(4)
مضى بدر إلى غرفة أخته لؤلؤة فطرق بابها ، ما إن أذنت له بالدخول دخل الغرفة قائلا : - السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . فأجابته لؤلؤة قائلة : - وعليك السلام ورحمة الله وبركاته . ثم دعته للجلوس . جلس بدر وقال لأخته : - سأتحدث في صلب الموضوع ، قصدتكِ طالبا خدمة . رمقته لؤلؤة بذهول ، لأنها هي من كانت تقصده طالبه مساعدته لا العكس ثم ما لبثت أن قالت : - إذا كنت قادرة على تقديمها فما عليك سوى أن تأمر لأنفذ . رمقها بصمت وبدا مترددا ثم ما لبث أن قال : - أريدكِ أن تمضي معي للحديقة هذا المساء ، اتفقت مع عمي على أن ألتقيه هو وبناته هناك على أن يبدو لقاءنا صدفه لا كرحله مدبرة . ما أريده فقط هو أن تجلسي معهن وتحادثينهن خصوصا غزالة ، أريدكِ أن تحفظي كل كلمة تنطقها لتخبريني بما قالته لاحقا . ما إن سمعت أخته حديثه حتى فغرت فمها ذهولا ، ثم قالت باحتجاج جلي وواضح : - مــــــــــــــــــــــاذ ا ؟ أأنت جاد في قولك هذا ؟! من المؤكد أنها دعابة ، لا يمكنني أن أصدق أنك أنت أخي من يطلب مني فعل هذا ، ( ولا تجسسوا ولا يغتب بعضكم بعضا ) يا بدر ، لا يمكنني أن أصدق أنك تطلب مني التجسس على ابنة عمي ومنّ غزالـــــــــــــه ، من المؤكد أنك محموم أو مجنون ، من ذا الذي يتجسس على غزالة ؟! إلا إن شاء أن يبيع نفسه ، أنا لا أ ................ . كان يصغي لحديث أخته بانشداه تام لكنه قطع حديثها قائلا : - اهدئي أختاه ، لا رغبه لنا بالتجسس على غزالة كما تشيرين ، طلب مني عمي متابعة حالتها ، طالبا مني إعادتها إلى جادة الطريق ...... . قطعت حديثه قائلة : - لا أصدق ما تسمعه إذناي ، يا أخي ، يا عزيزي ، غزالة ليست مريضة نفسيا لتتابع حالتها الصحية كما أشرت ، أنا أعرف الناس بغزاله لأني لست ابنة عمها فقط بل أنا صديقتها يا بدر . ملئت رئتيها ببعض الهواء ثم زفرته وتابعت : - كانت غزالة أجمل فتيات العائلة وأرقهن وأكثرهن عذوبة ، لا يستطيع أي إنسان أن يخالفني في قولي هذا إلى أن بلغت المرحلة الثانوية فتغيرت طباعها إلى النقيض وفق أقوال الجميع ، لكنهم مخطئون يا أخي ، غزالة لم تتبدل إلى النقيض ، بل اختارت المواجهة ، نعم اختارت المواجهة والتحدي ، عندما وجدت أن التحدي والمواجهة أوصلاها إلى ما لم تتمكن من الوصول إليه يوما ، قررت أن تتحدى الجميع ، لأنها علمت أن الصمت لا يحل المشكلات بل يزيدها ، غزالة لا تعاني من مشكلة نفسيه يا بدر ، الأمر كل الأمر أنها تتحدى ، تتحدى كل من تراه مخطئا غير مصيب ، لسانها السليط وصراحتها المفرطة ما هما إلا وسيلة تحقق من خلالهما ما تريد بأسرع الطرق وبأفضل النتائج ، هذا هو الأمر أصدقت هذا أم لم تصدقه . كان بدر يصغي إلى حديثها باهتمام تام عندما صمتت قال لها : - لم أكن أعلم أنكما صديقتان ، ما الذي حدث عندما كانت في المرحلة الثانوية فجعلها مضطرة للمواجهة ؟ بل جعلها لاحقا تواجه الجميع ؟ أطرقت لؤلؤة برأسها وقالت : - لم تسألني يوما عن أسماء صديقاتي أو عمن يكونون لتعلم ، أما ما جعل غزالة تضطر لسلوك طريق المواجهة عوض الهدوء والروية فهذا أمر خاص ، هي الوحيدة المعنية بشأنه ، إن شاءت إخبار أحد أخبرته وإلا فما من سبيل لمعرفته بالأمر ، لقد أمنتني على سرها وأنت تعلم يا أخي أني لست ممن يخن الأمانة ولا ممن يغدرن بصديقة . أرجو عفوك أخي ، لا يمكنني أن أطلعك على المزيد ، أما بشأن خروجنا إلى الحديقة هذا المساء فسألبي دعوتك إن شئت هذا ، إنما تيقن أني لن أبوح بحرف واحد مما سيدور بيننا من حديث لأي مخلوق حتى وإن كان هذا الشخص أنت . إن وافقت على ما أخبرتك مضيت معك وإلا فاذهب وحدك إلى الحديقة هذا المساء للقاء عمي وبناته . أطرق بدر برأسه ، لقد أحرجه حديث أخته . بقي صامتا لبعض الوقت ثم قال : - حسنا ، سنذهب ، ما من داعِ لتطلعيني على ما يدور بينكن من حديث ، كوني على استعداد عند الساعة الثامنة . ونهض مسرعا يغادر المكان . مضى بدر إلى غرفته والكثير من الأسئلة الحائرة تملئ تفكيره ( ما سر هذا التحول ؟ لمّ لم تطلع أحدا من أهلها على سرها بينما أطلعت أخته عليه ثم ما هو هذا السر الذي ترفض الاثنتان البوح بمضمونه لأي كان ................ ) .
التعديل الأخير تم بواسطة كاردينيا الغوازي ; 25-05-17 الساعة 09:49 PM |