عرض مشاركة واحدة
قديم 19-03-10, 01:17 AM   #40

Jάωђάrά49

نجم روايتي و كاتبة في منتدى قصص من وحي الأعضاء

alkap ~
 
الصورة الرمزية Jάωђάrά49

? العضوٌ??? » 106278
?  التسِجيلٌ » Jan 2010
? مشَارَ?اتْي » 1,312
?  مُ?إني » الدار البيضاء
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Morocco
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » Jάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond reputeJάωђάrά49 has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك dubi
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

[COLOR="DarkRed"]

الجزء الخامس والعشرون




الاربعاء


في هذا اليوم كانت الشمس حارة تنذر بيوم مقلق من فرط العرق
والاختناق
استفاقت فاطمة باكرا لكي تذهب الى رشيدة وابنتها لكي يسافروا الى الدار البيضاء العاصمة الاقتصادية
ولكنها لاتستطيع ان تمنع نفسها من الشعور بالخوف من القادم
تخاف ان تكشف حقيقة الفتاة وتفقد النظرة المحترمة التي تحضى بها من الناس وهي تعلم جيدا ان المجتمع لا يرحم


حضرت لها حقيبة صغيرة بعد خروج سليمان من المنزل وبعد ان اخدت الاذن منه لذهابها الى اهل العروس
جمعت كل ما ستحتاج اليه في سفرتها

خرجت من الجناح كله تحمل الحقيبة في يدها فلم تكن سوى متوسطة الحجم
وقد ارتدت جلبابا اخضر قان في تفصلية رائعة
وايضا حجابا في نفس اللون ونزلت الدرج حيث وجدت مليكة تساعد الخادمة في صنع الافطار فقالت:
- صباحكم خير هل نزل الاولاد يامليكة؟

ردت مليكة تنظر الى حقيبة فاطمة على الارض ولباسها:
- اجل نزل عبد الصمد لكن سعيد على ما اضن ليس بعد لكن لما؟

قالت فاطمة تجلس على كرسي لتنتظر نزول ابنها:
- ساسافر مع رشيدة الى البيضاء لكي نكمل التحضيرات اللازمة لهذا....الزواج

قالت مليكة تضع صحون الافطار على المائدة:
- اتمنى من الله ان تسرعوا في الوقت المحدد

ابتسمت فاطمة بالغصب
وبعد ان رات عبير تهم داخلة الى المطبخ وعلى وجهها ابتسامة واسعة ومنشرحة قالت عبير موجهة كلامها لحماتها:
- صباح الخير امي

واقتربت من امها مليكة :
- صباح الخير يا احلى ام على وجه الارض

غمزتها امها بمعنى قد تغار فاطمة من الكلام الحماسي الموجه لمليكة بدل فاطمة
لكن فاطمة كانت شاردة الى ان قالت اخيرا:
- عبير اين هو سعيد ؟

قالت عبير متوردة الخدين :
- اضنه يستحم وسينزل حالا لما امي هل من خطب ؟

جلست عبير قرب حماتها تسمع جوابها:
- لا كل الامر انني اريد منه ان يقلني الى منزل سي محمد بنيتي تدرين عن امور الزواج

قالت عبير تحرك راسها بالايجاب:
- اجل ولابد الان هند تشعر بالسعادة ومسرورة لزواجها ...لكن طبعا مع الاحساس بالتوتر

وقفت فاطمة وهي تخفي ضيقها بشكل قوي:
- هلا صعدت الى زوجك يا عبير لن انتظر الدهر كله

شعرت عبير بجلدها يقشعر لصوتها المتغير الغاضب ونظرت الى امها التي لاحظت نفس الشيء فقالت عبير بسرعة لتخرج:
- حالا امي اجلسي فقط افطري لايجوز خروجك وانت لم تاكلي شيء

الابتسامة على فم عبير وراحة يدها على كتفها اشعرتا فاطمة بشيء غريب بالرضى الكامل نظرت الى ابنة اخت زوجها والتي هي زوجة ابنها وتضن انها امراة مناسبة فعلا


بعد ان صعدت عبير الى جناح زوجها
وجدت انه يرتدي بنطال الجينز ويغلق سحابه ويربط الحزام فاسرعت لتحضر له قميصا سالته:
- اي لون؟

قال ببساطة:
- الاسود

قالت بتلقائية:
- اليس ماصا للحرارة

قال يبتسم وهو ينظر اليها في المرآة حيث تساعده في ارتدائه
- لا تخافي علي يا عصفورتي فانا اتعود على الحر فلا ياذيني كما قد يفعل مع بشرتك النظرة

اعتلاها الخجل واحمرارطفيف
واتسعت عيونها عندما تذكرت ما اتت من اجله
فرفعت راسها الى وجهه المرتفع عنها:
- امك اعني امي حماتي تريدك ان تقلها الى بيت رشيدة وسي محمد من اجل ان تقوم بالامور الخاصة بالعرس

ضحك بشكل ساحر ومد لها قلادته لتقفلها حول عنقه
وقال بابتسامة:
- لاشك في ان اخي الصغير يموت فرحة بزواجه القريب لا الومه واخيرا سارى المتفاخر بخيوله في القفص الذهبي المهيب

نظرت اليه عبير مندهشة:
- القفص الذهبي المهيب وفي ما هو مهيب يا حضرت السيد

دفعها امامه يلف ذراعه حول كتفيها ويقول:
- ان تاخرنا ستطردنا امي من البيت

ضحك وتبعته في ضحكته لكنه ما ان وصلا الى المطبخ حتى ضربته عبير بمرفقها بخفة على بطنه وتشير له بان يقفل فمه من الضحك

نظرت فاطمة بارتياح الى ابنها وهي تقول:
- ظننتك لن تنزل هيا اقلني الى بيت سي محمد بني لايجب ان اتاخر

قال سعيد ينظر الى عمته التي اتخدت مكانا لها على المائدة لتاكل:
- صباح السكر يا احلى عمة ...وانت يا امي هاك قبلة على راسك

جعلها ابنها تخرج من عبوسها بتدليلها والجو اللطيف الذي يخلقه بشخصيته الخفيفة رغم قوته
بعد ان قبلها قال:
- هات عنك ساقوم بحمل الحقيبة امي

قالت تربت على كتفه القوية:
- اشكرك بني حسنا مليكة عبير ....تقدمت تسلم على كل واحدة منهما وهي تقول....ارجوك مليكة لاتنسي انت كوجودي هنا فلاتنسي تحضير الامور الاخرى سنعود على ابعد تقدير الخميس بالمساء فانا سريعة واعلم الاماكن التي ساذهب اليها

قالت مليكة بابتسامتها الطيبة:
- اذهبي انت ولاتقلقي

بعد ان خرجت من البيت صعدت الى سيارة ابنها السبور
وهي تقول:
- يا بني لست ادري لما تصر على ان نذهب في هته السيارة انها سريعة واول مرة اركبها ..والله بني كلما رايتك فيها كان قلبي ينقبض بقوة

قال سعيد يمسك يدها ويقبلها:
- لا امي الحمد لله دعواتك واستجابة الله تحفظنا من الاذى

استدار ليحرك السيارة وامه تضع حزام الامان وهي تحاول جاهدة ان لاتصرخ من الهلع
فهي انسانة متمدنة وهادئة ولاتتوافق البتة مع عالم الشباب الان غير انها لاتمانع بان يعيش اولادها في جوه



في مزرعة السي محمد

وبعد ان توقفت السيارة خرج سعيد ليلتف حولها بخفة ويجذب الحقيبة منها وتقدم ليفتح لامه الباب فقال:
- امي الحقيبة لما؟؟؟ هل انت راحلة عنا اماذا؟

كتم ضحكته عندما ضربته امه على راسها فقالت:
- يا لك من ابن غريب سعيد هيا الحقيبة ليست بهذا الثقل
فقط احضر فيها ما ساحتاجه فقط هيا اتبعني

تبع سعيد امه وصعدا الدرج الى ان وضع الحقيبة امام الباب وسالها:
- من سيقلكم ؟

قالت ترن الجرس بالحاح:
- اضنه ايوب المهم انت اذهب الى عملك بني ولاتنتظر دخولي

انحنى يقبل راسها ويدها وانصرف الى سيارته لينطلق بسرعة فهمست بدعاء الحفظ له ولكل اولادها في نفسها وفتح الباب من قبل صفية لتحمل الحقيبة الصغيرة وتدخل





*******************





في طنجة
بمنزل عمة ثريا


بعد ان صلت ضحاها
نهضت ثريا من على السجادة لكي تزيل عن ظهرها ملابس الصلاة
وتضعها مع السجادة وتجلس
شعرت بقدميها تالمانها فقد استفاقت باكرا مع صلاة الفجر من ذلك الوقت لم تنم
بل نزلت الى الاسفل حيث ساعدت عثمان في وضوءه
لقاءها به لم يكن لها مفر منه لذلك تعودت ان تبدي البرود ويبدي هو الامر ذاته ولاشيء ظاهر
لكن في ذاخل الجليد القاسي كان هناك فوهة بركان ثائرة تتلوى من الحمى التي تبطش بها ولاتستطيع ان تبردها لكليهما طبيعة خاصة وغريبة في التعامل
فهو ينظر اليها ويشعر بالغيرة تقتله لجمالها ورشاقتها وذكراها كيف كانت في الماضي
تزعجه اشد الازعاج لذلك وجد نفسه بادر بوضع النقاب عن وجهها فهذا سيريحه لايتمنى ان يكون قربها في احد الايام ليتم اللقاء بينها وبين اصدقاء قدماء

اما هي فقد كانت منتهية اصلا وكانت تشعر بالسقم السقيم لانها
لاتحضى منه بما يحضى الاحباء من تعامل رقيق ولطيف لمسات حانية وعطف ابوي في بعض الاحيان
تحتاج لذلك بشدة لدى تجدها متشبتة بالطفل وكانه عيونها التي ترى النور بها


بعد ان اختارت من بين ملابسها ما قد يناسب
اختارت تيشورتا لاصقا في اللون الوردي وتنورة في اللون الابيض قصيرة الى ما فوق ركبها وانتعلت صندالا خفيفا في الابيض

نظرت الى الملابس الصغيرة والجوارب الصغيرة الصغيرة على سريرها شعرت بالاسى لانها مضطرة ان تعطيها له
لكنها كانت تماطله اما بحجة التعب اوالنعاس

نزلت الدرج ببطئ لتجد انه خرج اليوم الى الشرفة وبمفرده دون مساعدة
استغلت الفرصة ودخت الى غرفته واخدت تجذب منها ملابسه وتعزلها الى ان تكومت شيء فوق شيء وامسكتها لتاخدها الى المغسلة وتغسلها

وبعد انهائها من عمل المغسلة ذهبت لكي تشرع في تحضير طعام الغذاء لها ولزوجها
عمتها افطرت معهما ولكها خرجت بحجة ان لها عملا مهما مع احد الاشخاص وعليها لقاءه في الجمعية النسوية

بعد ان انتهت من الاعمال المنزلية
قامت باخراج الغسيل من المغسلة ووضعته في سلة لتاخده الى الشرفة التي تستعمل ايضا في نشر الغسيل

اقتربت من الشرفة ووجدته يرتدي تيشرتا مثلها في الاسود
وسروالا في الاسود كذلك
صعقتها جاذبيته التي ظهرت جليا من قوة اكتافه وعضلات ذراعيه وساعديه
وزادته النظارة الطبية سحرا مع شعره المبتل باهمال وهو منحن على كتاب
ليتهما يصبحان يوما عاشقان عاديين
بدون الم وبدون جراح تعذب وتنخر في العمق الذي انحد منذ وقت طويل


اقتربت من حبل النشير ووضعت السلة الارض لتبدا في اخذ الغسيل منها وتنشره وسمعته يقول وعيونه الساحرة السوداء تكاد تثقب جسدها او تلتهمه بالمعنى الادق:
- اتمنى الا تجلسي امام صديقات عمتك بهته الملابس اتسمعين

لم تعره اهتماما رغم انها كانت تتقلب بين الغضب الكاسح
وبين الخوف من عدم الايجاب بنعم
فسمعته يقول وقد اقترب منها بعد وضعه للكتاب الذي كان يتصفحه والنظارتين :
- ارى انك لاتسمعين جيدا يا ثريا

التفتت اليه تجابه نظرته الشرسة من فوق:
- لقد سمعت كلامك ولن ارتدي الملابس هته هل ارتحت الان؟

نظر اليها وهو يشعر ان قلبه يتعذب بشتى الطرق ومن كلامها غير اللطيف فلكم كان سعيدا بتدللها والان تراها اصبحت تكرهه فعلا هل عذبها وجعل منها انسانة تستمد القسوة الى قلبها حتى تفقد الحب
ان كان ذلك صحيحا فقد ينتهي امره وهو يردها حتى تمتزج في خلاياه وتروي دماءه الحارة العطشانة

قالت بعد ان تغلبت بصعوبة عن ارتباكها في نشر الغسيل وقد حملت السلة على جانبها الايسر من خصرها:
- هلا افسحت لي الطريق عثمان

لاحظ الحمرة التي غزت خدودها واستمتع بذلك لابد من ان عيونه التي اشبعت من النظر الى قوامها قد سلبتها ارادة التحكم في النفس فلابد من انها الهبتها
واراد ان يعذبها فاستدار بالكرسي النقال ليفسح لها المجال لتمر
كم يعذبه دلالها ومشيتها تلك التي لايدري من اين لها بها مستقيمة ومترفعة لاقصى حد رغم رقتها التي تصرخ من كامل مسامها مهما ادعت

تبعها الى المطبخ
بهدوء وهي تشعر بوجوده
فقال:
- ثريا اشعر انك تتهربين مني الى متى؟

نظرت اليه وقد فهمت من كلامه انه لربما يريدها قريبة منه :
- انا لا افهم؟

قال بنصف ابتسامة غامضة:
- اين ملابس الصغير اقسم ان لم تنزليها ليكون مصيرك شيء لن تنسيه

وكانت عيونهما تشيد القصور وتهدمها بين رموش حمراء وسوداء كانت الحروب تالم وتذبح
والاحلام تروى وتذبل لكن الى متى
وانصرف تاركا ايها في دوامة عتماء
تنهدت بصوت عال حتى كادت تطفئ النار على الموقد الفارغ

بعد الغذاء
الذي تشاركاه بصمت لم يكسره غير صوت التلفاز في الصالة
نهضت توضب المائدة والتقت عيناهما بدون ان تقصد فغار قلبها الى اعمق حد
انصرفت الى المطبخ وبعد ان انتهت من غسل الاطباق
سمعته في وسط المنزل يتحرك بالكرسي الى ان دخل الى غرفته
علمت انها لن تنجو ان لم تنزل له ملابس الطفل جففت يديها بمنديل ازرق فاتح
وصعدت الى فوق على مهل منها فخوفها الان اصبح على جهات عديدة منها ابنها والاخرى تكونت من الذي تعشقه اكثر من نفسها هي
انه عثمان

قامت بجمع الملابس في الكيس الكبير ونزلت الدرج بدون حماس فهي تشعر كما لو انها سخيفة جدا بهذه الاشياء
اولا حملها لايزال في بدايته
ثانيا في مرحلة خطيرة
وثالثا تخاف من نظرة السخرية الجارحة في عيني الذي زرع هته البدرة الدافئة في احشاءها

طرقت الباب بادب وسمعت صوته من الداخل يأذن دخولها
قالت تقترب من السرير الذي يجلس ممددا في الجهة الاخرى عليه
بينما هي سكبت محتوى الكيس الكبير قربه
وقفت تنتظر كلمة منه

هو يشعر ان قلبه ينبض بشدة كم هي حنونة
لم يكن هذا من الانطباعات التي اخدها عنها لكنه يراها مفرطة في الحنان على ذلك المسكين
ويشعر انه مجحف حقا في حقها فكم مرة اغدقت عليه من حنانها وهو كان انانيا حقا ياخذ ما تهديه اياه وينبذها بقسوة حتى يرى الالام في عيونها الرمادية
نظر اليها مطولا وهي مطرقة براسها وقال :
- اجلسي قربي واخبريني بالتفصيل عن كل قطعة اشتريتها لاي شيء هي مصنوعة ولاي شيء تصلح ولما بالضبط الالوان كل شيء فاتني اريد معرفته

ادفئتها نبرة اللطف في صوته الخشن الرجولي
واختطف من ملامحها شبح ابتسامة
التي اخفتها في الجانب الاخر من وجهها
وبدأت تخبره بكل شيء عن كل قطعة حتى سبح هو في حركات يدها التي اصبحت عفوية بحماس ووضع ذراعه تحت راسه ينظر اليها ويومئ ويتكلم برقة من ثمالته من مضهرها وجمالها الساحر
حتى انه لم يعهد انها تخجل لم يكن يعطيه الوقت الفرصة في التمعين في مضهرها في مثل هته الاوقات الرائعة لايدري كيف منع نفسه طيلة هته الفترة من هذا المشهد الذي ادفئ قلبه وعبث به على نار ومهل




********************



في مزرعة السي محمد




بعد ان دخلت الى البيت استقبلتها رشيدة التي على ما يبدو خجلة هي بدل ان تخجل فاطمة عن الكلام الجارح الذي رمت به المرأة
وضايفوها احسن ضيافة حتى ان هند هي من احضرت لها طبقا شهيا من اصناف شتى من الحلويات من صنع يديها
لكن لا شيء من هذا استطاع ان يمحي نبرة التسلط من فم فاطمة ولاايضا عبارات تتقصد فيها ان تشعر هند وامها بانهم فقط وجدوا ضربة حظ لاتعوض وان ابنها كذا وابنها كذا

لم تكن هند مستاءة يوما كما هي اليوم
بعد صعودها الى غرفتها بحجة ان تحضر نفسها وجدت انها كرهت حماتها تلك الى اقصى الدرجات
ضربة كل المخدات على السرير وجلست محبطة ومثبطة العزيمة
ما عساها تفعل
كم من العلاقات وجدت فيها الحماوات شريرات الى هته الدرجة
كم من امراة تقبلت الوضع وهي الان تعيش معها بسعادة
لكن هي تعلم جيدا ان الخبر قد وصل الى حماتها وانها الان لربما تستنكر ان يتزوج ابنها منها لانها ليست ابنة سي محمد الفعلية
هل تخشى هته المراة الا ترث هند شيء
او هل تريد ان تمتلك زوجة تملك المال لابنها الغني
ابنها انه حبها انه العشق الموجع لوجدانها
انه المتاصل بابر وخيوط في قلبها
فان حاول ان يمسه احد او ان يجذبه لها احد من قلبها فهي تشعر بالالم
ليتهم يتفهمونها ويتفهمونه تريده وهو يريدها
ومهما عاشت لن تهوى غيره

سمعت طرقا خفيفا على الباب
واذنت بالدخول ليطل عليها ابن عمتها ايوب
ترك الباب مفتوحا وتقدم يتخطى المخدات عن الارض ليقف ويسال:
- ماذا الان ؟؟؟لما العصبية يا هند ما الذي جرى؟؟ ظننت انك حضرت نفسك لكي نذهب فلن يكفيكم الوقت للتحضير يا هند

قالت تقف مقتربة من الخزانة لتجذب منها ملابس تتكون من تنورة طويلة في البرتقالي وقميص حريري في الابيض

قالت وهو ينظر الى حجابها المبعثر فوق راسها المغطى:
- انظر ايوب انا انسانة يحق لي ان احب واحب وانت متحرر كفاية لتشاركني حديثي

اومئ يجاريها:
- اذن اخي اخبرني بنصيحة واحدة ما الذي علي فعله لكي انسي حماتي انني لست ابنة ابي وامي اني اشعر انها اتت لمساعدتنا بدون ان تحب ذلك

قال ايوب ينظر اليها وهي تجذب اشياءها ادوات التجميل من المجر:
- افهمك لكن ان انت تحبينه فعلا فصارحيه بما يحصل لربما قد لايعجبه ان تتكلمي بتلك الطريقة عن امه لكن يمكنك ايضا ان تتجاهليها وان تعيشي مع من تحبين اقصد زوجك بسلام

قالت بعبوس وحزن:
- كلا الامرين مؤلمان الاول سيجرح عبد الصمد لانه يعشق امه والثاني لانني ساشعر بالضيق رغم عيشي معه

قال بصوت من نفذ صبره :
- وما الذي تنوين فعله؟

نظرت اليه تائهة:
- لاشيء اضن انني لن اقوم بشيء بل الشيء وحده من يقوم تلقئيا بنفسه ...على اي حال ساتناسى نظراتها القاسية العاتبة وساعيش هذا سيكون حلا وسطا لكن مع العصبية التي تتملكني لست ادري ان كنت قادرة على لجم لساني وقد انتهي بالعودة الى بيت اهلي

اقترب ايوب من الباب ليخرج ويقفله قائلا:
- اظن الصبر سيفيدك ليست لدي خبرة في هته الامور والاجدر ان تسالي امك
بعد ان خرج ارتدت الوانها الزاهية وغيرت الحجاب البرتقالي بحجاب متعدد الالوان الزاهية حريري خفيف انعش وجهها الابيض وعيونها الخضراء
وسمعت طرقا على الباب فقالت:
- آتية

فتح الباب لتظهر منه فاطمة فصدمت هند وبقيت في مكانها صامدة تحاول الا تنهار من الرعب الذي انتابها من قساوة النظرة الغريبة الشبيهة بشراسة ابنائها عند الحاجة:
- لاعليك هذه انا ...
اقتربت منها ببطئ ووضعت يديها على كتفيها تكمل:
- انظري يا بنيتي... انت جميلة ..ورائعة... وايضا شابة ومثقفة... وذات تربية ماشاء الله عالية

اومئت هند وقد انسحب الدم خوفا بدلا منها
وترك اللون الابيض على وجهها مرعبا
وشفاهها ابيضت واختلجت ضربات قلبها منتظرة الباقي فاكملت فاطمة بلؤم:

- وايضا انا اعرف ان ابني الاهبل كما اقول ...يعشقك ويريدك لست ادري فمنذ البداية كنت اشعر بعدم التوافق بينكما رغم ما قد تكنانه لبعضكما ...اريد ان اعرف كيف اطحت به لانني لااشعر برغبة في خوض حرب معك عزيزتي؟؟

قالت هند بهدوء لم تعهده في نفسها :
- احبني واحببته بالنظرات ولاشيء اكثر

قالت فاطمة تطلق تنهيدة قوية نفخت صدرها اثر ذلك:
المهم عندي ان تكوني فتاة طيبة ومطواعة الحياة الزوجية ليست سهلة فيتطلب منك الاستيقاض باكرا صغيرتي وانا اخاف على عيونك الجميلة من التعب

قالت هند بتحد:
- ساستيقظ متى تامرين

قالت فاطمة :
- ستكون الاشغال مقسمة بينك وبين زوجات صهريك لن يكون هناك دلال زائد ولا كلام عادي مع ابن عمتك الذي ليس كذلك فهو عاد غريبا الان...اريد ان اكون يا بنيتي صريحة معك منذ هته اللحظة لتعلمي انك ستدخلين القصر من بابه ولكن قد يشعرك المكوث فيه بالضيق

قالت هند وقلبها يتمزق من الادلال لكنها تدري ان المرأة لها الحق بعد الخداع في ما تفعله
وان هند من اجل زوجها قد تحفر الارض ان اراد:
- امي ساكون عند حسن ظنك
فانا اعي جيدا ان الزواج مجموعة التزامات وانا سالتزم بها

صرت فاطمة ظنا منها ان الكلام الجارح لهته الفتاة سيمنعها من الزواج لكنها تبدو متاكدة من نفسها
فان جئنا لتحليل ما يجول في نفس فاطمة من احاسيس
تكون الشعور بالخيانة وانها امسكت في مصيدة
وان الصياد صديقتها كانت ذكية بان نشبت في ابنها انيابها
هي من تحب؟؟تحب ابنائها
تسعى لارضاءهم وايضا لكي يكونوا دائما دوي اسماء مرفوعة فوق
لكن ان تعلم ان لهته الفتاة فرعا وسخا من والد وسخ فهي تشعر بالذل والمهانة
وان تكون رشيدة ذكية بحيث توقعها في مثل هته الكارثة فهي غير قادرة على مسامحتها وايضا تفكر في ابنها ان تلعب عليه هته الصغيرة التي تبدو ان البرائة مخزن في عيونها لامر غير سار بالمرة

قالت :
- لأعلمك ابنتي... انت ستكونين بمتابة ابنة لي فستكونين الغطاء والستر لولدي ..لكن عليك ان تعلمي انك محظــــــــوظة لانك امتلكته ..فهو لايقدر بثمن ولابمال الدنيا كلها...ان حصل وانتشر خبر اصلك غاليتي فالافضل ان تبتعدي عنه لاجل صمعته فالرجل لايملك سوى صمعته وشرفه واتمنى ان يكون كلامي قد وصلك


ظنت هند انها في دوامة الكلام الشديد السوء الذي جرحها سمعت شخصا وراء الباب يسمع لكن لابد انها تهدي
فقالت بصوت مجروح من الالم الذي قاومت لتخفيه:
- حسنا امي ...سافعل كما تامرين وأصلي ذاك ...لن يعلم به احد وانا احب عبد الصمد واخاف على صمعته من المس اكثر من خوفي على نفسي فكوني حضرتك مطمئنة

ابتسمت فاطمة وضمت هند الى صدرها وهي تمعن النظر في لباسها ورشاقتها :
- ما شاء الله اراهن على ان ابني سحر بفتنتك فلست سهلة ههههه

ابتسمت هند غصبا عنها لاتدري كيف تشعر حيال هته المراة فهي تارة تشعر بالكره وتارة تحبها فقد ضمتها وكانها ابنة لها
تخاف كثيرا والخوف الان بات اعمق مما مضى


بعد ان نزلت كل من هند وفاطمة
توجهتا الى الخارج حيث السيارة تنتظرهما وكان ايوب مشغول البال بينما امها تنظر الى ابنتها وحماتها الغريبة الاطوار
وشعرت بالارتياح لان نظرت المراة كانت مرتاحة بعض الشيء




*******************




بمنزل العمة بطنجة


كان عثمان لايزال في نفس وضعيته مستلقيا مستندا على يدها فوق المخدة التي تقبع وراء ظهره وكانت نظرته على سترة قمة في الصغر كانت تحت عيونه
فرشها وقام بتمرير يده عليها
ولم تكن ثريا بعيدة فقد كانت تجلس في مكانها قربه تنظر اليه وقد اسندت وجهها على ذراعيها وتنظر الى حذاء يربط باشرطة صغيرة في اللون الازرق القاتم والابتسامة تحتل وجهها بما ان عثمان لم يكدرها بعد

نظر عثمان بفضول الى قدميها وساقيها ومن ثم حطت نظرته على بطنها حيث يسكن عصفور صغير يتمنى ان يجلسه على ركبه ليلاعبه منذ الان
مد يده الى بطنها وشعر باجفالها فقد كانت مسافرة في افكارها وعيونها ابتعدت عن الحذاء الصغير لتستقر على وجهه لم يكن ينظر اليها بل الى بطنها فقط وسال بفضول:

- متى ستكبر ؟

قالت وهو يحرك فيها مشاعر الشوق الى اخد يده وزرعها في شعرها وبين شفتيها:
- عثمان انت استاذ الا تعلم ان البطن لاينتفخ الان بل يحتاج بعض الوقت

قال باسما ونظرته تحرقها :
- ومن اخبرك انني لم اكن اعلم فقط اردت لمسه وسؤاله وليس سؤالك انت ...ولم اعن البطن بل الطفل

شعرت بالعصبية من اصابعه التي تدور وتدور كما لو انها تنومها مغناطسيا:
- انت فظ يا عثمان.. اترك بطني من فضلك

ابعد يده وشعرت بالبرد بدل السخونة يسري في اوصالها
وسمعته يقول وهو يمسك بالقطعة الصغيرة:
- سيكون بهذا الحجم اعرف ستسالين انا استاذ ولا اعلم
ساقول لك انني درست عن ذلك ولكني فقط لم ارى صغيرا من قبل تبدو ملابس للدمى سبحان الله

ابتسمت لكلامه وهمت تنهض وتقول:
- حسنا ساحضر ملابسك فلابد من انها جفة في هته الحرارة

على الكلمة الاخيرة كان يلاحظ وجودها طيلة الوقت ويشعر بشيء خلاب يروي عطش روحه وليس عطشه الجسدي فهذا لايدري لما يتوهج مع بزوغها امامه غير ان روحه سعيدة ومنشرحة ويشعر بالكسل حتى انه يود ان تبقى اكثر وان تتحدث معه فهي زوجته ولم يحصل ان تحدثا مثل البشر
بعد ان عادت قامت بفتح طاولة اصلاح الملابس امامه في طرف الغرفة وركبت آلة الكي لتقوم بكي ملابسه برقة وعناية

هته اللحظات عززت الثقة في روحه ازدادت الثقة بانها له وحده اكثر من وساوس الشيطان التي اتعبت نفسه
يراها الآن صافية كلون الحليب الطازج

بعد ان انتهت وقامت بطي الكل بالترتيب وضعتها في رف الخزانة واقفلته واستدارت اليه محمرة الخدين من حرارة الآلة
لكن منظرا رقيقا صادفها
يا الله انه نائم والذي زاد من حبها له تشبته بالقطعة الصغيرة على صدره
اقتربت منه وحملت الملابس الصغير بدون صوت الى الخزانة وخبأت الحذاء الازرق في جيبها في التنورة بينما تركت له السترة الصغيرة على صدره ولم تمسسها
قالت في نفسها والابتسامة توشك ان تصبح بكاء
حرام لايجب ان امنعه من الاستمتاع بابوته حتى من قطعة ثياب
عاد شيء من الاندفاع الغريب يشد عروقها المتوجعة اليه
وشعرت ان قلبها وهي تدنوا منه يتبعثر كليا حتى ظنت انها غيمة ستتبدد قبل ان تصل الى ما تريده
وبابتسامة خجولة وضعت قبلة صغيرة بريئة على فمه فبدى لها وكانه ولد صغير منعت اصابعها من ان تمر على خطوط خده وانسحبت على رؤوس اصابعها والصندال في يدها تغلق الباب بخفوت

نطق في نفسه
مجنونة او ستفنيني بجنونها
فلم يرد ان يبعد الدفئ الذي لفح فمه من برهة
بل لم يستطع الا ان يفرح لانتصاره المجيد فهاهو الخنوع الذي جعله يهواها واكثر رائحتها التي باتت الطاقة التي تعمل بها اوردته كل يوم
اطلق تنهيدة عظيمة وانصرف هته المرة في نوم عميق





************************




في مطار محمد الخامس
بالدار البيضاء



بعد ان تحقق عصام من التذاكر
شعر بالراحة لانه الان يستطيع ان ياخذها معه
على اي حال كان الوداع بينها وبين عائلتها طويلا
فشقيقاتها كن تبكين بين الفرح لانها ستذهب الى بلاد لم يسبق لها ان زارتها ويمازحنها بخصوص الشاب الوسيم
ومن ثم يبكين لانها ستذهب وسيفتقدنها
كان يصعب على ابيها الذي بقي في انتظارها مع عصام في ردهة الفندق ان يفعل شيء
فحب اهلها لها كان كبيرا لايوصف
هي شمسهم الغالية وضوءها الساطع لطالما كانت مصدر الهامهم فهي الهام واحدة تلك التي يمتلكونها بالدماء

بعد ان انتهت فوضى الاصوات الباكية ودفا الاحضان بين الام والاخوة والاخ الذي تشبت باطرافها علها تحمله
لكنها اقتصرت على النزول اليه وضمه لمدة صعب عليها فيها ان تزيله عنها الا بمساعدة اختها
وقد بدا يبكي ويندد بانه يريد الذهاب معها ويصرخ بحدة
كانت تتقطع فقلبها رغم العملية الا انه لايجب ان تتعرض لاية صدمات عاطفية فيقول الاطباء ان ذلك قد يسبب لها تشنجات كثير
لدا قبلت راس امها وخرجت تستجمع قوتها وتمسح دمعاتها

وعند نزولها الى الردهة اخفضت راسها وفضلت البقاء قرب ابيها في السيارة حيث تحدث اليها وتحدتث اليه واخبرته بخفوت عن بكاء اخوتها وكادت تبكي لولا ان والدها هدأها بصوت اختفى عن آذان الذي يجلسون في المقاعد الاولى للسيارة الاجرة
وكان صوته ابويا وعطوفا جدا


اما الان وهم يركبون الطائرة
تجلس في جهة النافذة ووالدها قربها وعصام من الجهة الاخرى لم يتبادلا الحديث كثيرا
فهي تخجل ومن ثم امام ابيها كان الامر محالا فهي تحترمه ولاتريد ان يظن انها تستغل الوضع لعقد الصداقات
اصلا ما ان تحط برحلة افكارها في عصام الجالس بمعطفه الجلدي الراقي ومظهره الانيق
تجد انها في صدد دخول مغامرة فكيف هي عائلة هذا الرجل لا هو يشبه المغاربة في تفصيلة الجسد ولافي تفصيلة العيون الناعسة والملامح السمراء القوية
يبدو اسبانيا حقا فكيف هي عائلته تلك انه يتحدث عنهم بخفة وسرور لكن هي لاتعرفهم وتخاف من ردة فعلهم


كانت الهام بالنسبة لعصام امله الوحيد
يمكن ان يقول انه منحها قلب اخته لكنه ينتظر ان تكون متفاهمة مع عائلته يمكن ان تظن الهام انه يريد ان يحررها من الاحساس انها مدينة له
لكن شعوره نحوها ليس كذلك ابدا
يريد ان يسعد عائلته فحسب




*******************



بعد ان حطت الطائرة

ارتاحت الهام كثيرا لانها شعرت انها سيغمى عليها من الخوف فقط من طلوع الطائرة كما لو ان احشائها تريد الخروج الى فمها
وفي النزول تشعر كما لو انها ستنتهي بالدخول الى اعماق الارض في اية ثانية

اثناء الرحلة كان كل شيء طبيعيا
لم تشارك اباها وصاحب الراس دي الشعر الاسود الحديث
فقد اكتفت برؤية
المنظر الخلاب للسماء وقرصت نفسها بدون ان يراها احد اذا كانت في احدى احلامها المجنونة لكن الواقعية جعلتها تدمع وتسبح لله لانه خلق كونا مبهرا كهذا والبشر في الارض يطغون فماذا لو اعطاهم الله جوانح ماذا كان سيتبقى في هته السماء الرائعة
استغفرت الله كثيرا واخدت من تلك المجلات وجدت انها لم تقرأ في حياتها نوعا من المجلات كتلك وجدت البعض منها مفيدا والبعض الاخر تافه
ولم تكن تلاحظ ان عصام كان يلاحظ تحركاتها كما الطيليسكوب

عند خروجهم من المطار قال عصام ينظر الى جو اسبانيا المشمس او بالاخص مادريد:
- ما رايكما كيف تبدو لكم المدينة؟

قالت الهام بابتسامة مشعة:
- من هنا وكل شيء رائع ان الشيء الذي الحظه النضافة

قال عصام ينظر الى الباركينك امامه:
- انها العاصمة ...اه هاهي اختي الشقية ..تعاليا ساحمل انا الحقائب

كانت هناك حقيبة لعصام والاخرى لالهام فانحنيا معا على حقيبتها :
- اسفة لاعليك ساحملها انا

نظر اليها بدون الافصاح عن مكنون خاطره:
- لاباس لاعليك استطيع ان احمل اكثر منها فالسيارة قريبة

احمرت خجلا وتركته يحملها واقتربت من والدها الذي سبقها الى الفتاة التي ترتدي جينزا وقميصا بحمالات في الابيض خطت عليه كتابة سوداء
قالت نسرين تمد يدها الى والد الهام الذي اخفض عيونه دون ان يسلم:
- السلام عليكم سيدي كيف حالك؟

قال الرجل الذي ملأه الحياء:
- بخير ابنتي

قالت تقترب من الهام وتنظر اليها والدموع في عيونها وتقدمت تضمها بطريقة تنم عن ان الفتاة ذات نية صافية
لاتكبر ولا افكار سوداء ولا اي شك في هته الفتاة:
- انت الهام؟؟ كم انا سعيدة لانك قمت سالمة كم سعادتي لاتوصف بقدومك الينا ياه انا فرحة

قالت الهام التي نظرت الى عصام الذي وضع الحقائب وراء السيارة :
- اشكرك نسرين اليس كذلك؟؟؟ حكى لي السيد عصام عنك الكثير

قالت تضحك وقفزت الى اخيها الذي اقترب منهم وضمته وهو ايضا بحرارة:
- انه اعظم اخ كم احبك عصام لقد اشتقت لك

قال عصام :
- هيا انا متعب خدي انت القيادة

تقدم يفتح الباب ويقول:
- تفضل سيدي بالصعود

ذخل ابوا الهام وكذلك الهام التي جاهدت لاخفاء حمرتها من الخجل لكنها لم تستطع
شعرت انها تسرعت في الحكم عن اخته هته الفتاة طيبة الى درجة قد يخاف عليها الانسان كما يخاف على طفل في ثلاث سنوات من عمره فهي تبدو بلهاء اذا صح القول لكن بقلب ابيض كالثلج

قالت بفرح ومرح:
- اخي كيف كانت رحلتك الى هناك ؟

قال بصوت هادء:
- جيدة الحمد لله

قالت تساله مرة اخرى ولكن بتردد:
- واختي هل ...؟

قال عصام وعيونه على المارة:
- رحمها الله يا نسرين قولي رحمها الله ...واجل لقد دفنت

شعرت نسرين بالاحباط والاسى لانه وبخها على كلمة نسيتها
في الخلف شعرت الهام بانه ولابد يعاني فاذا كان ملتزما بدينه فلما لايجبر اخته على دخول دار للقرآن؟؟
فلربما موجود منها هنا في مدريد لما لايحجبها تسائلت؟؟

قال والد الهام:
- يا بني هذه البلاد كبيرة وغريبة

قال عصام بابتسامة:
- انت محق كبيرة وغريبة لكننا الفناها وهي تضمنا اليها بدفئ رغم اشواكها الضارة

حرك الاب راسه فقد فهم ما يعنيه الولد
والاب في الحين داته شعر بشيء من الخوف كيف له ان يترك ابنته هنا مع اناس غرباء
لكن التعقل بدل العاطفة سبق فلايبدوا رغم ان اخت عصام متهورة الا انها طيبة هذا شعر به من نبرات كلامها وتعلقها المفرط باخيها
وايضا يشعر ان عصام انسان نبيل ومثقف ومتدين وهذا تاكد منه بدخوله للمسجد معه ونعم الشاب الصالح

تحرك عصام ينظر الى اخته الجميلة التي تملك من جماله المثل
ملامح بهية وشعر اسود عقص كعكة لابد انها كانت تسرع لكي تكون هنا في استقباله بقلب فرح
كانت ملامحها متالمة من كلامه
وهو الان يانبها انه لايفعل ذلك عمدا يحاول ان يعلمها لكنها بسبب زوجها ذاك تجرف لعالم التلبد في الدين
لكنها اخته يحبها بشكل كبير كالاخرى رحمها الله
لم يستطع ان ياخد يدها ويقبلها لدى قام بقرص وجنتها وهو يقول:
- هل كنت عاقلة في غيابي ؟؟

ضحكت بشيء من الطفولية ودموعها بقيت عالقة فوق رموشهما وهي تعلم انه يصالحها بكلامه:
- اجل كنت عاقلة وطبخت وكنست وغسلت ياه لقد تعبت فعلا وزيادة على ذلك كنت ابحث كثيرا عن مدرسة تقبلني العام المقبل فمعدلي كان منخفضا يا للكارثة
...قالتها بخجل

ابتسم وهو يقول:
- ستعوضين ان شاء الله فقط لا تتهاوني

ابتسمت الهام لا اراديا فلهذا الرجل مسؤوليات كبيرة ويحاول ان يوفق بينها وبين اعطاء الحنان لعائلته الخاصة

بعد لحظات قالت نسرين بسعادة تبدوعلى محياها كاشراقة شمس:
- لقد وصلنا انه ميغيل....اشرت على الممشى...ذاك هو زوجي

بعد خروجهم وتوجههم الى المبنى قفزت بسعادة الى ان وصلت الى ميغيل لكن ولان اخاها يفرض عليها تعليمات صارمة فهي لاتستطيع سوى ان تسلم على زوجها باليد بدون ان تقبله حتى على وجنته

قالت نسرين تقدمه:
- هذا زوجي ميغيل ..ميغيل ...هذه الهام التي تعرف عنها من العملية وهذا السيد المحترم والدها

قال ميغيل بشيء من العربية:
- اهلا بكما

ميغيل تعلم اللغة من زوجته وصهره ولايجد صعوبة في فهمها لكن المشكلة في التحدث بها
قال عصام :
- نسرين ارجوك اصعدي والانسة الى فوق واجعليها تتعرف الى امي بينما اصعد انا الحقائب

قالت نسرين بابتسامة خفيفة:
- حسنا اخي هلا رافقتني الهام

ابتسمت الهام رغم شعورها بالخوف او التردد لرؤية تلك المراة
التي هي امه لما يشغل تفكيرها كيفية ملاقاتها او كيف ستقومها وتنظر اليها
للحظة وجدت نفسها امام الشقة التي بدات تفتحها نسرين وازالت حذاءها كما فعلت الهام ذلك ايضا وقالت نسرين :
- تفضلي الى الصالة وانا سانادي امي

حركت الهام راسها بالايجاب من دون ان تزيل الابتسامة على وجهها
واقتربت من الكنبة لكنها اجفلت فقد ضنت ان احدهم هنا ايضا لكنه فقط خيالها في المرآة وشاهدت انها لاباس بها فهي ليست بجميـلة ولا بسيءة ولكنها مليحة كما نقول بحيث تجذب الى النظر اليها وقد تصل الى سحر الشخص الذي قد يمضي معها فترة من الوقت

جلست تنتظر في الصالة وبعدها رات نسرين فنهضت وهي تراها تمسك باكتاف امها بلطف وتقول:
- امي هذه هي الهام ...انها الفتاة التي تحمل قلب اختي قلب ابنتك الحبيبة

قالت الهام وهي تقترب منها :
- سعدت بلقائك سيدتي اتمنى الا اشكل ثقلا عليكم وعلى ضيافتكم الكريمة

قالت والدة عصام مريم :
- اهلا وسهلا.... تعالي الى حضني..يــــــــا عزيزتي

نظرت الهام الى نسرين المبتسمة واعادت نظرتها الى مريم واقتربت منها وهي مبتسمة وحضت في تلك اللحظة بدفئ ام مسلوب قدرتها على البقاء من غير طيف او صورة لابنتها سمعت تنهيداتها وحاولت تهدئتها وقادتها الى الاريكة وهي تقول:
- انت بخير سيدتي؟؟

قالت مريم وهي تنظر اليها ومن ثم تشيح بنظرها :
- اسفة عزيزتي لم اقصد ان اخيفك لكني ام وفقدت ابنتي ولست ادري كيف يمكن ان اشرح لك

اقتربت نسرين من امها تقول:
- امي لا تشرحي شيء فكلنا هنا نحبك والهام تحتاج الى الراحة فالعملية كانت دقيقة ....الهام لقد حضرت لك غرفة مريحة ستمكثين فيها طيلة فترة راحتك وانا ساتكلف باسعادك

ضحكت الهام على تعابير نسرين وشهدت مراقبة مريم لها وكانها تريد ان تستخلص منها ابنتها لعلها تعود

سمعت النسوة صعود الرجال الى الشقة وهرجهم وكلامهم
قام بالتوجه الى الصالة ميغيل الذي اتخد مكانه قريبا من زوجته وكانه اشتاق وقد غابت لدهر عنه
وقدمت نسرين اب الهام لامها بمرح

قالت نسرين:
- ساذهب لتحضير شيء لنأكله فلابد من انكم جائعون

قال ميغيل :
- اجل كثيرا

ضربته بمخدة وغمزها فقالت:
- سخيف انظري اقوم اليوم كله بتعليفه يشبه الثور هههههه

هربت وتركته لايستطيع ان يعيد ضربها امام الضيوف
يدري ان هي ابتسمت او ضحكت فتبدو كالطفلة اما هو فالامر مختلف وانطلق في الاحاديث رغم صعوبة اللغة الا انهم اتطاعوا التواصل

انصرفت نسرين ولكن بدل ان تدخل الى المطبخ ذهبت الى اخيها الذي ادخل حقيبته الى غرفته ومن ثم ادخل الحقيبة الاخرى الى غرفة الهام فقالت:
- اخي هلا ذهبت لتحضير القهوة وانا سارتب لالهام حاجياتها...

قال عصام متنهدا :
- حسنا لكن اسرعي نكاد نموت جوعا

قالت وهي تبتسم:
- الهام جميلة اخي اجل انا لم ارى منها الا وجهها لكن فيها شيء يدفعني لقولي هذا

ابتسم وقد فهم ما ترمي اليه اخته:
- اتمنى ان تصبحي مثلها حتى لا يُرَى منك شيء لكن راسك ذاك مفسود بالدلال هيا اسرعي

بعد خروجه شعرت نسرين بان اخاها يتكلم بالحق
هي لابد مفسودة بالدلال لذلك لاتستطيع ان تستمع جيدا لاقواله وان تفهم المغزى منها وانه يريد لها الخير قبل اي شيء




*******************



في المزرعة بمكتب عبد الصمد



بدى في قمة العصبية والعاصفة من عيونه تنذر بشر قوي
نظر اليها امامه فقد نادا في طلبها وهي الان تبدوا وكانها قمة في البراءة

قال وكانه يزمجر ويضرب السوط على يده مضهرا شدة غضبه:
- الن تعترفي يا انسة جولييت بما فعلته ؟؟

قالت ببرود الدنيا :
- لا افهم عما تتحدث يا ابد
انا انسانة نبيلة فوق كل شيء
وان علم السيد الذي ارسلني واحصنتي الثمينة عما تفعله الان وعن الكارثة التي كادت تلم باحصنتي فاضن انه سيفعل ما لا تحمد عقباه


قال بشزر:
- انظري الي جيدا انت ان كنت وسخة ويلطخك الوحل من كل جانب فالفتاة التي هي زوجتي اشرف منك بمئات المرات ظننت نفسك ذكية ان تتصلي وتمحي اثر ما فعلته كاف بان يفرقنا وان يجمعني بك ..هه...اظنك مجنونة فلو حتى افترقت عنها لن تكوني ولا احد غيرك في حياتي والان ...
اقترب منها وجرها من كتفها بعنف متوحش لم تستطع ان تقاومه من شدته ودفعها من امام المكتب:
- اذهبي ولاتعودي الى هنا....ناد بصوت عال وقوي ومن حرارة عيونه الغاضبة يدل على انه قادر على خنقها .....مصطفى...مصطفى..تعال خد السيدة رافقها واعطها احصنتها واذهب لكي تقوم باخذ ملابسها الوسخة من القصر واحرص على ان ترافقها كظلها لاتدعها شبرا وان اضطررت فاستعمل معها العنف ليس مهما افعل ما تشــــــاء

فهم مصطفى كلام سيده وكان الهدف امامه عليه ان ينفذ وحسب وهو غني عن اي اغراء
وهكذا رمى عبد الصمد السوط من يده وضرب الكرسي الى ان انقلب قرب مكتبه عاد الى كرسيه وهو يفكر
لابد من ان هذا الحب سيقتله ويخاف ان يحدث هذا في احد الايام



يتبع................








الجزء السادس والعشرون



يوم الجمعة



في هذا اليوم الذي قرر فيه عثمان العودة الى المزرعة
وقد اتصل مسبقا ليعلمهم بذلك
وقف امام المنضدة القديمة وقد انتهى من تدليك المرهم على بضعة مناطق من جسده كانت قد خدشت في الحادث
واكملت ثريا تدليك منطقتين على ظهره ومن ثم ارتدى قميصه
وشكر ربه لان الكسر في ذراعه لم يكن كسرا خطيرا مما ساعده في ازالت الجبيرة فيه ووضع له الدكتور ضمادا خاصا يساعده على تحريك يده دون مشاكل
واكمل ارتداء سرواله الاسود واختلس نظرة على صاحبة الوجه المتجهم
يريد ان يبني الثقة على ما يراه
لكنه لايستطيع فمزاجه المتقلب يتركه غير عابئ البتة باخبارها بشيء يجعل صورته ضعيفة مهزوزة اتجاهها
وليس هو من يبَدِر لعابه في الكلام الحلو والفارغ دوما
سيترك الامور كما هي ولن يتنازل عن كرامته مهما كان
يتمنى ان يجد سبيلا للتحرر من شكه نحوها
ورغم ذلك كاي رجل خدع من زوجته وصدمه خبر موجع كذاك فهو يرى انه تنازل بالفعل فاغلب من يعانون من مثل مشكلته اما يعيدون الفتاة لاهلها او يقومون
ولا يجد نفسه في الدور
غير دور البرود وتجريعها الالم
يفكر
كيف لي ان اراها بشكل حنون ولطيف في يوم
وفي اليوم التالي اتغير كما لو انني اكون تحت تاثير سحر ما


ثريا تضع له ملابسه على السرير ومن ثم ترتبها في الحقيبة
وتنهيداتها تكاد تصبح عواصف رعناء
الان سيعودان وتحت سقف واحد
في القصر الذي شهد لها كل انواع الاذلال
تحاول ان تسبر غور افكاره
وتقيم تعامله معها
فبعد ان اعطته الدليل ورآه
واكثر من ذلك احتقرها ورماه امام وجهها
لابد انه لايظن انها تشعر بشيء بينما هي تتالم وتتوجع
يحيرها فتارة هادئ وتارة قمة في الثورة
والان ما يزيد احباطها ترداد كلامه على اذنيها
اللتين تنقلان موجات من الحزن الشديد لروحها
لايهتم بها انها بكل بساطة لاتهمه لم يعد يراها كما كانت
الان لايرى سوى البطن التي تكبر يوما بعد يوم ببطئ
وهي ما عليها سوى التحمل من اجل طفلها وهذا الحب المستحيل بكل المعايير

سمعته يقول آمرا:
- اسرعي عينا الا نتاخر اليوم والمسافة طويلة.. هل انتهيت؟

تحرك لينظر الى ما تفعله وهو يستند على عكازه الخاص:
- اين ملابس الصغير؟؟.. اين وضعتها؟

قالت تشعر بالالم لاهتمامه الزائد بالطفل بدل صحتها:
- انها في الكيس اسفل ملابسك

قفلت سحابة الحقيبة
وهي تشعر بمروره وراءها لكي ياخذ محفظته ويجلس يفتح مذكرته الخاصة يراجع ما يكتبه فيها عادة
واضعا نظارتيه الصافيتين الرقيقتين

نظرت ثريا اليه وقلبها يتدمر
ينسحب منه الدم بالم ويعود ليفجر الما اكبر منه
لم يلتفت لها منذ ان تكلم بعدم اهتمامه بها
وهو على هذا الحال ظنته سيتنازل
سيعود كما كان
لكن بروده العقيم فتت قلبها
التفتت تخرج من الغرفة والدموع الحمراء ترف على رموشها
وصعدت لتقوم بارتداء حجابها وتكمله بالنقاب الساتر لوجهها
عدا عيونها الذابلة
ونظرت الى عبائتها اللطيفة الملمس في الاسود
وخرجت تحمل معها حقيبتها الصغيرة وحقيبة اليد

عندما وضعت الحقائب امام الدرج هي وزوجها
انصرفت الى المطبخ حيث عمتها وقالت:
- سنذهب عمتي...

اعتدلت عمتها التي كانت منحنية على المائدة تجمع اواني الفطور للمغسل وهي تقول بشيء من الحزن والوحشة:
- ساشتاق اليك غاليتي ...وكثيرا ايضا اخبري امك انني ابعث لها بسلامي الحار

ابتسمت ثريا وهي تضمها اليها بقوة
وتكاد تشعر ان هذه هي القشة التي قصمت ظهر البعير
فما ان ضمتها حتى انسابت دموعها الحارة وكانها تنذرها وتعلمها

إنها دموع أبدية لآتفنى...وتتبعهآ تعآسة يآزمــــــان...تعآسة لآتنضب


بعد ان ودع الاثنان العمة ن***ة
استقلا سيارة التاكسي التي كانت قد سبق ان طلبتها لهما
وقد وضع السائق الحقائب في وراء السيارة
جلست ثريا قربه وهو في الجهة الاخرى
بعيد كل البعد عنها
تفرقهما مسافة ضئيلة بينما يفرقهما الهوىآ مسافات كبيرة
كل مولي وججه الى نافذة توضح له صورا ليست بذآت اهمية
حجبت ظلام الحزن في عيونها عنه
شعرت انها تعيش قصة تعيسة بدون امد
هو حبيب قلبها المتوجع المتعذب حبا مجنونا له وحده
يعزلها عن عالمه عن حنانه وحبه
وشكت فعلا ان يكون هناك حب في جيناته
فلعل الحب الوحيد الذي يشعره
هو الحب البوي او الاخوي
اما عن حب القلوب المجنونة
فهي بالنسبة له عالم صغير ضيق خانق لايجوز هو صآحب النبالة والمروءة ان يدخله
مسحت دموعها بيدها
وتركت نفسها تعيش في حياة بين الوعي واللآوعي


لاتدري كيف اوصلتها قدماها الى محطت القطار
وجلست بقرب الحقائب حيث طلب منها عثمان ذلك حتى يحضر التذاكر
نظرت حولها كانت السكة خالية من اي قطار
والركاب لم يكن منهم الكثير
لكنها لاحظت بين امراة تحمل ابنها على ظهرها
وفتاة تقف من الجهة الاخرى

لمحت بينهما رجلا يفوق طولها ببضع انشات
وله شعر اسود قصير جدا
مرتديا سروالا في اللون الابيض وقميص تيشرت في اللون البنفسجي
وللحظة تذكرت ونست
تذكرت وجه بشوشا من الماضي
ونست ان زوجها قد يحضر في اية لحظة
ولكن تصرفها في الاقدام على السلام عليه لم يكن سيء الى اي حد

نادت بصوتها عنه تحاول جذب اهتمامه:
- سوفيان ....سوفيان.....

التفت الرجل ينظر خلفه
ومن ثم ينظر الى صاحبة النقاب
لكنه لم يعرف ان هي من نادته او هو شخص اخر
عندما هم باشاحة وجهه عن مكان وقوفها
لقي منها اشارة باليد ملوحة له
فاشار لنفسه :
- انا....؟؟

قالت بابتسامة لم يلمحها وقد اقتربت من مكان وقوفه :
- الم تعرفني ....حقق فقط..بل حقق جيدا

بدت على ملامح سوفيان الدهشة من ثم شيء من الاستمتاع وبعدها اطلق ضحكت رنانة وهو يمسح بدهشة على وجهه:
- ث..ر..يا ..غير معقول يا فتاة هذه انت؟

اومئت بضحكت خفيفة:
- اجل انا هي بشحمها ولحمها...ما رأيك

قال ونفس البشاشة على وجهه المفعم بالحيوية:
- لكن من فعل بك هذا ؟؟ اصبحت مغلفة واعترف لولا عيونك الشهيرة لما عرفتك البتة...لا تخبريني انه ممنوع ضمك او تقبيل وجنتك او حتى السلام باليد

ابتسمت من تحت نقابها:
- ولىآ زمن التحرر يا سوفيان

قالت بصوت متردد:
- ....لقد تزوجت ...

بدت على محياه الصدمة:
- تزوجت؟؟؟...ولكن ...الم...

قالت تقاطعه معتذرة:
- اعرف وآسفة لكنه القدر

بدت على ملامحه انه استاء للخبر:
- ثريا بحق الله ..الم اكن انا من طلب منذ ذلك الوقت يدك.. ورفضت دون عذر.. والان انت ...

قالت تلطف الجو:
- عذري معي ولايزال معي غير ان الامور الان تغيرت كليا وهذا لن يمنعنا من ان نبقى اصدقاء اتذكر

قالت بابتسامة ينظر الى حذاءه:
- محقة اصدقاء ...لربما شعرت ببعض الاهانة فحسب.. من لباسك لابد من ان الزوج مسلم وليس غريبا

حركت راسها وتذكرت :
- حسنا انه معي علي ان اتركك الان سعدت كثيرا لرؤيتك
مدت يدها المغلفة بالقفاز ولاحظت النظرة الغريبة في عيونه
التي تدل على انه استنفر امر ان يكون زوجها متملكا الى غاية ان يغلف جسدها كله

رد :
- وانا مسرور لرؤيتك ايضا

سمع الاثنان صوتا وراءها يقول بصوت خشن:
- ثريا... هلا عرفتنا على الاخ

التفت وهي تبثر يدها من يد الاخر
تكاد تفقد توازنها لكنها بررت انه فقط يشعر بانه يملكها
ويريد ان يضهر شموخه امام الناظر
او يعرف الشخص الذي اثار اهتمامها
والذي جعلها تترك الحقائب وحدها قرب الكرسي

- انه سوفيان صديق من الجامعة تخرج قبلي بسنة ...انه زوجي عثمان يا سوفيان...

مد سوفيان يده بدون حقد لكن بنظرة نافذة وناقدة للرجل:
- يشرفني ان القى السيد المحترم زوجك تشرفت بمعرفتك اخي

كانت ملامح عثمان جامدة :
- آسف... لكن لايشرفني ذلك البتة

تنحى عثمان عن الطريق يقول:
- تفضلي يا زوجتي بالعودة الى مكانك

شعرت ثريا بالاحراج وخافت ان تطمئن سوفيان بنظرتة منها
لكنها لم تلتفت بل عادت الى مكانها لتجلس بانتظار القطار

بينما قلب انسان
تمناها بقوة في احد الاوقات يتفطر الما عليها وعلى حالها
فقد لاحظ اناقة الشخص الفواحة والقوية
بقدر ما لاحظ عنفوانه وسيطرته عليها
تاسف واشاح بوجهه ينتظر القطار بدوره تاركا اياها
شبحا من الماضي عاد ليضهر ويذكره بذكريات لطيفة
وبذكريات مرة تجرعها


تجلس في مكانها غير قادرة على النظر الى عثمان
وهي تخاف ان يزيد الالم في صدرها
من نظرة احتقار واحدة حتى تنهار كليا
تمنت في تلك اللحظة
لو تعرف ...هل يحبها ويغار..؟؟
ام هو انسان ينفذ ما وعدها به من آلام...؟؟
وتمنت لو انها لاتحمل هذا الطفل
لكانت تخلصت من خناقه عليها
لكانت تحجبت كاختها وازاحت عنها النقاب
الذي يشعرها انها اكثر من سجينة لديه



في القطار


بعد وصوله صعد الاتنان اليه
اختارا ان ينزلا في الطابق السفلي للقطار
لانه يسهل عليه ان يمشي بالعكازين
كانت تنتظر ان ينفجر في اية لحظة
لكنه كان يتصرف وكما لو ان وشيء لم يكن
كان في مقدمة المقطورة مكان مخصص لوضع الحقائب حيث وضع خاصتهم هناك

واراد ايجاد مكانين قرب بعضهما
لكن للاسف كانت هناك اماكن عديدة شاغرة
اختار ان تجلس قرب النافذة وهو بقي في الجهة المقابلة من الصف الاخر اي بعيد عنها
لا يكاد يلمحها فالمراة بقربها تحجبها كليا

اما هي تكاد تقسم ان حدسها يشعرها
ان شيء سيء سيحصل وان عودتهما ليست مطمئنة لها بالمرة
شيء يجعلها تفقد منذ يومين نبضات من قلبها بشكل مخيف

كان المكان قربها تجلس عليه امراة
وامامها طفلة صغيرة
بينما الكرسي الرابع شاغر بصحيفة وحقيبة سوداء
تحمل لابتوب في الداخل


اما المكان الذي جلس فيه عثمان
فقد جلست به فتاتان جميلتا القد والملابس
وبقربه كانت هناك امراة عجوز وضع قربه العكاز واسند ظهره بتنهيدة قوية
لاحظ نظرات احدى الفتياة اليه لكنه تجاهلها


اقترب شاب في العشرينات من عمره
ليجلس في المكان امام المرأة قرب ثريا
هته الاخيرة التي كانت تسبح في الصور
قرب الزجاج صور تزحف الى بعيد وبسرعة
وهي وقلبها المقسوم نصفين يتأرجح متألما
حتى انها الآن تريد الهرب... الركوض... الصراخ ...
ان تفجر الالم الذي طال كبته


عثمان في مكانه امال وجهه
ولاحظ ما حفز كل عضلاته الى النهوض
لكنه كبت نفسه
ذلك الشاب ينظر الى الكتلة السوداء بعبايتها السوداء
او بالاحرىآ قيم درجة نظره فشهدها مرتفعة الى ناحية عيون امرأته
انفاسه اضطربت كوحش لكنه فضل ان يستخدم شيء اخر
التفت الى المرأة قربه وشرح لها الامر كما اراد
فحركت المراة راسها وهي تنظر الى الشاب الذي يجلس قبالة ثريا باشمأزاز مما يدل على ان المرأة من المتحفظات
نهضت واقتربت من مكان جلوس ثريا ونادتها

- يا فتاتي ...يا ابنتي...

التفتت ثريا وعيوها ذابلة اكثر من قبل لكنها تنبهت للمرأة
- ...نعم؟

قالت المرأة:
- تفضلي باخذ المكان قرب زوجك وانا سآخذ مكانك

نهضت ثريا واقتربت من حيث يجلس زوجها
نظرت بغيرة الى الفتاتين اللتين تجلسان امامه
والىآ ساقي الفتاة امامه تميلهما تحت تنورتها بحركة مقصودة
ومرت متفادية ساقي زوجها
ولكنها دفعت الفتاة عن قصد منها وهمست:
بآسفة رغم انها بعيدة كل البعد عن كونها كذلك


كانت الرحلة تشد من ضيقها كونها صامتة وتنصت باذن صاغية الى كلام الفتاتين مع زوجها عن هذا الامر وذاك
نظرت اليه متكأ على المسند
والابتسامة الكسولة على فمه
لاشك ملأت قلوب الفتاتين شاعرية وعشقا خياليا

تذكرت ثريا ما فعله عثمان امام شخص كان محترما لها اكثر من غيره في الماضي ونطقت بما لم تظن نفسها قادرة عليه:
- انتما... انا حامل وارجوكما لا استطيع ان اتقبل ضحكما هذا مع زوجي فان كنتما متخلقتان فالافضل ان تصمتا.. لانني لا اضمن فقد اتقيئ في اية لحظة ولن يكون ذلك جميلا

جعلت الثلاثة قربها يدهشون من كلامها الفض الغليظ والخالي من اللباقة
ولم تستطع الفتاتين ان تقولا شيء
مخافة ان تخسرا الصورة الجميلة
التي لربما كونها عنهما عثمان لذلك قالت احداهما:
- انا اسفة لم اقصد شيء... لم اعرف سيدي انها زوجتك... اسفة

قال عثمان بضحكة خالية من المرح:
- لا عليكما... انه الوحم ياثر عليها في هته الفترة كثيرا

لابد ان ثريا الان جعلت من نفسها اضحوكة هي ليست هو
ولا تعرف كيف تجعل من كلمتها
الاخيرة في الساحة


حمدت الله كثيرا في نفسها واخيرا وصلا الى محطة "سيدي قاسم"
بعد نزولهما استقلا سيارة تاكسي
لتاخدهما الى المزرعة
وكان تعب السفر والتعب النفسي ينهكها بقوة
حتى انها استسلمت لستائر النوم بان تسدَلَ على عيونها



*************************




في منزل السي محمد




كان اليوم بالنسبة لهم كالغذ تماما
فاليوم بالذات ليلة الحناء
حيث تحني العروس يديها وقدميها مع صديقات العائلة
والنسوة ان احببن ذلك

هند بعد ان عادت من الدار البيضاء
اغتنمت الفرصة في اراحة عضامها في حمام المنزل
وتخلت كليا عن تقليد حمام العروس فلم يكن لديها رغبة في الاجتماع في الحمام العام معهن
مع نساء كثيرات وفتيات ايضا
تذكرت ما الهب قلبها وجعله ينتفض حزنا

اختي "جميلة"
ادمعت عيونها وبكت بحرقة وهي تضم ذراعيها على المغسلة
اين هي الرحمة والرأفة
اين هي من كل هذا
ان هي تمنت فهي تتمنى اشياء كثيرة
وتلك الاشياء الواحدة منها تقتل الاخرى بعنف
تريد ان ترى اختها
تريد ان تكون معها الان وبقوة
تحتاج لحضن دافئ افتقدته لسنوات
وتتمنى لو يحضر والديها الحقيقيان
لكن
ان هي حققت امنيتها هته
فهي بدون شك ستفقد من ينبض قلبها باسمه
نصفها الاخر ...عبدو..
فإلى متى ستستمر معاناتها؟؟
وما هي نهايتها ان هي فكرت بالانفجار في احد الايام؟؟؟
خرجت من الحمام اكرمكم الله لتبقى تحت تصرف امها
والنكافة التي اتت مع لباس العروس الكامل
اضطرت رشيدة ان تضيف الضعف لتجد نكافة لعرس ابنتها
في الموعد الذي اردنه
فقد كان الصيف فترة الاعراس والنكافة تكون حريصة على المواعيد


لم يات عبد الصمد اليها ولم يهاتفها بل لم تستطع مهاتفته
كل منهما منهمك لكي يلقى الاخر بلا حمل ثقيل على الكاهل
لكن هند وللان تشعر بشيء ما
تشعر ان حماتها تحركت فيها الغيرة العمياء على اولادها وكانها ستخطفه منها
فلايكفيها انه يقطن في نفس البيت التي هي فيه....

قالت لها امها في تلك اللحظة التي شردت فيها:
- كوني واعية صغيرتي ...اشعر بانك حزينة...

- لست ادري يا امي الحبيبة... لابد من انه شيء من المشاعر التي تهاجم العروس

ابتسمت امها وانطفئت ابتسامتها
فتخاف ان تكون ابنتها ناضجة لدرجة ان تكتشف
ان حماتها حاقدة عليهم من ناحية هذا الزواج
ولولا عبد الصمد وسط هذا كله لما زوجتها

قالت رشيدة بابتسامتها المشعة:
- سيكون عرسا جميلا ..ليس كبيرا ..لكنه سيكون في مقامك الرفيع غاليتي

قالت هند بشجن:
- مقامي يا امي ...مقامي رفيع بكم وليس لي علاقة في هته الرفعة

جلست الام قرب ابنتها
التي انتهت من الباسها بيجامتها البرتقالية:
- كفاك عن هذا الكلام ...انك تتالمين بنيتي ولست الوحيدة... بل انا بنفسي اتألم

اخرجت هند تنهيدة طويلة وقبلت امها ونهضت:
- هيا امي فلنختر وساعديني

وقفت الاتنتان امام السرير الذي وضعت امامه النكافة القفاطين التي ستختار هند اجملها للعرس

لكن ماذا بعد العرس ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟






***********************




في القصر



كان الرجال مجتمعين في المجلس الخاص بهم
ضيوف جائوا لتحية الجد والاب والمباركة للعريس
وكانت جلستهم رجالية مئة بالمئة
ومعهم سعيد يساند اخاه بابتساماته وضحاكاته ونكاته العجيبة
يزيد من الجو اكثر مرحا وسرورا

اما بالنسبة للنسوة اللواتي ارسلت في طلبهم فاطمة للمساعدة وهن اربعة في الاسفل واثناتان معها
فقد استغللن المطبخ لتحضير الشاي وانواع الحلويات وارسالها اليهم ليضل الضيف مكروما حتى اخر انفاسه



بالنسبة لفاطمة

كانت منشغلة بغرفة عبد الصمد
الذي رغم طلبه ان يحضر لهما جناح خاص بهما
رفضت امه بحجة ان الوقت ضيق
وانها ستحضر غرفته على اكمل وجه

وبهذا قامت بمساعدتها المرأتان في تنفيد جميع طلباتها
ورغم عصبيتها في بعض الاحيان
غير ان النسوة صبورات جدا في القرية من اجل المال الذي يحضين به والطعام الذي ياخدن منه لابنائهن الذين لم يتذوقوا من قبل مثله

اعد الحمام بوضع كل المستلزمات الاستحمام الخاصة بعبد الصمد
وكذا الاخرى والتي تخص هند
اشترتها لها فاطمة لانها تعلم انها ستحتاجها
قاموا ايضا بفرش السرير بفراش ابيض ومائل في وروده الراقية للاصفر البارد
الوان خاصة بالعرسان الجدد
ترسخت فكرة في دماغ فاطمة وتضن ان عليها ان تنفذها ولتشعر العروس او امها بما تريدان
عليها ان تتأكذ من بكارة البنت في ليلتها
قامت باخد الصندوق الذي وضعته على الارض
وجذبت منه سروالا ابيض ناعم فضفاضا يشبه سراويل الهنود في التفصيلة غير انه نسائي
كان مطرزا بورود رقيقة بيضاء ناصعة على جنباته
قامت باخده ووضعته فوق السرير بعناية
ولم تشعر النسوة اللواتي توضبن الغرفة بادنى حرج
لان الامر ذاته كن قد مررن منه


خرجت لتنزل الدرج الى الصالة القريبة من غرفتها هي وسليمان
ودخلتها كانت مفروشة بطريقة عادية جدا باللون البني ولا تحتوي سوى على زربية من ظهر الماعز
كانت هناك موضوعة "طبوقة"
حيث توضع جهاز العروس ملابس جميلة لها
وايضا توضع فيه الحلويات التمر المملوء باللوز
او حلوى مليئة بالشوكولا

تحمل هته الهدايا الى العروس في يوم العرس
عليها ان تضهر بصورة لائق امام النساء في المجتمع
واللواتي ايضا لهن مكانتهن
وقررت ان تحتفض بالتقليد





سمعت بعض الهتافات واصوات
ومنها صوت عزيز على قلبها ابنها "عثمان"
خرجت من الصالة بخطى سريعة رغم ثقلها
وشهقت بقوة وهي ترى ابنها الحبيب الاوسط يتكئ على العكاز
نزلت الدرجات الفاصلة على الباب واقتربت منه وهي تبكي بحرقة وتقول:
- بني ..حبيبي عثمان ما بالك يا .... كيف حدث لك هذا ابني اخبرني
وانحنت على ساقه لتعاينها باصابع ترتجف


كانت مليكة بينهم تسلم على ابنتها بحرارة
لكنها هي وثريا بقيتا تنظران الى الام التي سالت فاجابها عثمان:
- ليس هناك من شيء امي... الحمد لله على فضله انا بخير

قالت ثريا تحاول تهدئتها
وهي تنظر الى الشحوب الذي على وجهها:
- انه بخير امي لا تخافي الدكتور طمئننا فلا تشغلي بالك ....كيف حالك انت؟

قالت فاطمة بشيء من الامتعاض :
- بخير ...لكن يا ابنتي لما لم تقولي شيء لما اخفيت عنا ذلك في اتصالاتك

نظرت ثريا الى عثمان الذي اجاب بدلا منها:
- انا من منعها من الا تخبر احدا...لم يحصل شيء امي يدعي كل هذا
التكدر منك ....هل يا امي كلكم بخير ؟؟...عمتي ؟

قالت فاطمة بتنهيدة متالمة لحال ابنها:
- بخير يا حبيبي اتمنى فقط الا اراك ضعيفا امامي فهذا يحزنني

وقالت العمة:
- نحن بخير والحمد لله على سلامتك

اقترب من امه وقبل راسها
وحدثها بسعادة كما لو انه لم يصدق حتى التقى بها
ليجد الابتسامة المرحة على فمه

شاهدت ثريا عثمان يذهب مع امه الى صالة النساء الخالية
حتى يحدثها حديثا خاصا بين الابن وامه


قالت مليكة التي شاهدت ابنتها شبه مغمومة:
- صغيرتي ازيلي عنك النقاب وتعالي لنصعد الى فوق لابد من ان عبير نائمة ساخبرها بمجيئك ونأتي اليك اذهبي

صعدت ثريا الى جناحها الذي ان هي شعرت ببعض الحنين اليه
فقد شعرت باختناق مفاجئ منه
لكنها دخلت وغيرت واغتسلت
وارتدت غلالة بيضاء رقيقة حتى ركبها
وخرجت تجفف شعرها فوجدت امها وعبير تجلسان على السرير
وقفزت عبير تركض اليها وترتمي في حضنها بضحكاتها المنشرحة

قالت ثريا بتعب:
- اهلااااا.... بك يا عبيرة .....كيف حالك؟

قالت عبير :
- دعي عنك المنشفة ساجففه لك اجلسي ..انا بخير الحمد لله وفي افضل حالاتي

قالت ثريا تنظر الى امها في المرآة:
- وانت ماما تدرين انني اشتقت اليك فوق ما تتصورين؟؟

قالت امها تنظر اليها بمحبة:
- وانا كذلك اشتقت لك يا ثريا... تركت المكان في القصر فارغا وشعرت بالوحشة بدونك

قالت عبير بمرح:
- وانا يا سيدتي العزيزة الم املأه

قالت امها بملل مزيف:
- شبعت منك دعيني ارى ابنتي الحبيبة ثريا

قالت ثريا تضحك:
- والله يا امي ليس لي اغلى منكما حبيباتاي تملأن حياتي

شعرت عبير بصوت اختها يرتعد وهي تنهض
لتتوجه وتتكئ في حضن امها
تتبعها عبير وقد وضعت المشط على المنضدة

قالت مليكة:
- ما الامر غاليتي هل الحمل ما يتعبك ...اه ..تدرين لم نخبر فاطمة للان بحملك لكن اضن ان زوجك سيفعل

سمعت عبير جواب اجل من اختها فقالت:
- لا لا انت لست عادية بالمرة ....

لاحظت نظرت ثريا لها فتغيرت لتقول:
- تبدين في قمة بهائك دون مبالغة....


بقيت ثريا تحاول ان تماطل حزنها
لألآ يصل الى عيونها وتحمر
خشيت ان تكتشف امها الحقيقة
و تشعرها بالخوف وعدم الراحة في النوم
لطالما كانت امهما هكذا وهي تدري ذلك
وحكت مع امها وعبير عن الاشياء الجميلة وعن عمتها وعن كل ما هو رائع صاغته في قالب جميل



في الاسفل بعد ان خرج عثمان من حضن امه التي اختصر لها ان الرحلة كانت جميلة وانه عندما اراد الالتحاق بزوجته حدثت له الحادثة رغم التأنيب الذي سمعه رطب الجو وانساها بطريقته الموضوع
واخبرها ان ثريا حامل فلم تسعها الفرحة
وبهذا لم يستطع ان يتركها الا وهي مرتاحة من البكاء

توجه عثمان الى المجلس حيث يجلس اخوته ابوه وجده
ولاحظ نظرة القلق في عيونهم المحبة فقال قبل ان ينهضوا لمساعدته:
- انا بخير يا جماعة... لاتقلقوا ليس امرا خطيرا

قال والده :
- بني كيف ؟؟ لكن متى هل هو سقوط ام حادث ام ماذا؟؟

قال الجد الذي توترت ملامحه:
- بني عثمان طمئنا هل انت بخير ؟؟

- قال عثمان يجيب وقد جلس:
- ...كان حادث سيارة الحمد لله لقد نجوت

قال سعيد وعبد الصمد في آن واحد:
- وزوجتك؟

قال عثمان يشيح بنظره نحو الباب:
- انها ترتاح فوق ولم يحدث معها شيء غير...

قال جده بصوت متوتر:
- طمنا يا بني قلوبنا لا تستحمل

رد عثمان ينظر الى جده :
- جدي ..ابي ...ابشروا ...ان شاء الله لا يوجد الا الخير.... هناك منكم من سيصبح ابا وعما وجدي سترى باذن الله ابن حفيدك

حلت الفرحة على ملامح الاخوة ضربه سعيد على كتفه وكذا فعل عبد الصمد
وسمع الجد الذي فرح وابنه بالخبر:
- سانهض بنفسي اليك

اراد عثمان ان ينهض:
- لا جدي ارجوك...

نهض الجد واقترب من حفيده يقبل له راسه
فانحنى عثمان على يده يقبلها له

- هذا احلى خبر الحمد لله ...الله عوضك بعد الحادث الحمد لله

قال سعيد:
- ان شاء الله القادم يكون من نصيبنا او من نصيب الباشا

نظر سعيد يغمز لعثمان والتفتا الى عبدو
الذي عقد حاجبيه ينتظر ان يتكلما لكنهما بقيا صامتين ينظران اليه:
- ماذا ؟؟هل يوجد في ملابسي او وجهي شيء ما؟؟

قال سعيد:
- يا اخي يا عثمان.... المسكين لم يتحمل وجعل العرس في اقل بكثير من موعده

كتم عثمان ابتسامته يقول:
- اللهم استر اخاف ان يسبقنا في ولادة اولاده

قال عبدو بعصبية:
- وانتما الم تسرعا في الزواج كالصاروخ

قال عثمان يرفع حاجبا:
- هذا لايمنع ان يكون الاصغر في طور التقليد

قال عبدو ضاحكا :
- لست ادري هل تقرران فتح سباق لمن يلد اولا ...
اذا انفياني من الموضوع انوي التمتع مع زوجتي قدر الامكان

قال سعيد:
- لاتحلم الاولاد اولا نريد ان نراك وان تركبهم على ظهرك وتغير لهم الحفاظات هههههه

ضحك عثمان بدوره يقول:
- والله اكاد ابصم اصابعي باكملها انه سيفعل ذلك ههههه

قال عبدو وابتسامته الجميلة على وجهه القوي:
- اخبرني الان اخي انت بخير..اليس كذلك متأكد...

استرجع عثمان جديته:
- انني استرجع عافيتي الحمد لله

قال سعيد:
- لابد من ان تحضر العرس غذا

قال وهو ينظر الى الزربية تحت قدميه:
- لست ادري ....

قال عبد الصمد:
- ستاتي وإلا ....

قال عثمان بابتسامة تخفي الكثير :
- طبعا سآتي وهل انا مجنون لترك عبد الصمد وحده في تلك المحنة

ضحك سعيد وهو يتمنى بدوره ان يرزق بطفل
فسيملأ عليه حياته
لم يظن ابدا في حياته التي مضت ان للزواج سحر خلاب كهذا
وهو من كان في البداية كارها له الان بات يعشقه بشغف






********************




في بيت السي محمد




بالمساء

حضرت النساء وصديقات العائلة للبيت وشغلت الموسيقى الامداح
وحضر مكان العروس الذي زين بملائة خضراء على الحائط وعلى كرسي العروسة
وهذه الليلة لايحضرها سوى النساء اللواتي فرحن كثيرا بزواج الفتاة هند
فرحن بها
ونقشت الايدي حناء
وعلت الزغاريد المكان واحتفلوا بها احسن احتفال
وكما يقال نقشت الفال الجيد على يدها
لان ترك الحناء عندنا تعد فأل سوء
فهل لنا ان نؤمن بمثل هته الخرافات
ان كانت المشاكل متارة اصلا

كانت هند تتناسى كليا امر خوفها من اكتشاف اصلها في اية لحظة وتناغمت مع الاحساس المتوتر اللذيذ
والسعادة التي عززت ثقتها بنفسها وبمن تحب



فضل اهل العريس ان لا يحضروا هته الليلة
حتى العرس لكي يكون التحضير كاملا
ورشيدة ايضا كانت تشرف على الخدم
الذين ذبحوا الدجاج بكثرة والذبيحة التي احضرت كانت "بقرة"
وحضرت الطناجر الكبيرة للطهو وعملت النسوة بشكل كبير لكي يتم انهاء الطبخ ويبقى المرق فقط




**************************




في القصر



كان الرجال ينوون السهر لمنتصف الليل
وفي جمعيتهم يتم تلاوة القرآن من طرف كل واحد منهم
وهي الفرحة هكذا يكون لها طبع ديني متأصل

طلبت فاطمة من ابنها عبد الصمد عدم دخول الغرفة التي وضبتها مع النسوة له ولعروسه
وحضرت له مكانا لينام في صالة من الصالات
وافقها فهو يرضى بان تسير امه الامور
مادامها راضية على زواجه



سعيد
كان سعيدا بالفعل واقتصر على التركيز على شيء واحد وهو الانجاب
وما قد يتطلب عليه من امور
فهو اكبر اخوته وعليه ان يكون العزوة في العائلة
رغم تساويهم لدى والدهم لكن يبقى سعيد هو الاكبر
ويملك مفاتيح المزرعة ومخارجها ومداخلها
والثقة الموضوعة فيه كبيرة
والجد يعتمد عليه ويقولها دوما
انه هو من سيقود هذه العائلة الى الامام
الهدف من تركيزه على الانجاب هو هدف ان يكون في البيت صغار يفرحون الكبار في العائلة
فيعرف عن رغبتهم في رؤية اولادهم قبل موتهم
ويتمنى ان تنفذ رغبتهم
وايضا امور الارث تلك هي آخر ما قد ياتي الى دماغه كفكرة



صعد عثمان الى جناحه واصرت امه على مساعدته رغم انه كان
يستطيع ان يسند نفسه غير انها رفضت
ان يصعد وحده مخافة ان يسقط من الدرج
بعد ان اوصلته الى باب الجناح قبل راسها قائلا:
- امي سادخل الان اشعر بانني سانفذ من التعب

قالت تبتسم له وهي تدعوا:
- اتمنى من الله ان يحفظك ويسترك يارب

- امين امي تصبحين على خير

اجابته:
- وانت من اهله بني


دخل الى الجناح حيث لم يلمح من الضوء سوى ضوء الغرفة التي استقبلته
اما غرفة زوجته فقد كانت مظلمة
اقترب من السرير واضاء ضوء الاباجورة الصغيرة قربه
ولاحظ ترتيب اشياءه على المنضدة
لابد من انها هي من رتبتها


كانت ثريا مستيقظة واعلمها حفيف حركته انه موجود
استدارت وجلست تقول وهي تشعل الضوء من جهتها:
- عثمان هلا تفضلت...و... وخرجت

التفت اليها بحدة وهو يقول:
- ماذا؟

قالت تشدد على الكلمة بخوف دون ان تنظر اليه :
- لاتحلم بمشاركتي غرفتي ..يمكنك النوم... خارجا

قال بكل قسوته المرة وهو ينظر الى منظرها باشمئزاز:
- بالمناسبة قبل ان...اخرج..من ....الغرفة
هناك حديث طويل بيننا.. لحد الان لم نتحدث بما حصل اليوم

قالت بحذر وتهرب تلاقي نظرته السوداء القاحلة من اية رحمة:
- عن ماذا؟

اعتدل في مكانه ينظر اليها
وبعيون كالصقر الذي يهم بالانقضاض على فريسته
- اتضنين انني اهبل.....هه كنت فعلا محقا يا ثريا ...سمعت كلامك مع الرجل ... كان اذن يضمك ويقبلك على وجنتك ...جيد ...ايضا بدوت تتاسفين ...ممتاز ...هلا.. تفضلت بشرح حضرتك واخبرتني ما نوع العلاقة بينكما؟..اه او لا ستخبريني ان ما رايته سراب ليس موجودا او تلفقين كذبة مثل انا بريئة يا عثمان ارجوك صدقني ....

شعرت انه وراء نظرته تلك عالم لايمكنها سبره
ووراء كلماته القاسية نيران تحرقها بالم:
- كان ...كان يعزني شخص... ارادني زوجة فلم اقبل....

صرخ بحدة:
- يعزك او يعشقك...تبا لك ...تبا لك ...لست ادري من اين لك بهذه الحرفية في المماطلة..؟؟ خبيثة ...يمكن ايضا ان ينطبق عليك سافلة ...صديق هه..صديق ""رفع الغطاء وضربه بها بعنف""
ساخرج واعلمي انني فعلا بت اكره ان اشتم عطرك في المكان
بل اكاد اشعر انني امقت اليوم الذي فرضت علي فيه ...تبا...
اكره صورتك المنمقة ايتها المخادعة رخيصة لست سوى كذلك

ضرب بيده المحتويات مع الاباجورة التي تدلت
وانتفضت بعنف ثريا
عضت على يدها بعنف تمنع انهمار دموعها
او انفجار السدود عن طوعها
بكت بحرقة
وهي تنظر اليه ياخد ملابسه ويخرج من الغرفة لينسدح خارجا
فهمست بصوت مرتجف:
- انا بريئة ...انا بريئة... لم افعل شيء صدق..ن..ي...صدق..ن..ي...عثمان...

صوتها لم يكن صوتا بل همسا ما شهدت في حياتها قساوة مثل هته
ليته يكف عن جرحها ليته يتركها تذهب من دون رجعة
فنظرت الى بطنها كما لو انها بدأت تكره ابنها لانه سبب سجنها هنا ....انه السبب...






**********************




في اليوم التالي
السبت8 صباحا



بمدريد




وكما قررت نسرين استفاقت باكرا وحضرت الافطار لكل العائلة
وللضيفة طبعا
كانت قد حضرت الطعام على الطريقة المغربية والتي ركز عليها عصام
فلا يود ان تفقد اصالتها وثقافتها بثقافات الاخرين

بعد ان ساعدت ميغيل في تناول افطاره وشرب الكمية الكبيرة من القهوة التي يعشق
اخدت تحضر قهوة اخرى في الالة الكهربائية
وخرجت تعدوا بنشاط الى غرفة امها
وقفزت على سريرها :

- امي...امي...استفيقي امي هيا هيا هيا ...

قالت امها متكدرة من ضجيج ابنتها المزعج:
- ما الذي تريدينه مني اتركيني في حالي ....اريـــــــد ان انام ...عصـــــــــــــام....

قالت نسريت تضحك:
- ههههه عصام ياخذ الشور لن ياتي لينقدك ماميتا حبيبتي هيا ضيفتنا اليوم علينا ان ناخدها لزيارة معالم مدريد امـــــــــــــــــي

تنهدت مريم مشعثت الشعر:
- حسنا من اجل الضيفة فقط....."قرصت وجنة ابنتها"يا لك من فتاة نشيطة تكدر الناس في نومهم...ايه اياك ان تقومي بايقاظ الضيفة هكذا..

ضحكت نسرين تقفز من السرير الى الارض:
ههههههه ستجد طريقتي ظريفة....لكن لا ساذهب لاقلق راحة عصام

قالت مريم تصرخ من حمامها اكرمكم الله:
- لاتقومي بذلك دعي اخاك وشأنه

خرجت نسرين وطرقت الباب لتسمع صوتا من الداخل
فدخلت بهجوم مباغث لتجد اخاها عاري الصدر بسروال كلاس :
- انت قلت ادخلي فعليك تحمل المسؤولية دع كل شيء من يدك انا من سيقوم بمساعدتك ايها الاخ المدريلينوسي

نظر الى اخته باسما وقال :
- تعالي اذن ساعديني في ارتداء القميص يا فالحة


في غرفة الهام الصغيرة
اعجبها كثيرا النظام والمشاجب الخشبية واشياء
كانت قمة في الرقي
رونق اسبانيا ومدريد الحالمة جعلتها حالمة بكل المقاييس
ساعدها عصام عندما طلبت منه تواقيت الصلاة لكي لاتتيه في سحر البلاد
واحضر لها ورقة التواقيت بدون مشاكل
اعجبت بشخصيته المحافظة والفذة
اعتبرت نفسها رغم مرضها من المحظوظات لحصولها على عطلة كهذه

اطلت من الشرفة مرتدية فستانا من الموضى الجميلة
فضفاضا رمادي اللون طويلا الى الكعبين
باكمام قصيرة
ارتدت اسفله قميصا مخططا بالابيض والرمادي وتحجبت

سمعت طرقا على بابها قالت:
- تفضل ...

دخلت نسرين مبتسمة ملأ فمها الصغير وهي تنظر اليها :
- انت جميلة فعلا ملابسك ..جميلة اجل...

قالت الهام مبتسمة بخجل :
- اشكرك اذا اعجبتك فعلا يمكنك المجيئ الي لتقيسيها في المساء

اومئت نسرين برأسها:
- سافعل فعصام يحاول دوما ان يجعلني اتحجب...لكني اعجز عن تقبل الفكرة

قالت الهام:
- انها امور تحتاج التعود فقط...هل اردتني لشيء؟

قالت نسرين تمسك يدها:
- هيا لنفطر لقد حضرته بنفسي اخاف ان يقوم اخي ببلع الافطار كله في ملعقة واحدة انه يملك شهية كبيرة

قالت الهام تداعبها:
- قولي ماشاء الله... تدرين ....العين قد يمرض

نظرت اليها نسرين وحركت راسها :
- ماشاء الله..عليه

دخلت الاثنتان الى المطبخ حيث كان عصام يجلس في قميصه الرمادي
ودهشت من تشابه الالوان فقالت:
- صباح الخير

ابتسم بسرور:
- صباح النور تفضلي بالجلوس ...افطري جيدا انسة.. فلابد من ان السيدة المحترمة نسرين.. ستقوم بدور الدليل السياحي ...واخبرك لن تملي بل ستستفيدين مجمل الوقت

ضحكت الهام بخجل ونظرت الى نسرين :
- انت دليل سياحي؟ تحبين التاريخ اقصد مادة التاريخ

قالت نسرين:
- اعشقها واعرف الكثير من الامور لكن للاسف المواد الاخرى السبب الرئيسي في رسوبي

قالت الهام تسال بفضول:
- هل السيدة مريم ستفطر معنا؟؟

دخلت مريم في تلك اللحظة بملابسها السوداء
ووجهها البشوش وشعرها الاحمر المختلط الالوان مرتب بعناية:
- شكرا على سؤالك عزيزتي طبعا سافطر ...اسكبي لي يا نسرين فنجان قهوة

فعلت نسرين ذلك
وكان الجو مرحا على الدوام بمشاكسات نسرين
ونكاتها وكلامها الغريب
حتى حركاتها وقفزاتها الطفولية
تبدو كروبورت نشيط يحب المساعدة


بعد انتهائهم من الافطار
اخبرهم عصام انه سيجعل السيارة تعمل لتسخن قليلا بينما تنزلن
ودخلت نسرين الى غرفتها مع الهام والتي اعطتها بعض النصائح الاخوية في ارتداء ملابس جميلة وتبعث على الاحتشام والوقار وبحجة انها متزوجة ويجب ان تظهر كذلك
بهذا ارتدت نسرين بذلة سوداء وقميص مع سروال بدل الشورتات والملابس الكاشفة

خرجت الثلاثة من الشقة لتنزلن الى السيارة
وبدا مشوارهن عبر طرقات مدريد
وكانت نسرين نعم الدليل بحيث لم تترك مكانا لم تخبرهم به وبتاريخه
وبدأوا بالمركز الثقافي الاسلامي
والذي تم افتتاحه عام 1992ويحتوي على مساحة 12000 متر مربع
وقد تم انشاءه بتبرع من خادم الحرمين الشريفين
الملك فهد بن عبد العزيز
وذلك لجعل هذا الصرح بعد ان عاش المسلمون سنوات طويلة يتطلعون لمكان مناسب لقيام الصلوات فيه
وتضم اول مدرسة عربية اسلامية
مع مكتبة وقاعات للمعارض
ويعمل هذا الصرح ولله الحمد في تحسين صورة المسلمين للغرب

ايضا قاموا بزيارة متحف الشمع
ذلك المتحف المدهش الذي يحوي العديد من الثماثيل المصنوعة من الشمع لعديد من الشخصيات العربية البارزة
ومن اهمها ياسر عرفات وصدام والملك ملكنا الحبيب محمد السادس نصره الله ملك المغرب
وايضا ثماثيل من التاريخ العريق
مثل عبد الرحمان الداخل
والحاجب المنصور

وانهوا مشاويرهم بزيارة ابرز المتاحف في مدريد بل وفي العالم اجمع وهو متحف البرادوا
ولضخامته اضطروا ان يختاروا الوجهة التي يودون رؤية اللوحات فيها من اجمل اللوحات بيكاسوا وراسامين مشهورين آخرين ايضا

وبعد ذلك قرروا ان يتيهوا قليلا بين مقاهي شارع كلاو وقران فيا
وبين رساميهم الذين يرسمون البورتريهات
كان يوما من أيام عديدة روعة
وعدتها بها نسرين وهي تلهث تقريبا ومتفاخرة بمعرفتها لكل هذه المعالم الرائعة والقديمة الحديثة فقد سبق وزارتها واكثر منها ايضا
وكان يوما لاينسى
ولاحظت انها اصبحت اكثر انشراحا من ذي قبل مع عصام
الذي ساهم في الاجابة عن اسالتها واعجبته السعادة المشعة من ابتسامتها وبرائتها....



يتبع.............


في الجزء المقبل نشهد العديد من التقلبات النفسية عند بطلاتي
واخصها ثريا وهند تابعوني
وبنات بلييز اعذروني عن اي تقصير واعطوني من اقتراحاتكم وتعليقاتكم الكثير
فبالله ارقى وبكم





بسم الله الرحمان الرحيم

:
:
:
ولا حول ولا قوة إلا بالله
:
:
:
:
وأستغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم

:
:
:

الجزء السابع والعشرون






ليلة غريبة وليست اعتيادية

فمنهم من انهكه التعب
ومنهم من إحتواهما الدفئ بعيدا عن هموم الدنيا
ومنهم من فرقته المسافات حتىآ بات الليل يطول عن غير عادة من السهاد في البعاد
اشتياق لحضن الاخر وهو قريب وليس بالبعيد يأرق أحلامهم
موجع هو الصدع الذي تسلل منه الحب كما لو انه يجرف للخارج
ومنهم من ينهكه التفكير في يوم غذ الذي سيغير حياته وتكون بداية لحياته
يتذوق فيها حلاوة الزواج وعذوبته
ينتظر بفارغ الصبر ان يكتفي من هذا الشوق الذي اذاب فؤاده وزاد من عشقه لها اضعافا مضاعفة


في جناح عثمان


كانت الظلمة في غرفة ثريا التي عادت لها وحدها تلفها من كل جانب
فلايوجد الليلة القمر الذي يضفي رونقه على الغرف بضوءه الجميل
وقفت بغلالة نومها البيضاء
وتوجهت الى النافذة علها تسترجع القليل من التعب يساعدها على النوم
شعرت بيدين قاسيتين وبقدر تلك القساوة كان الدفئ منهما جنة خيالية في نظرها
صعدت اليدان على ظهرها وجذبتاها من كتفيها الى صدره
التفتت تنظر بهول الى زوجها العاري الصدر والمشعت الشعر
وهمست:
- عثمان….لكن…

وضع ابهامه على شفتها حتىآ التهبآ معاً
وهمس وانفاسه قرب رقبتها:
- بدون لكن …أنا آسف ساحرتي على ما بدر مني

إبتسمت بارتياح تام وشعور عميق بالرضىآ
كآن كل منهما يذوب في عيون الآخر
زرع أصابعه في عمق شعرهآ وجذبها بيأس إليه
لم يفرق بين شفاههما المندغمة أصلاً سوىآ القليلُ القليلْ
وعندها أشعرها عثمان من إبتعاده المفاجئ أنه هنآك شيء مآ

همست بالكآد وشبه مختنقة:
- مآذآ ...لما ....
أشار لها أن تنظر إلىآ الجهة الأخرىآ
فنظرت وقد خفق قلبهآ بشدة رهبة وحنينا
إحساس بالسعادة والفرح
وبين عدم التصديق لرؤيته

اقتربت من مكان وقوفه والهالة تلك الهالة تحيط به نوراً

همست مختنقة العبرة وفي عيونها دموع وداخل قلبها حزن لآ يضمحل:
- أبي....آسفة ...لم أرك

شاهدت ابتسامته ملأ فمه ويطلب منها الاقتراب
- لاتخآفي هات يدك

إقتربت منه وضمت نفسها اليه بحب :
- أبي غبت عنا طويلاً أيها العزيز...أخبرني مآ الخطب هل ستبقىآ

قال لها بصوت حازم:
-لآ ...

قالت بشجن مهمومة في ملآمحها:
- خذني معك اتوسل اليك أبي يا أبي أست...

- لآتكوني لحوحة يآ ثريآ فهنآك مختلف وأنت لآيزآل ينتظرك الكثير ...أتيتك لشيئين

قالت تمسح دمعتها :
- مآهمآ؟

أشار بإصبعه إلىآ عثمآن الجالس على طرف السرير الذي ينظر اليهمآ:
- ان ترضي بالقدر خيره وشره

لم تفهم لكنهآ إلتفتت إلى والدهآ تحرك رأسها بالإيجاب:
- أجل حبيبي سأفعل ...والأمر الثأني

أشار لهآ من النافذة إلىآ أختهآ في الاسفل :
- أطلبي منها أن تحذر

- أبي اترىآ أختي.... تلدغهآ الأفاعي...سأذهب إليهآ

أمسك والدهآ بيدها يقول:
- أطلبي منهآ أن تحذر

وتحرك والدها يخرج من الغرفة لكنها قالت تتبعه وتمسك يده:
- لآتذهب أبي ارجوك خذني معك

قال لها يبتسم:
- لآتكوني لحوحة يا ثريآ ...

قالت تقبل يده:
- إذن إدعي لي

رفع كفيه لله سبحانه وتعالى ورفعت يديها تردد وراء كل جملة آمين قال:
- اللَّهم انر طريق ابنتآي يا رب ...اللَّهم إرضي عنهما...واحفظهمآ يآ رحمان آمين

خرج والدها من الغرفة وشعرت بفرآغ غريب
إلتفتت إلىآ سريرهآ ودخلته وتدرترت

للحظة شعرت بيد علىآ جبهتها وشخص يهمس باسمهآ
كانت عيونها نصف مغمضة مابين الحلم والواقع

- ثريا ....ماذا بك ...؟؟

إستفاقت اخيرا كليا وشاهدت يد زوجها علىآ وجهها
واعتلتها الحمرة فهي تدري انها كانت تحلم
وكم كانت رغبتها قوية في البوح بما يخنقها
ان تبكي بحرقة لمن اختفىآ عن ناظريها الحبيب الغالي والدها

قالت لعثمان الجالس قربها على السرير:
- ما الذي تفعله يا عثمان في غرفتي؟؟

قال وقد احتل الغضب ملامحه بدل الاهتمام:
- ثريآ لست هنا إلا لأني دخلت لكي اتوضئ قبل صلاة الفجر ....وسمعتك تتكلمين فقلقت ضننتك مريضة

قالت بنفس عصبيته:
- انا بخير فابتعد عني من فضلك...

تنهد عثمان بما يثقل صدره من هموم هته المراة
وابتعد ليدخل الحمام اكرمكم الله
بينما ظلت في مكانها تخفي عيونها الحزينة في مخدتها الوحيدة التي تدري عن اسرارها الخفية
ظلت هكذا تفكر في كلام والدها
إنها رؤية فكرت في كلآم والدهآ إلىآ أن خرج عثمان من الحمام
إلتقت بنظرته وشعرت كانهما غريبين من عالمين مختلفين
نهضت هته المرة لكي تتوضئ وتصلي وتدعي لوالدها بالرحمة













في مدريد




خرجت الهام من الحمام بعد وضوءها
وقد ارتدت ملابس الصلاة
وجلست تقرأ من القرآن ما تيسر سمعت وقع اقدام في البهو وبعدها سمعت الباب يغلق
فعلمت انه ولا بد عصآم من خرج إلى الصلاة
ابتسمت وشعرت بغبائها لفعل ذلك
فخطرت لها فكرة نهضت بعد أن وضعت القرءآن في مكانه وخرجت متوجهة بخفوت الى غرفة نسرين وزوجها
فبجرءة لاتدري من اين لها بها طرقت الباب
ونادت:
- نسرين...احم...نسرين...


في الداخل حيث كانت نسرين توجه وجهها للباب وهي نائمة
ويحيطها زوجها بذراعه القوية
تحرك لأنه الأول من سمع صوت إلهام فهمس وملامحه ممتعضة من إنقطاع نومه:
- نسرين ...نسرين...

تململت وهي تجر الغطاء علىآ رأسهآ

جر ميغيل الغطاء من فوق رأسهآ
- نسرين ...حياتي "مي أمور" إنهضي

رفعت نسرين رأسها وعلى وجهها تكشيرة أضحكت ميغيل فقالت بنعاس:
- ماذا ميغيل دعني أنام من فضلك أوف

قال بخفوت:
- لست انا من ينآديك بل الآنسة إلهام

نهضت نسرين تسمع الطرق مرة أخرىآ
- لكن ماذا تريد في مثل هته الساعة؟؟

وقفت إلهام تائهة فقررت أن تعود أدرآجها إلىآ غرفتها
في تلك اللحظة فتح بآب غرفة نسرين ونادتها وهي تغلق باب غرفتها:
- إلهام هل من مشكلة اتريدين شيءً؟؟

قالت إلهام بابتسامة خجولة:
- هلآًّ أتيت معي لنصلي

بهتت نسرين وحكت شعرها وجذبت على نفسها الروب :
- أنا...لكن لمآ تريدين ان أصـ..لي معك ؟؟

قالت إلهام:
- آسفة إن ازعجتك لكني أخاف الظلمة هنا في البيت ..وأحب صلاة الفجر مع شخص ما... فأشعر بالأنس

شعرت نسرين بالإمتعاض من نفسها أكثر من إلهام :
- لكن يا ....إلهآم انت لن تضحكي علي ...إن أخبرتك أنني لآ أعرف ...كيف أتوضأ أو أصلي

لم تشعر إلهام بالدهشة بل بالنصر :
- سأريك كيف... تعالي

ذهبت نسرين معها الىآ غرفتها وشعرت بشيء مألوف فالجو في غرفة إلهام مشابه للجو في غرفة عصآم السجادة والقرآن
كانت نسرين مترددة لكنها شعرت ان من غير اللآئق ان ترفض لضيفتهم طلبا لذلك أرتها طريقة الوضوء المناسبة
ووعدتها بجرءة أنها ستتعلم كلما صلوا الفجر معاً

بعد ان انتهوا من الصلاة جلست إلهام على السجادة لتقرأ من المصحف الكريم
وكانت تنظر إليهآ نسرين بشيء من الإهتمام
التفتت إليها إلهام وسألتهآ:
- هل هنآك شيء ..؟؟

أجابت نسرين بأنتفاضة:
- لآ كل مآ في الأمر أنآ أتمنىآ أن أتعلم ...الـ...العربية في الكتابة أعني فعندمآ ينتابني الفضول نحو القرآن لأقرأه كما يفعل أخي لآ أستطيع لأني جاهلة في اللغة

انصدمت إلهام واندهشت من خجل نسرين
وكأنها تخجل من أن تعترف بأمر عادي
كهذا فابتسمت لتشعرها بالإرتياح:
- أمر ليس بالسيء أن يكون المرأ جاهلا في بعض الأمور لكن العيب في أن يرفض تعلمهآ

- منذ الغذ..أقصد منذ اليوم...سأبحث عن معهد للغة فلآبد من ان هنآك وآحد

نهضت إلهآم من مكآنهآ تقول:
- يمكنك أن تبحثي عن دآر للقرآن وهكذآ تكونين قد ضربت عصفورين بحجر وآحد

نهضت نسرين أيضآ تجمع حاجيات اخيهآ التي استلفتها منه
- أنت محقة سأفعل ...صراحة أنا أشكرك من كل قلبي علىآ ما علمتني إيآه

- لاشكر علىآ واجب


مضت نسرين تقفل الباب وراءها
وتتوجه إلىآ غرفة أخيها التي فتحتهآمن دون استأذان

قال عصام بدهشة:
- نسرين...؟

أجابت نسرين وهي خجلة:
- آسفة اخي ظننت أنك لاتزال في الخآرج ...

قال والاهتمام يحفزه لسؤالها :
- ماذا تفعلين بأغراضي؟

قالت تبرر:
- آسفة إن ازعجك أنني استلفتها فلن اعيد الكرة مرة اخرىآ

ابتسم ورد :
- اليس من المفروض أن اعرف اولا وبعدها اجيب...ماذا فعلت بهآ؟

قالت نسرين بتردد:
- انا ...صراحة نادتني إلهآم لأأنسهآ في الصلآة وقد صليت معهآ
يـــــــــآي أخي آه لو تعلم مقدآر السعآدة التي شعرت بهآ وأنآ أصلي
روعة ....

استغرب عصآم ما تقوله اخته لكنه فهمه:
- جيد جدا وعلىآ عملك هذا تعالي لأعطيك قبلة

اقتربت مسرعة إلى حضن اخيهآ الذي قبل وجنتهآ
- تهآنينآ أختي علىآ ذلك

توجهت للباب تقول بحبور :
- تصبح على خير أخي

ابتسم لهآ:
- تصبحين على خير نسرينتي نامي جيداً


يآللدهشة التي اصابته
كيف بإلهآم ان تصل إلى شيء لم يستطع هو أبدآ الدهر ان يصل اليه
فيتسآءل هل فعلا شعرت بالوحدة لصلآتها الفجر
او الامر مختلف كليا ومحض ذكاء منهآ







في المسآء
بالقصر
اَلْمـَــــنـْــــصـُـــو رِِـــــِي




كآنت التحضيرآت بالنسبة لعآئلة العريس بسيطة وبدون تعقيدآتٍ
الهدآيآ الخاصة بالعروس جاهزة ووضعت كلها في السيارة التي سيقودها
الجد وسليمان
وايضا فاطمة ومليكة
اللتان اوصتا الخادمات بالتأكد من أن كل شيء بالغرفة جاهز

نزلت عبير في قفطانها البراق المتلألأ بزهور متمازجة في الالوان الخضراء والزرقاء المخضرة والصفراء
وسعيد يرتدي بذلة بنية اللون بقميص مفتوح عند الصدر في اللون الابيض
احتلآ مكانهما في السيآرة التي سيقودها سعيد




في جنآح عثمآن




الوضع هو الوضع
والضغط الموتر للأعصاب لآيزآل قآئمآ بينهمآ
بعد أن استحم عثمآن وحلق ذقنه
خرج من الغرفة كلهآ وفي يده بذلة سودآء وقميصه

بدىآ لهآ أنه يتجآهل وجودهآ ويتصرف كمآ لو أنها غير موجودة
فلم تهتم كثيرآ هي الأخرى وإدعت نفس الشيء

نهضت من السرير بعد خروجه
شكرت الله لأنهآ لن تضطر لإرتدآء سوىآ الحجآب وليس النقآب
لذىآ إختارت قفطآناً وردياًّ قاتما يميل علىآ الأكتاف
وينزل علىآ ثنايآ جسدهآ يكوِّنُ منهآ صورة فاتنة
واِرتدت الأكسسوآرات الخآصة مع القفطان والتي زآدت من حسنهـــآ ورونقهــــآ ورقـَّــةِ بهآئِهـــآ



مشَّطت شعرهآ ووضعت مآكيآجاً خآصاً بالمنآسبة بخفة يدٍ متقنةٍ
وسمعت حذآء عثمآن علىآ أرض الغرفة يطرق
وكآن بالإمكآن أن تلتفت
لكن لم تشئ أن تنظر إليه
وهي تدري أن بسبب روعة طلته يشظىآ قلبهآ
يستنبط أية وسيلة في خلق الوجع الذي يثخن فؤآدهآ منذُ عَرفتهُ
ارتجفت يدهآ الحآملة هي لأحمر الشفآه البرآق علَىآ شفآههآ العذبة
أعادته إلى مكانه ونظرت إلىآ عثمان في المرآة تقول:
- هل تريد...شيء ؟؟ هل أحجبه عنك...؟؟؟

إستمر في صمته وهذآ زآد من إنزعآجهآ
وإستوجف ذلك قلبهآ تخشىآ الضعف
وهو يلعب بأعصآبهآ
بنظرته تلك


- توقف يآ عثمآن عن النظر إلي هكذآ... من فضلك

أجاب أخيراً وهو يقترب منهآ أكثر ليزيد توترهآ :
- هذه هي الطريقة التي سيضل من في العرس كلهم يبحلقون فيك بهآ...

سألته وقد إكتستها الرعشة:
-وما الذي تقصده..؟

قال يمسك شعرها ويجذبها اليه ليهمس في عمق أذنهآ وشفآهه
ملتصقة عليهآ تزيد من عذآبهآ:
- لن تذهبي إلى العرس ...ولو علىآ جـ..ثـ..تــي

شعرت بالألم في شعرهآ وبالألم المعنوي ينحر قلبهآ :
- دعني ..لمآ أنت شرس هكذآ ..أنت تألمني يآعثمآن ...أترك شعري إن الخنزير نفسه أحسن منك...

سحب شعرهآ اليه أكثر يقول:
- إن كنت أنآ أسوء من الخنزير فلآ بأس ..لكن لآ تنسي نفسك فأنت أدنىآ مستوىآ

تألمت من جره ومن نفضه لهآ بقسوة
رمقته وقد التفتت اليه وتحارب الدموع من الوصول إلى عيونهآ :
- وانا أكرهك كمآ لم أكره رجلاً في حيآتي... أو أكثر.. كمآ لم أكره إنسآناً في حيآتي ...وأنت لآتهمني ...ولأزيدك ...أخبر الجميع بقصتي فلآ...يهمنـــــي ...لآ يهمني..

اردف بصوت واثق:
- لن تذهبي إلى العرس وكفىآ أزيلي هذه الملآبس وارتآحي أفضل....لست مجنونآ بتركك تأتين العرس ...أخاف أن تفضحيني

سقطت علىآ كرسي المنضدة
يتلف عروقهآ هذآ الحـــبــــ المـــــوجع
ويتمـــــزق فؤآدها من شدة كرهه ومقته لهآ
أليس في صدره الرجولي قلــــب
ألم يفكر أنهآ إنسآن وكيآن وروح تعيش علىآ وجه آلأرض
ألم يفكر أن تنفسها يكون عآديا كبآقي البشر لكن بسببه تفقده تَقْرِيباً
ألم يفكر أنها إنسانة تبرد وتحتآج لحضن وقلب ينبضــــ


رآقبته بين رموشها الكثيفة المنسدلة
راقبته وقد طغىآ علىآ قلبهآ غمآم الحزن
رآقبته وقد أنطلقت رصآصآت قآتلة تخرق صدرهآ من دون صبـــر
رآقبته وهو يضع من العطر على ملابسه
نظرت لأنعكآس عيونه السودآء الفحمية علىآ المرآة وغلبتها رغبة في البكآء
إنها تُعَدُّ ممن فقدوا الأمل في الحبـــ
أبداً لن تحصل علىآ يده حانية يومـــاً تربت علىآ شعرهآ
أبداً لن يكون الأب الحآمي الذي فقدته
أبدآ لن يستجمع دموعهآ ويبعدهآ عنهآ في لحظآت البؤس
بل ستضل في قصْرِهِ السجينة وليته السجآن
بل تلبس شخصية الجلآّد القآسية بنفسه


مآعآدت تهمه
فهآهو يستدير ليخرج ويتركهآ في بحر دموعهآ الغَافِيَةِ تَغْرَقُ
وبمهل تتذوق ملوحتهآ الممزوج طعمهآ بالمرارة ألّــــآمتنآهِيَـتــــِـ




بعد نزوله إلىآ أسفل
وجد أمه وعمته تتحدثان مع الخآدمآت فسألته مليكة:
- عثمان... أين ثريآ؟؟

قآل عثمآن بتبآت مبتسماً:
- إنهآ تشعر بالإعيآء قليلاً لن تأتي معنآ

تكلمت أمه:
- لكن هل هي بخير؟؟... أتشعر بأنها علىآ مآيرآم؟

رد ببرود:
- أجل لآ تقلقي

قالت مليكة وهي تهم بمغآدرتهم إلىآ فوق:
- سأصعد إليها لأرآها إن إحتاجت إلىآ شيء

قال عثمآن بصوت وآضح:
- طلبت مني ألاَّآ يدخل أحد للغرفة عمتي إنتظري حتىآ نعود إنها لآ تحتآج إلىآ شيء فلقد تأكدت بنفسي من ذلك وأظنها نآئمة

تعجبت مليكة لكنها تقبلت الأمر
خرج الثلاثة إلى السيارتين
ذخل عثمان السيارة وراء عبير وسعيد
اما فاطمة ومليكة فقط ركبتآ مع الحآج وسليمآن














في إحدىآ المزارع البعيدة قليلآ




يجلس علىآ كرسيـــه ورآء مكتبه الفخم وبين إصبعيه سيكآر من نوع فرنسي غالي الثمن
نظر أمامه مباشرة للواقف أو الواقفة أمامه
فقال بصوت خشن هرم:
- لما أخفيتي عني كل هته المدة الأمر ذآك

جلست على المكتب ترجع شعرها الأشقر الى الورآء:
- آسفة لكنني لست شريرة حبيبي ..تدري آنا رقيقة بطبعي وعطوفة ..وأنت أكثر شخص إلتمس ذلك في شخصي

قال يضرب على المائدة:
- وأنا الذي ضننت أنه....

قالت تقف وتتحرك مبتعدة من المكتب:
- أنا أحبك يـــآ عجوزي فلا تنفعل هكذا
إن أخفيت عنك فلصدآقتك معه


قال العجوز بتبرم:
- انا ليس لي اصدقاء اكتسبت عبرة من حياتي ألا أصادق أحداً مهماً كان فقط للمصلحة...لكن أن يقوم فتى مثله بطردك بالطريقة التي قلتها فسأدفعه الثمن غاليـــاً

التفتت إليه بابتسامة منشرحة واقتربت منه والسيجارة في يدها تخلف دخانآ رماديآ ورآئها:
- الليلة نفذ... إن كنت تريد بقائي ...ما رأيك..؟

ابتسم يمد يده لهآ:
- لآيغلىآ عنك شيء

ضحكت بغنج وهي تضع يديها حول عنقه وتضع دقنها علىآ صلعته:
- ههههه هذا ما اسميه رجلا ...رجلي وحبيبــــي











فـــِي فـِــيــــلـَــآ سِّـــي مُـــحَـــمـــَّــدْ


يبدو عرســــاً مثاليــــاً
حُضِّرت صالتان للرجال والأخرى للنساء
حيث وضعت موائد إضافية مزينة بالورود ومعدة بمنآديليهآ المطرزة والصحون الخآصة

كآن في صآلة الرجآل فرقة موسيقية شعبية
تصدح بأغانيها النشيطة
والتي تصل حتىآ صآلة النسوة التي أطربن
وأخدن في الرقص بكل طآقتهن


في الأعلى كآنت النكآفة تسآعد العَرُوسْ على إرتداء الملآبس الخآصة
وعبد الصمد في غرفةٍ أُخرى تهيِّئه أيضا النكافة في إنتقاء اللِّباس المتمآشي مع ألبسة العروس


في الأسفل حضرت العآئلة في السيارات
ونزل كل من سعيد وأخيه وأيضا رافقهما سليمان والجد
حيث استقبلوا أحسن إستقبال
وبجانبهم كل من عبير ومليكة وفاطمة حيث انزلت الهدايا من السيارة
وهتفت "الدقة "بأهازيجها الصاخبة الرآقية
للإعلآن عن حضور أهل العريس
وإحضآر الهدآيآ


بعد لحظآت
فوق في الغرف خرج عبد الصمد من إحداهآ
ينتظر مهجة فؤاده المغزوِّ عشقاً من قبلهآ
بعد ان خرجت هند في كآمل أناقتهآ وأنوثتهآ التي تذيب الحجر من الغرفة الأخرىآ
دنىآ منهآ وإندغم في محيآها
والمسحة التي تعلو ملآمحهآ الألمآسية
أمسك يدها في ذرآعه
وإنحنى مقبلاً جبينهآ يختطف تلك اللمسة الدافئة بجهد جهيد
فالنكافة كانت تعطيهمآ التعليمآت
عن كيفية الوقوف في أعلى الدرج

وهناك استقبلتهم انوار المصورآت والكآميرآ
وزغردآت المدعوين والنكآفآت
وتوقفت الفرقة الموسيقية عن العزف
وبدأت الدقة في إعلان نزولهمآ

وهكذا نزل الإثنان ووجدت هند صعوبة في عدم الشد على يد عبد الصمد
الذي اسعد لذلك وهمس لها:
- إسترخي...

قالت بشيء من الذهول:
- هآ ..يا الله أطلب أي شيء إلا هذه ....عبدو...

ضَحك وشآركته الضِّحكة وإنعكَس سُرُورُهُمَآ علىآ المَدْعُوِّين
حيث قآدتهم النكآفة
إلىآ مجلسهمآ اَلملكيِّ وسآعدتِ العَرُوسَ
لكي تجلسَ وطلبَت عدة مرات من عبد الصمد ان يساعد زوجته في وضعية الجلوس


ومضىآ نصف العرس هكذآ
مابين تغير ملآبس العروس ومرآفقة زوجهآ لهآ كعمل متعب ومرهق
لكن تبقىآ ذكرآه محفورة في الذآكرة
مَهْماً صَآر تَبقَىآ ذِكــــرَيــــآتٌ كَهَتِهِ تُحَرِّك فِي كَيَآنِنآ حَنِيناً لآيُعَوَّضُ


ومَرَّتْ لَحظَآتٌ تأتي فِيهآ عآئلةُ اَلْعريسِ أو ألأصدقآء
لِيَأْخَذوا الصُّورَ معَ اَلعُرسَانِ
وَكآنتِ ألإبتسَامَةُ لآتفَارِقُهُمُ مَعَ النكاتِ الَّتِي تشرحُ الصَّدْرَ فِي جوٍّ كَهذَا


بعد أن تركت عبير زوجهآ يعود إلى المجْمَعِ
عآدت بدورهآ إلىآ المآئدة حيث تجلس فيهآ هي وأمهآ وحمآتهآ
مع إحدىآ النسوة وإبنتيهآ
جلست عبير تفتشُ فِي مُحتَويات حقيبتهآ لتعدِّلَ مآكيآجهآ

بينمآ أصغت إلىآ حديث حمآتها مع المرأة الَّتِي لآبُدّ َمن أنهآ من الصديقآتِ الرآقيآتِ للعآئلةِ:
-ومتىآ سيحدث ذَلِكَ...؟؟؟ , سؤآل طرحته فآطمة بفضولهآ

أجآبت المرأة التي تحيط بهآ إبنة من كل جانب :
- نهآية هذآ الفصل إن شآء الله

قآلت فآطمة ترفع حوآجبها بشيء من ألإستنكآر:
- لكن أتزوجين الصغرىآ ...أقصد زينة ...ومآذآ عن اَلْبَآتُولْ

أجآبت المرأة بدهآءهآ:
- الله موزع الأرزآق ونحن لآيهمنآ سوىآ الخير لأولآدنآ ومهماً طآل الزمن أو قصر إن شآء الله البَآتُولْ ستتزوج

شَعرتْ البَآتُولْ بالخجَلِ
من هذآ الكلآم فنهضت تستأذن لكي ترقص مع البنآت:
- أستأذنكم ..أمي حقيبة يدي معك سأرى إحدى صديقآتي هنآكـَ

بعد إبتعآدهآ من المآئدة التي تجمع النسوة قآلت المرأة لإبنتهآ الأخرىآ :
- زينة إذهبي وأرقصي أيضاً

نظرت زينة إلى الجآلسآت بترفُّعٍ
فهي تكره أشد الكره أن تتحدث إحدآهن عن أختها بسوء

قآلت مليكة تشآرك الحديث:
- بنآتك جميلآت مآشآء الله عليهن

قآلت المرأة بتفآخر:
- نحن من عآئلة متعلمة ومثقفة ... والزواج أولاَ لم يكن سوىآ صدفة الشآب يريد الذهآب إلىآ بلآد المهجر وقد تعآرفآ في الجآمعة وهو أيضا من عآئلة مرموقة أصلاً سنقيم الحفل وسيتم الزفآف و يسآفرآن بعده

أردفت فآطمة بفضول:
- والبآتول كيف تشعر وهي الكبرىآ وتضل من دون زوآج

- إبنتي ترضىآ بالقدر سيدتي ...ليس عليهآ أن تغآر مثلاً فهي تعرف جيدا أن ألف شخص يتمنآهآ وهي لآتزآل في سنهآ الثلآثين ليس بالكثير وتضل فآتنة رغم ذلك...لكن لديهآ نظرة خآصة للمستقبل...

رنَّ هاتف عبير وانهىآ
إستمآعهآ إلىآ حديث النسوة لتحمل الهآتف وتبتعد عن الجمع:
- ألو...

ردت ثريآ من الجهة ألأخرىآ:
- هلآّ أتيت يآ عبير من فضلك أريد أن آتي إلىآ العرس

قآلت عبير تسأل:
- لكن ...ألم تكوني تعبة ونمت ؟


قآلت ثريآ في نفسها
هذآ مآ أخبرهم إيآه سأريه
يخآف أن أفضحه كمآ لو كنت عآهة أو بي خلل مآ

- عبير إسمعي أنت تعآلي لي حآلاً أريد حضور العرس لقد أصبحت بخير لكن لآتقولي لعثمآن أو أي أحد شيء

ردت عبير من دون أن تسأل:
- حآضر...المشكلة في المفآتيح لست أدري إن أخدهآ سعيد أم إنها تَضَلُّهَآ في السيآرة ..لآعليك سآتي...ألسلآم عليكم

ردت ثريآ بقلب نآبضٍ منَ الخَوْفِ:
- وعليكم السلآم ورحمة الله

شعرت ثريآ أن نبضهآ يتضآءل
وكأنما ستنتهي بأن يغمىآ عليهآ
رغم شجآعتهآ يبقى نفس الخوف
والَّذي زَرَعَهُ عثمآن بِحِنْكَةٍ بين جوآنحهآ يعصف بهآ


إقتربت عبير من المآئدة الدآئرية وهمست لأمهآ بأنهآ ستخرج
بعد ذلك خرجت من الصآلة لتذهب إلىآ حيث سيآرتهم مرصوفة
نظرت إليهآ من الزجآج وعلى وجههآ إمآرآت السعآدة

ركبت السيآرة وتوجهت بهآ رأسآ إلىآ القصر


في القصر كآنت ثريآ قد حضرت نفسهآ جيداً
وَجلسَتِ في الشرفة تنتظر سمآع السيآرة تقتربُ
بعد لحظآت من وقوفهآ تقدمت سيآرة عبير الَّتي أوقفتهآ وخرجت تلوح لهآ
فأومئت لهآ ثريآ بالإنتظآر
نزلت ثريآ الدرجَ وتَوَجَّهَت إلىآ البوآبة
وخرجت رآكضة إلىآ أختهآ

- هيآ أنت لم تخبري أحداً بأني آتية

قآلت عبير تأنبهآ:
- هل تضنينني صغيرة طبعآ لم أخبر أحداً ...لكن أعذريني لمآ السرية

تحركت عبير بآلسيآرة فأجآبت ثريآ وفي عيونهآ تحد قوي:
- مفآجئة فقط ...


بعد وصولهم إلىآ المنزل
نزلت الإثنتآن
فقآلت عبير وهي تمسك بطرفي القفطآن الطويل:
- أتمنىآ ألآ يكون أحدٌ قد إنتبه علىآ خروجي من البيت

قآلت ثريآ بإبتسآمة :
- وأنت معي لن يظنوآ بك شيء


دخلت ألإثنتآن إلىآ صآلة النسوة
ونزعت ثريآ عنهآ الحجآب فإسترسل شعرهآ ألأحمر في لويآته حول ظهرهآ وأكتآفهآ
وإقتربت ألأختآن من المآئدة
فظهر التفآجئ علىآ كل من فآطمة ومليكة وأظهرتآ ألإهتمآم الشديد
قآلت فآطمةٌ تُخْلِي لهآ الكرسي لتجلس:
- ثريآ أخْبَرَنآ عُثمآن أنك تعبة فلما أتيت

قآلت ثريآ تمزح:
- هل أبدوآ لكمآ تعبة أُنظرآ إلي لآتخبرآني أنني آبدوآ سيئة إلى هته الدرجة

قآلت مليكة تمسك وجه إبنتهآ:
- مآشآء الله حبوبتي تبدين كالقمر المنير في سمآءه

إبتسمت ثريآ ونظرت لعبير للحظة وقآلت:
- عبورة...تعآلي معي أريد الذهآب إلىآ الحمآم لتعديل شعري

نظرت إليهآ عبير ففهمت
إن شيء غريباً في عيونهآ يدل على عكس ذلك:
- هيآ سآخذك إليه

توجهت ألإثنتآن إلىآ الحمآم فدخلتآه وكآن فآرغاً أكرمكم الله
نظرت ثريآ إلىآ المرآة ومشطت شعرهآ حتىآ يبدو برآقاً أكثر:
- مآ رأيك هل أبدو جميلة؟

قآلت عبير تضحك:
- لكن ثريآ هل كنت تريدين فعلاً الحمآم....أم أنا مخطئة....؟

أجآبت ثريآ بإنفعل ظآهر:
- أنت محقة أنظري عندي شيء أريد منك تنفيذه بالحرف الوآحد

- حسناً إسمعي....


خرجت عبير من الحمآم
وتقدمت إلىآ حيث مجلس الرجآل
فلم تستطع أن تقترب أكثر لذلك أوقفت نآدلاً يحمل صينية من الحلوىآ
وقآلت له:
- هلاًّ نآديت علىآ زوجي...

قآل الرجل يسأل :
- زوجك سيدتي لكن كيف لي أن أعرفه؟؟

- إنه من عائلة العريس يكون أخاه في الحقيقة... فمن فضلك أخبره أنني أنتظره ..

تحرك النآدل فأعادت منآدآته:
-... إن إسمه سعيد

ردد النآدل يومئ :
- سعيد ..حسناً

مرة أخرى أوقفته قبل أن يصل إلىآ البآب:
- من فضلك سآخذ هذه الحلوىآ... تبدو شهية شكراً

وقفت في مكآنهآ تنتظر خروج زوجهآ في هذآ الجو الصآخب
بالموسيقىآ والكلآم الذي لآينتهي

بعد لحظة أجفلت بيد علىآ كتفهآ فلم سمع خطآه
قآل سعيد عآقداً حآجبيه:
- مآ الأمر ....؟

قآلت تبتسم وهي تلوح بالهآتف في يدهآ:
- لآشيء عزيزي كلُّ مآ هنآلك أتمنىآ أن تخبر عثمآن أن زوجته تريده

قآل سعيد يسأل :
- ثريا؟؟

قبل أن يزيد من أسإلته دفعته برفق:
- هيآّ أخبره بذلك


عند دخول سعيد إلىآ الرجآل جلس قرب أخيه وهمس له في اذنه من فرط الصخب
- زوجتك تريدك فإنهض لمكآلمتهآ

نظر عثمان نظرة حآدة كنصل السيف تقتل من يعترض طريقهآ:
- كيف لكن أين؟

قآل سعيد يصرخ مرة أخرى:
- لآبد من أنهآإتصلت بك من البيت إنهض قد تكون في حاجة إلىآ أمر ما

نهض عثمآن يسند نفسه علىآ عكآز أسود رآق في صنعه
وخرج من المجلس لينظر يميناً ومِنْ ثُمَّ شمالآإلىآ أن رأى عبير:
- عبير ...أختي هل من مشكلة؟

عبير مبتسمة :
- لآ... لآشيء سيء لكنهآ تريد رؤيتك

قست ملآمح عثمان
ولفته صعقة قوية
هل ترآهآ فعلتهآ وأتت؟؟
تغير لون عيونه من الغضب:
- أين هي؟

عبير بنفس الإبتسامة:
- تفضل معي سآخذك إليهآ


كآن يتحرك بعصبية
يتبع عبير إلى المكآن الذي تأخده إليه
وفجأة صدمته صورة الشابة الواقفة قرب حمآم النسآء
يكره إشتياقه لها
يكره نفسه التي تجتاحهآ بعوآلمهآ وتترك لهآ المفآتيح بسهولة


رآقبته يقترب وتسآئلت
مالذي يآترى يحملني على هته التصرفآت؟؟
هل لأنه يتجآهلني وأريده أن يهتم بي؟؟؟
أم أنه التحدي الذي يجري مجرىآ الدم في عروقي؟؟؟


شَذََآكِــــ ...هذا الشَّذى الَّذِي يُسْكِرُنِي بحلآوَتِــــهِ
عُيُونُـــــكْ ..يآآ الله لم أرىآ لفتنتهآ مَثيـــلاً
وَخُصــــُوصاً... وهِيَ تَتَمآيلُ تحتَ أنوِآرٍ خَافِتـــةٌ
ومـــآذآ عن خُدُودِكِ أيتهآ العَنِيدَةُ ...نُعُومتُهآ كبَتَلآتِ وَرْدَةٍ نَدِيَـــــةٍ
تَتَفـــَتَّحُ بِـــــغُرُورٍ
وَثَغـــْرُكِ ..ثَغْرٌ لآتسْبَرُ أغْوَآرُهـــــُُ
لَـــــــهُ مِنَ الرِّقَّةِ وَاَلْعُذُوبَةِ مآ يُوجِعُ أوْصَالِـــــي


مَــــآذآ عَنْ جَبَرُوتِكَ الطَّآغــــِي
وَعَـــــنْ قُوتِكَ الَّتِي تَقْسِمُنِي أنصآفآ عَدْيدَةً لآتعـــــدُّ
يـــآ الله ..وَعُيُونُكَ مَآ بآلهآ سَوْدَآءٌ كَسَوَآدِ الَّليــــْلِ
عِرْقُهَـــــآ أصِيلٌ تتَأجَّجُ بِحَرَآرَةِ دَمٍ عَرَبِـــــيٍّ


إقترب عثمآن منهآ أكثر
أسند يده علىآ الحآئط فوق رأسهآ
وإستعذب رآئحتهآ التي تروي عظآمه
همس بمآ يكنه في صدره من حمىآ لإمرأتهِ ومن جُنُونٍ:
- تبدين...فآتنة...لم ..أعهدك بهذآ الجمآل

ثريآ ويَهِيجُ قلبها تحت سِحْرِهِ وقربه وكلمآته:
-... فقط...ومآذآ أيضاً...؟
دنت بشفتيهآ من فمه السآخر
لآحظت إنسحآره بفثنتهآ حتىآ تآه عن الكلآم
وعندهآ قآلت وهي تضع أصابعَ رقيقة خفيفةً علىآ صدره:
- لكن ألست غآضباً مني لأنني أتيت ...آه ..وتحديت غرورك سيدي وهزمت جبروتك...وأيضا..ألم أكن الفآئزة...فلو كنت تعيش في الجحيم فلن أرحمك...وبعد اليوم لن يمس إصبع منك جسدي...هه

أبعدت وجهها عنه
حيث شهدت العاضفة التي بدأت تتكهرب بصوآعقها علىآ وجهه:
- إذن تفعلين كل هذا للإنتقآم...

إلتفت عنها ورفع ذراعه ليصفعهآ بظآهر يده بقوة
وقسوة جآرحة حتىآ التصقت بعنف مع الحآئط
وإنصرف بعد أن رمآهآ بنظرة إستحقآر
فقد إرتمت علىآ الحآئط ومنه على الأرض
وبكت بل وفرغت كل ما في صدرهآ من حب قد يضعفهآ بعد الآن
ستنآل منه ..وقريباً جداً
ستجعله يندم علىآ مآيفعله بهآ
وهآهو اليوم يخل بوعده عن الصفعة
فمآ الذي يحمله الغَذُ إذاً













بعد ساعة




وبعد أن حُطت أطباق شهيةٌ من الطعام
على موائد المدعوين
لم يبقى إلا القليل علىآ إنتهاء العرس

وكم كانت فرحة سي محمد ورشيدة كبيرة
وتحملت الأم التعب أيضا فقد مرضاةً لإبنتها


هند إستنزفها التعب هي الأخرى
ووجدت فترة أكل العشآء هي الفترة العظيمة ففيهآ إرتآحت
وفضل عبد الصمد أن يتنآول العشآء مع عائلته في الأسفل وبين الرجال
وحديثهم وضحكاتهم


هند رغم أن الطعام شهي إلا أنها تجد صعوبة في إبتلاعه
فكلمآ حطت عيونها علىآ مكان
تتذكر هذآ البيت الجميل الذي عآشت فيه مع والديهآ طفولة مبهرة

ومع ذكر الطفولة
تسآئلت
أين عآئلتي الآن أضن اختي أعلم مكان سُكنآهاآ
لكن أبي ... أكرهه مما قيل لي عنه
وأمي الحنونة المسكينة يــــآ الله اللَّهُمَّ إعطف علينا يــــارب

وعآدت الإبتسامة إلى ثغرهآ المشمشي
بحيث تسآفر بهآ عوآلم كآئن من أجمل خلق الله في نظرتهآ
بل في عيونهآ المعشوشبة من خيآل البرآري

إن عبد الصمد بالنسبة لهآ لغز رآئع
فإن تعآيشه حتىآ آخر حدٍّ
وإن تكتشف شخصه عن قرب قريب
وأن تكتسح عوالمه وتقيس أغواره بعمق
لأمر يثير حماستهآ ويملأها سعادة خلاّآبة لآ توصف
فيُنآر قلبها بقنديل صاف من البلور
وتمتلأ أمام عيونها صحاري قاحلة بأرآض مخضرة موردة
فإسمه وحده كفيل بإشعارها بالدوخة التي لم تفارقهآ ابدٌ


بغض النظر عن حمآتهآ
التي شعرت أنها غير متحمسة لرؤيتها كزوجة إبن عزيز لهآ
فهند تحاول أن تصبر علىآ تلك الجهة وتتمنىآ أن تقنع عبدو بأن يقتنيَ لهمآ بيتاً في مكآن قريب لتعيش بعيداً عن أمه بهنآء
وتنسىآ جرح أصلهآ



وقف عبد الصمد وسط المجمع وإستأذن منهم
خرج من هناك وصعد تحت طلب من النكافة
لكن صوتاً نادآه فتوقف ليجد ذرآعه الايمن مصطفىآ
وقد بدت عليه إمارآت التعب والإجهآد

نزل إليه مسرعا وقال بإهتمام وشيء من الخوف:
- مصطفى هل هناك شيء ...؟

مصطفى بإضطراب غريب:
- سيدي أولا زوآج مبآرك وإتمنىآ من الله أن يسعدك

عبدوا بحركة من رأسه :
-آمين... مشكور علىآ مباركتك وإن شاء الله أنت أيضا

مصطفى بضحكة صغيرة :
- أجل سيدي ...سيدي لست أدري من أين لي أن أبدأ

لآحظ عبد الصمد التعب فعلاً علىآ محياّآ مصطفى وأخذ ذرآعه إلىآ مكان معزول:
- مآ الأمر؟

مصطفى بنفس التوتر الجالب للعصبية:
- الإصطبلات سيدي ..احتُرقت..ومعها كل الاحصنة...رغم أننا أنقدنا منها...غير انها سممت..

شحب لون عبد الصمد وتراجع :
- غير معقول ...ياربي ماهته المصيبة...يا الله...

مصطفى بترقب:
- ماذا ستفعل سيدي فالنيران تأبى التوقف...

تحرك عبد الصمد إلى الداخل وهو يفك ربطة عنقه بعصبية
وحركاته تدل على اليأس
ذخل إلى الصالة وهوشبه تائه فلم يستطع أن يتجاوب مع إبتسامة أو نكات أحد
توجه صوب مائدة عائلته
وهمس في أذن سعيد
الذي قفز من مكانه مصدوما وعيونه تكاد تخرج من محاجرها:
- ماذا ..مستحيل..لكن كيف؟

انتبه كل من عثمان الهائم وسليمان لوقفت الرجال
عثمان بشيء من البرود المعتاد:
- مابكما تبدوان وكأن أمرا سيء قد حصل

سليمان بتوجس:
- هل فعلا... صحيح؟

قال سعيد بتوتر ظاهر:
- آسف أبي ...يا الله ....لاحول ولاقوة إلا بالله

نهض عثمان وسليمان على آخر كلمة:
- ما الذي يحصل ياسعيد ما بالك عبد الصمد أخبرآنا

تكلم عبد الصمد واليأس يتملكه حد الدموع ازال سترته بعنف :
- الإصطبلات أحترقت وسممت كل الأحصنة ولانعرف من الفاعل ابي...سأذهب..

قال عثمان ياخذ عكازه:
- سنأتي معك....

سعيد بصرامة:
- انت وأبي أوقفا العرس وحاولا ألا تثيرا جدي فقط طمئناه سأذهب معه...."تبعه يجري"عبد الصمد إنتظر سآتي معك

دخل الأخوان إلى السيارة
وانطلق بسرعة يخلفان وراءهما عاصفة من التراب

عثمان تكلف بإخبار الجميع عن الحادث
وطمئنهم أن كل شيء على ما يرام
وقد بدت الصدمة على وجه الجد وسليمان أكثر من غيرهم
وحاول سي محمد ان يهدئ من روعهما


بعد لحظات وصل الخبر للنسوة
وهن تدعين بان تفرج
بدى الاحراج على وجه فاطمة حتى اصبح وجهها قرمزيا
أما مليكة وفاطمة فقد سعتا لجعل الجو لطيفا
لكن وللهول بدت وكأنما فاطمة تلوم رشيدة على ذلك ليس مباشرة لكن بكلام يخفي معاني كثيرة


هند وصلها الخبر من النكافة التي حضرتها بفستان العروس العاري الأكتاف بدون حمالات
وطرحتها البيضاء الصآفية
أخفت دموع حزنها وهي تنزل الدرج لتلتحق بالنسوة

- هل ذهب عبد الصمد...؟؟

سمعتها كل من عبير ومليكة أما فاطمة ورشيدة فقد كانتا تسبحان في حديث ليس بلطيف
وثريا بعد ما جرحها الحبيب القاسي
وترك علامآت واضحة على وجهها
حاولت التملص والإنسحاب
حتى عادت إلى القصر من دون مساعدة أحد


مليكة بشجن واضح
وقد تقطع فؤادها لمشهد هند بطرحتها والحزن يطل من عيونها:
- هند تعالي بنيتي تعالي واجلسي

عبير بنفس النبرة العطوفة:
- لاعليك امور كهته تحصل فلا تحملي هما

أومئت هند وهي في قمة حسرتها والمها
مما حصل في آخر اللحظات جمالية في زفافها

- الحمد لله ...على كل حال

قالت فاطمة بصوت غريب:
- طبعا فلستم انتم من تأذى الآن ابني فقد ثروة في تلك الأحصنة ...إنها حياته..لاحول ولاقوة إلا بالله...المصائب تأتي دفعة واحدة مجرد...نحس

رشيدة وهي تقف لترد:
- فاطمة إستهذي بالرحمان... يا امرأة ماحدث ليس إلا حادثا والحوادث تقع متى أمر الله بها

فاطمة باستغراب:
- هكذا ؟؟...وفي ليلة عرس ابني وفي آخر اللحظات...أتمنى من الله أن تنحد المشاكل إلى هذا الحد ..أتمنى يا ابنتي يا هند... أن تكون أقدامك خيرا علينا

نهضت فاطمة وهي ترتدي شالها :
- هيا بنا لنذهب إلى البيت يا عبير إتبعيني...مليكة من فضلك اخبري سليمان أننا ننتظر في السيارة

نطقت عبير بنبرة ذات معنى:
- العروس أولا حماتي العزيزة ...انتظري ..هند سأنادي النكافات يجب أن تدخلي السيارة الخاصة وأنت معززة

تلقت عبير من حماتها نظرة سوداء
وتبادلت هي وهند ابتسامة لطيفة
وبعدها لانت قليلا فاطمة تقول :
- فاطمة ..هيا لندخل العروس إلى السيارة علينا أن نصل هناك إلى البيت لنكمل السهرة


خرجت العروس تحت الزغاريد
وهند تشعر بفراغ كبير أين من يجب أن يتأبط يدها ؟؟
هل من الممكن أن تكون الإصطبلات أهم له منها هي؟؟؟

اقترحت عبير أن تسوق سيارة العرس
حيث ركبتها كل من فاطمة ورشيدة ووسطهن العروس المغبونة
وركبت في الكرسي الامامي مليكة
اما السيارة الأخرى
فقد ركبها كل من سليمان وعثمان هذا الأخير الذي رفض أن يتركهم يذهبون إلى سعيد وعبد الصمد فأقنعهم أن اخواه يكفيان لذلك



~ فِـــــي اَلْقَـــــــصْــــــرِِ~
~ ~ ~ ~




دخل الرجال أولا إلى صالة الرجال
وصعدت النسوة إلى صالة صغيرة فوق قرب غرفة العروس
التي طلبت منها فاطمة أن تدخل معها إلى غرفتها
شعرت هند بالإهانة الشديدة
فهي تريد الدخول إلى الغرفة هته كما تخيلت دوما
أنها غرفة لها ولعبد الصمد
أن يحقق لها حلمها غصبا عن أنوف الجميع
ويحملها بين ذراعيه
لكن الضروف والواقع المر يفرض حضوره

دخلت وراء فاطمة
التي أظهرت ضيقها الشديد

- يا الله ما هذا الحظ السيء...لكن لما أتسائل فهو واضح كالشمس

جلست هند على طرف السرير
تخفي دموع القهر مما تسمع وراء طرحتهآ

- عساك الآن مرتاحة ...أنا لست كذلك... فمنذ البرهة الأولىآ لهذا الزواج شعرت بشيء ليس بالجيد وكان إحساسي صوابا..أتمنى ألا تفرحي كثيرا فالزواج ليس لهوا طيلة الوقت فهو مسؤولية ..وإن لم تتحملي هته المسؤولية فالأفضل أن ينصرف كل منكما لحاله... فهمتني بُنيتي

أومئت هند من قسوة هته المرأة
راودها إحساس أنها تود الهروب والإرتماء في حضن أمها الجالسة خارجا

- كل الامور الضرورية هنا...وهنا ..على أي حال لن تحتاجي لشيء
نحن سنبقى سهرانات في الخارج إلى أن يأتي عبد الصمد ...ويعطينا العلامة...إرتاحي الآن

ارتعشت أطراف هند
وسرت قشعريرة هزت كامل بدنها
سمعت أن هته العادة موجودة لكن ليس بين الأوساط الغنية


نثرت طرحتها بعيدا
وانكمشت تبكي وترتجف
التفتت الى السرير فرأت ما وضعته حماتها
الم تفكر أنها فتية لاتعرف في مثل تلك الامور ؟؟
وأنها قد تخاف ؟؟
انها قد تشلها الصدمة أليس من العدل الثريت في مثل هذا الشيء؟؟


امتقعت خجلا

بعد أن انتهت من الإغتسال والوضوء
فضلت ان تصلي مافاتها
وإلى أن يعود عبد الصمد ستصلي معه الركعتان المباركتين
لكنها بعد أن إرتدت لها غلالة بيضاء ناصعة وطويلة
وسرحت شعرها الأشقر بروية ومهل إلى أن إلتمع
غالبها التعب وانسدحت لتفكر
لكن النوم سرقها من الواقع ونامت


بعد عودة سعيد وعبد الصمد منهكين
نصحه بان يصعد وهو سيشرح لهم الوضع

كان عبد الصمد في شدة تعبه وارهاقه
ونفسيته في الحضيض
لكنه ما إن وصل إلى غرفته حتى نادته أمه:

- بني عزيزي ...ما الأخبار...

عبد الصمد كان شبيها بالغريق التائه مرر أصابعه على رقبته:
- لاشيء أمي ...إنا لله وانا اليه راجعون...ولاحول ولاقوة إلا بالله...و لم يبقى شيء غذا سنقوم أنا وسعيد بتولي الأمر سنتصل بالشرطة أما الليلة فقد كان الجميع منهكا ...

فاطمة وهي تضرب يدا على يد بحزن:
- الم يكن هناك حراس...

امتعض عبد الصمد وتحرك فكه...:
- قتل...سمم كما سممت كل الأحصنة...سأنام أمي فأنا مرهق

فاطمة بجرءة ولطف :
- عبد الصمد لايمكننا الإنتظار إلى الصباح...نريد العلامة

صدم عبد الصمد وترسخت نظرته على الباب ومن ثم على أمه:
- العلامة...ما يعني..؟

فاطمة بابتسامة:
- تعني ...أنت تعرف بني فرشيدة عليها العودة و...

أحرج عبد الصمد وتلونت خدوده:
- امي كيف بالله تريدين مني أن...

فاطمة تطبطب على كتفه:
- لاتخجل فهي حلالك والعلامة تقليد...

عبد الصمد بتساؤل:
- وإخوتي عندما تزوجوا...

فاطمة بكذبة بيضاء كما تعتقد:
- وهم كذلك... فعلنا نفس الشيء...هيا عزيزي لاترفض فلنكمل السهرة بسعادة ...الأمر ليس بهته الصعوبة...

عبد الصمد واللون يزداد إحمرارا على خديه:
- حسنا أمي عفوك سأدخل

أومئت أمه وفي نظرتها النصر


أقفل عبد الصمد الباب وراءه
واتكأ عليه من فرط تعبه
تحرك يرمي السترة على الكنبة وتوقف للحظة
وقع نظره على قطعة رائعة البياض ملقات على الأرض

"هذا ما تعنيه أمي بـ..."

نظر فوق السرير
وهناك أصابته الدهشة
والحبور لوىآ نفسه عن أي شيء آخر
رؤيتها كالخيال و هي السحر بعينه
فأية فثنة هته التي تقبع على سريره
هذا السرير الذي اكتفىآ وملأ من كثرة الأحلام التي لاتتحقق
حتى أنهآ اليوم تحققت وتجسدت بكل مآ للكلمة من معنىآ

كم هي موجعة حَدَّ السُـّكْرِ
لذيذة بعطر فتآن يلف جمآلها ويبهره
وهاهي عيونه تلمح في فتنته جمآلا خلاقا لم يره من قبل
ابتسم وشعور مثمل لحوآسه
يُسمعه النبض الذي بدأ من أكبر شريان في جسده وهو أبهر حيث مرت الدماء منه متفرقة في كوآمل التشعبات والعروق فيه
تروىآ قليلا قبل أن تصل يده المهزوزة المتعطشة للمس
الأكوآم المهلوسة من النمش على أكتافهآ وجدعهآ ومن ثم إلى أكثر حميمية

إنها تشبه تحفة فنية كآملة يستحيل لمسهآ
إبتعد بخفة وإبتسامة السعآدة علىآ شفآهه ليأخذ حمأّمه
وكمآ لو كآن صبياَ حصل علىآ لعبته المفضلة اخيراً


خرج من الحمام أكرمكم الله
وقد التف في روبه الرجولي الأسود الكامل في التناقض مع بياض رداءها
وقف للحظة مبهورا حتى آخر ذرة من أنفاسه

- آسف إن أيقظتك ...

هند وهي تلعب بخصلة من شعرها ببراءة
وتبعد عيونها عنه والخجل يستوطن عيونها إلى أعماقها:
- لا ...ما الذي حدث في... الحريق ؟؟

عبد الصمد يضع عطره المفضل والذي يعرف بتأثيره عليها:
- ما الذي سأقوله ..الحمد لله على كل حال قضاء وقدر ..لاتفكري في ذلك سيدتي ...فلنصلي....


بعد فترة الصلاة
هند بشيء من الإضطراب من رجولته الطاغية وأثر الإهانات من أمه:
- ...أضن أنني كما قيل لي ...جالبة للنحس ...

نظر عبد الصمد لها مغضن الجبين واقترب ليجلس عند قدميها الملتفتان في ذراعيها:
- قيل....ومن قال ذلك؟

ابتلعت هند الغصة:
- أمك يا عبد الصمد ...لا أريد أن أكون إنسانة تجلب المتاعب لهذا البيت..ولا أر..يـ..د لا أريد أن أكون منحوسة..

وضع يده على ركبتها فشعر بخجلها وإجفالها
وانتهت أصابعه بالإلتفاف حول يدها البيضاء المتناقضة مع الحناء الرقيقة المتقنة

- أمي ...ليس عليك أن تكوني حساسة يا هند... هي تحب الجميع هذا واقع
لربما..كانت مضطربة فحسب..

أومئت هند فلم تكن لديها رغبة في أن تناقشه
- أنت بخير هل ..اطفئت النيران؟؟

دنى منها ووضع ذراعه حول كتفيها
واختنقت من الخجل :
- لابأس ...لقد أطفئت رغم أن الضرر كبير ...إلا أنها همدت
والحمد لله ...احم ..مارأيك في الغرفة؟؟

ابتسمت بخجل دون أن تنظر اليه:
- جميلة وراقية أيضا

شعرت بثقل جسده يزداد دنوا منها
حتى انصهرت تحت نظرته لكن الإختلاف عن المرات الأخرى أن هته ستكون نهائية
لمس خذها بقبلة طويلة ودافئة
وبعدها جبينها وانحنى على ثغرها بالكاد لمسه
عندما همست هند بخوف:
- لن..أنت ..لن تعطي ...لحماتي العلامة...

تغيرت نظرته للإحراج الفعلي الذي لم يسبق أن شعر به في حياته:
- احم...أجل العلامة...تدرين التقاليد ..ويجب فعل ذلك...

وضعت يدا مرتعشة من الخجل على صدره العاري الخشن
كأن ماسا كهربائيا أوجع اصابعها
واستدارت للجهة الاخرى بعيدا عنه

- انا ...لا اريد...

نظر عبد الصمد بيأس اليها:
- هند ..أرجوك ماذنبي أنا ...لاتزيدي من وجعي ...

قالت هند بعناد:
- أمك الأولى وأنا الثانية اليس كذلك...إذن لا تقترب مني ...أنت لم تلمسني إلا لضرورة العلامة... ولن اعطيها العلامة...

شعر عبد الصمد بالغضب
خاف أن يتكلم وينقلب كل شيء في وجهه وقد تصبح زوجته نصفه الآخر الذي تعب من إنتظاره
وأمه الحبيبة
تنهد:
- أستغفر الله...إنا لله وإنا إليه راجعون...هند تعرفين شوقي لك أنا فعلا أحتاجك فلا تتعبيني

جلست تنظر إليه بريبة وانزعاج ممزوجين بخجل ونظرات غير تابتة:
- وما همني أنا ؟؟ ..أنت تريد أن تعطيها العلامة ...أنا لا إذن لن يحدث شيء ...لا أستطيع الليلة انا خائفة..

همس يلمس كتفها:
- مني...؟

همست بنفس نبرتها:
- اجل...هل يمكن عندما اكون ..أكون جاهزة احم... ان اعلمك؟؟...لكن الان لا انا مرتعبة عبدو...

صرخت التنهيدة مثقلة من صدر عبد الصمد
ورفع يديه دليل الاستسلام
تحرك الى الحمام وبعدها عاد يجلس على السرير
اقتربت منه هند بفضول:
- ماذا ستفعل عبدو

عبد الصمد وهو يرفع الروب عن ركبته:
- ساعطيها ما تريده لايمكنني ان اجعلها تنتظر

وضعت هند يدها على فمها تشد على كتفه من الخوف:
- كفى يا عبدو لاتفعل...

عبد الصمد وقد شعر ببعض الامل:
- هل غيرتي رأيك

مطت شفتيها اللتان فتنتاه حد الثمالة
فانصرفت عيونه عنها لكي لايزيد من احتراقه:
- علي اذن ان اعطيها هذا... والا لن اسلم من عقابها فهي امي يا هند تفهميني...

عادت الى الخلف وهي تشعر بالغيرة
من امه التي تحتل كل تصرفاته

جرح جزءا بسيطا جدا من ركبته واخد السروال ليضعه عليها
هند بتوتر وهي تضم يديها الى صدرها:
- ساجلب لك شيء تضعه على الجرح

عبد الصمد بامتعاض:
- حسنا بسرعة

سمعا طرقا على الباب
امه جريئة لايمكن لاحد ردعها فهي ام الرجال في هذا البيت

ركعت هند امامه
ووضعت له الضمادة اللاصقة على ركبته
فسمعت صوت انفاسه الرجولية تدنوا منها ويقول:
- ..اريدك..

رفعت هند عيونها بدهشة وعضت على اصبعها:
- عبدــ...ـــو ..ارجوك..لا..

تنهد مرة اخرى وقال بصرامة :
- ادخلي الى السرير واضهري شيء من...

حركت هند راسها وانسلت بين الاغطية
وهي في ذروة خجلها وحزنها وتكدرها مزيج لايحتمل من المشاعر

فتح عبد الصمد الباب ومد لامه التي اطلت بفضول على الداخل لكن عبد الصمد قال:
- امي نود ان ننام...

قالت فاطمة:
- حسنا بني...

عاد عبد الصمد يدخل الى السرير من الجهة الاخرى
على اثر سماعه للزغاريد والاغاني المعنية بالامر
التفت الى هند التي كانت تنظر اليه فانزلت نظرها :
- تعالي هند فلننم....لن افعل شيء تعالي فقط..

اقتربت وولته ظهرها بعد ان اطفئ النور اندس قربها يضمها بتملك
وشعرت بالاسى عليه فهو بين شد وجذب
لكنها لن تترك لحماتها ان تاخده منها
لكن ماذا ان اخدته منها فعلا









في جناح عثمآن




بعد ان تفرق المجمع وكل منهم اعلن على تعبه ورغبته في النوم
صعد عثمان بخطى مثقلة الى جناحه
دخله واقفل الباب وراءه
اسند ظهره عليه ومسح على وجهه من التعب
توجهت نظرته امامه للباب المغلق
شعر بالالم يعصر صدره
والدم يجري حارا في عروقه
فهي اليوم برهنت له انها قادرة على خرق قوانينه
هي ملكه ولن يتنازل مهما حدث
يتركها
وهو يعشق عطرها ان هي خلفته
او صوتها حتى لو كان في خصام فله لحن يصعر الشوق في جوفه
يكاد يتنازل عن كل شيء فقط ان تروي ظمأه
يا لهذا العذاب

رمى سترته على السداري
وفك ربطة عنقه
اقترب من بابها واراد فتحه لكنه كان موصدا من الداخل

عثمان بنفاذ صبر يناديها:
- ثريا...افتحي ..ثريا ..اريد أن آخذ لي دوشا فجسدي متعب...ثريـــا...

كانت تجلس امام المنضدة تخفي كامل وجهها بين ذراعيها في غلالتها الزمردية بروبها
ثريا بصوت مخنوق:
- دعني وشأني ..اذهب للحمام في الاسفل لست بفاتحة لذلك.... البـــــاب


صرخ عثمان يضرب الباب:
- انت مجنونة ام ماذا افتحيه ...فلسنا حمل فضائح في هته الساعة

رفعت راسها
واجفلتها صورتها والالوان الطفيفة الزرقاء والخضراء
التي تهدد بان تصبح قرمزية على خدها
نهضت بقلب متخن بالحزن والاسى
فتحت الباب واخفت وجهها في شعرها المنسدل

ابتعدت لكنه امسك يدها
وجذبها اليه يرفع وجهها بخشونة بين يده
تغيرت لمسته وهي تصبح لطيفة
ونظرته التي تألمت من هذا المشهد القاسي

- ما..ماهذا..؟

ثريا انسلت من يديه واندست بين اغطيتها لتخفي المها وبؤسها:
- ضربني حائط ...حائط قوي لم يرحمني فهو مجرد حائط...

عثمان باحساس غريب
التألم لفعلته فهو يدري انها يده من وصلت الى وجهها الذي يعشقه ويعشق صفاءه
اين كان ؟؟
كيف سمح ليده ان تطال وجهها رغم مافعلته به؟؟؟
كيف استطاع شوقه المبثور لها ان يدفعه لضربها؟؟
تحرك ليجلس قربها
فشعرت بيده على كتفها:
- ثريا ...انت من بدأ ...تعرفين انني لا احبد من يعصاني

صرخت به:
- ابتعد عني عثمان ...ابتعـــد...

ضرب عثمان على ركبته ونهض والحيرة تتآكله
ذخل على الحمام اكرمكم الله
وبعد عدة دقائق خرج
ليجدها في عمق نومها تحلم

اقفل الباب وراءه
وانسدح ويعلم انه يغالب الرغبة الغبية في ذرف الدموع
فهو ليس بالضعيف
المتزعزع
الذي تصل به الآلآم الى ذلك الحد

بينما ثريا تحجرت كل الدموع في عيونها
فقد اكتستها القسوة
ومنحتها القوة
لتتعايش مع حاضرها المرير........


يتبع...............









بسم الله الرحمان الرحيم

:
:
:
ولا حول ولا قوة إلا بالله
:
:
:
:


اَلْجُــــ اَلــثَّـــآمِــنُ ـــ وَـــ اَلـعِــشْــرُونَ ــــزْءُ




فـِــــ صَبَـــآحِ ـــ اَلْيَـــوْمِ ـــ اَلتَّـــآلِـي ـــي




منذ صلاة الفجر سُمعت الحركة في القصر
منهم من عاد لغرفهم ومنهم من دخل المطبخ لتحضير افطار شهي
عبد الصمد فضل بعد صلاته ان لايعود الى غرفته
وان يذهب ليتفقد ما خلفه الحريق البارحة
فذهب وإياه سعيد لكي لايتركه وحده


بعدأن صلت هند صلاة الفجر
إستلقت على السرير
وأفرج مبسمهآ علىآ ابتسآمة سعيدة
وهي تتذكر مآ فعله زوجها في الليلة الماضية


وكيف أنها شعرت بأنفاسه المنتظمة خلال النوم
كان المسكين متعبا منهكا
والان يعاني من تعب نفسي اكثر منه جسديا
تعلم انه لن يعود من الاصطبلات بسرعة


كيف يكون للإنسان حلم وقد تحقق بجهد
وقوة وتنازلات عدة حتى كبر وصح
وبعدها تأتي الرياح بما لاتشتهي السفن
ويبآد ذلك الحلم بسرعة هكذا

تسآئلت

ولمآ سأشعر بانني قد اكون فعلا منحوسة
أرهبتها الفكرة
فاستعادت بسرعة من الشيطان الرجيم
فيصرفه عنها الله ويصرف نفثاته الخبيثة


رمت الغطآء جانبا
ونهضت وهي تلمح من بين الستائر
التي اخترقها شعاع الشمس باشراقها الصباحي الهادئ الدافئ

التفتت الى نفسها
وشعرت بالسوء لأنها لم تكن ذات تفكير راجح
كيفما كان الحال هو زوجها
وهي الان بفضل حماتها تلك حرمت على نفسها
ليلة من اجمل الليالي التي تحلم بها كل عروس

نفضت غبار الافكار التي ترفض مغادرتها
وجذبت من الخزانة قفطانها الابيض الذي ستستقبل به اسرتها
رمته على الفراش
وجذبت شيء من الاكسسوارات الذهبية الرقيقة
لتشرع في تغيير مظهرها كليا






عَــــبِِــِــيــــرْ





بعد ان ساعدت من في المطبخ
وحضر الافطار من حساء ونسميه"الحريرة"
وأيضاً طبق الارز بالحليب وما تبقى من حلويات وفطائر وتمر


صعدت إلى جناحها لتعد نفسها هي الاخرى
وبعد انتهاءها مرت على جناح أختها ثريا بما انها لم ترها منذ البارحة
فتسائلت ان كانت متعبةً
وبما انها تعلم ان عثمان قد خرج صباحا
طرقت ودخلت الجناح




۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞





ثـُـرَيـَّــآ




قبل سآعة




استفاقت
لآ بل لقد بقيت مستيقظة
بعد صلاتها جلست على سريرها في بيجامة سوداء
تتقصد ان تصفد عيونه عن النظر اليها
او
أن تطعمه من علقم مر مرارة قشرة الليمون أو اكثر


بقيت في مكانها
تنظر للغرفة التي اصبحت كسلسلة حديدية باردة تشد على عنقها
فتعدمها اعداما لاموت فيه
ولاراحة يحتوي
وتتمنى لو بيدها سندان
يخلص اخناقها من هذه الظلمة التي تكسوا حياتها

وكأنها من مساجين حكم عليهم
بالحبس في دياميس مغلقة
رائحة العفن فيها
تتمثل بمرارتها والاشجان التي تغرق فيها


شعرت به يدخل الى الغرفة
وهو يميل شيءما
فرجله لاتزال يلفها الجبس على الكسر

كسر
كسر من هو مؤلم بالصدق
كسر لايلتحم في قلبها ولايصلب أثره
أو كسر جسدي أذا ما تقدم الوقت يوما بعد الاخر
فهذا لايفلح سوى في اعادته الى طبيعته



ذخل عُــثـْــمـَــآنُ الغرفة
وتوجه مباشرة إلى الخزانة
فتح بابها وأخذ له بنطالاً وقميصاً
وعلبة تخصه بها ساعة تخصه

واستدار
كالسهم المثوارث بكل الآلام التاريخية
والصدور التي اخترقها
اختار ان يجعل صدره هو ملاذا له
قاس وموجع حتى بات الألم يشكوا من فيضه

عجبا بدت كغراب جريح وهي تلتف في جسدها
وملامح وجهها مغروسة بين ركبها
يدثرها شيء من تلك الخصلات التي اهملتها
يلفها اليأس والغم
أن يتنازل ليعيد ما فعله البارحة وترفضه
لن يكون مجنونا فيفعل ذلك
وتجرح كرامته مرة اخرى
فضل الخروج على الانصياع لما قد يكون تمثيلا منها
رغم بعده البعيد عن كونه كذلك


خرج من الغرفة كلها
فاليوم لديه اجتماع في الادارة بالمدرسة
بحيث سيثم مناقشة افتتاح المدرسة بالعام المقبل


رتب مكان نومه
وشرع في تغيير ثيابه
مع ارتدائه لبنطاله وقميصه
كحركة سريعة اعتيادية وتلقائية زر ازرار قميصه
فتفاجئ بمكان كمه فارغا من زره
تنهد فلم يكن وقت فقدان زر في هته الساعة بالذات حيث يتمنى ان يبتعد عن المنزل قدر الامكان
وايضا لايتنبئ في امنياته ان يصلح الوضع بينهما
كما لو كان ينتظر بزوغ الرضيع في هته الحياة عله يغير مزاجه ويغير عنادها


ذخل الغرفة مرة اخرى وهو يتفادى الحاح الحاجة المرة المريرة لرؤية وجهها الذي شوه بعض منه بيده


قميصه غالـٍ ثمنهُ ويحتاج لإغلاقه
ام انه سيضطر لتغييره؟
بحث بعيونه عن الزر في الخزانة لكنه لم يجد له اثرا
سمع صوتها من سحر عذوبته ورقته حيث يبعثر اوتار نفسه
فقد اَلْكَـــثِـــيــــرَ
بحيث اصبح صوتا يغلب عليه التعب والاعياء
وليته بمجهود جسدي بل فقط نفسي

ثريا فاقدة الرغبة في الحديث لولا الضرورة
غلَّبت نبرة اللامبالات بدل احتجاج صدرها بدفع كل مايحمله من حزن
في دموع :
- أتبحث عن... هذه ؟
رفعتها بين اصابعها بذراع متهالكة


رفع نظره اليها وقد تغضنت ملامحه
عيونها ووجهها شاحب حتى الموت
أوجعه قلبه لحالها فقال :

- أجل...

ثريا تحرك يدها الى المجر قربها في منضدتها الصغيرة لتجذب خيطا وابرة وتشبكهما بيد مرتعشة:
- انت لديك القميص وانا لدي الزر ... أخيطه لك؟؟

اقترب من السرير ليس بقريب منها ولابعيد :
- افعلي ذلك..

قطعت من الخيط واعطته له

عثمان بتساؤل:
- لما ...؟

ثريا بنظرة تائهة في ملامحه لايسبر منها شيء:
- ضعه بين اسنانك...لايجوز ان اخيط عليك شيء ...الميت فقط من يخاط عليه

عقد حواجبه:
- ماهته الخرا....

ثريا بتمعن دون ان يرف لها جفن:
- على مايبدوا ليس لك الوقت الكافي لتنزعه

اعادت وجهها على كمه تخيط له الزر على ضوء الاباجورة

عثمان بتحفز من نفسه:
- لما تضيئين الاباجور بينما ضوء الله موجود

ثريا بنفس نبرة البرود والتعب
كشخص يرفض المحاربة ففضل الاستسلام
- يؤلمني ذلك الضوء في عيني ....ومن ثم ساعود لانام فليس لي ما افعله...

قال عثمان بشيء من الخشونة:
- ثريا ...هل تريدين ان اشعر بالذنب لحالك؟

رفعت عيونها اليه وافتر مبسمها على ابتسامة معذبة في دواخلها
ومتوجعة لاكبر حد
- ههه لا ...لقد انتهيت ..اتمنى لك مشوار عمل موفق

اعادت العلبة الصغيرة الجميلة
وعيونه على ملامحها فيحتله الغضب بذل ذرة تفهم
نهض يخرج من الغرفة باكملها
ارتعدت شفاهها بقهر ووجع
وترنحت بين الدموع وبين منعها من ان تذرف مهما حصل
انسلت بين الاغطية وحاولت ان تنام





۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞


بـَـــعْـــ سـَــــآ عـَـــةٍ ــــــدَ





بعد ان دخلت عبير الى الغرفة
تفاجئت بأن رأت غطاء مطويا بعناية على سداري في غرفة الجلوس الصغيرة
مع وسادة ايضا
عادة لباب الجناح واقفلته
وهي تتنفس الصعداء مهما كانت
عليها ألا تفضح اي سر اكتشفته فاختها تحتاجها


أكملت خطاها إلى الغرفة التي بالكاد رأت عبرها
فقد كانت الظلمة تلفها
فنادت بصوتها:
- ثريا ...أختي هل انت هنا ؟..أأنت نائمة؟

تحركت الى حيث تواجدت الستائر وباعدت بينها
فتململت ثريا تصيح:
- من؟؟...أوف عبير اتركيها منسدلة لا اتحمل شعاع الشمس

عاندت عبير وتجاهلت طلبها فقفزت قربها تجلس
- أهذا ما فعله الصغير ذاك؟

ثريا وقد فقدت حس الهدوء:
- ياعبير ارجوك اخرجي واتركيني بسلام

حاولت عبير ان ترى ملامحها لكن من دون جدوى
فقد اخفت ثريا وجهها عنها
نهضت عبير والتفتت لتجلس على الجهة الاخرى
عندها شعرت بالغرابة فاختها لاتتهرب من شعاع الشمس
فهاهي تشيح بوجهها كانها تخفيه عنها

عبير بحزن:
- هل فعلت لك شيء يا ثريا اغضبك مني؟

ثريا وهي تاخذ نفسا عميقا:
- لا ..لم تفعلي لي شيء

التفتت ثريا الى عبير
فاندهشت لرؤيت تلك العلامات على وجهها
عبير بعدم تصديق:
- ضربك...هل ضربك عثمان...ألهذا ينام في الخارج ؟

ثريا بعدم انكار:
- اجل ...هل ستخبرين امي ؟

قالت عبير تحرك راسها والرعب يدب في جسدها ويغرق قلبها :
- لماذا ضربك ...لايبدوا عليه ذلك ..بل انه يبدوا انسانا متزنا ...ثريا...؟

قالت ثريا تنظر الى اختها بحنان:
- لاتهتمي تعودت على اكثر من هذا ضربة لاتهم
هو صفعني ولم يقصد ضربي


عبير بعدم تفهم:
- انه يعد ضربا ايضا ...فلا تبرري له وكفي عن هذا الهراء ...لما لا تطلبي الطلاق اختي بدل العيش تحت رحمته كالعبدة

تنبهت كل اعصاب ثريا لقول اختها:
- طلاق؟؟ والطفل موجود لآ....

عبير وهي تشعر بالارتباك:
- ماذا اذن ماهو الحل؟؟

ثريا والالم يعصر قلبها:
- دعينا من موضوعي...كيف ثم الحفل البارحة؟

عبير والهم يبدوا عليها:
- ياربي لو تري ما حدث لكنت تجهمت فعلا ...لقد احرق الاصطبل البارحة...

بدت الدهشة على وجه ثريا:
- حقا..؟

- الم يخبرك احد..حسنا احرقت الاصطبلات البارحة ...واتينا بالعروس وحيدة الى هنا فقد اضطر عبد الصمد الذهاب الى الاصطبلات مع سعيد...والله احراج حتى ان حماتي بدت لي وكانها تلوم اهل العروس ..أو العروس نفسها

ثريا بنتهيدة:

- لا حول ولاقوة الا بالله...لكن من فعل ذلك؟

عبير تجيبها :
- لا علم لنا حتى الان لكن لابد من ان سعيد وعبد الصمد هناك الان ينتظران الشرطة ..لايمكن تسهيل الامر هكذا...الان امي ستتسائل عن سبب عدم نزولك...سيبدوا عدم نزولك لقلة ذوق...قد تأتي اليك لتسألك..


ثريا تعود للنوم او فقط لابعاد نفسها عن الواقع المرير
من خلال الاحلام:
- أخبريها انني متعبة وعلي ان ابقى في الفراش ..لست ادري ان رأت وجهي ما ساخبرها؟

عبير باستسلام:
- على اي حال لا استطيع فعل شيء ..لكن يمكنك أن تكذبي إلا إن فضلت ان تعترفي وترتاحي


ثريا بشجن:
- أنت لا تفهمين شيء عبير ...


وضعت عبير دقنها على كتف اختها تبتسم بجدية:
- بل أفهمك تماما....أتمنى من الله أن يفرج كربك


ثريا بتنهيدة طويلة:
- آمـــــــــــيــــــــن ه





۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞




فــــِ مَوْقِعِ ــــ اَلْحَرِيقِ ـــي

اَلإِصْطـَبْلاَتُ سَآبِـِـقاً




فبعد الحريق أصبحت مجرد رُكام
ورماد وقطعا سوداء مثناترة
حالكة السواد
والدخان رغم إخماد النيران لايزال يثناتر كذرات رمادية في الهواء رائحتها خانقة


عبد الصمد وهو في السيارة جالس
متواريا عن شمس النهار الحارة يمسك في يده كوبا من الماء البارد
يرتشف منه جرعات متقطعة
كما لو كان يمتص من برودته
ما يبرد به حرارة جوفه
فالكارثة هته ليست بالسهلة

وهو يدري كل الدراية
أن الاحصنة لم تكن ملكهم كليا وانها تساوي الملايين
فأية مصيبة هته التي حطت على أدمغتهم

نظر إلى خارج السيارة وهويسند ذراعه عليها
وينظر الى أخيه الذي يزود عمالهم بالارشادات

لاحظ توجهه اليه
فوضع الكوب امامه ونظر الى اخيه الذي انحنى ليكلمه

- الكارثة كبيرة يا عبد الصمد ليس بيدنا شيء

عبدو بانزعاج:
- أترى أخي هدية زواجي كانت سخية جدا معي

ربت سعيد على كتفه:
- لا اخي لا تقل كذلك ...علينا ن ننتظر اكثر فالشرطة العلمية التي تحلل مثل هته المصائب لايزالون في نصف الطريق....أخي من له يد في نظرك في مثل هته الفعلة؟

تنهد عبدوا بيأس:
- لست أدري لو كنت أعلم لما وجدتني هنا أنتظر كالاحمق ...المشكلة أن الحارس الليلي ...توفي ودفنت معه شهادة كانت لتهمنا

رد سعيد:
- لابد من أنهم فضلوا التخلص منه لفعل فعلتهم ....لكن اتدري حجم الخسارة اللهم ارحمنا ...جدي البارحة كان يظهر عليه التعب يا عبد الصمد لو رأيته لخفت

خرج عبد الصمد من السيارة
وفتح سترته ليخرج منها علبة سيجارة زرقاء
ويشعلها
دهش سعيد فقال:

- عبد الصمد ما هذا لما التدخين الان الم نتفق انك اوقفته منذ زمن

نظر اليه وكأنه لايراه تحجه عنه دخان السيجارة:
- لاعليك اخي لست مدمنا...أشعر بحاجة لها فلا تمنعني اتمنى من الله ان يفرج عنا كربنا


أخذ أنفاسا متتابعة من سيحجارته وبعدها ضحدها من يده
الى تحت حذاءه:
- أفكر يا سعيد لكن والله ما استطيع ان اتوصل الى شخص قادر على فعل شنيع كهذا

سعيد يضم ذراعيه اليه:
- لك اعداء..؟

عبد الصمد بتفكير مغلق تقريبا:
- لا ..لا لا ..أبدا فلا اضن ان لي اعداء لم اعادي احدا في حياتي ...


مع نظرة اخيه له قال:
- سعيد اخبرك بالحقيقة ....هل تريد مني ان اشك في العمال تدري انني لم اطرد احدا من قبل ...وبالعكس احرص على تعلمهم


سعيد يحرك راسه بالايجاب:
- حسنا نستبعد الان ان لك اعداء ....لكن هل يمكن ان يكون حسدا غيرة ؟؟...لكن مِنْ هذا كله علينا انتظار الشرطة العلمية ...مآ أفكر فيه هو كيف ساخبر والدي وجدي اللذان منعتهما من القدوم الى هنا غصبا...كيف ساعطيهما حجم الخسائر على شكل ارقام تصور المعضلة ...أنا قدرت فقط ....أنها فعلا تفوق "مئات الملايين "


عبد الصمد بغضب:
- لو يا أخي حصل والتقيت مع فاعل هذا فسأكسر عضامه...وبالخصوص عضام وجهه

ربت سعيد على كتف اخيه:
- هدئ من روعك أخي فلن ينفعنا أبدا أن نفقد اعصابنا





۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞۞




فــــِـ اَلْقـَــصْــرِــ اَلًمَـــنْـــصُــورـِي ـــــي




أشرفت كل من مليكة وفاطمة على ترتيب المائدة
وعن ألا ينقصها شيء في الافطار
لاستقبال الضيوف


نزلت عبير الى المطبخ بحلتها الجميلة
ولاحظت ان فاطمة من طريقة رفعها ووضعها للاشياء واهتمامها بهته وتلك
أنها غاضبة وهذا منذ البارحة
اقتربت عبير منها :

- أمي ….

كانت فاطمة تتشامخ في حركات وجهها

عبير بالحاح:
- امي هل انت غاضبة ..لاني…

قالت فاطمة بعصبة إن ذكرتها فهي تذكرها بعصبية زوجها:
- لا لما سأغضب أصلا أنا جاهلة حتى تذكريني امام الضيوف البارحة بأننا سننسى …"مثلا" العروس..هل ابدو لك غبية الى هذا الحد لاتلقى منك اهانة كتلك

صدمت عبير فماهي بقاصدة لفعلها البارحة
وتقدمت تحاول ان تقبل يدها:
- بنيتي عليك ان تعلمي انك ان كنت تحبين امك وتعزينها فانا اقوم في مقامها لن يخصك شيء مادمت تحترمينني

فضلت عبير الا وتزيد البنزين على النار
فهي ان دافعت عن نفسها ستجعل من الامر مشكلة كبرى وهي ليست بحمل ان يؤنبها سعيد على شيء فهي تحب ان يبقيا في قمة التفاهم

- آسفة يا أحلى ام …أعرف أنني أخطئت فوعد مني لن أكرر ذلك…والان هل سامحتني …من أجل سعيد امي فقط لأجل عيونه..أرجوك

جالت عيون فاطمة في المكان وهي تزم شفاهها ليس بحقد لكن بتعجرف
فافرجت اساريرها على ابتسامة :
- حسنا سامحتك لكن مرة اخرى لا مفهوم

قبلتها عبير وعلى صوت امها مليكة التي دخلت الى المطبخ:
- أهلا وانا اسأل اين تفوزع قبلات بناتي فلم يعد لي منها نصيب

ضحكت عبير :
- هههه بالله عليك امي ….
اقتربت منها وطبعت بوسة على خدها

- والان ماما ما رأيك

- جيدة وافضل ….لكن اين ثريا الم تنزل بعد سيصل الضيوف لايجوز بقاءها فوق

عبير بتردد:
- إنها متعبة قليلا ماما لاعليك عندما ستصح سوف تنزل

نظرت اليها مليكة بشيء من الاهتمام والقلق:
- ساصعد اليها البارحة كدت افعل ذلك لكنني نسيت وتهت

فاطمة وقد غسلت يديها ونشفتهما بالمنديل الذي وضعته على المائدة:
- ساصعد اليها ايضا تلك المرأة باتت تقلقني يا مليكة تعبها لم اشعر بربعه انا في ايامي حملي

قالت مليكة تدافع :
- ولكن يا فاطمة في وقتنا كان كل شيء مختلف ..الشباب اليوم مختلف واصبح كما لو ان مناعته ضعيفة

فاطمة وهي تتوجه للباب:
- تعالي لنصعد اليها ….عبير …ماذا بك واقفة هناك تحركي ابنتي احملي صحون الحلوى تلك وضعيها على مائدة الافطار في الصالة والصحن الاخر في صالة الرجال علهم يأتون بسرعة


دعت عبير في سرها
اللهم استر يا رب




في جناح ثريا
كان من الذكاء ان اخدت عبير الاغطية والوسادة بعيدا عن الانظار

دخلت المرأتان الى الجناح
ولاحظت فاطمة ممتعضة من انه مظلم

- مليكة لابد من ان ثريا لاتزال نائمة…

ردت والدتها :
- لست ادري لكنها لاتحب ان تشاح الستائر فاذن ستكون نائمة

فاطمة بفضول:
- سندخل اليها

دخلت المرأتان الى غرفة ثريا التي كانت تختفي تحت الغطاء كاملة
فالدموع تغلبها رغما عنها وتبكي في ظلمة دثارها
وتنتحب عسى هذا الالم يزاح
وبذلك تكتسب صورة قوية لدى نفسها

- ثريا …ابنتي استفيقي عزيزتي ..

تحركت ثريا قليلا ولم تزح كامل الدثار تخفي شيء من وجهها:
- نعم امي …هل من خطب؟

قالت فاطمة الواقفة قرب مليكة التي جلست تربت على راسابنتها:
- جئنا نطمئن عليك…تدرين بنيتي ان النوم والجلوس كثيرا ليس دافائدة لك

قالت ثريا بخمول:
- انا اشعر بالتعب يا امي لهذا انا نائمة ولا استطيع ان انهض واعمل الا لان الطبيبة حذرتني من فعل ذلك حملي ليس بالحمل السليم كليا

فاطمة وهي ترفع اكتافها:
- على اي حال اذا ما شعرت بنفسك قادرة ولو قليلا على النزول فلتنزلي فقط لتسلمي على العروس واهلها حسنا

حركت ثريا راسها بنعم

- مليكة ساذهب لارى عروسنا الحلوة وانت انزلي لتفقد المائدة حسنا

- سافعل اطمئني

امسكت ثريا بيد امها:
- لاتقلقي علي ماما فالتعب هذا وعدتني به الدكتورة ….

قالت مليكة تنهض:
- حسنا في اي وقت شعرت بالم او اي شيء واحتجت لي اتصلي علي في الهاتف بالاسفل وسارد


خرجت مليكة
وشعرت ثريا بالراحة فما فضلت هي ابدا ان يعلم احد بشيء
فهي تؤمن بشيء يدعى حياة خاصة لايطأ ارضها سواها



في الاسفل



استقبل والد هند ووالدتها أحسن استقبال
بحيث دخلت رشيدة الى صالة النسوة حيث جلست مع مليكة وعبير

وسي محمد مع سليمان والحاج

في مجلس الرجال

قال سي محمد بعد ان سلم عليهم ملاحظا:
- الحاج ..تبدو لي تعبا …

رد سليمان :
- ما حدث للاصطبلات لشيء سيء حقا وليتنا فقط نعلم المجرم الذي ارتكب فعلته وفر هاربا أتمنى من رب العالمين ان يحرقه حرقا

سعل الجد بصوت متحشرج مخنوق
فنهض سي محمد يعطيه كأس ماء بينما سليمان ينظر الى ابيه قائلا:
- يا والدي اتوسل اليك ان لاتنفعل ..لم يحدث شيء

قال الحاج بتعب:
- الحمد لله… على كل حال


سي محمد يشاركهم الاسى:
- اتمنى من الله ان يجعلها لكم في ميزان الصدقات



في مجلس النساء


بعد نزول هند التي ارتدت حجابا ابيض يتلألأ بخطوط فضية
وقفطان ابيض مرصع يتلألأ كذلك
اقتربت من امها وسلمت عليها بحرارة
جلست فاطمة تنظر الى الجالسات


رشيدة بحبور لابنتها:
- سعيدة عزيزتي …كيف اصبحت لآ ولما اسأل فيبدو لي انك بالف صحة ما رايك فاطمة

ابتسمت فاطمة تقول:
- طبعا ماشاء الله عليها تبدو جميلة

قالت هند بسعادة وهي شيء ما تشك في صدق كلام حماتها:
- اشكرك امي وانا سعيدة بتواجدي معكم

عبير بصراحة:
- تبدين قمة في الجمال هند ماشاء الله عليك فاتنة

مليكة وهي تسكب الشاي في الكؤوس :
- فلنفطر…


بعد الافطار
سألت رشيدة فاطمة ان كان عبد الصمد سياتي لتراه

ردت فاطمة:
- عزيزتي في هذا الوضع الحساس بالذات لاتساليني فولدي يعشق الخيل وتصوري معي انه فقدها فكيف تريدين منه ان ياتي

قالت هند :
- ساعود حالا ماما لن اتأخر

سألتها حماتها:
- اين ستذهبين ؟

قالت هند تتقصد احراجها:
- الى الحمام

كتمت عبير ضحكتها بعيدا عن نظرة فاطمة التي بدت تخفي عاصفة على وشك الهبوب لكنها تكبت نفسها فقط


اقتربت هند من صالة صغيرة في الاسفل واختفت فيها
جذبت جوالها وركبت رقم عبدو وانتظرت تسمع رنين الهاتف في اذنها
بعد لحظات اجاب عبد الصمد :

- السلام عليكم عبد الصمد المنصور من معي؟

قالت هند بابتسامة:
- اهلا حبيبي

تحركت العاطفة في صدره كجميرات ملتهبة وهويتذكر ملمس جلدها اللطيف ودفئها الابدي يتغلغل في عروقه:
- اجل ..كيف حالك .؟

هند بشيء من الانزعاج:
- اهكذا تستقبل مكالمة من عزيزتك..؟

قال عبد الصمد والمنظر امامه يذكره بواقع مرير:
- ليس الان يا هند من فضلك اتجدين الوقت مناسبا لاتصالك

شعرت هند بشيء يشرخ في قلبها :
- حسنا لست بمتصلة فلا تقلق هه
اقفلت الهاتف وهي كئيبة لدرجة البكاء رفضت حتى التزحزح من الصالة بل وجدت نفسها تجلس لتستكين قليلا ولاتظهر شيء مما حدث

"لكن كيف يخاطبني بتلك الطريقة الفضة
بدل ان يبتسم ويبارك لي رغم عدم حدوث شيء
يا رحمان ما ان وصلت من طيارة احلامي لارض الواقع حتى اصطدمت مرات عدة
كل ما ظننته رومنسيا في الزواج تبدد
اصبحت اشعر بالحزن"

نظرت الى الهاتف ببؤس
وخرجت لتعود الى صالة النسوة

وهي بين الجالسات
تتناول افطارها بثبات ورزانة مثلهم
كعروس
رج هاتفها في حجرها فأخذته لتنظر اليه وهي تستغل فرصة تحدتهن

فتحت المسج
وقرأت
" ما الذي فعلته بي يا هند أتعسني اغلاقك الهاتف في وجهي"

عضت على يدها وهي تقول باحراج:
- هلا عذرتموني ساعود حلا

لاحظت الامتعاض على وجه فاطمة
لكنها تجاهلتها وانصرفت تغلق عليها في الصالة المجاورة

ارسلت من هاتفها"
" لو لم تكن فضا معي لقلت لك انني اشتقت اليك وفوق ماتتصور"


في السيارة نفسها حيث يجلس عبد الصمد في انتظار الشرطة
وجعلت نفسه ترتاح قليلا مما يشع فيها من عصبية

ارسل
" هههه اشتقت الى ماذا بالتحديد؟"


تلقت رسالته وهي مبتسمة بخجل فهمست
خبيث لن اجيبك


في اللحظة التي كان يهم عبد الصمد بارسال مسج اخر
نظر الى مجموعة من السيارات وكانت اربعة
فخرج بسرعة ليستقبل الشرطة
ويحدثهم في الامور المتعلقة بالحادث



في الصالة وبعد فترة
ظنت انه نسيها او ان عدم ردها ازعجه فهمت بالاتصال به:
- الو…عبدو

عبد الصمد بانشغال بمباشرة الشرطة عملها:
- ماذا؟

هند بتجهم:
- عبد الصمد ما الامر انت تتقلب بسرعة

عبد الصمد بعدم اهتمام وانزعاج لم يتقصده:
- ارجوك ..هند اتصل في ما بعد

هند بتسائل ملح:
- لكن يا عبدو و..الن تاتي عليك ان تستقبل والدي معي من غير اللائق…
لكن الخط اغلق في وجهها بعد ان كرر انه سيعيد الاتصال بها
شعرت بالالم
وكان عبدو تملكه الاحصنة والاصطبلات
او لربما ان اتصلت به والدته لكان آتيا على وجه السرعة
منعت دموعها من النزول
وعادت غصبا الى المجمع تجرجر اديال الخيبة والحزن الاليم



يتبع………..


/COLOR]


Jάωђάrά49 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس