عرض مشاركة واحدة
قديم 17-05-11, 03:50 PM   #11

القلم الحر

نجم روايتي كاتب و شاعر متألق في القسم الأدبي

 
الصورة الرمزية القلم الحر

? العضوٌ??? » 127837
?  التسِجيلٌ » Jun 2010
? مشَارَ?اتْي » 1,320
?  نُقآطِيْ » القلم الحر has a reputation beyond reputeالقلم الحر has a reputation beyond reputeالقلم الحر has a reputation beyond reputeالقلم الحر has a reputation beyond reputeالقلم الحر has a reputation beyond reputeالقلم الحر has a reputation beyond reputeالقلم الحر has a reputation beyond reputeالقلم الحر has a reputation beyond reputeالقلم الحر has a reputation beyond reputeالقلم الحر has a reputation beyond reputeالقلم الحر has a reputation beyond repute
افتراضي


17


على الجسرِ المعلق المتأرجحِ بين السماء والأرض كنتُ أعبر بسيارتي متمهلاً وأفكر :
ماذا أقول لها .. أأقولُ أن كلمة " أحبك " كانت مزحة .. زلة لسان .. وهل يزلّ اللسان إلا بالحقائق !
أأقول أني فعلاً أحببتكِ وأنا الذي لم ألتقيكِ إلا مرتين .. واحدةٌ مصادفة والأخرى كنّا نسترِقُ فيها النظراتِ وسط متجرٍ على قارعة طريقٍ مملوءٍ بالمارة !
ستضحكْ .. لا ستغضبْ !
ربما هيَ مثلي وجدت في هذه العلاقة قتلاً لفراغها وصداقة تتسلى بها !
أحكمتْ ضبط مشاعرها وأنا تماديتُ في أوهامي فوقعتُ في الإدمان حد الحب !

يا تُرى هل هيَ مثلي ، هل إستلطافها لي علامة حب أم صداقةٌ وثقى ..
سأقول لها أن الحب وقود الحياة .. سأقول لها الصراحة كما أخبرتُها بكل شيءٍ سابقاً .. لأواجه معها مصيري !
كنتُ أنظرُ للمقعد المجاور ، عليهِ قصصي التي ملأها الدكتور ثابت بالتصويبات النحويّة والإملائية وعلّق عليها تعليقاً مشجعاً ..
ماذا لو كانت سارة هنا .. يا ألله .. ستكون القيادة أمراً محبباً ليس مملاً أبداً ...
ماذا لو كانت بجانبي .. ويدي تُمسكُ بيدها .. هل كنتُ أتمكن من السيطرة على الطريق ! هه يا لأفكاري البلهاء أين تأخذني ..

في غرفتي قررتُ أن أهاتفها .. لم تتصل لم تُرسل ربما مازالت مصعوقةً من كلمتي التي دوّت في أسياب الكليّة !
ضغطتُ أرقام هاتفها على جهازي .. لم تُفلح المكالمة ! كانت شاشة هاتفي كلما اتصلتُ تومض بجملةٍ غير مفهومة : " بعض المكالمات محظورة " !
لأول مرةٍ أقرأ هذه العبارة .. بالتأكيد غضبتْ ، هل ألغتني ، هل ألغتْ رقمها .. لكن مهلا ً .. هذه الجملة تواجهني في كل اتصال !
هاتفتُ شركة الإتصالات .. لا بد أن الخلل من عندهم هم :

- لديّ مشكلة في الإتصال ، يعطيني تنبيهاً ببعض المكالمات المحظورة !
- نعم ،لأنك وصلتَ الحد الأئتماني !
- يعني ماذا لم أفهم ..
- ياعزيزي لديك الآن فاتورة بقيمة 2800 ريال !

دارتْ الغرفة وأشياؤها في عيني .. وقعتُ على السرير غير مصدق .. أعلى فاتورة جاءتني كانت 400 ريال وتبرمتُ حينها !
بدأ العرقُ يتفصد من جبيني .. ماذا أفعل ! من أين لي بمبلغٍ كهذا .. يا ألله أوحقاً لن أستطيع محادثة سارة بعد الآن ..
لكل شيء ضريبة .. هذا ما غاب عني وسكرتُ مع الهوى !
هذا يعني أن كل شهرين سأعاني هكذا .. كل شهرين سأفجع ! وأنا الذي كنتُ أحسب لهونا الليلي لا ينغصّه منغّص . ياللحلم المُفلت من يدي الآن ..

لايوجد في جيبي إلا مئتي ريال .. والمتبقي من مكافأتي 500 .. من أين لي بالمبلغ الضخم الباقي!
هل أمد يدي لإخوتي وأنا الذي لم أفعلها قط .. لا !
أي تبريرٍ أقدمه لوالدي حين أسألهُ مبلغاً كهذا .. سيظن الظنون ولا شك إن أخبرتُه بأن الأمر يخص فاتورةً هاتفيّة !
أقفلتُ هاتفي ورحتُ للشقة ليلاً بوجهٍ ليس كالذي كنت أجيء به ..

- هددها بالقطيعة ، أخبرها أنك لا تستطيع المواصلة بسبب عجزك الماليّ وصدقني هي من يتدبر الأمر !
تباً لأفكارك يا فهد .. أتريدني أن أتمسكن لأمرأة !

- أخبرها أنك في حاجةٍ للمال ، صدقني الفتيات عاطفيّات ، ستمنحك أضعاف ماتريد !
هذا الوغد يظنني مثلَه ! لو قدمت لي آلافاً ما قبِلتْ

- افهمني يا فهد ، أنا الآن لستُ أفكر في هذه الفاتورة الحاليّة .. أفكر في القادم ، كل شهرين ستتكرر هذه المأساة ..
من أين لي بهذه الأموال لأواصل معها !

راح يوبخني :

- ألم تقل لي يا فيصل أن الأمر مراهقة ، وأنك لم تعد مهتماً بالأمر .. مالذي يجعلك الآن في غاية التبرم والضيق

اللعنة على ذاكرتك التي لم يُتلفها ما تتعاطاه! نعم أخبرتهُ كذباً كل هذا ..

راح يُسقيني ورحتُ أشرب .. نسيتُ نفسي نسيتُ كل شيءٍ إلا سارة ..
كان هذياني سارة .. وفي حُمرة العينين حرف السين يتراقصُ رغم كل شيء
أسوأ لحظاتِ العمر ، أن تُفيقَ بعد غياب عقلك .. أن تصحو بعد غفوتك ورائحتك تعبق بالإثم !
حينها .. يتضاعفُ الهم ليصبح أطناناً ما لها من محيص !

عدتُ للبيت مهموماً.. أدفعُ الباب بمشيةٍ كالبندول !
الهاتف مازال مغلقاً .. بالتأكيد ربما اتصلتْ أو استغربتْ هذا الإنقطاع منذ الصباح .
أأقول لها أني فقيرٌ لمساعدتك وأطلبُ التصدق منها .. كما يلح فهد .. يا للفكرة الرديئة !
بل يا لهذه العلاقة الغريبة وتقلباتها ،
ليلة البارحة أقرأ لها قصصي ، صباحاً أتوتر من رأي الدكتور ، بعد الصباح زل لساني بحبها ..
ظهراً كنتُ أنوي محادثتها عن الحب ، والآن أفكر في تأمين هذا المبلغ .. أين سأصل في موج التقلبات هذا ..

ساعةٌ كاملةٌ من التفكير فوق سريري .. أنا وحسرتي وإبليس !
بعد ساعةٍ كاملة .. في الساعة الواحدة ليلا ً .. يرقدُ بيتنا في الظلام ، وقد تفتق ذهني عن أسوأ فكرة .. لكنها الحل الوحيد !
كنت أنحطّ جداً وأعلم ذلك .. كنتُ مدفوعاً برغبتي في مواصلة هذه العلاقة على الأقل شهرين أخرى ..
كنتُ كـ مدمنٍ يهوي للدرك الأسفل كي يحصل على المال ليتناول جرعته ..
ها أنا أدلفُ إحدى الغرف الأرضيّة ..يخبيء الظلام دمعة عيني ، لبثتُ خمس دقائق و خرجتْ..
خرجتُ ألعن نفسي و يعتملُ في صدري أسىً لن تفسره الكلمات ..
خرجتُ بأسوأ غنيمةٍ في التاريخ ..

يا لسوء أقداري وآه يا ساره .. أبينَ يومٍ وليلة ، هكذا بغتة ً .. صرتُ لصاً ؟!!
وأسرق من ؟!
أمي !

غداً .. ستحرصُ كعادتها أن أتناول إفطاري .. وستتأوهُ من ركبتها واقفةً على فرن الغاز تحضر الشاي لي ..
وسأنظر لها نظرةً أخرى لم أنظرها قط .. سوف يجللني الخزي غداً صباحاً .. لن أستطيع محادثتها واضعاً عيني بعينيها ..
ستوصيني على نفسي وسألعنُ نفسي .. وكلما دعت لي ، سأبكي في قلبي .. أعلم ذلك .. أعلم أن في الصبحِ هواني !

أصعدُ الدرج راجعاً لغرفتي وأفكر :
ماذا ينقذني منكِ يا أمي .. أأكذبُ على نفسي وأقول لن تحتاجي هذا العقد !
لا ، لن أكون سارقاً و كاذباً في ذاتِ الوقت وأجمع السيئتين !

أينقذني منكِ وعدٌ سريٌ أقطعه على نفسي بأن أُحضر لك أفضل منه حين أتخرج وأصبح ذو مرتبٍ جيّد ..!
أينقذني منكِ يا أماه ، أني أفعلها وأنا أمسح دمعة ً فرّت وأخرياتٍ أُجاهدهنّ أن لا يندلعن فيشهق بهنّ صوتي ..
لا تجسي رأسي غداً .. هذا الرأس نجسٌ كل مافيه .. وأنتِ أطهر !
أريحيني غداً من دعواتك بربك .. كل دعوةٍ منكِ ستجعلني أكرهُني أكثر !
حتى وأنتِ لم تلبسي هذا الذهب منذ أزمان ، حتى وهو مهجورٌ في صندوقك القديم ..
لكنه يحمل رائحتك .. يحمل ذكريات شبابكِ يوم زفّوكِ لأبي .. يحملُ صحتك وعافيتك التي باتتْ حُلماً جميلاً ليس أكثر ..
يحملُ أيام أنوثتكِ البهيّة ..قبل أن تلدي ولداً ينوي بيعَه ليُحادث فاتنة !
سامحيني يا أمّاه !

أضعُ العُقد في جيب ثوبي لأبيعهُ غداً للصاغة .. سيتغانمون فقيدَ أمي .. أكثرُ ما يعذبني أنها ستكون غافلةً غداً تتعطرُ بالآيات من مذياعها ..
أغمضتُ عيني وأنا أفكر في أمي وخزيي ، في سارة والحب الذي بدأ يتغلل في روحي ، في مستقبل العلاقة الجنونيّة هذه ..

- ماذا لو لم أستيقظ ؟ ماذا لو سُلّت روحي وأنا نائم .. ألن يكون أفضل ؟ بلى، سيكون أفضل !

يتبع ..


القلم الحر غير متواجد حالياً  
التوقيع
( رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي )




أضغط على الصورة لدخول المدونة
رد مع اقتباس