عرض مشاركة واحدة
قديم 12-10-10, 02:24 AM   #3

* فوفو *

نجم روايتي


? العضوٌ??? » 6485
?  التسِجيلٌ » Apr 2008
? مشَارَ?اتْي » 93,121
?  نُقآطِيْ » * فوفو * has a reputation beyond repute* فوفو * has a reputation beyond repute* فوفو * has a reputation beyond repute* فوفو * has a reputation beyond repute* فوفو * has a reputation beyond repute* فوفو * has a reputation beyond repute* فوفو * has a reputation beyond repute* فوفو * has a reputation beyond repute* فوفو * has a reputation beyond repute* فوفو * has a reputation beyond repute* فوفو * has a reputation beyond repute
افتراضي

وبسرعة , وقبل أن تستمر في نبش الماضى , حول الضوء إليها : " وأبوك يا أليسيا , قد ورث ملايينه . وهكذا ليس لديك فكرة عما تعنيه كلمة فقير "
- لكنك لم تعد فقيرا , يا سيد ياتيراس . إن لديك من السفن بعدد سفن أسطول بريطانيا التجارى . وبالرغم من أصلك المتواضع ليس من الصعب أن تجد عروسا بسيطة .. أكثر مني لهفة لقبول الزواج منك .
- لكنني لا أستطيع العثور على " داريوس ليموس " آخر .
- إذن , أنت فى الحقيقة تريد الزواج من أبي .
كانت ذكية , وابتسم بفتور وقد عاد يشعر بالتسلية مرة أخرى للتناقض بين مظهرها الهادئ الصافي , وداخلها الناري . ووجد نفسه فجأة يتساءل عما تخفيه في داخلها من مشاعر , ربما محمومة كجهنم .
كانت خصلات شعرها الذهبية تتراقص على خدها . فراح ينظر بإعجاب وهي تلامس أذنيها , فشعر بدافع مفاجئ للإقتراب منها لرفع هذه الخصلة عن وجه هذه المرأة التى تسحره . إنه سيستمتع بالزواج من امرأة كهذه .
اتكأت أليسيا إلى الخلف من مقعدها , وثوبها البني يبرز صدرها الصغير وأهدابها المسدلة تخفي ما تنطق به عيناها : " كم تبلغ معرفتك بأبي ؟ "
- إلى القدر الذى يجعلني أعرفه .
سمحت لنفسها أن تفوز بابتسامة صغيرة . ولاحظ كريستوس غمازة شمال فمها الممتلئ , ربما سيتاح له أن يقبلها .
- لابد أن أبي مسرور جدا لأنه وضغك فى جيبه الخلفى , يمكنني أن أتصوره تماما وهو يفرك يديه معا مبتهجا ضاحكا.
ورفعت أهدابها : " لقد فرك يديه بعد أن أبرمتما الصفقة , أليس كذلك ؟ "
لهجتها , صوتها , عيناها , شد ما يرغب فيها . ومال فجأة إلى الأمام وأمسك بشعرها المعقود على رقبتها .. اتسعت عيناها عندما اشتدت أصابعه على شعرها لحظات قبل أن ينحنى ليعانقها .
شهقت أليسيا عندما بدأ يعانقها , ولم تفته شهقتها والليونة المفاجئة في ردة فعلها .
تصلب جسده , وجرى دمه حارا . ومن بعيد سمع نحنحة , إنها الراهبة ! إن طرده إلى خارجة المكان الآن سيكون كارثة , وهكذا تركها ببطء , قائلا : " كم أنت لذيذة "
شحب وجه أليسيا وانتفض جسمها كأنما تحاول أن تمسح آثاره عنهما :
- حاول هذا مرة أخرى وسأستدعي رئيسة الدير .
وضع قدمه على المقعد بجانبها , وشعر بجسدها يرتجف :
" وماذا ستقولين , يا أليسيا الحلوة ؟ إن زوجك عانقك ؟ "
- نحن غير متزوجين , بل نحن غير مخطوبين حتي .
- لكن هذا سيحصل حالا .
وحدق في صدرها المضطرب الأنفاس : " أتحبين الرهان ؟ "
فارتجفت بوضوح : " لا , أنا لا أقامر أبدا "
- هذا أمر يدعو إلى الإعجاب , لكنني أحب الرهان . إننى يا أليسيا , أعرف عنك أكثر مما تظنين .
ورأي ما بد عليها من شك , فشعر بالرضا : " في السابعة عشرة من عمرك حصلت على منحة من معهد عال لدراسة الفنون في باريس . وعشت فى غرفة فوق السطح مع " دزينة " من دارسي الفنون . كانت حياة بوهيمية نوعا ما , مع أطفال يجرون بين الأقدام . وعندما كانت نقودك تنفد . كنت كالآخرين , تقومين بأعمال شاذة متنوعة . عملت , ذات صيف مدبرة منزل ثم فى مخبز . وأطول عمل قمت به هو مربية لمصمم وأسرته "
فقالت بفتور وقد شحب وجهها : " كانت جميعا أعمالا محترمة "
- ومحترمة جدا , لكنها مختلفة تماما عن الملعقة الفضية التى فى فمك .
- هل ثمة غرض من قولك هذا ؟
تلاشت ابتسامته ومال إلى الأمام : " لقد أمضيت ثماني سنوات من حياتك محاولة الهرب من أبيك "
انفرجت شفتاها ولكن دون صوت . وأخذ يتأملها مراقبا كل خفقة من عينيها .
- أمضيت فترة من حياتك حرة , رسمت وسافرت واستمتعت بالحياة بين مجموعة من الأصدقاء , ولكن عندما مرضت وضعك أبوك فى مستشفى في " بيرن " , ومنذ ذلك الحين تملكك , جسدا وروحا .
- ربما جسدا , ولكن ليس روحا أبدا .
إنها النار مرة اخرى , والتمرد العنيف , وشعر بتماثل بينهما لم يشعر به إلا نحو قليلات من النساء , ورقق من صوته : " فكري في الأمر , يا أليسيا . في اليونان أنت دون قوة , وأبوك رأس الأسرة .. السلطة الكاملة له . لديه الحق في أن يختار لك زوجك . لديه الحق في أن يسجنك هنا . لديه الحق في أن يجعل حياتك تعسة "
- أنا لست سجينة هنا .
- لماذا لا تغادرين الدير إذن ؟
حبست أنفاسها , بتوثب آسر . واتسعت حدقتا عينيها , وتوترت شفتاها . فقال بعد قليل من التردد :
- يمكنك أن تغادري اليوم , حالا , وستكونين حرة أخيرا .
بقيت لحظة لا تجيب , وهي تتفحصه بنفس العزم الذى قابلته فيه . ثم قالت : " الزوجات اليونانيات لايملكن الحرية أبدا "
- لا . ربما ليس بالطريقة التى تفكرين فيها , لكنني سأسمح لك بالسفر , وبمزاولة الهوايات التى تهمك , وسأسمح لك بإختيار اصدقائك وسيكون بإمكانك أن تعودي إلى الرسم .
- أنا لم أعد أرسم .
- ولكن بإمكانك ذلك , فقد سمعت بأنك ماهرة فيه .
ضحكت فجأة بصوت منخفض وأخذ جسدها يرتجف توترا , وعقدت ذراعيها فوق صدرها : " لابد أنك بحاجة ماسة إلى سفن أبي "
تملكت كريستوس موجة من مشاعر حلوة بشكل لم يشعر به من قبل . رأي نفسه كما هو بالضبط , منقادا , حذرا بشكل أناني . يخدم نفسه بكبرياء , وهذه المرأة , هذه المرأة الجميلة النقية الشابة , تعلم بأن أهميتها الوحيدة تكمن في أنها جزء من صفقة مقدار ما تدفعه من بائنة . وما يستحق الاهتمام فيها هو اسمها فقط . وفي جزء من اللحظة شعر بكراهية لهذا النظام ولنفسه , لكنه ما لبث أن أزاح اعتراضه هذا جانبا دون رحمة .. سوف يحصل عليها .
انزلقت أليسيا من تحت ذراعه وابتعدت عنه عدة خطوات , وسارت إلى آخر الحديقة , ثم ركعت عند شجيرة لافندر , وهمست وهي تقطف زهرة :
- السفن ... لشد ما أكرهها !
وأخذت تشم الزهرة الأرجوانية .
فقال وهو يفكر في أنها أشبه بلوحة زيتية : " وأنا أحبها "
انحناءة عنقها , رقبتها البيضاء , شعرها المجموع على قفا رأسها بلون العسل الطبيعى , يتألق فى أشعة الشمس الذهبية . إنه يريد هذه المرأة , سواء كانت صفقة أم لا . وأطبقت على الزهرة في قبضتها وهي تقول : " يا سيد باتيراس , ألم يخطر في بالك قط أن تتساءل عما يدفع رجلا ثريا مثل أبي إلى منح ثروته لمن يأخذ ابنته ؟ "
كانت الشمس تتألق ذهبية دافئة على قمة رأسها , والنسائم تعبث بخصلة شعر أخري : " أنا بضاعة تالفة يا سيد باتيراس , ولايمكن لأبي أن يعطيني إلى طالب زواج يوناني حتى ولو حاول ذلك "
أكثر تلفا مما قد يظن , كانت أليسيا تعترف بذلك بكآبة , وهي تسحق زهرة اللافندر في كفها , فقد تبادر إلى ذهنها , دون رغبة منها , ذكرى المصح الذى كانت فيه في سويسرا . لقد أمضنت هناك قرابة أربعة عشر شهرا , طوال سنتها الواحدة والعشرين , قبل أن تأتى أمها فتنقذها وتساعدها على السكن فى شقة صغيرة في " جنيف " .
وقد أحبت أليسيا جينف إذ لم يكن لها فيها ذكريات سيئة . وقد عاشت فيها بهدوء وسعادة حوالى عامين , راضية بوظيفتها في متجر للملابس , متذوقة الأمان فى شقتها البسيطة .. كانت تتصل أسبوعيا بأمها في " أونوساي " وتتحدث إليها فى أشياء كثيرة مختلفة سارة ليس فيها ما يؤلم بل ما يفرح . لم تسألها أمها عن المصح , أو عن حياتها في باريس على الإطلاق , ولم تسأل أليسيا عن أبيها قط . كانت كل واحدة منهما تتفهم الأخرى , وتتفهمان آلام بعضهما البعض .
وما كانت أليسيا لتعود قط إلى اليونان , أو إلى بيت أبيها , لولا مرض أمها بالسرطان .
رنين الأجراس المفجع أثار مشاعر أليسيا فجفلت فجاة , وأسدلت أهدابها وتوترت شفتاها وهي تجد في رنين الأجراس هذا ما يذكرها بموت أمها وجنازتها .
استمرت الأجراس في الرنين , رنينها أشبه بأظافر تخدش لوحا أسود بحدة . آه , لشد ما تكرهه هنا ! لقد قامت الراهبات بكل ما يستطعن للترفيه عنها واكتساب مودتها , لكن أليسيا لم تكن تستطيع احتمال يوم آخر من رنين الأجراس والصلاة والصمت .
لم تشأ أن يذكرها شئ بما فقدت . كانت تريد فقط أن تستمر في العيش .
الأخت " إيلينا " , ذات الوجه الصام والقلب الحنون , أشارت إليها بأن وقت عودتها إلى الداخل قد حان .
شعرت أليسيا بالذعر , وأدار اليأس رأسها . شعرت فجأة بأنها لا تحتمل مغادرة الحديقة , أو وعود الحرية . وكأنه أحس بكراهيتها تلك , فمد لها كريستوس يده : " لست مضطرة إلى الدخول . يمكنك , بدلا من ذلك , أن تغادري الدير معي "
لقد شعر بضعفها , و أحس باضطرابها . ومرة أخرى قال بصوت رقيق : " تعالي معي هذا النهار وستبدئين من جديد , وتدخلين حياة جديدة ... كل شئ سيكون جديدا مثيرا "
إنه يغيظها , يعبث بها . لكنها تلهفت إلى الحرية رغم نفورها من الصفقة هذه .
يمكنها أن تغادر الدير إذا هي ذهبت معه بصفتها زوجته . يمكنها ان تهرب من أبيها إذا هي ارتبطت مع هذا الغريب .
- ألست خائفا مني ؟
سألته وهي تهرب من نظرات الأخت إيلينا القلقة . وتستدير إلي هذا الرجل الأميركي اليوناني الغامض الوسيم الواقف على بعد قدم منها فقط .
- وهل علي أن أخاف ؟
- أنا أعرف أن أبي حدثك عن ... صحتي .
كل كلمة قالتها كانت أشبه بقطرة سم على لسانها . وخلف عينيها تجمعت دموع ساخنة .
- قال إنك لم تكوني بصحة جيدة وذلك منذ سنوات . لكنه طمأنني إلى أن صحتك جيدة الآن . وشكلك جيد , وفي الواقع جيد تماما رغم نحولك نوعا ما .
التوت شفتاها بإبتسامة سخرية بالنفس : " قد يكون المظهر خداعا "
فهز كتفيه : " أول سبع سفن لدي كانت تالفة . جردتها حتى أصبحت هياكل , ثم أصلحتها . وفي خلال عام درت علي ربحا مليوني الأول . مر عليها الآن عشر سنوات وما زالت حتى الآن أفضل قطع أسطولي "
تصورته يجردها ثم يحاول أن يجعل منها شيئا ما . صعقتها هذه الصورة الواضحة وأشعرتها بالخوف . لقد مرت سنوات وسنوات منذ كانت على علاقة حميمة مع رجل . وهذا الرجل ..
كرهت الدم الذى تصاعد إلى وجهها , ثم رفعت رأسها : " أنا لن أدر عليك أي مليون "
- لكنك سبق إن فعلت ذلك .
تضايقت لتقييمه القاسي هذا , وتصلب ظهرها :
- عليك أن تعيره إلى أبي . لقد سبق أن أخبرتك بأنني لن أتزوج ابدا .
- تعنين مرة أخري , أي أنك لن تتزوجي أبدا مرة أخري .
جمدت مكانها , وتسمرت نظراتها على ميناء ساعة أثرية . أتراه يعلم ؟
- لقد تزوجت من قبل عندما كنت في سني المراهقة , وكان هو إنكليزيا يكبرك بست سنوات . وأعتقد انكما تعارفتما في باريس . ألم يكن رساما هو أيضا ؟
التفتت إليه ببطء , متسعة العينين , ممزقة بين الذعر والاقتنان إزاء تفاصيل ماضيها . ماذا تراه يعرف أيضا ؟ وماذا أخبروه أيضا ؟ وأجابته بصوت راعش , ذلك أن زواجها من جيريمي كانت غلطة مأساوية :
- لا أريد أن أتحدث معك عنه أو عن الزواج .
- أبوك قال إنه كان يريد ثروتك .
- وهل أنت لست كذلك ؟
التمعت عيناه الداكنتان , وخطر لها أن هذا ليس رجلا سهلا .
اقترب منها إلى حد اضطرها إلى رفع رأسها لترى وجهه . وخفق قلبها فزاد ذلك من قلقها . كان طويلا , أطول من أكثر الرجال الذين عرفتهم , وصلب الجسد عريض الصدر , وذا عضلات في ذراعيه تملأ كمي سترته .
كانت متوترة الأعصاب , وبحثت عن شئ , أي شئ يعيد إليها اليد العليا مرة أخرى . فقالت :
- الرجل اليوناني الأصيل لا يحب أن يكون الزواج الثاني لامرأته .
- لقد سبق أن تفاهمنا أننى لست رجلك اليوناني التقليدي . أنا أعمل ما أريد , وبطريقتي الخاصة .
* * *



نهاية الفصل الأول


* فوفو * غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس