عرض مشاركة واحدة
قديم 12-04-10, 01:52 PM   #4

lola @
 
الصورة الرمزية lola @

? العضوٌ??? » 108977
?  التسِجيلٌ » Feb 2010
? مشَارَ?اتْي » 3,648
?  نُقآطِيْ » lola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond repute
افتراضي

نظرت كينان إلى ماحولها من الرفوف الخشبية إلى الجدران المغطاة بالخشب

المصقول، التي علق عليها أدوات الطبخ النحاسية و أضافت:
- هو من صمم هذا المطبخ كما شارك في بنائه حين سارت الأمور ببطء في

الشتاء الماضي..
رأت تاي في عيني أختها بريق فخر أثار اهتمامها مجدداً.. فعلقت قائلة:
- أعتقد أنك بشوق لرؤية تصميماته التي أعدها لغرفة الطعام، هذا عدا

رؤيته، أعد أن أبتعد عن طريقك مدة ساعتين ..أراك لاحقاً.
ارتدت ثياباً دافئة: سروالاً من الجينز و سترة واقية من الريح، و قبعة صوفية

و قفازين صوفيين ألوانها براقة و انتعلت مداساً عالياً ثم انطلقت لتسير نزولاً

في شارع" ماين ستريت".
كان الشارع ضيقاً لا رصيف له، وهو يتبع خط مصب النهر المتعرج..على

كلا جانبيه تصطف بيوت خشبية قديمة غير متشابهة.للمنزل الأول لوحة

نحاسية مثبتة على جداره تظهر أن له قيمة تاريخية فقد بني عام 800م لطبيب

حارب ضد الإنكليز في الثورة الأمريكية.
من ناحية الشارع الآخر، منزل أصغر حجماً معروف بأنه " منزل الخطيئة"

لأن صاحبه الأصلي كسر التقاليد الدينية، بالعمل أيام الآحاد في بناء المراكب

خلف المنزل، فناء المراكب المكتظ بصواري المراكب.. وخرج رجل من باب

المنزل الأمامي مرتدياً سروالاً من الجينز وسترة واقية و تحت ذراعه لفافة

ورقية وهو في حوالي الأربعين من عمره، نحيل، رمادي الشعر.
هز رأسه بود لتاي، و توجه إلى الشارع ماين.. راقبته ملياً ثم تكهنت أنه

شاركي سوير الذي هو الآن في الطريق لرؤية كينان.
مرت تاي بالكنيسة البرتستانتية ذات النوافذ الملونة والأبواب الخشبية

المصنوعة من السنديان..كم مرة حضرت القداس فيها حين كانت تقيم صيفاً

مع أبويها في نورثبورت..طالما أقاموا في أحد الأكواخ المواجهة لمصب النهر.
متى سارت هنا آخر مرة؟ آه..منذ ثماني سنوات تقريباً، آخر عطلة أمضتها

مع والديها كانت في الثامنة عشرة، وكانت قد تخرجت للتو من الثانوية

العامة و تخطط للذهاب إلى نيويورك لدراسة الموسيقى، ثماني سنوات من

عمرها مضت بسرعة غريبة..ثماني سنوات من الإخلاص لمهنتها التي اختارتها

بنفسها، وهي مهنة أبيها.
ارتجفت قمر الليل شفتاها و اغرورقت عيناها بالدمع فقد تذكرت والدها

الحبيب، الآن ..رجل نشيط، وحساس، متحدر من أصلى إيطالي، ولكنه

مات أكثر من ثلاث سنوات بالسرطان، إن أول درس في الموسيقى تلقته منه،

ومنه تعلمت إدارة شريط التسجيل لمعزوفة سوبرانو وهي الخامسة من

عمرها.. كان يعزف في قسم المزامير الخشبية في فرقة موسيقية، وكم سيسر

وهو يراها عازفة كلارنيت ناجحة ..كم تفتقده!
ربما لهذا السبب التجأت إلى برنابي كورنتر فقد أرادت الدعم العاطفي و

النصيحة الموسيقية .. كان أستاذاً في معهد الآلات النفخية، واقترح أن تنضم

إلى الفرقة الموسيقية التي كان يعزف فيها..ولكنها أحبته رغم نصيحة أمها..

اللعنة..! لا تريد أن تفكر فيه، لقد قصدت هذا المكان لأنه لم يكن فيه يوماً..

هذا المكان المشهور بهدوئه و سكينته.
مرت بأقدم منزل في القرية، وتابعت سيرها ، إنه منزل من طابقين، في فنائه

الخلفي أشجار تفاح قديمة وقد بني عام 1664 على يد أحد المستوطنين

الإنكليز الأوائل، خلف المنزل ركام مرتفع مغطى بالعشب، وهو كل ماتبقى

من قلعة قديمة بناها المستوطنين الفرنسيون.
وفي مكان أبعد منه قليلاً المتحف الذي يحتوي على الآثار الهندية و الأسلحة

المختلفة.
أمامها الآن لوحة تحمل كلمات "بيكرنغ بوينت لايتهاوس"- منارة بيكرنغ

بونيت.
مالت تاي لتتجنب الريح، وشقت طريقها في الممر لأنها تريد السير حتى المنارة

القديمة التي هجرت منذ زمن طويل لمصلحة منارة حديثة آلية تقع عند أقدام

الجرف الصخري الحاد.. سرعان ما ستشاهد أمامها البرج الأسطواني ذا

القمة المدببة المطلية بالأسود، حيث كان النور يوماً يومض و يرتفع بقوة الى

السماء.
بدأ الثلج يتطاير.. وماهي إلا ثوان حتى غطى الثلج العشب بلونه الأبيض،

وأخذت غابة الصنوبر القابعة إلى يمنيها تخشخش و تتأوه بسبب هبوب

الريح..آن وقت العودة لأنها ستعلق وسط العاصفة..ولكنها تابعت المسير

عازمة على إلقاء نظرة على البحر وهو يتكسر على الصخور عند قدمي

الجرف.
كانت الريح تصفعها بقوة فأصبحت وجنتها حمراوين ولكنها وصلت إلى حافة

الجرف الصخري، ونظرت إلى الخليج العريض..لا أثر للجزر الصخري،

ونظرت إلى الخليج العريض..لا أثر للجزر ولا لتلال "كناديان هيلز" الكندية

التي كانت تبدو من بعيد، فكلها متوارية وراء ستار من الثلج المتراقص..

رأت الأمواج تقفز و ترتفع ثم تتحطم فوق الصخور السوداء، وشعرت بالبرد

يخترق عظامها فارتدت وبدأت تحث الخطى لتعود من حيث أتت، وكانت

الريح تدفعها والثلج يتساقط عليها.
وجدت قمر الليل أنها ستصل بسرعة إن اخترقت غابة الصنوبر وصولاً إلى

الشارع.. وطالما سلكت في الماضي هذا الطريق لذا لم تتردد في الانحناء تحت

مابدا لها سياج جديد.
لكن ماكان ممراً ظاهراً لم يكن الآن سوى أعشاب نامية متشابكة و أشجار

متساقطة كان عليها أن تشق طريقها من بينها بصعوبة و بسبب هذا غيرت

اتجاهها أكثر من مرة حتى فقدت الإحساس بالاتجاه..من فوقها سمعت صوت

أغصان الأشجار و تأوهت..على مستوى النظر، أغصان أخرى كانت تتدلى

و تشد سترتها و تخدش خديها و تهاجم عينيها أحياناً..بدا لها أنها علقت في

كابوس مشؤوم أخضر.. تعثرت بصخور خفية و بجذوع الأشجار المتساقطة..

ليتها لم تقرر اتخاذ هذا الطريق..تذكرت قصصاً سمعتها عن أخطار السير في

الغابات وقت الشتاء، وكيف أن أشخاصاً ضاعوا فيها إلى الأبد.
أخيراً رأت فسحة بين جذوع الأشجار.. فسحة مغطاة بالثلج المتساقط..

فاتجهت إليها لتجد أنها عند طرف الغابة و أنها تشرف على حقل مغطى

بالثلج في نهايته منزل مثلث السقف؟؟بدا لها رمادياً قاتماً بل هو أكثر اسوداداً

من الأشجار و الغيوم التي وراءه..إنه مغطى بالثلج و يبدو أشبه بشبح

مخيف..
أدركت قمـر الليل أنها بعيدة كثيراً عن الشارع..فبدل أن تتجه يميناً في

الغابة قطعت الغابة مباشرة..ولكنها لن تعود إليها ثانية.. ستتابع السير في

الحقل وصولاً إلى الطريق النزل الداخلية التي تراها من بعيد بين صفين من

أشجار الصنوبر و ستقودها هذه إلى الشارع، ومن هناك ستتمكن من

الوصول إلى" بيكرنغ لاين" فماين ستريت، فالتلة فوق النزل.
ناحت الريح وصفق الثلج وجهها.. العاقل لا يخرج من منزله أبداً في مثل

هذا الطقس، حتى ذلك الرجل الجلف الذي يعيش في المنزل القديم.. وكما

قالت كينان: إنه مكان مهجور..مع ذلك تذكرت المنزل وهو ينعم بدفء

أشعة الشمس، ونافذة تعكس النور، وتذكرت كذلك هذا الحقل وهو مليء

بالزهور البرية و العشب الأخضر المتمايل بسبب نسيم الصيف الخفيف،

يومذاك بدا لها المنزل وكأنه قصر وحش.
ضحكت قمر الليل من نفسها بسبب سخف ما تصوره لها مخيلتها ثم تعثرت

بصخرة كانت الثلوج تغطيها فوقعت أرضاً وعندئذ ارتطمت ركبتها بصخرة

أخرى فتسلل الألم إلى ساقيها وهذا ما جعلها تشهق حين ركعت..ببطء طوت

ركبتها..المزيد من الألم، ولكنها تمكنت من الوقوف..نظرت إلى ما حولها ثم

بدأت تعرج باتجاه صف الأشجار التي تحيط بممر المنزل.. كانت ركبتها

المصابة تلتوي بألم وقد احتاجت إلى كامل قوتها لتستطيع متابعة السير.
أخيراً وبعد الوقوف عدة مرات لتلتقط أنفاسها، وصلت قمر الليل إلى ممر

المنزل الداخلي و استندت إلى جذع شجرة وهناك راحت تتحسس ركبتها

من فوق قماش الجينز..شعرت بانتفاخ وكأنه بيضة على ركبتها، وعندما

ضغطت عليها بأصابعها أحست بألم حاد.
نظرت إلى الممر الداخلي.. بدا ملفتاً بعباءة من الثلج المتساقط بجنون..آه..

كيف ستصل الآن إلى النزل فأمامها أميال للوصول وهذه الساق لن

تساعدها أبداً لاجتياز هذه المسافة.
ستجد بالتأكيد العون من أول منزل تصل إليه..لكن منزل لايتبون هو

الأقرب..أدارت رأسها و نظرت إليه..بدا أسود، مرتفعاً..ما هي إلا خطوات

حتى تصل إلى الدرج العريض فالشرفة الواسعة و هناك تستطيع قرع الباب.
دفعت نفسها بعيداً عن الشجرة، وبدأت تعرج نحو المنزل، لكن الفترة

القصيرة التي استراحت فيها، تسببت بتصلب ساقها اليمنى و أصبحت بلا

فائدة، ففقدت توازنها مجدداًَ، ووقعت فوق كومة ثلج.
تصاعد عويل الرياح فوق قمم الأشجار و تطايرت رقع الثلج الصغيرة فوق

الأرض..عما قريب سيغطيها الثلج و يدفنها..جعلتها الفكرة تقف مجدداً و

تجاهد للوصول إلى المنزل.
تابعت المسير بخطوات عرجاء و لكنها لم تتمكن من ارتقاء الدرج إلا بمساعدة

يديها و قدميها ثم انهارت على أرض الشرفة وراحت تجر نفسها حتى وصلت

أمام باب أنيق فوقه قوس حديدي مروحي و مقرعة نحاسية، جرت نفسها إلى

الباب، ودقت بيدها على القسم السفلي منه.
لم تسمع شيء من الداخل.. فدقت بقوة أكبر عدة مرات..ثم أصغت..لأنها

ظنت أنها سمعت نباح كلب.. قرعت الباب مرة أخرى.
بعد فترة بدت لها ساعات، انفتح الباب ببطء وخرج منه نور باهت..رفعت

تاي رأسها..إنه ميردت لايتبون، شعره الفاتح اللون يلمع تحت النور الأصفر

و نظارته السوداء تنظر إليها مرتمية على الأرض، إلى جانبه كلب..كلب

رعاة الماني جميل، متعجرف، نظيف، حوله السترة الخاصة بكلاب العميان.


lola @ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس