عرض مشاركة واحدة
قديم 08-09-08, 01:54 AM   #6

sltana
 
الصورة الرمزية sltana

? العضوٌ??? » 31990
?  التسِجيلٌ » Aug 2008
? مشَارَ?اتْي » 124
?  نُقآطِيْ » sltana is on a distinguished road
افتراضي

وتحولت ليلي عن آخر خزانة للملفات وألقت نظرة على ساعتها ثم تطلعت اليه قائلة:
- أوشكت الساعة على الخامسة. هل تريد أي شيء آخر هذا المساء ؟
فقال:
- كلا ... طابت ليلتك.
وردت التحية بهدوؤ وخرجت مغلقة الباب خلفها بنفس السيطرة على نفسها التي كان يبدو انها سمة لكل تصرفاتها. وان هي الا دقائق حتى ساد الجو نشاط سريع مع رنين جرس الانصراف . وبعد ثوان كان المكان قد خلا وساد الظلام عدا الضوء الوحيد الذي ظل في حجرة رويز آلدورت الذي بقي هناك وحيدا لساعات وعيناه السوداوان على الاوراق التي امامه . ثم نهض أخيرا وأودع احدى خزانات الملفات أوراقه وضغط زرا للتليفون الداخلي وقال:
- لك ان تأتي وتقفل الأبواب.
وحياه حارس الأبواب الخارجية وسيارته الفارهة تنطلق في الظلام وهو يدرك أن أمسيته هي نفس أمسية البارحة .. سيذهب الى البيت - وان كان لم يعتبره مكسنه يوما بيتا! - كان ثمة مكان واحد يمثل في نظره البيت دائما... مكان لم يكن بوسعه قط ان يعود اليه.. المبنى الأبيض الممتد الأرجاء الذي كان يذكر بجلاء تام وان كانت قد انقضت أعوام منذ رآه أخر مرة . وتشبثت يده بقوة بعجلة القيادة -لمجرد تفكيره فيه - حتى اصبحت سلاميات اصابعه في بياض الكاراسترانو. ثم خف تشبث قبضته اذ أجبر ذهنه على تناسي الموضوع. والسيارة تمضي به الى مسكنه الفخم والى الزوجين العجوزين اللذين يعنيان به. كانا من الدقة والحرص والتجرد الذاتي كبقية عناصر حياته ومع ذلك فقد كان يحس احيانا بأن الاصداف الصلبة الباردة تتشقق احيانا فتزحف يداه على عجلة القيادة.
ان اي شيء كان يمكن ان يسبب ذلك الشعور ... ولكن بعض الأشياء كانت أكثر تأثيرا من سواها شجر نخيل المنطقة الحارة في بعض الاعلانات السياحية أو لمعان ضوء الشمس على مبنى ابيض.. ولكن الموسيقى أكثر من كل شييء . فعندما كان يسمع العذوبة المتراخية لأغنية أو رقصة من أسبانيا القديمة مع الوقع اللحوح الذي يشد الحواس تحت جاذبيته الناعمة عندما كان يسمع ذلك كانت تعود الذكريات أقوى ما تكون
ولكنه كان يكبح الذكريات بالشدة الباردة التي نمها في نسفه ويردها الى اغوار ذهنه حتى لا تعود لها أية ممعان تقريبا . لعله كان على وجه مايستحق التحليل الذي آثرته به سكرتيرته فقد تعمد عبر السنين ان يعود نفسه على هذا النسق ولكن صوتها البارد البعيد راح يتردد في ذهنه في تلك اللحظة على نمط غريب
كان الضجيج الذي أثارته عودة جولي غير المرتقبة والانفعال الناجم عن الزيارة المتوقعة لستيلا لا يزالان قائمين - وان أخذا في الهدوء قليلا- حين وصلت الى البيت في ذلك المساء.
واستقبلت مرغريت ديرموت ابنتها الكبرى عند الباب وهي تطوق جولي بأحدى ذراعيها كانت لا تزال جذابة بل ومتحفظة ببعض خبث جولي ولشعرها الانيق مما لشعر ليلي من تألق يمتزج في اللونان البني و البرتقالي ولا تتخلله شعرة بيضاء واحدة وحيت مرغريت ابنتها الكبرى ليلي قائلة
مارأيك في هذه الفتاة اذ تعود كالتلميذة الهاربة من المدرسة؟
صاحت جولي محتجة:
- تلميذة هاربة؟ لقد بلغت السادسة عشرة !
قالت أمها في سخرية وحب:
- يا لها من سن كبيرة !
واذ ذاك اندفع التوأمان من جانب البيت وانطلقا الى البهو... ما كان ثمة وصف غير هذا يناسبها فما اعتادا ان يدخلا أى مكان انما مانا يندفعان ومعا دائما كأنهما شقان لاعصار غير متوقع. كان شعرهما خشنا واشبه بالجزر الاحمر. وكانت جولي شقراء ذات شعر جميل نحاسي اللون بينما للأم والابنه الكبرى جدائل يختلط فيها اللون البني بالبرتقالي بينما شعر كيري -وهي زائرة دائمة للبيت- يدخل في نطاق الاحمر الذي تشعبت منه كل هذه الالوان . ولهذا السبب أصبحت كيري كيريغان جزءا من آل بيت ديرموت.
وقف التوأمان أمام جولي وتطلعا اليها بوجهين يكسوهما النمش ولهما انفان افطسان . قال توم باغتباط عفوي:
- أذن فأنت قد جئت ؟ وأومأ لتوأمه قائل:
- هيا بنا وإلا تأخرنا . فحييت تيس أختها العائدة باقتضاب واختفت لاحقة بتوأمها. ووضعت جولي يديها على ردفيها في استياء غير جدي ثم ابتسمت قائلة:
-ان الطفلين لم يتغيرا البتة.
فضحكت امها قائلة:
- ما أظنهما سيتغيران يوما . والتفت الى ليلي- وهي تغلق الباب الأمامي - وسألتها:
- كيف كان العمل اليوم؟
فهزت الفتاة كتفيها قائلة:
- كالعهد به دائما الى حد كبير.
وتغيرت أساريرها فجأة قائلة:
أليس من الرائع ان ستيلا قادمة؟
أقبل الأب وكان محاميا معروفا ومحترما ومعه حقيبة مليئه بالأوراق فرفع حاجبيه اذ رأى جولي وبدا مشدوها قليلا لنبأ مقدم ستيلا ووافق في شيء من الجفاء - على أن مجئ جولي و الوصول المترقب لستيلا في اليوم التالي - لن يمكناه من أن ينصرف لشيء من العمل:





أنتهى الفصل الأول


اتمنى لكم قراءة ممتعة


sltana غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس