عرض مشاركة واحدة
قديم 17-05-11, 03:53 PM   #13

القلم الحر

نجم روايتي كاتب و شاعر متألق في القسم الأدبي

 
الصورة الرمزية القلم الحر

? العضوٌ??? » 127837
?  التسِجيلٌ » Jun 2010
? مشَارَ?اتْي » 1,320
?  نُقآطِيْ » القلم الحر has a reputation beyond reputeالقلم الحر has a reputation beyond reputeالقلم الحر has a reputation beyond reputeالقلم الحر has a reputation beyond reputeالقلم الحر has a reputation beyond reputeالقلم الحر has a reputation beyond reputeالقلم الحر has a reputation beyond reputeالقلم الحر has a reputation beyond reputeالقلم الحر has a reputation beyond reputeالقلم الحر has a reputation beyond reputeالقلم الحر has a reputation beyond repute
افتراضي


19

في الصباح كنتُ أهدأ بكثير مما كنت عليه طوال اليومين الماضيات .. عادتْ تلفني السعادة من جديد ... أيقنتُ تماماً أن هذه علاقة التقلبات !
لا يمكن أن تتنبأ بما قد تكون عليه .. المفاجآت المتوالية تتسارع .. تشعر أنك تلهث تعباً وأنت في مكانك لمجرد التفكير فقط !
أخبرتُها أنها بالنسبة لي باتت كل شيء .. وأخبرتني لأول مرة أني أمثل لها أكثر مما تخيلتْ ..
سألتني عن عقد أمي فامتنعت عن مزيد التفاصيل .. عرضت عليّ مبلغاً لاستعادته فأبيت بإصرار .. قالت فلتكن سلفة ولكني رفضت !
كيفَ يفعلها فهد ؟ كيف يقبل أن تمتد إليه يدٌ تزرع في جيبهِ مبلغاً من المال ..
سألته عن ذلك فقال وهو يتمطّى :

- عادي ! ستُهلكك الحساسية المفرطة ..

- إذاً باستطاعتك أن تقف بعد الصلاة وتطلبَ الناس المعونة ؟!

غضِب ولمعتْ تلك النظرة التي أعرفها في عينيه ، تلك النظرة التي تشي بأنهُ استُفز جداً !

- بالتأكيد لا ! لستُ مسكيناً يطلب الصدقات !

- ولكنك تقبلُ أن تجود عليك إحداهنَ ، تتباهى بذلك يا فهد بربك ما الفرق !؟

غادرتهُ تلك النظرة التي لا أحبها في عينيه .. وعادتْ له نظرة المكر والسخرية :

- ألم تسمع بالنفط مقابل الغذاء ؟! المال من الناس لا أقبله .. من إحداهنّ - كما تقول - هو مبادلةٌ نفعية !
لو قدمتَ لي مالاً يا فيصل لن أقبله ، لكن تأكد ، لو كنتُ أحدثك طوال الوقت عبر الهاتف وأنت تستمتع بالحديث ،صدقني ستصِلك فاتورتي عبر بريدك هههههههه

- ههههههههههههه لستُ غبياً لأسدد !

- إذاً هيئ نفسك منذ لحظة الرفض بأنك محرومٌ من أحاديثي اللذيذة ههههه !

تباً لدنجوان وثقتهِ المفرطة !


سألني في الليل بعد أن اجتمعنا في الشقة ماذا فعلت ؟
أخبرتُه أني بعتُ عقداً لأمي وسأعوّضها قريباً .. هكذا بلا تردد..كنتُ قد تصالحتُ قليلاً مع نفسي ..
فكرت أن ما قمتُ به نعم كان خزياً كبيراً لكنه أيضاً ثمن وتضحية لأستمر مع سارة .. عزائي أني قمتُ به مدفوعاً والندم يكللني ..
ألم يقل سقراط بأن التضحية أمرٌ سهل إذا وجدنا من يستحق .. نعم أظن تضحيتي هذه لم تذهب هدراً ..
كنتُ مقتنعاً بأن ماقمتُ به كان شيئاً لا بد منه .. أسهلُ بكثير من إستجداء الآخرين مثلاً .. لهذا أخبرتُ فهد بالأمر ، نعم ببساطة : بعتُ عقداً لأمي !

ثارت ثائرته ، عادت تلك النظرة اللعينة في عينيه ، برَقتْ فجأة وصاح بي:

-ماذا ؟ أنت تنحطّ لأسوأ مما وصمتني به ..
لن أسرق أمي ولو كان هذا المال ثمن دوائي الذي يبقيني على قيد الحياة ..

رنت هذه الكلمة في رأسي كناقوس .. مشكلتي مع فهد أني لا أقدر على الإحتفاظ بالأسرار .. أخبره بكل شيء .. أخبرته أشياء أفظع من هذا الخبر ..
ليس من الذين قال عنهم لامارتين: يكره الرجل أولائك الذين يضطر للكذب أمامهم !
هو صديقي الذي يعرفُ عني كل ما خبأتُ عن غيره ..لهذا أن يعرفَ قصة السرقة هذه ليس جديداً كخبر أخصه به ..
لكن الجديد أن ثورتهُ النبيلة صحت فجأة !
دائماً ما كنتُ أنظر لفهد كجانبٍ سلبي .. وأنا الطرف الآخر المليء بالإيجاب .. رغم كل شيء كنا صديقين بما يكفي لنستمر دائماً ..
اليوم ولأول مرة .. أنا من كان يتلقى الزجر و النصح .. اليوم كنتُ سلبياً جداً وفهد هو من يوبخني ..
تبادل هذه الأدوار .. يخبرني كم هويتُ كثيراً .. ترديتُ للأسفل .. لن تصف الكلمات منظر فهد وهو يحتقرني بنظراتهِ وصوتهُ الصادح في أذني كصوت زجاجةٍ تتشظى ..
كأنما كان منتشياً بهذه الأخبار ليمارس دور الناصح الأمين لأول مرة :

- فهد أرجوك اصمُت ، أتظن أن الأمر سهل بالنسبة لي ؟ إن كنت متقززاً مني مرة فأنا متقززٌ عشرات المرات .. هذه أمي يافهد ..

- عارف يا فيصل ؟ مرة من المرات كنت في علاقة مع فتاة من عائلة ثرية .. كانت علاقتنا تزدهر وكنتُ أسداً ينظرُ لغزالٍ سمين !
هاتفتني على البيت وأجابتها أمي بالصدفة ، راوغَت أمي وأخبرتها أنها مخطئة .. في الليل كانت أحاديثنا متمازجة ومؤشر الإنسجام يتسامى ..
أخبرتني بأنها هاتفت المنزل وسمعت صوت أمي.. ركز معي يافيصل أرجوك ، قبل هذا الخبر كنا نتفق على أين اللقاء .. لكن آه يا فيصل ..
حين أخبرتني أن أمي كانت من البلاهة بحيث لم تشك في الأمر .. آووه ماذا أقول .. هل وصلت بك الأمنيات مرةً أن تكون أمام أحدٍ في ذات اللحظة فقط لتبصق عليه ؟! كنت أستطيع أن أنهي المكالمة في وجهها بإهانة لكن هذا لا يكفي يافيصل لا يكفي .. كان البصق سيبريء أوجاعي وينتصر لأمي .. والآن تأتي بصفاقة لتخبرني بفعلتك السوداء ؟ أنت ؟ أنت الذي كنتَ دوماً زاجري الأول ! تأكيد ياعزيزي لن أسرق أمي وأستغفلها لأجل كليوبترا بذاتها ، نعم .. كن أكيداً من ذلك ياسيد نجيب !

كانت كلماته أشبه بوابل رصاص ..
رفعتُ رأسي.. صوّبت نظري عليه حين انتهى ، وببرود :

- فهد .. الله يلعنك !

* * *


أن تُخبر من تحب بمشاعرك الفيّاضة، أن تبوح بعد الصمت، هذا يشبه ماذا ؟ تعوزني اللغة وسعة الإدارك لأصف ..
كأنك تسير مثقلاً بالأحمال ، تطأ الأرض بصعوبة وبالكاد ترفعُ قدمك الأخرى .. كأنك تمشي فوق خدود الرمال .. الهواء العاصفُ يهب في وجهك وتنثني للرجوع ..
في الرمل وهذا الجو العاصف مكبلاً بالحديد ..هذا كلهُ يشبه أن تحمل سر الحب !
سر الحب أثقلُ ما في هذا الكون ..أن تحملهُ صامتاً يعني أنك تحملُ مالا طاقة لك به .. فإذا ألقيتهُ تحللت من أثقالك .. وإن كنت جيد الحظ وقبِل الطرف الآخر مشاعرك بات ريشةً تتراقص في قلبك ..
لهذا.. شعرتُ بالراحة حين أخبرتها كل شيء .. صار الرملُ جادةً ممهودة .. والهواء العاصف قد سكَن .. وبات المشيُ أسهل ..

حين أخبرتها بأني أحبها ، وبادلتني المعلومة .. وبعد أن هدأت موجة البكاء التي دخلتْ فيها .. عدتُ أحدثها بعد ساعة ..
كان حديثنا لأول مرة يخلو من الضحكات والسخريّة التي اعتدنا عليها .. كأنما نزلتْ علينا السكينة فجأة !
كأننا نعرفُ أن الأمر اختلف .. نتحدثُ كـ مصدومين قليلا ً ،
لم نعاود الأمر ونخوض فيه .. تركناه بعد أن عرفنا كل شيء .. لهذا كانت المحادثة تشبه المرة الأولى يشوبها الطابع الرسمي !

عندما رأيتُها أول مرة عند ماجد .. كان الكلام صعباً جداً لأبدأ .. كان الكلام يستحيلُ حجارةً عملاقة عبثاً دحرجتها للأمام ..
وعندما هاتفتني لأول مرة عندما خرجتُ من الشقة .. كان الحديثُ يتحركُ بصعوبة .. كبحر ٍ متجمد !
وحين رفعنا الكلفة وسقف الحريّة واعتدنا بعضنا صار حديثنا يشبهُ شدو طائرين لا يقطع لذة الشدو عنهم أي منغّص ..
لكن .. مجرد تبادلنا الصراحة ، وخوضنا حديث الحب .. هذا أعاد الأمر مجدداً للمرة الأولى .. غلّف الحياء صوتها معي .. أنا الرجل الذي سمِعها تبكي بالأمس وهي تنطق عبارتها " أحبك "

شيءٌ واحد اختلف ، رسائلها الرانّة في جوّالي .. تخبرني بالأبيات والجمل العاطفيّة .. كأنها تقولُ لي ماعجزتْ قوله بلسانها .. ورحتُ أبادلها الرسائل في كل مكان وأي وقت ..في الكلية في السيارة وأنا مع إخوتي وأنا في الشقة ..
حوّلت جهازي إلى وضع الصمت الكليّ ،
كانت نغمة الرسائل تتكرر بشكلٍ يلفت أنظار من بجانبي .. أضعهُ في جيبي الأمامي بجوار قلبي فإذا ومَضَ بأنواره نَبَض قلبي ورحت أقرأ بانتشاء ..


حادثتُها حين خرجتُ من إحدى المكتبات الكبيرة في الرياض ..
وكنتُ أمرّ في طريقٍ أنيق من طرق الرياض الفاخرة .. وصوتُ المسجل يصدح بـ " اصحى تزعل " لعبدالمجيد ..
كانت كتبت لي مسجاً تقول فيه " اسمع اصحى تزعل ، إهداء خاص من ساره " .. وكنتُ أنظر لألبوم الربيع لفريد وأبتسم ..

- هل تعلمين ياسارة ماذا أشاهد الآن ؟!
- ماذا ؟
- صورة فريد ، واضعاً يده على العود واليدُ الأخرى يشيرُ بالسبابةِ للمصوّر .. لا أدري بتّ في الفترة الأخيرة أظنهُ يشيرُ لي أنا!
- ههههه مااذا يريد ؟
- أشعرُ أنه يقول أني أعرفُ سر هذه الأغاني الجديدة يا فيصل ..
- ماذا قلتَ له ؟
- قلتُ له بأني قضيتُ معه رفقةً جيدة طوال السبع سنين هذه .. وأنه قد جاء الآن وقت التغيير .. بربك يا فريد لا تكن حساس ..
-ههههه وهل صدقّك ؟!
- لا .. المشكلة أنه لم يصدق ، مازالت سبابتهُ موجهةً إلي ههههه
- "لا بـ جد وش قلت له "

شعرتُ أنها تريد مني أن أتحدث حديثاً يروقها .. تعملُ لأجل أن تسمعه .. أوليس هذا ماتريدين ياسمرائي الجميلة حسناً :

- عندما لم يصدقني ياسارة، ولم يقتنع بكلامي المنمق ، أخبرته بالحقيقة ، هل تريدُ الصراحة ياعزيزي ملك العود إذن هذه الصراحه فلتسمع :
هؤلاء الجدد الذين جاءوا لسيارتنا يافريد .. لديهم توصيةٌ خاصة من عزيز لا يُرد له طلب ! لا تلمني بربك ، أنت لو رأيت العيون التي رأيت .. وسمعت الصوت الذي سمعت .. وجاءتك بطلبٍ مماثل لما ترددتْ ..
لا تلمني عزيزي فريد ، أحياناً لا نملكُ خياراً مع بعض الأشخاص إلا التلبية الفورية !

ضحكِت ضحكةً ناعمة تراقصَ لها قلبي .. سألتني أين أنا الآن , فأخبرتها بإسم الطريق الذي أمتطيه .. شعرتُ أنها إلتقطَت اسم الطريق باهتمام وسألتني بجوار ماذا بالضبط ؟!
حين أجبتها أني الآن أمر بالبنكِ الفرنسيّ قالت حسناً ستأتيك إشارة انعطف معها يميناً .. ظننتُ الأمر مزحة وبالفعل انعطفتُ يمينا .. أخبرتني بإسم مطعم شهير كنت بالفعل أمر منه ..
دخلت كما أمرتني مع المنفذ الذي يتلوه .. كانت حارةً مليئةً بالقصور الفارهة والسيارات الفاخرة .. ليست بالتأكيد كبيتنا ولا سياراتنا هناك حيثُ نسكن الجهة الأخرى من الرياض ..
تعجبتُ من قدرتها على تمييز الشوارع بأسمائها الفرعية والرئيسية ومعرفة المتاجر التي تصطف عليها .. لا أظن شقيقاتي كلهنّ يعرفنَ اسماً واحداً من طرقات الرياض فضلاً عن إجادة الوصف ..

- هل ترى التقاطع الذي أمامك ؟ البيت الممتد على الشوارع الثلاثة ؟!
- نعم .. ها هو أمامي
- شاهد السيارات التي أمام البوابه ..
- بانوراما ، جيب رنج ، يوكن .. ماذا بشأنها؟
- ههههههههههه هذا بيتنا يا فيصل !

لم أكن أعرفُ بيتها من قبل .. لم أطلب منها حتى وصفَ البيت خشية أن تفهمني بالخطأ .. وكان فهد يلح أن أعرف ذلك وكنتُ لا أبالي بإلحاحه ..
هذا هو البيتُ الذي تسكنه فاتنتي ، وهذا بالفعل هودجها الفيراني الذي حملها إليّ في المرتين الماضيتين .. أحقاً خلف هذه الأسوار تقبعُ سندريلّاي الجمليه !
كان صوتها يأتي عبر الهاتف وأشعرُ أنها أقرب بكثير من أي وقتٍ مضى .. بتّ أحسبها تحدثني وجهاً لوجه لا يفصلُنا إلا سورٌ رخاميٌ رفيع ..

فيلا أثيرة تتمدد في عرض الشارع كقلعة .. قطعةٌ من البناء الهندسيّ الحديث ليس كبيتنا إطلاقاً .. لا المقارنة ظلم سأكفّ عنها!
وهذه السيارات المترامية على أطرفه ليست كسياراتنا أبداً ..أووه اللعنة ها أنا عدت أقارن!
الحارة الأرستقراطيّة تنعم في الهدوء ، هناك في أحيائنا لا يكف الصغار عن اللعب والسيارات عن ممارسة اللهو المتهوّر .. هنا لا تشعرُ بالحياة بل الرفاهية ..
البوابةُ مفتوحة .. شعرتُ أني من الجنون بحيثُ أصعد كـ عاشقٍ مُدنف ولن ينتبهَ إليّ أحد .. يا لجنوني ..

- هذا منزلكم يا ساره ؟ لا أصدق أن ما يفصل بيننا بضعة أمتار ..

إمعاناً في مغامرتها طلبتْ مني أن أسلك الطريق الضيق الآخر .. توقفتُ عنده ...وكانت تضحك كأنها تمارس لعبةً جنونية :

- امممم ، يعجبني اللون الأبيض ، حلو لون سيارتك ههههههههه

أخذتُ أبحثُ في الشرفات الكثيرة من أين تشاهدني .. انفصلتُ عن المكان لو مرّ أحدهم لقال أني سارقٌ يخطط لفعلته ..لم أعد أعبأ بأحد !

الرياض صارمةٌ على الجبناء المترددين .. المتهوّرين دائماً ما ينفذون بجلدهم ويحالفهم حسن الحظ .. هذا ماكان يردده فهد دائماً ..
كلما تهوّرت مع سارة .. كان الأمر ينقضي على خير حال .. كأننا في عاصمةٍ أوروبية ليس فيها المزيد من التعقيد ..
حين أمسكتُ يدها .. حين تحادثنا عن الأدب في المحل دقائق طوال ، حين أهديتها رواية الأبله أمام بوابة المحل .. كنت متهوراً في الثلاث ولم ينتبه لي أحد !
أليسَ غريباً أن تخافَ من شيء فيحدث لك ، وإذا تمردتَ عليه وصرت شجاعاً تجافى عنك ، ألم يقل تيرنس بأن الحظ يساند الشجعان فقط !
حتى في القتال ، احرص على الموت توهب لك الحياة ..

أخرجتْ لي قميصاً أحمر يتراقص في الهواء ولم تفعل أكثر ..قالت أرأيته ؟ هذه شرفتها ، إذن ها هنا ترقدُ سارة وتحادثني سارة .. ها هنا أجمل معتقلٍ في الوجود !

-سارة سأهجم على غرفتك في أي لحظة ، انتبهي ، في أسبانيا حين يلوحون للثيران باللون الأحمر تُهاجم وتفقد التركيز هههه

شرقتْ بالضحك وشرقتُ بالسعادة .. الآن لا شيء أجهلهُ عن سارة .. الآن صارت الرياض أجمل مدن الدنيا لأنها مدينة الحياة ..
سيكون هذا البيت قِبلة سيارتي كلما خرجتُ من الجامعة .. ومحرابي الذي سأعتكفُ فيه ..
هل جُننتِ ياسارة لتخبري مجنوناً عن بيتك ، لاقوة في الدنيا تزحزحه عنك بعد الآن !
كان صعود روميو لشرفة جولييت في مسرحية شكسبير على وشك التكرار في هذه القائلة .. لكن أعادني من أرض الأحلام خروج سيارة الرنج من منزلهم ..
سألتها فأخبرتني أن هذا شقيقها تركي...

تركي الذي حدثتني عنه طويلاً .. تركي الذي كنتُ أغار عليها حتى من مجالسته وأحسده .. تركي الذي تقولُ بأنهُ صديقٌ لها أكثر من أخ !
كنتُ أغلقُ الهاتف وأنطلقُ خلف تركي ، جنون ؟ لا بأس ..
أريد رؤيته فقط ..فضولي أرغمني على السير خلفه ، هل يشبهها .؟ بالتأكيد سيقاسمها الملامح ..
كان يمضي وكنتُ خلفه كمتلصص .. توقف عند الصيدلية وتوقفتُ أمام البوابة وانتظرتُ خروجه .. كانت مغامرةً شيّقة ..
خرجتُ من سيارتي ومضيتُ إلى الداخل .. وتصادفنا عند الباب ..
هو لا يعرفني .. لكني أعرف اسمه وصفاته وطبائعه وماذا يشجع وماذا يدرس وماذا يحب حتى أن يسمع ..
مررتُ به وألقى السلام ومضى ..
تراقصتُ لشعور الإجرام الذي مر بي في هذه اللحظة .. أليس نوعاً من الخبث و الأعمال المخابراتيّة أن تعرفَ عن بعضهم كل شيء وهو لا يعرف عنك أي شيء..

- عليكم السلام ، قلتها وأنا أبتسم في داخلي ..

كان نحيلاً .. لديهِ لمحةٌ بسيطة من أخته.. أشد سمرةً منها .. كانت تقول سارة عندما سألتها أيّنا أجمل ، أنا أم اخوها ..أخبرتني أني أتفوق عليه بالبياض ..
حين رأيته كنت نرجسياً ، أدركتُ أن سارة شفقت على أخيها في هذه المقارنة .. أنا أجمل منه في كل شيء لكن أخوّتها منعتها من القول ..

ضحكتُ من نفسي وأنا أردد :

جميل ، هذه أول مقارنةٍ يُكتب لي النصرُ فيها !

* * *



في الليل .. كانت تخبرني عن طريقة اتصالٍ جديدة .. أوفر وأفضل !
كانت تتحدثُ حديث العارفة بالأمور وأنا أنفذ ..
علاقتي مع الكمبيوتر وبرامجه تشبه علاقتي باللغة الصينية .. لا أفهم الكثير ،
طالما تبرمتُ من ماجد وأحاديثه بخصوصه ..
وكانت سارة تلح أن أنفذ ما تقول ..
بعد ساعة من التتلمذ وتطبيق التوجيهات . .
بعد ساعة من تلبية ما تطلبه مني وأنفذه حرفياً ..
جاء صوتها يغني في أذني .. قلتُ ياللثورة المعلوماتية .. لكن لم يتوقف الأمر هنا !
ظهرت صورتها أمامي ..
ترتدي فستاناً أنيقاً شعرها ينسابُ على كتفيها تضع قدماً على الأخرى وتقول لي بإبتسام :

- "ها فيصل تشوفني الحين ؟ "
..................................................
....................................
.................................................. ............
.........................

كنت منكباً في أول قراءاتي على أعمال فيكتور هوجو وكان يقول :
أول الحب عند الفتى الحياء ، وأولهُ عند الفتاة الجرأة .. وكنتُ أسخر من رأيه.................

................................
.................................................. ..................
.............................................

..

حسناً ..
أظنني الآن مدينٌ للسيد هوجو بالإعتذار !

يتبع ....


القلم الحر غير متواجد حالياً  
التوقيع
( رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي )




أضغط على الصورة لدخول المدونة
رد مع اقتباس