عرض مشاركة واحدة
قديم 04-08-08, 07:30 PM   #3

ثم كانت الذكري

كاتبة في قسم قصص من وحي قلم الأعضاء


? العضوٌ??? » 11319
?  التسِجيلٌ » Jun 2008
? مشَارَ?اتْي » 202
?  نُقآطِيْ » ثم كانت الذكري is on a distinguished road
افتراضي

كانت بسنت هي بداية الموضوع .. كنا فتيات و طبيعي ألا نكف عن الثرثرة عن كل شئ .. أثناء الحصص الدراسية و بين الحصص و في الفسحة و بعد الدراسة عندما كنا نفضل المشي أنا و بسنت للمنزل .. كنت أسكن بعدها بمسافة و لكن كان طريقنا واحد و عندما يحين الوقت لنترك بعضنا كنا نتذكر أننا لم هناك مواضيع أخري لم نثرثر فيها بعد فنقف لنصف ساعة أخري تحت شجرتنا المفضلة أمام منزلها لنكمل حديثنا قبل أن أتذكر أنه يجب علي الذهاب للمنزل الآن و إلا قذفت بي أمي من النافذة فأتركها و أنا آسفة لأننا لم نتحدث اليوم غير سبع أو ثماني ساعات فقط.. يا له من ظلم .. و لكنها الحياة.

كان حديثي دائما عما أقرأ .. فهو كل ما أعرف في الحياة .. كان الكتاب هو نافذتي الوحيدة التي أطل منها علي العالم .. أما بسنت فكان حديثها دائما عن موضوعين .. أما عن أصدقائها من الشباب و حتى لا تسيئوا فهمها أود أن أعرفكم ببسنت .. طوال عمرها و هي مقتنعة بأنها شاب و ليست فتاة .. تربت وسط أقاربها من الشباب فاقتنعت بأنها واحدة منهم .. لذلك كانت تعتبر صداقتها للشباب شيء طبيعي لأنها منهم و كانوا يعاملونها بالمثل حتى تأتي اللحظة التي ينزل عليهم فيها الإلهام و يكتشفوا فجأة إنها فتاة و إن لم تكن رائعة الجمال فهي شديدة الجاذبية .. و غالبا تنتهي علاقتها بهم في تلك اللحظة أو ربما استمرت بعض الوقت من باب الذبابة التي تقع في شباك العنكبوت .. علي أي حال لا توجد مراهقة في العالم لا تستمتع بأن يلتف حولها المعجبين.
أما الموضوع الثاني الذي كانت تتحدث فيه .. وهذا ما يهمني و يهمكم كذلك علي ما أعتقد ما دام يهمني .. كانت تتحدث دائما عن أولاد خالتها محمد و محمود .. كان محمد يسكن في الشقة المقابلة لها و محمود في العمارة المجاورة .. و لكن كانت تلك مجرد شكليات فأقامتهم الدائمة كانت في بيتها .. لقد كان والدتها و والدها دائما أب و أم للجميع و بيتهم دائما مفتوح أمام الكل و خاصة محمود و محمد ابناهما اللائي لم ينجبوهم .. و كانت بسنت تحب محمود .. كنت أعرف ذلك رغم إنها لم تصارحني .. حتى الآن لا أعرف ما الذي كانت تحبه فيه .. إنه نموذج لفتيان هذا الزمان العابثين طالب في كلية الحقوق يعرف مئات و ربما آلاف الفتيات ويحتفظ بصورهن في ألبوم كبير تساعده بسنت نفسها في تنسيقه ولا تسألوني كيف .. لقد كان يعود لها من المصيف في كل عام بحكايات و قصص عن الفتيات التي عرفهن و التي همن به حبا .. و يسخر في الوقت نفسه من محمد ابن خالته الجاد الذي تحاول الفتيات معابثته فيصدهن و يحدثهن بهدوء عن الأخلاق و احترام النفس و الغريب إنهن كن يستمعن إليه باهتمام شديد.. كان يحكي لها كل مغامراته و نزواته و الغريب بعد كل هذا أنه كان يعشقها .. يعشق بسنت رغم كل ذلك .. غريب جدا لا أستطيع أن أفهم ذلك حتى الآن و لكنه حدث.
أما محمد ابن خالتها الأخرى فقد كان شخص مختلف تماما .. جاد و رزين ..شخص يهتم بالآخرين جدا كان يعرف عن حب بسنت و محمود و يقدر ذلك الحب و يعطف عليه .. لم يكن فرق السن بينه و بين محمود كبيرا فقط سنتين أو ثلاث و مع ذلك كان له و لبسنت بمثابة الأب .. الذي يراقبهم أحيانا و يتظاهر أنه غافل عنهم أحيانا أخري و لم يتركهم يخرجون بمفردهم أبدا لأنه لا يثق فيما يمكن أن يفعلاه إذا تركهما لذلك كانت أسعد لحظات حياتهما تلك التي يستطيعان فيها الفرار من رقابته ليفعلا ما يشاءان.
كانت بسنت تضيق برقابة محمد كثيراً و دائما تأتي للمدرسة و علي لسانها نفس الشكوى .. ذكري .. أترين لقد قام بتوصيلي مرة أخري للمدرسة و اشتري لي الساندويتشات و الحلوى كأنني طفلة .. أنا لا أكبر في عينيه أبدا كما إنه قد حمل لي حقيبتي كأنني لا أستطيع حملها .. من نوع الشكوى أعرف إنها تشتكي من محمد فعندما كان محمود يوصلها للمدرسة كانت تأتي بابتسامه عريضة رغم أنه كان يقوم بنفس الأشياء يشتري لها الساندويتشات و الحلوى ويحمل لها الحقيبة .. و لكنه الحب كما تعلمون..
لم أكن أعرف مما تشتكي هذه المدللة فقد كنت اشتكي دائما من نقص الاهتمام .. لم أجد أبدا من يهتم بي و كنت لأدفع نصف عمري لمن يمنحني ربع هذا الاهتمام الذي تزدريه و كذلك هي حمقاء .. لماذا تحب دون جوان مثل محمود ولا تقع في غرام شخص جاد ورائع ورجل حقيقي مثل محمد .. لم أكن قد رأيت محمد قط .. أما محمود فقد لمحته ذات مره من بعيد .. نعم كان وسيما و لكنه لم يكن من النوع الذي أختاره لو جاءت لي الفرصة علي الإطلاق .. طبعا خمنتم من هي التي وقعت في هوي شخص لم تراه من قبل ... خمسة و عشرون قرشا جائزة للتخمين الصحيح .. رائع يبدو أنني سأفلس .. كلكم عرفتم الجواب الصحيح ؟؟ بالطبع هي ..أنا.


ثم كانت الذكري غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس