الفصل الرابع
( نظرة سريعة على منزل
مس توكس , وأحوالها العاطفية )
كانت مس توكس تعيش فى منزل صغير مظلم كان قد أقحم على حى راقى فى الطرف الغربى من المدينة . وكان هذا المنزل يقف متواضعآ مستخذيآ فى أحد أركان الشارع الفخم ,والبيوت الضخمة من حوله تطل عليه من عليائها فى برود واستهزاء .
وكان هناك منزل خاص اخر بالأضافة الى منزل مس توكس فى نفس المكان . وكان يعيش فيه رجل اعزب , صارم المظهر , ازرق لون الوجه .يعمل ضابط برتبة ميجور . وكانت مس توكس والميجور يتبادلان الصحف والكتب فى بعض الأحايين .
وعلى الرغم من أن الميجور باجستوك كان قد تعدى منتصف العمر , الا انه كان فخورى جدآ بالاعتقاد أن مس توكس واقعه فى حبه .
وهذا الميجور كان على أيه حال رجلا أنانيا . وكان لا يتوصر اطلاقى انه من الممكن أن يتجاهله اى شخص , ولا سيما اذا كان هذا الشخص هو مس توكس .
ومع ذلك , فأن مس توكس , على ما يبدو كانت قد نسيته . فأن شيئى أو شخصى آخر قد أستحوذ على ما كان من أهتمامها .
- صباح الخير يا سيدتى .قال الميجور عندما قابل مس توكس فى الشارع ذات يوم .
- صباح الخير يا سيدى .
- لم اسعد الأنحناء لك فى النافذة منذ وقت طويل طويل .
وأحنت مس توكس رأسها , ولككن فى برود شديد , ثم قالت :
" لقد كنت مشغولة جدى فى الأيام الاخيرة . أن وقتى مكرس كله تقريبآ لبعض الأصدقاء الحميمين . وأخشى الا يوجد لدى وقت لأضاعته الآن أيضا . عم صباحآ يا سيدى ! " .
وبينما اختفت مس توكس , وقف الميجور يتطلع نحوها وقد غمقت زرقة وجهه .
على ان تغيرات أخر كانت قد وقعت أيضآ . فأن الميجور استطاع أن يرى وهو واقف فى ظل غرفته الخاصة , أن منزل مس توكس قد اكتسى حلة من الرونق والنظام لم تكن تبدو عليه من قبل .
وفوق كل ذلك , كانت مس توكس قد شرعت حينئذ فى ارتداء ملابس الحداد الخفيف فى عناية فائقة . أن هذه الملاحظة الاخيرة ساعدت الميجور فى الوصول الى تعليل يريحه من حيرته وانشغال باله .
فلقد استقر ظنه اخيرآ على أنها قد ورثت مالا واصبحت لذلك متكبرة متعجرفة .
وفى اليوم التالى مباشرة لاستقرار الميجور على هذا الزعم , رأى الرجل شيئآ غريبآ فى غرفة استقبال مس توكس الصغيرة , بينما كان جالسآ يتناول طعام افطاره , حتى انه تسمر عجبآ الى كرسيه . ولم يلبث أن هرع الى الغرفة المجاورة , وأتى بنظارة المسرح ذات العدسات القوية , واخذ ينظر من خلالها لعدة دقائق .
- ( أنه مولود صغير . ) قال الميجور وهو يخاطب نفسه .
وتملكت الرجل دهشة عارمة . ولم يستطع أن يفعل شيئآ سوى أن يصفر ويبحلق . ويومآ بعد يوم , كان هذا المولود يعاود الظهور فى غرفة مس توكس , مرتين وثلاث واربع فى الأسبوع . وفى كل مرة كان الميجور يعاود الصفير والبحلقة .
والأهتمام والحرص اللذان كانت مس توكس ترعى بهما هذا الطفل الصغير , وتؤدى واجباته , وتطعمه , وتلعب معه , كان عظيمين ومبالغآ فيهما . وفى نفس الوقت كانت المرأة تنظر بعاطفة فياضة الى سوار أعطاه لها مستر دمبى فى حفلة تعميد بول , كما كانت تتطلع فى عافطة فياضة الى القمر . ولكن أيا كان اخذت تنظر اليه: الشمس او القمر أو النجوم أو السوار , فأنها لم تعد تنظر الى الميجور . أما الميجور فلم يستطع أن يفهم شيئآ من الامر .
- سوف تكسبين تمامآ قلب أخى بول , يا عزيزتى ...قالت مسز تشك ذات يوم .
وشحب وجه مس توكس .
- ان شبهه بأبيه بول يقوى ويزداد كل يوم .
ولم تعط مس توكس جوابآ آخر سوى أن اخذت بول الصغير فى ذراعيها وقبلته .
- ( وأمه , يا عزيزتى ). قالت توكس " الا يشبهما فى شئ ما ؟ " .
- كلا على الأطلاق ..أجابت مسز تشك .
فتأوهت مس توكس فى عمق .
- أنت ايها الملاك ! صاحت مخاطبة بول الصغير " أنت يا صورة من أبيك ؟ " .
ولو كان الميجور قد عرف كم من الآمال والأفكار تستقر على رأس ذلك الطفل الصغير , لكان حقآ قد تفرس فى عجب شديد . |