عرض مشاركة واحدة
قديم 29-12-07, 08:07 PM   #10

ورده قايين

? العضوٌ??? » 213
?  التسِجيلٌ » Dec 2007
? مشَارَ?اتْي » 327
?  نُقآطِيْ » ورده قايين is on a distinguished road
افتراضي

الفصل السادس
الحب . هي ودوغ ؟ قد تكون ماري أفضل طباخة في بلاد الساميت ، ولكنها لا تستطيع اصدار أحكام عندما يتعلق الأمر بطبيعة إنسانية . بعد ساعات كانت الفكرة ما تزال سخيفة . وضعت سامنثا الطعام للعاصفير ، ورمت بذور دوار الشمس على الثلج في الباحة الخلفية . كان النسيم بارداً والغيوم تحمل معها الثلوج وتحجب الرؤيا عن أعالي الجبال . بدأ الثلج يتساقط ، ومن حسن حظها أن أمها لم تكن في الجوار لتراها في الخارج تقف تحت الثلج من دون معطف . سبب غياب أمها جعلها تبتسم . لم يلبِ آيك كلايبورن طلب سامنثا فقط بل أيضاً نجح في اختطافها من الفندق لتناول الغذاء والقيام بنزهة ، كانت أمها في أشد الحاجة إليها . لم يعجبها منظر أمها في الصباح مثل ماري . حان الوقت لتقوم السيدة آردن بفحوصات طبية شاملة ... هذا إذا تمكنت سامنثا من اقناعها بالذهاب إلى الطبيب.
" سامنثا!"
هذا الصوت جعلها تدرك أن دوغ قد ناداها لأكثر من مرة التفتت إلى الأعلى فوجدت دوغ واقفاً على شرفة الطابق الثاني ." ماذا تريد؟"
" أوقفي عملك وانتظريني حيث أنت ." دخل غرفته وهو يقول :" لاتبدلي ملابسك ." واختفى عن الشرفة.
أصدر ثلاثة أوامر في بضع ثوانٍ . وقد وعدها بالأمس أن يتنازل عن تسلطه وهو الآن يملي عليها الأوامر ، متوقعاً أن تقوم بتلبية طلباته دون تفسير . نظرت إلى الجينز الذي ترتديه وإلى كنزتها بلون الكريم . لماذا أمرها بعدم تبديل ملابسها ؟ ولم عليها أن تفعل ذلك ؟ إذا كان هذا يعود لقرارات الليلة الماضية فيجب إعلامه بما تفكر به تماماً حول ما يسميه بالهدنة.
" أتريد التقاط صورة لي ؟" سألته بتعجب ، بعد بضع دقائق ، عندما كان يثبت آلة التصوير.
طأطأ رأسه ." كنت أفكر بهدية عيد الميلاد للوسي عندما رأيتك في الخارج وتحت الثلج ... فقلت لنفسي ، وجدتها . سألتقط لك صورة تحت الثلج."
" إنك قريبة بشكل كاف." كلن يحمل مظلة فوق آلة التصوير . انحنى ونظر عبر العدسة ." هيا تابعي ، وأنهي طعام العصافير ."
" لن تلتقط لي صورة لي الآن . فشعري غير منظم ."

" تبدين جميلة !"
" إذا لم تكن تلاحظ ، فإن الثلج يتناثر هنا."
" هكذا أفضل . الخلفية بيضاء ، الثلج أبيض ، الثياب بيضاء ، وفي الوسط وجهك ." وعاد إلى آلة التصوير . " تجاهلي ذلك ."
" تقصد أن أتجاهل حماية نفسي من المطر تحت المظلة وأنا أتجمد حتى الموت وسط هذه العاصفة الثلجية المخيفة ."
" لاتكوني كالأطفال . أديري وجهك ناحية اليسار قليلاً."
انحنى ومسح وجنتها بمنديله ." إني أستعمل المظلة لأحمي آلة التصوير من البلل ."
" أتمنى أن تكون الصورة مذهلة لتجعل موتي بمرض الرئة ذا شأن."
" تفائلي قليلاً . فكري بشيء مسلٍ."
" لاأستطيع التفكير بسوى فنجان ساخن من الشوكولا ومعه قنينة ماء ساخنة ."
" ماذا بالنسبة لتلك المرة حين أخبرت الفتاة التي اتصلت بي أنني ذهبت إلى السينما مع لوسي ؟"
" ولكنك كنت فعلاً في السينما ."
" أجل . لكنك لم تكلفي نفسك عناء إخبارها بأن لوسي والدتك ووالدة دافيد. فاعتقدت سالي أني أعبث معها ومع غيرها في الوقت نفسه."
" كيف كان لي أن أعرف أنك تضرب مواعيد لنساء يغرن ويتشككن ؟" ولم تتمكن من اخفاء ضحكتها . " أخبرني دافيد أنها رمتك بالمصباح عند عودتك إلى المدرسة . أعتقد أن ذلك أثار ندمي."
" خطأ دافيد ، أنه يعتبرك جيده مثله."
" إن دافيد عصامي . أما أنا فلا أدَّعي ذلك ."
" تقصدين أنك لم تنجحي في خداع أحد قط . أتذكرين ذلك الوقت حين حاولت فيه إقناعي أن توم يصرخ في الخارج وذهبت مسرعاً للإمساك به . لقد إدعيت ذلك فقط لأنك أردت الكرسي الذي أجلس عليه."
" لقد كان الكرسي الأكثر راحة . نسيت ذلك . إنك كنت غاضباً."
" لديك ذاكرة قوية . والآن فكري بالقبل ."
" القبل ." نظرت إليه بارتباك.
" قبل قوية ، مثيرة ." قالها وضحك . " لا تقولي لي أنك لا تحبين هذا النوع من القبل . لن أصدقك أبداً . ليس بعد ما حصل ليلة الأمس."
وبشكل لا إرادي ، تراءت لها صورة عن ليلة الأمس ، بينما لمع ضوء آلة التصوير .

" أرى أنك تعرفين ما أقصد ." وأضاف :" انتظري هنا ."
أخذ الكاميرا ودخل غرفته ، وعاد سريعاً ممسكاً بمنشفة كبيرة بدلاً من آلة التصوير . وعندما حاولت سامنثا أخذها أعادها إلى الوراء قائلاً :" أنا من سيفعل ذلك . سأحاول مسح الماء والثلج عن وجهك."
وجهها تورد ، من الخجل ، بلا شك . وأجابت :" كنت أفكر بآندي ، وليس بالليلة الماضية ."
لف دوغ المنشفة حول رأس سامنثا على شكل عمامة .
" هل كنت تفكرين فعلاً به ؟ هل تعنين أنك كنت تفكرين بقبلاته التي أنعشت فمك وشفتيك ؟" وضع أطراف المنشفة تحت العمامة ، وأنزل يديه على كتفيها ." تبدين فاتنة ، وبدأ يداعب رقبتها بإبهامه."
تراجعت سامنثا إلى الوراء قائلة :" إني أتجمد."
ارتعش فمه وهو يقول :" كنت أعتقد أن في استطاعتي تدفئتك ."
" أفضل فنجاناً من الشاي."
" الآن يوجد تغير ملحوظ . بدأت تسلكين الطريق الصحيح."
" أنت من يقلق بشأن أمي وبشأن الزواج القسري."
" لوسي ليست في البيت . ولو كانت رأتني أرسلك إلى المنزل وأنت ترتجفين لأصابتها نوبة قلبية ." دفعها أمامه إلى شقته في الطايق الثاني ، وأجلسها على كرسي مريح .
" سأحضر لك الشاي ." وضع يده على طرفي الكرسي ، وانحنى وهو يقول :" لا ، ليس عليك أن تخافي."
" لا أخاف منك أبداً."
" لسوء الحظ يبدو أن بيننا مشاكل تخرق هدنتنا . أليس كذلك ؟"
" ماذا تعني بنحن ؟ كل ما قلته إنه كان عليَّ ارتداء ملابس غير ... لكني أرتدي ثياباً لائقة ."
حدق دوغ بها وهو يقول :" جينز ضيق وكنزة تناسب مقاسك ."
" ربما أحببت أن أسير وأنا مرتدية سروالاً للتزلج وسترة الفراء."
اكفهر وجه دوغ وقال :" ألا تريدين معرفة ما أحب ؟ سأحضر الشاي."
كانت الشقة دافئة . وأدركت الفرق بين الداخل وبين البرد في الخارج. أزالت المنشفة عن رأسها ، ونظمت خصلات شعرها . آه لو كان في الإمكان ترجمة ما تقوله عينا دوغ الزرقاوان . ألقت رأسها على الكرسي . لقد حان الوقت لتكف عن خداع نفسها . إن الدفء الذي أحست به ويسري في جسدها سببه الرغبة الطبيعية التي لا تقاوم والتي ظهرت بينها وبين دوغ . إنهما يحتقران بعضهما مما جعل الأمر أكثر خطورة . وأكثر


شهوانية . إن ذلك موجود منذ الليلة التي وضعته فيها في السرير ، وبدأت الوعود الكاذبة تظهر تحت نقاشاتهم المملة . رجاحة العقل والفطرة السليمة ... بدأت تضعف في مواجهة هذه المحاولة الباهرة ، إنها محاولة لقطف ثمار ممنوعة .
ناولها دوغ فنجان الشاي الساخن . وسألها :" هل جفت ثيابك ؟"
" أجل ، شكراً."
جلس أمامها على الكرسي ." أترين ؟ في إمكاننا أن نكون عاديين عندما نكون معاً."
تلاقت نظراتهما . نظرت حولها بيأس . لابد من وجود شيء عادي يتحدثان عنه . كان على الطاولة بجانبها مجموعة من المجلات التي تتحدث عن العناية بالحدائق .
" ما هذا ؟ لا تخبرني أنهم قد طلبوا منك اصلاح الفناء هذا الصيف ؟" وتناولت بعض المجلات.
قال بصعوبة :" هل تتذكريمن آنا سبتون."
" لابدلا أنها أصبحت في سن المائة والعشرين ."
" ليس تماماً . لم تعد تهتم بنفسها كما كانت في السابق. إنها تمضي الساعات الطوال جالسة على النافذة تراقب الخارج . كما رفضت الحصول على التلفاز . إنها تدعي بأنه اختراع جديد يثير الضجة."
تناول مجلة وأخذ يقلب صفحاتها إلى ان وجد ورقة عليها تصميم . " إني أصمم حديقة طبيعية لها . لقد وجدت جذع شجرة قديمة قطعه شاب للاستفادة منه فاشتريته . سأجعل فيها حفرة تبني العاصفير فيها أعشاشها. الأغصان تحتاج وقتاً للنمو ، لكن الأزهار الحمراء ستجذب العاصفير . بالطبع ، عليك الحصول على بعض الحمام وأزهار الخشخاش. لقد أوحي إليَّ بهذا فيما كنت أراقب الأزهار الجميلة الموجودة في المتاجر على الطريق الرئيسي . أعتقد أني تحدثت مع كل بستاني موجود في بريكنريدج . فهنا توجد حديقة الفراشات . بوتنتيلا ، كوزموس ، الجزر البري إضافة إلى بعض النباتات البرية والأعشاب الأخرى . إني أكره الحدائق التي يعلو العشب فيها ، مسافات شاسعة ، وتحتاج إلى كميات كبيرة من المياه لرّيها . إني لم أختر بعد أنواع الأشجار . أريد شيئاً يتلاءم مع المناخ صيفاً وشتاءً وفي الوقت نفسه يؤمن علفاً للحيوانات . لم يكن عليك أن تجعليني أبدأ الحديث."
" كيف حصل وتعرفت على آنا ؟"
" أرسلتني أمك إلى هناك فيما كنت أبحث عن بعض المعلومات . إنها تعيش هنا منذ بداية القرن تقريباً . إنها تعرف كل شيء عن مقاطعة ساميت . لديها الكثير من الصور . كان زوجها السابق من هواة التصوير. وما حققه بآلته البدائية كان مدهشاً . ساعدت آنا على ترتيب الصور ، وأعتقد أنه أصبح لديها كتابٌ عن ذلك . وأصبح في استطاعتها الإستفادة من المال الذي وفرته لها الصور."
" لابد أنها ممتنة لك ."
" إنها تسدي لي خدمات عن طريق السماح لي بالاهتمام بحديقتها ومشاهدة الصور التي التقطها زوجها السابق ماتيو ."
" ألا يبدو ذلك تواضعاً منك ؟ إنه كرم منك ."
" ألا تبدين غير منطقية ؟ إذ لدي بعض الصفات الحسنة ."
" لم أقل العكس." إن احتقارها له لا يجعلها تتغاضى عن مزاياه الحسنة . لم تحاول المناقشة . وهمّت بالمغادرة .
" أشكرك على الشاي ومن الأفضل لي أن أعود ."
وضع دوغ فنجانه على الطاولة ووقف ." لا تخبري والدتك بما فعلناه اليوم."
" لن أفعل . هل أستطعت أن ... هل في إمكاني الذهاب معك لزيارة آنا ذات يوم ومشاهدة الصور ؟"
نظر إليها دوغ محدقاً بهها وكأنه يعيش داخلها ." أود ذلك ." تلاقت نظراتهما . أزاح بعض خصلات الشعر عن وجنتيها وأخفض رأسه بإتجاهها.
خرجت سامنثا من غرفته ونزلت الدرج . كانت قد أصبحت في منتصف الطريق لمنزلها ، عندما أحست بإباحية تصرفها . توردت وجنتاها . وارتعش جسدها . كان الطقس بارداً جداً بالنسبة للبقاء دون معطف . وأزالت الثلج عن ثيابها وهي تدخل من الباب الخلفي.
أتت آندا باكية من الباب إلى غرفة الطعام ." إني سعيدة لرؤيتك . إن السيد كلايبورن على الهاتف . ووالدتك في المستشفى في فايل ."
تناولت سامنثا السماعة وهي ترتجف ، لابد أن آندا مخطئة . وأول كلمة قالها آيك خيبت أملها . استمعت إليه وهو يخبرها عن وقوفخما عند حافة النهر الأزرق ، وكانت السيدة آردن تروي له العملية التاريخية لإستخراج الذهب ، وأصرت على الإنزلاق لجمعها ، ثم انهارت وهي تحاول الصعود . وصل دوغ عندما أقفلت السماعة.
" أخبرتني آندا أن والدتك في المستشفى . احضري معطفك . سأرافقك إلى هناك ."
كانت سامنثا عاجزة عن التفكير . كانت تتصرف بشكل آلي تفعل ما يأمرها به دوغ . بدا الطريق إلى فايل طويلاً ممتلئاً بالشقق وأماكن التزلج . عندما كانا على الطريق . بدأ غرابٌ في السماء يطلق أصواتاً مزعجة . أوقف دوغ السيارة في موقف المستشفى .
كان آيك في الداخل شاحباً . أمسك بيديها . دفعها دوغ إلى كرسي في غرفة الإنتظار ولحق دافيد فور تلقيه الخبر. مرَّ بالمدرسة لإخبار ليندا بما حصل فأتت معه . كان دوغ وعمه يتحادثان منفردين بصوت منخفض في زاوية أخرى . كانت سامنثا تراقب يديها بتوتر . بينما المستشفى من حولهم ينبض بالحياة .
الحياة . لابدّ لها من التمسك بهذه الفكرة . الأبواب تفتح وتغلق . رؤوس تبدو من الأبواب ثم تختفي . وعلى مسافة منهم يرن جرس الهاتف والأصوات تملأ الصالة.
كانت يدا دوغ تمسك بيديها عندما قال لها :" إننا ذاهبان لتناول القهوة . هل ترغبين في ذلك ؟"
هزت رأسها رافضة ." إني لست عطشى ." رحل دوغ وجلست ليندا بجانبها . ومن دون أن تنظر إليها عرفت أن قضاء نصف يوم مع اأطفال لم يغير شعرها المنظم . العطر الذي تضعه قديم الطراز ، لكنه رائع ، وجعلها تتذكر قوة رائحته . إنه عطر جميل يساعد في إسكات طفل يتألم أو يرتبك . جلست ليندا بهدوء . كان صمتها يهدئ من ألم سامنثا . وأخيراً تمكنت سامنثا من الكلام ." كنت أحس أنها ليست على ما يرام . كان عليَّ أن ألح عليها في مقابلة طبيبها اليوم."
لمست ليندا يدها بنعومة وقالت :" إن والدتك متقدمة في السن وليس عليك أن تلومي نفسك ."
عاد دوغ وناولها كوباً من الماء ." إشربيه ."
أخذت سامنثا جرعة ، ورأت ليندا تجلس بجانب دافيد ، وابتسامته تحيطها بالحب . " إني سعيدة لأن لدى دافيد ليندا ." هذا ما قالته لدوغ ." لن يكون وحيداً إذا ما حصل شيء لوالدتنا ."
كان آيك جالساً يتصفح إحدى المجلات . كان يقلب صفحاتها بسرعة دون أن يقرأها . أخذ دوغ الكوب الفارغ من يدها ووضعه جانباً . وأخذ يتحدث عن المرة الأولى التي زارهم فيها برفقة دافيد . ثم تذكر زيارات أخرى وما
حدث فيها . حدثها عن رحلة المخيم التي قام بها الخريف الماضي مع والدتها ، سمعت خطوات في الصالة ، لكن دوغ تابع حديثه بصوت ناعم .
" سيد آردن؟" قال الدكتور وهو يقف على عتبة الباب ويبتسم لدافيد .
عندها أحست سامنثا بالضعف وساعدها دوغ على الوقوف . إن والدتها على وشك استعادة وعيها .
كانت ما تزال متوترة وكلمات الطبيب المخيفة _ نوبة قلبية نوبة قلبية _ تترد في مخيلتها . كانت مرتبكة عندما وضعت الأطباق و الأواني على المائدة لفطور اليوم التالي .
لن تموت والدتها وتتركها وحيدة . لن تتركها أبداً . المرء بحاجة ماسة إلى والدته . في استطاعته تركها . ولكن عند شعوره بالحاجة إليها يجب أن يجدها . دائماً . عادت سامنثا للبكاء . ماذا لو لم تتمكن والدتها من التغلب على الموت ؟ أخذت الفوط المطرزة . ماذا فعلت بهذه ؟
" هل أنت بحاجة للمساعدة ." سألها دوغ وهو يدخل .
هزت رأسهالا دون الالتفات إليه . وإذ فتحت فمها ... فإنه كان يرتجف .
" ليس كافياً طي الفوط على هذا النحو ووضعها على الأطباق ." أخذ دوغ الفوط من يديها ." إن للوسي قلباً..." أخذ يوضح فكرته قائلاً :" هل تعرفين أن نصف شهرة هذا الفندق تعود للطريقة الرائعة التي يتم بها تنظيم الفوط ، وأنت ماذا تحاولين أن تفعلي ؟ هل تريدين الإساءة إلى سمعة هذا الفندق ؟"
كانت سامنثا تحدق به .تابع دوغ :" صرحت للوسي أنني أحب هذه الطريقة بسبب تاريخي العسكري ، أو ما شابه ذلك . لا أستطيع تذكر الأسماء . والدتك تعرف الكثير عنها ." ثنى أحد أطراف الفوطة وطلب رأيها ." ما رأيك ؟"
اغرورقت عيناها بالدموع .
وقالت :" لا بأس بها ."
هزت رأسها وغطت وجهها محاولة إيقاف الدموع ، لكن دون جدوى . وربت دوغ على كتفها بلطف . جفلت من لمسته . وقالت بصوت متألم :" ارحل من هنا."
" كلا ." جلس على أقرب كرسي في غرفة الطعام وأجلسها في أحضانه .
حاولت سامنثا الوقوف ، لكنه منعها . ضربته على كتفيه قائلة :" اتركني وشأني ." جوابه الوحيد كان شد وثاقها. لم تقاومه . التصقت بصدره . تركت لعواطفها العنان . كان جسدها يرتجف من المخاوف التي أحست بها منذ أن اتصل بها آيك . عادت لتسيطر على نفسها . إنها ممدة في حضن

دوغ ، ذراعاه القويتان تحيطان بها . وابتل قميصه من دموعها بينما كانت تتنفس بصعوبة .
" اشهقي ." أمسك منديلاً وناوله لها.
فعلت ما أمرها به . ثم أدركت ما أعطاها . قالت بإحتجاج والدموع في عينيها ." إنها فوطة المائدة ."
طأطأ رأسه موافقاً.
" لاتقل لي أنه المنديل الذي طويته ؟"
" إنك لاتقدرين أعمالي اليدوية ."
" إنك تعرف أن لا ..." توقفت ولم يعد في إمكانها المتابعة .
" إن مرفقيك يشدان على معدتي ." ووضعهما على الكرسي . " هكذا أفضل ." شد قبضته عليها فيما كانت تحاول النهوض . " الآن أخبريني الحقيقة . قال الطبيب إن والدتك ستكون على مايرام . إذاً ، لماذا كل هذا البكاء؟"
" أشياء كثيرة تثير البكاء لدى النساء."
لامس ذقنها ." أعرفك منذ إثنتي عشرة سنة . إنك لم تبكي عندما كسرت يدك . ولا عندماغادر دافيد المنزل ، ولا عندما غادرت المنزل ، ولا عندما تزوج دافيد . في الواقع ... لا أذكر يوماً رأيتك فيه تبكين . ماذا هناك إذاً؟"
أغلقت جفنيها . إنها لم تتهم دوغ أبداً بحدة الذهن ، لكن مخاوفها وضعفها كانت واضحة في عينيها ." لا بد أن مظهري شنيع."
" أنفك أحمر ، عيناك منتفختان حمراوان ، ولا يوجد أحمر شفاه . على ... ما عدا ذلك تبدين رائعة . والآن ما الأمر ؟"
بلعت ريقها وقالت :" لا شيء ، ارحل من هنا ."
" حسناً." نهض بعد أن أطلقها . ولو لم يكن ممسكاً بمعصمها لوقعت على الأرض . توجه نحو الباب ، ثم التفت وقال :" أعطيك فرصة أخيرة . اخبريني ما الأمر ..." نظر إلى ساعته ." ... سأتصل بدافيد . إننا بعد منتصف الليل . ربما كان وليندا نائمين في السرير."
" لا تهددني ..." سارت في الغرفة متجهة إليه وأمسكت يده ونظرت إليه.
ضحك دوغ وقال :" أو ماذا ؟ ستضعين ثيابي في الثلاجة ؟ أم ستخيطين قميصي الممزق؟"
" سأخبر دافيد أنك مغرم بزوجته." خرجت من فمها الكلمات دون إرادة .
تجمد وجهه ." أفلتُ هذا الصباح للحظة ... لكنك لم تتغيري ، أليس كذلك ؟ ما زلت فتاة مزعجة ولا تتحلين بالأخلاق و الحكمة."
اكفهر وجه سامنثا عند سماعها هذه الكلمات التي طعنتها في الصميم ." هذا صحيح ." لقد نجحت في الاعتراف . إنك على حق . وتنفس خلفها بعمق.
" لقد ربحت ." قالت ببرود . " لن أتصل بدافيد ." وخرج من الغرفة .
كانت وحيدة لكنها لم تبك . إن دوغ يتدخل في خصوصياتها وبشكل دائم . ما يهمه إن بكت أم لا . ولماذا ؟ لقد أوضح لها كم يفكر بها . رمت المنديل على الأرض ونظرت إلى الفوط الأخرى.
" يوماً ما سأتسلم لنزوتي وأشنقك ، أو أضربك ... أو أفعل شيئاً بك ." كان دوغ ما يزال واقفاً عند الباب محدقاً بها مكتوف اليدين.
" لماذا عدت؟ هل خفت أنك لم تسئ إلي بما فيه الكفاية ؟"
تقدم وتتناول بعنف أقرب كرسي وجلس عليه . أخذ المناديل يطويها . قائلاً :" سأفعل هذا من أجل لوسي وليس من أجلك."
قبلت سامنثا مساعدته بصمت . وبعد دقائق كان الصوت الوحيد المسموع هو فرقعة الأطباق فقد كانت سامنثا تضعها على الطاولة ، وهي تحدق بدوغ من وقت لآخر . كانت عضلات كتفيه مشدودة ، وهو يعمل بجد . أخيراً أجبرت سامنثا على الكلام ." سأخبر والدتي أنك ساعدتني . وستقدر لك ذلك."
" هل هذا يعني أنك لا تقدرين ما أفعله."
" لم أقل هذا ."
" ليس عليك أن تقوليه . إني أعرف ما تفكرين به ."
" أنت قلت ذلك ." ثم أخذت بعض الفوط المطوية.
" لقد قلت أشياء كثيرة . اللعنة ... تعلمين أني لم أقصد التعرض لأخلاقك . إني أعرف تمام المعرفة أنك لن تقولي أي شيء لدافيد قد يسبب له الألم . إني أسحب كلمة . " دون مبادئ."
" وكلمة . " فتاة مزعجة ؟"
أعطاها باقي الفوط وقال :" إن لوسي قد وضعت مجموعة من الكتب في فن وطرق طي الفوط . لابد أنها هنا في مكان ما . إذا لم تجديها ، أعلميني بالأمر وسوف أساعدك غداً مساءاً." ثم نهض.
" إنه أمر غريب أنك تعلم كيفية القيام بهذا."
" الغريب أنك تجهلينها . إن دافيد يحسن القيام بهذا هو أيضاً. لقد جلسنا سوية لليالٍ كثيرة نتحدث مع لوسي ونساعدها في طي الفوط."
ابتسمت سامنثا ابتسامة صغيرة ، وقالت :" أمّا أنا فكان عليّ وضع الأطباق وآنية المائدة . اعتقدت أن والدتي ستكون دائماً هنا معي لتقوم بطي الفوط ." أغمضت عينيها ، وضمت الفوط إلى صدرها . " أمي تعتمد عليَّ."
خرجت الكلمات من فمها قبل أن تتمكن من السكوت . " أعلم أني سأخيب ظنها . إنها مسؤولية كبيرة . الكثير من القرارات والفواتير ، واختيار طعام الفطور حتى تحضره ماري . كما عليّ الحفاظ على راحة وسعادة النزلاء . لم يكن على والدتي أن تطلب مني هذا . لا أستطيع القيام به . يجب أن تتحسن حالتها . يجب أن تعود إلى المنزل . يجب عليها ذلك . إني خائفة ." لا تدري كيف استطاعت الاعتراف بذلك أمام دوغ.
أخذ الفوط منها وجال في أرجاء الغرفة واضعاً إياها على الطاولات . حاولت وضع الآنية الفضية وهي مرتبكة . إنها غير قادرة على مواجهة دوغ ." هيا ، أتريدين أن أساعدك في شيء آخر؟"
هزت رأسها . والاحراج والإرتباك يمنعانها من الكلام.
قد يعتقد بأنها مجنونة أو جبانة . أو الإثنين معاً . كان عليها التفوه بشيء ما. أخيراً قالت :" شكراً لك على مساعدتي."
" إنك على الرحب والسعة ." شد على كتفيها وأجلسها على كرسي . " اصغي إلي جيداً الآن . كوني هادئة . " قال هذا وهي تهم بالكلام . " أولا ً، أمك ستكون بخير . فما من سبب يجعل الطبيب يكذب . ثانياً ، إنك قادرة تماماً على إدارة الفندق . قلت اسمعي ، لم أنته بعد . ثالثاً ، حتى لو لم تكوني قادرة على ذلك . فما هو أسوأ مايمكن حصوله ؟ صحيح أن هناك بعض الأشياءلن تستطيعي مضاهاة والدتك بها ، ولكن عندما يعلم جميع النزلاء أن والدتك في المستشفى ، سيدركون أنهم لن يتوقعوا منك كل شيء على أتم وجه."
" ثم . من قال لك أنك ستتولين بنفسك أمر كل شيء . إن ماري تهتم بالمطبخ منذ أكثر من تسع سنوات . ألا تعتقدين أنها قادرة على اختيار طعام الفطور؟ ولا أدري كم مضى من الوقت على وجود آندا ولويس هنا يساعدان والدتك ، لكني أعتقد أنهما أمضيا وقتاً كافياً ليتقنا عملهما . كما أن دافيد ليس بعيداً من هنا . وأنا أقطن بجوارك . أتعتقدين أننا من الأنانية بحيث نتركك وحدك؟ أصمتي لم أنته بعد . لكن لو حصل هذا ، فلطالما كانت لوسي أماً جيدة لك . اعتبري نفسك محظوظة ، وتوقفي عن التأسي على نفسك ."
" هل انتهيت الآن؟" سألته سامنثا . وقد أخافها ما صرح به . ودون أن تنتظر جوابه ، قالت بغضب :" إنك وحش غير إنساني . إنك لاتهتم إذا ماتت أمي . لا تهتم إذا ساءت سمعة الفندق . لا تهتم لمشاعري . حسناً . دعني أقول لك ، يا دوغلاس كلايبورن . إني لست بحاجة لمساعدة ماري

ولا آندا ولا لويس . كما لا أحتاج بالطبع إلى مساعدتك . في إمكاني إدارة الفندق مغمضة العينين وبيد واحدة."
ضاقت عينا دوغ . أمسك رأسها بين يديه وحدق بها .
" هل انتهيت الآن ، لقد اختفت المغفلة الضعيفة وعادت سامنثا القديمة إلى حيث تنتمي." وقال ساخراً :" أتعتقدين حقاً أن في استطاعتك طي الفوط كما أفعل أنا بيد واحدة ، بينما الأخرى وراء ظهرك؟"
" إنك رائع ... لقد فعلت ذلك عمداً . ذكرني أن لا أذهب إليك عندما أكون بحاجة للشفقة من الآخرين."
" يوجد الكثيرون الذين يستطيعون تأمين الراحة لك . لكن كم منهم يستطيعون طي الفوط؟" لحق بها إلى خارج غرفة الطعام . أطفأ النور . " من الأفضل لك الذهاب للنوم ... غداً سيكون نهاراً طويلاً آخر . سأنتظر عودة الجميع."
" لقد عاد الجميع ."
" حسناً سأقفل الأبواب."
" أستطيع أنا القيام بذلك ."
أوقفتها يده عن القيام بذلك وقال :" أعرف أنك تعرفين ." وأخذها ناحية الدرج ودفعها قائلاً لها :" اذهبي للنوم."
استدارت عند أول درجة ووجدت أنها مجبرة على الكلام .
" شكراً لك ."
" لأني سأقفل أبواب الفندق ."
" أجل ولأنك ." اختفى صوتها ووجدت نفسها تعبث بقبة قميصه .
" لأنني طويت فوط المائدة."
لم تتراجع في حياتها قط . وأمام دوغلاس كلايبورن لا تنوي ذلك الآن ." شكراً لك لأنك أجبرتني على السيطرة على نفسي." وقفت على درجة السلم . كان عليها الاقتراب قليلاً لتطبع قبلة شكر على شفاه دوغ . لم يتحرك إلا لاحكام قبضته على معصمها . تابعت كلامها :" إني آسفة إذا كنت أهنتك عندما فكرت أنك لن تساعدني . وآسفة لأني نعتك ببعض الصفات . وآسفة لأني رطبت قميصك بدموعي . لن ... لن أفعل ذلك ثانية ."
" أنت أيتها الفتاة الفاسدة والمزعجة ." لمس شفتها السفلى " إنك ترتعشين من جديد ."
" إني آسفة ، أنا ..."
" لاتقلقي ، فأسفك لن يدوم طويلاً."
" من بين كل ...!" شعرت بتيبس جسدها يجذبها نحو صدره

ذراعاه تشدانها نحوه . ودون أن يسمح لها بإستعادة حريتها ." هكذا أفضل . لا أريد تقبيل صفصافة باكية . من يأبه لما ..."
أوقف فمه بكاءها . أرادت مقاومته . خانها جسدها . الجمود الذي أحست به في عظامها ، جعل شفاهها تتجاوب مع شفتيه . كان تنفسهما متقطعاً . وعطره يجذبها نحوه أكثر وأكثر إلى صدره . إنها تسمع دقات قلبه . وفجأة جفت شفتاها وتجمد جسدها عندما توقف ورجع إلى الوراء وهو يقول لها :" تصبحين على خير ، يا سامنثا ." ودفعها دفعة صغيرة لتتمكن من صعود السلالم.
أطاعته دون تفكير . توقفت عند أعلى السلم . استدارت فوجدته ينظر إليها . وجهه لم يوحِ لها بشيء . همست قائلة :" لِمَ قبلتني؟"
" كنت أريد تحويل أفكارك بإتجاه آخر . كما فعلت بي تماماً تلك الليلة التي سبقت زفاف دافيد ."
" اعتقدت أنك لم تتذكر شيئاً من ذلك."
" لقد حلمت بأشياء جميلة تلك الليلة ." لم تستطع فهم ما يعنيه . لكنها لم تحب ذلك . " من بين جميع الرجال المتغطرسين ، أتعتقد لأني قبلتك ، سأنسى همومي ، وأخلد للنوم ، وأحلم بك كما لو كنت تلميذة مدرسة غبية؟"
" إني أعرف أن هذا سيحصل لك."
" إنك لاتعرف الكثير من الأشياء ." عندما تذكرت أن ثمة نزلاء ينامون ، هرولت إلى أسفل السلم . وقالت له :" إنك آخر رجل من الممكن أن أحلم به على وجه الأرض."
" لكن قبلاتك تقول غير ذلك . أتمنى لك أحلاماً سعيدة ، يا سامنثا."
صعدت السلالم دون إثارة أية ضجة.


ورده قايين غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس