عرض مشاركة واحدة
قديم 06-04-11, 11:34 PM   #54

محمد السيد ندا

أعلامي ومذيع وشاعر مصري


? العضوٌ??? » 149978
?  التسِجيلٌ » Dec 2010
? مشَارَ?اتْي » 29
?  نُقآطِيْ » محمد السيد ندا is on a distinguished road
افتراضي

وهذه قصيدة هروب

وهى هدية متواضعة منى لموقعكم الموقر

الهروب

شعر محمد السيد ندا


غصن الورد
لايثمر لو كان
على جذع الكافور
فلكلٍّ فى التصِنيفِ براعمُ
وزهور
والفل إذا زرعَ
فلن يثمر أعواد الريحانْ
والنخلة لن تثمر تفاحا
أو رمان
وغناء العصفور
لايشجى البلبل
أو يطرب فوق الأغصان
غراب
ماذا تقصد أن تعلن يا إنسان ؟
أقصد أن أحمد رب الأرباب
أنى إنسان
لو كنتُ يمامة شجو
كانت تسلبنى عشى
الغربان
لو كنتُ غرابا
كانت تقتلنى الحدأة
فى أى مكان
والحدأةُ لاتشعر
فى حضرة ملك الطير النسرُ
بأى أمان
وبرغم الحمدِ
فإنَّ المشكلة الكبرى
أنى محسوب
من جنس الإنسانْ
فعذابى الأكبر أنى إنسان
وولائى الأكبر أنى
إنسانٌ
فى كل زمان
ومكانْ


كنتَ رئيس الكهنةِ
فى معبد آمونْ
تأتيك هدايا من كل الأصقاع
ومن كل الأوطان
ولأن الدنيا تتلونُ
بجميع الألوان
ها أنتَ الساعى فى مكتب
ضابط شرطة
أو أنتَ الفأرُ
الساكنُ فى شِقِّ جدار
تتلصصُ كى تسرقَ
شيئا تأكلهُ
لاتجد سوى حشرهْ
تتقززُ منها
تتصور أنك كنت المجرمَ
أو كنتَ السجَّانْ
هل أحصيتَ الحالات الخاصة
والعامهْ ؟
هل أحصيت العالم
من حولك ؟
كلَّ الحالات وكل الأشكال
وكل الأجناس
من الطير
من الحيوان
من الزرع
من الإنسان ؟
كان من الممكن
أن تصبح وحشا
أو شيئا
أو حيوانْ


لو لم يكن أبوك جاء
ماكنتَ جئتَ أنتْ
فى لحظة خرجتَ
من إسار ماشُكِّلْتَ
ما ارتديتَ عبرالوقت
حالتكْ
فصرتَ أنتَ
مثلَ أنتْ

هب أنك الآن بظل نخلةٍ
على ضفاف نهر النيل
ساعة الأصيل
يمامةً
بعشها الفقير تنتظرْ
إلفاً يجىءُ فى الزمانِ
أو يظل غائبا
تبكى زمان الوصل
دفءَ عشها
وفرقة الأحباب من ديارها
أكنتَ تستقرُّ ؟
والظلالُ حول عشكَ الفقير
فى ارتحال ؟
وكل من يمر فى المكان
يحمل الظل ويسكن البعيدْ
وأنت فى الحياة لاوجود
نقطةٌ هباءةٌ
على خط الزوالْ ؟


ماذا تريد أن تقول ؟
ـ أريد أن أقول
إننا نعذب النفوس بانتظار
أن نحقق المحال
نمضى بغير قدرة
ولا احتمال
خذ لحظةً
وانظر لما يدورحولها
ومايصير
فى بواطن الأمورْ
فبينما تكون أنت فى الطريق سائرا
فى نفس هذا الوقت
من توقفت خطاه
ومن أتى للحظة ثم رحل
وبينما تتيه فى الطريق
باحتضان طفلتكْ
هناك أم طفلة تبكى اختطافها
على يد المنون
هناك من يعذبون
فى غياهب السجون
هناك من يقتله الجنونُ
من مرارة الألمْ
من دائه الذى ألَمْ
وعنده الأموال والرجال والحشمْ
أو عنده الشقاء والبلاء
والعدمْ
فهل ترى تأخذهم
وتأخذ الألم ؟


وبينما تعيش لحظة للحرب
فى التلفاز
يعيشها بين سعير الهول
الجندُ فى ضراوة القتال
أنت نائمٌ منعَّمٌ على الفراش
والفراش ناعم وثير
وتحت كومة من الرماد
يرقد الأبطال
والأطفال والنساءْ
وأنت غارق فى الوهم
نائم على السرير
فى بلادهْ
تحسب أن العمر دون الحس
قمة السعادهْ
تقول مالنا ومالِهذه الحروبُ
والكروب
لاخير إلا فى الهروب
والبعد عن مواطن الردى
عبادهْ
وموتك الأكيدُ قادمٌ
تراه واقفا بباب حجرتكْ
فأكرِم الوِفادهْ


سحابةٌ كبيرهْ
تشتتت فى الريح
قطعا صغيرة
فى لحظة تبددت
لكنها من حزن عالمى
تجمعت فى غيمة
فأدمعت
وأسقطت فى الجدب
زخَّةً أمطارها غزيره
على رصيف عالم
يموج بانتظاره المواكب الشريرهْ
وأنت واقف
تراقب انتثار الدمع
من سمائنا المنيرة
تبكى السماء حالنا
بأدمع السريرهْ


هبك خرجت من دائرة
تحيط بكْ
لعالم تعددت رؤاه
والرؤى كثيرة
فى هذه الحياة
وأنت أنت
غير أن مشهد الحياة
لم يظل مثلما تركتهُ
فهل تراك أنت أنت قبلهُ
وبعدما تركتهُ ؟
لا لست أنتَ
ربما تكون الشاهد الوحيدَ
فى قضيتكْ
أو فى القيود داخل الزنزانهْ
وغارقا بالفكر
فى بلِيَّتِكْ
إضافةً إلى الإهانهْ
أو جالسا مقهقها
برفقة الصحابْ
تشيعون وقتكم بالشاى والدخانْ
أو تنشدون فى الطريق
أو تقتلون وقتكم
باللهو والتحديقْ
فى مصائب الزمان


محمد السيد ندا غير متواجد حالياً