائمة بنظراته الطبية:
- حسنا سآخد لي كبد العجل وسلطة من الخس والطماطم وبعض السمك المشوي ما رايك ؟

قال أبو الهام مبتسما:
- والله يابني افعل ما تراه مناسبا ...اعطني مثلك ان اردت

اومئ عثمان للنادل الذي اخذ طلبهم لياتي به بعد لحظات
وبقي الاثنان في المطعم يتجاذبان اطراف الحديث الذي بعض منها كان عن التمريض وعن مستواه والتطبيب ايضا ودوره في البلاد
وايضا عن التعليم وقطاعه الواسع
وكان الرجل الكهل انسان علمته الخبرة في الحياة من الكثير بينما عثمان علمته دراساته المتعمقة وتعليمه وايضا خبرته في سنوات حياته الشابة الامور الكثيرة ايضا
عند انتهائهم من طعام العشاء:
قال عثمان
- انا ساخرج ان شاء الله

قال الرجل الكهل الذي شعر ببعض التعب في مفاصله وتشنجات في رقبته
- ان شاء الله بني انا ساصعد

عندما نهض كان يظهر عليه التعب بالفعل فنهض عثمان يلتف على المائدة ليساعده

- ساساعدك عمي على الصعود الى غرفتك

ابتسم الرجل في وجه عثمان رغم تعبه
- جزاك يا بني الله خيرا على عملك


عندما اوصله الى جناحه ليتركه في رعاية زوجته طلب منها
إن تعب او اي شيء ان تقوم بالاتصال عليه في رقم جواله فردت بالايجاب اجل
خرج عثمان من الفندق لكي يستقل سيارته رغم قرب المستشفى الا انه يفضل ان يستقلها فهي تشعره بالراحة اكثر من التعب مشيا



كانت الهام قد اتخدت مكانا فوق كنبة بالغرفة
وجلست بحجابها وكامل ملابس الصلاة تتلوا آيات قرآنية تريح بها نفسها من وسوسات الشيطان
كان فوق كل هذا الارباك من العملية في الغذ شبح ذلك الشخص الذي اقتحم حياتها عبر الورود التي تحاول جاهدة ان تخفيها قبل حضور عثمان لكنها تحتفض بالبطاقات كان يبدو لها انه من غير المناسب القائها في القمامة فهي تشعرها بدفئ خاص شيء رومنسي غني بالمشاعر الحساسة التي تشعر المرأة بالزهو لهته العناية السرية وراء الخفاء

قبل ان يدخل عثمان الى غرفتها طرق الباب عليها ثلاث وبعد اذنها تركه مفتوحا ليدخل:
- السلام عليكم

قالت تبتسم :
- وعليكم السلام كيف الاحوال في العمل؟؟ وما اخباره؟

قال يجلس على حافة السرير بعيدا عن مكانها هي:
- انا من يجب ان يسالك عن حالك فغذا العملية؟

قالت تبتسم بتفاؤل:
- الحمد لله على ما كتب لله الحمد لم اشعر بسعادة غامرة كهذه من قبل على الاقل هناك امل في حياتي

قال يجيبها عن سؤالها الاول:
- أنا عن نفسي بخير والحمد لله العمل لم يكن مفرحا كثيرا هناك تعديلات شتى في القطاع قد تكون بالنسبة لي تفوق المقدرة

قالت باهتمام :
- ماذا بالظبط؟

قال بتنهيدة باردة وعلى ملامح ادنى تغير:
- ينوون تغيير المقررات للعام المقبل انا لست ضد الفكرة بل افكر في المساكين الذين تعودوا على تبادل المقرارات بين اولادهم ستكون هذه بداية لمعانات اخرى تسفر عن معانات البنات
على اي حال لايجب ان استبق الامور حتى يحين وقت ذلك...المهم اطمئنيت عليك اتمنى لك الشفاء سوف آتي بعائلتك غذا الى هنا تصبحين على خير

قالت تومئ :
- وانت كذلك

على اي حال لربما هي وهو ماكانا مكتبين لبعضهما
اشياء واختلافات موجودة رغم توافق الافكار الا انها تشعر ان الله فعلا اراد لهما الخير
يبدو لها انسانا بارد قليلا لربما هذا ما جعله لا يحضر معه زوجته
هي لايهمها اصلا وضعه لكن تفضل ان يحبها زوجها حبا حقيقيا لا فقط تعاملا




******************




في الاراضي



بعد ان وصل سعيد وعبير بالسيارة الى احدى الاراضي الخالية التي تم الانتهاء من حصادها
نزل من سيارته وفي ظلام الليل الحالك خرجت عبير من السيارة
اقترب منها يمسك بوجهها بين يديه:

- انظري غاليتي المفاجئة مفاجئة ساربط عيونك وساقوم بتسييرك الى المكان المطلوب حسنا

قالت تبستم والفضول على وجهها وتتملص من يديه لترى وراءه :
- لكن لما ما الذي تخبئه؟

قال بشكل جدي:
- عبير ...

قال تتنهد بهيام في وجهه :
- لا اقدر على زعلك اربطهما وامري لله

جذب شريطا اسود من جيبه وربط لها عيونها واخذ يمشي بها الى وسط الارض المحصودة بتبات وهي تكاد تقع بين الفينة والاخرى لكنه وراءها يركزها لكي لاتقع

قالت عبير بضجر مزيف:
- آآآه عيوني يا سعيد الم نصل بعد اكاد اجن من الصبر

قال يمشي مبتسما لكلامها :
- يا ذكية ابدا لن ازيل الشريط الى ان نصل

وصلا الى مكان وضعت فيه صفوف عالية الى فوق من مستطيلات التبن الرائعة وسلم يرفع الى فوق
قال :
- الان وصلنا ساصعد اولا وعندها ازيلي الشريط واتبعيني

صعد الى فوق على السلم العالي
وترك عبير في الاسفل تحاول فك الشريط وعندما انتهت وجدت الرؤية بعد لحظات فذهلت لطول السلم امامها وجمال الصفوف العالية وابتسمت تتوكل على الله لانها لاتحب ابدا ان ترفع نفسها على سلم ابدا
صعدت بصعوبة وهي ترتجف خوفا ويتظاهر لها انها تفقد التوازن لكنها تغمض عيونها وتكمل الى ان استقبلتها يد قوية منحتها الامل والشعور بالطمئنينة
كانت المساحة كبيرة فقد قام بوضعها العمال بطلب من سعيد في الصباح وهو في العمل في الاراضي الاخرى
شعرت انها تحلم لان شموعا وضعت في كؤوس كبيرة لكي تتجنب اشتعال النار على التبن رائعة ووضعت مخدتان وازار كبير وسطها كان المكان رومنسيا للغاية
ترقرقت الدموع في عيونها لشدة تاترها
وكانت عيون حبيبها عليها طيلة الوقت لايشبع ابدا من ملامحها الجذابة الفاتنة له وحده فهو يراها ليست دات جمال عادي بل خارق لروحه ووجدانه وموجع لاوصاله التي تخفق بنبض قلبه المرتعش

كانت لاتزال تتأمل سلة مليئة بالفواكه المختلفة وصحنين مع ادوات الاكل الخاصة
ظنت مع جمال السماء المترصعة نجوما تتلألأ بجمال رباني خيالي مليئة هي سماء القرى عن سماء المدن بالنجوم
وظنت انها تسبح في الفضاء ولايوجد فيه غيرهما

همس قرب اذنها المغطات:
- جلبتك الى هنا حبيبتي لكي احضى بك بعيدا عن اعين الخلق واجدك سرحت

قالت تنظر اليه بعيون متاترة:
- ما كنت لاسرح لو احد غيرك فعل هذا

ضمت نفسها اليه تقبل كتفه لانه رجلها ووحده من يتوجها ملكة في سماء خاصة بهما فقط
جذبها من يدها واجلسها على الازار الابيض
وهو يقول وقد وضع راسه على المخدة ينظر اليها وهي تتامله:
- افردي شعرك وتعالي قربي فلننعم بهذا لوحدنا

قالت تفك حجابها وتسدل شعرها لتتكئ قربه على صدره:
- ماظننت ولاتخيلت انكم في القرية ممكن ان تكونوا رومنسين الى هته الدرجة

قال يبرهن :
- اولا انا وحدي اعتبريني رومنسيا...ثانيا نحن لسنا قرويين مئة بالمئة لاتنسي حياتي اننا درسنا وتعلمنا واشياء اخرى كثيرة تخول لنا الخروج من القرية والتأقلم مع جو المدينة واهلها

قالت تزيد من ضمه :
- لا والله اريد البقاء هنا ..في المدينة يمكنك ان تحسب النجوم من نافذتك وفي دقيقة وهنا سبحان الله امر جميل حقا اكنت هكذا دائما تاتي الى هنا؟

- لا ....اجل لن انكر في بادئ الامر ما كنت ابدا منسجما مع فكرة الزواج بك ضننتك صغيرة ولاتزال اسنانك مفسودة بالشوكولا و.....كشر...هكذا ضننت انني ساسجن في هذا الزواج بحكم ماضيَّ

قالت وقد شعرت بوخزة الم لانه فكر هكذا في يوم ما فيها ونظرت اليه بعمق :
- افعلا كنت هكذا ؟ اه نسيت اجل كنت هكذا لكن لما فكرت انني سانكد عليك حياتك

قال يلمس شفتها السفلى:
- والله ما ضننت انك ستنضجين الى هذا الحد اصبحتي منذ رايتك هوسي في الليالي وفي الايام كلها

ابتسمت لمديحه فسمعت بطنها تزقزق وضحكت:
- سعيد كنت محقا بانك ستجوعني انهض لناكل

قال يتظاهر بالكسل :
- هيا ...قطعي الفاكهة واعطيني منها بيدك انا متعب انظري الى حالي
اليوم كله وانا اعمل والان احضر جميلتي الى ابعد مكان عن القصر وافعل المستحيل لارضاءها وهي لاترضيني حتى....

قالت تضحك على كلامه:
- هههه حسنا حسنا سافعل تبدو كالطفل الصغير مسكين اشعر فعلا بالحزن على حالك

- الاجدر ان تبكي

قالت تقشر من التفاح والموز وتضع في الصحن :
- لا والله ...ابكي هذا ما ينقصني
مدت له مما حضرت:
- خذ يا مولاي اتنتظر مني ان اقوم باحضار سعف النخل لاريحك من الحر

قال :
- اجل لو سمحتي

ضحكت عليه:
- والله انك مجنون

هز حواجبه وقال:
- بك
فضحكت مرة اخرى فاردفت تبتسم بسعادتها :
- كل حبيبي ...قبلته على خده ....اشكرك عزيزي على كل ماتفعله من اجلي






*******************



في منزل السي محمد




كانت هند مع امها تجلس في غرفة النوم وهما هائمتان في التخطيط للعرس بشكل قوي
كانت هند في هته المدة التي مضت عن اخر مرة رأت فيها زوجها تتصل به فقط
تشعر انه في خطر او بالاحرى هي في خطر ان تلوت عليه تلك الاجنبية الفاسدة لايعجبها ابدا فكرة ان تكون تلك الخرقاء هناك وهو في نفس البيت تكاد تجن لكن فقط بعد الاتصال به تشعر بالهدوء من كلامه معها

بعد ان انتهت من الحديث مع امها قالت:
- ماما ساتصل بعبد الصمد ساخبره بما علينا فعله والى اين يجب ان نذهب لننهي الترتيبات اوف اشعر بالتوتر

قالت الام رشيدة:
- لا ياابنتي لا تشعري بالتوتر الان لايزال الوقت مبكرا على زواجكما فالافضل ان تتريتي وترتبي على مهل لن يهرب فهو زوجك

رفعت هند نظرها الى امها وكانما الكلمات هته افاقتها من موجة الضباب العاتمة التي كانت تغرق فيها :
- انت محقة انه زوجي وليس علي التوتر فلن يهرب ...احبك ماما

ضمتها وتغيرت نظرة رشيدة الى الحزن الذي يملأ نفسها دائما وابدا
- اذهبي الى النوم الان وغذا اتصلي به او في اي وقت اخر الا الان عليك بالراحة

قالت هند مبتسمة:
- محقة امي ....نهضت من مكانها الى الباب واستدارت....تصبحين على خير الخيرات يا احلى الامهات

خرجت هند من غرفة امها فتفاجئت عند استدارتها بصرخة رجولية افزعتها

- واااااا ههههههه

قالت هند الشبه مصدومة:
- من ؟؟؟ ايوب او يا لك من حقير لما اخفتني وثم منذ متى وانت هنا؟؟؟

قال بصوته ذاك مبتسما :
- منذ اكثر من نصف ساعة ومنذ برهة قلت لعمي بعد ان سلمت عليه اين هند ؟؟واعلمني بمكانك وقررت ان اخيفك كما صدمتني بخبر زواجك

قالت هند تنظر اليه بتعجب:
- ومن اخبرك اخاف عينك يا اخي؟

قال يضحك:
- هههه ليست هند من تآمن بالخرافات وعلى اي صلاة النبي على وجهك وحجابك

لمست راسها وابتسمت بافتخار :
- ارأيت يلائمني سبحان الله على اي لا تحزن لانك لم تحضر زواجي فالعرس لم يقم بعد في اواخر الصيف سيقام

قال يمشي معها الى ان وقفا امام غرفتها:
- اذن سابقى وهناك الكثير مما اريد ان احكيه لك على اي تصبحين على خير يا عصفورة الحب لاتنسي ان تسبحي في عالم الاحلام يا سندريلا

امسكت شبشبها واخذ ايوب يجري في الرواق الى ان اختفى تماما
وتركها وراءه تضحك
ومن ثم دخلت غرفتها مبتسمة لانها فعلا تجد انها لا عالم تنتمي له من دون حلمها الابدي
عبد الصمد
عبدوو


*********************


في الدار البيضاء المدينة الاقتصادية للمغرب
وبعد صلاة العشاء



كانت الهام قد طوت سجادتها ووضعت مصحفها على المنضددة الصغيرة لتبدأ في ذكر الله في نفسها وهي تنظر الى منظر الحديقة في الاسفل
كان منظرا جميلا بحيث انيرت ببعض المصابيح اللطيفة الاضاءة وبما انها لم تكن تستخدم كثيرا الا في النهار يبقى في المساء منظرا جميلا فقط

ابتعدت عن النافذة واقتربت من الكنبة الصغيرة لتجلس عليها تنتظر عشاءها
والذي بعد عدة دقائق قامت احدى الممرضات بجلبه لها الى الغرفة
كان عبارة عن حساء بالخضار وبعض الجبن والخبز الطازج
لم تفتح شهيتها ابدا لاتريد ان تعترف بان الخوف يبعثر تفكيرها ويزيد من توترها الكبير حيال ما هو قادم

بدأت في ادخال لقمة من الخبز مرفوقة بالجبن وملعقة لذيذة من الحساء الى فمها لكنها ما فتئت ان تركت المائدة لتجلس على سريرها تضبط المنبه الذي كان مضبوطا على صلاة العصر الى صلاة الفجر
خرجت التنهيدة متحشرجة واتبعتها باستغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم لتحرك الازار وتدخل في فراشها وهمت تزيل حجابها لكن الطرق على الباب اوقفها

قالت تتعجب من قد ياتيها في هذا الوقت:
- ادخل

انتظرت لحظة لتظهر لها الممرضة وهي تقول:
- يا انسة هناك من يريد رؤيتك

قالت الهام:
- ولكن الم ينتهي وقت الزيارة واعلم ان عثمان وحده من يستطيع زيارتي في اي وقت؟؟

قالت الممرضة :
- لقد سمح له الدكتور بعيادتك انسة فهل ادخله؟؟

قالت الهام ترفع اكتافها
- ادخليه لكن ارجوك دعي الباب مفتوحا

قالت الممرضة للرجل تفضل سيدي
دخل الرجل الذي كان يحمل باقة ورد واقترب من المنضدة ليضعه
وهنا انسعقت هل هذا هو الرجل الغامض الذي ياتيها بالورود دوما
يا الهي كان رجلا جذابا ومرتديا لجاكيت اسود وسروال جينز ازرق مع قميص ابيض من تحت الجاكيت
بقيت تنظر اليه وقال هو يقترب من كرسي قريب ليقربه من السرير ويجلس:

- السلام عليكم ... ادعى عصام




******************





في وسط الاراضي بنفس الليلة





بعد ان اطفئ الزوجان الشموع حولهما وسبحا في صمت ليلة رومنسية بيضاء
اختلجتها العديد من مشاعر الحب والوله والعشق والتيم
كانت عبير متكئة على المخدة وسعيد ينظر اليها بعمق
ويعبث بشعرها تارة وباكتافها تارة وحتى انه نحتها تحت اصابعه وفصل كل ملامحها بدقة فنان
نهض من سباته ولاتزال المشاعر الاولى في حياتهم الزوجية تفتك به:
- هيا فلنذهب الى البيت صغيرتي

قالت عبير بكسل وجفونها تحت لمساته كانت تنسدل بنعاس لذيذ
- لما دعنا هنا سعيد

قال سعيد محتجا برفق:
- غزالتي رغم انها ارضنا لكن لايجوز النوم هنا ماذا سيقول عنا العمال لن نبدو في شكل جيد ومن ثم انا مشتاق لك جميلتي فلا تحرمينا هذه السعادة

قالت عبير تنهض وتجمع شعرها لتخفيه في حجابها
- حسنا فلنذهب على اي حال من يغلبك

قال مقبلا اياها برفق:
- انت من تغلبينني بدلالك والان ساسبقك لاتلقاك بين ذراعي في الاسفل وانت انزلي بحذر تبدين نعسانة

قالت له تمرر يدها على ذراعه:
- لاحبيبي كنت اتمتع بقربك فقط سانزل بروية لاتشغل بالك ...حسنا اشعر بالدوار لذا تلقاني لن اضمن لك انني لن اسقط اللهم استر

قال سعيد يفكر :
- تعالي ساريك طريقة سهلة ننزل فيها معا بهذا تبقين تحت يدي ولن تسقطي

وهذا ما فعلاه نزل الاتنين وكما لو انهما في شهر عسل في احدى الجزر الاستوائية لكنه فقط عالم جميل يبنيه الحب بعواصفه وبسرعة وجمالية مربكة
دخلا الى السيارة وركباها ليعودا الى القصر في نفس الوضعية الاولى لاتستطيع ان تبعد راسها عن كتفه القوية ابدا




*******************




في الدار البيضاء



بغرفة عثمان


كان عثمان في قمة القلق على نفسه من المشاعر التي بدأت تداهمه من جهة ثريا
فهذا الشوق الذي يكتسح وجدانه ويعصر عروقه ويكويه حتى بات لايفكر في شيء غيرها هي وغير انفاسها وعطرها وصورتها
على ذكر صورتها هو لم يستطع ان يمسح الصورة من هاتفه
فهو كلما اشتاق لرؤيتها اكثر نظر لصورتها فتزيده لوعة واشتياقا
اما من حل لهوسه بها الن ينتهي هذا الاحساس قربها بهذا الشكل؟
لكنه يوما عن يوم يظهر له ان بها شيء ما لايفهمه شيء مبهم للفهم اصلا
يبحث في اثارها ويحفر في اعماقها عبر ما كانت معه وعليه في زواجهما ما هو ذلك الشيء الذي يحيط بها
اهي الصراحة ؟هل يمكن ان تكون صريحة معه؟
لا يا عثمان انها امراة تزوجتها وخدعتك لتحصل على شهادة زواج تخول لها بعد الطلاق التحرر والحياة بحرية وكانها كانت في الاصل شريفة
هو الرجل الصبور القنوع الذي يتفهم المرئ قبل نفسه وهادئ حتى الموت
يجد انها منذ اول ليلة معه غيرته كليا بل اشعلت فيه نيرانا
لاتنطفئ
ايمكن ان اكون في صدد حب مجنون لها ؟
هذا غير معقول انا لست من يضعف لست من يخنع لامراة مهما كانت فلتبقى كما هي لن اطلقها ولن اطلق صراحها فلتتعذب هذا سيكون في مكان السلوى بالنسبة لي

بعد لحظات دخل الحمام ليستحم وبعد خروجه منه يلف على خصره فوطة سوداء
جلس على السرير ليحمل الهاتف كالاحمق مرة اخرى
نظر الى صورتها بامعان يحب منظرها كالبريئة النائمة لكنه يكره كذبها يكره ان تكون خائنة وهو المصاب بالعمى يسامحها منذ متى وهي فاقدة لعذريتها من يتبت له انها لم تقم علاقة مع احد
اضطرب فكه وصر على اسنانه بصرخة قوية يدفن على اثرها الهاتف في الفراش ولكنه بعد ان هدئ واستعاذ بالله من الشيطان الرجيم
اخذ الهاتف مرة اخرى لكن هذه المرة
فقط لانه تذكر بانها لم تعطه رقم هاتفها الجديد الدافع لجرحها يدفعه لسماع صوتها لخلق الاضطرابات في نفسها مادام هو في محل التاتير القوي عليها

رفع الهاتف في اذنه نظر الى نفسه في المرآة سهوا ومن ثم غير نظرته الى مكان بعيد وانتظر يسمع صوت الهاتف يرن




في القصر وبعد ان دخل كل من عبير وسعيد الى الردهة ووصلا الى نصف الدرج رن الهاتف وهو يلح عليهما قالت مليكة متأففة من الاسفل ليرد احد
تركت عبير يد زوجها الذي قال بنفاذ صبر:
- عبير دعيه ليس الوقت ....

غمزت له :
- اذهب لن اطيل الكلام ساعرف من يكون فقط وآتي حالا

نظر اليها سعيد متوعدا فابتسمت له وهي تقول حاملة الهاتف:
- الو قصر عائلة المنصور من معي؟

رد عثمان بشيء من التحفظ:
- اهلا كيف الاحوال انا عثمان

قالت عبير في نفسها الحمد لله انني من رد:
- اهلا اخي كيف الاحوال هناك هل انت بخير؟؟ الكل بخير هنا

قال وقد عرفها من صوتها :
- مشكور يا زوجة اخي اجل انا بخير الحمد لله مادمتم بخير المهم كنت اتصل لتصلوني بثريا

قالت عبير بغباء:
- اختي؟؟؟

قال عثمان:
- اجل هلا اخبرتها باني اريدها على الهاتف لو سمحت

الان جاء دورك ياعبير يالله ما العمل اعرف انني لن اتورط مادمت اهيء لهم انني لا اعرف شيء لكن ان كشفني من صوتي
قالت بهدوء قدر ما استطاعت:
- اااه ثريا ...لقد سافرت الى افران وقالت بانك انت من اعطيتها الاذن بذلك لقد ذهبت كما قالت لتجلب شهادتها من الجامعة هناك

امتقع وجه عثمان غضبا عاصفا لو كان بردا لاصبح اعصارا ولو كان بحرا لاصبح طوفانا لو كان سحابا لانقض عليها سواعقا تنسفها من الوجود
ولو اصبح جبلا لانفجر بركانا وحمما تكوي حرارة

كان الصمت يعم على الارجاء قبل ان يقول عثمان اي شيء قالت عبير:
- عثمان انت معي انت تعلم اليس كذلك؟؟

اضطرت لتعرف جوابه هي الاولى في حالة كانت هناك اية مشاكل ستحصل قد تتلقى لها قبل اي شخص لانها اختها وستدافع عنها بكل كيانها

سمعت صوته متهدج من الغضب وهو يحاول ان يمسك نفسه على رمي العالم بقنابل ذرية فيشعره بالدمار في قلبه
- انا هنا ....بالطبع اعلم والا لما اعطيتها موافقتي كنت اسال لربما كانت لم تسافر بعد...مادامت سافرت اعطني عنوانها اذا عرفته؟

قالت تفتي عليه العنوان بصوت خلته من الارتجاف الذي هز قلبها فقال بسرعة :
- اشكرك عبير المهم ان سالك احد عني فاخبريهم انني بخير


اقفلت الهاتف وقلبها بين اضلعها ينبض بقوة ما الذي فعلته بتنفيذها لكلام اختها كانها حكمت عليها بالحكم شنقا او بالاعدام
ياربي مادام وافق كلامها كما قالت لربما لكي يستر لانها ابنة عمته لكن
ما سبب قبوله على تستره عليها لربما ياعبير يحبها ؟؟
لا لا لا تذكري كلام ثريا لقد كان تصرفه معها سيء هذا يعني انه قد ينتهي بقتلها يا ربي هو لايصدقها وما فعلته سيثبت عليها تهمة الخيانة حتى ولو لم تكن بالجرم المشهود

صعدت الى جناحها وازالت حجابها وهي تفكر وتفكر لكن هذا لم يجعلها تغفل عن زوجها المنتظر على احر من الجمر يجلس وقد كان نازعا لقميصه فاقتربت منه تجلس في حضنه وتضم نفسها اليه لتجد بعض العزاء والدموع تكاد تخرج مهددة الوضع بالانهيار تحت ضمة سعيد الحانية دفنت راسها في كتفه القوية وانستر جسدها الغض في ضخامة جسده وكانها تحاول التملص من عيون الذئب الحمراوتان اللتان تتربصان بها بين الظلال وهما في الاصل لضميرها المعذب



كان عثمان في احدى قمم افكاره المجنونة
لايستطيع ان يتحرك ولا التفكير في شيء غير نوع العقاب الذي سيلحقه بها ان ذهب اليها بقي هكذا وعلى هذا الحال لايدري الى متى؟؟



**********************



في احدى الفنادق الفخمة
بمدينة افران المغربية



كانت ثريا مرتدية لبيجامة بسروال وردية وتحقق النظر الى مرآة الحمام في ملامحها البيضاء المريضة
هالات حول العيون وقيء على الدوام
ودوامات دوار تداهمها في الصباح وبعض الاوقات الاخرى
شعرت بالياس من هذا الوضع
ذخلت الى داخل الغرفة التي تحتوي على شرفة كبيرة
شعرت بالبرد ""رغم انه الصيف لكن البرد في اوصاله فقط"" فذهبت اليها لتغلقها وتسدل الستائر فهي تنوي النوم طويلا ولاتحب ابدا الضوء في الصباح والذي يجعلها تنهض بسرعة وتكدر من النوم
اقتربت مع تضارب الزهري على جسدها والاحمر في شعرها الى السرير الذي يحتوي على شرشف اسود وابيض راقي في صنعه وخفيف
لكنها شعرت بالبرد يسري في اوصالها منه
لدى نهضت متأففة وتعبة بالفعل الى الخزانة التي تحتوي على اغطية اضافية للمساعدة في حالة احتاجها البعض
واخدت واحدة منها فسقطت من يدها التي تشعر بها اصبحت كالرغوة لاتستطيع امساك كأس حتى دون ان تكسره
فرشت الغطاء باهمال واندست تحته ولم تستطع النوم والضوء الخافة في الغرفة مطفئ فتركته مضاءا
تنعم بهته الراحة الان التي فعلا لاتريد لاحد بان يكدرها

بعد ان زارت المستشفى بعد وصولها الى هنا وجدت صعوبة في التعامل معهم فمظهرها الجديد جعلهم يتحرون عنها بشكل محرج لكن الدكتورة المعالجة الخاصة التي عالجتها من قبل هي من اثبتت انها هي ثريا فقد رأت بطاقتها الشخصية والتي رفضت ثريا ان تريها الى الدكتور فصورتها فيها لاتزال بدون حجاب لدى تفكر في تغييرها بسرعة
بعد ان تحدثت الى الدكتور اي المدير في المستشفى
اكد لها انهم سيحاولون البحث بشكل اعمق وسيتم ابلاغها وارسال الملف اليها في الفندق تحت طلب منها
وبعد ذلك بمدة ارسلوا لها الاوراق التي ما ان راتها حتى ضمتها اليها
وبفرط مشاعرها المظلومة اخدت تجهش في بكاء مرير ولم تكن من عادتها هي القوية ابدا الخضوع لهته الحساسية
تعبها ما ترك لها القدرة على المشي مطولا او حتى السياقة بشكل جيد
التعب لفها كلها وهي تفكر في زيارة الطبيبة في اقرب وقت من يعلم ما بها؟؟؟
تخاف من ان تكون تعاني من مرض ما تتمنى من الله ان يشفيها من تعبها هذا دون حاجة الى الطبيبة



*********************



في الدار البيضاء




في غرفة المستشفى التي تقطنها الهام
بعد ان ذكر اسمه لم تعرفه على اي حال انه غريب فما باله يحدق بها هكذا وماباله يهديها الزهور على الدوام وهته الليلة انها الليلة التي تليها العملية لما بالضبط هو هنا لما ؟؟؟ ما الذي يريده منها بحضوره؟
ويريدها ان تعتبره صديقا لكن ما هي المناسبة؟
اسألتها اخدت ترج في راسها كالرجاج وتحرك راسها يمينا وشمالا لتزيلها وتقول:

- من تكون حضرتك انا لا اعرفك ابدا وانا متاكدة واصلا ماهمي في اسمك اسفة ان كنت ابدو فضة لكني اتمنى ان تخبرني سبب وجودك في غرفتي؟

قال عصام بصوته الواثق وهمته الشامخة:
- انا المتبرع بالقلب

نظرت اليه بدهشة ومن ثم انحدرت عيونها الى اسفل حرجا لانه هو من سيهديها قلبا لكن هو كيف سيعيش؟
قالت بحرج:
- انت سيدي ستعطيني قلبك لماذا ان كان قلبك سالما لما تريد الموت؟

ضحك لانها فهمته خطا رغم انها اول مرة يضحك هكذا بعد وفات اخته:
- لا يا انسة الهام انا كانت لدي اخت توفيت ودفنتها منذ ازيد من اسبوع
ولذلك اتيتك لاخبرك بكامل القصة

قالت تسترجيه المتابعة:
- تفضل سيدي

قال ينظر الى الفراغ بدل ان ينظر اليها:
- ما هنالك انني السبب في موت اختي من احدى النواحي هذا موضوع لا اريد التطرق اليه لكن ما سبب حضوري والتفكير في التبرع لاحدهم به
فقط سعيا في سعادة امي

قالت الهام لا تفهم ما يعنيه:
- هلا شرحت اكثر

قال يمرر يده على وجهه من التعب:
- يا انسة انا الان اتبرع لك بقلب اختي قلب اغلى النساء على قلبي وارقاهن درجة رحمها الله ....اريد منك ان تقبلي دعوة على حسابي للذهاب الى مدريد في فترة نقاهة لا لشيء غير ان تشعر امي ببعض العزاء وان تتوازن نفسيتها وبعد ذلك عودي الى بلدك بامان ....قبل ان تقاطعيني ...اعلم انك استاذة في قرية اعلم عنك الكثير ولولم احقق في اي مكان سيقع قلب اختي لما وافقت ...ادري ان لديك التزامات مع عائلتك المحتاجة لكن صديقيني لن يعدوا ان يكون الامر سوى عطلة تقضين فيها فترة نقاهة راقية تليق بك ....سيشرف على حالتك فيها احد الاطباء المختصون وهو تونسي الاصلية اتمنى ان تقبلي...لكن فكري في كل كلمة قلتها انا بعد موافقتك سارتب امور السفر على حسابي فانا اسباني الجنسية ويخولني ذلك الكثير من الميزات

في البادئ صدمت لرؤية صاحب الورود والان تعرفت على صاحب الورود لكن لم تكن تدري انها ستصدم اكثر من هذا هو من يتبرع بقلب اخته لها وهو ايضا من يهديها رحلة نقاهة في اسبانية
لكن لما؟؟؟ فقط لانه يريد اسعاد امه غير معقول الهذه الدرجة اصحاب المال يشترون السعادة لاهلهم
الان هي توغلت لايمكنها ان ترفض العملية فهي فضل من الله وايضا لايمكنها ان تنكر الجميل الذي قدمه لها عثمان
لا وايضا لايمكنها سوى ان تشفق عليه على عصام فلو ماتت لها اختها لاسامح الله لكانت جنت اما هو فقد تبرع بقلبها لها هي لتعيش
مشاعر مختلطة ومتنافرة جعلت طابع الخير فيها يغلب على طابع الحذر
وقالت بهدوء وتفهم:

- اتفهمك سيد عصام يمكنني ان اقبل عرضك مادام ليست البلاد بعيدة ومادام من اجل امك لكن ان انا وافقت مبدئيا فهناك والدي وامي وان وافقا فساذهب معك

- مشكورة يا انسة الهام اعرف انك لن تندمي على اختيارك هذا

عندما رمى عليها السلام خرج وبقيت هي للحظة تخرج من قوقعة سداجتها لتقول :
- لكن كيف لي ان اتق به
نهضت من مكانها واتجهت الى مكتب المدير في هته الساعة لتساله
وحمدت الله لانها وجدته وطرحت عليه ما حصل معها واكد لها كلامه وانه فعلا انسان جيد ونبيل ومتاكد هو من هويته ومن عمق مشكلته

حسنا الان عادت الى غرفتها واقفلت الباب واستلقت تطفئ الضوء في الغرفة لتسبح في افكار مأرقة لنفسيتها التي من المفروض ان تكون مرتاحة





******************


في اليوم التالي


في منزل هود




كانت في هذا الصباح الجميل قد استفاقت باكرا اخدت الشراشف في البيت والزربية التي ينامان عليها وبدات في ضربها بعصى خشبية لتنفت عنها الغبار
وهي تحت نظرات هود
هذا الاخير الذي لم يستطع ان ينام بسهولة اجل هي بين ذراعيه والحياة في قمة الحلاوة لكن ماذا بعد افشاء السر الذي يخنقه ويعذبه انواع العذابات التي لم يسمع بها من قبل ؟؟؟
هو ضميره الصاحي لهذ الوضع ما يدفعه الى ان يفشي السر ومهما كان رد الفعل سيتقبله سيحارب سيفعل المستحيل وسيستعيدها من ضياعها
كانت حالمة وهي تنفث الغبار وهي تشعر بالسعادة تكتسحها مع زوجها الذي يضفي الان على حياتها شتى الاحاسيس التي لطالما افتقدتها

ابتعدت من مكان حبال واقتربت من المنزل ومرت قربه حيث يجلس على العتبة فامسك يدها بلطف يغمرها بقبلات دافئة وقال:
- اريد ان اكلمك

كانت ابتسامتها بريئة جميلة صافية

فقالت تانبه:
- هود لا يوجد كلام قبل الافطار هيا تعال ساضعه الان

على مائدة الافطار لاحظت انه يتاملها
ولم تكن شاعرة كم الوجع في صدره لانه للان لايدري تقبلها لما سيقوله
قالت باهتمام:
- ماذا بك هود؟ ما الامر لما لاتاكل؟

قال يريد ان ينهي هذا الموضوع بسرعة:
- اعرف قصتك عندما كنت صغيرة

قالت تنظر اليه بصدمة:
- ما..ما ذكرك في هذا ؟...

قال يبعد نظره :
- لانني اعرف كل شيء بالتفصيل ...اعرف انه كانت لك اخت صغيرة في سن الثالثة وفقدت وظننتم انها لربما ماتت

قلبها يركض بل النبض فيه اصبح شبيها بقطعان ثيران حامية:
- انا لا اعرف لما تذكر الامر يا هود؟

- كنت مراهقا في ذلك الوقت ...لي ام واحدة وانا وحدي من يعيلها كنت اعمل عند احدهم ...
((كان يِعصر مع كل كلمة يخرجها لانه يدري انها ستكون النهاية قبل البداية))
...كان رجلا ثريا شجاعا على الفقراء يهب وينهب كان يستغل ضعفي و...في الحقيقة والدك عندما قال انها ماتت كذب عليك فلقد كلفني بخطفها وانتم في السوق ووالدك العربي كان موافقا على ذلك تقاضى المال عليها وذهب ...بعد ذلك بمدة البسني تهمة ادخلتني السجن دفعت الثمن دون ان ادري.... لقد دفعته

نهضت من مكانها تترنح واستندت على الحائط عندما رآها هكذا في هذا الحال يعتليها ارتجاف مهين والجرح غائر ويغور ثقب اسود يزداد سوادا والالم ينهش وينهش حتى ضنت ان قلبها بجرح الحبيب سيقتلها في مكانها لكنها لم تمت وهو يحاول ان يهدئها وقد اخدها بين ذراعيه
لكنها في انتفاضاتها ابعدته عنها كما لو انها تراه لاول مرة ترنحت في خطواتها امام عيونه الجريحة
اقتربت من مكان جلبابها وحجابها ارتدتهما بايد مرتجفة لكنه قبض على ذراعها يديرها اليه

- لاتذهبي ارجوك انا لم اكن في وعيي ..يا الهي كنت مراهقا فحسب..
لقد استغلوني وسجنت دفعت الثمن مضاعفا لو تدرين

صرخت فيه بحدة:
- ابتعد عني ....ابتعد عني كنت اعاشرك انت وغد حقير ...اختي حية وانا لا اعرف كنت تعاشرني وانا من ..من كنت وفية لك بينما انت خنتني ...انت السبب في بعادي عن اختي كل هته السنين واعيش معك اخونها وتخونني ....اكرهك.... اكرهك ....

خرجت من البيت تجري وتبعها بكل قوته استدارت اليه :
- لماذ تتبعني هود دعني وشاني؟؟؟

كان صراخها يطعنه في قلبه ويجرحه بعمق لكنه بقي تابتا لا يشعرها بادنى احساس فقال:
- انت زوجتي ولي الحق في معرفة مكانك

قالت تكاد عيونها تدمع وتخونها هي الاخرى وهي تنظر الى الرجل الذي احبته بكل كيانها يدمرها ولايعرف شيء الان سوى ملكيته:
- دعني

ابتعدت عنه تشق طريقها وسط الارض ولايزال هو وراءها
وهكذا بقيت هي تمشي بكل سرعتها وهو يتبعها الى ان وصلت الى بيتها حيث العربي
ما كان يستطيع هود ان يتكلم او يقول اي شيء الا ان ينظر اليها وهي تبتعد عنه ولاحظ اخيرا انها عادت الى بيتها لكنه عندما تبعها وجدها تدخل الى بيت الياسمين وطرقت عليه بخفة لكن لم يجبها احد استدارت وعيونها سبحت في فوق وكل الالام تجرفها الى نهر الجنون لكنها خرجت وهي تنظر اليه بكره :
- ماذا الان ؟؟الا تسمع ابتعد عن طريقي يا هود

ابتعد منخور القوى مجروحا مئات الجروح البليغة عن طريقها لكن رغم ذلك تبعها
وتوجهت الى السوق حيث يعرف الياسمين هناك العديد من النساء والرجال واخدت تسال لها عن عنوانها الى ان تمكنت من معرفته
اتخدت لها طريقا الى بيت الياسمين ولكنها توقفت لتستدير وتطالعه باحتقار:
- هود ...توقف عن متابعتي ..فآخر المطاف هنا ..ساذهب الى الياسمين وسأطالبها راجية ان تساعدني في معاملاتي... طلاقي منك نلتقي عند العادل

ماهذا الذي تقوله كاد ان ينحر اليوم من نظراتها لكن طلاق لا ...لا يجب ان تتركه وهو يذوب في هواها

وابتعدت تكمل طريقها بين البيوت المتراصة وسمعته يقترب بسرعة الى ان اوقفها وهو يمسك اكتافها يألمها والالم في روحه اكبر من ذلك:
- انا ابدا لن اتخلى عنك انت الوحيدة التي اعادتني الى الحياة واعادتلي عقلي ارجوك انا احبك.... حياتي

ابتعدت عنه لتقف امام البيت
الذي كان حوشه مزين بشجرتين جميلتين وارض متربة
واقتربت منه تطرق الباب وتبعها هود ببطء الى ان وقف وراءها
- جميلة ايهون عليك كل الحب الذي تشاركناه

ارتجفت لكلمته لكنها غير قادرة على مسامحته
سالت الياسمين من الداخل :
- من ؟

قالت جميلة بصوت مخنوق بحيث ابتعد هود الى الوراء ونظراته على ظهرها المتشنج :
_ هذه انا ياسمين... انا جميلة

فرحت الياسمين بسماع صوت من صديقتها التي تحبها وتعزها كثيرا وارتدت حجابها لتفتح الباب وتصدمها جميلة بدخول عاصف واقفال للباب بقوة
وعندها انهارت من كل تلك القوة التي كلفتها الكثير بين ذراعي صديقتها
على الارض

هود كان يشعر ان الدنيا باتت تنهار من حوله لذا فضل ان يعود الى بيته حاليا الى ان تهدئ عسى ذلك ان يعيد المياه بينهما الى مجاريها






***********************





في هذا الصباح العليل ايضا

في افران





بدات تستعيد ثريا عافيتها عن البارحة فاذا بها اخدت لها حماما دافئا يريح جسمها من الحمى اللتي بطشت بها الليلة الماضية
وارتدت لها عباية من عباياتها وجلست قرب المرآة تحاول ان تخفي امام نفسها ظلال عيونها بالماكياج
ولترفع لنفسها المعناويات ايضا
فالآتي صعب رغم سهولته ان تعطيه العذر وان تريه الاوراق يبدو لها حملا ثقيلا ايضا رغم انه سيريحها لكن لاتدري لما لديها شعور غريب ....
وضعت يدها على فمها ونهضت بسرعة الى الحمام لتفرغ ما في بطنها الفارغة من مرار
وشعرت بهوان في جسمها مرة اخرى واستغربت انها استفاقت حتى التاسعة رغم انها لا تتعدى الثامنة وايضا فوتت صلاة الفجر وهذا ليس من مراسها ولا عاداتها
كانت تشعر بالم في ظهرها نهضت لتنظر الى نفسها في المرآة بعد ان غسلت وجهها ووجدت ان عليها اعادة الماكياج الساتر للعيوب مرة اخرى
عند انتهائها من ذلك
اقتربت من الشرفة المطلة على مجموعة جبال جميلة هذه هي افران موضع ثقة اذا مااردت زيارتها والتمتع بمناظرها
لاحظت ان هناك شتلة جميلة في الشرفة ذهبت الى المنضدة حيث قنينة الماء وقامت بسقيها وفتنها رائحة التراب الذي جلست على ركبها لمدة لاتدري مهيتها واخدت منه في يدها تشمه وكما لو انه يعيد الى عروقها الدم من جديد

بعد لحظات نهضت من المكان ونفضت التراب من يدها ودخلت الى الغرفة وامسكت بسماعة الهاتف لتقول:
- السلام عليكم من فضلك هلا اصعدتم اكلي الى هنا لااستطيع النزول فانا متعبة قليلا ...احضرولي بعض البيض اريد ان يكون نصفه نيئ ...اجل وبعض اللحم المقدد .... هل انقضت الكمية لديكم؟؟؟... لا ارجوك من الضروري جدا جدا ان يكون ....يمكنكم تدبر الامر حسنا وبعض الشاي اريده مرا بدون سكر لااريد سكرا في اي شيء ترسلونه ....ارسلولي امرأة من فضلك زوجي لايحبد ان تخدمني غير النساء...مشكور

تنهدت وجلست بعد اقفالها للسماعة
وبعد لحظات نهضت في انتظارها للخادمة التي ستحضر الطعام كانت متلهفة له بشدة لاتدري متى كانت لها هته الشهية الغريبة
امسكت شعرها الاحمر الكث وجمعته على شكل كعكة كبيرة في الخلف وسمعت طرقا على الباب ففتحته لتدخل المرأة فقالت ثريا:
- اتبعيني من فضلك هنا في الشرفة شكرا لك... اقفلي الباب وراءك

بعد خروج المرأة جلست ثريا مبتسمة لهذا الاكل الذي لاتدري لما اشتهته بهته الطريقة ولاول مرة في حياتها تحب الشاي مرا منعدم السكر تلذذت لفترة بطعامها الا في لحظة توقفت بعد ان مرت اللقمة من حنجرتها بسلام ولاتدري حدس سيئ اشعرها بشيء غريب التفتت الى الباب
وكانت صعقتها قوية بحيث نظرت الى عثمان يقف رابطا ذراعيه ومتكئ على الحائط بتراخ حتى نظرته التي رمقتها حمراء كانت مختلفة عن العادة لانظارات
قميص على اكتافه مهمل
وسروال كلاس رمادي وشعر يمكن ان نقول عليه اشعث
همست في مكانها وضغطها في ارتفاع دائم:

- عثمان...



يتبع............






*********************








الجزء العشرون


ان شاء الله




بعد خروج المرأة جلست ثريا مبتسمة لهذا الاكل الذي لاتدري لما اشتهته بهته الطريقة
ولاول مرة في حياتها تحب الشاي مرا منعدم السكر تلذذت لفترة بطعامها الا في لحظة توقفت بعد ان مرت اللقمة من حنجرتها بسلام ولاتدري حدس سيئ اشعرها بشيء غريب التفتت الى الباب
وكانت صعقتها قوية بحيث نظرت الى عثمان يقف رابطا ذراعيه ومتكئ على الحائط بتراخ حتى نظرته التي رمقتها حمراء كانت مختلفة عن العادة لانظارات
قميص على اكتافه مهمل
وسروال كلاس رمادي وشعر يمكن ان نقول عليه اشعث
همست في مكانها وضغطها في ارتفاع دائم:

- عثمان...

همستها كانت انبعاثا حارا من فوهة شوقها لا ذهول فيها باكثر ما تحمله من شوق اليه نظرت اليه من مكانها ولم يضل جامدا في تلك اللحظة اقترب منها ببطئ ونظرته تستعر بالغضب الحامي لبرودها وكانها لم تفعل شيء يذكر
وقف بطوله حين اخفض نظره على الاكل تعجب لشهيتها فهو عن نفسه فقد شهيته منذ ان سافر كانه العذاب بعينه من يرى
اخفضت عيونها الى الاكل فوق المائدة وشعرت بالاحراج وهي تجلس هكذا
ارادت مواجهته فهو ولابد علم ما فعلته مادام علم بمكانها بهذه السهولة تطلب في داخلها الله ان يكون قد ستر على ما جرى

نطق اخيرا بثقة لاتهتز:
- تبدين لي انك تستمتعين بوقتك

لم تفتها لهجة الغضب الخفيفة في كلامه لدى ردت:
- كنت هنا من اجل شيء مهم و....

قاطعها :
- شيء مهم ...اريد ان اعرف فقط لما تصرين على تمردك هذا؟؟
الا تدرين انك تجنين بذلك على نفسك المصائب

جعلها تشعر بغضب قوي لما قاله وتركزت عيونها الرمادية في عيونه السوداء الرائعة
للحظة كادت تسهوا عن الجواب الذي حضرته له
تبعترت انفاسها فكله رجولة لم يتغير في هته المدة التي تركها فيها باهمال وقساوة
حبها يضعفها وتنسى فعلا ما يفعله ان هو اخدها في حضنه
لكنها تراجعت عن الكرسي لتقف في مجابهته وترد وعيونها الى فوق تنظر الى وجهه

- اتراك نسيت انني زوجتك ..ها...اتراك تنسى ان من حقي ان اعلم بسفراتك انا الاولى قبل ان اسال من في البيت
الا تفكر في انه لمن الممكن ان احرج امامهم ....تفكر في نفسك كثيرا عثمان وتنسى انني ايضا خلقت ولي حق عليك

كانت تلاحظ التغيرات على وجهه والتلونات من اتر الغضب في قسماته القوية الخشنة وعدا هذا كله يزداد هيبة بطوله وعرض منكبيه

- هذا لا يعطيك الحق في الخروج دون اذن مني والانتقام مني لاني فقط لم اخبرك لا اريده اتسمعين... انت هنا من يطيع

عقدت حواجبها الرقيقة على رموشها الحمراء
تفكر في انه فعلا لايستحق ما تفعله من اجله ان اراد ان يحبها فعلا فلما لايتغاضى كما فعل الاخرون عن عيبها تعجرفه لا يطاق وباتت تحس انه لا يعتبرها سوى عبدة وعليها فعلا ان تفعل شيء تجعله يندم على كلامه

قال وهو يلاحظ سهودها:
- تدرين ماذا؟... لي رغبة في خنقك والله لي رغبة قوية في تلقينك الدرس المناسب لكي تعرفي جيدا حدودك

قالت تشهق من عنفه وهمجيته:
- انا لا اصدق انك بهذا البغض ....والله كان علي ان اهرب ليلة عرسي لالقنك انا بنفسي الدرس المناسب

رمى سترته على الكرسي بعنف وهو يقول وكل عروقه تنبض بعصبية من كلامها:
- ثريا لا تستفزيني بكلامك الى هنا وكفى... قد اصل الى فعل اندم عليه في ما بعد ...

قالت بمثل نبرته العاصفة تواجهه بمثل قوته :
- ماذا ضربي ..لقد سبق وفعلتها ...قتلي هاانا امامك فافعل ما يمليه عليك ضميرك لكي يرتاح

نظر اليها وقد تكهرب الجو بالفعل وقال يعصر راحة يده:
- لا تصرخي في وجهي ...لست مجرما لقتلك لكني لا انكر تلك الرغبة في فعلها لانك في كل مرة تفعلين امرا يدعوا الى عدم الثقة فيك مطلقا

قالت ترد وقد نفذ صبرها:
- اخبرني فقط ما الذي تشاهده علي
هل امشي في الشارع عارية مثلا او اقبل و....تبا لك تجعلني اخرج كلاما من فمي ما فكرت في حياتي انني ساخرجه

رفع يده وضرب المائدة قربه بكل قوته حتى انقلب محتواها
فكلامها يصيبه كانصال سيوف حادة سامة مغموسة في سم قادر على القتل والفتك في تلك اللحظة

اجفلت ترتجف لكن تحاول التشبت برباطة جئشها فهي لاتريد بعد ان علمت بانها قادرة على اتبات برائتها بان تضهر الخنوع لانها تشعر الان بالعزاء في تلك الاوراق التي هي قادرة على اخراجها من هته الورطة

ابتعد عنها برهة يتنفس بعمق خائف هو من ان يقوم بفعل مشين لها ويندم
عاد يستدير اليها ويعتدل في وقفته وعيونه لا تبرحها

- انظري يا ابنة عمتي المصونة ....لا اريد سوى ان افهمك انك زوجتي ولي وحدي ملكي اي ان تحركت فسيكون تحت عيوني ذلك...لكن اريد ان افهم رغم ذلك لما كذبت عليهم بشان السفر ما الغرض لك من تلك الطريقة في التسحب خارج القصر..؟...طبعا لن تجيبي فليست لديك براهين كافية...اين هي الشهادة اليس من المفترض ان تكون جاهزة والا تستغرق منك هذا الوقت لاخدها

كانت هي مع كلامه تتقوقع وترفض مسايرته لكي لا تفلت منها كلمة فلا تزال تشعر ان وقت الاوراق لم يحن هو شعورها هكذا دائما يسيرها في الطريق الخطأ او الصح لكن الاغلب في الصح

قالت لكي تغير الموضوع بموضوعه هو وتزيد من غضبه:
- وانت يا سي عثمان هلا اوضحت لي ماهية علاقة بتلك التي هي "عفيفة شريفة " لا تكذب... اجد انك لربما تزوجتها في سر من العائلة وتحسب نفسك انت هو ملك كل شيء طبعا ومن سترفض السيد المنصور بهامته ستكون غبية مريضة في عقلها بدون ادنى شك


انعقدت حواجبه السوداء حتى كادت تلتقي مع بعضها وبدى اكثر خطرا في هذا الوضع:
- تتهمينني بالكذب وبزواج ايضا ...خيالك خصب ثريا

ابتعد قليلا عنها يشعر بهالة تحيطها هي من تحثه على ان يتوخى الحذر في حركاته الغاضبة

قالت بابتسامة استهزاء:
- هه لا تخبرني انك بريئ سيدي فكما سبق انت بنفسك واشرت لابد من ان اختيارك لها كزوجة لم يكن صدفة
لابد وانها تتربع في قلبك القاسي نحوي فقط
الا تجد الامر واضحا وانني فعلا ذكية

صرخ فيها يشير اليها باصبعه:
- بل انت غبية عقلك فارغ لايصلح لشيء ...ك....لا.... يجب ان اقول انها في الاول والاخير فكرة روعة حقيقة انت الان السبب في اعادتي الى التفكير في طلبي لها سأرى ما سافعله بعد عمليتها قد انتهي بفكرتك على اي حال لطالما كانت المرأة المناسبة في عيني

كادت تبكي من غيضها:
- انت خسيس مريض ...

وشعر انه ينتصر ليضحك:
- ههه والله اخطأت بل انا رجل بكل ما للكلمة من معنى والف امراة في هته الدنيا تتمنى فقط نظرة مني فلا تنسي ان حياتك الحقيقية معي وانها على المحك وقد افنيها في اي وقت اشاء لربما قد حانت الفرصة لذلك .....اصلا الان اريد معرفة السبب مع الادلة التي تتوجب مكوثك في هذا الفندق الرائع لعلني اصدقك لانني بصراحة فاقد للثقة فيك

شعرت كانه جرح في قلبها وينصهر ويطعن الى الداخل بسكين محموم
- حرام عليك يا ابن سليمان والله عيب عليك ظلمي فان كنت لي معيلا ....على الاقل لا تمن واحتفظ باجرك في ميزان الحسنات فاقسم بان لك القدر الوفير منها معي

لاحظت ارتعاد الغضب من عضلاته وحركات يده وابعدت عيونها منه بتعجرف وهي تشعر انها وكانها تسكب الزيت على النار بكلامها هذا الذي لن ينفع ابدا
لكنها غاضبة منه تلعن الحظ السيء عندها لما لاتحصل منه على التفهم بدل هذه الحركات التي تثير الحنق في اعماقها شعرت بانها تكرهه بقدر ما تذوب في حبه

لم تشعر الا وهو يقترب منها بدفئه الذي بات يعيد الروح فيها
بعد ان اثقل صدرها بعطره النفاذ ودفئ انفاسه فوق راسها رفعت اليه عيونها برفق علا نبضها فشعرت انه يكاد يمزق قلبها من حبه ويكاد يصم اذنيها لولا ان صوته همس وهو يرفع دقنها بين يديه بتملك وخصرها يكاد يعصره على بطنه تحت راحة يده الرجولية الدافئة

- انا غاضب يا ثريا ...افعالك لاتغتفر ....

همست باضطراب:
- وانت ماذا ...عن اجحافك الدائم في حقي ماذا عنه ها ...؟..اخبرني ...انا ايضا غاضبة منك لانك لاتشعرني بانني زوجة لك فعلا كباقي الناس

نظر اليها وعيونه تغلبها الحرارة التي تعلو جوارحه باعلامها:
- كيف ...اضن انني لأبرهن لك انك زوجة فعلا فاما بالضرب.... او بشكل آخر لكي اريك فعلا مكانك... وان الزوجة مكانها بيت زوجها.... واحترامه وان تصغي الى اوامره على انها فقط اشياء بسيطة في حق ما يمنحها اياه


بدأت تشك في انها ان ارته النسخ انه فعلا سيبقى متعجرفا ولن يتغير
بالخدر الذي سرى في دمها من دفئ صدره وانفاسه التي هبطت على رقبتها استرخت وتبددت كل المشاكل في تلك النشوة الفرحة لاستعادته قربها
بدأ يدعك شعرها بين انامله حيث فكه بسهولة تحت رغبة نفسه الملحة واغمضت عيونها لتدليكه فمع هذا الجدال والتعب الغريب عنها الذي داهمها هي النشيطة
ارتاحت به وبعث فيها نيرانا ادفئت الجو حولهما
وهمس قريبا من فمها :
- هل اشتقت الي؟

خرج جوابها عبارة عن آهة صغيرة بالكاد كانت نفسا لفحه
عيونها فقدت السيطرة على مشاعرها فقد تركت اللجام واطلقت الجماح وبالكاد رمشت وعيونها تتكاسل على قسماته
راقب شفاهها بتفكير يكاد لاينسى ابدا الكلام الذي قالته لهم بلسانها عن انه تركها تذهب فكانما تهين رجولته بتلك الطريقة
فكان فعلا يرغب في معاقبتها وان يدمي شفتها لكنه عاد واحتله شعور غريب من العاطفة وانه لأمر سيء فعل ذلك اقتصر على تقبيلها بلطف وبطئ احرقهما معا وكل منهما متعلق بالاخر والعواطف تلعب دورها في ذلك ابتعد بعد قبلته مشلولا تماما بالرغبة التي زادت تتأجج وتالمه بلذة نحوها
قال بانفاسه المتقطعة:
- ساستحم واعود ...اريدك ان تدفئي السرير قبل عودتي

ابتعد عنها بل شعرت كانه انسلخ من جلدها للدخول الى الحمام
وكانت ترتعش لحلاوة لقائها معه
رغم ان العقل يعيدها الى ارض الواقع بانه يا ثريا ان لم تلقنيه درسا فلن يحبك ولن يعترف ابدا بذلك
وتسائلت هل من المفترض ان تريه الاوراق الان؟
لكن الافكار في هته اللحظات بينهما كانت تتبخر بدون وعي ابتعدت تحضر من نفسها فتنة له واقتربت من السرير تنتظره بحب وولع وكل نبضات قلبها تصرخ باسمه منادية عليه للخروج




*********************



في منزل الياسمين



بعد عودة يونس الى البيت وهو يمارس حياته بطبيعية تامة
بدى كم من الاندهاش على وجه الصغيرة التي ارتبكت للوضع وهو يشرح لها وللجدة ويشعر بالخزي من نفسه لانه ببساطة كذب عليهما وهو يخبرهما بامر العملية
ولاحظ نظرات الصغيرة فدوى المبهورة والصامتة فهذه عادة الاطفال برائتهم غريبة لذيذة
بدأ يجد سهولة في التعامل معهما والاخد والعطاء في الحديث ووجد ان فعلا الوضع هكذا احسن والطف وبدئ يزيد من التعرف عليهما بدقة باسئلته المتنوعة
اولا اخد الجدة في سياق اسئلة عن حياتها وزواجها ومحنها واكتشف انها جوهرة لاتقدر بثمن فلربما هي ام الرجل الذي اخد امراته منه في احد الاوقات لكنه ليس انانيا الى درجة كرهها لا بالعكس يجدها كأم له وهذا ادفئ الجو البارد الذي كان عليه بيته وهو فيه وحيد

اما فدوى فقد بدأ في المراجعة المكثفة معها لاجل معرفة مستواها في الدراسة
واعجب بفطنتها ونباهتها في دراستها وانها رغم العطلة الا انها تتذكر دروسها ليس كبعض الاطفال الذين ينسون بسهولة
وقرر ان ياخدهم جميعا في رحلة الى مدينة مثل الداخلة وهي عامرة بالسياح الاجانب بما انها مدينة صحراوية تحتوي على شواطئ خلابة فهي محط اعجابهم حيث يتمتعون فيها بلعبة " التزحلق على الامواج"

لكن
وجد الامر مستحيل مادامت جميلة تقطن عندهم مع الجدة والفتاة الصغرى وما علمه من الياسمين انها تعاني من الخدلان من زوجها قرر تاجيل السفر الى موعد آخر
انه ليس من الناس التي تحكم على كلام من طرف واحد ولايستطيع سوى ان يمنحها سقفه حاليا الى ان تجد لمشكلتها حلا فهو ايضا يعلم المعانات في الحب
يعلم ان زوجته الان له في خيالها وحقيقتها ولاتفكر ابدا في ما مضى لكنه يريد يوما ما ان يشعر بذلك الحب المجنون في قلبها ويتمنى ان ويكون في القريب العاجل لانه يريدها كاملة له وحده حتى بروحها ووجدانها



بعد ان خرج يونس الى عمله في الحضيرة

جلست كل من فدوى والجدة حول المائدة الجميلة في المطبخ وكذا جميلة التي بدت كئيبة للغاية عيونها الخضراء المائعة في ظلام الافكار المأساوية غارقة في لون الجزر البرتقالي وهي تقشره دون روح

خذلانك اثثني بشظايا من كسر
وعيونك رمتني بجمرات من نسر

الهواء مر باردا على جسدي
فعراه وهو رقيق بريء

تراك تذوق النوم يا من جرعت الالم لي
ام انك تنعم بالسكون في الليالي

عصرت المخدة حتى سمعت انينها تتوجع
وهمست باسمك فتضاعف الوجع

سوط من عقاب القضاء ارحم لي
من سوط خداعك وتجريحي

رمت السكينة من يدها ونهضت من مكانها تتوجه الى داخل الغرفة التي تتشاركها مع فدوى والجدة وجلست
بل والوهن اثقلها فدفنت وجهها المحمر الما وحزنا وذرفت دموع القهر والعذاب بحسرة وحيدة ليس هو الوحيد من يستطيع ان يهدئها موجودا معها
لما لم ياتي لحد الان وينوي تركها لانه بكل بساطة استغلها كأداة لانتقامه من اعدائه من والدها
يا ربي ...يا ربي ما ذنبي انا؟؟هل اموت في حزني من اجل ان يدفع الاخرون الثمن لكن لما ..لما..لما...
رددتها بانفاس متهدجة مختنقة


في المطبخ الياسمين لم تغفل عينها عليها هي الوحيدة التي تعتبرها اختا لها فلهما ذكريات تشاركتاها لاتنسى كانت تقف امام الجلاية نفضت يديها من الماء ومسحتهما وتحركت لتذهب اليها فسمعت الجدة تقول:
- ماذا يحصل يا ابنتي هل البنية المسكينة مريضة لاتزال على حالها ؟

قالت الجدة مريضة لكي لاتعلم الصغيرة فدوى بشيء

قالت الياسمين بقلق:
- اجل عن اذنك امي ساذهب لاراها

اقتربت الياسمين من الغرفة التي دخلتها وفتحتها لتغلقها بعد ذلك
لاحظت شهقاتها التي ولابد بعد ان خرجت بصوت عالي بدأت تخف ولم تتحرك ابدا بل ضلت على حالها كما هي
جلست الياسمين على السرير وحركتها تاخد راسها الذي بلل المخدة وهو في قمة الاحمرار والرعشة وكذا كل جسدها
ووضعت راسها على صدرها تمرر اصابعها على شعرها الاشقر
وهي تقول بعد خروج تنهيدة طويلة من فمها:
- يا صغيرتي يا قرة عيني اتوسل اليك في جاه الحبيب الرسول ان تكفي فما عاد للدموع نفع يا غاليتي فستمرضين وانا لن ...ولن ..ولن اسامح نفسي مهما حييت ان تركتك تغرقين في حزنك استهدي بربنا الكريم يا جميلة ...جميلة تكلمي ...جميلة

كانت جامدة بين ذراعيها فبسبب الدموع التي نزلت اصبحت شبه غائبة عن الوعي بل عقلها الباطني لايركز على الحراك
وخرج فقط الانين من شفتيها المرتعشتين
مررت الياسمين يدها على جبهتها فرأت انها غائبة

- جميلة ...استفيقي ..
ضربتها بخفة على وجهها لكن بدون فائدة
نهضت بسرعة الى العطر الذي تضع منه الجدة فهو هدية من يونس من عطور مكة

واسرعت في الجلوس تثني ركبها على السرير وهي تلاحظ عيون جميلة التي تظهر انها فعلا في غيبوبة
رشت من العطر في يدها واخدت تداعب به انفها الى ان بدات تتحرك جميلة وهي تحتج في تمتمات غير مفهومة وهي تكشر من الرائحة

- جميلة ...لا تضلي على هذا الحال ساطلب من يونس ان يحضر القابلة "القابلة وهي المراة التي تولد الحامل وتكشف على النساء عامة"

تحركت جميلة تفتح عيونها وهي لاتدري ما يحصل معها بالضبط وبعد سماعها للقابلة قالت:
-...لما...انا بخير ...لما القابلة؟

قالت الياسمين بحكم تجربتها:
- اخاف ان تكوني حاملا وان لاتنتبهي على نفسك

صرخت جميلة بضعف:
- انا مستحيل ان احمل منه ...انا...هو خانني ...انت لاتشعرين بناري يا ياسمين ...لاتشعرين بناري يا اختي فانا اعاني ...اتألم اموت مليون مرة مع كل انفاسي اشعر انني اختنق...ولم اعد احتمل ...فلاتزيديني على ما اعاني انا باذن الله لست حاملا وغير ممكن ابدا ...

قالت الياسمين تواجهها وجميلة متكأة على سريرها:
- اتمنى من الله ان يهديك عن افعالك يا فتاتي ...فابدا العناد ما كان حلا في هته الدنيا خديها مني تجربة والله على المرئ ان يضحي لكي ينعم بالهدوء ....ورغم قولك بالرفض فالقابلة ستاتي هي ستاتي ابدا لن اتركك على هذا الحال

دثرتها لكي تنهي الكلام
- هيا ارتاحي ولاتبكي اتوسل اليك من اجل ابنك لاتبكي والا اتعبك

شعرت جميلة بانه من غير المستحيل ان لا تبكي والان بالذات فالياسمين تصر اصرارا على انها حامل وهي تخاف من ان يكون الامر واقعا
وسبحان الله شعرت بانها تود النوم على البكاء ان كانت حاملا فعلا فلا تريد ان تاذي الطفل

خرجت الياسمين تطلب من فدوى ابنتها ان تهتم بكلا المرأتين في دقيقة خروجها
خرجت الى الحضيرة حيث زوجها ووجدته منهمكا في اشغاله
وعندما رآها ما استطاع منع نفسه من الابتسام تحت شاربه المستوي بدقة وكانما الحب وحده من يلفهما دون ان تدري المرأة شيء
انتقلت عدوى الابتسام لها ايضا وهي تنظر اليه قادما في طريقه اليها لينزويا في مكان بعيد عن العمال:
- ما الامر ؟ غزالتي هل طرأ خطب ما؟

قالت تنظر اليه لتطمئنه :
- لا عزيزي في الواقع اريد منك خدمة فلو تستطيع ان ترسل في طلب قابلة....

ابتسم يونس يقاطعها وكأن السعادة سكبت على جسده:
- لك ..هل انت..هل انت حامل؟؟

قالت وهي تشعر بانها ستجرحه بكلامها ولاتريد منه ابدا ان يتكدرفقالت تمرر اصابعها على ذراعه بخفة :
- آسفة عزيزي ليس بعد باذن الله سيفرجها الله علينا قريبا لم ادري انك تريد الاولاد ....

قال يونس وقد ابتلع خيبة الامل:
- اجل بالطبع اولاد انا فعلا اريدهم منك فلا تنسي... هذا ما جعلني اتزوجك

نظرت اليه دهشة:
- فقط تزوجتني من اجل الاولاد

قال يضحك:
- غريب امرك يا امرأة في المساء اخبرك لما تزوجتك وليس الان....اخبريني لمن القابلة ؟؟؟

قالت الياسمين بقلق وكانها تستعيد ذكرى ما كانت عليه جميلة:
- لجميلة الفتاة يا عزيزي حالتها في تدهور اصبحت تبكي بافراط واخاف عليها من المرض فلو فقط تحضر القابلة اولا لكي تكشف عليها ونعرف لنطمئن فقط بانها ليست حامل وبعدها احاول ان ابحث منها عن عنوان مسكنها مع زوجها لتذهب اليه وتحاول فهم الامور منه عزيزي

تنهد يونس وهو يشعر بالاسى على المراة المسكينة:
- لا تخافي عمري اول ما سافعله الان هو الذهاب بنفسي لاحضارها...لاتنسي في المساء

ابتسمت له وضربته على دراعه:
- اذهب لاتتاخر حسنا

ذهب يونس بعد ان نزع عنه ملابس العمل وارتدى ملابسه التقليدية المريحة واتخد طريقه تاركا العمال وراءه في الحضيرة يكملون عملهم
ليذهب ويحضر القابلة



********************



في القصر



كانت عبير مع خروج زوجها الى العمل تنزل الى الاسفل لمساعدة والدتها وزوجة خالها في اشغال البيت
بعد الافطار طبعا استطاعت ان تجد بعض الوقت لكي تصعد الى غرفة جولييت وتطمئن عليها فهي مهما كان ضيفة
طرقت الباب فاذنت جولييت لها بالدخول بالفرنسية
دخلت عبير المحجبة في فستانها الطويل
وقالت لجولييت التي كانت تزين وجهها امام المرآة:
- صباح الخير آنسة صعدت لاطمئن ان كنت قد افطرت

قالت جولييت المنهمكة في الماسكارا السوداء
- طبعا شكرا لك لقد اكلت طعامي

نظرت اليها عبير ولاحظت انها ترتدي لباس الفروسية
فقالت عبير تسال بفضول:
- هل ستخرجين هكذا هنا؟

قالت الاجنبية:
- لا طبعا تحت رغبة ابد الصمد مضطرة لارتداء العباءة وعند وصولي بسيارتي الى الاصطبل اقوم بخلعها

قالت عبير متنهدة:
- حظك جيد لحد الان لم اركب احصنة واود ان اطلب من زوجي اخدي الى الاصطبلات للركوب اعشق الخيل ...حسنا سانزل انا ان احتجت شيء لا تبخلي على نفسك بالطلب

ابتسمت بدلالها المعتاد لتسال بدهاء:
- اشكرك كثيرا عزيزتي ...سؤال فقط هل ابد الصمد موجود ام ذهب الى الاصطبل

قالت عبير بدون ان تفهم لما تسال هته السيدة عنه لانها تدري انه متزوج ولاتدخل الشك ابدا في راسها:
- اجل لقد ذهب بعد ان افطر اذهبي فستجدينه في الاصطبل صباح سعيد جولييت استمتعي بوقتك

لوحت لها عبير بيدها وانصرفت بينما ابتسمت جولييت في المرآة لنفسها وبعثت قبلا في الهواء لنفسها في المرآة
اقتربت من السرير واخدت العبائة وهي تشعر بالضيق لانها سترتديها
وارتدتها في الاخير:
- يا الهي ابدو كما لو انني في كيس بلاستيكي لست ادري كيف يحتملون هذه الملابس الواسعة اووووف



في الاصطبل


كان عبد الصمد قد تلقى عدة مكالمات من اصدقاء له في العمل يهنئونه على زواجه ورفض ان يتركهم دون اجابة فاضطر الى اجابتهم وشكرهم على بادرتهم وهو يدري انها الالسن من تنقل بهته السرعة الاخبار وبالخصوص ان انهى احدهم حياة العزوبية فيبدو للبعض منهم كما لو انه انهى حياته بينما هو لا يزال سوى في بدايتها ويدري انهم جهلة فعلا جهلة فلااحد يشعر بمثل شعوره الذي قلبه رأسا على عقب
حب غريب في قفص صدره يتقلب ويبعث فيه كل المشاعر الموجعة ما ان يفكر بها حتى انه يظن انه يبالغ في مهاتفتها فقط لسماع صوتها لدى اقتصر على اتصال من حين لحين وينتظر ان تبادر بنفسها

وهذا مافعلته البارحة تخبره انها بدأت في التجهيزات
وانها ستسافر مع امها للدار البيضاء لجلب كل اللوازم
ورغم الحاحه عليها لكي تسافر مع امه رفضت تقول انها لاتحتاج لتكديرهم وانها وامها في الكفاية وقادرتان هما على انهاء الامور الصعبة بسهولة

خرج هذا الصباح لتدريب بعض لاحصنة فالوقت يداهمه ويريد ان ينهي الاعمال العالقة عنده قبل الزواج
دخل الى الحلبة وكان يهتف بمساعده ان يدخل الحصان الصعب المراس والذي لحد الان لم يروض بعد وبدأ في تروضيه وقد ركب على ظهره والحصان يحاول جاهدا ان يرمي راكبه على الارض لكن دون فائدة فصلابة عبد الصمد تجعله قادرا على التعامل معه الى حد خنوع الحصان لسيده

توقفت سيارة جولييت في وسط الاصطبلات ولاحظت ان الحلبة الثالثة كما الحلبتين الاخريين مشغولين بالترويض الذي تمتاز به المزرعة
وخرجت من السيارة بحيث كانت بملابس ركوبها فقط
فقد نزعت عنها العبائة في السيارة

خرجت تسأل احد العمال عن سيده لكن هذا الاخير ما استطاع ان يعرف ما تقوله لدى نادى على مصطفى المراقب من بعيد فاقترب هذا الاخير من صاحبة الطول الفارع الغير عادي في بلادنا
ودلها على الحلبة التي يروض فيها عبد الصمد الحصان الذي بدى انه طبيعي جدا فقد مل من التملص الغير منفع من يد سيده
لكن الحصان عاود القفز مرة اخرى ودون جدوى لم يتحرك عبد الصمد من ظهره شبرا

في الحقيقة زاد اعجاب جولييت بعبد الصمد بل وتظن انها تحبه وتعشقه
بهذه السرعة ايضا فهي تميل الى الخشونة في الرجال
كانت تراقبه ولاحظها عبد الصمد فلوحت له لكنه للاسف بالنسبة لها لم يبادرها باي اهتمام


بعد ان انهى عمله نزل من صهوة الفرس واخد يمرر له يده على الجهة اليسرى من وجهه واهداه سكرة حلوة ليألفه واعطاه لاحد العمال الذي ساعده آخرون في اخد الحصان الى الاصطبل للراحة فهو بطبعه عنيد

اقترب عبد الصمد من مكان جولييت التي ابتسمت له لكنه اخفض نظره على السياج الذي قفزه واتجه صوب مكتبه وهو يعلم انها تلتصق به كالعلق

تبعته الى مكتبه وهي تقول:
- ابد الصمد عملك رائع انت ماهر

رد وهو يدخل وراء مكتبه ليراجع احدى الاوراق
- اعلم..هل اتيت من اجل الجولة؟

قالت بحماسة:
- اجل

قال لها وهو يجلس على كرسيه الوثير:
- لا للأسف اليوم انا متعب من العمل لا املك الوقت كثيرا للجولة اذهبي مع احد العمال ان خفت من الضياع

بدت عليها خيبة الامل واقتربت من المكتب:
- ارجوك ابد الصمد سأمل من دونك فانت رفقة مفيدة بالحديث .... لكن مع عامل لايفهم حتى لغتي اتمنى ان تفهمني ساشعر بالغربة

قال في نفسه لابد من انها تحصل دوما على ما تريد لا احب هذا الدلال الزائد عن حده

قال :
- يا انسة اقول لك انني متعب فلتأجلي خروجك الى يوم آخر يمكنك الذهاب الى الاصطبل فلقد اطمئنيت على الحصانين وهما يتعافيان بسرعة اذهبي والتهي فيهما

اقتربت منه تضع يدها على كتفه متوسلة:
- ارجوك

عقد ينظر الى اصابعها فوق كتفه باحتقار
- هلا احترمت حدودك يا انسة

اجفلت لقسوته :
- اسفة

تنهد وهو ينهض آخدا سترة الركوب وسوطه وهو يشير لها بيده
- تفضلي اسبقيني الى الاسطبل

ابتسمت واستدارت ولمحة من الانتصار تغلف عيونها

كان يجدها تتطاول فعلا لكنه يعذرها لانها كبرت في وسط منحرف اصلا لايجب ان ينتظر منها ان تعلم بان لمسة بسيطة هي ليست في محلها بل وسيئة ايضا هي تبدوا لها عادية ولاتطاول فيها
يجهل تماما كيف سيفهمها الا تلمس الا تقوم بتلك الحركات لكنه تراجع عن الفكرة ليس من الجيد ان يتحكم في تصرفاتها فهو لا يريد مشاكل من وراء ظهرها هي الاخرى فافكاره الان في زواجه وعمله الذي يجب ان ينتهي بسرعة





******************



في الدار البيضاء



في المستشفى




كانت الهام منذ حوالي الساعة ونصف في غرفة العمليات
عائلتها تنتظر مرور وقتها بفارغ الصبر مع الكثير من الدعاء
والوالدين اللذان يحبانها يدعوان لها من الصميم لتنهض على خير
كانت في تلك اللحظة بين ايدي الاطباء وروحها معلقة بين يدي الله

بدى الاضطراب على الاخوات اللواتي اجتمعن في مكان الواحدة في حضن الاخرى تستمد منها الصبر والسلوى والصغير يتربع في صدر امه والاب المسكين يصارع الخوف في جوفه تحت غلاف القوة والصلابة المتزعزعة لحظات قاسية هي الانتظار والدعاء من الخالق ان يعيد لنا احباءنا على خير


تعرف عصام في فترة وجيزة على عائلتها واللذين ما ان يدرون بانه احد ممن هم يقفون لمساعدة ابنتهم يدعون له بالخير والشكر
كان عصام قلقا لا يستطيع ان يقف امام غرفة العمليات لانه ببساطة قلق للغاية على الفتاة في الداخل وشعر انه من غير المناسب ان يقوم بدرع المكان جيئة وذهابا هكذا دون اثارة شكهم لدى فضل الخروج الى الحديقة والانتظار هناك

علم انه هنالك من دفع تكاليف عمليتها ليته يلتقيه فقط
لايدري لما حب الحماية لديه تحفز اليها كما لو انها اخته او تعني له شيء اجل بالطبع فهي تحمل قلب اعز شخص كان قد فقده لكنه فقط ولعلمه بان عضوا منها سيساعد شخصا في الحياة وسيحيا هو ايضا في جسدها يشعره ببعض السعادة ويدري لربما ان امه ستسعد وستغفر له انه كان السبب في موت اخته لايريد منهم ان يلوموه لانه ما بقي في نفسه ذرة من القوة ليدافع عن نفسه بل يشعره ذلك باليأس




********************



في منزل الياسمين



وبعد ان احضر يونس القابلة واستأذن من جو الحريم ذاك لعودته الى عمله
ترك القابلة والياسمين تدخلان الى الغرفة التي بقيت جميلة مستلقية فيها وهي شبه نائمة غائبة او تسبح بين عالمين
وكم ارادت ان تبقى هكذا في هذا السكون وهذا الهدوء دونما ان تعود الى ارض الواقع لتتالم مجددا من افعال ذبحتها ونخرتها حتى آخر حد من هود

اقتربت القابلة منها تقول وبحكم تجربتها تبدوا قاسية بعض الشيء لكنها تكون بطبيعة الحال محترفة امرأة ممتلأة الجسم ومحجبة في الخمسينات من عمرها:

- ياسمين هذه هي الفتاة ؟؟؟

قالت الياسمين تومئ:
- اجل انها نائمة على ما اعتقد

قالت القابلة تزيل حجابها وجلبابها
- لاعليك انت ابقي خارجا وانا سأوقضها واقوم بعملي على الا تدخلي الا باذن مني

نظرت الياسمين الى القابلة مبتسمة:
- حسنا سيدتي ساخرج وساذهب لاحضر لك شيء لتأكليه فلابد من ان المشوار من القرية الى هنا اتعبك

قالت المرأة التي تبدوا قمة في النشاط
- حضري لي بعض الشاي لو سمحت واذا موجود شيء من الرغيف لن امانع مع بعض السمن جزاك الله خيرا

تعجبت الياسمين من شهية المرأة لكنها قالت تجيبها:
- طبعا واذا لم يكن حضرته ساخرج الان بالتوفيق ...و..ا..ارجوك رفقا بها انها شابة ولأعلمك فقط هي لم تلد من قبل فلم يمر سوى بضع اسابيع على زواجها..و..

وضعت المرأة كلتا يديها على خصرها:
- هلا خرجت اعرف جيدا عملي يا سيدة واعرف تلك الاشياء فهي امور سهل معرفتها فشكرا لا احتاج لتخبرني

خرجت ياسمين وهي تشعر بالقشعريرة لصوتها تبدوا المرأة قاسية وجلفة تخاف على جميلة منها اتراها ستعرف كيفية التعامل معها
يارب سترك
دخلت ياسمين الى المطبخ حيث وجدت ابنتها تساعد في فصل الجلبان عن قشرته بيديها الصغيرتان اقتربت منها وهي تقبلهما وتقول:
- حفظ ربي لي فدوى تساعدني يا ناس

ضحكت فدوى بصوت خفيف لامها على كلامها
فقالت الجدة يامنة التي تسند كلتا يديها على عصاها برداءها الاسود وعيونها الشبه مغمضة:
- ياسمين كيف حالها هل هي بخير ؟

قالت الياسمين للجدة وهي تطل على الطنجرة فوق النار:
- علمي علمك امي لحد الان لاتزال القابلة عندها وعندما ستنتهي ستناديني ..علي ان احضر لها الشاي وبعض الرغيف ماشاء الله امرأة قوية...اتذكر المرأة التي ساعدتني في الولادة كانت شابة اعني ممرضة ويمكن ان تقولي قابلة ايضا رحمه الله لست ادري كيف احضرها واتذكر انها كانت لطيفة لكن هذه المرأة تبدو جافة في تعاملها يا الله

ضحكت الجدة فسمعت الياسمين اسمها ينادى بصوت مرتفع على لسان جميلة وعلمت انها ولابد لم تتحمل قالت ياسمين:
- فدوى ابقي هنا حبيبتي ولاتأتي الى الداخل ابقي مع جدتك حسنا

اومئت الصغيرة فخرجت من المطبخ متوجهة الى الغرفة التي فتحتها ووجدت ان جميلة منكمشة على نفسها ترفض اقتراب القابلة منها
اقفلت الباب وراءها وهي ترى ان المرأة لم تستطع ان تجاري جميلة لرشاقتها
- ما الذي يحصل يا جميلة ..دعي المرأة تفحصك عزيزتي ارجوك

قالت القابلة :
- ان لم ترد فسأذهب لدي ثلاث حالات ولادة في المساء مستعصية ...ولا استطيع ان ابقى لمدة طويلة

قالت جميلة:
- الياسمين ارجوك اختي لا تدعيها تقترب انا بخير ولست احمل طفلا لا اريدها ان تلمسني بتلك الطريقة

تعرف ان جميلة خجلى ولم تكن متعودة على شيء مماثل لدى فضلت ان تلطف الجو:
- صغيرتي ان احتمل وكنت حاملا مثلا.... اترضين لصغيرك ان يتأدى ؟ دعيها تفحصك ولاتخافي سابقى معك ان شئت

قالت جميلة تهمس لياسمين:
- انها قاسية ارادت ان تخلع عني ثيابي بالقوة

قالت الياسمين للقابلة:
- سيدتي الم اطلب منك ان تعامليها بالراحة "غمزت للقابلة" ستزيل جميلة ملابسها وحدها وانت قومي بعملك ما رايك الان

قالت القابلة
- حسنا انتظر

قالت جميلة لياسمين:
- يمكنني ان ابقى معها لوحدنا لا اريد ازعاجك

ابتسمت الياسمين لجميلة وخرجت تدعو الله في سرها ان تكون جميلة حاملا لانها تريدها ان تعود لزوجها ليس لانها قنطت منها لا بل لانها تدري ان الزوجين يجب ان لايفترقان فشعورها كان مريرا وهي بعيدة عن يونس والان لاتستطيع ان تعيش بدونه رفضت الاعتراف بهذا لكنها تحبه فعلا وقد دخل قلبها من باب كبير وتربع فيه



*********************



في الفندق بافران



كان يقف بكامل ملابسه امام الخزانة المفتوحة على مصرعيها وثريا تقف وراءه وقد ارتدت عبائتها السوداء ايضا
بقيت تنظر الى الحقيبة في الارض والى ملابسها التي توضع فيها باهمال فصرخت بعثمان الغير مبالي كما هي عادته :
- عثمان كلمني ما الذي تفعله الان؟؟؟...لما لانبقى قليلا هنا ؟
يمكنك ان تشتري لنفسك ملابس جديدة وان نمضي شهر العسل الذي لم نقضه كاملا الا باسبوع واحد في فاس من عادتي السفر والتجوال في الصيف لاتسجني

تنهد يرمي ما تبقى من الملابس في الحقيبة وجلس القرفصاء يقفلها وينهض يوقفها معه ايضا
قال لها بعجرفة:
- شهر عسل ؟؟الا تملين من فلسفتك ما هو شهر العسل في نظرك لمن خلق في الأصل لو انت امراة شريفة في الاصل لما كنت تركتك سجينة في القصر

تجمدة اوردتها وجرحتها كلماته العقيمة:
- انت انسان اناني... اتيت لتاخد مني ماخدك وتقوم بنعثي هكذا...متى سيرحمني الله منك

قال يقترب وهو يعصر لها كتفها :
- يرحمك مني ...ما الذي رايتني افعله لك ..هل اذيقك من العار الذي الحقته بي؟
ما الذي سيظنه بي اهلي الان؟
زوجها تركها تذهب وحيدة الى افران اذن زوجته تتحكم في تصرفاته ...لعلمك فقط ليس لتلك اللحظات بيننا ان تشفي شيء كوني عاقلة الان فقط سانزل بك عقابي وليعلم الجميع من في القصر انك لم تطيعي كلامي فارسلتك الى
طنجة"مدينة في شمال المغرب تطل على البحر الابيض المتوسط"
الى عمتك هناك علك تستوعبين مدى الدفئ الذي اضيعه من اجلك

نفض ذراعها المتألمة بقوة حتى كادت تقع من طولها
ارتجفت وترقرقت الدموع في عيونها وعادت لتجلس على السرير وهو يقترب من الهاتف دون ان يوليها اهتماما ليتصل بالاستقبال ويدفع الفاتورة ويطلب منهم ان يجهزوا السيارة التي اتت بها من القصر
اقفل الهاتف
سمع صوتها في الحمام بحيث كانت تستفرغ ما في بطنها اسرع بدون وعي اليها ليجدها منحنية تغسل وجهها الذي اصبح احمر من مرضها
اقترب منها وقلبه في صدره يتوجع لحالها ويموت خوفا ان يحصل لها اي مكروه
تناقض في الافكار والافعال

وقف وراءها يميل عليها بحيث رفع شعرها المبتل بالماءوهو يقول بقلق:
- ما بك ثريا هل انت مريضة؟

كانت مريضة فعلا لكن المرض الاكبر يكمن في فؤادها المتأذي من كلامه
وشعرت بالحقارة بعد نومها واياه انبثرت من بين ذراعيه ومشت الى حيث حجابها وهي تقول:
- دعني وشاني مادمت تكرهني فلا دخل لك بمرضي

قال وهو يعيد اقترابه منها لينظر الى ملامحها بين يديه:
- مابك ان كنت مريضة اخدتك الى الدكتورة

نفضت يديه بقسوة تقترب من المرآة لتضع حجابها على وجهها مع النقاب:
- خدني الى عمتي كما قلت وآسفة منذ اليوم لم يعد هناك حديث مر بيننا اكتفيت منك
فقد تجرعة السم وانتقمت لنفسك فكفى ..
اتسمع كفى لااريد لهذا الزواج ان يبقى ...
التفتت له لتنظر اليه يتنهد وهو ينظر اليها ونظرة غريبة تتماوج في عيونه....
-اقسم يا عثمان عندما ساذهب عند عمتي سابقى عندها الى ان ترسل لي بريقة طلاقي هل فهمتني

كان الجرح في الصدور مشترك لاهي تتكلم بما تريد ولا هو يريد ان يحارب من اجل استعادتها لاشيء غير العناد المفضي الى انهار مظلمة من الحزن
قال :
لست المرأة التي تستحق ان يحارب المرئ من اجلها....فلا انت ممن احتفضوا بشرفهم ولا انت ممن احترموا اهلهم....

قاطعته شاحبة فكلامه هذا ما يزيد دمارها:
- ساريك الان لما جئت لما انا هنا يا عثمان
اقتربت من المنضدة الصغيرة وجدبت المجر بحيث اخرجت منه مغلفا كبيرا يحتوي اوراق الطبيبة التي كشفت عليها بعد الحادثة

- خد انظر اليها علك تعرف انني لم افقد عذريتي الا بحادث ولم يلمسني احد وانني فعلا شريفة

نظر اليها لدقائق قبل ان يفتح الظرف وهو شبه تائه عن مايقرأه
وبين السطور لمح ما علم انه الشهادة بانها فقدت العذرية اتر الحادثة

لوهلة شعر وكان قلبه ينار بإنارة بيضاء تطرد افكار الظلام المستوطنة لكيانه لكن الشيطان لايحب ان يترك فرصا للبشر في التصالح ففكر انها لربما اقامت علاقة بعد الحادثة بسهولة فماذا تفسر تجاوبها معك وغنجها في بداية الزواج
رمى الاوراق على صدرها والغضب للفكرة يكاد يفنيه

بينما هي صدمتها طريقته تلك حتى انها مهما منعت دموعها من الانهمار انهمرت وارتجفت ونزلت الى الاوراق تجمعها وتضعها في المغلف وبدون ان تنظر اليه تخطت مكان وقوفه ضامة الاوراق الى صدرها وخرجت من الغرفة

سب ولعن وكاد يدمر الغرفة ومافيها زيادة على المائدة التي قلبها في الصباح
شعر بنفسه تتداعى كليا لا ارادة تحفزه على استرجاعها وكبرياءه سيد المواقف صاحب اللجام فكلما فكر في انها قلبه والهواء الذي يتنفسه وانه لايريد اكثر منها على صدره تتفكك الصورة الى الماضي لترسل اليه موجات عذاب لاتقهر
امسك الحقيبة وقد تغلف من وجهه الى اخمص قدميه ببرود جامد لايتزعزع وخرج من الغرفة لكي يلحقها ببطئ لايظهر اي اهتمام بمكان وجودها الان في الاسفل



نزلت شبه مغشي عليها ووصلت الى باب الفندق تنزل درجاته الى العامل الذي اعطاها المفاتيح وركبتها في الخلف فآخر شيء تريده ان تكون قرب رجل بات هو الظلمة الحالكة السواد في حياتها اي الظلم الاجحاف الانانية الاستغلال وانتظرته ولم تنتظره
بل اقفلت عيونها الى ان سمعت الباب الخلفي للسيارة يغلق على الحقيبة وبعدها باب السيارة خلف المقود يغلق بعنف حتى انها اجفلت لكنها لم تتحرك تنتظر ان يكلمها في اية لحظة لكن ولا اعطاها اهمية ابدا كما لو انها غير موجودة
وبما انه يعرف اين تقيم عمتها لم يسألها عن عنوانها
في طنجة في جبال رائعة امرأة اخدت من جمال ثريا واب ثريا العيون والشعر الاحمر وشيء اخر لم يرثه احد في عائلتها وهو خامة صوتية رائعة عريقة بشدو الاغاني الاندلسية بشكل ساحر







*****************



في منزل الياسمين



بعد خروج القابلة التي اكلت حتى اثخمت
بقيت الياسمين في غرفة جميلة قليلا تواسيها فما ان علمت من القابلة انها حامل حتى بدأت غصبا عنها تبكي بكل حرقتها

قالت جميلة توجه وجهها الى الياسمين التي تجلس قربها على السرير:
- كيف لي الان ان اتحمل طفلا كيف؟؟؟
انا اموت حزنا مما اصابني مع هود وتريدينني ان احتفظ به حسنا لااستطيع


قالت الياسمين تمرر اصابعها على شعرها:
- ستعودين الى زوجك هذا هو الحل انت لاتريدين ان تذهبي الى جهنم بسبب قتل روح بريئة ولاتستطيعين ان تبقي على هذا الحال لان الطفل ان لم يعش مع ابيه فلن يسامحك يا جميلة كوني واثقة

بدت جميلة يائسة هي لاتريد ان تعود فهي تعلم انها تحبه تحب هود كثيرا بل لقد اصبح دمها وهواءها وكل شريان فيها ينبض بات يرفض التخلي عن صورته وان حصل ولمسها فقد تفقد السيطرة على نفسها وتدل نفسها تحت رحمة حبه وهي لاتريد ان يمسها مطلقا

قال ياسمين:
- كفي عن تعذيب دماغك بالتفكير ستنقلين الغم للصغير والدموع له ولن تنامي الليل فقط لانه سيبكي كما تفعلين انت الان لاتديقيه الحزن والمرارة والا سيكبر في بطنك ضعيفا عزيزتي ارجوك لاجل الله لوجهه الجميل ارجوك تخلي عن عنادك وعودي اليه فعلى ما حكيت لي انه يحبك

قالت بشبه صرخة:
- لا ...هو لو كان يحبني فعلا لما خدعني واستغلني سلاحا ضد اعدائه

قالت ياسمين:
- الم تقولي انه كان مراهقا ولديه ام الم تكوني انت لتضحي ب...باي شيء اي شيء في وقت اغلقت كل الابواب في وجهك من اجل عائلتك بالله عليك لاتقولي لي لا....حاولي ان تتفهميه فقط استمعي له الان يمكنك فقط ان تعيشي معه من اجل ابنك ضحي كما ضحى وكما يضحي الكل يا جميلة هذا واجب كل ام

مسحت جميلة دموعها:
- من اجل ابني فقط ....من اجل بني ومن اجل ربي سافعل ذلك لكن لن يحلم بان يلمسني لن امانع ان تزوج حتى فعندها ...عندها ساخد طفلي واذهب

- المهم الان انك وافقت واتمنى من الله ان يبرد النفوس وان يصلح الوضع بينكما في المستقبل ساذهب لاحضر لك بعض الطعام ولاتتحركي

كان من دواع سرور ياسمين ان تعتني بها وتحضر لها من الاكل ما سيفيدها ووعدتها بان تزورها على الدوام لكي تاتيها باكل شهي ينفع الحوامل في شهورهم جميعها




*****************



في المساء




بطنجة في مدينة تترسخ عليها جبال عظيمة رائعة على البحر الابيض المتوسط
ولم ياثر ابدا هذا الجمال في عثمان الذي غرق في بحر من الافكار المجنونة حتى انه بات يتمنى لو ان هته السيارة تقف تتعطل لكي لا يكملا الطريق لكي تبقى قريبة منه فللاسف قد شغلت قسما كبيرا من روحه فبعد لقاءهما علم انه لايوجد غيرها من يرضيه و....
لكن الكبرياء اللعين لايحتمل ...يرفض التعاطي مع اي نوع من العواطف بل ويعذبه لكي يبقى رافع الراس بشموخ وكانها امراة كايها نساء تشبه الكثيرات ويمكنه ان يطلقها ويتزوج اخرى بسهولة

اما هي فقد كانت صورة الاوراق وهي بين يديه تعذبها
الهذه الدرجة يمقتها الم يفكر في اعتذار يمحي من قلبها غمامة الحزن الثقيلة
الم يشعر بانها بشر وان يستغلها في لحظات ضعفه كرجل تشعرها بالحقارة
فما ان ينتهي منها حتى يبتعد عنها بقساوة وكانها عاهرة
اتته بالدليل امام عينيه ولم يعتذر لما رفضت ان تعيد قرائة الاوراق او تحريكها من حيث ضمتها على صدرها فلم ترضى لنفسها مذلة اخرى تنتظر ان تصل والا تراه مجددا وان تنسى انه هناك رجل مثله مر في حياتها او شاركته احلامها في الخفاء وامنياتها باولاد يترعرعون في دفئهما
كم تخيلت صبيا في شهوره الاولى تجلسه بينهما في جو حميم هي الحمقاء التي ظنت ان رجلا بدويا خشنا مثله فضا سيلين لها
اجل فهو لن يلين الا لصاحبة الشرف والنبالة والاخلاق
الهام
هه ياترى كان يخطط لفعلته هته وهي الغبية ساهمة في العشق والهوى اتراه يريد الزواج منها فعلا والطلاق منك يا ثريا بسرعة
افكارها لم تنقطع طيل المسافة التي اتخداها الى طنجة وهاهما لم يبقى سوى لحظات على صلاة المغرب وسيصلان الى عمتها الحبيبة اخت والدها المتوفى والتي لم ترها منذ سنين مضت تعلم انها امراة وقور رغم مهنتها كمغنية للأندلسي الا انها شريفة ومحترمة


عند وصول السيارة الى فوق طريق صغير في تل كبير يقع عليه بيوت كثيرة مطلية بالازرق الفاتح
اوقف عثمان سيارته بقوة حتى سمع صرير المكابح مثيرا صوت العجلات على الارض خرج عثمان يقفل الباب وراءه بقوة اهتزت لها مرة اخرى ثريا ولم تنتظر ان يفتح لها الباب بل استغلت دقيقة وقوفه وراء السيارة لتصعد التلة التي يظهر منها بيت عمتها في بداية البيوت الرائعة
ناداها يقول :
- ثريا توقفي لن تصعدي وتلك الاوراق في يدك

لم تجبه بل تجاهلته تصعد والتعب يفتك بها
صعد بخطوات واسعة الى ان وصل امامها ليهزها يعنف وينظر الى وجهها الجامد من اية ملامح قد تفضي له بما تخبئه من مشاعر

- عندما اناديك لاتتجاهليني

عبرت عيونها وجهه الى صدره وتنحت عنها ببطئ تكمل طريقها

شعر بالبأس انه يكاد يختنق
عاد الى حيث ترك الحقيبة وتبعها يصعد الى ان توقفت ثريا امام البيت المطلي زرقة ورنت الجرس تتمنى من اعماق قلبها ان تكون عمتها هنا فهي لاتريد سوى الاختباء والبكاء حرقة مما فعله بها ومن نهاية هته العلاقة المشؤومة

فتح الباب وسمعت اناشيد عن الرسول الحبيب وآلة الدف تهدي نغماتها متمازجة مع الكلمات ونظرت ثريا الى عمتها التي فتحت الباب مرتدية قفطان وقبعة رائعة على شكل مثلث مزين بجمالية تبهر العين التقت العيون الرمادية مع بعضها بعضا
ولم تحتج عمتها الى ان تطلب منها نزع النقاب فعيون ثريا ذكرتها باخيها تذكرها فيه تماما
ضمتها عمتها بحرارة تقبلها

- يا ابنة الغالي كيف حالك يا حبيبتي ثريا عزيزتي اليس كذلك اعرفك صغيرتي
كادت الدموع تفر من طيبوبة قلبها وجاهدت ثريا في عدم السقوط حالا بين ذراعيها

وراءها كان عثمان ينظر اليهما يشعر بالاسى يتملكه انه سيعود فارغ الوفاض لايريد مالا ولاجاها
بل يريدها هي
كم يريد ان يسمع صوتها وان ينعم بدفئها يشعر انه ينسلخ منها بقساوة
يعشقها وقد ادرك ذلك يموت عشقا فيها وفي سحرها الخاص الذي وهبته له
لكن لما لايستطيع ان يثق بها
لانه يخاف ان تكون المخادعة المنتصرة في القصة
لم يحبد ان يرى زوجته تقطن عند هذه العمة التي تتخد من الغناء مورد عيش لها لكنه رفض ان يبدي ادنى اهتمام بينهما
سمع عثمان صوت حبيبة قلبه الذي هزه الضعف فيه

- انها انا عمتي غريب كيف عرفتني رغم انني لم ازل نقابي لقد اشتقت لك لم ارك منذ زمن طويل

قالت العمة تلاحظ الرجل وراءها:
- ليس بوقت طويل ازيد من 6 سنوات لكني اتذكر احبائي لم اعرف انك تنقبت على فكرة عيونك تشبه اباك رحمه الله ...هل السيد زوجك؟

اومئت ثريا دون ان تلتفت اليه فقالت عمتها:
- اهلا بك بني سعدت انا بلقاءك

- اشكرك سيدتي ساترك حقيبتها الى ان تحمليها من فضلك ساذهب فلايزال مشوار طويل ينتظرني الى البيضاء شكرا لك سيدتي

دخلت ثريا ولم تمنع نفسها من النظر الى عثمان الذي اخد ينزل التلة برشاقة نحو السيارة ونظر اليها بالمثل لكنها ابتعدت لان قلبها هدد بالانفجار في اية لحظة
لم تكن العمة تدري ما يحصل لكن بدى لها انه لاوفاق بين الزوجين لدى اخدت الحقيبة ووضعتها في غرفة فارغة تستعملها صديقاتها اللواتي تزرنها في المناسبات
ولم تبخل على نفسها بتعريف النسوة اللواتي تشدون بابنة اخيها الميت وابهرن بجمالها عندما ازالت نقابها ولاحظن الشبه الكبير بينهما

صعدت ثريا وراء عمتها التي اهدتها من الراحة ما كانت في حاجته لم تثقل عليها بالاسئلة بل سألتها فقط عن الطعام فردت ثريا بانها لاتريد
وبذلك خرجت وتركتها بائسة غائرة تحت شمس المساء البرتقالية القانية التي اخترقت الزجاج للغرفة الصغيرة اتكات عليه و انتحبت بصوت يكسر الفؤاد القاسي في بكاء مرير لم تستطع ان تتمكن من مقاومته

وعمتها فكرت انه من الافضل تركها وحدها رغم فضولها حول حضورها الى هنا بهته الطريقة فلابد ان هنالك امرا ما يزعجها لكنها قررت ان تسالها في الغد




*****************




في الدار البيضاء



بعد وصول عثمان متاخرا في تلك الليلة الى المستشفى
علم من الطبيب ان المريضة قد خرجت من العملية بسلام وانها في غرفة العناية المركزة لدى قرر ان يعود في الصباح فتعبه النفسي اثر جليا على جسده رغم صلابته الا انه كان يبدوا انه فعلا يحتاج الى الراحة والنوم
لكن كيف به ان ينام

في غرفته لم يستطع ان يستحم بل رفض كليا ان ينهض من سريره الذي تحمل ثقل جسده
يفكر في حياته الهذه الدرجة هو غريب عنها وهي غريبة عنه
اتته بدليل يتبت انها عذراء لكن من سيثبت انها لم تعاشر شخصا مهما كان قبله اليس هو المظلوم في هذا كله
لما لاتفهمه لما تتشبت بدفاعها عن نفسها وتنسى انه رجل
وان كان الرجل لايعاب فهو يعاب في شيء واحد شرفه
دنست هي شرفه وتحمل ذلك بكل عنفوان وتباث ولم يرتكب فعلا احمق في حقها اجل كان يحاول ايصال الجرح الذي استقر في صميمه لها عبر كلماته تلك
وكان بذلك يجرحها ويدمي جرحه ايضا يعيشان في عذاب لن ينتهي واذا ما بقيا مع بعضهما اكثر فسينتهي الامر بان يكشف ما هو مستتر
ولايريد من احد ان يعلم لانه يخاف على ماء وجهه
لقد وافق على فكرة الطلاق وانتهى الامر وسيغلق على هذا القلب ويرمي المفتاح في فوهة مظلمة ولن تستطيع امراة بعدها ان تفتحه وتسبر اغواره ففي تلك اللحظة لن تجد سوى ثريا صاحبة العيون التي تذبحه





في صباح اليوم التالي



دخل عثمان المصعد المأدي الى فوق في المستشفى ببذلته البنية الصيفية الراقية وساعته الذهبية السواتش
لكن ما كان مذهلا انه تخلى عن خاتمه الفضي في يده اليسرى فقد بات كارها لذكراها بقدر ما هو يشتاق اليها بوجع ومرارة
انفتح المصعد وخرج منه رأسا الى غرفة العناية المركزة هناك وجد عائلة الهام البعض منهم جالس والبعض الاخر ينظر اليها من زجاج الغرفة

تقدم عثمان من مكان وقوفهم ليقترب من الاب ويقبل راسه مسلما:
- السلام عليكم كيف الاحوال ؟

قال الرجل الكهل خجلا من اهتمام الرجل:
- بخير بني الحمد لله انها بخير هكذا قال الدكتور

قال عثمان ينظر الى جسدها الغائب في الغرفة:
- الامر طبيعي فهي في حالة تخدير لايزال حالها غير مستقر عليهم التاكد من انها لن تعاني من مضاعفات جراء القلب في جسدها وهل سيلائمها تماما امور تخص الطب لن نتمكن من زيارتها الى ان تعافى كليا

قال الاب المسكين :
- اتمنى يا بني ان تتعافى فعلا دعوة راجيا من الله معالجتها انها فلدة كبد يا ابني ستجرب ذلك وتفهمني

اصابه العجوز بكلامه في الصميم كما لو غرس في قلبه سهما قويا
طفل يعلم ان الرجل لم يتكلم بسوء لكن فكرة الطفل آلمته
لربما الان فقط في الفكرة احس بلهفة الى طفل

فكر كثيرا انه عندما سيخبر عائلته بفكرة الطلاق انه فعلا لن يمر الموضوع عليهم مرور الكرام وسيأثر كثيرا على انفسهم لايستطيع سوى ان يظهر انه لا يحبها وهي لاتحبه ولم يتوافقا
قد يحاول ان يذكر لهم فكرة ان العالم تطور رغم تناقض الفكرة مع مبادئه وهو يعلم انه ابغض الحلال عند الله الطلاق
الا انه في حالته العويصة لايوجد حل مجد سوى الطلاق وان يمضي كل في حال سبيله
وعد نفسه انه سيشرح لجده العنيد كل شيء ويعلم انه من اراد هذا الزواج
هما لم يتفاهما وهذا فقط سبب انه لكل منهما نظرته للحياة
يدري ان الامر صعب وقد ينتهي برفض قوي من اطراف العائلة لكن سينتظر لمدة وحسب وبعدها يطلق الخبر لهم وليتقبلوه كما شاؤوا فالقرار الاول والاخير له ولثريا


سمع عثمان وقع اقدام يتوجه نحوهم وسمع رجلا يسلم على افراد العائلة فتسائل من يكن عندما استدار قابله صاحب الطول الذي يوازيه عصام قال وهو يتذكره:
- انت عصام اليس كذلك؟؟

نظر الشاب الى عثمان وابتسم لرؤيته لكنه لم يتسائل عن سبب وجوده هنا:
- اجل عثمان ....كيف حالك اخي؟؟

تصافحا فرد عثمان :
- بخير لكن ما الذي جاء بك هل لديك مريض ما في المستشفى

قال عصام ينظر الى ما وراء كتف عثمان الى غرفة العناية:
- اجل الانسة الهام

قطب عثمان فهو لحد الان لايفهم كيف تعرفت على هذا الرجل الذي يدري انه اتى من اسبانية في الحقيقة شعر بانه لايستطيع ان يربط بين الامور:
- لكن لما هل تعرفان بعضكما؟

قال عصام ينظر الى العائلة التي جلست مجتمعة وراءه واقترب منه يقول:
- هلا ذهبنا الى الكافيتيريا ان كانت موجودة هنا وساخبرك بالتفاصيل

قال عثمان يحتاج ليفهم فعلا:
- تفضل سادلك عليها

ذخل الرجلان الى المقهى الصغير في المستشفى واتخد كل منهما مكانا له بحيث طلب كل منهما قهوة مرة فهما يحتاجها بالفعل لها

بادر عصام بالكلام:
- تتذكر انني سبق وقلت انني اتيت لدفن اختي؟؟

قال عثمان :
- اجل لكن ما علاقة الامر؟؟

قال عصام وكانه وجد اخيرا جوابا على سؤاله:
- انت عثمان من دفع ثمن العملية؟؟

قال عثمان :
- اجل انا ....ارتشف من قهوته ...لكن لحد الان لم تجبني

قال عصام يرجع ظهره العريض على الكرسي:
- انا في الحقيقة تبرعت بقلب اختي للانسة الهام

ذهل عثمان للحظات وشعر بعد ذلك بان الرجل امامه لشجاع لفعل شيء مماثل:
- لكن يا عصام اليس من الصعب فعل ذلك التبرع امر قاس الا تشعر بالالم لتبرعك بقلبها؟


قال عصام ينظر الى الحديقة من النافذة بجانبه:
- لا ...بل بالسلوى هذا هو التعبير الصحيح امر كهذا يسعدني ويشعرني ان اختي لاتزال بيننا رحمها الله

قال عثمان مقطبا:
- تجدني لااستطيع تقبل ذلك رغم التطورات في الطب لكن عندي ايمان ان الجثة عليها ان تدخل القبر كاملة لكن ان تشعر ببعض السلوى عن موتها فلن الومك لم افقد شخصا عزيزا علي من قبل ....لا بل فقدته لكن ليس بالموت ولا استطيع سوى ان اقول انك شجاع لفعل كهذا انقاد روح لشيء جيد ....انت اذن لاتعرف الانسة الهام؟

قال عصام ينظر اليه :
- لا بل تعرفت عليها فقط قبل العملية..وانت هل انت خطيبها ...او زوجها؟

قال عثمان يحرك راسه بشموخ:
- كنا من قبل خطيبين لكن لم يدم الامر لفترة وجيزة فقط
امر المرض اعاقها لكني انا الان متزوج بامرأة اخرى ...
""لاحظ النظرة المتسائلة في عينيه""
....اساعدها لانها زميلة لي في العمل كاستاذة في القرية وايضا لان عائلتها معوزة لم استطع تركها تموت بتلك الطريقة

فهم عصام الان الامر واحس بالراحة لانه ليس زوجها فهذا سيساعده على اخدها الى اسبانيا دونما عراقيل

قال عصام بتردد:
- عرضت عليها ان تمضي مع امي واختي في اسبانيا فترة نقاهة وايضا اريد بذلك اسعاد امي بان قلب ابنتها الصغرى انقد فتاة من الموت احب امي كثيرا ...واعاني من معاناتها منذ ان تخلى والدي عنها اريد اسعادها حقا هذا ما اريد


شعر عثمان ببعض التحفظ لايستطيع ان يمنعها ان هي وافقت لكن ان تسافر مع رجل وهي ليست متزوجة منه امر سيء :
- اعتبرني ايضا موافق على سفرها معك لكن بشرط فهي الان بالنسبة لي كاخت ....ساذهب معكم الى بلدك لاتأكد من انها فعلا ستكون بخير فوالدها يودعها امانة في رقبتي اتمنى ان تكون قد فهمتني حضرتك

قال عصام موافقا:
- حسنا لايوجد لدي اية مشكلة يمكنك الاطمئنان عليها وفي نهاية العطلة اعني عندما يبدا الموسم الدراسي يمكنك ان تأتي وتاخدها من بيتنا
فقط اتمنى ان يسعد وجودها امي
احتاج فعلا اليها هناك من اجل عائلتي

تفهم عثمان وضع الرجل فوضعه معقد وحرج ان يحاول جاهدا كسب محبة اهله امر صعب وبكل هته التضحيات لابد من انه يعاني لدى وافق على الامر فإلهام فتاة مهذبة ومتخلقة وقبل اي شيء واعية لافعالها ويثق في انها لن تجرح عائلتها ومن يحبونها
وان هذا الرجل امامه يستحق فرصة لاحياء علاقة ود قوية مع عائلته






********************



بعد اربعة ايام



خرجت هند من منزلها هي وابن عمتها ايوب في نزهة صباحية تروي الدم انتعاشا في هذا الصباح المبهر
كانا قد انتهيا من افطارهما مع والدها وامها وقررا ان يتمشيا في الخارج
اقتربت هند من كلب الصيد لديهم وفكت وثاقه لتاخده معهم في نزهتها

قال ايوب في طريقهما :
- هذا الكلب لايستحق هذه المعاملة

التفتت هند متعجبة تعقد حواجبها:
- ولما في نظرك لايستحقها
انه كلب وفيّ
قالتها وهي تلاعبه

رد ايوب:
- لايبدوا عليه انه يحبني فعندما لاتكونين يبدأ في النباح وكانني لص

ضحكت هند:
- هههه لابد من انك توحي له بذلك ملابسك وهيأتك لاتطمئن ههههه

اردف هو بتفاخر:
- مابها ملابسي تكسر جو البادية بعصرنة رائعة ومتقنة

ضحكت تستهزء:

- هههه اه اه يبدو ذلك فعلا عصرنة ....ايوب لحد الان لم تحكي لي شيء عن وضعكم هناك الاتزال في وضع جيد بعد المضاهرة التي قمتم بها

قال وقد كسى ملامحه الجد:
- جيدة لقد اعتقلوا الشابين المتورطين في مقتل صديقي لكن لايزال الحكم مأجلا الى تاريخ قريب

قالت تحول رسن الكلب في اليد الاخرى:
- مسكين الفتى الذي مات رحمه الله ومسكين انت ايضا الذي تحملت وضعا كذاك

اردف ايوب بشجن غير ظاهر :
- الحمد لله على كل حال المهم ان يعاقب الفاعل هذا هو الاهم...وانت لحد الان كتومة استطعت بسرعة ان تلفي شباكك على ذلك الرجل لست سهلة والله

ضربته على كتفه:
- قل ماشاء الله الاتدري انه هو من اراد ان يتزوجني ولست انا فماكان مني الا ان وافقت ومن لن يوافق عليه
رجل بمعنى الكلمة شهم ولطيف ايضا

- اهااااا لطيف ساحسدك وابحث لنفسي عن زوجة في القريب العاجل

قالت تفغر بفمها:
- اوه غريب لم اعلم انك تنوي الزواج لكنت دبرت لك احداهن ....تدري شيء..؟ هناك شخصية جديدة تقطن قصر المنصور حاليا

سالها بفضول :
- ومن هي هذه الشخصية ؟

قالت تجيبه بتنهيدة :
- تدعى جولييت فرنسية لست ادري من اين خرجت لي هته ايضا؟؟
اتعلم انها توحي بالاغراء طيلة الوقت؟؟
قد نذهب الى مكتب عبدو واعرفك عليها عساك تخبرني بما افعله لاقوم بابعادها عنه لااشعر في حضورها باية راحة

ضحك ايوب يخرج شيء على شكل كرة بيزبول مصغرة واخذ يضغطها بيده:
- مسكينة ابنة خالي تغارين من اجنبية اتعلمين انه لذلك الرجل شخصية وان هو اختارك فليس عبثا كوني متأكدة و....

شعر بالكلب في الاسفل ينهش الكرة من يده فترك الكرة صارخا
فكان من دور هند الا ان تضحك على موقف ابن عمتها وهو خائف منه بتلك الطريقة تظاهر بانه قوي في النهاية لم يرضى ان يظهر غبيا امامها فشاركها الابتسام

كانت هند مراقبة في هته الاثناء فلم يجافي هود النوم هته الايام وزوجته بعيدة عنه بات الان يتحرق شوقا لافشاء السر لهته الفتاة امامه الممسكة بكلبها عل الامر يصلح بينه وبين زوجته ويكفر عنه ذنبه




*********************




في القصر



في جناح عبير وسعيد


خرجت عبير من الحمام تلف نفسها في منشفة كبيرة وراسها بالمثل لتجد زوجها يجلس على السرير منهمكا في ارتداء حذاءه عندما لمحها اطلق تصفيرة اعجاب لما ظهر امامه ذهبت الى المنضدة حيث جلست وحررت شعرها تبتسم على هبله فكلما رآها متجملة او في اي رداء كان يجعلها تخجل بكثرة تصفيرات الاعجاب التي تطلقها شفاهه
نهض يقترب من مكانها وقبل راسها ينظر اليها باعجاب

- هل تنوين بقائي قربك يا حوريتي

قالت تضحك:
- هيا سعيد الى عملك
كفاك مزاحا اليوم لدي عمل في هذا الجناح يجب ان انظفه جيدا عزيزي فلا يجب ان تبقى
احب دائما ان اقوم بالتنظيف وحدي

قال يجلس القرفصاء وبما انه فارع الطول فقد بقي راسه قريبا من كتفها
- لاانت من تمزحين عروس في اوائل ايام زواجها تنظف
على الخادمة في الاسفل فعل هذا

قالت عبير تحرك راسها بعناد:
- بل انا من سينظفه جننت انت لا اريد لأحد ان يطلع عن اسراري فجناحي هو بيتي...اعني بيتنا فيه اسرارنا ولن تدخله امي حتى
آسفة عزيزي لكني احب العمل واجد في الراحة الخمول

قال يضحك ويقف:
- يوما عن يوم اكتشف فيك اشياء تسلب العقل
شعر بلفح ريح دافئ عن غير عادة اقترب من الشرفة يغلق النافذة ويعود اليها ناظرا بعد ذلك الى السماء:
- اليوم منذر بعاصفة السماء حمراء لربما قد تمطر

قالت عبير تشهق بعجب:
- في الصيف ؟

قال يحمل كرسيا ليجلس قربها ويراقبها في مراحل تزيينها البسيط:
- لربما قد تمطر والله اعلم لكن المطر في هذا الفصل قد يفسد لنا المحاصيل نحمد الله ان لدينا اماكن نخزن فيها المحصول ضد هذه الضواهر

استدار الى النافذة وقال بانتصار :
- الم اقل لك لقد بدأت بالامطار علي الذهاب

ابتسمت له وهي ترد:
- على حبيبي ان يعمل في الارصاد الجوية هههه

قال يغضن جبينه ويقترب منها يرفع راسها :
- تضحكين ...اعني هكذا تصبحين جميلة قبل خدها وانصرف يشدو

ضحكت لكن قبل ان يصل الى باب الجناح تبعته

- سعيد ما الذي تريد ان احضره لك في الغذاء

اجابها:
- ليس مهما المهم ان ياتيني بالطعام انت لاغيرك باي ...على فكرة سارسل لك عربة بحصان فلااريد ان يحصل لك اي مانع في الطريق بالسيارة

ابتسمت له ولحنانه عليها واقتربت من المنضدة وهي تسبح لله وتذكر دعاء الرعد الذي بدأ يصدح في السماء


كان المطر يهطل بكثافة ويصحوا مرة اخرى كما نقول السماء تتوجع في مثل ذاك الجو
ارتدت حذاء جلديا يمنع تسرب الماء الى قدميها وسروال مع سترة طويلة رياضية خضراء قاتمة ونزلت بسلة الطعام الى العربة وصعدتها بحذر لتجلس عليها وقد كانت تظللها من فوق
وقد عاد المطر في الهطول ثانية
اعجبها الجو لدرجة انها بدأت تشكر سعيد لانه ارسل لها هته العربة الرائعة فالآن فقط تستطيع التمتع برحلتها الى الاراضي

كان الجو احمر تقريبا فالسماء غيومها حمراء والتراب في الارض اصبح مبللا
ونسيم بارد قليلا يلفح خياشيمها
كما رائحة التراب تعبق بالكون اثارها الجو كثيرا وبدى لها انها فعلا الان تعيش ولايوجد شيء اجمل من الطبيعة التي خلق فيها الانسان

توقفت العربة لحظة فسالت عبير السائق :
- ما الذي يحصل ؟؟

قال الرجل :
- هناك جدوع شجر ساحركها بسرعة ونتحرك

امومئت براسها بالايجاب وجلست والسلة في يدها
وفي لحظت سريعة شعرت بشخص يجلس قربها على العربة
التفتت خائفة وهي تنظر الى امرأة لاينقصها الجمال ولا الاناقة

فقالت عبير مخنوقة من الخوف تكاد تصرخ على السائق:
- من انت يا هذه...؟ انزلي والا ناديت سائقي؟

قالت المرأة التي حدجتها بنظرات محتقرة:
- انت اذن هي من كان لها الشرف في اخده مني لاتخافي انا لا آكل البشر اتيتك فقط لاتحدث معك قليلا

ردت عبير ونفس الهواجس في نفسها تبعث فيها الخوف:
- وما الذي تريدينه اختي

قالت المرأة:
- اولا انا اسمي سميرة وما اريده اخدته لكن هذا لايمنعني من سرد بعض الحقائق عليك صغيرتي البريئة



يتبع.............











الجزء الواحد والعشرون



ان شاء الله


توقفت العربة لحظة فسالت عبير السائق :
- ما الذي يحصل ؟؟

قال الرجل :
- هناك جدوع شجر ساحركها بسرعة ونتحرك

امومئت براسها بالايجاب وجلست والسلة في يدها
وفي لحظت سريعة شعرت بشخص يجلس قربها على العربة
التفتت خائفة وهي تنظر الى امرأة لاينقصها الجمال ولا الاناقة

فقالت عبير مخنوقة من الخوف تكاد تصرخ على السائق:
- من انت يا هذه...؟ انزلي والا ناديت سائقي؟

قالت المرأة التي حدجتها بنظرات محتقرة:
- انت اذن هي من كان لها الشرف في اخده مني لاتخافي انا لا آكل البشر اتيتك فقط لاتحدث معك قليلا

ردت عبير ونفس الهواجس في نفسها تبعث فيها الخوف:
- وما الذي تريدينه اختي

قالت المرأة:
- اولا انا اسمي سميرة وما اريده اخدته لكن هذا لايمنعني من سرد بعض الحقائق عليك صغيرتي البريئة

واردفت تنظر الى السائق في الاسفل اللذي انتبه اليها :
- اتمنى فعلا ان تستمعي الي وان تطلبي من سائقك ان يبتعد لبرهة

شعرت عبير بالضياع لم تكن تريد ان يذهب السائق فلادراية لها باناس لم تخالطهم قط ارادت الان بالذات زوجها لتحتمي قربه

قالت سميرة تظهر نفاذ صبرها بتعجرف:
- هيا هل سابقى اليوم كله وانا انتظر؟

نادت عبير على السائق واخبرته ان يبقى بعيدا قليلا لان لديها حديثا مع تلك المرأة
فاومئ الرجل رغم عدم ارتياحه للتي قربها لكنه فضل ان يسمع الاوامر

نطقت عبير بحذر:
- ماذا تريدين مني انا لاافهم ما الذي تسعين لتحقيقه يا سيدة سميرة من تكلمك معي؟

قالت سميرة وهي مغتاضة لكن تخفي ذلك تحت ابتسامتها بدهاء وتفجر غيضها في القادم من كلام:
- شيء اشتركنا فيه نحن الاتنتان ...لا ليس شيء بل هو رجل... سعيد

تجمد الدم في عروق عبير وشعرت كما لو ان الحرارة اشتدت مع بزوغ الشمس من خلف السحب وبدأ العرق ينضج تحت ثيابها وكأنما سميرة قامت بالشد على جميع اوتارها بذكر اسمه :
- عفوا... ماذا ذكرت... للتو؟

قالت سمير تجيبها ولم تزح نظرها منها متفحصة اياها:
- كما سمعت ...للاسف لست ادري ما اعجبه فيك تدرين انه رغم زواجه بك لازال وفيا لي حيث ان الكوخ في حدود المزرعة يجمعنا في سهرات حميمة ...زوجك رجل ...رجلي عاشقني بل واحبني ولم يرضى ان يتزوج بدون اخباري وكم كان آسفا لذلك كان يدري انه زواج فرض عنه بالغصب
ولكن هذا لم يمنعه من احتفاظه بي كعشيقة ماهرة في ارضاءه ...صراحة تبدين سادجة كما يقول حتى انه يمل منك على حسب قوله لي...تبدين غير ناضجة وعديمة الخبرة لا اخفيك انه رجل لحوح ومتطلب ..ولايخفى عنك انه فعلا يحبني رغم ما قد يظهره لك من حب مزيف...اقصد انه لايزال يعيش على حبي الذي ينفض عنه عذاب ارضاء جده المتعجرف....

توقفت لحظت تنظر الى عبير
عبير التي كانت تعتصر من الذاخل تطعن بقوة تتقلب على نار محرقة وتكاد تنفجر احاسيسها دموعا ساخنة
بابتسامة منتصرة استطردت سميرة:
- ما بك ...هل صدمت؟؟
ما كان عليك ذلك
يعرف انه مضطر للخضوع واحترام العائلة وتحمل العذاب لكني العزاء الوحيد له

اعتلت عبير رجفة قوية واقشعر جلدها اشمأزازا لهذا الكلام المألم وارتجفت شفاهها
تكاد تنفجر دموعها لانها لا تستطيع ان تنطق او ان تدافع عن نفسها
فهذه المرأة تبدو صادقة لايرف لها جفن

اكملت سميرة بسم تزيد به الوضع سوءا:
- انظري الى هته الصور وستفهمين ما اقصده....هذه حيث ذهبت معه الى مراكش في افخم الفنادق وحيث استمتعنا كثيرا بوقتنا ...وهذه.....انظري بنفسك

كانت نظرات عبير مصدومة تكاد تصرخ بالالم الذي تشعب فيها ونزف في قلبها ومن جروحها وارتعدت بقوة لم تعرف كيف فعلت ذلك لكنها انهالت بصفعة قوية للمرأة وصرخت:
- انزلي حالا ...انزلي هيا انزلي...

نزلت سميرة وقد ادهشت لردة فعلها لكنها كانت تتوقع مثلها على اي حال وصلت الى هدفها ولايهم والباقي بالنسبة لها قادم
فقد تعرفت على عبير من مصادرها الخاصة
والن ستحرمها من النوم


بعد ابتعادها بقيت عبير تغرس اضافرها الصغيرة في جلدها اقترب السائق من العربة وقالت عبير بصوت لانقاش فيه:
- لاتخبر احدا بما رايته... او سمعته... امفهوم قولي؟؟؟

قال الرجل الذي كان يتحرق شوقا لاخبار سيده لكن خاب امله من امرها:
- حسنا سيدتي

انت يا سعيد ...انت وحيدي بعد ابي
الرجل الذي منحته نفسي بكل حب
الذي اكتناني عشقه الفولاذي من بين كل الناس
الذي حرمني النوم شوقا فقط وانا بين ذراعيه
الذي....
كان العذاب ينخرها يزيد جروحها انكسارا وتناترا بذكرى الصور يظهر ابتسامته واسعة رائعة لكنها انخدعت فيه الى هذا الحد
بطبيعة الحال كيف لشخص ان يحب بهذه السهولة في وقت وجيز وان يمنحها كل الحب الذي تتمناه في حين انها هي الطاهرة البريئة ضنت ان هذا هو الحب
لكنه كان حنونا شغوفا بها بل لقد تحدت لحظاتهما حدود التمثيل
وحدود العقل
احبطت و ترقرقت الدموع في عيونها والخناجر تذبحها من اعماق قلبها الى حنجرته تحفر فيها بصورة متكررة
كانت مضطربة تريد ان تنزل من العربة ان تختفي الا تراه ابدا ان تبتعد ان تنسف من هذا المكان
لا تريد رؤيته فهي تحبه وهذا الحب اصبح مألما لقلبها الطاهر
الذي لم يعرف حبا من قبله فهو البكر

عند اقتراب العربة من مكان عمل سعيد توقفت بقيت قليلا جالسة في مكانها
رموشها منسدلة تعتصرها لكي لاتخرج قطرة دمع واحدة امطرت في تلك اللحظة مرة اخرى
نظرت الى مكان وجود سعيد
هيئته تجعل كل كيانها مندمجا في اعصار قوي وذلك الاعصار يخنقها الان لاتريد ان تصدق ما دام يحبها كما يقول
لكن ايوجد شيء اكثر صدقا مما قالت سميرة تلك
ازداد حزنها عندما التقت عيونه بها وابعدتها عنه
اخد يقترب منها

غريب امرها هته الامطار فكانها تحكي ما في قلبي الذي يهواك
وانت بتلك الابتسامة تزيد في حيرتي وعمق جرحي فما الذي سافعله بعد هذا كله هل ....سانساك ؟؟؟
وقفت تنزل تحت المطر دون ان تعيره اهمية بينما اقترب سعيد وهو يحدث السائق بان يبعد العربة في مكان مظلل ووضع سترته الجلدية على راسها واخدها حاميا اياها بعيدا عن المطر ليقترب بها من مكتبه المظلل
أخذ منها الطعام ووضعه على المائدة وهي تزيح الجاكيت عن راسها وتنظر الى شعره الذي ملأته قطرات الماء وبدى جذابا وابتسامته لها بريئة ابعدت عيونها المدمعة عنه وغضب اعمى يلتف عليها كعنكبوث تحتفظ بها في فخها

قال سعيد ينظر الى المطر ويقول:
- اللهم حوالينا لا علينا ..اتمنى من الله ان تكف هته الامطار عن الهطول والا فسدت المحاصيل ...ممم يبدو الطعام شهيا

نظر الى قامتها الملتفة في ملابسها وابتسم يمازحها:
- هل تشعرين بالبرد اتحتاجين الى تدفئة... قد تكون مجانية

قالت بجفاء ولا تستطيع اخفاء ارتجافها:
- انا بخير هكذا... ولا اشعر باي برد بل ما اريده هو الذهاب فورا الى القصر

نظر اليها لم يفهم ما بها وضع يدا على كتفها يحاول ان ينظر الى عيونها لكن دون جدوى:
- عبير هل انت متوعكة تشعرين بالمرض غزالتي؟

نظرة غاضبة تلقاها منها وهي تقول بصوت اعلى من المتوقع:
- انا بخير وابعد يدك عني...اريد ان اذهب الى القصر فقط

ماتت ابتسامته وتاهت نظرته وراءها الى حيث وصل صوتها الى العمال الذين التهوا في عملهم ابعادا لإحراج سعيد
واعاد نظرته ليقول بجدية لم يتخيل نفسه فيها بصوت قاس خفيض:
- عبير لما الصراخ ؟؟...وما هذه العدائية ؟؟
لست برجل تصرخ عليه امراة احترميني فانا زوجك ليس امام العمال ...ومن ثم اخبريني ما امرك لما العصبية هل يوجد شيء لايعجبك هنا ام تراني اترت غضبك بشكل ما؟

نظرت اليه تكافح لكي لاتبكي
وهي تشعر انها لاتريد سواه
وان ياخدها بين ذراعيه
ويهدئها وان يمسح على راسها
ويمحي شكها وان يزرع يقين انه يحبها ولم يخنها في راسها وكيانها العاصف:
- لكنك يا سعيد من الرجال الذين لا يكتفون بواحدة في ....
توقفت وقد شعرت بالدم يخنق وجنتيها اللتان اصبحتا قانيتان فاكملت تخفض راسها خجلا غصبا عنها:
-انظر... اريد الذهاب الى القصر فانا لاتحمل هذا الجو نادلي على السائق

شعر بشيء غريب فلقد اوجعه وضعها هكذا
وهي من لم يرها غاضبة يوما
اقترب منها اكثر وسالها بهدوء
يخفي اهتزازا في عيونه السوداء الدافئة :
- عبير هل الجو فقط ما يتعبك؟ انا لا اصدقك اريد ان اعرف ما بك ما هذا الغضب ..هل حدث امر يكدرك؟

بدى لها فعلا انه مهتم
من عليها ان تصدق تلك الصور كانت تنطق اكثر مما تظهر وبديا كعاشقين يمضيان شهر عسل كان كلامها يطن في اذنيها يكاد يعمي عيونها :
- سعيد انا لست احتمل البقاء هنا ...والان هل ستنادي على العربة ام امشي على قدمي

اخترقي يا عيوني روحها
اخترقي الجدار الفاصل بيننا
اين هي عبير الذي اعرفها
لابد من اني اهلوس ما الذي يجعل خدودها في هذا اللون وعيونها تائهة عني بل اراها اختفت عن عالمي الذي صيغتها فيه

هل تراها غاضبة منه لامن غيره
لكن يقسم انه يتذكر انها كانت ودودة عندما تركها
اخذ يتذكر كل الدقائق التي قضاها معها
لكن لم يتذكر شيء فعله قد يغضبها منه
كانت عيونه تحاول ان تسبر اغوار روحها لكنه تغلف ببرود جعلها تشعر اثره بالدمار والهوان

عندما صعدت الى عربتها اختفى وجهها عنه بل ولاحظ انها تضم ذراعها الى صدرها بقوة علامات لم يلحظها فيها من قبل انها فعلا غاضبة
اراد ان يترك العمل ويذهب معها ان يختلي بها ان يفهم ما يحدث لكنه لم يستطع فالعمل يناديه
كان يعمل لكن عقله كان مشغولا بها
بكيانه الذي ذهب معها
وقلبه الذي احتضنته في صدرها الدافئ بحبه
وروحه التي تجسدت فيها
فكيف لا يفكر بها وهي كل حياته





******************



في مزرعة السي محمد





كان كل من ايوب وهند يتظللان تحت شجرة مع كلب الصيد الذي لم يفارق الكرة التي اخدها من بين يدي ايوب فقال ايوب :
- هذا الجو لديكم غريب

نظرت اليه وابتسمت:
- هو من الناذر جدا ان تمطر في هذا الفصل لكن لربما هي سحابة مارة والله اعلم

قال ايوب وهو ينظر الى الكلب الجالس قرب اقدامها :
- انا ساذهب هل تاتين اشعر بالجوع

ضحكت وقالت تهز حواجبها:
- لا اذهب انت وسالحقك لن اذهب الى المنزل الان اعرف انك تموت لإدخالي المطبخ تحتكرني
الان اذهب وانظر بنفسك ان تركتك امي او صفية تذخل

قال بدهشة مصطنعة:
- اها ....جيد اذن ان لم تدخلي الان لتحضري لابن عمتك الاكل الذي يريده فستدخلين عاجلا ام آجلا ....سلام

ردت مبتسمة :
سلام يا ابن عمتي احذر المطر هههه

قال وهو يضع جاكيته فوق راسه :
- في فرنسا تسقط يوميا تقريبا فلا تشغلي نفسك بي ...

بقيت واقفة في مكانها وجلست القرفصاء تملس يدها على فروة الكلب الذي تجاوب معها
وشعر بالدفئ في قلب هته المخلوقة قربه
بقيت لانها تعشق البقاء في مثل هذا الجو خارجا فليست ممن يختفون تحت الاغطية في يوم ممطر
وقفت واقتربت من الشجرة حيث اتكأت وضلت سارحة
تفكر في شخص واحد فقط زوجها
تحاول ان تتخيل كيف ستكون حياتها معه تشعر ما ان تتذكر طيفه بالدفئ يحتويها وكانه موجود وتعيش الحلم وكانه حقيقة
وعطره الذي استوطن صدرها وكل عروقها بوجع يابى ان يهجرها
حبها له يتطور كل يوم يصبح عميقا جدا
وتتمنى فقط متى تكون معه تحت سقف واحد

سمعت قربها شخصا يتكلم:
- انسة هند؟

انتفضت اولا لانها لاتذكر انه لمن الممكن في ممتلكاتهم الخاصة ان يزعجها احد
لكنها رمقت الرجل بفضول تقول:
- سيد...

قال هود بهدوء:
- هود من فضلك ناديني هكذا دون رسميات فلست سيدا بالفعل

شعرت هند ببعض التوجس منه فذلك التشوه الطفيف قرب جبهته ما كان يترك لها احساسا بالامان
لكن عيونه وتلك النظرة هي فقط من طمئنتها فلم تكن تحمل اية نوايا سيئة تنهدة بخفوت وقالت تساله:
- هل اتيت الى هنا لرؤية والدي؟ ستجده في مكتبه كما تعرف ...

قال هود يسعل ليوضح نبرته وقد ابعد نظرته عنها:
- آسف لكني اتيت اليك انت واريد ان تستمعي الي واتمنى ان تصدقي كلامي لان ما ساقوله سيريح ضميري من عذاب طال لسنوات عدة

احست هند ببعض الحذر مما قد يقوله بل ونظرت حولها فلم تجد اي احد التفتت اليه وسالته وقد اثارها الفضول:
- ما الامر ..هود هل الامر يخصني بالتحديد؟

قال هود يحرك راسه بالايجاب:
اجل يخصك انت انستي

قالت هند تصحح الخطأ:
- انا الان سيدة فلقد تزوجت منذ فترة قصيرة ...هلا اخبرتني بما تريد قوله فعلي العودة الى البيت فقد يبدأون في السؤال عني

قال هود يتنفس بعمق:
- ارجوك قبل اي شيء اتمنى ان تحاولي ان تتماسكي لان الكلام هذا ليس بالهين وهو متعلق بحياتك ككل ....انت يا سيدتي لست ابنت السي محمد بالدم... اعني انك ابنته فقط بالاسم فقد رباك منذ الصغر

صرخت راعدة تقول :
- يا هذا.. من انت حتى تفتري بمثل هذا الكلام عن والداي انا ابنتهما... فعلا ...لابد من ان معلوماتك خاطئة

قال هود يدري انها ستنفعل كثيرا بعد:
- اسف لكن ليس ان كنت انا من اخدك اليه بنفسي وانت ابنة الثالثة اعوام طبعا لن تتذكري انهما فقط ربياك لان زوجة السي محمد رشيدة لا تستطيع الانجاب الم تسالي نفسك يوما عن الاختلاف في لون العيون والشعر او عن سبب عدم انجابها اختا لك ...ولديك عائلة انهم فقراء واختك الشبيهة بك تكون زوجتي حاليا انها الان تعلم بوجودك

اقتربت منه تشده من ملابسه وعيونها جاحضة من الالم :
- انت تكذب ..تكذب ...ايها النذل مخادع الى ..ماذا تسعى الى المال ...

اخدت في ضربه تنفس بذلك عن الالم الذي سببه كلامه لكنه تبت يديها بعيدا عنه يدفعها الى الوراء:
- ارجوك يا هند اتمنى ان تستمعي الي فالقصة طويلة ولاتحتمل كل
هذا ....

قالت تهدده والالم ضغط عليها بفعل سيء:
- ان لم تسكت الان فساطلق عليك كلبي لينهشك اتسمع

نظر اليها هود حذرا يريد ان يهدئ الامر بعناد:
- اذا لم تصدقي كلامي فعليك بسؤال والدك وسيخبرك وانا اذا ما اردت ان تري اختك فما عليك سوى زيارة بيتي انه على حدود ارض الاخوة "...."الذين يتصارعون عليها في الارث اسالي عني وستجدينني...السلام عليكم

بقيت هند مصروعة تماما في مكانها والكلب قربها يلهث
ارادت الصراخ ارادت ان تعرف الحقيقة لدى اسرعت في الجري والكلب يجري معها حتى وصلت الى الفيلا

وفي تلك اللحظة اقتربت من باب الفيلا تطرقه بقوة حتى انفتح من قبل صفية
دخلت هند الى المكتب بسرعة لتفتحه بقوة:
- ابي ...ابي هل صحيح انك لست ابي ...هل ذلك صحيح اخبرني ...انت لست ابي لست من ولدني امي ليست امي ...اخبرني

صدم السي محمد من رؤية ابنتها التي كانت تتكلم وكل اعصابها ترجف بقوة شعرت بان بركان فيها يغلي لينفجر مراة ومراة يؤلمها هذا الذي سمعته يؤلمها ويقتلها بشدة
لم يستطع سي محمد ان يقول شيء فقد كان متاكدا من ان في يوم من الايام هود سيفضح امره لدى لم يدافع عن نفسه

دخل الى الغرفة ايوب الذي سمع صراخها بل وسمع كل شيء
قالت هند لوالدها بقسوة:
- تكلم اخبرني الان انك والدي انك لم تربيني فقط اخبرني ارجوك ...ارجـ..و.ك
انتحبت تصرخ وتبكي وتفجر ما في داخلها بعنف بالضرب على كل ما راته امامها

نهض الاب من مكانه ولم يستطع ان يقترب من ابنته التي سقطت على الارض تبكي وتتلوى

قال ايوب يحاول امساكها مناديا بصوت مرتفع:
- صفية....صفية....

وهند لاتزال في وضع الركوع تنتحب بقوة حالتها تسوء وتسوء والاب في مكانه جامد نبضه يتعالى يصم اذنيه مع صراخها المتقطع فهو لم يجبها لكن ما ان رات نظرته المغلوب في امرها حتى تيقنت انه فعلا ليس بوالد لها ولا الام المغبونة في حالها بام لها

حضرت صفية ومدت الكاس المملوء بالماء مع المهدئ الذي كان قد وصفه الطبيب النفسي لهند منذ وقت واعطاه لها

قال ايوب ينظر الى خاله وقد انابته من الصدمة جانب ايضا فالوضع واضح الفتاة ليست بابنتهما ولم يدر احد بالامر:
- خالي هل ....هل فعلا ما سمعته صحيح

اومئ الخال المكلوم بالايجاب
كانت هند بين ذراعي ايوب ترتعش بقوة فقد حذرهم الطبيب من قبل من ان يِأذوها باي كلام جارح
فبالرغم من قوة شخصيتها الا انها لن تتحمل الصدمات

كانت صفية تنظر الى المنظر المرعب بحيث الفتاة المسكينة اصبحت غائبة عن الوعي تماما حملها ايوب وهو يقول وقد بدت اثار الصدمة على وجهه لكنه اقتصر على الاحتفاظ برزانته:
- صفية ارجوك تعالي معي ساضعها في الغرفة وانت تولي امرها

قال صفية:
- اجل انا معك

كانت صفية تشكر الله لان ام هند كانت قد خرجت بعد خروج الاتنين الى النزهة لترى احدى جاراتها التي مرضت وذهبت لتعودها
وبعد ان وضع ايوب هند على سريرها خرج مغلقا الباب وتركها
مع صفية التي غيرت لها ملابسها المبللة والبستها ثياب النوم وقد بدأت تفتح هند عيونها لكنها ما كانت لديها القدرة على الصراخ او البكاء بل كانت مسترخية تماما تصغي الى كلام صفية:
- آسفة سيدتي على ما حدث لم اعلم انك ستدرين بسرعة هكذا...لكن لتعلمي فقط ان من رباك قد احبك سيدتي والله احبك... هو ووالدتك السيدة رشيدة كوني واثقة.... ارجوك سيدتي تغلبي عن هته القرحة وسامحيهما فهما لن يحتملا مثل هذا التعامل ارجوك صغيرتي


عند نزول ايوب الى الاسفل وجد السي محمد واضعا وجهه بين ذراعيه متعبا من ما حصل للتو
دخل يقفل وراءه الباب وهو يقول:
- خالي الان هلا تفضلت بشرح شيء لي قد لا تستطيع الكلام مع ابنتك ان لم ارطب الجو ...فارجوك ان تشرح لي ما الذي حصل بالتدقيق

قال الخال يرفع راسه سابحا في غمامة من الاسى والحزن:
- ساشرح لك كل شيء لكن ارجوك ساعدني لكي لا اخسر بنيتي يا ايوب



*****************




في الطريق بين منزل جميلة ومنزل الياسمين



كانت كل منهما ترتدي جلبابا في الاسود وحجابا في نفس اللون تضهر جميلة رقيقة صافية بريئة والياسمين تضهر جميلة واثقة من نضرتها السوداء القوية

كانت الياسمين قد اعدت لها بعض اللحم بمرقه اللذيذ بالبصل وايضا بعض الرغيف الذي اذابت عليه الزبدة واشياء اخرى من صنع ايديها الجميلة ووضعت الكل في السلة التي تحملها في يدها

قالت الياسمين وهما تقتربان من بيت جميلة الفارغ:
- حاولي الاسترخاء ما امكنك جميلة وان ترتاحي ولا تحاولي تكدير زوجك بل اكسبيه خذيها مني نصيحة ستشعرين بالوحدة ان انت عانقت العناد بدل زوجك لاتحرميه منك فانت والجنين في بطنك تحتاجان لدفئ الاب ..فهمتني جميلة

حركت جميلة راسها المطأطأ الى الارض رفعت عيونها وهي تصعد الدرجات الى البيت وشعرت بالحنين والدفئ يخترقها ليترسى بين جوانحها المتعبة والمنقهرة

قالت تفتح البيت بالمفتاح الذي كان موضوعا تحت شتلة قرب الباب
وفتحته ولاتدري انها اشتاقت لرائحة الحطب في المدفئة الصغيرة والى رائحته الرجولية التي تملأ البيت عبقا تروي روحها المستنزفة

استدارت الى الياسمين التي ابتسمت لها :
- اشكرك كثيرا على كل ما فعلته من اجلي ادري انني انانية في بعض الاحيان لكنك محقة اشتقت له اكثر من شوقي للهواء في هته الغرفة
احبه وكل روحي تتألم لما فعله
لكني يجب ان احاول ان اتفهمه فلن ينفعني البكاء على الاطلال هو ايضا يستحق فرصة فهو يبدو انه يحاول اصلاح الوضع ...ساحاول ان اتناسى ما فعله يا ياسمين

ضمتها صديقتها وانصرفت خارجة توصيها:
- الزمي الحذر لن اطلب منك عدم العمل في بيتك لكن مهما كانت الاشياء ثقيلة لاتحاولي ان تحمليها

- لاتخافي علي... ساشتاق لك

قالت ياسمين تمازحها:
- ههه لا يسهل التخلص مني عزيزتي ساتي اليك في ظرف يومين لاطمئن عليك واحمل لك من الطعام هناك وما ستحتاجينه من خضار وفواكه واشياء ضرورية لك ايضا

قالت جميلة تبتسم:
- ارجوك لا تدلليني اكثر فقد يلبسني الغرور واعتمد عليك في كل شيء

قالت الياسمين تضغط على يديها :
- وهل لدي اكثر من جميلة

قالت جميلة مترددة:
- تدرين يا ياسمين... ان امي بقيت وحيدة هناك مع ابي ادري ان ضعفها فقط ما يمنعها من البحث عني لكن اذا ما صادف ورايتها اخبريها انني احبها واخبريها كل شيء عني من دون ان يراك ابي

شعرت الياسمين بالقهر لان تلك المرأة المسكينة مقهورة من زوجها المخادع:
- لا تشغلي بالك سالقاها واخبرها ان شاء الله

راقبت جميلة الياسمين وهي تنزل الدرج وقد لوحت لها بيدها فلوحت لها هي بالمثل ودلفت الى الداخل تقفل الباب وراءها
وتتكأ عليه متنهدة دخلت الى الداخل ونظرت الى القدر النضيف والى الشراشف المطوية انه هود تعرف انه تعود على النظام حتى ولو لوحده تنهدت وذكرياتها الجميلة معه تشلها بل وتخذرها بنشوة
تريد قربه هذا ما تريده ان هو ثاب عن خطأه فالله تواب يغفر الذنوب لما لاتغفر له وهي من تموت في عشقه وهواه
اقتربت من الخزانة الصغيرة في الجهة الاخرى من مكان نومهما وجذبت
ثوبا يصل الى الركب في اللون الاسود بانكماشات عند الصدر
عاري الكتفين تميل حمالاته الى اسفل كتفيها ملابس كهته تاتي من المدينة كثيرا
لدى فضلت ان ترتديه بما ان الحر كثيف حاليا فالمطر قد خف منذ وقت
اخذت مرآتها عكست لها وجها بيضويا دو بشرة ناعمة وعيون خضراء زاهية
وضعت مواد التجميل
وعززت رموشها بكحل لطيف وزينت ثغرها برقة باللون الاحمر الخفيف اللامع
و اكملت ببعض البودرة التي اخفت شحوب وجنتيها
امسكت المشط الذي ساعدها في فرد شعرها الناعم الاشقر حول سحنة وجهها
وبدى التناقض راقيا بين السواد على جسدها الرشيق الجميل
وشعرها المسترسل وراءها
اللألم من الداخل موجود لكنهم لم يخطؤوا في قول ان من يحب يسامح بسهولة وهي بدموعها وحزنها اكتفت من البعاد

وجدت نفسها تنتعل خفها العالي الرقيق وانحنت تشعل النار في المدفئة لكي تضع الاكل فيها ليسخن

وبعد ان وضبت المائدة جلست تنتظره عسى ان ياتي في الوقت المناسب قبل ان يبرد الاكل لكنها تدري ان الأكل في الصيف لايبرد بسهولة




****************



في بيت السي محمد



بعد ان علم ايوب بكامل القصة قرر فعلا ان تكون له يد ايجابية في الامر
فهو يعز زوجة خاله وخاله ايضا
ولايرضى ان يتألما في هذا الوقت بالذات وزواج ابنتهما على الابواب

بعد عودة رشيدة شعرت بالاجواء في ساعة الغذاء غريبة بعض الشيء فسالت زوجها الذي يجلس على المائدة وبقربه ايوب الساهم في افكاره:
- محمد اين هند لما ليست معنا على المائدة ؟

قال السي محمد وهو ينظر الى ايوب:
- انها في غرفتها متعبة على ما يبدو تعاني من صداع اخدت عليه مهدئا واظنها نائمة

قالت رشيدة تسال ونفس الاحساس الغريب يغمرها:
- ولكن لما انتما صامتان ايوب هل ضيافتنا لاترضيك عزيزي

قال ايوب يكاد يقفز من مكانه:
- لا سيدتي الحمد لله اكثر من هذا ما كنت لاجده في اي بيت آخر....تدرين انني سادفع لجامعة بفرنسا لدراسة الطب ...انا فعلا متحمس لذلك العمل

قالت رشيدة مبتسمة:
- الحمد لله بني جيد ان يكون في عائلتنا رجل وطبيب ايضا ارفع رؤوسنا عاليا بني

وعم الصمت من جديد فقالت رشيدة وقد فقدت الشهية فجأة فابنتها هي من تمنحها الفرح والسعادة:
- الحمد لله انتهيت ساصعد لارتاح
وانادي صفية اذا انتهيتما ان توضب المائدة هل تريدان بعض الشاي؟؟

اجابا بنعم ولاحظا انصرافها في بيجامتها المفضفضة الزرقاء
قال سي محمد وملامحه مشدودة من الحسرة:
- يا ربي رحمتك والله ان علمت بما حصل لسوف اشعر بالذنب ...تدري انني متأكد من الشخص الذي اوصل الخبر
واتمنى ان انزل به عقابا يندم على اثره مدى الحياة ان هو كواني في فلدة كبدي فساحرق قلبه



عندما صعدت رشيدة الى الاعلى قررت ان تمر بغرفة ابنتها
التي طرقتها ودخلت نظرت الى ابنتها التي اوجعت قلبها في تلك اللحظة
فقد بدى عليها ارهاق غريب وهي فاتحة عيونها على النافذة من الجهة الاخرى
قالت تغلق الباب :
- السلام عليكم ابنتي... صغيرتي كيف حالك الان ؟

اقتربت منها لتجلس قريبة من راسها:
- عزيزتي يا ماما اخبريني هل اصبحت افضل حالا؟

استدارت هند اليها تنظر اليها بقسوة لاتعكس نفس الاحساس المألم في دواخلها بل تغلف ملامحها فقط بذلك لانها ردة فعل طبيعية فهي لاتزال غير مصدقة
ان يفيق الانسان على حقيقة ان والديه ليسا والديه امر مارق مؤلم ومحزن
بل يكاد المرأ يريد عدم تصديقه وانه كان يحلم فحسب
وهو من يكن لهما كامل الحب والاحترام
قالت هند بعد نظرها:
- امي انت امي اليس كذلك؟؟

شعرت رشيدة بنوبة رعب تقلب معدتها :
- لما هذا السؤال غاليتي؟ طبعا الست من سهرت عليك الليالي يا حبيبتي

انحنت لتقبلها لكن هند انتفضت مبتعدة وهي تهم بالبكاء:
- لاتكذبي ماما انت لم تلديني ...انت اخفيت عني انك لست امي ....لما ماما لما بالذات انت وهو ....ان احببتموني كما قلتما لما فضلتما احتكاري لكما فقط الا املك والدين... اليس لدي اصل لتحرماني منه....لا اصدق ...لا اصدق ساجن ساجن ...ساجن...

ذعرت رشيدة وهي تسمع صراخ ابنتها التي حطمت عالما كانت تعيش في دفئه رشيدة منذ زمن الان باتت تعرف حقيقة انها لم تلدها كما لو انها لم تكن تدري الحقيقة من قبل لقد احتفضت بالسر بينها وبين زوجها لما انفضح وكيف؟؟؟
اقتربت رشيدة والسكاكين تطعن في صدرها من كلام ابنتها الجارح :
- ارجوك صغيرتي.... انا امك انا التي ربتك... كيف تقولين كلاما جارحا لامك التي احتضنتك من البرد هكذا كيف تقولين ذلك؟؟

صرخت هند والهالات تحيط عيونها وهي تقفز من السرير الى الارض:
- اخرجي من غرفتي ...اخرجي انا لا...اريد...رؤيتك.. لا انت ولا هو ....انتما كذبتما علي...انتما... انتما ....اه...

انهارت تبكي وتصرخ فهرعت اليها امها تحاول ان توقف ارتجافها المجنون وهي تضرب وتتركل بعنف بين ذراعيها
صعد في تلك اللحظة كل من ايوب الذي وصل بخفة اولا وحاول ابعاد رشيدة التي ذرفت الدموع على حال ابنتها
وقال لخاله الذي ذخل واتار الالم تعصف بملامحه:
- خالي خدها من هنا فعمتي لا تتحمل هذا ارجوك

اخذ سي محمد زوجته الى غرفتهما وقد بدت هي الاخرى منهارة ومحطمة
اما ايوب فقد اخد الماء واعطى لهند حبة من الدواء الخاص بها وقد اتت صفية التي غطت لها شعرها المبعثر
ورفعها ايوب للسرير وهي تهدي بكلام غير مفهوم لكنها كانت واعية لما تقوله:

- ايوب ...ايوب...ارجوك ...نا نادي عبد الصمد ...اريد ان ياتي زوجي الي ...فلم يعد..لي شخص في هته ...الدنيا... ارجوك..ارجوك

قال ايوب يانبها برقة:
- لا يا هند لديك نحن فنحن نعزك.... ساناديه فقط ارتاحي



خرج ايوب
بعد ان اوصى صفية الا تتحرك من مكانها قرب هند التي استرخت كليا تحت تاثير الدواء
ونز الى الاسفل بحيث امسك الهاتف وبحث في المذكرة ليجد رقم القصر المنصوري

بعد ان وضع السماعة في اذنه انتظر بضع لحظات الى ان اجاب احدهم وقد كان سليمان الذي كان سيخرج في تلك الساعة:

- السلام عليكم هذا قصر المنصور اليس كذلك؟

قال سليمان :
-وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته اجل من المتكلم من فضلك ؟

قال ايوب بصوته الجدي:
- هذا انا ايوب اتصل من بيت السي محمد

قال سليمان يضحك :
- اهلا اهلا كيف الاحوال بني وكيف احوال من في المنزل عندكم

اجاب ايوب بثقة:
- الحمد لله بخير كنت اريد ان اكلم عبد الصمد عمي لكي اساله عن حصان اعجبني في الاصطبل هل هو موجود الان؟

قال سليمان:
- اجل يابني ساناديه


بعد ان نادى سليمان ابنه واخبره بمن يسال عنه
شعر عبد الصمد ببعض الغرابة لما سيتصل به الرجل ذاك الم يسافر؟؟؟:

- السلام عليكم عبد الصمد معك

قال ايوب يختصر الكلام:
- انا ايوب عبد الصمد انا في فيلا خالي هنا بمزرعته ..هند ..منهارة اخي عليك ان تاتي فورا فحالتها تسوء كثيرا لو لم اكن اعلم انك ستستطيع شيء لما اتصلت بك

قال عبد الصمد وهو في يشعر كما لو ان قلبه ينتزع منه:
- لكن كيف ..هل حدث..هل حدث معها شيء اخبرني ارجوك

قال ايوب يطمئنه:
- لا شيء سيء اخي مشكلة حصلت هنا وفي الحقيقة نفسيتها لم تتحمل فالافضل ان تاتي بسرعة فهي تطلبك

قال عبد الصمد وعقله مع من تتربع في قلبه والتي هي منبع الحب الجارف الذي يكتسحه:
- اخي ساتي حالا... لن اتاخر.. السلام عليكم






*******************




في منزل هود




بعد ان انتظرته بكل الاشواق وكم كانت متلهفة لرؤيته لم تستطع مقاومة التعب والملل وهي تنتظر هنا وحيدة حتى انها استسلمت لقرار النوم
وقامت بوضع صحون اخرى على الاطباق لتقوم بحفظها
نزلت جاثية على الزربية الدافئة ونامت على جانبها الايسر رغم ان ياسمين نصحتها بالنوم على ظهرها من اجل الجنين
غير انها وجدت ان لاراحة لها في النوم غير في الجهة اليسرى
نظرت الى مكان نوم هود قربها
حتى انها انتزعت المخدة التي تتحمل ثقله لتضمها اليها وتستنشق عطره الرجولي الذي يتغلغل في اعماقها والذي يترسخ مع كل ذكرى مرت في ذاكرتها
لحظات حميمة ادفئة قلبها ارضته واذابتها حتى الثمالة
ارادت لابنها او ابنتها ان يعرف انه والده وان قلبها له مهما حصل
استسلمت للنوم لفترة لم تدري مهيتها



بعد ان اخبر الفتاة كل شيء او نصف القصة فقط
قرر ان يتمشى طويلا رافعا قامته على الارض يضرب الحجارة الصغيرة في كل الجوانب من سهوه
كم شاق عليه نزع تلك الجميلة التي اغتصبت احلامه في هته الليالي الطوال التي عذبته فيها بجمالها واريجها الاخاد
تنزرع في كل خلية من جسده تجعل النار تغلي غليانا في عروقه
انها المرأة الوحيدة في حياته كيف له ان ينساها وهي من ذاق معها الذ اللحظات في الحب
يخزنها في خياله ويتعذب والوجع في صدره يزداد في كل مرة يتخيلها معه يشتاق اليها هي امراته الوحيدة التي اذابته
كانت قاسية فعلا لكنه لايلومها بل يلوم نفسه

اقترب من الباب ولايدري لما احس ان البيت دافئ اكثر عن غير عادة
فتحه بالمفتاح الخاص به
واربكه ما راى معجزة صغيرة تتقوقع بدلال على فراش حبه
اقفل الباب بهدوء عكس النار التي اصعرت في جوفه عكس تنفسه الذي التهب بعبق عطرها الخفيف في الغرفة
لقد عادت ايعقل؟؟
ام انه اصبح كالغريق في الصحراء
العطش ليروي ضمئه حتى بات يرى السراب
يحتاج ليتاكد
اقترب منها
يا الهي كم هي كاملة الفتنة تلعب بعروقي كاوتار قيتارة الحانها موجعة مرة
لكنها بدت حلوة شهية في مظهرها
دنى منها ولمس كتفها انها موجودة ولاشيء سيغير هذا الواقع فلايريد ان يتاكد من انها سراب بل يريدها هكذا حية انفاسها على المخدة الخاصة به تنفخ بعذوبة مصفات...
خرجت تنهيدة من فمها وحاولت ان تستدير لكنها فتحت عيونها ونظرت اليه يعلوها بعيون مشتاقة بجوع قالت:
- هود...
وضع اصبعا على فمها وضم نفسه اليها في عنقها الرقيق لتبتسم هي وتضم راسه برقة بين يديها
وهما هكذا يشعران كما لو ان الروح التي ابتعدت عن الجسد عادت ترتبط به بوجعها وضمأها وشوقها المرهف





*****************




منزل السي محمد




وصل عبد الصمد على وجه السرعة بحصانه الذي انتهى بالنزول بلباسه المتكون من جينز ازرق انيق وقميص ابيض تحت حزام اسود
ربط حصانه بشجرة قرب الفيلا ودخل اليها يرن الجرس

فتح ايوب الذي ادخله مرحب:
- السلام عليكم كيف الحال سيد عبد الصمد بخير

قال عبد الصمد وقد بدى عليه انه متلهف لرؤية صغيرته :
- وعليكم السلام بخير اشكرك اين زوجتي؟

قال ايوب يسبقه :
- ساقودك اليها لكن اولا عليك ان تعرف ما جرى فانت الان واحد من هته العائلة ولانستطيع ان نخفي عنك الامر

عندما انتهى ايوب من سرد كل ما حدث واخبره كل شيء بالتفصيل اتفق هو وعبد الصمد ان يحاولا اقناعها بان ما تفعله ليس لافي صالحها ولا في صالح عائلتها

شعر عبد الصمد بداخله ينهار مع رؤيته لها في ذلك الوضع المزري كانت غير واعية تماما على ما حولها فقد كانت تفضل ان تبقي نفسها نائمة على الاستيقاض
كانت صفية قربها تمشط لها شعرها وعندما شعرت بهما قادمين غطت لها شعرها بحجابها
فهمس ايوب من وراء ظهر عبد الصمد العريض ان تاتي صفية ليبقى زوج هند معها
دخل عبد الصمد الى الداخل واقترب منها بحيث صعد الى السرير بجسده الضخم وانحنى على هند ينظر الى ملامحها البريئة الحزينة
كم كانت توجعه وتوصله الى الفناء بوضعها هذا
لم يفكر ولا في احلامه ان سرا كبيرا في حياتها كهذا سيؤثر عليها بهته السهولة هي العنيدة دوما

ناداها بصوت خشن اجش ويظهر فيه اهتمامه بحالتها
- هند….هيا هند استقظي عصفورتي.. ليس جيدا لك ان تبقي هكذا …

شعرت بوجوده فعلا ولكنها ابت ان تفتح عيونها بل اقتربت من كتفه
ودفنت نفسها فيه تبكي المها وحسرتها وترتعد بين يديه كما لو كانت ترتجف بردا
لم يهن عليه ابدا رؤيتها في هذا الوضع بل ضمها وهدهدها:
- هيا هند كفاك بكاء عزيزتي …وانا من كنت اضن انك قوية لايهزك امر …تدرين لست اول فتاة تتربى في كنف اسرة دافئة مثل اسرتك …اعلمي انهما والداك وواجب ان تحترميهما فقد ربياك لاتفقدي احترامك
لنفسك ….

قالت تشهق بعنف:
…انت تقول ذلك ….لكن …لكن لو تشعر فقط بما فففي ذاخلي... لعذرتني ….هما والداي لكني لا استطيع ان اشعر بغير هذا لقد آلمني ان …ان يخدعانني ….فقط ليحصلا على ابنة…..لما يا عبدو لما
انا بالذات ؟؟
لما افسدوا فرحتي هكذا...تدري …انا لدي اخت….انا من ضننت انني وحيدة …للللدي اخت …اه اه لو تشعر …بي...لو تشعر....

بقي عبد الصمد صامتا وملامحه الجميلة الوسيمة جامدة لاتعكس الالم الذي يوجعه في رؤيتها حزينة هكذا

قالت هند ترفع عيونها الحمراء اليه:
- عبدو …

قال يمرر اصابعه على شعرها الاشقر:
- ماذا؟أأمري صغيرتي

قالت بتوتر ضاهر:
- اريد ان تاخدني من هنا حالا فانا ضقت درعا بهذا المكان فالالم كثـــــــــيرا علي كثـــــــــير

اصبح الان عبد الصمد مندهشا من كلامها:
- لايجوز يا سيدتي …

قاطعته:
- بل يجوز وان رفضت فانساني افضل

انبثرت من ذراعيه تخرج من السرير تقترب من الشرفة التي اتكات عليها بثقلها

لم تدري كم جرحته بتلك الكلمة ان ينساها هو امر من سابع المستحيلات فهو يذوب حبا بها لكن تريد فقط ان تشعره بالهزيمة
نهض بخفة واقترب منها ينظر الى شعرها الذي انتهى بوضع دقنه عليه وضمها اليه يشعرها بالدفئ التي احتاجت له ليزيح عنها هذا الكم الهائل من الالم

قال بهدوء وشجن:
- هل هكذا تعاملين زوجك المحب الست فضة مثلا؟؟... حياتي هذا الكلام لايقال…لا استطيع اخدك الان حفاظا على صمعتك وصمعتي لانريد ان يظن بنا الناس الضنون وإلا ما رايك غاليتي؟

التفتت تضم نفسها اليه :
- خدني ارجوك لااستطيع البقاء هنا اكـــــــــــثر

قال يانبها:
- علينا اقامة العرس هند لو تعلق الامر بي لاخدتك الان فشوقي لك كبير وحبي اعظم لكن لااستطيع سوى ان اخدك باشهار وحفل نعزم فيه معارفنا ….انظري الي هيا...هل ترضين لحبيبك ان تمس صمعته بكلمة سيئة

حركت راسها نفيا :
- لا …سامنحك اسبوعا فقط عبدو اقسم فقط من اجلك حبيبي فقط لك وحدك وتكلف انت بتحضير العرس او….

قال عبد الصمد :
- ساكلف امي بذلك واحكي الضروف التي نمر منها ومتاكد من انها ستتفهمك….تبدين شهية هكذا من اين لك هذا الجمال كله

ارتفع تدرج الاحمر الى خدودها وقالت تبتسم بالكاد:
- لا...اعرف ابدو مريعة اعرف ذلك فقد بكيت كثيرا

قال يقبل جبينها ويبتعد:
- بل انت فاتنتي ...علي ان اذهب الان ساعود وسازورك هذا الاسبوع متى اردت ذلك حسنا

اومئت له ونظرت اليه يخرج وكم تمنت بقاءه لينسيها واقعها المر
اكتشفت انها كانت فضة فعلا مع والديها اللذان ربياها على الاقل عليها احترامهما فهي لاتنكر انها تحبهما كثيرا لكن افكارها حاليا مشتتة عادت الى السرير وهي تسال في نفسها اسالة كثيرة
عن من يكون والديها الحقيقيان ؟؟
وهل تشبهها اختها؟؟
وهل بعد كل هذا سيضل عبد الصمد راضيا بها ان كان اصلها من عائلة فقيرة مثلا ؟؟
اسالتها آلمتها ومسحت دموعها تحاول ان تنفض عنها هذا الجنون الاهبل





****************



في القصر
بساعة العشاء


بمجلس النساء



كانت فاطمة لاتزال في المطبخ تتاكد من وصول الطعام الى غرفة جلوس الرجال
بينما كل من مليكة وابنتها عبير قد جلستا في انتظارها على المائدة
قالت مليكة لعبير:
- صغيرتي هل تعرفين شيء عن ثريا وعثمان ..؟؟

كانت عبير تعض ضفر ابهامها وساقها تهتز من فرط قلقها
فنادتها امها تسال:
- عبير اتسمعينني؟

انفتفضت عبير تنظر الى امها بشرود:
- اه امي هل قلت شيء ما؟

قالت مليكة تضع يدا فوق الاخرى:
- يا بنيتي هل انت مريضة ؟؟لقد سالتك عن اختك

قالت عبير تجيب امها محرجة:
- اضنها مع زوجها في افران اتصلي بها بعد العشاء امي قد تخبرك بكل شيء لكن امي اليس من المفترض انهما زوجان فلما نسال عنهما ؟

قطبت مليكة :
- عبير ما بك يا ابنتي انها اختك وزوجها يكون ابن اخي يا عزيزتي لاتبدين بخير

قالت عبير لامها:
- في الحقيقة انا متعبة امي فلقد انتهيت متاخرة من توضيب الجناح واشعر بانني منهكة حتى انني أسفة اشعر بالنعاس ساصعد لجناحي لن اتنوال الطعام هته الليلة


دخلت فاطمة على جملتها فقالت:
- كيف لا عزيزتي عليك ان تاكلي فعليك اكتساب بعض الوزن هذا ضروري

اعتلى عبير خجل رهيب وقالت تبرر:
- لا امي ادري انه يجب علي ان آكل لكني لست نحيفة وايضا انا فقط متعبة وساستغني على الاكل هذا اليوم

قالت فاطمة تجلس تسكب الحليب الساخن لنفسها والشاي لمليكة
- حسنا عزيزتي لن افرض عليك شيء لا تريدينه

نهضت عبير من مكانها واقتربت من مليكة فقبلت راسها وكذلك قبلت راس حماتها
- تصبحان على خير

ردتا وانت من اهله
كانت افكارها متضاربة
لاتنكر انها مفجوعة لحد البكاء مما سمعته وراته اليوم بالذات
ولاتزال ذكراه وهو يسالها تعذبها هل فعلا مهتم هو بامرها
ام انه يدعي ذلك فقط
في كل هذا التشويش
خرجت من المجلس لتفاجئ بنفسها امامه
نظرت اليه بعمق بدى متعبا لكن نشاط عيونه الملتهبة ما اخافها
هته النظرة تعني شيء واحد انه يريدها

ابتعدت عنه لكنه اوقفها وامسك يدها يقربها اكثر رغم انها تريد ان تبتعد عنه قالت:
- سعيد اتركني لايجوز ما تفعله...قد يرانا احدهم

قال وكل كيانه يصرخ وجعا ملتهبا:
- لاتقومي باستهبالك ذاك ...الم تتعشي ؟

قالت تريد تحرير يدها لكنها بدت كانها انتمت اليه وخانتها:
- لا ليس لدي شهية للاكل اذهب وتعشى انت مع الرجال

رفع يدها اليه وطبع في راحة يدها قبلة دافئة وهمس عليها كلمة حب ارعشت اوتارها كلها اخدت يدها التي بقبلته التهبت كليا وبعثت اللهب في كامل جسدها
ابتعدت عنه وفقط ما ان تمر ذكرى سميرة تلك حتى يعود الدمع حارا على وجنتيها


في جناحها الذي بدى في قمة النضافة
فقد افرغت كل حزنها في توضيبه
ونفض الغبار عنه واعادة ترتيب الملابس في الخزانة وبالخصوص ملابسه كم بكت وهي تتجرع مرارة الكلام الذي سمعته في الصباح كم شعرت بالبؤس

توضئت وخرجت من الحمام اكرمكم الله للصلاة وبعد انتهائها اكملت بقراءة بعض الايات من القران الكريم
بعد انتهائها نهضت ترتب لوازم الصلاة في مكانها واخدت ملابس النوم التي حضرتها وارتدت غلالتها السماوية التي ولاول مرة ترتديها فوق الركب ليس بكثير
عارية الظهرالى المنتصف قررت ان تسدل ستائر السرير الزرقاء وتعلمه من مكانها انها لاتود ان يبقى قربها هته الليلة
رغم ان هته الرغبة هي آخر ما تريده فلقد تعودت على النوم فوق صدره اقوي المليئ بالشعر تعودت انيكون هو المسيطر دائما
تنهدت باسى واندست تحت الشرشف الابيض

لوهلة تذكرت اذا ما كان يرضي جده فقط
لما يعاملها معاملة مليئة بالحب لما لايكون باردا معها
في تلك اللحظات تتفتح ابواب السماوات وتشع بنور اخاد لكن ما ان تعود كلمة من الكلمات الاخرى التي نطقت بها تلك الافعى حتى تصبح مرمية في عالم مظلم حالك

سمعت باب الجناح يقفل وخطوات زوجها على ارضه تسمع
وبدأ قلبها بالنبض كما لو انه يحاول الركوض الى مكان بعيد
عنه
ان يبتعد لانه يعرف انها ضعيفة تحت رحمة لمسة واحدة منه بل فقط همسة تحملها فوق سحابات العشق



نظر سعيد الى السرير ولاحظ انها عن غير عادة لها قد اسدلت كل الستائر حتى من جهته ونامت وهي توليه ظهرها
امر اشعره انها ولابد نافرة منه لكن ليس هو من سيتركها تفلت بفعلتها بسهولة
اقترب وقد ازال قميصه وحذاءه وازاح ستارة من جانب المكان الذي ينام فيه
فالتفتت اليه تقول بثقة وقسوة رغم ضعفها لمظهره امامها:
- سعيد من فضلك ...لا اشعر باني بخير هلا تركتني هته الليلة وحدي اعني اريد منك الذهاب الى الجهة الاخرى

تغضن جبين سعيد فوق وجهه الاسمر الخشن:
- وانا لا ارتاح هناك وسانام في مكاني لا اضن ان في هته الدنيا امراة عاقلة تشعر بتوعك ان تطرد زوجها من السرير ام انا مخطئ

جلس في مكانه تحت نظراتها التي ارادت اختراق وججه واكتشاف ما يخفيه
وللفكرة شعرت انه ولابد وهو معها يخونها في افكاره انه ليس بالزوج الصالح الذي لن يكذب
الم يخبرها انه كان رجلا منفلتا من قبل

ازال ساعته لكنه بقي بجينز العمل شيء ما يدفعه لاستفزازها ومعرفة ما بها:
- سعيد من فضلك انهض عن سريري لن تنام وانت ب...بهذا الشكل ...بملابس العمل

قال مبتسما ببرود:
- مارايك انني لن انهض الا اذا اخبرتني حضرتك ما الدافع الذي يجعلك حانقة علي ...لاتجبريني حلوتي على معرفة ذلك بالقوة

نهضت تجلس على ركبها :
- اتدري انك وحش اناني يا سعيد ما حلمت يوما انني ساقول مثل هذا الكلام عنك...لقد...لقد التقيت فتاتك القديمة سميرة

صعق سعيد لما قالته والان بدا يستوعب:
- سميرة ...

قالت عبير والارتجاف عاودها:
- تلك ..المراة يا سعيد.. اخبرتني باشياء اجهلها تماما عنك ..ارتني صورا معك تضهر انكما كنتما على وفاق تام ...مادمت تحبها لما تزوجتني انا لما ..؟؟

شعر سعيد بالغضب ينضج في نفسه فقال بحدة:
- عبير لاتظلميني لاتنسي قول الله في القرآن انه يحثنا على عدم تصديق كل ما يقال فقد نندم

قالت عبير تحاول كتمان ما بداخلها:
- ما الذي نفسر به تلك الصور في مراكش وفي اماكن اخرى الهذه الدرجة كنت تعشقها

قال سعيد وقد شعر بالاحراج الذي تغلب عليه الغضب:
- الامر ليس كما تضنين ....انا اخبرتك انني لم المس احدا منذ خطبتنا اقسم عبيرتي ...هل تصدقين امراة لاتساوي ضفرك على زوجك الذي يعشق بل ويكاد يفني روحه من اجلك

- لست ادري ما الذي اصدقه يا سعيد ...ذكرت اشياء حميمة وانك لاتزال معها لحد الان وانها ترضيك كما لا افعل انا ...هذا جرح كرامتي كانثى فان لم اكن ارضيك فلا عشرة بيننا

كم توجعه بكلامها وكانما تنفث السم في جسده ليصعر بحمى الوجع والالم:
- عبير ...استغفر الله...ان ..ان انت امراة تقدر زوجها وتحبه وتتذكر كل شيء بينها بينه فستجدين انني لا اشبع منك حتى بل افكر فقط كيف سانهي يومي للعودة راكضا الى بيتي الى حضني زوجتي ...عبير ...انت زوجتي واقسم بالله انني لم اخنك

نظرت اليه يقرب يده من خصرها ويرفعها في حضنه ويدفنها في صدره ليكتفي من هذا الوجع الساحق لم تستطع ان تشعر بالراحة رغم حبها الكبير له لاتستطيع ان تشعر بانها ستحبه دون ان تشك به لدى نظرت الى عيونه باسى تقول:
- اتركني ارجوك ...لاتجبرني على شيء لا اقدر عليه... ارجوك ابقى بعيدا سعيد

ذبحته كما تذبح الشاة بل مزقت اوردته واعتصرت قلبه دما احمر يصرخ بانه يريد البقاء فيه وان يصرخ باسمها وان تلبي ذلك النداء
كيف له ان يبتعد عن مهجة حياته الشمس التي تنيرها والقمر الذي يكون انعكاسه عليها اجمل من انعكاسه على صفحة مياه عذبة
لكن بقدر ماهي حلوة وبهية في نظره بقدر ماهي مجحفة في حقه سلم امره في يد الله ووعد نفسه ان يبقى باردا حتى ولو اضطر ليدفن نفسه في بركة من الثلج فلن يتدلل لها بعد اليوم مهما كان هذا الحب اعمى فلن يكون اعمى عليها بل سيراها ويتذكر كل شيء قالته

نهض من قربها المهين بالنسبة له ووعى على نظراتها التائهة ايضا
لكنه لن يغفر لها انها شكت به هو عاشقها هي لاغيرها
التقط قميصه من الارض وارتداه ليخرج من الجناح صافقا الباب بقسوة

بقية جاثية فوق الفراش على ركبها تعصر قبضتيها عليها وهي تنطوي وتحاول ان تغالب الدموع لكنها خرجت لضفاف الواقع دونما رحمة




اقفل سعيد ازرار قميصه
وخرج من القصر مباشرة على سيارته الصغيرة الرياضية
اول ما فعله انه ذهب لبيت احد عماله بحيث طرق بابه بقوة متناسيا ان هناك عائلة بالداخل لكنه فقد الكم المتبقي هته الليلة من الاعصاب الباردة لديه
قال سعيد للعامل:

- هيا لدينا عمل مهم علينا القيام به هلا ذهبت لاحضار بقية الرجال

قال الرجل:
- حسنا سيدي حالا سارتدي ملابسي واتي معك

انتظر سعيد يذرع المكان بساقيه القويتين حتى ضن انه سيحرثها مشيا:

- هاقد اتيت سيدي ما هو نوع العمل؟

قال سعيد:
- تعالى وستعرف


بعد مدة قصيرة ذهب سعيد مع الرجل الذي بدا في جمع العمال
واكملوا طريقهم وراء سعيد الذي كان غاضبا الى ابعد حد حتى ان هو نظر الى نفسه فلن يعرفها

اقترب مع الرجال تحت اوامره من الكوخ في حدود الاراضي
وطلب منهم ان يدرموا النار فيه

بهت الرجال لطلب سعيد لكنه صرخ فيهم بصوته الخشن راعدا:
- نفذوا ما امرتكم به والا فلن يعمل بعد اليوم احدكم عندي

اقترب الرجال جريا من الكوخ الذي كان يصدح بالاغاني والموسيقى
وبدا رجال سعيد في سكب البنزين على الكوخ من كل الجوانب
وتعجب الرجال لانهم لم يسمعوا اذنا من سيدهم بافراغ المكان

اقترب احدهم من سعيد:
- سيدي اليس من الاجدر ان نخلي الكوخ

شعر سعيد وعيونه تحترق بالنار المألمة في صدره وكاد يتبع شيطانه لولا انه استعاذ بالله منه وقال وعيونه تكاد تدمر المكان باكمله:
- اخلوه واحرقوه لاتدعوه قائما ابدا....هل تسمع

انحنى الرجل لسيده هيبة :
- حاضر سيدي

بعد دقائق سمع من في الداخل من سكارى وراقصات مع غناءهن الشعبي وكذا سميرة التي استطاعت ان تعوض سعيد بغيره سمعوا ان الكوخ سيحرق فاذا بالنساء تولولن وتصحن وبدأ الكوخ امام الجمهور يتآكل تحت النار

كانت سميرة تقف في مكانها تنظر الى المكان الوحيد الذي ضمها وادفئها يحرق
والغالية تجلس على الارض تندب وجهها وتجر التراب وتضرب به صدرها عادتهم في النحيب

استدارت سميرة تبحث بعيونها عنه فوجدته ينظر اليها وكانه سينتهي بقتلها
اقتربت منه مسرعة :
- ايها النذل عديم الشرف ....كيف فعلت ذلك

ذفعها سعيد حتى سقطت على الارض وقال :
- اظنك نسيت انني سيد المكان وانك حشرة هنا فاحذري قد اطلب منهم دفنك ولن يوصل الخبر احد

نهضت تلملم ما تبقى من كرامة محتقرة فيها:
- يا سعيد ...تحسب نفسك ذكيا باحراق مورد عيشنا اليس كذلك اقسم بشرفي...

سمعت ضحكته ترن مستهزئة شريرة عن كلامها:
- اي شرف يا ....صاحبة الشرف... وعودك تلك لاتهمني فقط ان لمحت ظلك قريبا فساقوم بنسفك من هذا الكوكب

قالت وانفاسها تتلاحق :
- انت حقير ونذل ..وسوف ترى انك ستدفع الثمن على ما فعلته سترى يا سعيد يا منصور سترى بام عينيك ما الذي تساويه كلمة من سميرة

ابتعدت عنه وتركت ابتسامته ضائعة فلا يهمه احد سوى زوجته
ابتعد تاركا رجاله يقومون بعملهم
وابتعد يمشي في طريقه عله يصحوا من هذا الكابوس
تخيل كم ستكون لياليه باردة وانفاسها الضعيفة بعيدة عن صدره وشفاهها الصغيرة الذائبة بعيدة عن نفسه
كم عانى ليسمع همساتها الملتهبة تروي روحه
وكم ضناه الشوق حتى تتشبت بذراعيه تمنحه من دفئها
كم يشتاق ان يدفن راسه في عنقها العاجي المخملي بعضامه البارزة كم يتمنى ان تتمسك اصابعه بشعرها الذي لايخلوا من عطر الليمون الفواح
هل سينتهي به الجنون ان ضل هكذا

لايستطيع ان يدل نفسه اكثر فلقد كان في البادئ صبورا مكافحا ليجعلها تتقبل حبه وبعد كل هذا ترميه بالنار
وكانه كان سرابا في حياتها العادية
الم يرها طعم السحر الم يفتح لها ابواب جنة ساحرة لتعيش فيها
وهكذا تجازيه
انه يتالم ولايستطيع ان يصل الى بر بافكاره غير التسلح بالبرود

اه يا حبي كم تألمينني حتى الموت......


يتبع.......



Jάωђάrά49 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس