[زهر البنفسج]

- أكد هذا الموقف انطباعات كايتى الأولى عنه . هذا الرجل لا يملك أى مبادئ . ومن الأفضل أن تبقى ذلك فى ذهنها خلال تعاملها معه .

- قد يهمك أن تعرف أن هارفى قال لى إنه يضمن شخصياً أمانيتك . اختنقت الكلمات فى صدرها بينما نظرت إلى وجهه بقرف ممزوج بإعجاب لا إرادى . إنه مثير للأعجاب بحق , كان فكه قوياً غير مكتنز , أما ملامحه الرجولية فتبدو وكأنها منحدرة من أجيال من التزواج بين أفراد الطبقات الحاكمة .


- هذا يفسر سبب عدم اتخاذه إجراءات الحذر الأساسية . نظرت كايتى إليه متسائلة . فأضاف : (( لم يطفئ الكومبيوتر عندما غادر الغرفة )) .


- لا أدرى من أين أتى هارفى بفكره أنك مثال للأمانة .


- أظن أنه تلقى معلوماته حول طبعى المثالى من مصدر متحيز .


- ومن يكون هذا المصدر ؟


- ارتعشت شفتا نيكوس : (( كايتلين )) .


- ففكرت كايتى متجهمة : امرأة , هذا متوقع . ثم قاطعته بانزعاج : (( وماذا اكتشفت بالتحديد عندما اطلعت على كومبيوتر هارفى من دون حق ؟ .


- لم تشعر بالارتياح لفكرة أن يعرف نيكوس لايكس تفاصيل حياتها . هارفى هو الوحيد الذى يعرف القصة الكاملة لموت بيتر . أما الآخرون فيظنون أن وفاة شقيقها التوأم كانت حادثة مروعة , شاب مغرم بالسرعة حاول أن ينعطف بسرعة كبيرة جداً على دراجته النارية . هى أيضاً اعتقدت ذلك فى البداية إلى أن قرأت الرسالة المكتوبة بخطه , والتى وجدتها تحت ممسحة الأرجل فى اليوم التالى لجنازته . يومها أمسكت الرسالة لوقت طويل خائفة من فضها لقراءة كلمات بدت وكأنها آتية من القبر . ثم قرأت : (( أنا آسف يا كايتى , ولكننى ببساطة لم أستطع تحمل الذنب )) .


- قرأت كايتى باستنكار , غير قادرة على أن أخاها الذى يضج بالحياة وقع أسير يأس جعله يقضى على حياته بنفسه .


- وتذكرت كلماته : ظننت أننى قتلت الرجل , كان على أن أتوقف , ولكننى أصبت بالهلع وهربت . ذاك الرجل عاش , لكنه سيبقى مشلولاً مدى الحياة .


- بكت كايتى طويلاً . بكت أخاها , وبكت الرجل الذى قضى استهتار أخيها على حياته .


- صرخت فى ذلك الوجه السعيد المبتسم إلى جانب وجهها فى الصورة : (( لم لم تأت إلى ؟ )) .


- لطالما لجأ أحد التوأمين إلى الآخر بحثاً عن الدعم فى الأزمات . ولطالما شكلا جبهة مشتركة فى مواجهة العالم .


- بعد هذه الحادثة , بدأت كايتى تبحث بتكتم عن معلومات تتعلق بالرجل الذى صدمه بيتر , فاكتشفت أن اسمه إبان غراهام وهو كهربائى فى الثلاثين من العمر . كان متزوجاً من حبيبة الطفولة , ولهما طفل يبلغ من العمر عشرة أشهر .


- استمعت كايتى إلى الأحاديث فى دكان البلدة حيث كان الزوجان يعيشان , فعلمت أن إيان لم يتأقلم مع عجزه , وأن زوجته الشابة تكاد تفقد صوابها , كما أن حالتهما المادية سيئة .


- وعدت كايتى نفسها أن تفعل شئياً لمساعدتهما حتى لو اضطرها الأمر لأن تكرس لهما بقية حياتها . ولكن عائلة غراهام كانت بحاجة للمساعدة الآن , وليس بعد عشرين سنة .


- تذكرت الميراث الذى تركه لها ولأخيها جدهما اليونانى , شرط أن يتزوجا . يومها صدم التوأمان لهذا الكرم الصادر عن جد لم يعرفاه قط ولم يحصلا منه حتى على بطاقة معايدة وقد اتفقت مع بيتر على ألا يتزوجا أبداً لمجرد إغاظة الرجل الذى لطالما جسد صورة الشر فى ألعاب طفولتهما .


- بدا من الغرابة بمكان أن تجعلها سلسلة أحداث غريبة تتبادل النذور المقدسة مع الرجل الجالس قربها .


- اهدأى , فأسرارك فى أمان . لم أجد إلا عنوانك ورقم صندوق يريد مشترك مع توم . لذا كان من السهل الافتراض أن زوجتى وملاك توم هما الشخص عينه .


- تنفست كايتى الصعداء بقوة .


- ألم يخطر فى بالك أن تعلمنى بأنك قادم ؟


- اعترف بصراحة : (( فكرت فى أن ردات فعلك ستكون أكثر عفوية إن لم أعلمك )) .


- فقالت كايتى فى سرها : بمعنى آخر , أراد أن يرانى أرتبك , وهذا ما حصل .


- قالت بصوت مخنوق : (( لا شك أنك كنت تتسلى باقتلاع أجنحة الذباب عندما كنت صغيراً )) .


- بدا غير مكترث لهذا الازدراء : (( توم صديقى , ولا أرغب فى رؤيته يرتبط بزواج غير حكيم )) .


- والزواج بى ليس حكيماً ؟


- ارتفع صوتها بغضب ما جعل نيكوس يجفل .


- يبدو أنك لم تفكر بهذا فى وقت مضى !


- وصلت إلى هنا بذهن منفتح .


- أطلقت كايتى ضحكة ساخرة : (( هذا ليس صحيحاً ! ما بالك ؟ ألا تحتمل رؤية الآخرين سعداء ؟ )) .


- من الطبيعى أن تقلقى , فأنا لن أتجاوب مع طلب الطلاق .


- اتسعت عينا كايتى بقلق وشعرت وكأن الأرض تتداعى تحت قدميها : (( لن تفعل ’ أليس كذلك ؟ )) .


- لم يجب على همستها المرتعبة . ولكن ابتسامته الغامضة بدت مقصودة لجعلها تستمر بالقلق . وأدركت كايتى أنه لن يعطيها إجابة صريحة , فالرجل لديه مخطط سادى طويل ليجعلها تشعر بالرعب .


- فى الواقع , عندما قرأت رسالة هارفى , بدا الوقت مناسباً . فقد كنت أفكر بالزواج أيضاً .


- بدا الارتياح على كايتى فأسندت ظهرها إلى مقعدها : (( هذا رائع ! )) .


- قالت ذلك بسعادة , وافترضت أنه لابد أن عدداً من النساء يرغبن بهذا الرجل , وهن مستعدات لتجاهل طبعه المتغطرس الأنانى .


- ومن هى سعيدة الحظ ؟


- لن تعرفيها .


- ففكرت كايتى بازدراء : بمعنى آخر , نحن لا نتنمى إلى المجتمع ذاته ... ياله من متكبر !


- لم لم تخبرى توم أنك متزوجة ؟


- طرحت كايتى هذا السؤال على نفسها مراراً فى الآونة الأخيرة . ولكنها لم تقتنع بأى من الإجابات التى خطرت لها , فأجابت بوقاحة : (( لقد غاب الأمر عن بالى )) .


- رمقها نيكوس بنظرة ساخرة . فتنهدت وهزت كتفيها بحركة مهزومة , ثم قالت له بغضب : (( فى الواقع , لم أشعر أبداً أننى متزوجة . كما أن هذا الزواج ليس بالأمر الذى أفخر فيه فى حياتى )) .


- فهى لو أخبرت توم بذلك , فستضطر إلى إخباره لما قامت بهذا الأمر وهذا لم يكن خياراً يريحها . فلا أحد يعلم الحقيقة سوى هارفى . وهى تنوى أن تبقى الأمر كذلك ’ إكراماً لبيتر . فقد دفع أخوها حياته ثمن خطئه ... أليس هذا كافياً ؟


- قالت له ببرود : (( كنت بحاجة للمال يومها , لا أكثر ولا أقل . والغاية تبرر الوسيلة )) .


- ثم أضافت : (( وكنت آمل أن ينهى هارفى الأمور بطريقة ما , ولا حاجة لأن يعرف توم بأى شئ )) .


- سيبنى زواجكما إذاً على الاكاذيب ... هذا أساس ممتاز .


- توردت كايتى بغضب لتهكمه : (( لم أكذب على توم أبداً . لو سألنى إن كنت متزوجة لأخبرته بذلك )) .


- هو إذاً زواج مبنى على أنصاف الحقائق . أهنئك , إنه لتقدم كبير . تنفست كايتى بقوة : (( يا إلهى , كم أنت حاداً أستغرب كيف لا تجرح نفسك )) .


- وفكرت ساخرة من نفسها : لابد أننى محظوظ للغاية .


- ثم أضافت ببراءة : (( أفهم أن صديقتك تعلم أنك متزوج ؟ )) .