عرض مشاركة واحدة
قديم 10-11-08, 12:14 AM   #9

زهرة الأوركيد
 
الصورة الرمزية زهرة الأوركيد

? العضوٌ??? » 59088
?  التسِجيلٌ » Nov 2008
? مشَارَ?اتْي » 162
?  نُقآطِيْ » زهرة الأوركيد is on a distinguished road
افتراضي


-2-


كان غريغ دوننغ يقف على بعد خطوات قليلة منهما ، و يرتدي بنطلون و قميص أبيض ، لا يبدو عليه أي أثر للحر ، فهب جونثان واقفا يترنح .
"سيد دوننغ ، يا لها من مفاجأة ، أيمكنني أن ادعوك ،أقدم لك... ".
"التاكيلا؟" قاطعه غريغ " شكرا أنا لا أشرب الكحول في النهار ، و خاصة في الحر من الأفضل تجنب هذا النوع إذا كنا نتمى الحفاظ على وضوح التفكير ".
بهذه اللحظات احضر الخادم طلبات جونثان و زجاجة مياه معدنية .
"ألن تشربي أنت أيضا التاكيلا؟" سألها غريغ بلهجة حازمة .
لم ترغب فرجينا باخباره أن جونثان طلب التاكيلا ضد إردتها و لكن لماذا يجب عليها أن تلتق بغريغ دوننغ في مثل هذه الظروف السيئة ؟ فسكبت كوب ماء و شربته بسرعة .
"كنت سأموت من الظمأ " ثم نهضت " أريد الآن أن أزور المدينة سنلتقي في كيرنفاكا ، جونثان سأعود وحدي ".
"آه حسنا" أجابها بخيبة "لم يكن الباص مريحا ، و لكن بإمكاننا إيجاد باص أفضل منه للعودة... ".
"لا ، لا تنتظرني جونثان " و كانت غاضبة منه ، و لو علمت أنها لن تراه من جديد لما اهتمت أبدا له .
و بعد أن حيتغريغ دوننغ بإشارة من رأسها ، ابتعدت باتجاه السوق ، وكان السوق يغص بالبائعين و بالمحلات التي تعرض أثوابا زاهية الألوان ، وتحف و مطرزات و لوحات... و لكن للأسف تبدد فرح الفتاة و رغبتها بزيارة هذه المدينة ، و عندما أمتد ظل بجانب ظلها على الرصيف ، لم تكن فرجينا بحاجة لرفع عينيها لمعرفة من الذي انضم إليها .
"أنا آسف لأنني افسدت لقاءك الحميم " قال لها غريغ دوننغ .
"لم يكن ذلك لقاء حميما " أجابته و هزت كتفيها .
"كان جونثان يضمك إليه جيدا... ".
فنظرت إليه بطرف عينها ، أيكون يغار من جونثان؟ لا ، مستحيل ، و لكن أليست هي تغار من روزا ؟.
"جونثان زميل فقط" أجابته بجفاف.
"كان يبدو أنه على وشك تقبيلك ".
"لقد شرب كثيرا اليوم و لم يكن يدري ماذا يفعل ".
"لو نتكلم قليلا عنك ؟". "عني أنا؟ ليس هناك ما يقال " أجابته بدهشة .
و كانت الهيبة و الوقار تنبعثان من غريغ فلم يجرؤ أحد من الباعة على التحرش بها كما فعلوا عندما كانت تمر منذ قليل بالسوق .
"من الغريب أن نلتق هنا " قالت له فجأة .
"أنها مدينة صغيرة ، و كنت متأكدا أنني سأجدك " ثم صمت قليلا و اضاف " كنت أبحث عنك ".
" تبحث عني ؟" سألته و كأنها لا تصدق أذنيها .
"نعم ، ألم تقولي لي أنك ستزورين تاكسكو اليوم ؟ فاختصرت لقائي بالوفد الأمريكي بسرعة ، و فور خروجهم أتجهت إلى تاكاسكو ...".
"لكي تنضم إلي ؟".
"طبعا".
"ولكن... " و لم يكن بإمكانها قول المزيد ، إذا هي تعجب غريغ دوننغ حتى يتبعها إلى هنا ؟ هذا الانجذاب متبادل... يكفي النظر إليها حتى تشعر بأن الدم يسري بسرعة في عروقها ، و بجانبه تشعر بأنها حية... و أكثر أنوثة ، إذا هو يريد أن يرمي شباكه عليها؟ و روزا؟ و فجأة توقفت و نظرت إليه و عقدت حاجبيها .
"ماذا فعلت لأستحق هذه النظرة العابسة ؟" سألها ضاحكا .
"هل جئت وحدك ؟".
"بالتأكيد".
"هل تعلم روزا بأنك في تاكسكو؟".
"لا تكلميني عنها " و بدا عليه نفاذ الصبر.
"قد تتبعك إلى هنا ".
"أكان يجب أن تأتي في ذلك اليوم بنفس اللحظة التي كنا بها على وشك... " و ترك جملته معلقة ، ماذا كان سيقول ؟فغضبت فرجينا كثيرا ، يبدو أنه يعتبرها فتاة رخيصة .
"فلتذهب روزا إلى الجحيم " قال بحدة ثم اضاف بصوت منخفض " هذا اليوم هو لنا ، لنا نحن الأثنان فقط ".
أرتعشت الفتاة ، أوه كم من الجميل لو تترك نفسها للذة هذه اللحظات ... و لما لا؟ هنا في وسط المدينة المزدحمة ، لا يوجد أي خطر عليها و عندما أمسك يدها لم تمانع ، مع أنه وجد عذرا لذلك .
"لا أريد أن أفقدك في هذه الزحمة ".
و تابعا جولتهما في السوق إلى أن وصلا إلى ساحة كبيرة .
"ما رأيك لو تنناول الغداء الآن ؟ ألا تشعرين بالجوع ؟".
"نعم".
"أنا أعرف مطعما رائعا على بعد بضعة كيلو مترات من المدينة ".
بضعة كيلو مترات ؟ لن أخشى شيئا لا يبدو أن غريغ رجل يستغل فتاة ضعيفة ، و لكن للحقيقة لم تكن فرجينا تخاف منه ، إنما كانت تخاف من نفسها ، فإذا حاول غريغ إغرائها ، فهل ستملك الشجاعة لمقاومته ؟..
أسرع سائق سيارته الرمادية ليفتح لهما الأبواب ، و كان الجو داخل السيارة منعشا ، لأن السائق كان يدير مكيف الهواء ، و ما أن دخلا إلى المطعم حتى أسرع مديره و الخدم و التفوا حول غريغ ، كانوا بالتأكيد يعلمون من هو و أرشدهما المدير إلى أفضل طاولة لديه .
"يبدو أنك معروف جدا في تاكسكو".
"نعم " أجاب بكل بساطة "أنا أحب هذه المدينة كثيرا ، و كلما جئت إلى كيرنفاكا ، أستغل الفرصة و أزور تاكسكو... ".
"مع روزا؟" سألته لأنها لم تستطع منع نفسها من طرح السؤال الذي يقلقها ، ولكنه أكتفى بأن هز كتفيه ، ففهمت فرجينا أن لا أهمية لروزا في حياته ، تناولوا طعام الغداء ، و طلب غريغ نبيذا أبيض...
"قلت أنك لا تشرب الكحول في النهار" قالت له مبتسمة .
"كأس أو كأسان من الخمر لا يضران مع الطعام ، و لكنني لا أشرب التاكيلا ، في أشد ساعات النهار حرا ، كما يفعل صديقك جونثان ".
ثم وضع يده على ذراعها فارتعشت لهذه الملامسة التي هزت مشاعرها .
"أنا سعيد جدا لأنني وجدتك ، كان من حسن حظي أنني فور وصولي إلى الكنيسة لمحتك ".
"و كنت تبحث عني حقا".
"نعم كما سبق و قلت لك ".
لم تصدق الفتاة كل كلامه ، و لكن أليس من الجميل أن يهتم بها قليلا ؟.
"أتريدين أن تعودي إلى كيرنفاكا برفقة جونثان ؟" سألها غريغ.
"لن أكرر تجربة الصباح ، و لا بأي ثمن ، تصور أننا قضينا ثلاث ساعات و نصف في الطريق " و روت له كل ما حدث في الطريق ، فضحك غريغ كثيرا.
"هذه المفاجآت تحصل كثيرا في المكسيك ".
"لا أعتقد أن مفاجآت من هذا النوع تحصل معك ، سيد دوننغ ، خاصة و أنك تملك سيارة مرسيدس و سائق خصوصي ، وهكذا لن تضطر لركوب الباص ".
"أرجوك ، فرجينا ناديني بإسمي فقط ".
"و لكن... ".
"ولكن ماذا ؟" و أشرق وجهه بإبتسامة مرحة .
"أنت مدير فنادق الفايف ستارز ، وأنا مجرد متمرنة بسيطة اللياقة... ".
"أنت رائعة عندما تتكلمين عن اللياقة" أجابها ضاحكا .
أنهيا غدائهما بتناول جوز الهند قبل أن يعودا للتجول في شوارع المدينة ، و اصطحبها غريغ إلى محل حيث يعمل فنانين على صياغة الفضة .
"أنهما أفضل من يعمل بالفضة في هذه المدينة " قال لها غريغ ، فأخذت تتأملهما بذهول و هما يذيبان الفضة و يصنعان منها الحلى.
"أريد رؤية ذلك العقد " قال غريغ للبائعة و أشار إلى عقد فضي .
"ما رأيك به؟" سألها.
"أنه رائع حقا ".
"أنه لك أنت ".
"أوه أنا... لا يمكنني أن أقبل هدية مماثلة " أجابته بحزم .
"فرجينا دعيني أقدمه لك ، يبدو و كأنه خلق لك أنت ".
"أنه يكلف ثروة سيد دوننغ ، و... ".
"غريغ أرجوك".
"أنه يكلف ثروة غريغ ... أنت تعلم إنني لا أملك ثمنه... " و كانت تعلم أنه غني جدا ، و أن ثمن هذا العقد ليس مهما بالنسبة له.
"لا أريده" اضافت بإصرار.
و دون أن يستمع لاعتراضها وضع العقد في عنقها ، فارتعشت عندما أحست باصابعه تتأخر على عنقها .
"أنه يناسبك كثيرا " ثم جذبها نحو المرآة " لا تقولي لا ، فرجينا و إلا سأشعر بالخيبة ".
"غريغ... ".
"ستحتفظين به ، هذا أمر " و اضاف مبتسما " منذ متى و الموظفين في دوننغ فايف ستارز يرفضون إطاعة أوامر مديرهم ؟".
"ماذا يجب أن أفعل الآن ؟" سألته بخجل و هي تتحسس العقد " ماذا يجب أن أقول ؟ شكرا غريغ على هذه الهديه الرائعة " ثم ابتسمت و أضافت : " سأحتفظ بها إلى الأبد ".
"يجب أن استعلم عن مواعيد الباص " قالت فرجينا و هي ترى باصا يمر أمامها .
" أتمزحين ؟" صريخ غريغ ، " سأعيدك بنفسي ".
هذا بالفعل ما كانت تتمناه دون أن تجرؤ على تصديق ما سمعته .
"لا يبدو أن جونثان سيعود باكرا إلى كيرنفاكا ".
"لماذا تقول هذا ؟".
"ألم تريه صديقك جونثان ؟".
"أنه ليس صديقي أنه مجرد زميل ".
"أنظري إليه ".
"أين؟".
"هناك في زاوية الشارع ".
و أخيرا رأته يجلس على الرصيف برفقة شبان متسكعين .
"لكنه يبدو مريضا" قالت فرجينا بقلق .
"أنه ثمل فقط ، لا تشفقي عليه ، يستحق ذلك ، أنه ليس بالرجل الجدي ".
شعرت فرجينا بأنها مضطرة لمساعدة زميلها .
"كان كطلاب الجامعة و يمكن مسامحته على بعض أخطائه التي يرتكبها في أوقات فراغه".
"لا تحاولي إيجاد عذرا له ، أنا أراه جيدا ، و أنت تعلمين و عادة لا احتاج لوقت طويل لكي أحكم على رجل ، أتعتقدين أنني لم ألاحظ خططه ؟".
"أية خطط؟".
"قبل أن يعلم بوجودي في البوسادا ، لم يكن يعمل أبدا ، و ما أن علم بأنني موجود بدأيحاول كل جهده لكي ألاحظه ، أنا لا أحب هذه الطرق المخادعة ".
مسكين جونثان ، إذا غريغ أدرك ألاعيبه بسرعة ، و هو يظنه ماكرا ، و هذا أنقلب ضده ...
و كان جونثان يستند على الحائط و وجهه شاحب فهمت فرجينا بالاتجاه نحوه ، لكن غريغ منعها .
"آه لا ، لن تهتمي بهذا السكير ".
"و لكن... ".
"إذا أنت متمسكة به؟" و رمقها بنظرة قاسية مليئة بالاتهام ، فاحمر وجهها .
"ليس الأمر كذلك ، إنه صديقي... و لا أريد أن يصيبه مكروه ".
"صديقك إذا؟".
"أنه مجرد زميل... " و ازداد احمرار وجهها .
"لن يصيبه شيء قد يتعرض فقط للسرقة ".
"و كيف سيعود إذا ؟".
"هذه مشكلته هو ".
"أنت... لا انساني" أجابته غاضبة .
"لا انساني ؟ لم يكن ينقص إلا هذا " أجابها بسخرية .
"أنا آسفة لم اكن أقصد... ".
"لا فرجينا " أجابها بلطف " أنا لست لا انسانيا ، لكنني لست غبيا ، لا تقلقي عليه ، سيجد طريقه إلى البوسادا " فتبعته الفتاة رغما عنها إلى المرسيس ، وكانت الشمس بدأت بالمغيب .
"لقد تأخر الوقت يجب أن نفكر بالعودة ... ".
"نعم... ألن نأخذ جونثان معنا ؟".
"بالتأكيد لا ، لا أرغب بمرافقته".
أدركت فرجينا أنها لن تتمكن من إقناعه ، فلم تلح أكثر ، وجلست قرب غريغ تتأمل أنوار المدينة تختفي شيئا فشيئا .
و بعد ساعة واحدة وصلا إلى كيرنفاكا ، و عندما رأت البوسادا ، أحست أنها تعود بعد سفر طويل ، مع أنها غابت مدة أثنتي عشرة ساعة فقط .
"يجب أن أشكرك " قال لها غريغ و هما ينزلان من السيارة " كان نهارا رائعا ".
"شكرا لك أيضا على هذا العقد لم يكن يجب أن... ".
"أرجوك ، لن نعود لهذا الموضوع " و سارا نحو الفندق .
أحست فرجينا بأنهما مراقبان ، فرفعت نظرها إلى الأعلى فرأت روزا تقف أمام نافذة في الطابق الأول و تنظر إليها نظرات جعلتها ترتجف .
"أتشعرين بالبرد؟" سألها بدهشة .
"لا للحقيقة ... ".
فتبعت نظراته نظراتها .
"آه" قال و بدا عليه الإنزعاج لكنه أحاط خصرها بذراعه و أتجه بها نحو الأشجار و كأنه يسعى لإثارة غيرة روزا أكثر ، و بالتأكيد كانت روزا تنظر إليهما ، و هي تعلم أنهما يسلكان طريق الفيلا ، ماذا ستظن الآن ؟.
و كانت الحديقة مظلمة ، فأخذ قلب الفتاة يدق بسرعة ، و عندما ضمها غريغ إلى صدره لم تقاومه ، بل أغمضت عينيها وتنهدت .
"أوه غريغ ".
"فرجينا يا جميلتي ... " و كان وجهاهما قريبين ، فاقتربت أنفاسهما ، و بنفس اللحظة التي التقت فيها شفاههما ، عاد إليها وعيها ، فوضعت يديها على صدره و أبعدته بكل قوتها .
"فرجينا ؟" همس بدهشة .
"لا" أجابته بصوت ضعيف .
"لا؟" و تأملها جيدا .
و كانت تعلم أنه ليس معتاد على مثل هذا الصد .
"لما لا فرجينا ؟".
فبلعت ريقها و حاولت بيأس أن تجد تفسيرا مناسبا .
"أنا لا أفهم " قال و قد عقد حاجبيه " أنت تشعرين بانجذاب نحوي أشعر بذلك " و كان لا يزال يمسكها ، و كان بإمكانها الابتعاد عنه بسهولة ، لكنها لم تجرؤ على ذلك ...
"و أنا أيضا أشعر بانجذاب نحوك " اضاف بلهجة صادقة .
"غريغ... ".
"إذا ، لما لا ؟ ".
"أنا أعرف سمعتك... ".
"سمعتي؟" و أشرقت ابتسامة على شفتيه الرقيقتين .
"هكذا إذا ، إشرحي كلامك أكثر ".
"أنت شاب لاه ، اليوم مع فتاة ، غدا مع أخرى... ".
"آه؟ و لكن من أين علمت كل هذا ؟ ".
"من الصحف... ".
"الصحف تروي أي شيء ، و لا يجب تصديق كل ما تنشره " و كان يمزح .
ألا يفهم أنها تتكلم جديا ؟.
"غريغ".
"نعم يا عزيزتي ".
"أنا لست إمرأة تسعى لمغامرة بدون غد ".
"و من قال لك إنني أفكر بذلك ؟" و ضمها إليه أكثر " لا تكوني دائما هجومية أنت تعجبينني فرجينا... ".
رائع جدا أن تسمعه يقول ذلك ، و الأكثر روعة أن يناديها عزيزتي ، و لم تقوى على الابتعاد عنه ، و لكن لماذا تقاومه ؟ باسم أية مبادئ ؟ و كانت النجوم بدأت تتلألأ في السماء المظلمة ، والقمر يبتسم لهما ، و موسيقى تصل إليهما .
"كل حياتي سأذكر هذه اللحظات الرائعة " وعدت فرجينا نفسها ، و اغمضت عينيها و قدمت إليه شفتيها ، فالتصق بها ، و كانت نفس الرغبة تجتاحهما ، و عندما تلامست شفتاهما ، أرتعشت الفتاة و دهشت بهذا الاحساس الرائع ، ثم تنهدت و استسلمت لعناقه .
دس غريغ يديه تحت بلوزتها القطنية و داعب ظهرها بلمسات بطيئة جعلتها تعلن عن سعادتها بتنهدات خفيفة ، و عندما تجرأ أكثر نسيت كل شيء ، ونسيت الحذر و الخوف ، و لم يعد هناك أهمية لأي شيء آخر غيرهما... فرجينا و غريغ .
"أنا أحبه " فكرت بسعادة نعم هي تحب هذا الرجل و ستبقى تحبه حتى آخر أيام عمرها .
"غريغ أين أنت ؟".
ابتعد غريغ عن فرجينا رغما عنه عندما سمع صوت روزا .
"هي أيضا ؟" قال بإنزعاج شديد و ترك الفتاة تترنح كالثملة نعم ، أثملتها الرغبة ، و الآن أثملها الغضب و الخوف...
"غريغ ، غريغ " استمرت روزا بمناداته .
و كانت لا تزال تقترب ، إذا رأتهما بهذه الحالة ، كيف ستكون ردة فعلها ؟ و تذكرت فرجينا كلام كورال " لا أريد أن أكون عدوتها ، أنها تستطيع أن تخنقني ، و خلف قناعها الجميل تختبئ حية شرسة... ".
"إلى اللقاء غدا يا حبي " همس بأذنها ثم ركض كالكلب الصغير الذي لا يملك ذرة كرامة .
دون أن تلتفت وراءها هربت فرجينا على رؤوس اصابعها ، و الدموع تتلألأ في عيونها ، لقد عاشت وهما أعتقدت بالمستحيل ، و آمنت بالمعجزات ، و فجأة تهدم كل شيء كقصر من الرمال ، و وصل صوت روزا إلى مسامعها .
"غريغ ، آه ها أنت أخيرا كنت أبحث عنك في كل مكان أين كنت ؟".
قضت فرجينا على شفتها السفلى ، إذا روزا تملك الحق لمطالبته بتقديم تقريرا لها عن قضاء أوقات فراغه ؟ و ها هي تتبعه الآن إلى الفيلا ، و ستكون هي من سيقبلها و يداعب جسدها... و بين ذراعيه ، هي روزا من ستقضي الليل .
أسرعت فرجينا إلى غرفتها و أقسمت أن لا تستسلم مرة ثانية لسحر غريغ دوننغ دون جوان العصر...
هذه الليلة لم تنم فرجينا أبدا ، مع أنها كانت متعبة بعد هذا اليوم المتعب و المرهق بانفعالات ، و تقلبت كثير في فراشها ، وهي تفكر بهذه المشكلة التي وقعت فيها .
و عندما طلع الفجر ، كانت قد استنتجت أن حبها لغريغ لن يكون له أي مستقبل ، رجل مثله قادر على اختراق قلوب كل النساء ، و هي ليست من خشب ، هي تلك المتمرنة البسيطة تمتعت بقضاء يوم كأنها ملكة ، سيارة و سائق خصوصي ، غداء في أرقى المطاعم ، هدية رائعة ، و أنهت نهارها بقبلات رائعة و لمسات ساحرة ، كيف يمكنها أن لا تتأثر بكل هذا ؟.
"عندما سأراه من جديد ، سأفهمه أنني فقدت عقلي مساء أمس ، و لقد استعدت صوابي اليوم ... ".
و كان الوقت لا يزال باكرا ، و لكنها أدركت أنها لن تستطيع النوم أبدا ، فنهضت و دخلت إلى الحمام و ظلت طويلا تحت الدوش ، ثم لفت جسدها بمنشفة بيضاء كبيرة ، وسرحت شعرها ، وارتدت ثوبا من القطن ، و تأملت نفسها في المرآة بسخرية و هزت كتفيها .
"عاشقة أنت؟" قالت لنفسها بتحد "أتحبين غريغ دوننغ؟ ساذجة أنت... إلى أين سيوصلك هذا ؟ أنا أسألك اجيبي اتريدين أن تكوني رقما جديدا في مجموعته ، لكي يستبدلك بأخرى بسرعة... لا تتوهمي كثيرا ، ما أن يحصل على ما يرغب به سيقول لك شكرا و وداعا حان دور التالية".
أما مع روزا ، فهذا سيدوم ، فهي تملك الكاريب أوتيل ، و بالنسبة لغريغ دوننغ ، الفايف ستارز أولا .
عندما خرجت من غرفتها كانت الساعة لا تزال السابعة و البار و الحوض كانا خاليين ، ففضلت شرب قهوتها في الهواؤ الطلق مع الكرواسان، فجأة سمعت حركة خلف الأشجار ، فالتفتت و رأت خيالا ، فعقدت حاجبيها بدهشة ، كيف يجرؤ لص متسكع على الدخول إلى هنا ؟ قد يكون أغتنم غفلة الحرس اقترب الرجل منها و هو يجر أقدامه جرا ، و فجأة تعرفت عليه أنه جونثان و كانت ذقنه لا تزال طويلة كالأمس تماما ، لكن قميصه الأخضر الفاتح أصبح أسود ، و كذلك بنطلونه وحذاؤه الرياضي و كأنه لم يستحم منذ شهور...
"جونثان" صرخت بذهول "و لكن من أين تخرج أنت ؟".
"لقد وصلت لتوي من تاكسكو" و رمى نفسه بقربها .
"أوه قهوة " و صفر بين اصابعه مناديا على الخادم . تأمله الخادم وجحظت عيونه .
"سنيور جونثان... ".
"أرحمني ، و لا تكلمني ، كل ما أريده فنجان من القهوة فقط ".
"جونثان إنك في حالة غريبة " قالت له فرجينا .
"لو لم تتح لك الفرصة لتبديل ملابسك و للاستحمام خلال أربعة و عشرين ساعة لكنت في مثل حالتي ".
"لماذا قضيت الليل هناك ؟ لماذا لم تعد مساء أمس ؟ هل نمت في فندق ؟ كيف وجدت باصا في مثل هذا الوقت المبكر ؟".
"لقد عدت بسيارة تاكسي " أجابها بنظرات اللوم "لم يكن لطيفا منك أن تتركيني بالأمس".
"اسمع جونثان ، أنا... ".
"أنا أعرف أن هناك فرق كبير بيني و بين غريغ دوننغ ، و أنت لست غبية لتفوتي مثل هذه الفرصة ".
"جونثان".
"لقد عدت معه ، أليس كذلك ؟ كيف أنتهى نهارك ؟ أخبريني"
"أنت وقح جدا ".
"أنت كالجميع تفكرين أولا بنفسك ، و بمهنتك و راحتك ، ما الغرابة في ذلك ؟".
فنهضت و كانت غير قادرة على الأعتراف ، لكنها بدأت تتضايق كثرا من جونثان .
"إذا لم يسرق أحد نقودك ، طالما استعطعت أن تنام في فندق و تعود بسيارة تاكسي ".
"أوه لقد قضيت ليلتي في السجن يا عزيزتي ".
"إنك تهزأ بي ، جونثان؟".
"لا أبدا ، لقد رموني في السجن لأنني بعد أن شربت كثيرا أحدثت فضيحة في الشارع و أزعجت جميلات المكسيك ". ثم ضحك بسخرية و اضاف " لم أعد أذكر ماذا فعلت بالتحديد ".
"فس السجن؟ أنت؟".
"و في الصباح طردوني ".
"أوه ، جونثان إذا علم غريغ دوننغ بذلك... ".
"لن يعرف شيئا فهم لم يسألوني حتى عن أسمي ".
يبدو أنه يجد هذه التجربة مضحكة .
"يجب أن تنتبه لنفسك ، لقد وصلت لمرحلة خطيرة..." قالت وهي تهزه بكتفيه .
"أسمعوا صوت العقل " أجابها ضاحكا .
"أنك تضحك من كل شيء ، ولكن ذات يوم سينقلب كل شيء ضدك ، أتعتقد أن غريغ لم يفهم ألاعيبك ؟ إليك هذه النصيحة أنتبه و تجنب أن يراك أحد... " أنحنى جونثان فجأة و داعب شعرها بحنان .
"لا تقلقي من أجلي ، فأنا قادر على التصرف وحدي ، حتى لو رماني غريغ دوننغ خارجا فأنا سأجد فنادق أخرى غير الفايف ستارز ، أما أنت فغريغ دوننغ يمثل العالم كله بالنسبة لك ، لقد حان دوري لأحذرك يا جميلتي " و ضمها إليه وطبع قبلة على خدها .
"الأفضل لك أن تكتفي بجونثان هذا " اضاف ضاحكا .
"أنك متسخ كثيرا " و تركته و أتجهت إلى مكتب الاستقبال ، دون أن تأكل الكرواسان ، لقد قطع ظهور جونثان المفاجئ شهيتها .
كان غريغ يقف في أعلى السلم و عندما رأته أحست بقلبها يخفق بسرعة ، ولكن عندما لاحظت نظراته القاسية ، أحست بأن قلبها سيتوقف عن النبض ، لقد كانا قريبين جدا مساء أمس ، فلماذا هذه البرودة المفاجئة ؟.
"صباح الخير غريغ " قالت له بشء من الخجل .
"إذا عاد جونثان الغالي " قال دون أن يجيب على تحيتها ، " و أنت سعيدة جدا بالأرتماء بين ذراعيه ".
أحست الفتاة و كأنها تلقت صفعة قوية ، لقد رأى غريغ جونثان و هو يقبلها ، و أسرع باستنتاجات خاطئة .
"غريغ أنت مخطئ بالحكم علي من خلال الظواهر ".
"أنا لست أعمى ، بالأمس في تكسكو ، أعتقدت أنني كنت مخطئ عندما فاجأتكما في المقهى ، لكني للحقيقة كنت غبيا ".
"لا يوجد شيء بيني وبين جونثان لا شيء".
"أنا لا أصدقك ".
فغضبت الفتاة كثيرا .
"على كل حال ، لا يحق لك أن تحاكمني ، أنا حرة أليس كذلك ، وإذا طرحت عليك أسئلة حول روزا ، بماذا ستجيبني ؟".
"بأنه لا يوجد شيء بيني و بين روزا " أجابها بسخرية ثم ادار ظهره و ابتعد .
فتبعته بعونها الدامعتين ، نعم أنها تحبه ، فلماذا تخفي مشاعرها ؟.
لم تر فرجينا غريغ طوال النهار ، و في اليومين التاليين أيضا... بالتأكيد كانت تتجنبه ، و لا تظهر في الأماكن التي من الممكن أن يتواجد فيها ، حتى أنها لم تكن تتناول وجباتها في الفندق ، وكانت تأكل في مطعم في الشارع الثاني مع أنه لم يكن يقدم طعاما كالذي يقدمه مطعم البوسادا .
و انتقلت للعمل في قسم البيضات حيث من النادر أن يزور غريغ هذا القسم ، و لكنها اضطرت بعد ظهر هذا اليوم لمساعدة كورال في مكتب الأستقبال بدون حماس .
"أنا مشغولة جدا " قالت لها كورال ، سيرحل وفد بعد ربع ساعة ، و سيحضر وفد آخر بعد ساعة ، و لن أتمكن من إنهاء عملي ، و من غير المسموح به في البوسادا أن أدع الزبائن ينتظرون " جلست فرجينا قرب صديقتها .
"قولي لي ماذا يجب أن أفعل ".
وكانت تتوقع كل لحظة أن ترى غريغ يظهر أمامها ، و لكنه لم يظهر ، مع أنه عادة يبقى يتجول في كل الأتجاهات ، و لا يفوته شيء مما يحصل في الفندق .
قد يكون ذهب في رحلة ؟ إلى تكسكو مثلا ، مع فتاة أخرى بين ذراعيه ... أو إلى إحدى المناطق الريفية ، أو إلى قمة البريو البركان الذي يبعد حوالي خمسة آلاف متر ، يوجد أماكن عديدة في هذا البلد لقضاء رحلة جميلة .
"أين غريغ دوننغ ؟" سألت صديقتها " لم نره منذ أيام ".
"و لكنه رحل ".
"رحل... " كررت فرجينا بذهول .
إذا قصة حبها الجميلة أنتهت ، و غادر غريغ دوننغ الفندق دون أن يبالي بالقلب الجريح الذي تركه خلفه...
اضطربت الفتاة ، وحاولت جهدها أن لا تظهر خيبتها ، ماذا كانت تنتظر ؟ ألم تكن تعرف سمعته ؟ على الأقل من حسن حظها أنها لم تتورط معه أكثر ، و لو لم تناديه روزا في ذلك المساء ، لكان من المحتمل أن لا تتمكن من الصمود أمامه طويلا...
"رحل؟ و لكن ... و لكنه وعدني بأن يلعب معي التنيس يوم الجمعة ".
"أتعتقدين أنه لا يزال يذكر ذلك ؟" سألتها كورال و هي تهز كتفيها .
"أين هو الآن ؟".
"في أكابولكو ".
"أكابولكو ؟".
"يا لك من ببغاء لماذا تكررين كل ما أقوله ؟" سألتها كورال ضاحكة ، ثم عادت فجأة لجديتها .
"أنظري إلي ، فرجينا هكذا أفضل أن ... " لم تتمكن فرجينا من تحمل نظرات صديقتها .
"هل أنت... " فهمت فرجينا ما يجول بخاطر كورال .
"أنت مجنونة كورال ".
"أتعتقدين ذلك ؟".
"أنا أهتم بغريغ دوننغ ؟ شكرا أنا لن أتأثر أبد بدون جوان مثله ".
"أتمنى أن تكوني صادقة " أجابتها كورال بسخرية .
"أسمعي كورال... ".
"حسنا ، حسنا لن نتكلم بهذا الأمر ".
إذا غريغ موجود الآن في أكابولكو ، شاطئ الأحلام على ساحل الباسيفك حيث يملك عدد كبير من المشهورين فيلات رائعة ، لقد غادر غريغ دون أن يقول لها كلمة وداع ، هل ستراه من جديد ؟ فمدة تمرنها ستدوم لشهرين فقط ، و قد لا تسمح لها الفرصة برؤيته فهو لديه عدد كبير من الفنادق في كل أنحاء العالم تحتاج إليه...
للحظة فكرت بأن ترحل عن المكسيك كله ، و لكن الهرب ليس حلا أبدا ، و روزا؟ هل اصطحبها معه ؟ هذا ممكن لأنها لم ترها منذ أيام ، و كأن كورال فهمت تساءلها .
"لا بد أنه اصطحب روزا معه ، لأنها رحلت بنفس اليوم ".
انقبض قلب فرجينا و هي تتخيلهما في المرسيدس الفخمة يتنزهان على الشاطئ...
"هل سافرا بالسيارة معا ؟".
"غريغ لا يضيع وقته على الطرقات ، و هو لا يتنقل سوى بالطائرة ".
"إذا ترك المسيدس هنا ".
"لا تقلقي فرجينا ، سيجد سيارة أخرى تنتظره هناك مع سائقها ".
"و فيلا أخرى أيضا ؟".
"آه ، لا ، لا يملك فيلا في أكابولكو... ".
"مسكين... ".أجابتها فرجينا بسخرية .
"أنه يسكن في الطابق الأخير من فندق الأكوبولكو فايف ستارز ، في شقة رائعة تطل على الخليج ".
"هل ذهبت إلى هناك ؟ أدعاك ذات مرة ؟".
"لقد قضيت أسبوعا في أكابولكو أثناء تمرني ، وسمح لي المدير بأن أزور شقة غريغ هذا كل شيء أم أنك تعتقدين أنه كان يحق لي الاستفادة من غريغ دوننغ ؟".
"كنت أمزح معك... ".
"أنت غريبة اليوم ... لم أعد أعرفك... ألديك مشاكل ؟".
"ما هذه الفكرة ".
"يبدو عليك ذلك " ألحت كورال .
"أنه... صداع خفيف ".
في صباح اليوم التالي ، أنتقل الصداع إلى رأس كورال ، و لكنه لم يكن صداعا حقيقيا ، لقد عاد خطيبها بوب سترن إلى كيرنفاكا ، و أصطحبها ليلة أمس إلى أحد الملاهي و عادا في الساعة الخامسة صباحا ، وكورال الآن تلف رأسها بمنشفة مبللة .
"سيلازمني الصداع لساعات طويلة " اشتكت كورال " كم كنت غبية ، لقد شربت الكثير، و لم أنم جيدا " ثم وضعت يدها على جبينها و هي تتألم .
"يجب أن أخبر السيد مارتينيز لكي يجد من ينوب عني هذا اليوم ... ".
"لا تقلقي " قالت لها فرجينا " بإمكاني أن أهتم بمكتب الأستقبال ".
"يؤسفني أن أحملك أعباء عملي... ".
"لا تنسي إنني هنا لكي أتعلم ، كل شيء سيسير على ما يرام ، و إذا واجهتني مشاكل و صعوبات ، فسأتصل بالسنيور مارتينيز ".
"الذي سيسرع فورا لمساعدتك ، إنك تسحرينه ".
"كان يجب أن يسعدني ذلك ، أنه لطيف جدا ، لكنه ليس نوعي المفضل من الرجال ".
"أترغبين بأرمل عجوز و أصلع ؟"مازحتها كورال .
"لا أصدق أنك مريضة حقا " أجابتها فرجينا ضاحكة ثم اضافت " أرتاحي أنت ، كورال و لا تقلقي على مكتب الأستقبال ".
ثم تركهتها و أتجهت إلى مكتب الأستقبال حيث وجدت موظفا مكسيكيا ينتظر كورال .
"كورال لن تعمل اليوم ، أنها مريضة قليلا ".
فنهض الشاب و ترك لها مكتب الأستقبال و ابتعد ، و لمحت فرجينا إمرأة شابة يلتقط لها زوجها بعض الصور في بهو الفندق .
"لا بد أنهما سيحتفظان بهذه الصور في ألبوم شهر العسل " فكرت فرجينا بمرارة ، و انقبض قلبها ، أوه لماذا خطر ببال غريغ دوننغ أن يزور كيرنفاكا أثناء وجودها ؟ لقد نجح بتدمير توازن حياتها ، و سلبها كل فرحة بالحياة...
أقترب منها جونثان و هو يدخن سيجارة ، و كان كعادته يتسكع في كل مكان قليلا .
"أنت وحدك ؟".
"كورال مريضة ".
"مريضة جدا ؟".
"لا... " أجابته ضاحكة " أنه صداع بعد أن شربت الكثير من التاكيلا ، أنت مررت بمثل هذا... ".
"إذا أرتور مارتينيز القصير طلب منك العمل مكانها ؟".
"لا تناديه هكذا ، جونثان بإمكانك مساعدتي إذا اردت ".
"و لكني لا أريد ، أنت تعرفين مبادئي ".
"أنت لديك مبادئ ؟" سألته بسخرية .
"إيه نعم ، أنا لا أتعب نفسي إذا أمكنني تجنب ذلك ".
"أتساءل إلى ستقودك هذه المبادئ ".
"سنرى ذلك ، أيتها الأخت الواعظة " ثم طبع قبلة صادقة على خدها و ابتعد .
لم يكن غريغ دوننغ قد وجه إليه أية ملاحظة ، فعاد إلى كسله بعد أن فقد الأمل من لفت إنتباه مدير فنادق الفايف ستارز ، أما السيد مارتينيز ، فكان يتركه يلهو على هواه ، فاستغل جونثان ذلك بقضاء النهار قرب حوض السباحة أو في البار ، و من المؤكد أنه لن يعين في أحد فنادق الفايف ستارز ، و لن يهتم لذلك ، كما لا يهتم لأي شيء .
توقفت سيارة تاكسي أمام المدخل ، و اسرع البواب ليفتح باب السيارة .
"أنظري من وصل " قال جونثان بحماس .
جحظت عيون فرجينا عندما رأت روزا تنزل من السيارة ، و تناول النقود للسائق بتعالي و تقول .
"احتفظ بالباقي كله ".
فانهال السائق عليها بالشكر ، و أسرع يساعد البواب بإنزال الحقائب الجلدية .
تفحصت فرجينا دفتر الحجوزات ، فلم تجد اسم روزا موجودا فيه ، فتمنت لو تستطيع أن تقول لها بأنه لا يوجد غرف خالية ، و تساءلت كم ستمكث روزا في البوسادا ؟
فبالنظر إلى حقائبها لا يبدو أنها ستمضي نهاية الأسبوع فقط ، و قد تكون روزا من النساء اللواتي لا يتنقلن بدون حمل كل خزانة ملابسهن معهن .
"روزا يا لها من مفاجأة " قال لها جونثان و هو يسرع نحوها ، لكنها نظرت إليه باحتقار ، و لم تجبه بالتأكيد ، بالنسبة لها ، لا يستحق جونثان نظرة واحدة .
فنظر إلى فرجينا بطرف عينه ثم ابتعد ، وكانت فرجينا تتوقع أن تعاملها روزا باحتقار أيضا ، فقررت أن لا تنفعل ، ألا يجب على موظفة مثلها أن تتأقلم مع كل الظروف ؟.
و لكن دهشتها كبيرة عندما رأت روزا تبتسم لها .
"صباح الخير ... فرجينا ، على ما أعتقد ؟".
"نعم ، صباح الخير ، سنيورة ".
"نادني روزا فقط ".
فالتزمت فرجينا الحذر ، أتريد روزا أن تعقد سلما ؟ غريب .
"أهناك غرفة لي ؟" سألته روزا " أريد أن أقضي يومين في البوسادا " و لا حظت فرجينا أن أظافر روزا أطول من المخالب .
"أنا أعلم " اضافت روزا " كان يجب أن أتصل و أحجز مكانا ، و لكني لم أجد الوقت لذلك " ثم ضحكت و اضافت " عندما يتعلق الأمر بالمقربين من غريغ دوننغ ، أعتقد أن كل فنادق الفايف ستارز تصبح مفتوحة أمامهم ".
"الجناح الذي كنت تشغلينه آخر مرة أخلي اليوم ".
"عظيم ".
ترددت فرجينا ، و تساءلت كيف تسجل اسم روزا ، أتسجلها كزبونة أم كضيفة ؟ و كأن روزا فهمت ترددها فابتسمت .
" أنا أصر دائما على دفع بدل إقامتي في البوسادا ".
"آه " اكتفت فرجينا بهذه اللفظة .
"أنا لا أرغب باستغلال ضيافة أحد ، فوالدي أيضا يملك فندقا ، و أنا أعلم كيف يمكن لبعض الناس أن يكونوا استغلاليين ، و البعض لا يتردد في المجيء لقضاء إجازته في الكريب أوتيل أيضا ".
"هذه صحيح ، فأنت خبيرة في مجال الفندقية... ".
"و أرغب بزيادة خبراتي ".
"حقا ؟".
"نعم ، طالما إنني سأتزوج قريبا من غريغ دوننغ ".
شحب وجه فرجينا ، و أحست بأنها تلقت ضربة قوية على صدرها ، و ظلت روزا تبتسم لكن نظراتها كانت قاسية .
"حتى بعد أن أصبح زوجة غريغ ، سأدفع حساب إقامتي ".
يبدو أنها مصرة على غرز المسمار أكثر و أكثر ، حاولت فرجينا أن تخفي خيبتها و كانت تعلم أن روزا جاءت فقط لتعلن انتصارها ، و فرجينا لا تريد أن تترك لها فرصة لتعلم أنها نجحت في إيلامها .
"لك كل تهاني... ".
"شكرا فرجينا " و تلاعبت بسلسة حقيبة يدها الذهبية .
"أتمنى أن تبقي في الفايف ستارز ، بعد زواجي ، سنصبح صديقتين... ".
صديقتين ؟ يا للسخرية .
صعد الخادم بحقائب روزا ، لكنها لم تكن تبدو تريد أن تتبعه .
"أهذا الخبر فاجأك ؟".
"قليلا ".
"كانوا يعتقدون أنه لا يمكن لإمرأة أن تمتلك قلب غريغ دوننغ و لكن كما ترين ، أنا نجحت في ذلك ".
أنها تكذب ، فكرت فرجينا فجأة ، من المستحيل أن يربط غريغ حياته بإمرأة مدعية و شريرة مثل روزا .
"ألم تعلمي إلا الآن ؟" سألتها روزا من جديد .
"لا ".
"غريب ".
"أنا لا أتابع أخبار غريغ دوننغ " فوضعت روزا يدها على مكتب الأستقبال .
"أنظري " و أشارت إلى خاتم يلمع في اصبعها ، تعلوه حبة كبيرة من الألماس .
و بدون وعي منها ، وضعت فرجينا يدها على عقدها الذي يبدو بسيطا جدا أمام هذا الخاتم الثمين .
"أقدم لك كل تمنياتي بالسعادة " نجحت فرجينا بالقول ، و كان الحزن يلتهم قلبها ، و هكذا لم يعد لديها أي أمل...
و لكن ألم تكن تعلم ذلك ؟ حتى عندما أعتقدت بوجود المعجزات.. لقد جاءت روزا و مزقت أحلامها ، و بجهد كبير اضافت متعلثمة
"غريغ... غريغ يدللك...".
أوه ، لو يأتي زبائن لأنقاذها من هذا الموقف و للأسف لم يأت أحد ، و اضطرت للاستماع لثرثرة روزا .
"و أنا سعيدة ، سعيدة جدا " أكدت لها روزا .
ألن ينتهي هذا الكابوس .
"ألم تكوني تعلمي حقا فرجينا ؟" سألتها روزا من جديد .
"و كيف كنت سأعرف ؟".
"ألم تقرأي الصحيفة ؟".
"لا... أية صحيفة ؟".
"النيوز ، الصحيفة الإنكليزية التي تصدر في المكسيك " ثم فتحت حقيبة يدها و تناولت الصحيفة .
"يجب أن أريك إياها ، أنظري إلى الصفحة الثانية عشرة " ثم ضحكت و أضافت " صفحة الأقاويل ".
فتحت فرجينا الصحيفة بيد مرتجفة و بفضول بنفس الوقت ، و فورا لفت نظرها ، صورة لغريغ و روزا يجلسان في أحد المطاعم... و كانا يبتسمان و يرفعان كأسين من الشمبانيا ، و خلفهما تعزف فرقة موسيقية مشهورة .
"ثنائي اليوم " أعلن عنوان كبير ، تمنت فرجينا أن تمزق الصحيفة ، وتدوسها... لكنها بدأت تقرأ المقال و قلبها يدمي...
"لقد علمنا أن غريغ دوننغ مالك سلسلة فنادق فايف ستارز قرر الزواج ، و سعيدة الحظ ليست سوى الفاتنة روزا غيريرو ، و كما يبدو في الصورة ، الخطيبان سعيدان في مطعم الأكابولكو ، و ستصبح روزا السيدة دوننغ ، أليست هي أيضا أبنة صاحب فندق الكاريب الشهير ؟ غريغ دوننغ كان ينوي شراء هذا الفندق منذ زمن طويل ، لكنه ليس بحاجة لأستعمال دفتر شيكاته ، فخطيبته ستقدمه له كهدية لزواجهما ".
الكاريب أوتيل ، إذن هذا هو السبب الذي من أجله سيتزوج من أجله سيتزوج غريغ من روزا ، و اخفضت وجهها ، لا لن تبكي و لن تدع روزا تفرح ببكائها .
رحلت روزا بعد أن قضت يومين في البوسادا ، و كانت فرجينا متأكدة أنها لم تأت سوى لإعلان انتصارها فقط .
و كانت قد قرأت تلك الصحيفة أكثر من عشرين مرة ، و تأملت الصورة لساعات طويلة ، و حاولت أن تتبين و تفهم ملامح غريغ ، لقد ألتقطت لهما هذه الصورة في أكابولكو ، إذا هناك طلب يد روزا للزواج ، في ذلك المطعم قدم لها خاتم الألماس ، الخاتم الكبير ، ثم وقفت أمام المرآة تلوم نفسها .
"الغيرة هي التي تجعلك تكلمين نفسك ".
و أخذت تعد نفسها للسهة بدون حماس ، و تركت شعرها مسترسلا على كتفيها ، و ارتدت ثوبا مكسيكيا ، اشترته من المدينة .
"ايعجب غريغ لو رآه ؟" تساءلت أمام المرآة .
"لا فرجينا كفى " أجابت نفسها و تلألأت الدموع في عينيها .
لم يكن يجب أن تكون غبية و تتعلق بغريغ ، و كانت تعلم أن التعيسات اللواتي لم يتمكن من مقاومة سحره يعضون الآن مثلها اصابعهن ندامة .
ثم تناولت العقد الذي قدمه لها لتضعه ؟ لا ثم تنهدت و أعادته إلى الجارور ، وتذكرت اليوم الرائع الذي قضته معه في تكسكو ، وخلف مظهره كرجل أعمال ناجح ، اكتشفت فيه رجلا ذكيا فنانا ذواقا قوي الشخصية ، و تساءلت لماذا لا تكتب الصحف عن مزاياه المتعددة ؟ و لماذا تكتفي بذكر مغامراته فقط .
"يجب أن أنساه " رددت للمرة المئة ، و لكنها للأسف ، لم تكن تكف عن التفكير به ، و بزواجه القريب من روزا ، روزا التي ستعيش قربه ليلا و نهارا ، وأحست فرجينا أنها ستصاب بالجنون ، فحاولت أن تتعقل ، غريغ روزا أليسا متناسبين ؟ كلاهما غني و خبير بأمور الفنادق الرفعية المستوى... لا يمكن لأحد أن يلومهما على زواجهما من أجل المال ، أما هي ، الفتاة اليتيمة التي ساعدها الحظ على متابعة علومها بفضل كرم عمها ، يجب عليها أن تمحي من وجوده ، حبها لغريغ كان حلما مستحيلا ، وكانت تعلم ذلك منذ البداية .
و لو لم تكن روزا موجودة ، لكانت فرجينا أصبحت عشيقته لأيام فقط ، فبلعت ريقها ، و لما لا ؟
أكانت ستقوى على مقاومته ؟.
و الآن و قد أصبح على وشك الزواج ، لن يلتفت إليها أبدا ، فقررت الأنضمام إلى أصدقائها ، و كانت السهرة قد بدأت ، و الأوركسترا تعزف في الحديقة أجمل الألحان ، و الراقصون يتمايلون على الحلبة .
كان جونثان و بوب ستيرن و كورال يجلسون حول طاولة يثرثرون فرحين ، لا بد أنهم يتكلمون عن مقال النيوز كغيرهم ممن قرأوه ، و كان بوب ستيرن قد قرأ المقال، و بدا مهتما به ، بينما ظلت كورال صامتة على حذر .
"أتسال إذا كان ذلك صحيحا... ".
"لا تنشر النيوز أي خبر لا أهمية له ".
"لكنهم ينشرون أكاذيب كثيرة حول غريغ " أجابته كورال ، فنظر إليها بوب مهددا باصبعه.
"أنت لن تدافعي عنه ، أتريدين إثارة غيرتي ؟".
"إذا تزوجها ، يكون قد فقد عقله " أجابت كورال بحدة " أنها تجعل حياته مستحيلة ".
"من أجل الكاريب أوتيل ، من لا يفعل ذلك ؟".
" لست أدري لماذا تكرهين روزا " قال بوب "لقد رأيتها عدة مرات و أجدها فاتنة ".
"فانتة يا إلهي ! فلنرى كيف ستصبح بعد عشرة أعوام فقط ".
تخيلت فرجينا روزا تحمل أطفال غريغ ، و تنهدت بأسى .
"أنا أجد أنه محق بوضع يده على فندق إضافي " قال جونثان بسخرية " سبعة و أربعون فندقا لا يكفون ، هو بحاجة للثامن و الأربعين... ".
"أتعتقد دائما أن المال يصنع السعادة ؟" سألته كورال بدهشة .
"المال ، ممكن أن لا يصنع السعادة و لكن روزا تستطيع ".
"أهي تعجبك ؟" سألته كورال باشمئزاز .
"طبعا ، مع أنها تنظر إلي بتعال و كبرياء ، لكنني اؤكد لك أنني لن أقول لا ، إذا دعتني إلى غرفتها ... ".
"هذا لن يحصل أبدا " قاطعه بوب .
"سيمل غريغ بسرعة من روزا " قالت كورال " وهكذا... ".
"و هكذا ماذا ؟" سألتها فرجينا .
"سيطلقها ".
"عندئذ سيضطر لأن يدفع لها بالمقابل " قال جونثان .
لم تعد فرجينا تصغي لشيء كله كلام ، مجرد كلام .
"أتسمحين لي بهذه الرقصة ؟" سألها أرتور مارتينيز ، و هو ينحني أمامها ، و كان يبدو قصيرا أكثر من بدلته السموكن البيضاء التي تشع على بشرته السمراء الداكنة .
أترفض ؟ لماذا ؟ و كيف ستعتذر ؟.
"أنا لا أعرف رقصة التنغو " أجابته مبتسمة .
"لا تهتمي سأعلمك ، سترين كم هي سهلة ".
فتبعته إلى حلبة الرقص ، وضمها أرتور بين ذراعيه" لا بد أنهما يشكلان ثنائيا غريبا و لكنها نسيت ألم قلبها بسرعة ، لأن أرتور مارتينيز رغم قامته القصيرة ، كان يرقص جيدا و استطاعت فرجينا أن تتبع خطواته بدون صعوبة .
"إنك رائعة " قال لها أرتور .
"أبدا ، أنك أنت من يمتلك التانغو في دمائه ".
"ألأن جدتي من بيونس ايرس ؟" و كانت الفتاة بدأت تنسجم بالرقص ، عندما اقترب منهما موظف .
"أنت مطلوب على الهاتف ، سيدي المدير ".
" وجئت لتزعجني هنا ؟" أجابه أرتور بإنفعال " كان بإمكانك أن تقول بأنني لست موجودا و تأخذ منه ملاحظة ".
"أنه مدير الأكابولكو فايف ستارز ، و يقول بإنه يريدك لأمر طارئ ".
فالتفت السيد مارتينيز إلى رفيقته .
"أعذريني يجب أن أذهب لمكتبي لأرد على مكالمة هاتفية ، و لكني سأعود لنرقص التانغو من جديد ".
"حسنا " أجابته ضاحكة .
و لكنها سرعان ما قلقت أكابولكو... غريغ موجود هناك ؟ و قد تكون روزا معه الآن ، و اتجهت نحو جونثان بخطى وئيدة.
" أنت وحدك ؟ أين الآخرون ؟".
"بوب و كورال يرقصان ، و أنت ؟ ماذا فعلت بأرتور ، هل تخلى عن تعليمك أسرار التانغو لإنك دست كثيرا على قدميه ؟".
"لا ، أنه أستاذ ممتاز ، وبفضله أحرزت تقدما و لكنه مطلوب على الهاتف ".
بعد خمسة دقائق عاد بوب و كورال و هما يضحكان ، و بنفس اللحظة عاد أرتور مارتينيز عابسا .
"أهناك أخبار سيئة ؟" سأله بوب بقلق .
و أرتعشت فرجينا ، وخافت أن يكون غريغ أصيب بمكروه ...
"هل السيد دوننغ... "بدأ بوب .
"السيد دوننغ ليس موجودا في أكابولكو أنه في ميامي " أجابه أرتور . فأحست فرجينا بشيء من الراحة .
"عفوا أعذرني ".
"يجب أن تسافري إلى أكابولكو غدا صباحا ".
أصيبت فرجينا بالذهول ، لماذا يجب أن تغادر كيرنفاكا ؟.
"أكابولكو ؟" صرخت كورال " أنك محظوظة حقا ".
"لماذا تتكلم عن أخبار سيئة ؟" سأله جونثان " أنه العكس تماما ، لماذا لا يحصل معي أنا نفس الشيء ".
لأول مرة أظهر السيد مارتينيز أنه لم يكن غافلا عن تصرفات جونثان .
"الموظفون الجيدون يستحقون الترقيات ، أما الآخرون... فللأسف " أدرك جونثان أنه هو المقصود ، فاحمر وجهه قليلا .
"و لكن ماذا يجب أن أفعل هناك ؟" سألته فرجينا أخيرا ، و خطر ببالها مئات الأفكار و إذا كان غريغ هو الذي أمر بذلك ؟ و إذا كان قد فسخ خطوبته بهذه السرعة ؟ و إذا...
"إحدى العاملات في مكتب الأستقبال في أكابولكو فايف ستارز تعرضت لحادث سيارة شرح لها السيد مارتينيز ، " و أنا للأسف ، تكلمت كثيرا عن نشاط فرجينا أمام السيد دوننغ ، وكلامي لم يقع على أذن صماء... " ثم تنهد و أضاف " كنت أتمنى أن تبقى هنا بعد أنتهاء فترة تدريبك " و بدت الخيبة على وجهه .
" هل أنا مجبرة على القبول ؟" سألته فرجينا " و لماذا تقول بأن هذه ترقية ؟".
"لأن الأكابولكو فايف ستارز أهم بكثير من البوسادا ".
"و فرصة كهذه لا يمكن تفويتها " قالت لها كورال .
"الأكابولكو فايف ستارز فندق رائع " قال بوب بحماس .
بالإضافة لكون غريغ غير موجود في الأكابولكو ، هذا ليس سببا لتغيير رأي فرجينا فالمغامرة كلها لا تستهويها ، ثم نهضت بتثاقل .
"إذا كان يجب علي الرحيل غدا باكرا ، فلا يبقى أمامي سوى توديع الجميع قبل أن أصعد لأعد حقائبي " و التفتت نحو السيد مارتينيز " سأطلب من الأستعلامات أن يوقظوني باكرا بالهاتف ، من سيوصلني إلى المطار ؟".
"كل شيء مدبر ، ستنتظرك سيارة غدا ، و سيعطيك تذكرة الطائرة ".
"أيجب أن آخذ معي كل حوائجي ؟".
"هذا أفضل ، لا أعتقد أنك ستعودين إلى هنا خلال فترة التدريب... ".

"لقد وصلنا إلى مطار الأكابولكو " أرتفع صوت المضيفة بالمذياع ثم كررت النداء بالإنكليزية .
فنظرت فرجينا من نافذة الطائرة ، و كانوا قد قطعوا صحراء واسعة و اقتربوا من الساحل .
بعد لحظات حطت الطائرة بهدوء على أرض المطار ، بعد أن أستلمت حقائبها أخذت تتلفت حولها ، بحثا عن السائق الذي ينتظرها من قبل الأكابولكو فايف ستارز.
"لا تقلقي أبدا" كان قد قال لها السيد مارتينيز " سيكون هناك سائق بانتظارك ، هذه هي العادة كل شيء منظم... ".
و كان هناك العديد من الأشخاص يحملون لوحات كتابية ، أنهم المسؤولون محليا عن رحلات السفر المنظمة لأستقبال وفودهم .
كما و أن بعض الفنادق كانت قد أرسلت ممثلين عنها ، و لكن فرجينا لم تجد بينهم من يحمل لوحة باسم الأكابولكو فايف ستارز...
"يبدو إنني مضطرة لأستئجار سيارة تاكسي " وتنهدت و هي تفكر بالمبلغ الذي ستدفعه للسائق ...
"فرجينا".
لا، هذا غير ممكن ، أنها تحلم ...
و لكنه حقا غريغ دوننغ يتقدم نحوها ، و قد لونت الشمس وجهه بهذه الأيام القليلة ، و كان يرتدي بنطلون و قميص قصير الأكمام ، و يبدو وسيما جدا .
"أنت ؟" قالت له و قد شحب وجهها لهذه المفاجأة و تناولت حقيبتها و هي لا تزال مذهولة .
"إيه نعم ، أنا... " و ابتسم لها ، و أشرقت عيونه العسلية ، وكان يحمل بيده زهرة واحدة قدمها لها...
"زهرة لأجمل فرجينا... " همس و أتسعت إبتسامته " لا أزال أذكر أول مرة رأيتك فيها ، و كنت تحملين باقة من الزهر الأحمر... ".
فتناولت الزهرة بيد مرتجفة ، و كانت تشعر بأنها تتلبس شخصية أخرى غير شخصيتها ، ليست هي من تتناول الزهرة ، و ليس هو أبدا من يقدمها لها... كل ذلك مجرد تفكير ، أو مر في فيلم سينمائي ، أو حدث في عالم آخر ...
"كنت... كنت أعتقدك في ميامي " قالت متعلثمة .
"لقد قضيت هناك يومين " ثم ابتسم و اضاف " لقد نجحت في العودة بالوقت المناسب لأصطحبك من المطار " .
و كان يتأملها بحنان بالغ ، و داعب جبينها بهدوء و رفع خصلة شعر عن وجهها .
"أنا سعيد جدا برؤيتك من جديد فرجينا " اضاف هامسا ، فبلعت الفتاة ريقها و كانت مرتبكة جدا ، و لكن صوابها عاد إليها فجأة .
و روزا ؟ ماذا فعل بها ؟ أيلعب لعبة مزدوجة ؟ خطيبة في وجهه ، وأخرى للتسلية و الترفيه ؟ من المؤكد أن غريغ دوننغ ليس رجلا يكتفي بالحب الأفلاطوني .
و كان كبرياء فرجينا كبيرا ، لا يسمح لها بإن يعتبرها أحد بأنها مجرد فتاة لتمضية الوقت ، و للحظة فكرت أن تكلمه عن ذلك المقال في النيوز ، ولكنها غيرت رأيها ، الأفضل أن تلتزم الصمت حفاظا على كرامتها .
و أخذت تفكر بوسيلة للخروج من هذا المأزق بلباقة .
"و ذلك بوضع حدود بينهما " كان هذا قرارها ، أن يبقى غريغ على وضعه كمدير للفايف ستارز ، و هي على وضعها كمتمرنة بسيطة ، لقد كان الخطأ قد وقع في ذلك النهار في تكسكو ... عندما تصور أن كل شيء ممكن معها.
"إذا ، أنت أضعت وقتك الثمين لكي تأتي لأصطحابي من المطار ، سيد دوننغ ؟" قالت له بسخرية " هذا لطيف منك ".
فنظر إليها وقطب حاجبيه ، إن موقف الفتاة يحيره ، هذا واضح .
"هل نسيت اتفاقنا؟" سألها أخيرا.
"أي اتفاق ؟".
"هيا فرجينا كنا قد اتفقنا أن نلعب التنيس يوم الجمعة اليوم " بدهشة كبيرة فتحت فمها ثم عادت و أقفلته ، و عندما عاد إليها صوتها صرخت .
"أمن أجل لعب التنيس استدعيتني إلى أكابولكو ؟".
"استدعيتك ؟ أنا لا أحب هذه الكلمة " ثم هز كتفيه و اضاف .
"لا ، ليس فقط من أجل التنيس جعلتك تأتين ، و لكن هذا لا يمنعنا من اللعب... ".
"أنا... ".
"أوه ليس الآن ، طبعا " قاطعها ضاحكا " لا بد إنك متعبة من السفر ، و يجب أن تعتادي أولا على جو أكابولكو ". و أشار إلى السائق الذي يرتدي زي السائقين و الذي كان يقف على بعد أمتار منها .
"أتسمح بنقل حقائب الآنسة سبرنغيل إلى السيارة لويس ؟" حمل السائق الحقيبتي ،، و أمسك غريغ ذراع فرجينا و أتجه بها نحو المخرج .
لم تكن تدري أين هي أتعيش قصة خيالية أم أن هذا حلما ستصحو منه بسرعة ؟.
"هل كنت تعلمين إنني منت أفكر بك دائما " همس غريغ بأذنها .
"أكان يفكر بوضع خاتم الخطوبة في يدها ؟".
رغبت في أن تطرح عليه هذا السؤال و لكن لا يجب عليها أن تظهر ضعفها أمام هذا الدون جوان ، ستكون هذه لعبة خطيرة و وعرة .
"آه ، نعم ؟ كنت تفكر بي ؟" سألته و هي تضحك " غريب تصور أنت أيضا يا عزيزي غريغ كنت تشغل كل أفكاري ".
فخفف غريغ خطاه .
"في كيرنفاكا و في تكسكو ، لم تكوني ساخرة هكذا " قال لها بحيرة .
"تتغير المرأة كثيرا... " و دخلت إلى السيارة و كان جو السيارة باردا و منعشا.
"و كأننا في الكواريوم " قالت فرجينا و هي تشير إلى اللوح الزجاجي الذي يفصل بين مقدم السيارة عن مؤخرتها "أكواريوم من الأنتعاش وسط جو خانق بالحرارة... آه ، جميل جدا أن يكون المرء غنيا ".
"لا تسخري كثيرا، يا عزيزتي ".
"عزيزتي ؟ أنا لست عزيزتك ".
"ما بك فرجينا ؟ و كأنني لا أعرفك ، أنت لست نفسك كنت أعتقد..." و ترك جملته معلقة و لم تطلب منه الفتاة أن يوضح كلامه ، و تظاهرت بتأمل المناظر الممتدة أمامها .
و كانت أكابولكو قد أصبحت خلال هذه السنوات مليئة بالبؤساء الذين جذبهم وهم الثراء ، و هم يتكدسون في الأكواخ في ضواحي المدينة حيث الأحياء الفاخرة .
"لقد أخبرني السيد مارتينيز أنني سأنوب عن عاملة الأستقبال... ".
"آه ، نعم لقد كسرت مارغا المسكينة ساقها ، و يدها... لا تقلقي كل شيء منظم ، أنت هنا في إجازة ".
"و لكن... ".
" لقد أخترت هذه الحجة ، كان بإمكاني أن أجد غيرها ".
"حجة ؟ و هل أنت بحاجة لحجج و أعذار ؟".
"لم أكن أريد إثارة فضول الموظفين ".
"حقا؟".
"كي أتجنب الشائعات ، بالنسبة لمركزي ، لا يمكن أن أقوم بحركة دون أن ينتقدوها ، و الشائعات تسري بسرعة ، و أنا أحاول تجنبها قدر الإمكان ".
"خاصة لكي لا تثير غيرة روزا " فكرت الفتاة بصمت .
"هل روزا موجودة الآن في الأكابولكو ؟".
"روزا ؟" صرخ بحدة " لماذا تتكلمين عن روزا ؟".
"و لما لا ؟ هل أصبحت موضوعا مزعجا ؟".
"لا ، و لكن يدهشني اهتمامك بها ، لا يوجد أي شيء مشترك بينكما ، أنتما الأثنتان ".
"هل هي في الأكابولكو ؟" ألحت فرجينا.
"لا ، ما هذه الفكرة ".
إذا أنه يغتنم فرصة غياب خطيبته ليقوم بمغامرة مسلية... يا لسخرية الأقدار ، أنها تحبه ، تحبه من كل قلبها ، و بكل قوتها ، بينما هو لا يفكر سوى بالتسلية .
"لماذا جعلتني آتي إلى هنا ؟".
"لعدة أسباب ، و لكن أولا لكي أبعدك عن جونثان ، إنه يؤثر عليك تأثيرا سيئا ".
"جونثان كا لجميع ، لديه بعض العيوب و بعض الحسنات ، و لكنني لست غبية لأتركه يؤثر علي ".
"أتعتقدين ذلك ؟" ثم تنهد " رغم أنه شاب وسيم ، إلا أنه ضعيف ، استغلالي و كسول ".
ظلت فرجينا صامتة ، و اعترفت لنفسها بإن غريغ استطاع بكلمات قليلة أن يحلل نفسية جونثان .
"أنا لا أحب المخادعين ، و أنت أيضا أليس كذلك ؟".
"و ماذا يهمك من ذلك؟" و كانت قد بدأت تغضب منه ، فأضافت " ماذا يهمك من كل هذا ؟ كيف تجرؤ على التدخل في اختياري لأصدقائي ؟".
و كانا قد أصبحا قرب الشاطئ ، لكن فرجينا لم تكن قادرة على الأعجاب بخليج أكابولكو الرائع .
و بعد قليل توقفت السيارة أمام مدخل الأكابولكو فايف ستارز ، فتح لهما السائق فتبعت فرجينا غريغ ، رغما عنها إلى البهو الواسع المزين بالشتول الرائعة .
و شعرت الفتاة أن كل الموظفين الذين يرتدون الزي الأزرق و الذين يجلسون خلف مكاتبهم يتأملونها و هي تدخل برفقة غريغ و تخيلت تعليقاتهم .
"هذه آخر ضحايا غريغ دوننغ ، آه ، يا له من خائن بالكاد أدارت خطيبته ظهرها و... ".
ثم بلعت ريقها ، و حبست دموعها ، ماذا فعلت لكي تجد نفسها في مثل هذا الموقف ؟.
"يبدو أنك متعبة ، فرجينا ، أرتاحي قليلا... سيقودك لويس إلى غرفتك " ثم أنحنى و طبع قبلة خفيفة على شفتيها ، أمام نظرات الموظفين و الزبائن الموجودين .
"إلى اللقاء يا عزيزتي ".
فنظرت إليه بذهول و هو يبتعد ، لينضم إلى رجل يرتدي بدلة سوداء لا بد أنه يعلم بخديعة غريغ...
احمر وجهها و أحست بالدم يغلي في عروقها ، و اجتاحها الخجل والعار ، و اسرعت إلى غرفتها تتبع لويس .
جلست فرجينا على مقعد طويل على شرفة غرفتها المطلة على الخليج ، و كان البحر أزرق صافيا يلتقي بالأفق مع السماء الصافية ، و في الناحية الأخرى تمتد التلال الخضراء حيث تنتشر الفيلات الكبيرة ، قطبت فرجينا حاجبيها و حاولت أن تركز تفكيرها .
أنها تجد نفسها في موقف حرج ، كيف ستخرج منه ؟
و هل ترغب بذلك حقا ؟ تشعر بأنها في دوامة كبيرة و كل الجهود التي كانت تبذلها للتخلص من هذه الدوامة تجذبها نحوها أكثر و أكثر...
رن جرس الهاتف ، و رغما عنها أخذ قلبها يدق بسرعة هل هو غريغ ؟ و اتجهت نحو الهاتف الأبيض الحديث جدا بموديله .
"ألو ؟".
"فرجينا؟".
إنه هو...
"نعم " أجابته بحذر و فرح بنفس الوقت . هذا الرجل يملك قوة كبيرة على أعصابها و قلبها ، وهذا يدهشها و يرهقها .
" كم تحتاجين من الوقت لكي تصبحي جاهزة ؟".
"جاهزة لماذا ؟".
"لكي نقوم بجولة نحو الخليج " ترددت قليلا ثم أجابت .
"أنا... استطيع التنزه وحدي ، لا تشعر بأنك مجبر على القيام بدور الدليل بالنسبة لي أنا... ".
"هيا ، لا تفعلي مثل الأطفال الصغار " قاطعها بنفاذ الصبر " قولي كم تحتاجين من الوقت ، و سنلتقي في البهو " ما نفع النقاش ؟ أنه دائما صاحب الكلمة الأخيرة .
"بعد نصف ساعة " أجابته مهزومة .
"عظيم " .
فتهيأت لأقفال الخط لكن صوت غريغ عاد يرن في السماعة .
"فرجينا؟".
"نعم ؟".
"لا تنسي... " ثم قطع كلامه ، وساد صمت قصير ، و سمعت أنفاسه العميقة .
"ماذ... ماذا كنت تريد أن تقول ؟" سألته بصوت مرتجف .
"لا تنسي بإنك تعجبينني ، تعجبينني كثيرا... ".
"هذا كل شيء؟".
"كبداية لا بأس ، أنا بانتظارك ، فرجينا ، أرتدي ملابس خفيفة ، فالجو حار جدا بالخارج ".
و كأنها لم تكن تعلم عندما دخلت إلى هذه الغرفة منذ ساعة وجدتها باردة جدا بسبب مكيف الهواء ، فأسرعت و فتحت النافذة و باب الشرفة ، و لم يعد هناك مجال الآن لإعادة تشغيل المكيف ، لأنها ستخرج .
إذا كان غريغ هو الذي يدير اللعبة ، فليس لفرجينا المسكينة أي حظ .
أخذت دوشا و تناولت حقيبة يدها و تأملت نفسها في المرآة .
"ها أنا جاهزة غريغ دوننغ و بأقل من ساعة واحدة"
و خرجت و ما إن وصلت إلى البهو ، حتى ندمت لأنها نزلت بهذه السرعة ، للحقيقة ظل العاملون متحفظين و بالكاد رفعوا عيونهم نحوها ، و لكنها كانت تتخيل أنهم يسخرون منها ، و لهذا لا يعطونها الآن أية أهمية .
تقدمت إمرأة مسنة منها .
"لا بد أنها أميريكية " فكرت الفتاة ، و تأكدت شكوكها عندما بدأت بالكلام بلهجة أمريكية خاصة بولاية تكساس .
"ألا يزعجك أن أجلس بقربك ؟".
"و لكن... لا ، تفضلي ".
"أنت تنتظرين غريغ ؟" سألتها السيدة دون مقدمات .
"إيه... نعم " أجابتها فرجينا متعلثمة .
"كنت أشك بذلك ، أنا أملك رادارات أنت تعلمين... خاصة عندما يتعلق الأمر بابن أخي ".
"أوه ، غريغ هو ابن أخيك ".
وضعت السيدة المسنة البودرة على خدودها ، قبل أن تضع احمر الشفاه الفاقع .
"نعم إنه حفيد أخي ، بالتحديد... أنه صبي جيد... ".
ابتسمت فرجينا غريغ ابن اخيها ؟ و تصفه بإنه صبي ؟ إنه رجل ... نعم رجل بكل ما للكلمة من معنى...
"إنه صبي جيد ، و لديه ميزات عديدة مثلا ، إنه يقدم مساعدات لكثير من الناس ".
"غريغ ؟ يسهم باعمال خيرية للانسانية ؟" سألتها فرجينا بسخرية .
"و لكن نعم ، طبعا لا يمكنه أن يغير العالم ، كما يقول ، إلا أنه يفعل ما يمكنه في هذا المجال ، نقطة في بحر ، هذا كل شيء نقطة ".
ثم كتفت يديها المليئتين بالتجاعيد و تنهدت و اضافت .
"يبدو إنني أضيع ، أنا لم آت لرؤيتك لكي افتخر بمزايا ابن أخي... يا صغيرتي أنا لا أريد أن أزعجك ، و لكن يجب أن أقول لك لا تضيعي وقتك مع غريغ ".
"أنا... " قالت فرجينا بارتباك.
"صه ، دعيني أتكلم كما ترين أنا إمرأة في الثانية و الثمانين من عمري ، ومن حقي أن أقول ما أفكر به ".
تلفتت فرجينا حولها بحثا عن أي مهرب .
"تبدين صغيرة كما يجب " اضافت عمة غريغ " كنت أظنك مختلفة ... " ثم ابتسمت و اضافت .
"و لكن بالتأكيد الصور لا تكون واضحة دائما أليس كذلك ؟ " هل أراها غريغ صور لها ؟ و لكن من أين حصل عليها ؟ هل التقط صورة لها بدون علمها ؟ أم أنه أخذ صورتها من ملفها الذي يملكه السيد مارتينيز في مكتبه .
"نعم أنت جميلة ، و أنا آسفة من أجلك ، يجب أن تصدقي لأول مرة في حياته ، يقع غريغ في الحب ، و أنت ليس لديك أي أمل ".
"و لكني... ".
"صه ، أنت مخطئة بمحاولتك الضغط عليه ، لكنك لن تتوصلي إلى شيء لا يجب أن تتوهمي كثيرا يا صغيرتي".
"مدام ، أنت مخطئة أنا... ".
"صه ، إذا كنت أتكلم هكذا ، فهذا من أجل مصلحتك ، غريغ يريد أن يتزوج و يؤسس عائلة له ، كان يجب أن يفكر بذلك منذ مدة طويلة ، و لكن كما يقال ، الآن أفضل من أن لا يفعل أبدا " .
أخذت فرجينا ترتجف كورقة في مهب الريح .
"مثلا أنا لا ألاحقه ، بل على العكس هو الذي... ".
و لم يتسع لها الوقت لقول المزيد ، لأن السيدة العجوزة نهضت و اتجهت نحو الصالون الثاني .
أنضم غريغ إلى الفتاة التي كانت لا تزال منهارة بعد ذلك الحديث الذي سمعته .
"كم أنت شاحبة " صرخ غريغ "هل أنت مريضة ؟".
"لقد التقيت بعمتك منذ قليل " أجابته بجفاف .
فنظر باتجاه عمته و ارتسمت ابتسامة على شفتيه .
"آه عمتي نانسي ، أتعلمين أنها في الرابعة و الثمانين من عمرها ؟".
"قالت لي أنها في الثانية و الثمانين فقط ".
"يبدو أنها تصغر من نفسها ... أو قد تكون نسيت كم عمرها ".
"أتساءل إذا لم تكن قد فقدت عقلها كله ".
"يحدث معها ذلك أحيانا... و لكن هذا يحدث للكثيرين أليس كذلك ؟ في الماضي كانت إمرأة ذكية جدا ، لقد توفيت والدتها عن سن يناهز المئة ، و أعتقد أنها على نفس الطريق ".
"يبدو أن من عادتها التدخل بما لا يعنيها ".
"أنها إمرأة مسنة ، و المسنات يرغبن دائما بالكلام ".
"أنت تحاول إيجاد عذر لها ".
"ذلك لأنني أحبها كثيرا ... كيف سنصبح عندما نبلغ سنها ؟" أمسك ذراعها و قادها نحو المخرج .
"عاشقين دائما ، أتمنى ذلك " اضاف بهمس في أذنها .
فابتعدت بسرعة .
"أرجوك ".


***************
يتبع....


زهرة الأوركيد غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس