عرض مشاركة واحدة
قديم 19-10-10, 11:58 PM   #12

taman

نجم روايتي

 
الصورة الرمزية taman

? العضوٌ??? » 62057
?  التسِجيلٌ » Nov 2008
? مشَارَ?اتْي » 6,430
?  نُقآطِيْ » taman has a reputation beyond reputetaman has a reputation beyond reputetaman has a reputation beyond reputetaman has a reputation beyond reputetaman has a reputation beyond reputetaman has a reputation beyond reputetaman has a reputation beyond reputetaman has a reputation beyond reputetaman has a reputation beyond reputetaman has a reputation beyond reputetaman has a reputation beyond repute
افتراضي

الفصل الحادي عشر
"الأظـــرف الزرقـــــــاء"
للذكريات رائحة
إذا عبر الساري ببالي شممت عطره الفواح الرجولي المميز
رفيق سجني لدقائق بين ملابسه
رأيت من خلال انفراجة صغيرة بين باب الخزانة والجدار
الساري يصافح يوسف ببرود
إذا علاقتهما ليست بصداقة
هل جاء يوسف لإجراء مقابلة صحفية تطبيق لأحد مواد التخرج في كلية الإعلام
وأنا في حيرتي
سلمه يوسف علبة خشبية صغيرة فتحها الساري ليتأكد من محتواها ثم أغلقها بسرعة
وقال :
ناصر
حاسبه
وقال يوسف بامتنان :
جوالاتي عند ناصر
أي ساعة
أنا بالخدمة يا طويل العمر
لم يرد عليه
ليس من تعالي بقدر ما هو من ضيق
رأيت يوسف مكروها لأول مرة بحياتي
يوسف الحبوب
كان في عين الساري مرتزق من الألم
ما رأيت
استلام وتسليم
يقين مبهر أحاول الفرار منه
أريد أن أعطل عقلي عن استنتاج طبيعة حياة يوسف المزدوجة
وأن فهمت
ما الهدف من البحث عن الحقيقة
العثور عليها
إجابة خاطئة
عدم التعثر بها
قال الساري وهو ينهض من سريره و بيجامته الحريرية الزرقاء تنساب على جسمه الرشيق :
سيدة الالغاز
تقتحمين ثكنة التخصصي العسكرية
وتهربين بالخزانة من اثنين هم بأمري
ألتقط روبه السميك من جواري
ولبسه وذهب ليجلس بالقرب من الشباك في مقعد بمساند جانبيه مرتفعه
أجبته وأنا متعلقة بقشة تنقذني من الغرق ببحر واقع يوسف :
قلت يمكن صحفيين
بعدين يكتبون شيء يزعجك
قال بسخرية :
وأنت مصدقة إن الصحافة هنا سلطة رابعة
هم ما يكتبون إلا ما نملي عليه
هذا
هذا مجرد ديلير
قلت بصدمة :
كيف
ديلير
قال وكأنه يحدث نفسه :
سلمى
أنت ضميري
كتبت لك إن المنتدى حراج قصيد
و اشتكيت إني أطارد الشعر بالتعاطي
لك أنت
بس
ليش
ما ادري
أنت معي الحين
كأني مع شي
ماله كيان
بلا جسد
جميله بس ما أشتهيك
أنتي تروين ظمأ مختلف عندي
رغم كل الأنوثة اللي فيك
أحس نفسي أني حر من فحولتي معك
ما أصير ذاك الدون جوان
لك
لمبادئك يا صغيرة
أتقرب
كانسان
أتبرأ من خطاياي
لو تدرين
احتقارك لي
ما قدرت أتحمله
قلت بتأثر أنساني حقيقة يوسف
فالساري يجدني طهرا يريد أن يتقرب منه ليخلق من جديد
و يراني معاير أخلاقية في زمن النفاق
أي عبء هذا !
بعتب قاسي أكمل :
استهتري برسالتي
وبمشاعري
يا سلمى
قلت وأنا أسابقه لا أريد مزيد من التعنيف يكفيني أيمن :
عشان كذا أنا قررت أزورك
أنا ضريتك
بدون قصد
ما توقعت إني لي عندك أي مكانه
وان تعارفنا أكثر من حدث عابر
وبلساني الحاد الذي يخون اللياقة قلت :
وبعدين أنت ما تعرفني
كلها رسائل بمنتدى
وبيع قصيده
قال متفهما وبما يشبه الاعتذار من نفسه قبلي :
أنا لو بكامل وعيي
مستحيل
أتأثر من مراسلة بالنت
محاولتي للانتحار
وأشار إلى العلبة التي أعطاه يوسف وتابع :
تحت تأثير ذا
كل ما تركته رجعت بشغف أكثر
قلت لك بعجزي عن الكتابة كان هو الوحي
أنا أمير
خلاني عبد
صدقت فتوى الشيخ يوسف ما كان رجلا يؤذي نفسه من اجل امرأة
بدا بقضم أظافره لا شعوريا
رأيته يشبهني بالأمس
تعطلت معارف سنين حياته المكتسبة ليعود طفل
فتحت حقيبتي وأعطيته السي دي وقلت :
خذ
هديتي
كل القصايد اللي كتبت
ما أبيها
الحبيب الي كانت له
ألهامي
اكتشفت انه
إدمان هوان و ذل
مثل حالك مع وحيك
بس أنا غيرك
أنا أبي أتعافى منه
أعلن نفسي نقية من بقايا هواه في دمي
بعت قصيده وحده بندم
والحين
ارمي لك باقيه كله بفخر
يمكن تلقى بالسي دي ما يبعدك عن الديلير اللي تو
قال بصوت هادئ ومتعجب :
أنتي ملاكي الحارس
كيف عرفتي
أنا مسافر بعد اسبوع
لفلوريدا للمصحة السرية اللي هناك
بأخذ شعرك معي
يمكن يخليني أواصل العلاج ها المرة
قلت بحماس :
اكيد
أكثر من ثلاثين قصيدة
خلها دليلك
بذور لشعرك
تكبر برعايتك
أكرمها بهدف تحققه
ومهما تأخرت هناك
راح تكون موجود على الساحة هنا
يعنى ما في ضغط يخليك تترك البرنامج
قام من مقعدة الوثير
كاد أن يسقط من الوهن لكنه تماسك
واخذ مني السي دي
هل ابقي يده فوق كفي ثواني أطول
أو أن التوقيت المحلى لجناحه مختلف عن توقيت الرياض
لا ادري
لكني معه هو
يختلف كل شيء
شعوره لي متبادل
ليس برجل يهاب
بل كائن نوراني
وان لمسني
كأني عرفته منذ سنين عتيقة
لا تستوعب معرفتنا أعمارنا القصيرة
بل كأننا من أيام الطوفان
كيف اصطادت الشبكة العنكبوتيه أرواحنا الهائمة بالحياة الصاخبة وقادتنا لبعض
هو الساري وأنا سلمى
أسماء مستعارة
قد يكون
ولكننا اقرب لبعض من حبل الوريد
قال بحرقة من يعرف أن النهاية تلف مشهدا لا يعرض في الحياة إلا مرة :
ومتى أشوفك ثاني
أراسلك على بريد المنتدى
حادثته بصفاء :
لا
بعدك أنا اعتزلت النت
لكن
متأكدة جاي اللقا
بمكان
نكون فيه أنت وأنا
بأسمائنا ارث الأهل
ونحشر الساري وسلمي بين نظراتنا
ومعرفتنا هذي تبي تصير قدام النا س جهل
وان نادوني
تهز راسك
وتقول هي وإلا أنا اشك
بس تبي تعرفني من وجهي المتخفي الحين وراء الغطاء
وتعلن فشل الحجاب بطمس ملامح قادها لبعض القدر
لا كلامي مهب تنجيم ولا دجل
إحساس أنثى
يا ويلك
إذا صدق
سأل بصوت هامس وكان بلورة المستقبل المخيفة الرائقة المشهد قد يعكرها علو الصوت :
ومتى
أعدت حقيبتي على كتفي وقلت :
لا تخطيء
لا تستعجل القادم
يغضب
ويعاقبك بنسيان الوعد
إلى يومها
كن بخير
خرجت من عنده
نظرت للخلف
كان واقفا بيده هديتي الفقيرة الغنية
مذهولا مما قلت
كنت مثله
سمعتني أتحدث وكأن شيء ما تقمصني
تحدث عبري
من لساني وما كنت أنا
أم أنني أول مرة اسمع نفسي
في الطريق الطويل للسيارة
غيرت نغمة جوالى إلى الصمت
مثل ناصر
و رددت أغنية للأطفال بكلماتي الخاصة
عبدالله
كنت أحبه واختار غيري
وأيمن
يحبني وما يبيني
الساري
ما ادري وش اسمه اللي بينه وبيني
وفهد
ما أحبه ولا يحبني ويبيني
هنا
كلمني فهد وكأنه مؤقتا مع دوره بالأغنية
قال بصوت دافئ :
ميثي
أخبارك اليوم
قلت وان أشير بيدي لرشيد ليحضر السيارة من المواقف البعيدة :
بخير
قال باستفزاز :
و شلونك بعد تراب أمس
بغضب قلت :
قاعد تتفرج من الشباك
أنا أنجلد وأنت مبسوط
قال بغموض زاد من صعوبة فهمه ركوبي للسيارة وقت حديثه :
جيت أتدخل
بس حسيت اني أشوفك من بعيد
كأني بالسما
ميثى تحارب تحت بالأرض
عرفت إن هذا مكاني بالجاي من الأيام
وبقيت فوق
عشان يشتد عودك
بغيابي
اكره أن الرد على ما لا افهمه
لكنني قلت غافلة رشيد المتصنت على الحديث :
مبرر سخيف
بس لعلمك عرس عليك منيب معرسة
بين البايع والشاري يفتح الله
وبلا اشتراكية ومشاريع
اللي بخاطرك سوه بشركتك
أخوك هذا مجنون
وأمك
الحمد الله ما تدري عن نواياك و إلا مهب دونه
قال يسبقه ضحكات مرحه :
أجي اليوم بيتكم وتفهمين كل شيء
قلت وان مشتاقة لزيارته الجميلة :
الله يحيك
قال قاصدا عدم الإثقال على أهلي إلا بما يحب :
بس تسوين لى
هذاك
تعرفينه
استمتع بتلعثمه وجهله بأسماء الأطباق الشعبية رغم حبها لها :
أي هذاك فيهم
قال وقد ازداد الأمر صعوبة عليه :
أنا متأكد انك فهمتني
بس تبين تحرجيني
أكثر واحد أحبه في الثلاثة اللي شبه بعض
اللي أقراص مدورة و معاه سوس
قلت لأوفر على نفسي العناء مع بليد :
يا بخت شعبنا بالمحرر
يا بطل من ورق
وما تعرف تقول مطازيز
انهى مكالمته بوعيد اعرف كذبه :
ابهذلك
بس اشوفك
بسرعة
اتصلت بأمي لأخبرها أن فهد سيتعشى معنا الليلة استغربت :
تونا على موعد الظروف الزرق
فعلا
لم يحين موسم الأظرف الزرقاء
التي يوزعها فهد على نساء الأسرة كل عام
والتي ترتفع لها الأماني في بيت عمي عبد الرحمن
قبل أشهر من موعدها المنتظر
كانت عطاياه كريمة تفرح الأمهات
ويجزل بها لزوجات الغائبين مصعب واسأمه و أوس
إذا جاء فهد !!
هو جواب لكثير من بكاء طلبا ت الليل
يتسابقن للسلام عليه
وعيونهن تتطلع للمحفظة الجلدية المزينة بشعار شركته ليسلم كل امرأة بيدها مظروف مطبوع عليه اسمها بالكمبيوتر
كم يفرح النساء هنا أن يتعرفن على أسمائهن مكتوبة بلا تبعية على ورق غير بطاقة العائلة ودفتر الأحوال المدنية
غادرت بوابة المستشفى
وكان الخروج مختلفا
سعيدة بإصلاح عواقب شغبي
ومقتولة بواقع يوسف
في الجامعة قالت فطومه :
وش ذا الزين
على البركة يا بيت القادر
كنت أفكر بعمل يوسف الإجرامي
وتعجبت أتبارك أن زاد من أبناء عمي المطلوبين للعدالة واحد :
على ايش تباركين
قالت بحماس مراسل الإنباء :
خايفة من العين يعني
ترا حنا نورث الوظايف مثلكم
الطقاقة بنتها صبابة
والفراشة ولدها بواب
عادي
كم ترهقني فطومه بمتابعة أفكارها المتقطعة :
ممكن شوي شوي تفهمني
قالت وهي تتحدث ببطء مفتعل :
صديقات بنت عمتس
يقولون إن ولد عمتس
اللي هو خطيب بنت عمتس
تعين ملحق تجاري بفضل الله ثم عمتس اللي يبي بنته تعيش باورنبا
وكلهن يقولن
وهنا صرخت ولوحت بيده وهي تقفز بتقليد مضحك :
ياي ياي يا بختها
قلت وان أتعجب كيف صارت عقود الزواج هي أوراق الترشيح والسير الذاتية لمناصب الدولة :
على فكرة تراها يمكن ما تجي لآخر الترم
قالت فطومة بلمز واضح :
حبيبتي اللي مثلها ما لها دخل بنسبة الحضور
هذولا يا بعدي
محرومين من الحرمان
قلت وأنا ابتسم من اقتناصها الحاذق لتفاوت المعاملة الإدارية بالجامعة:
وش قال سعد ممكن يوصلني
قالت وكأنها ترى هامة سعد أعلى من نخلات عليشه :
والله
سعد شهم
قال ما يخالف
ارتحت فمرافقة سعد هي انتقامي من اللكزس المسلوبة وقلت :
خلاص استناه بكره الساعه ثمان
كان بيتنا بحالة احتفال
قالت أمي أن فهد كلم أخي عبد العزيز واخبره بحضوره على العشاء
بعد مكالمتي لها بدقائق
وتمنى منه أن يري بيت عمي عبد الرحمن عندنا
وان هذا التصرف اغضب عمي
لكنه سيحضر صاغرا
وان أهان مكانته أن يكون الاجتماع في بيتنا الجديد
ووجدت المطبخ ساحة تتنافس فيها النساء الطبخ لفهد
الطعام هنا رسائل المحبة
رفضت أمي أن يقدم المطازيز فقط وان طلبه
عرفت انه سيغضب
ما ذا افعل
لن احرمهن مبادلتك العطاء بالقليل الذي يمتلكن
كانت أول عزيمة لنا
ببيت المرحوم عبد الله القادر
هل هذا ما قصد فهد
أن يبث الحياة لأسم رحل للقبر
حضر الجميع
وهربت من أن أصادف يوسف
بعد العشاء طلب فهد أن يقابل النساء كعادته
دخلن للمقلط صالة الطعام متلفعات بالعبايات و شراشف الصلاة
راقبته من بعيد
ما كان ترحيب بلقاء
كأنها مراسيم وداع
تعوذت بالله من الشيطان الرجيم
زجرت نفسي الخبيثة الأمارة بالسوء
اسمعي يقلن له
حياك الله
أغاثنا الطيوب بواصب أظرفه الزرقاء
وعندما نادى اسمي أعطاني ظرف كتب عليها ميثى بخط يده القبيح
ونظر لي وهمس :
ردي علي
بعد مغادرة الضيوف
ركضت لغرفتي هاربة من أعباء العمل ومتشوقة لفتح ظرفي وحساب رصيدي
بعده
وجدت ورقة واحده فقط بخط يده كتب فيها
اعرف خطي شين
بس ظرف السنة يا ميثى غير
ما فيه من ورق الخمس ميه زي الباقيات
لا تزعلين
فيه سر أخصك فيه
يمكن يخليك تبعين الجسد
وتخلين لهم الورق وتأخذين راعيه
ميثى أنا ميت بعد أربع شهور على أقصى تقدير
ورم بالدماغ
أنا خايف
أبيك معي
ياويلك لو تصيحين
عشان كذا بكرت هذي السنة بالظروف الزرق
ظننت إنني بكيت كثيرا في الأسابيع الماضية
لكن هذه الليلة عرفت ومخدتي
ما هو البكاء
الفصل الثاني عشر
" تــــرويض الشــرســـة"
دخل نور الصباح غرفتي
نهار جديد
لماذا هذه اللهفة على استرداد الألوان
سباق نحن معك
نهرب من يدك التي تلطخنا بالأبيض وتطمسنا بالسواد
استيقظت من حالة خدر ما ارتقت لنوم
قد تمر سنين ولا نكبر
وبليلة كالبارحة زاد عمري سنوات
ارتديت بلوزتي البيضاء أقفلت الأزرة كلها حتى الياقة المنشاة
اليوم أنا اكبر
جادة بمظهري
لا وقت العب فيه مع عيون الآخرين وأربكها باختلاس النظر لملابسي الداخلية الأرجوانية
بشقاوة البنات
احمل هم من عالم الفراق
دخلت أمي مرتاعة ملتحفة بشرشف الصلاة
وبغرابة
دون تحية الصباح
حلت أزرة بلوزتي التي ما كادت تفرح بإغلاقها بعد
وخلعتها بعنف
أدارت ظهري
وأخذت تقرا سور من القران وتنفث لعابها و تمسد بيدها
اقشعر بدني
سألتها بدهشة :
خير
وش صاير
حضنتني وهي الصارمة دوما وقالت :
أعوذ بالله من الشيطان
حلم يا ميثى
كنه علم
ألقيت بنفسي في حضنها
فقد يلتئم بعضي الممزق بظرفي الأزرق ببعض
أخذت تروى بصوت خافت يتأرجح بين الرغبة بالبوح والإفصاح والخوف من رواية الأحلام وقالت :
كنا كل حريم بيت القادر مجتمعين بخيمه عز
عامودها مرمر ابيض
أرعدت السما
وانكسر هالصاري
وطاحت علينا
صرنا بظلام
وتناشدنا عن بعض
وسمعت من يقول
وين ميثى
دورتك
ما أدري وين رحتي
توقف حديثها ليس من دموعي
بل من صورة رأتها رؤى العيان
ففي زمن تعتيم الأخبار اعتدنا الإصغاء لمحطات الأحلام
لنتصيد رسائل المستقبل وأشواق الغائبين
وحقيقة التجهيل
أكملت :
لقيتك تسندين العمود
وأنا أقولك
ميثى خلاص انكسر
قومي عنه
مسكت ثوبك
انشق بيدي
وكان ظهرك كله حبال سود
أبعدها عنك
ما راحت
كنها مغروسة فيك
لماذا نقص الأحلام
لننتظر بشائرها
إجابة خاطئة
لنبشر بانتظار القصاص
أطمئنت أمي أن ظهري معافى من أذى مر بحلم بعد الصلاة
قلت لها وان جزعة من رؤى نعقت بموت :
إن شاء الله خير
صيته
لو فسرت لك بما اعرف من أسرار الظرف الأزرق بعض حلمك
هل يتكشف لك خبر الحبال السود
تلك النامية بجسدي
لكنني سعيت لها وما خفت تحذير الأمهات
مستهترة كنت أم مشفقة على فهد
رن سعد جرس الباب
لبست بلوزتي مرة أخرى وقبلت يدي أمي
وكتبت لها جوال سعد جوار الهاتف
ودعت أن يرزقنا من نفعه ويكفينا من شره
أمي المرتهبة
هل من سعد إلا الخير
أخذت حقيبتي وأسرعت بالذهاب
كان غاضب ورد السلام بجفاء
وأنا ما كنت مبادرة بأي حديث وفهد معلن رحيله عن الحياة
عندما وصلت السيارة المتهالكة لجسر المخرج الثالث عشر المشئوم
أوقفها بتحدي
في منتصف الجسر
و التفت للخلف وقال :
الحين يا بنت الأجواد أنتي كذابة طبع وإلا حقران
هذا ما كان ينقصني
استجواب على سفح زحام الصباح
قلت مستنكرة تصرفه :
سعد
الله يخليك امش
ترا ما بقي إلا يقومون يضربونك
كانت أبواق السيارات خلفنا ترافقها شتائم أصحابها هي كل ما أسمع
لكنه أصر أن يواصل استفهامه :
ما رديتي علي
ليش تكذبين بسالفة الاستراحة
قال هجم علي كلب راعيه
ليش أنا قدامك وشو
صتيمه
الكلب تسان يعرفك
ميثى
فهمني مسحبتني على وجهي وأنت تعرفين المكان
تلك الليلة
عندما سبحت عكس التيار وغردت خارج السرب
أغضبت الكل
حتى سعد
قلت له برجاء :
تراي أشوف أنوار دورية المرور
امش
وأعلمك
بعناد النقي من البشر كالأطفال قال :
لا علميني قبل
قلت وأنا أنافس بسرعة كلامي تقدم سيارة الشرطة :
هي استراحة عمي
ويوم عرفت إن فيها حفلة رجال
فكرت أروح اتطمش وأذلهم باللي أشوف
وهذاك ولد عمي
والكلب ريكسي
هنا انفجر بالضحك وهو يعيد اشتعال محرك السيارة
ويقول فرحا بنفسه :
يا حليلك يا سعد
اعتراف كامل
حتى اسم الكلب علمتني فيه
سعد الماكس
لا تعترف أنت بحالات الوسط
تنتقل بمزاجك بين قمتي الغضب والمرح
قفزا
ولا تترجل في دروب الانفعالات
صدقت صيته
الله يكفينا شرك
بعد نوبة الضحك هذه
صار مشوار عليشه مفعما بأحاديث غريبة عن الرياض
سباحين يرويها ويجزم بصدقها
فتلك القصور على اليسار طرد الجن أهلها ولا يشتريها عاقل
والبستان القديم على اليمين تنيره بالليل أنوار أعراس العفاريت
الخرافة
ُمسكن من قسوة الواقع
يا سعد
أنت تبحث عن النسيان بحكايات لا تنفيك عنها بافتقارك لمؤهلات البطل
الأمير الوسيم
بكل القصص
فما أنصفت الأسطورة من السود ألا روح عنترة
وبتقلباته أوقف السيارة في مكان مزدحم واستأذن
نزل وغاب
وفكرت قد يكون رشيد البغيض ارحم من سعد الهوائي
سعد الحاكم بأمر الله
بانتظاره
استقبل الجوال مكالمة من فهد
بلعت غصتي ورديت بصوت حيوي يتوافق مع مزاجية سعد :
صباح النور
قريت الظرف
يا خواف
السالفة فيها موت
وأنت مسوي فيها سياسة واقتصاد
رد فهد :
يا الله صباح خير
قلت أبي القي البنت متشققة من الصياح
اجل تقولين عني خواف
قلت وأنا استعجل الحديث فسعد عائد للسيارة وبيده أكياس بلاستيكية شفافة :
لا
وأقول بعد موافقة
فهد
اختيارك لي شرف
قال بصوت حنون :
بس أنا اللي غيرت رأيي
عشان أمس ما سويتي لي اللي طلبت
ذقته وما كان طبخك
رديت وأنا فرحة أن تجرى حواراتنا بجداول سلسة بعيدة عن عنف شلالات غدر الأيام :
هم فريق الشيفات خلوني المس شي
طردوني من المطبخ
بس بجد افتقدت طعم طبخي
قال وهو لا يجامل بمذاق الطعام :
اعرفه واشتاق له
خلاص
أبي اكتب بعقد الزواج بدل طباخ
قلت وأنا انهي المكالمة قبل أن يفتح سعد باب السيارة
فقد لا يروق له حديث الجوالات بحضرة جنابة :
بدل
إيه إن شاء الله
الله يحلل حريم أمس عند عم عزيز
وأكملت بتقليد صوته
دي صنعتي يا شيخ فهد
تقريبا وصلت الجامعة
باي
ليتمتم سعد معلقا على ادعائي الوصول للجامعة :
لا الكذب عندك
هواية
فكرت بعمري الجديد الذي كبرت له بعد أمس
لن تمنعني مخاوفي من معارضة أيمن والجوهرة من مرافقتك برحلتك الأخيرة
ولن ترهبنني شروطك الغريبة من أن اصطحابك في طريق من خوف
إعطاني سعد كيس به ساندويش فلافل ضخم وعلبة من الشراب البارد
وهو يقول :
وجبة الرحلة مقدمة من الخطوط السعديه
كريم أنت رغم رقة الحال
شكرته ووضعتها بجيب حقيبتي الخارجي
قلقة من رائحتها
في الجامعة
أعطيتها فطومه وقلت :
هذي من سعد
أنا مالي نفس بشي
حملتها بحرص كأنها طفل رضيع وقالت :
احلفي
باستنكار سألتها :
وش احلف
اليوم الكل يستجوب
قالت :
وش فيتس اليوم مزاجتس معكر
قلت وأنا أجرب كلمات ما خطر ببالي أنني سأنطقها :
متوترة شوي
خطبني فهد ولد عمي
قالت بتشجيع ساخر :
احلي
يا نوال الزغبي
من أين لي بقاموس لمصطلحاتك يا فطومه
فسألت :
وش جاب نوال بالسالفة
قالت وهي تجلس كيس الفلافل بمقعد بجوارها:
شوفي ها اللي تحط بكليباتها
رجال رماديين
بعمر فهد
ستايلها مثلك
وترا هذي الموضة
شفتي صاحبتنا هيفاء
أعرست الأسبوع اللي راح على أبو لجين
دكتور جيكل
أيعقل
لديه زوجة صابرة وعشيقة وفيه وخليلة يافعة
هذا أكثر من أن تستوعبه وحشية دكتور جيكل
فكرت
هل تعلم مزنه انه تزوج من جميلة بعمر ابنته
علقت بتعجب :
مسكينة لجين
وهيفاء وش حدها على كذا
قالت بصراحة جارحة :
حده اللي حدك
قالت اخذ واحد بعمري واذبح روحي معه مثل ما سوت أم لجين
وإذا كبر ونبت له ريش وصار بمجلس الشورى يعرس على
أحسن لي ابدأ من حيث انتهى الآخرون
إلا أنتي وش حدك
قلت :
بعد
نهاية الآخرون
لم تسمعني فطومه
كانت منشغلة بإبعاد الزميلات عن مقعد الفلافل وتصر انه محجوز بهوس المحب
عند العودة كان سعد بالانتظار
ركبت معنا فاطمة و الفلافل التي رفضت أن تأكلها فقد منحتها قدسية قلت لها :
أخاف بكرة تعبدينها مثل بقر الهندوس
لم ترد
قادرة على عدم سماع ما لا يعجبها من الكلام
في البيت كانت أمي لا تزال قلقة
وزاد من توترها مكالمة من عمي عبد الرحمن وطلبه حضور أخي عبد العزيز لمجلس بيته لمقابلة أخيه الوزير عثمان بعد صلاة المغرب
ما خطر ببالها السبب
اجتهدت أختي منيرة بعقلية من معارك داحس وحروب الغبراء في تحليل الأحداث
بأنها رد اعتبار لأهانه عشاء الأمس
أما أنا عممت سياسة صمت الجوال على لساني
أجمل الأفكار هي التي نجترها مع طلاء الأظافر بلون غريب
بلون فيروزي صبغت أظافري
وأنا أتخيل بلحظة شماتة ما كنت لأفوت لذتها عبد الله المادي بمجلس أبيه حاضرا خطوبتي لفهد البليونير
لماذا اعجز عن الترفع عن أحقاد البشر
رددت
اللهم لا شماتة
مع صوت الجرس المتواصل بإلحاح
أخذت عدة ألواح من الشوكلاته بحذر خوفا على طلائي الرطب
لأفتح لأبناء الجيران
فالصغار يكتبون تاريخ البيوت التي يزورنها بذكريات من حلوى
صرخت أمي بحماس لتستعجلني :
ميثى افتحي
لعيال الجيران معهم مواعين عشا أمس
فلقاء الغالي هنا فياض
يشمل الشواطئ كلها بمد من إطعام المآدب وجزر من إناء خاوي
هذا هو بحر الصحراء
من عطاء
كنت البس قميص البيت القصير وشعري حر بلا ترتيب
فتحت الباب وأنا انظر للأرض انتظر محبة الصغار
وكان من ورائه كرهه الكبار
الجوهرة زوجة عمي وأيمن
قلت باستغراب:
تفضلوا
وركضت للداخل اسبقهم أطلق إنذار زيارة الغريب
ولأغير ملابسي وارتدي طرحتي
قابلتني منيرة قلت لها :
بسرعة
افتحي مجلس الرجال وعلمي أمي الجوهرة مرة عمي عثمان وولدها أيمن
ما ردت منيرة
بل كانت تنظر خلفي
التفت
كانت الجوهرة تتجاوز أعراف الاستقبال وتصرخ بوقاحة :
وينك يا بنت الصاقود
قابليني
اللي سوتيه بالخالة ميثى
وحرقتي قلبها على عبد الله والدها علمتيه بنتك
بس ترا ما كل طير ينوكل لحمه
انا غير
وعيالي فوق مستواكم
شيى ما ينطال
اقترب أيمن ليحدث أمه وكان من حولهم جماد :
خلينا نتفاهم معهم بهدوء
كانت أمي أمام باب مجلس الرجال تشد شالها الصوفي حول جسمها الضعيف
و تحاول أن
ترحب بإعصار من الاستكبار
فتعجزها الجوهرة بحديثها المستمر عن ما لا تعرف
لتقول بغضب :
أي هدوء أيمن حبيبي
هذولا داخلين على طمع
ميثى
استحي على دمك
وانا الي مدخلك بيتي تطعنيني بولدي
لعلمك لا أنا ولا أيمن ولا ميساء موافقين
هل فهمت امي ومنيرة شيء بعد هذه الجملة
أظن أنهماتحولتا لمشاهدتين غير قادرتين على التفاعل مع هجوم غير متوقع
قدم صوت من خارج البيت
انه عبدا لعزيز ومعه فهد
أربك أيمن صوت أخيه
لمحت الجوهرة ذلك وقالت :
ما عليك منه خله يدري
تعال يا فهد
من عرفت بنيتك وأنا ذابحني القهر
تبي تعرس قلي
ما من حمولة بالرياض إلا وتمناك
مهب تقم لنا من خمام النسيم
ناس يأخذون فضلتنا وتقول نسب
أن تسمع أمي هذه الكلمات جعلني اندم
هل عرف فهد ما أفكر فيه
لا ادري لكنه رد على أمه بلغز
غريب تأثيره عليها
كانه اقسى انتقام
فقال :
اخذ من بنات الحمايل اللي ما يفطرون إلا من مروش لندن
أم فهد
باركي لي
وسلمي على خالتي أم عبد العزيز
لا ادري كيف تمتلك الكلمات مفاتيح الجوهرة
لثاني مرة في حياتي
بعد طلب درس الباليه
الذي حولها لوحش
أجد كلمات فهد هذه روضت شراستها
لتتقدم من أمي وتصافحها وتقول بانكسار ووداعة غامضة :
مبارك علينا
عندها أغلق أيمن بابا بيتنا بقوة وهو يقول بحنق :
أمي
أنتظرك بره
الفصل الثالث عشر
"أوجــــــاع متــــــرفــة"
استنجدت أمي بأخي عبد العزيز بعد أن شتتها نزاع العمالقة
قائلة :
عبد العزيز
وش تبارك عليه أم فهد
ردت زوجة عمي الجوهرة بصوت ساخر :
يعنى ما تدرين إن فهد وأبوه خطبوا ميثى من عبد العزيز وعمها عبد الرحمن اليوم بعد المغرب
ما التفت أمي للجوهرة وظل وجهها معلق بابنها تلتمس كلمة
فقال :
إيه يا يمه مثل ما قالت زوجة عمي
فهد خطب ميثى
و عمي عبد الرحمن قال لا زم نستشيرها
وفهد جا معي يبي يسمع رأيها بنفسه
هل تخشى يا فهد من تحوير لجواب اليتيمة
أم جئت منقذا على غير ميعاد من زيارة أمك الجوهرة وأخيك أيمن
قالت أمي بإباء :
فهد يا ولدي
محنا من مواخيذكم ولا انتم منا
حتى أمك ما هيب اللي راضيه
والزواج أساسة اتفاق
واللي مر علي
جعله ما يمر على بنتي
لماذا نتذكر أخطاء الماضي
لئلا تعود
إجابة خاطئة
لعلها تئود
لم تستشيرني أمي
تحدثت بتأثر لتنفى عن نفسها السعي وراء أولاد الجوهرة
رغم ذلك كان فهد يصورني بالجوال بحركة خفية لمحتها وغابت عن الجميع
ابتسم وقال :
خالتي أم عبد العزيز
أمي ما كانت تدري وش ذوقي
الحين عرفت وش أبي
واني اخترت ميثى
وهذها باركت لك حتى قبل ما تسمع رد ميثى
اللي أنا ودي اسمعه
طالت وقفتا في مدخل البيت
وكان أخي عبد العزيز ينظر لساعته متبرما من تأخره على مباراة التنس الأرضي مع رفاقه بالكمبواند المجمع السكني للأجانب
ومنيرة ضاقت من بقائها داخل حمام الرجال لتختبئ من أولاد عمها
قلت وأنا أتابع أصابع فهد التي تصور للمرة الثانية لأهرب من نظرة الجوهرة القاتلة :
أنا موافقة
هنا رمت الجوهرة بطرحتها على وجهها لتخفي خيبتها وقالت :
تأخرت على أيمن
فمان الله
بتهكم قال فهد :
إلا مدام كلنا مجتمعين خل نتفق على الترتيبات مرة واحدة
وأيمن اكلمه
أنا أوصلك
بالفعل حادثه بجواله بجمود وأمر :
أيمن
تقدر تروح أنا أجيب أمي معي
كثير هذا
الأمر الواقع
جاءت الجوهرة لتدفن بيدها مشروع زواج إذا بها تناقش تفاصيله بمجلس صيتة الصاقود
كشفت الجوهرة غطاء وجهها لتصرخ بضيق :
فهد
زواج ميساء بعد شهرين
أني ما لي حيل زواج ثاني من قريب
إذا كنت مصمم
خل زواجك بعد إجازة الصيف
لا تدري الجوهرة كم هي الأيام ثمينة على فهد
قال بتحدي:
إلا وش رأيكم زواجنا يكون قبل
اعتقد أن الجوهرة عجزت عن الوقوف من هول ما سمعت فدخلت لمجلس الرجال المظلم شبه منهارة
لتقوم أمي بإضاءة الأنوار وتأمرني بتجهيز القهوة ويتبعها فهد للداخل وعبد العزيز المحبط بإضاعة مباراة الليلة لقاء شكليات زواج أخته المفاجئ
خرجت منيرة بسرعة من مخبئاها وسحبتني من يدي لتقول معاتبه :
يا لئيمه
و ساكتة
بسرعة تعالي ساعدني نجهز القهوة
قلت متهربة :
خليني اسمع وش يقولون
بضيق شدتني من قميصي ليزداد قصرا قائلة :
بلاك ما شفتي شكلك وش لون
نظرت للمرآة
وضحكت
عروس بقميص يكاد يصل للركبة وشعر متطاير تحمل ألواح الشوكلاته ببلاهة
ما ذا أعجب فهد بفوضوية كهذه ليصورها
أكيد
يريد ممازحتي
جهزنا القهوة
ثم الشاي
وأنا ومنيرة ننتظر أي أخبار من عبد العزيز القليل الحديث بطبعه فكيف إذا أغضبه غيابه عن رفاقه فكان يكرر كل ما نراه بمشاوير توصيل الضيافة لمجلس الرجال :
الحين تجي أمي وتعلمكم بكل شيء
هل تأخر زوار بيتنا
أم أن التطلع يكسب الساعات مطاطية
فشل البحث عن حل لغز مطعم مروش لندن أن يستهلكها
أخيرا سمعنا جمل الوداع
لتدخل أمي بغضب المؤدب
وتشد شعري بعنف
وتقول :
بنات آخر زمن
عارفه وساكتة وأنا وأختك نقول وش يبون بعبد العزيز
وتقولين للرجال موافقة قدام أمه بفهاره
وما تستشيرين احد
ليتدخل عبد العزيز بمسؤولية الأخ الكبير
مربتا على كتف أمي ليهدئها بقوله :
خلاص يا يمه
هذا حياتها وهي واعية ومن حقها تقرر وش تبي
كنت اقرب جسمي من يد أمي لأخفف من الم شد شعري لكني أحسست أن عبد العزيز يخالط دفاعه عني نغمة شخصية
كم تسمع أمي من عبد العزيز الولد
قالت بصوت غاضب وهي تسحب يدها من شعري :
أنا خايفه عليها بس
هذولا مهب بس بيت القادر
الجوهرة وأهلها
رد عبد العزيز وهو يحمل حقيبة مضربه وكرات التنس :
لا تخافين
فهد مهب سهل
مرعب
أنتي شفتي
و شلون أمه تهابه
أنا أبي أروح علمي البنات بكل شي
نظر لي وبحركة توعد من يده قال :
فهد
هو اللي يبي يربيك صح
يا ويلك
وراح دون كلمة مبروك
عبد العزيز الساذج
أتظن انك تعرف فهد أكثر مني
أتهددني بالطيوب
أكملت أمي الحديث لمنيرة لغضبها مني :
ابد
يبي الملكة بكرة الاثنين
والزواج عقب ثلاثة أسابيع
إذا خلصت ميثى الجامعة
عشان يروحون شهر عسل على قولتهم قبل زواج ميساء
جاوبتها منيرة لأنني كنت منفية عن عالم رضاها :
مهب الجوهرة تقول ما لي حيل عرس الحين
قالت أمي وهي تنظر لي بطرف عينها :
صجتنا بها السالفة
بس فهد قال إذا ما عندنا مانع يبي يسوي حفل رجال كبير بحدا الفنادق
وزواج عائلي بالاستراحة
وما يبي منها شي
قالت لي منيرة باندفاع وهي تحاول أن تشد شعري بدورها :
يعنى مرتبه معه كل الأمور
ماذا أقول
هربت لغرفتي راكضة وأغلقت الباب بالمفتاح وأنا اضحك واصرخ لتسمعني:
الله يبارك فيكم
تعتذر حرم الشيخ فهد القادر عن استقبال الزوار المهنئين اليوم
أخذت منيرة تطرق الباب بيدها وهي تضحك بفرحة من عثر على اللعب بعد سنين وتقول :
طيب يا ميثى اوريك
و بعد لحظات سمعتها تغرق مع أمي بحديث سعيد متواصل عن زواج ميثى
لماذا كل الحزن يتبع أعذب الضحكات
بعد نوبة المرح
أحسست بثقل حزن جارف في نفسي
هل لأن فرحي يدق أجراس رحيل فهد
أم لرؤيتي أيمن غازيا بيتنا ليصد أطماع ميثى المرتزقة وقلبه تحت نعل حذائه
ربما لنداء الساري الذي أحسه بداخلي
فنظرت للاب توب
كان مرسول علاقتنا في بدايتها
الآن
فتحت شباك غرفتي لأنظر للبدر
أيقنت انه وجه الساري ينظر له مثلي
لا تسل كيف
انه الإيمان
ما كانت كلمات تلك التي تبادلتها معه
بل رسائل خارج نطاق خدمة المادة حملتها كل محنتي
واستقبلت أخرى منه مخطوطة على صفحة القمر
فيها مشاعر مشابهه
كلانا يمر بمرحلة مصيرية
الآن
معا
في مشوار الجامعة بالغد مع سعد كان مكفهرا صامتا
لم يقول كلمة
خفت أن اسأله سبب التقلبات المزاجية وفضلت أن اعتادها
وفي الجامعة كانت فطومه بنفس الحالة ولكنني سألتها :
وش فيك
قالت بغضب :
ما تدرين يعني
أنت تقتلين القتيل وتمشين بجنازته
رديت بتعجب :
أوف أي قتيل
قالت وهي تكاد تبكي :
بلاه مهب وجهتس اللي طاح و قعدتي تلقطينه فتفوته فتفوته
أبز برويحتي وأقول لسعد عقب ما نزلناتس أمس
انعم الله عليك على الفلافل
يقوم يقول ليش ميثى عطتس إياها
أكيد مهب من مقامها
وعليها
ركب فيس الزعل لما وصلنا
الحين أقول احلفي
وتكذبين
قلت وكأنني فهمت كيف نسئ لغيرنا بعنجهية الأنا :
أنا ما قلت أنها لك
قلت من سعد
أسفه
عاد
فوتيها
حقك علي
قالت وهي المتسامحة :
لا مهب مسألة حقوق بس أنا كنت فرحانة انه تذكرني بشي
طلع إنذار كاذب
قلت وأنا أكمل اعتذاري لها :
شوفي يا الغالية أنتي أول معزومة على عرسي عقب ثلاث أسابيع
قالت بدهشة :
وش ذا العجلة
وش و راكم
ومتى يمديك تجهزين وتستعدين
عرس ذا مهب لعب
قبل أن أرد عليها كلمتنى ابنة عمي مزنه
رديت عليها
أكيد تريد أن تبارك لي بالخطوبة
كما توقعت
قالت بصوت ضعيف :
مبروك ميثى ما سمعت
الله يوفقك
وأنهت المكالمة بسرعة
كأنها تحاول أن تلحق بمغادر
قطار
ربما
ابتسمت
أخيرا ستدرك مزنه نداء ركوب في حياة هي سلسلة من محطات ضائعة
أكيد في هذه اللحظة هناك ما سيرحل وسترافقه مزنه
سمعت ذلك بصوتها الموادع
أكملت حديثي مع فطومه وقلت :
أي تجهيز
الزواج عائلي
وبعدين ..
قاطعتنا مكالمة أخرى من فهد
ليقول :
ها أش أخبارك بعد مواجهة أمس
قلت وأنا انظر لوجهه فطومه الذي بدأ يعبس من انهمار مكالمات الجوال:
تمام
أنت حطتيني بموقف
أمي إلى اليوم زعلانه مني
على بالها متفقه معاك على كل الترتيبات
قال بجديه :
المهم النتائج
أديني رقم حسابك عشان ادخل في المهر
ما أبي أعطيه العم عبد الرحمن
لا ادري
هنا
سمعت فطومه بشفاه مطبقة تقول جملتها
عرس ذا مهب لعب
قلت له محرجة من تفاصيل ما خطرت ببالي :
ما في داعي
خليه عندك
ليقول وهو يحاول أن يتجاوب مع تفاهة المجاملات :
ميثى
رقم حسابك
وترا الشي اللي يزعلني منك هو استهتارك بحقوقك
قلت له بعد أن انتشر بجسمي رعشة :
خلاص أرسله لك مسج
قال :
بسرعة
وجهزي نفسك بكرا العصر أمر عليك
سكت قليلا ليقول :
يا عروسه
كلمة جعلتني بحالة الجوهرة البارحة
ابحث عن مقعد يعيد لجسمي تماسكه لأبحث عن بطاقة البنك بمحفظتي
فهد
لماذا تقتلني بأمنية البنات
لماذا ترتيبات زواجنا كأنها لعنة
ألا لأنه خالي من الحب
ما كان مكونا رئيسيا بكل وصفات الزواج هنا
أم لأن عبد الله كان عريس كل خيالات الأفراح التي مرت ببالي إلى شهر مضى
صار ماضي
ماذا سيتغير في الليلة
بعد أن أصبح حرم فهد القادر
انتظرت لأرى
وجاء وقت النوم
وما ازددت
إلا رسالة بالجوال من عبد الله بكلمة وحيده
مبروك
ومليون ريال مودعة بالحساب
في الغد
جلست بجواره فهد بسيارته المنطلقة باتجاه شارع الستين
وأنا امسح بمنديلي الورقي من تحت غطاء الوجه ألوان منيرة الكثيفة من على وجهي التي أصرت أن أتزين بها
نظرت له
هل أنا زوجته
الورقة التي كتبت بالأمس ما أثرت بداخلي بقدر ما أبقت حبر البصمة المطلوبة على إبهامي
كان طلال مداح يغني بتسجيل قديم
مقادير
يا قلبي العناء
مقادير
وش ذنبي أنا
أحسست بدمعتي تسهل عمل منديلي الجاف برطوبة الأسى
قال بعملية المدير :
شيكتي على الحساب
قلت بخبث :
ليش نزلت المكافأة
ابتسم بصمت
لماذا اسمع صوت أيمن المترفع يردد
إن بروبر واي
زواج كما يجب أن تكون الصفقة
رفعت صوت الاستيريو لعل عذوبة الأغنية تطرد أيمن من بيننا
وأخذت العب بأصابعي بقلق
خفض فهد صوت الاستيريو برد فعل سريع
وقال بقسوة زاد من حدتها رقة صوت طلال:
لا تصرين مزعجة
ميثى
أنت الحين مدام فهد عثمان القادر
البنت اللي صورتها قبل أمس بجوالي هربانه من عالم الصغار
أتسكر الباب عليها
خرجت ولن تعد
و انحبست بدنيا الكبار
أنا أحب مزحك وأموت بشقاوتك
بس لي
قدام الناس من ها اللحظة
أبي ليدي راقية
سيدة مجتمع
خليني أكون فخور باختياري لك
ايش اللعب بأصابعك هذا
فكرت
هل شعر فهد بالندم
بعد رفض الزواج سنين أكون أنا ببساطتي زوجته
يتطلع الكل ليعرف من اختار العازب الأول
فهد
وان كان الابن الضال
المتحرر
إلا إن روحه مشبعة بمعايير بيئته الطبقية
قبل الزواج
أرادني مرافقة برحلة الخوف إلى الموت
والآن
يشترط الرقي
أنت فعلا شخصية مركبة من تناقض
مبادئك الجميلة لا تطالها من قصر قامة وعيك الوراثي
اعتدلت بجلستي متقمصة تعالي الجوهرة
وأخرجت المرآة من حقيبتي
لففت الطرحة على حدود رحبة من وجهي
وأضفت طبقة من الروج الكثيف على شفتي
لمعت عيناي بقسوة الجريح المكابر
وسألت ببرود لأظهر صلابة واهية :
وين نبي نسكن فيه
قال وقد راق له تغير أسلوبي فاندفع بمزيد من التعليمات :
في القصر بجناحي
شركة الديكور راح تجدد الغرفة الرئيسية
ميثى
صاحب محل المجوهرات صديقي
وممكن يكون موجود
فأنا لي مكانتي
وجاي مع عروستي
يعني أكيد عنده تصور بحدود الشراء ونوعيته
عشان كذا
تذكري تصرفات أمي وطريقة اختيارها وتعاملها مع الكل
لا تندفعين
قبل أمس ما عجبتني موافقتك بتهور
لازم تنتبهي لتعابيرك
وتحكمين ذوقك في التصرف
أنتي أحيانا أوفر شوي
وبعد لحظة تذكر قال :
و أيش كمان
إيه
لا تناديني باسمي مجرد ابد قدام الناس
نظرت للبعيد
حسنا يا فهد
بدأت بذبح تلقائيتي فداء لنرجسيتك
وكانت مقادير هي الشاهد
مقادير
أن يكون بيتي
غرفة
في السويدي
غرفة
في العليا
نصيبي من الأرض
غرفة
لتشهد أوجاع عمري
وان كانت
أوجاعي القادمة مترفة


taman غير متواجد حالياً  
التوقيع











رد مع اقتباس