الساعة 04:08 صباحا
كان المطر قد توقف عن الهطل منذ ساعتين تقريبا ،
لكن الغيوم كانت ماتزال محتشدة في السماء ،
تنذر ببدأ سيل من الأمطار في أي لحظة.
في المشفى الحكومي للمدينة...
كان قد بدأ يستعيد وعيه شيئا فشيئا ،
يفتح عينيه رويدا فيرى سقف الغرفة و الأضواء البيضاء ،
ثم يعود لإغلاق عينيه بتهالك و ألم.
جاءه ذلك الصوت المألوف ليذكره بمدى واقعية أحداث الليلة الماضية و ليجعلها تتسارع دفعة واحدة إلى ذهنه :
_استعدت وعيك ؟!
أدار بسام رأسه ناحية الصوت ،
ليرى أسامة جالسا يتأمله من على سرير بجانبه ،
كانت ضمادات كتفه الأيمن تظهر من تحت زي المرضى الذي يرتديه ،
و كانت الآثار التي خلفتها الليلة العصيبة تبدو أكثر وضوحا على وجهه هنا تحت ضوء الغرفة القوي.
تيقن بسام من صحة ما جرى ،
غمغم وهو يحاول النهوض :
_أين أنا ؟!
لكنه تأوه وهو يعود للإستلقاء من جديد ،
فاجأه مقدار الألم الذي سببته له مجرد محاولة النهوض.
قال أسامة بقلق :
_هل أنت بخير ؟
عليك أن لا تتحرك ،
قال الدكتور رمزي أن إصابتك بليغة ، نجاتك وحدها كانت معجزة ،
أنا اعتقدتك قد مت فعلا.
غمغم بسام :
_نحن في المشفى .. أليس كذلك ؟!
أومأ أسامة برأسه إيجابا ، فاستطرد بسام :
_ماذا حدث ؟ أذكر أن صفوان كان ..
قاطعه أسامة :
_لا تقلق ، صفوان مات و انتهى أمره.
لقد شرحت كل شيء للشرطة ،
و لكنهم يريدون أن يطرحوا عليك بعض الأسئلة ،
لا أظنهم سيعاقبونك على قتلك إياه فقد قمت بما هو الصواب
و لكنها الإجراءات و حسب !
غمغم بسام ساخرا :
_و لما لا ؟
ذلك لم يكن الشيء الوحيد الذي قمت به في حياتي !
تنهد أسامة و قال :
_هيا لا تكن مكتئبا ،
لم يعد هذا مهما فقد أصبح بمقدورك تغيير هذه الحقائق الآن ،
أنت حر لتختار الطريق الذي تريد السير فيه.
ثم ابتسم وهو ينظر صوب المقاعد المخصصة للزوار و استطرد :
_أمضت الليل هنا ،
لقد كانت خائفة عليك !
لا أظن أن أيا من تلك الأشياء التي فعلتها في ماضيك تهمها !
ألقى بسام نظرة إلى حيث كان أسامة ينظر ،
دهش حين رأى ندى جالسة و قد غفت على أحد تلك المقاعد ،
بدا واضحا أنها قضت الليل هنا ساهرة إلى جواره.
إنعقد حاجبا بسام وهو يهز رأسه بصمت ،
مضى وقت طويل مذ شعر بأن شخصا ما يهتم به.
تمتم بسام محاولا دفع العواطف التي بدأت تجتاحه :
_إذا .. هل الجميع بخير ؟!
هز أسامة رأسه نفيا و قال بصوت قلق :
_كلا .. زياد و كمال لايزالان غائبين ،
لم يستطع رجال الشرطة التوصل إلى معرفة مكانهما بعد ،
يصر اتباع صفوان على أنهم لا يعلمون شيئا ،
و الوقت ليس في صالحنا !
نظر اليه ثم غمغم بانزعاج :
_بسام .. هل تصغي إلي حتى ؟
كان بسام شاردا ،
هز رأسه ثم بدا كمن تذكر شيئا و قال :
_أنا أعرف أين يمكن لزياد و كمال أن يكونا !
هتف أسامة مندهشا :
_حقا .. أين ؟!
أجاب بسام بصوت حذر :
_كان صفوان يلتقي بعميل له أظنه كان جابر .. في مصنع قديم ليتسلم البضاعة ،
ذلك المصنع يقع قرب الميناء .. كان ذلك المكان آمنا لا يخطر على بال أحد ..
أعتقد أنهما هناك !
هتف أسامة من جديد :
_جيد .. إذا علينا إخبار الشرطة بهذا !
غمغم بسام :
_لست متأكدا ، إنه محض تخمين !
نهض أسامة واقفا و قال :
_لا بأس .. أنا متأكد من أن هذه المعلومات ستكون مفيدة لهم ،
فقط أخبرني بالمكان و سأعلم الدكتور رمزي و البقية.
قال بسام :
_المصنع القديم ،
على رصيف الميناء السادس.
و لكن .. أواثق بأنك تستطيع السير ؟!
أومأ أسامة برأسه إيجابا وهو يقول :
_حالي أفضل من حالك .. لا تقلق.
و مضى خارجا من الغرفة.