عرض مشاركة واحدة
قديم 12-04-10, 01:54 PM   #5

lola @
 
الصورة الرمزية lola @

? العضوٌ??? » 108977
?  التسِجيلٌ » Feb 2010
? مشَارَ?اتْي » 3,648
?  نُقآطِيْ » lola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond reputelola @ has a reputation beyond repute
افتراضي


2- التجربة المدمرة

زمجر الكلب بصوت منخفض و أبرز أسنانه، فأمره ميردت لا يبتون: "اصمت كولت".
نظر إلى عتمة الشرفة:
- هل من أحد هنا؟ من هناك؟
ردت تاي بصوت متكسر:
- هذا..أنا ..أنا ..أنا تاي داتسامو..أوه..أرجوك، لا تقفل الباب..ولاتذهب..أرجوك..أنا ..لقد آذيت ركبتي ولا أستطيع السير .. هل لي أن أدخل و استخدم هاتفك..أرجوك؟
انفتح الباب على مضض وخرج منه متسائلاً:
- ماذا تفعلين هنا؟
- خرجت أتمشى حتى وصلت المنارة القديمة، وعندما عدت كان الثلج قد بدأ ينهمر، ففكرت أن أسلك طريق الغابة وصولاً إلى الشارع..
قاطعها:" كنت تتسللين إذن..لم يكن يحق لك المجيء إلى هنا.. لماذا لم تسلكي ممر المشاة العام؟".
- لم أجده..الأعشاب في الغابة كثيفة.. وفيها أشجار متساقطة و أعشاب متشابكة..وكنت محظوظة لأنني وجدت طريقي إلى هنا..كانت الغابة جميلة حين كان جايسون لايتبون حياً.. كان يجيد الاعتناء بأرضه.
تغاضى عن ملاحظتها و انتقادها، وتابع النظر إليها وكأنه يحاول رؤيتها، ثم قال بصوت متشدق:
- أنت المرأة التي اصطدمت بي أمام السوبر ماركت.أليس كذلك؟
- أجل.. أردت أن أعتذر لك عن هذا..لم أعرف أنك ..لا تستطيع الرؤية جيداً، وإلا لما قلت ما قلته.
سأل بحدة:" من قال لك إنني لا أرى جيداً؟".
- أختي كينان.. مالكة فندق نورثبورت..ولكن لم يكن يحق لك أن تشتمني بتلك الطريقة.
لم يقل شيئاً..لكنه تابع النظر إليها.. وبدا أنه لا يجد غرابة في الموقف فهي مستلقية على الأرض عند قدميه..ووراء الشرفة كان الثلج يتطاير كالدوامة و الريح تعصف.
تمتمت تاي:" هذا جنون.. أرجوك دعني أدخل لأستخدم هاتفك حتى أطلب من أختي المجيء بسيارتها إلى هنا لاصطحابي، لن أستطيع السير حتى الفندق..ركبتي متورمة و أخاف أن تتأذى كثيراً إن سرت عليها.
دنا منها فشعرت بالخطر لكنها لم تستطع الابتعاد.
- أية ركبة؟
همست بصوت متألم:
- اليمنى.
ركع ***** أمامها فجأة و امتدت يداه الكبيرتان بحثاً عنها.. لامس ساقها ثم بدأت يده تنزلق حتى ركبتها.. أصيبت بالذعر و المفاجأة بسبب لمسته فتشنجت عضلاتها.. توقفت يداه عن الحركة ثم أدار رأسه و كأنه ينظر إليها.
حسنا..لابأس عليك..لن أستطيع التأكد من إصابتك قبل إدخالك إلى منزلي، وبما أنني لا أرى جيداً ..فأنا أرتاب من الغرباء خاصة النساء فمنذ أن فقدت بصري حاولت أكثر من امرأة استغلالي.
ردت قمر الليل بحدة وهي تستشيط غيظاً:
- أنا لست هكذا..آه ليتني أقدر على السير..آه
صاحت لأنه تجاهل احتجاجها، ووضع يده على الركبة المصابة و ضغط على التورم.
- همم.. تبدو متورمة..حسنا، بإمكانك الدخول و استخدام الهاتف.
قدم لها يده فأمسكتها و تمكنت من الوقوف.. ولكن من غير سابق إنذار التفت ذراعاه حولها و رفعها بسهولة وكأنها لعبة من قش، وحملها إلى المنزل.. قالت بصوت ضعيف:
- أرجوك أنزلني.
لكنها ويا للدهشة اعترفت بينها وبين نفسها أنها تستمتع لأنه يحملها بمثل هذه الطريقة المتسلطة.
تجاهل احتجاجاتها ثانية و حملها من ردهة مرتفعة السقف قليلة الإضاءة مكسوة بألواح خشبية، إلى غرفة كبيرة لها ثلاث نوافذ طويلة يتسلل منها نور، وهناك أجلسها على أريكة ضخمة مرتفعة الظهر، مغطاة بقماش مطرز يدوياً.
- أقترح عليك أن ترفعي ساقيك إلى فوق.
نفذت ما اقترحه عليها، وبدأت تخلع مداسها المرتفع الساقين..
كانت تفتح سحاب الحذاء حين عاد حاملاً الهاتف بيده، وضع الجهاز على طاولة مغطاة بالغبار و الصحف و المجلات، ثم ابتعد مرة أخرى من الباب إلى الردهة، في هذا الوقت كان الكلب يتعقبه أينما سار.
التقطت قمر الليل الهاتف ووضعته في حضنها ثم رفعت السماعة و لكنها لم تسمع أي طنين، مع ذلك طلبت رقم المنزل.. سمعت صوت طقطقة تبعها صوت هسيس، فأعادت السماعة و انتظرت، ثم رفعتها ثانية..لا شيء.
عاد ميردت لايتبون إلى الغرفة، فقالت له:
- هاتفك مقطوع..الخط معطل.
- وهل طلبت الرقم الذي تريدينه؟
أزاح بيده بعض ما على الطاولة و جلس على طرفها قبالة تاي بحيث أصبح على مستوى واحد معها.
- أجل.. ولكنني لم أتلق شيئاً..هاك خذ السماعة.
أعطته الآلة التي وجدتها يده بدون تردد ، الواضح أنه يراها..فهو على مقرية من تاي.
تمتم: كانت على مايرام هذا الصباح، ماالرقم الذي تريدينه؟
ذكرت الرقم، فراقبته يطلبه بإصبع طويل بلا تردد..بعد لحظات أعاد السماعة مكانها.
- أنت على حق..إنه معطل..نتعرض إلى أشياء كهذا في الشتاء..ماذا الآن؟
كانت النظارة السوداء موجهة إليها بشكل مباشر..فسألت آملة: " هل لديك سيارة؟".
- لا.. وما نفع السيارة لمن هو مثلي؟ أنا لا أرى جيداً فكيف أحصل على رخصة قيادة.
- لكنك دخلت المنزل وهذه الغرفة وكأنك ترى أين تذهب.. ثم طلبت الرقم و كأنك ترى الأرقام؟
- أستطيع الخروج و الدخول من المنزل..وأستطيع التحرك فيه لأنني أعرف تفاصيله..وأنا أرى الأشياء إن كنت على مقربة منها.
- وهل تراني الآن؟
- طبعاً..أستطيع رؤية شكل وجهك، وأين هي عيناك، وأين هو ثغرك.
مال إليها بحيث استطاعت رؤية شكل عينيه من خلال زجاج نظارته البنية، وبريق بياضهما ورأت الشعر الذهبي النامي على لحيته و فوق شفته العليا، وتحت ندبة تبدو وكأن البشرة مزقت ثم أعيد جمعها.. عندئذ أدركت أنه وسيم.
تمتم برقة: وعيناك بنيتان ذهبيتان، كبيرتان، مستديرتان و مفتوحتان، تنظران إليّ بريبة..لست سيئة المظهر..بل لولا إرهاقك لبدوت أفضل مظهراً.
ابتعدت عنه و استندت إلى ظهر الأريكة:" ليس وجهي مرهقاً!"
- حسناً..فلنقل غائرة الخدين.
اتسعت ابتسامته فظهرت أسنانه البيضاء الناصعة، عندئذ شعرت بقلبها يتراقص بشكل غريب و اضطرت إلى الاعتراف بأنها منجذبة إليه.. وهذا أمر غريب لأنها لم تنجذب قط إلى هذا النوع من الرجال الجلفاء..فطالما اهتمت بالمثقفين.. وطالما اهتمت بالفكر لا بالمظهر الخارجي.
أضاف:" أنت كمعظم النساء، لا تحبين سماع الحقيقة عن مظهرك".

- حسناً..كيف سيعجبك الأمر لو.. لو قلت لك الحقيقة عن مظهرك الآن؟ فبشعرك غير المسرح و بلحيتك هذه و نظترتك القاتمة هذه ..تبدو..حسناً..شريراً و بحالة مزرية.
- هاهَ!
أربكتها ضحكته القصيرة الفظة مجدداً.
أضاف: أنت امرأة جرئية تملكين القدرة على التعبير..أنا إذن شرير و بحالة مزرية.
- وهل أنت آسف على نفسك.
- بالتأكيد .. وستشعرين بهذا الشعور لو قيل لك إن بصرك لن يتحسن، وإن من الأفضل أن تتحلى بالأمل و إنك ستبقين دائماً عرضة للاصطدام بالناس..أو الأشياء لأنك لا ترينها.
همست قمر الليل مذعورة:" ومن قال لك هكذا؟".
- جراح عيون..إنه أحد أفضل الأخصائيين.
- ومتى قال لك هذا؟
- في الأسبوع الماضي.. في نيويورك.. ذهبت إلى هناك لإجراء فحوصات.
- لكن معظم العميان..العميان المصابون بعمى كلي يتمكنون من العيش حياة مفيدة منتجة.. بعضهم أصبح نجماً معروفاً جداً.

- نجماً معروفاً؟
- كنت أفكر بعازفي الجاز و عازفي البيانو و السكسفون,
- لا، إنهما مهنتان موسيقيتان.. والمرء لا يحتاج إلى الرؤية ليعزف، على عكسي.. يجب أن أرى لأستخدام الكاميرا.
- وهل أنت مصور؟
- مصور تلفزيزني، كنت أعمل لمحطة وطنية في قسم الأخبار العالمية..كنت أنا و بارني هيوغان نصور تقريراً عن فنان في أميركا الوسطى و فيما كنا نغطي الأحداث الدائرة بين الثوار و قوات الحكومة، تضايق أحدهم من وجودنا ورمى قنبلة يدوية علينا فقتل بارني و ليتني..ليتني قتلت معه.

والتوى فمه وهو يهمس بكلماته.
همست تاي التي تألمت روحها الحساسة بسبب ما قال:
- متى؟ متى حدث هذا؟
رد دونما اكتراث:" ربما منذ سنتين".
هب عن الطاولة ليجلس في مقعد:
- منذ لك الوقت و أنا أكافح لأعود إلى الحياة، أتعلم كيف أقف و كيف أسير و لكنه جهد ضائع.
ضرب ذراع المقعد بقبضة يده فانتفضت تاي و الكلب معاً، فالكلب المستلقي على البساط أمام المدفأة استقام و شنّف أذنيه ورفع رأسه ينظر إلى سيده.
- مانفعي و أنا لا أستطيع رؤية ما أريد القيام به؟
سألته تاي بحدة:" أوليس هذا انهزاماً؟".
- وهل لديك بديل آخر؟ لا يمكنك حتى البدء بفهم ما أشعربه.
- بل أنا قادرة على ذلك.
صمت، فتعاظمت الظلمة في الغرفة فالنور الوحيد فيها كان وميض النار البرتقالي.. وصدحت موسيقى غيتار لموسيقار برازيلي من راديو عرفت أنه على رف الكتب المثبت في الجدار.
طقطق الخشب المشتعل الذي تتآكله النار و تأوهت الريح بشكل مخيف في المدخنة، فتحركت تاي بعدم ارتياح.. فصمت ميردت لايبتون يثير الأعصاب، وبدا أنه نسي وجودها، ولكنها ما لبثت أن انتفضت مذعورة ما إن علا صوته:
- هل اسمك حقاً تاي؟
- وهل كنت سأقول هذا لو لم يكن اسمي؟
- لا أعتقد ..إنه اسم غير عادي.
ران صمت آخر قصير:
- الطريقة التي جئت بها إلى هنا هذا المساء تذكرني بأبيات شعر "لأدغار آلان بو" عنوانها الغراب الأسود..أظنك تعرفينها.
- لا..أنا لا أعرفها.
- لاشك أن هذا المنزل و عزلته، وجنون الطقس في الخارج كانت ستروق للشاعر..بل من الممكن أنه كان في مكان مماثل حين كتب قصيدة الشعر التي أذكرها:
" في منتصف ليلة عاصفة موحشة
وأنا أتأمل بضعف و اكتئاب
كتب التقاليد الطريفة المنسية
مطرق الرأس أكاد أغفو سمعت طرقة على الباب
وكأنها جاءت من يد خفية".
توقف عن قول الشعر،ثم ضحك..فشعرت تاي مجدداً برجفة تسري في أوصالها.
أضاف ***** : حين طرقت الباب أجلس هنا، نصف نائم قرب النار، فتقدمت إلى الباب و..
تابع شعراً:
" في عمق الظلام تطلعت..وطويلاً وقفت، أتساءل بخشية.
مرتاباً أحلم أحلاماً لم يجرؤ بشري يوماً.."
- آه..توقف عن هذا..كف عن إخافتي..
ترجلت عن الأريكة و ألقت نظرة حتى وجدت حذاءها الذي انتعلته..فسألها بحدة:" ماذا تفعلين؟".
- أنتعل حذائي.


lola @ غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس