عرض مشاركة واحدة
قديم 06-04-10, 05:35 AM   #10

عيناك عنواني
alkap ~
 
الصورة الرمزية عيناك عنواني

? العضوٌ??? » 85085
?  التسِجيلٌ » Apr 2009
? مشَارَ?اتْي » 1,273
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Egypt
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » عيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond reputeعيناك عنواني has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   cola
¬» قناتك rotana
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

9 - حسناء في الشقة


قد لا يكون هذا العمل هو ما ترغب فيه لاين ، لكنها شعرت بالامتنان لانها بدأت العمل في صباح يوم الاثنين .
امضت دنيز ، شريكتها بالعمل وهي أكبر منها سنا ، معظم الوقت في الحافلة التي أقلتها إلى المبنى الذي سيكون مركز عملهما وهي تشرح لها الكثير من الأمور التي تثير قلقها . بدت نشيطة جدا بالنسبة إلى إنسانة امضت حياتها وهي تعاني من خيبات الأمل ، كما فكرت لاين وهي تنظر إليها باهتمام وتهذيب .
علقت دنيز وهي تتجول معها في الجزء السفلي من المبنى حيث تحفظ مواد التنظيف والأدوات المستعملة في العمل : (( لا بد أنك تخرجين للتسلية في النوادي في عطلة نهاية الأسبوع ، كما يفعل الشبان في مثل عمرك ، لكن إن أردت نصيحتي عليك أن تبقي في المنزل والاستراحة مثلي ، لكي تتمكني من العمل بنشاط نهار الاثنين )).
فكرت لاين باستياء إنها بعيدة جدا عن الحياة الاجتماعية ، فقد أمضت عطلة الأسبوع بمفردها . ترك دانيال رسالة مقتضبة على المجيب الآلي في الهاتف تفيد بانه سيبقى غائبا حتى ساعة متأخرة من مساء يوم الأحد . وجدت نفسها تتساءل إن كان قد قرر الغياب قبل أن تجعل من نفسها حمقاء بشكل لا يصدق ، كما حصل في الليلة السابقة . رجحت أن يكون هذا بالتحديد ما دفعه إلى الابتعاد . إلا أن ما تعرفه بشكل مؤكد هو أن الشقة تبدو كالقبر بدونه ، وأنها تشعر بتعب مضن لدرجة تجعلها ترغب بالصراخ . الأمر الوحيد الذي قطع وحدتها هو اتصال جيمي يوم السبت ، لكنه أراد التحدث إلى دانيال ، والحديث الذي تبادلاه بدا روتينيا ولا جديد فيه . تعمدت ان تخلد غلى النوم قبل عودة دانيال مهما كلفها ذلك ، كما انها خرجت من الشقة قبل أن يستيقظ عند الصباح .
أكملت دينز حديثها : (( أيام الاثنين هي أكثر الأيام صعوبة عزيزتي ، لأن أصحاب الشقق يمكثون في بيوتهم ليوميين كاملين ، فيتركون خلفهم الكثير من الفوضى والأوساخ .))
بدا للاين أن معظم أصحاب الشقق يعيشون حياة منظمة . وفكرت أن على دينز أن تنظف منزل أمها ، أو ما يخلفه بعض زبائن السفينة لتعرف الفرق . كما أن الشقق بحد ذاتها لم تكن تحتاج إلى الكثير من التنظيف ، فقد تم تجديدها مؤخرا ، كما تم تزويدها بمستوى عال جدا من التجهيزات .
علقت دينز وهما تتناولان السندويشات في منتصف النهار : (( اعتقدت في البداية أنك متعجرفة جدا لتقومي في هذه الأعمال ، لكنك عاملة ماهرة حقا .
هذا ما سأقوله عنك ، فأنت جيدة ومتمكنة من عملك . أين تعلمت القيام بكل هذه الأشياء ؟))
قالت لاين وهي ترسل قبلة من أعماقها للسيدة إيفرشوت : (( تلقيت دروسا مكثفة ، كما أن الشقق سهلة التنظيف )).
أخذت دينيز نفسا عميقا وقالت : (( أفضل أن أعيش برفاهية انا أيضا ، فأحصل على سجادة جميلة ، وستائر أنيقة بدلا من تلك الستائر الباهتة )).
في آخر النهار اصبحت متعبة حتى عظامها ، لكنها على الأقل أصبحت تعلم الآن ماذا ينتظرها ، وهي على ثقة أنها تستطيع الاستمرار في عملها . كانت قد أعدت لنفسها قطعة من اللحم مع الخضار في الليلة السابقة ، فتناولت ما تبقى منها باردا مع بعض السلطة للعشاء .
مضى المساء ولم يكن هناك أثر لدان . إن كان هذا ما ستكون عليه أيامها فلا خيار لديها إلا القبول بذلك . ففي النهاية ، فكرت وهي تسير بتعب نحو غرفتها ، لا يمكنها أن تلوم إلا نفسها . مع ذلك لم تستطع أن تزيح كلماته التي قالها وهو يغادر بعيدا عن ذهنها .
فكرت إلى أي حد قامت بإظهار عواطفها في تلك اللحظات القليلة المليئة بالانفعال عندما كانت في السابعة عشرة من عمرها ؟ ربما بما يكفي ليظن أنها ستكون له إن أرادها . على الرغم من ذلك ، لم يبذل أي جهد في المحاولة ، ما جعل رفضها التام له صدمة مزدوجة .
وجدت نفسها تتساءل فجأة : لماذا تأخرت كانديدا طوال تلك الفترة لتعرض عليها الرسالة ؟ لماذا لم تخبرها بشأنها ما غن تقدم دانيال طالبا يدها ، أو على الأقل أثناء التحضير للزفاف ؟ لو أنها فعلت لوفرت عليهما الكثير من الأذى والألم .
لو أن ذلك حصل لتراجعت عن الزواج قبل إجراء المراسم ، ولتمكن دانيال من الاستمرار من دون أن تهتز كبريائه ، وهذا افضل بكثير . لوجد كلاهما أصدقاء حوله يقولون له (من الأفضل أن يحصل ذلك قبل فوات الأوان ) ، ( وأن هذا هو سبب وجود الخطوبة ) . أما الأمر الذي يتثير استغرابها فهو أن غضبه ومرارته لم يختفيا حتى الآن.
فكرت : اعتقد أن لدي أسبابي لأشعر بالمرارة انا أيضا ، فلماذا لا أشعر إلا بالندم الذي لا يمكن التعبير عنه حتى بالدموع ؟
مرت الأيام ، ولم يعد العمل فترة تجربة . أما الحياة في المنزل ، فهي مسألة مختلفة تماما ، حيث تعمد دانيال تمضية أقل وقت ممكن الشقة .
فكرت لاين : ما إن أدخل حتى يخرج ، والعكس صحيح . أما عندما يتواجدان معا في وقت ما ، فكان دانيال يتصرف بهدوء وتحضر ، ولم يكن هناك أي أثر على أنه عانى من أية عواطف قوية نحوها .
فكرت وهي تشعر بألم شديد ، أفضل ان يكون غاضبا . حينها أشعرعلى الأقل أنه يراني . اعتقدت لاين أن منزله سيصبح جاهزا في وقت قريب ، ولن يلبث أن ينتقل إليه ، وأنها لن تراه من جديد . وربما في وقت ما ، ستتوقف عن التفكير به والتوق إليه . لكن ، بالنظر إلى الناحية المشرقة من الامر ، لاين ليست مضطرة للعمل في المنزل عندما تعود في المساء ، إذ حرص دانيال على تغير نظام عمل السيدة آرشار بحيث تقوم بتنظيف الشقة بشكل يومي . عندما بدات المرأة بنظام عملها الجديد ، قالت للاين : (( إنه سيد صعب الإرضاء . يريد أغطية ومناشف نظيفو كل يوم ، كما أن قمصانه يجب أن تكوى بعناية . والأمر المضحك أنه صديق السيد جيمس )).
أضافت بسرعة : (( بالطبع ، آنسة . أنا لا أقصد التلميح ........))
لكن لاين ضحكت وقالت : (( لا باس ، سيدة آرشر . لا داعي لأن تراعي شعوري . أعلم أن أخي يحول المنزل إلى فوضى كاملة .))
مهما يكن فقد تحدت دانيال عند عودته في تلك الليلة الفائتة قائلة : (( كان عليك استشارتي بشأن السيدة آرشار . من المفترض اننا نتشارك في دفع نفقات الشقة ، وأنا لا أستطيع دفع أي مبلغ إضافي لقاء خدماتها )) .
- لا داعي لأن تفعلي ذلك . إنها هنا لتلبية طلباتي لا من أجلك .
- هذا ما فهمته .
استدارت مبتعدة وهي تتابع : (( لتأمين عدد لا يحصى من الأغطية النظيفة ،و القمصان المكوية كالحرير . كم أنت متعلق بمباهج الحياة !)).
رفع كتفيه وقال : (( هذا أحد مظاهر الحياة الفاخرة ، فلماذا لا أدلل نفسي ؟))
- ما من سبب يمنع ذلك ، فأنت محظوظ جدا ولطالما كنت قادرا على شراء أي شيء تريده .
- - لا ! ليس كل شيء عزيزتي ، إن كنت تتذكرين .
توقف عن الكلام لفترة ، قبل أن يضيف باستياء : (( ربما لست الوحيدة التي قامت بعمل خاطىء منذ سنتين ، لاين . ربما فعلت ذلك أنا أيضا . ؟ أهذا صحيح ؟ هل فشلت في تقديم السعر الكافي لما تطمحين إليه ؟ كان عليك قول ذلك في ذلك الوقت ، وكان بإمكاننا ان نفتح باب التفاوض )).
ابتلعت لاين صرخة من الالم القوي . رفعت ذقنها والتقت عيناها بعينه من دون أن تتضطرب ظاهريا . قالت وقد أبقت صوتها هادئا : (( يبدو انك نسيت انني رفضت أي عرض منك للتسوية ، للذلك لم يكن الأمر مطلقا متعلقا بالمال )).
- ماذا إذا ؟ ما الذي دفعك للتغيير ؟ لا بد من وجود سبب ما .
تكلم دانيال بسرعة وقسوة ، ولم تبتعد عيناه عن عيناها وهو يتابع : (( ....... أم أنك تعتقدين أنني نسيت أيضا كيف اندفعت إلى ذراعي ذات مرة ، وكيف ارتجف جسمك وأنا اعانقك ؟ توقك إلي بدا واضحا . تبا لك !))
راحت ترتجف من جديد ، وهي تصرخ في أعماقها ، لأنها أدركت انها محقة في ظنونها بشأن تلك اللحظة الخائنة ، قالت بنبرة دفاعية : (( أجل ، اعترف بذلك . شعرت بالشوق إليك ذات مرة . وكيف يمكن لي ألا أشعر كذلك ؟ فقد كنت أكثر الشبان وسامة وجاذبية بين من رأيتهم في حياتي . كنت حلم كل فتاة شابة ، لكن الأحلام لا تدوم ، ولحسن الحظ أنني استيقظت في الوقت المناسب ، دون أن يصاب اي منا بأذى )).
قال ببرودة : (( كم من المثير أن تفكري على هذا النحو )).
سار مبتعدا نحو غرفته وصفق الباب بقوة وراءه .
فكرت لاين ، حسنا ! على الأقل هذا النقاش لن تحتاج للغوص فيه ثانية . عضت بأسنانها على شفتها السفلى . وتمنت بهدوء وبقوة يائسة لو انها تستطيع أن تجد بعض العزاء والسلوان من جراء ذلك .
سألت لاين : (( ما الذي يجري ؟ لم لا نستطيع المرور ؟))
حدث ذلك في منتصف الأسبوع الثالث من عملها في شركة سيتي كلين . وصلت إلى العمل مع دينز لتجد أن الشارع كله محاط بشريط كبير ، والمكان يغص بسيارات الشرطة وشاحنات فرق الطوارئ .
ذهبت دينز لتتحرى عن الأمر ، وعادت تزفر بحماس كبير . قالت : (( لن يقولوا شيئا ، هناك حادث ما ، ولا يسمح لأحد بالدخول أو الخروج . لكنهم يقولون إن الشارع لن يفت قبل فترة الظهر ، لذلك لا جدوى من بقائنا هنا )).
لا بأس بالقليل من الراحة ، لكنني لا أريد الكثير منها . هذا ما فكرت به
لاين وهي تتجه لمنزلها . أفضل أن أعمل طوال النهار ، وأن أعود إلى المنزل وانا ألهث من التعب ، كي أقع على السرير طلبا للنوم من دون تفكير . فكرت بذلك آملة أن يختفي هذا الألم الدائم الخفيف الذي تشعر به في داخلها ، علها تحظى ببعض ساعات من السلام .
لم تنم جيدا في الليلة السابقة . سمعت أصوات من مكان ما أقلقها ....... ربما في الشارع تحت شقتها . بعدئذ ، لم تعد تشعر بالارتياح ، وهذا هو سبب عدم استجابتها على الفور لجرس المنبه كي تنهض . لذلك أجبرت نفسها على العمل بسرعة لتستعد للخروج . كالعادة ، وجدت أن دان قد غادر ، إلا أنه على غير العادة ، ترك غرفة الجلوس غير مرتبة ، فهناك كوب من الزجاج على الطاولة ، كما أن الوسائد الأريكة مرمية على الأرض . حسنا ! تستطيع السيدة آرشار التعامل مع الفوضى ، هذا ما فكرت به وهي تغادر ، فلا وقت لديها للترتيب .
ما إن فتحت الباب الأمامي ودخلت الشقة حتى أدركت على الفور أن هناك أصواتا بالمطبخ . إنها أصوات الأدوات وفتح وإغلاق الخزائن بالمطبخ .
أجفلت لاين وقد اعترتها مشاعر الخوف ، لأن الوقت مبكر جدا لقوم السيدة آرشار التي تصل عادة عند منتصف النهار ، إلا إذا كان دان قد عمل على تغير نظام عملها من جديد . لكن لم تخرج من المطبخ امراة في منتصف العمر ، بل امرأة لم ترها من قبل . فتاة ذات شعر فضي متدل على كتفيها . وترتدي قميصا من قمصان دان ، أظهرت طول ساقيها السمراوين بلون الذهب . فتاة ذات عينيين زرقاوين كبيرتين ، شفتين مكتنزتين ، ووجه فاتن الجمال .
وقفت الفتاة مندهشة أيضا عندما رات لاين . اتسعت عيناها الزرقاوان وهي تنظر باهتمام إلى ثوب عملها الأزرق ، مع الإشارة الواضحة لسيتي كلين على الجهة اليمنى من صدرها . قالت : (( آه ! أأنت الخادمة ؟ لم يذكر دان أنك ستأتين )).
وهو لم يذكر وجودك أيضا ! فكرت لاين ، وهي تشعر بالغثيان من جراء
الصدمة . تحركت عيناها بدون إرادة منها نحو وسائد الأريكة المنتشرة على الأرض ، وأدركت ان الأصوات التي سمعتها البارحة لم تكن في الشارع بل هنا تماما .
أخيرا وجدت لاين صوتها بطريقة ما . لم يكن هو الصوت الذي تعرفه ، لكنها تمكنت من القول : (( في الواقع ، أنا أعيش هنا . لكنني أعمل في شركة لتنظيف المنازل في مكان آخر )).
- فهمت .
قالت الفتاة ذلك بحيرة ، ثم ابتسمت وأشرق وجهها بجاذبية وسحر واضحين ، ثم تابعت : (( لا ........ بصراحة ، لا أفهم . لا أستطيع استيعاب أي شيء من ذلك . دانيال فلاين يتشارك مع أحدهم بشقة ، ؟ هذا أمر لا يصدق .... وفي مكان كهذا ؟)).
توقفت عن الكلام وقد توهج وجهها من الإحراج فأسرعت تقول : (( إنني آسفة ..... كلامي يبدو فظا ..... أنا متأكدة من أن هذه الشقة جميلو بما هي عليه ، لكنها ببساطة ليست من الأماكن التي يعيش فيها دان )).
قالت لاين بهدوء : (( أوافقك الرأي ، يبدو كأنه يزور حي الفقراء هنا ، لكنني لم أكن في البلاد عندما عقد هذا الاتفاق مع أخي . ربما لم يشرح لك أنه كان صديقا قديما للعائلة ، وأن هذا النظام مؤقت حتى ينتهي من ترميم منزله وتجديده . بالطبع أنت تعلمين أنه اشترى منزلا ؟)).
تأوهت الفتاة بنبرة ساخرة ، وقالت : (( آه ! من فضلك . لا تتحدثي عن ذلك المنزل ، إنه مجرد شكاوى دائمة . ظهرا ومساءً لا اسمع غير التذمر بشأن البنائين والتأخير في العمل والمؤن والبنود الجزائية ....... وكل ما يتعلق بذلك المنزل . لا بد أنك تشعرين بالسأم من جراء ذلك أيضا )).
قالت بهدوء : (( أنا ودانيال نتشارك فقط بالشقة ، ولست موضع ثقة لديه )).
قالت الفتاة ببطء : (( آه ... حسنا ! أنا بليندا . وأنا حقا في مشكلة حقيقية . لأن دان جعلني أقسم إنني سأكون بعيدة عن هذا المكان في هذا الوقت . غير أنني تصرفت كالحمقاء وعدت إلى النوم )).
رفعت كتفيها ، وبدا التظاهر بالحزن على ملامحها وهي تتابع : (( أنت تعرفين كيف تجري الأمور )).
لا ! أجابت لاين بصمت ، وقد تحول الحزن في داخلها إلى ألم حقيقي . أنا لا أعرف ولن أعرف مطلقا .
تابعت بليندا : (( أردت أن أعد لنفسي شرابا ما قبل أن استحم ، أملت ان أجد بعض الأعشاب كالشاي ، لكنني لم أستطع إيجاد أي شيء )).
قالت لاين بحزم : (( لا بد من وجود بعض البابونج في الخزانة الأخيرة ، اليمين من الفرن )).
- رائع !
سارت بليندا على مهل ، قبل أن تنظر إليها متساءلة : (( هل تريدين فنجانا منه أيضا ؟)).
أجبرت لاين نفسها على الابتسام ولو باقتضاب ، وقالت : (( اسمي لاين ......... لاين سنيكلر ، كما أنني لا أريد الشاي .شكرا )).
رفعت بليندا كتفيها وقالت : (( حسنا ! إذا ، سأراك لاحقا )).
واختفت في المطبخ ، وهكذا تمكنت لاين من الهرب إلى غرفة نومها . نزعت زي العمل ووضعته على المشجب ، ثم التفت بردائها القديم واستلقت على السرير وهي تعلم أنها ترتجف بقوة . فكرت ، لا استطيع الاستمرار على هذه الحال . لا أستطيع تحمل كل ذلك ، معرفة ان الأمور تجري على هذا النحو امر ، ومواجهة الدليل مباشرة أمر آخر . بليندا هذه تبدو لطيفة حقا ، وفي ظروف مختلفة لابد وانني كنت لأعجب بها . استدارت ، ودفنت وجهها بالوسادة .

بعد وقت قصير ، سمعت طرقة خفيفة على الباب ، وسمعت بليندا تقول : (( لاين ، أريد فقط ان أعلمك انني سأغادر الآن )).
إلا ان لاين لم تتكمن من الإجابة .
*******
تبين لها أن دينز محقة في توقعاتها . ففي منتصف بعد الظهر كانتا معا مرتديتين زي العمل وتعملان في الشقق ، للتعويض عن تلك الساعات الضائعة . قالت دينز : (( هذا يعني أننا نعمل ساعات إضافية ، لكن هذا لن يمنع زوجي من التذمر والشجار . فهو يتوقع أن أكون في المنزل عند عودته )).
ثم نظرت إليها متسائلة ، وتابعت : (( هل هناك من ينتظر عودتك ، صديقتي ؟)).
قالت لاين : (( لا ! لا أحد على الإطلاق )).
إلا أنها هذه المرة كانت مخطئة ، لأنها عندما عادت إلى الشقة بعد الساعة التاسعة والنصف ليلا ، وجدت دانيال يذرع الغرفة ذهابا وإيابا ، ووجهه مكفهر كالعاصفة . سألها ما إن دخلت : (( أين كنت بحق الجحيم ؟))
كان حافي القدمين ، وقميصه السوداء مفتوحة الأزرار فوق بنطلون جينز ضيق . بدا سيء الطبع لكن شديد الوسامة . فكرت لاين ، هل أمضى الأمسية بمفرده ، أم أن بليندا عادت . إن كان ذلك صحيحا ، فهي ليست هنا الآن . شعرت لاين بالانزعاج من نفسها بسبب الشعور بالارتياح الذي اجتاحها من جراء ذلك .
دفع دانيال بجريدة المساء نحوها: (( هل رأيت هذه ؟))
وقرأ العنوان بصوت عال : (( أصيب تاجر مخدرات بطلق ناري ، وقتل في كنزنغتون وهو المكان الذي تعملين فيه لاين ، خشيت أن تكوني في وسط الحادثة ، أصابني القلق حتى الجنون )).
حدقت إليه بغضب : (( إذا لا تقلق ، انتهى كل شيء قبل وصولي إلى هناك ، ما جعلنا نبدأ العمل في ساعة متأخرة وننتهي في ساعة متاخرة أكثر . في مطلق الأحوال ، لا علاقة لك بالأمر مطلقا )).
قال بخشونة : (( لا تكوني حمقاء وسخيفة ، أنا ملتزم بالاهتمام بك )).

أجابت بخشونة وغضب مماثلين : (( لا ! أنت لست كذلك ، فليس هناك ما يجبرك على الاهتمام بي بأية وسيلة كانت ، وهذا ما قررته منذ زمن طويل جدا .))
- ما الذي تتحدثين عنه ؟
- لا شيء .
لعنت نفسها في سرها لأن لسانها زلق . تابعت بتعمد : (( أنت قلت ذلك بنفسك . أنت لست أخي أو أحد اقاربي . من فضلك تذكر ذلك ، وابتعد عن كل ما يتعلق بي )).
عضت على شفتيها وأضافت بصوت مخنوق : (( أمضيت نهارا شاقا جدا ، لذلك لست بحاجة لمن يصرخ علي ، لا سيما أنت ، كل ما أريده هو أن أستحم وأنام . إن كان هذا يناسبك ؟)).
ساد صمت مليء بالتوتر ، بعدئذ سألها دانيال : (( هل تناولت العشاء ؟))
بدا من الصعب عليها ان تتذكر ، فاعترفت على مضض : (( لا ..... ليس منذ وقت محدد )).
- إذا اذهبي واستحمي ، وساعد لك العشاء .
أخفضت بصرها ونظرت إلى السجادة ، ثم قالت بصوت منخفض : (( كن حذرا ،فها أنت تعاملني بلطف مرة ثانية )).
لوى دانيال شفتيه ، وقال : (( سأخاطر بالأمر إن فعلت ، والآن ، اذهبي قبل ان أبدأ بالصراخ من جديد )).
سارت نحو غرفتها ، ثم توقفت عند الباب ما إن لمعت فكرة برأسها ، فاستدارت وسألته : (( كيف عرفت اسم المنطقة التي أعمل فيها ؟)).
رفع كتفيه وقال : (( كتبت لك توصية ، وهذا سمح لي بأن أعرف أي نوع من الأعمال تمتهنين وأين تعملين )).
حدقت إليه قائلة : (( هل كتبت التوصية بنفسك ؟)).
- أليس هذا ما طلبت مني أن أفعله ؟
- ماذا ؟ أجل .
لكنها افترضت أنه سيوكل هذه المهمة إلى سكرتيرته كما قال لها .
قال بصوت منخفض كأنه يسامرها : (( حسنا ! اقترحت عليك الذهاب ، إلا إذا أردت أن أحضر لك الحمام بنفسي ، وأضعك بالمغطس )).
حبست أنفاسها قبل أن تشهق متفاجئة ، ثم أسرعت بالدخول إلى غرفتها ،
وأغلقت الباب ورائها بقوة ، من الغضب إلى الممازحة ؟! فكرت باستغراب ، في أي مزاج سيكون بعد قليل ؟ وكم ستحظى بالأمان لتكتشف ذلك ؟

وقفت للحظة تحدق في الفراغ ، ثم هزت رأسها قائلة لنفسها إنها تبالغ في ردة فعلها ، وما لبثت أن دخلت غرفة الحمام . ملأت المغطس حتى نصفه ، وغطست في المياه وهي تتنهد بسعادة . لكنها علمت في الوقت نفسه أن الراحة الكاملة أمر لن تتمكن من الحصول عليه .
ظل دانيال ملازما لأفكارها طوال النهار . التنظيف المضني وتلميع البلاط والأواني بدت كلها مختلطة مع صور له مع بليندا ، وهما متعانقان ومتحابان ، ما جعلها تعاني من الخجل والبؤس معا .
غاصت أكثر داخل المياه وهي تفكر بالغم عنها ببليندا ، الفتاة الجميلة ذات الشرة الذهبية وصاحبة القامة الفارعة الطول والمتناسقة الجمال . هذا ما رأته من خلال تلك القميص الواسعة ، وعندها نظرت إلى نفسها .....
إنها ليست فقط نحيلة ، بل تستطيع أيضا عد ضلوعها . كما أن صدرها صغير ووركيها بارزان .
لا عجب أن دانيال يراها طفلة ، ويعاملها بلطف وصبر . لكن ذلك ليس كافيا لها . لم يكن كافيا في الماضي ، وهو ليس كذلك الآن . يا لقدرها القاسي ! تعيش بقربه وليس معه ، تحبه وتجبر على إخفاء شعورها نحوه . تتقبل الوحدة والعزلة وشوقها الذي يعذبها ..... والأن تتآكلها الغيرة ! .
منذ ليلة زفافهما وهي تسير على حبل مشدود بين اليأس من جهة والكبرياء من جهة اخرى . والآن تكاد تفقد توازنها ،و هي لا تعرف حتى متى ستتمكن من السيطرة على عواطفها او على الشوق الذي حاولت تجاهله من أجل البقاء والاستمرار .
لكي تبدأ في حل هذه المشكلة عليها العودة إلى غرفة الجلوس ، لتجلس معه ، وتأكل ما اعده ، وتظهر امتنانها ، لكن ليس بشكل ساحق ، في حين أنها طوال الوقت .....
جففت جسمها ببطء وارتدت واحدة من المجموعة الرائعة من القمصان ذات اللون الأبيض مع تنورة خضراء اللون طويلة حتى الكاحل ، كانت قد اشترتها من أجل شهر العسل ولم تلبسها إلا نادرا . من المؤكد أن دان لم يرها ، كما أنه لم يرى أي قطعة من جهاز عرسها ، ما عدا الفستان الأصفر.
وبالطبع قميص نومها ....... لكنها تشك أنه لاحظها ، لأنه في تلك الفترة راح ينظر فقط إلى وجهها ، باحثا في عينيها ، ومركزا على حركة شفتيها وهي تتلفظ بكلمات تبعده عنها إلى الأبد ....... كلمات لا زالت تعتمل في صدره ....... كلمات لن ينساها مطلقا .
لكن ربما يمكنها أن تلطف الأجواء بينهما الليلة . أتراها ستبدو سخيفة إذا ما عضت على كبريائها التي ربحتها بصعوبة ؟ لليلة واحدة فقط من حياته وحياتها .......؟ فكرت بشوق مفاجئ ، أهذا كثير عليها ؟
تركت ما لديها من ادوات قليلة للزينة في حقيبتها ، كي لا تبدو وكأنها تبذل أي مجهود خاص ، ثم مشطت شعرها ببساطة لينسدل فوق كتفيها قبل أن تخرج لتنضم إليه .
رأت دانيال ممدا على الأريكة يراقب برنامجا جديدا على التلفزيون وهو يحتسي شرابا . شعرت بعينيه تجولان عليها بسرعة في استحسان قبل أن ينهض ليقدم لها شرابا سكبه لها بنفسه .
قال بحركة مسرحية : (( العشاء على الطريق )).
واختفى في المطبخ .
جلست على الأريكة المقابلة ، وجمعت أصابع قدميها على السجادة وهي تشرب العصير . لاحظت أن طاولة الطعام الصغيرة قد أعدت لشخص واحد .
سألته عندما عاد بعد دقائق قليلة ، وهو يحمل طبقا في يده : (( ألن تأكل ؟))
قال : (( تناولت عشاء عمل في وقت سابق . تعالي وتناولي هذا وهو لايزال حارا )).
- ما هذا ؟
اكتشفت أن هذا الطعام هو خليط من البيض المخفوق مع قطع صغيرة من سمك السلمون المدخن المغطى بأصابع التوست الأشقر .
قالت بعد ان تذوقته : (( إنه رائع ! لم تكن لدي فكرة انك تستطيع الطهو )).
أحضر كوبه وجلس إلى الطاولة أمامها ، ثم قال بصوت حزين : (( اعتقد أن الأشياء التي لا نعرفها عن بعضنا البعض يمكنها أن تملأ كتابا من الحجم المتوسط )).
عندما أنهت لاين طعامها ، تنهدت برضى وهي تتراجع إلى الوراء ، قالت : (( لو سألتني لقلت لك أنني كنت متعبة جدا حتى لكي آكل )).
قال : (( وماذا عن التحدث ؟ هل أنت متعبة جدا على ذلك أيضا ؟ )).
أجابت : (( هذا يعتمد على ما سنتحدث عنه )).
أعلن دانيال بمنتهى الوضوح : (( ليس بالموضوع السهل ، على ما أخشى . أريد أن أعلم ما هو المبلغ الذي أخذه منك صديقك في فلوريدا .يعتقد جيمس أنه لم يترك لك أي مبلغ من ميراث والدك )).
توهج وجهها من الإحراج ، وقالت : (( ما كان على جيمس أن يتحدث عن هذا الموضوع ، كما أن لا حق لديك كي تسأله )).
أجاب بهدوء : (( أنا كنت هنا عندما استيقظت وأنت تصرخين ، لذلك لا داعي للتحدث عن الحقوق )).
- لكنني لم أكن أصرخ بسبب السوء الذي لحق بحسابي في المصرف
احتست القليل من الشراب قبل أن تتابع : (( ربما ....... لأنني كنت حمقاء ، لكن كل ذلك مضى وانتهى . وعلي أن أنساه وأتابع قدما )).
- غير انك كما يبدو تسيرين إلى الوراء .
أمسك بيدها لينظر إلى راحة يدها الصغيرة وإلى أصابعها الرقيقة وأظافرها الخالية من أي طلاء ، ومرر إبهامه فوق خشونة يدها .
تذكرت لاين تعليقه الساخر بانه يريد يديها ناعمتين في شهر عسلهما ، فأبعدت يدها وقد ازداد وجهها توهجا .
تابع وهو ينظر إليها بسخرية مبطنة : (( لا تقولي لي إنك اخترت الذهاب إلى اسبانيا في النهاية ، فقد علمت أن المشروع في منتجع الغولف لم ينجح ، وأن أمك الآن في البرتغال )).
- السيد تانفيلد هو الذي لم ينجح ، اما أمي فلا تقع إلا وهي واقفة ، يبدو انها وجدت أرملا ثريا متيما بها حتى الجنون .
- ليس هناك اتصال بينكما .
هزت رأسها قائلة : (( يعتقد جيمي انها اختصرت عدة سنوات من عمرها ، ووجود أبناء لها في مثل عمرها وعمر جيمي لا يناسب القصة التي ترويها)).
رفع دانيال حاجبيه وعلق باستياء : (( إنها مليئة بالعاطفة والحنان )).
أردف بعد قليل : (( إذا ، ما هي خططك للمدى البعيد لاين ؟))
أجابت : (( يا للغرابة ! كنت سأسألك السؤال نفسه . لا بد أن منزلك أصبح جاهزا الآن ؟ ))
- تقريبا .
ابتسم بقسوة ، وتابع : (( أنت حقا لا تستطيعين الانتظار حتى تتخلصي من رؤيتي .أليس كذلك عزيزتي ؟)).
- لطالما فكرت أنك أنت من يرغب في الرحيل ، لتحظى بمكان أوسع . ولتستعيد خصوصيتك .
نظرت إلى الطاولة قبل أن تتابع : (( كن صادقا ، دان . ما كنت لترضى بالبقاء في هذه الشقة لو اعتقدت للحظة واحدة أنني قد اعود فجأة إلى هنا )).
وافقها بلا اهتمام : (( لا ! على الأرجح .))
قالت : (( إذا هل حددت يوما للرحيل ؟ ))
- لا شيء نهائي .في الواقع ، لم أعد متأكدا أنني سأعيش في ذلك المنزل حتى بعد أن انتهي أخيرا . ربما ....... ببساطة قد ابيعه .
تذكرت كلمات بليندا وتذمرها ، وتسائلت إن كانت هي السبب في تبديل رأيه . قال بثبات : (( البناؤون ، والتأخيرات المتعمدة . والمؤن ، كذلك القوانين الجزائية ......... اعتقد ان كل هذه الأمور سوف تتبدل في ظروف محددة )).
- لا تقلقي ، مهما حدث فأنا قررت عدم البقاء هنا لوقت اطول . وما إن أجد مكان آخر سارحل .
سأرحل ! كلمة صغيرة ، مقتضبة وحادة ، كأنها طلقت رصاصة في الرأس ، بل كأنها النهاية .
سمعت نفسها تقول وهي ترفع طبقها وتسير نحو المطبخ : (( حسنا !))
لم تتوقع منه أن يتبعها ، أو أن يتكئ على إطار الباب وهي تغسل الصحون والمقلاة . علق : (( وأنا الذي اعتقدت بانك ستقفزين من الفرح ؟))
توقف عن الكلام للحظة قبل أن يتابع : (( ...... كما أنك لم تسالي لماذا انا راحل )).
لأنني أعرف السبب ، فقد رأيتها وتحدثت معها ،و أفهم لماذا تريد مكانا جديدا ومثاليا لتتشارك به معها !
ساد الصمت بينهما لفترة ، ثم قال دان بهدوء : (( هل الأمر سيء إلا هذه الدرجة ؟ ))
بل أسوأ مما تستطيع ان تتخيل ! صرخت من اعماق قلبها . والأسوأ من كل ذلك مراقبتك ترحل وانا اعرف أن هذه المرة ستكون إلى ألأبد ،وأنك تضمني إليك مرة ثانية ، حتى لو من قبيل المبادرة اللطيفة .
قالت : (( لا ! حقا ....... أنت أفضل من يراعي مشاعر الآخرين )).
أجاب ببرودة : (( يبدو انني صاحب الاختصاص بذلك )).
واستدار عائدا إلى غرفة الجلوس .
ماذا سأفعل سألت لاين نفسها عندما أصبحت بمفردها . كيف لي أن أختار في حياتي كلها بين نوعين من الندم ؟ كل ما أعرفه هو أنني أحبه أكثر من الحياة ذاتها ، ولن أسامح نفسي إن لم أستغل الفرصة الأخيرة كي أحاول ولو لمرة واحدة أن أعبر عن عواطفي نحوه ........ مع أنني لا أعرف كيف ومن أين أبدأ ، لكن الأمر يستحق التجربة مهما كان الثمن .


عيناك عنواني غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس