عرض مشاركة واحدة
قديم 27-09-11, 07:50 AM   #15

ام مزن

نجم روايتي ولؤلؤة فريق الكتابة للروايات الرومانسية وأميرة حزب روايتى للفكر الحر

alkap ~
 
الصورة الرمزية ام مزن

? العضوٌ??? » 121790
?  التسِجيلٌ » May 2010
? مشَارَ?اتْي » 2,641
? الًجنِس »
? دولتي » دولتي Sudan
? مزاجي » مزاجي
?  نُقآطِيْ » ام مزن has a reputation beyond reputeام مزن has a reputation beyond reputeام مزن has a reputation beyond reputeام مزن has a reputation beyond reputeام مزن has a reputation beyond reputeام مزن has a reputation beyond reputeام مزن has a reputation beyond reputeام مزن has a reputation beyond reputeام مزن has a reputation beyond reputeام مزن has a reputation beyond reputeام مزن has a reputation beyond repute
¬» مشروبك   pepsi
¬» قناتك abudhabi
¬» اشجع hilal
?? ??? ~
My Mms ~
افتراضي

الفصل الثالث


دخلت جينا الى المطعم اليونانى بعد الثامنة مباشرة وقد توهجت وجنتاها من السير فى الريح العاصفة , شعرت بالسرور لانها لاتسكن بجانب البحر او بجانب اشجار كبيرة , لقد كانت رأت على شاشة التلفزيون صورا لعاصفة ضربت السواحل وطرقات اقفلتها اشجار السنديان الساقطة .
جعل سوء الجوء من الصعب عليها ترك المنزل من دون أثارة فضول السير جورج , وكان عليها ان تكذب قائلة انها ذاهبة لمقابلة صديق قديم من ايام الدراسة وقد جعلها هذا الكذب تشعر بالضيق , كان سألها :
- هل هى روز ايميرى
فأجابة متذكرة فتاة فى صفها كانت رحلة الى نيوزيلاند :
- كلا انها باشى وود, انت لاتعرفها فقد امضت فى الخارج سنوات
كانت الكذبة مازالت تخنقها عندما تناول النادل اليونانى معطفها وناوله الى خادم غرفة المعاطف
- تريدين السيد كاسبيان طبعا , من هنا رجاء
كادت تهرب هذة اللحظة شاعرة بالكراهية للذنب الذى تقترفه والحاجة الى السرية .... ولكنها لم تستطع الذهاب من دون معطفها , وخجلت من ان تطلب اعادته اليها , وهكذا تبعت الرجل خلال القاعة المزدحمة الخافتة الضوء الى مائدة فى كهف متوار فى الجدار ماجعلها تشعر بالارتياح لانها على الاقل لن ترى احدا ولن يراها احد .
وقال النادل وهو يحنى راسه :
- ضيفتك سيد كاسبيان
فنهض نيكولاس واقفا , وقال ناظرا فى عينيها :
- مساء الخير
بادلته النظر وقد سمرها منظره فى بذلته القاتمة اللون وقميصه الازرق المحطط , حدثت نفسها مرة اخرى بانه ليس وسيما , ولكن المشكلة هى انه كان يضج بجاذبية الرجولة , قالت متلعثمة بينما النادل يسحب لها كرسيا تهالكت عليه قبل ان تخونها ساقاها :
- آسفة لتاخرى
قال لها النادل :
- هل تريدين مقبلات ياسيدتى
نظرت اليه لاتدرى ماذا تقول , فتدخل كاسبيان قائلا :
- هل تأذنين لى بان اطلب لك شئ ؟
ثم اخذ يتحدث باللغة اليونانية الى النادل بسرعة , فابتسم هذا وهو يقول شئ بلغته ثم ذهب , سألته جينا :
- ماذا قلت له ان يحضر الى ؟
- لاشئ يمكن ان يؤذيك
لكن جينا نظرت اليه بارتياب :
- لااثق بك
فقال بذلك الصوت الرقيق الساخر :
- اعلم انك لاتثقين بى
لقد عادا يتحدثان بكلام مزدوج المعنى , انها لم تعرف قط بشكل مؤكد مايعنيه حقيقة , ولكنها شعرت بالخوف وكان هذا ما ارادها ان تشعر به , كان نيكولاس كاسبيان ماهرا فى حمل الناس على الشعور بعدم الارتياح , فقد كان هذا جزءا من وسائله لكى يربح اللعبة التى يقوم بها , مهما كان نوع العمل والاشخاص , انه يفقد الشخص اتزانه , ثم ينتقل بسرعة لايدرك الشخص معها ماكان يحدث الا بعد فوات الاون .
اشاحت جينا بوجهها مقطبة الجبين , حسنا انه لن يستطيع اخذها على حين غرة...... لقد حسبت حساب ذلك , عاد النادل مع كوب كوكتيل على صينيه , اخذ كاسبيان ينظر اليها وهى تذوق السائل الاصفر المتالق بحذر وجدته لذيذ المزاق حقا , سألته :
- ماذا يحتوى الشراب ؟
فهز نيكولاس كتفيه :
- اعشاب عطرة , عسل , برتقال , هل اعجبك ؟
- نعم شكرا , لكننى ساطلب طعامى بنفسى اذا لم يكن لديك مانع
فضحك وقال :
- اتعرفين الطعام اليونانى ؟
قالت وهى تنظر الى قائمة الطعام :
- نعم , ساطلب بندورة محشوة , ثم كباب لحم خروف مع سلطة يونانية وخبز
طلب نيكولاس لنفسه وجبة ادسم قليلا , ثم توارى النادل تارك اياهما بمفردهما , كان الكهف الذى يحتوى على مائدتهم خافت النور ليس مكشوفا لمائدة آخرى , بينما موسيقى يونانية ناعمة تتماوج فى الجوء تخفى احاديث الزبائن , واخذت جينا ترشف شرابها منحية الراس
سألها بجفاء :
- ماذا قلت للسير جورج ؟
فقالت عابسة :
- اننى ذاهبة لرؤية صديقة قديمة , جعلنى هذا اشعر بالضيق فانا اكره ان اكذب عليه , انا واثقة من ان الشعور بالذنب ظهر على وجهى
فقال ببطء :
- ربما ظنك خارجة للقاء حبيب
فاحمر وجهها وكان هذا عادة فيها منذ المراهقة لم تتغلب عليها فكانت تكرهها جدا
قال برقة :
- هذا اللون يناسبك
وعندما ازداد احمرار وجهها قال يغيظها :
- عنيت لون ثوبك طبعا
فقالت بجمود :
- اشكرك
كانت امضت ساعة فى تقرير ماسترتديه , وأخيرا اسنقر عزمها على ثوب حريرى اخضر , كان بسيطا انيقا يلائمها تماما , مال على المائد ينظر فى عينيها :
- لونه يجعل اخضرار عينيك اكثر دكنة
كان يغازلها , ولكن هزلا خبيثا كان يكسو ملامحه لانه كان يعلم انها لم تشأ ان تقوم بلعبة من هذا النوع , خفضت بصرها , وبعد لحظة جاء النادل , فاشرق وجهها :
- آه جاء الطعام
فضحك نيكولاس بصوت خافت وقال :
- يالها من نجدة
تجاهلت سخريته وحصرت اهتمامها بالبندورة المحشوة بالارز والاعشاب , اما كاسبيان فكان يأكل سمكا غريب الشكل مغمورا بمرقة وردية اللون
سألها فجاة :
- هل استمعت بغدائك مع روز ايميرى ؟
فأجفلت ونظرت اليه بدهشة :
- ما ادراك باننى تناولت غدائى معها ؟
- وهل كان هذا سرا ؟
- كلا بالطبع , ولكن .......
لم يعجبها معرفته بشؤون حياتها , حتى امس لم تكن تعرفه قط , ان علمه بكل شئ هو امر كبير .
سالته :
- هل تعرف روز ؟
- اعرف والدها ديسموند ايميرى , لقد اشتغل عندى سنة فى الواقع , وذلك فى احدى صحفى الايطالية
عادته تساله :
- كم صحيفة لديك ؟
هز كتفيه :
- آه , عشرون لكننى لا استطيع ان اعطيك رقما محددا بالنسبة للصحف الاقليمية , اننى لا انفك عن طلب المزيد منها , وهكذا عددها يتغير طول الوقت .
استوعبت حديثه بصمت وهى تاكل بينما اخذ نيكولاس يتحدث عن والد روز الشهير :
- كان يريد ان يعيش فى روما فترة لكى يؤلف كتابا عن السياسة الايطالية منذ الحرب , فعمل عندى بكتابة مقالين اسبوعيا ليتمكن من الانفاق على نفسه أثناء وجوده هناك , كان كتابا عجيبا كذلك ..... ماذا كان اسمه ؟ آه , نعم مشاهد ايطالية , هل قراته ؟
هزت راسها :
- قرأت اثنين من كتبه ولكن ليس هذا الكتاب
فقال بجد :
- انه كتاب ممتاز , وقد كنت فخورا بعمله عندى , لقد كان دوما مثلى الاعلى , فهو متعدد المواهب , صحفى كبير وكاتب واكثر من ذلك ان لديه عقلا نيرا دوما كنت اشعر بالرهبة منه
- روز تفتخر دوما بكونها ابنته
قالت جينا ذلك عالمة انها تبسط من مشاعر روز , فالافتخار هو جزء منها , ولكن كونها ابنة ديسموند ايميرى لم يكن امرا بسيطا .
لوى نيكولاس كاسبيان شفتيه :
- ولكن من الصعب العيش بمقتضى ذلك
وكانت افكاره تماثل افكارها , عادت تسأله :
- كيف علمت اننى تناولت الغداء مع روز ؟
- كنت اتغدى هناك فى نادى الصحافة فصادفت هناك دانيال برونى
حملقت جينا فيه وشهقت بشكل لا ارادى وهى تقول :
- آوه ....
فالقى عليها نظرة عنيفة متفحصة
- والان اتساءل عما يجعل لذكر اسمه مثل هذا التاثير عليك
شعرت بوجهها يتوهج مرة آخرى , فحولت نظراتها عنه :
- اذن دانيال هو الذى اخبرك بأننى كنت ذاهبة مع روز ؟
- نعم , مامقدار معرفتك بدانيال ؟
سألته وهى تتساءل عما اذا كان دانيال هو الذى يسرب اليه اخبار مايجرى فى سنتنال , سألته بقولها :
- كيف تعرفت الى دانيال ؟
هل من الممكن ان بفعل دانيال ذلك ؟انها لايمكن ان تصدق هذا , ان بامكانها ان تقسم ان دانيال لديه من الكرامة والكبرياء , كاغلب الفرنسيين مايمنعه من ذلك , من غير الممكن ان يبيع دانيال برونى مخدومه , فهذا يجعله يرى نفسه حقيرا , كان فى الثلاثينات من عمره , بالغ النحافة سريع الحركة , ذا شعر اسود جعد , وبشرة سمراء وعينين سوداوين حادتين , ولد فى مونتريال من اسرة فرنسية فنشأ يعرف لغتين الذى قد يكون منحه البداية , اذا انه انتهى بمعرفة تسع لغات تترواح اجادته لها بين القوة والضعف , كان لدانيال ذهن بحدة السيف , وهو عنيف فى الجدال , ذو طاقة وحيوية بالغتين , دوما كان اوروبيا ملتزما , شغوفا بالبلاد الاخرى , نال جائزة افضل مراسل اجنبى , قبل ان يستقرا اخيرا وراء مكتب التحرير فى قسم الاخبار الاجنبية فى لندن
قال نيكولاس بلهجة باردة :
- اننى اعرف دانيال لانه كان يعمل عندى فى باريس , بقى سنة واحدة , ولم اقابله سوى مرة واحدة حينئذاك فى مؤتمر دولى , ولكن كان واضحا منذ البداية انه رفيع المستوى , وقد بقت عيناى عليه منذ ذلك الحين املا فى استعادته
والقى عليها نظرة عنيفة من عينيه الثاقبتين :
- هل انت كذلك ؟
سألته بارتباك :
- ماذا ؟
- واضعة عينيك عليه ؟
فقالت باستياء :
- هل لك ان تتوقف عن توجية اسئلة شخصية الى ؟
مالذى جعله يظنها مهتمة بدانيال ؟ هذا لايعنى انها ستنكر ذلك , كلا فهى لن تريحه من هذه الناحية , فهو بقى يشير الى انه لم يكن هناك رجل فى حياتها منذ وفاة جايمس وهذا كرهته جدا منه لانه كان صحيحا , جاء النادل بالنوع الثانى من الطعام والذى كان لذيذا تماما .
لم يتحدثا كثيرا أثناء الطعام ولكن عندما رفع النادل الاطباق الفارغة وأحضر لهما قائمة الحلويات قال نيكولاس ببرودة :
- كنت اراقب روز ايميرى كذلك وباهتمام كبير لهذا سالت دانيال عن رأيه فى عملها منذ التحقت بقسم الاخبار الاجنبية فى سنتنال , وهذا هو السبب فى انه اخبرنى انها تناولت الغداء معك اليوم
فقالت :
- لم يكن دانيال يريد روز فى قسم الاخبار الاجنبية . ألم يخبرك بذلك ؟
فاوما لاويا شفتيه :
- ذكر ذلك , نعم , لم يكن يراها على خبرة كافية او ناضجة فى السن ما يتناسب مع وظيفة مراسلة اجنبية
- هذا عذر فقط , ان هنالك اسبابا آخرى , اولا لانها امراة دانيال لا يعتبر وظيفة مراسلة اجنبية مناسبة للنساء اذ انها غير آمنة
فقال بلهجة لينة :
- هناك شئ كهذا
- لا اتفق معك فى هذا , فقد امضت روز خمس سنوات تعمل فى الخارج
- كان هذا فى بلاد آمنة مثل فرنسا
- لقد عاشت فى كل انحاء العالم , فدوما كانت تسافر مع والدها الى البلاد الاجنبية , وعلى كل حال هنالك كثبرات يعملن مراسلات اجنبيات هذه الايام , كلا , ان غرضه الحقيقى من ابعادها هو انه وروز لم ينسجما قط , والان وهى ترأه يعرقل وظيفتها , ازدادت كراهيتها له
فقال :
- كان يعمل مع والدها ديسموند فى مونتريال ثم فى باريس فهو يذكره دوما ببالغ التبجيل والاحترام , ولكننى لا ادهش اذا هو ظنها تريد ان تستعين بشهرة والدها لكى تصل الى ماتريد , فلم يعجبه هذا .
- هذا غير صحيح , فقد كانت روز تعمل كالمجنونة لكى تصل الى مكانها الحالى , انها تستحق تلك الوظيفة
ابتسم لحماستها :
- انا واثق من ذلك
فاحمر وجهها :
- اننى معجبة بالطريقة التى شقت بها طريقها بكل عناد , الامر لم يكن سهلا , اذا كان هذا مايظنه دانيال , لقد ماتت امها فى طفولتها وعندما كبرت قليلا وضعها والدها فى مدرسة داخلية حيث تعرفت انا عليها , كنا فى نفس الصف ويتيمتى الام , نحن الاثنتين , وكان هذا ماربط بيننا
قال وهو يتأملها باهتمام حقبقى :
- هذا ما اتصوره
كانت جينا نسيت عدم ثقتها به فابتسمت قائلة :
- اننى اتذكر كيف كانت تغيب كل صيف عند والدها فى اى منطقة فى العالم يكون حيئنذاك , كنا جميعا نحسدها بجنون , كانت حياتها تبدو رائعة وهى تزور اماكن الحروب ومناطق القلاقل والمشاكل , كان أبى موظف فى سنتنال عند السير جورج , ولكنه كان محاسبا وليس مراسلا , ولم نغادر لندن قط الا الى فرنسا او اسبانيا
سألها وهو ينظر اليها بحدة :
- هل هكذا تعرفت الى زوجك ؟ لان والدك كان يعمل عند جده ؟
تاهت عيناها فى الذكريات كانت ذكرياتها صافية واضحة فى العادة ولكنها الان اخذت تغيم مع مرور الزمن ويطويها النسيان , كانت تظن انها لن تنسى قط لحظة واحدة من ذلك المساء , فكان يؤلمها انها لم تعد تذكر الان سوى القليل منه
- لقد تعارفنا فى حفلة العيد السنوية التى يقيمها موظفو سنتنال , وكان ذلك فى فندق باركلين فى قاعة الاحتفالات الفسيحة بثرياتها المتالقة فوق الرؤوس , كان جايمس قد ذهب الى تلك لاول مرة وكذلك انا
كانا فى نفس العمر , والاثنان حديثى السن , جذبهما شبابهما الى بعضهما البعض على الفور , اذ كانا يشعران بالحرج من تلك الجموع من الصحافيين والسكرتيرية والمصورين ورجال الاعلان , كلهم اكبر منهما سنا وخبرة وثقة بالنفس .
اخترق صوت نيكولاس الساخر مبددا شرودها ماجعلها تجفل :
- يالها من مناسبة شاعرية
فقالت متحدية :
- نعم , كانت كذلك
لم يكن يتعالى عليها او يهزا من ذكرياتها , لقد تزوجت جايمس لانها احبته وكانا سعيدين معا , ولكن نيكولاس كاسبيان لايبدو عليه انه من الشاعرى او القابل للزواج , انه يخرج فقط مع عارضات الازياء السويديات المتالقات كتلك المتصورة معه فى الصحيفة , ام لعله متزوج فعلا وكريستا نوردستروم هى صديقته ؟
اندفعت تسأله :
- هل انت متزوج ؟
ثم عضت شفتها وقد احمر وجهها , نظر اليها بتسلية :
- عجبا , ما الذى جعلك تلقين هذا السؤال ؟ كلا , انا لست متزوجا , وهكذا يمكنك ان تكفى عن القلق
فقالت باستياء :
- ولماذا اقلق ؟
ولكنها فى اعماقها كنت تتساءل عن نوع العلاقة بالضبط التى تربط بينه وبين عارضة الازياء السويدية الرائعة الجمال , هل هى علاقة جادة ؟ وهل مضى عليهما وقت طويل معا ؟
سألها بسخرية واضحة :
- كم يبلغ عمرك ؟
ثم ومن دون انتظار لجوابها عاد يسأل :
- كم كان عمرك عند زواجك ؟
حملقت به قائلة :
- لا ادرى لماذا نستمر فى الحديث عن حياتى الخاصة , سيد كاسبيان
اجابها يغيظها :
- ولكنك كنت تتحدثين عن حياتى
ردت عليه بحدة :
- حسنا , هل لنا ان نتحدث عن العمل ؟ قلت انك تريد ان تتحدث عن مشاكل السير جورج المالية , فهل لنا ان نبدا ؟
جاء النادل فى هذه اللحظة فطلب منه نيكولاس احضار قهوة يونانية , اسرع الرجل ليحضرها بينما أتكا نيكولاس بمرفقيه على المائدة نحوها وراح يتأملها بفضول , بادلته النظرات تنتظر بضيق وفروع صبر ماسيقول .
واخيرا قال وعيناه المغناطيسيتان تتالقان تحت شعره الاسود :
- يمكننى ان احل مشاكل السير جورج المالية بجرة قلم , فالحل المثالى كما اراه انا طبعا هو شراء معظم اسهم صحيفته , جميع الخمسين فى المئة , وهذا يمنحنى السيطرة الكاملة على الفور
شهقت بذعر ولكنه استمر يقول :
- عند ذلك يمكننى ادخال راسمال جديد فى المؤسسة , ودفع قرض البنك وتحمل مسؤولية اى تباطؤ فى الوقت فى الوقت بين ترك المبنى وبيعه , كما اننى طبعا اتعهد بالانتقال الى المجمع الجديد باربرى وارف
فانفجرت تقول بمرارة :
- لقد كان الرجل على صواب اذن عندما قال انك وحش لا رحمة فى قلبه .......
وضع يده على فمها فكادت تعضها وهى تقول :
- دعنى .......
فقال بغلظة وقد غابت ابتسامته :
- انتظرى لحظة قبل ان تطلقى على كل الاسماء تحت الشمس
حملقت اليه بغضب بينما تابع هو يقول :
- قلت ان هذا هو الحل المثالى الذى أراه , ولكننى مدرك ان من غير المحتمل ان يوافق السير جورج على ذلك , وبدلا من ذلك اتقدم بتسوية , معاهدة تصون ماء الوجه حيث اقدم مبلغا ينعش راس المال المؤسسة واظفر بمقعد فى مجلس الادارة مع صوت قوى فى سياسة المستقبل , والحق فى القيام ببعض التغييرات بين الموظفين
حدقت جينا اليه مترددة فانزل يده التى تقفل فمها وهو يرفع حاجبيه مستفهما
- حسنا , اتظنينه يقبل ذلك ؟
سألته ببطء وهى تتفحص وجهه القاسى الملامح طلبا للاطمئنان :
- هل انت جاد ؟ اعنى هل هذا عرض تريدنى ان اتقدم به الى السير جورج ؟
- هذا ماردتك ان تقابليتى لاجله , هل لك ان تكونى واسطة بيننا ؟ ان السير جورج حاليا اشبه بكلب يجلس على شوك , فهو يتآلم لكن العناد يمنعه من الانتقال من مكانه ولكنه سيضغى اليك , اذن فهذا هو الذى اتقدم به اليه , وسانتظر باهتمام , لاسمع انه مستعد للحديث عنه
عاد النادل بالقهوة اليونانية البالغة الحلاوة , فاخذت جينا ترشفها بحذر .
وعندما اصبحا وحدهما مرة آخرى , قال نيكولاس بهدوء :
- ويمكنك ان تطمئنى الى اننى عرضت عليك بيانا صادقا بما انوى , المحامون والمحاسبون عندى ستصيبهم رجفة دون شك اذا سمعوا ما اقوله
- وما يدرينى ان بامكانى الثقة بك , سيد كاسبيان ؟
فقاطها يقول :
- الم يحن الوقت بعد لتنادينى باسم نيكولاس ؟
- لكننا لم نجتمع سوى اليوم
فقال بصوت خافت حميم :
- هل كان ذلك اليوم فقط ؟
فشعرت بقشعريرة تنساب فى ظهرها , لقد فكرت بمثل ذلك مرة او مرتين , هل حقا لم يعرفا بعضهما البعض الا منذ ساعات ؟
قالت بصوت أبح :
- نعم , لا ادرى عنك ياسيد كاسبيان ولكننى لست عمياء ولا غبية ازاء كل كلامك عن توخيك الصراحة , اليس صحيحا ان هدفك البعيد هو الاطاحة بالسير جورج الى خارج مؤسسته واخذها لنفسك ؟
فقال معترفا :
- هذه كانت نيتى الاساسية
تمتمت تقول :
- وهذا مايجعلك عدوا له
ضاقت عيناه الرماديتان :
- ويجعلك عدوة لى ؟
قالت مرواغة :
- اننى احب الرجل العجوز كثيرا
فتمتم لاوى الشفتين :
- اصدقاؤه اصدقاؤك , واعداؤه اعداؤك ؟ انك بالغة الوفاء اليس كذلك ؟ ارجو ان يكون الرجل العجوز يعلم اى حليف انت لديه , الرجل العجوز ..... اليس هذا هو الاسم الذى تدعينه به فى عقلك ؟ وانت على حق , فهو رجل عجوز , عجوزا جدا , اكبر من ان يتمكن من ادارة مؤسسة كبرى
كان كلامه مقنعا تماما ولكنها اخذت تجادله :
- انه ليس المدير المنفذ وانما هو رئيس مجلس الادارة , فهو لا يتدخل فى ادارة اعمال الصحيفة يوميا , ان جو ماكينلى هو المدير المنفذ
فهز كتفيه ساخرا :
- خادم السير جورج المطيع ؟ انك تعلمين تماما انه هناك فقط للقيام بالاعمال الرتيبة , انه حمارشغل دون تفكير فهو يحفظ روتين العمل عن ظهر قلب , ولكن ليس لديه استعداد طبيعى او ميل عفوى , قد يكون السير جورج منحه المركز لكنه لم يمنحه النفوذ , مبقيا ذلك فى يده , كعادته على الدوام , ان لديه القسم الاكبر من الاسهم , المؤسسة تدار حسب رأيه , وهو يختار الرجال الذين يديرونها صوريا
كان هذا اكثر من صحيح , ولكن كيف علم هذا كله ؟ سألته بغضب :
- من يكون جاسوسك فى سنتنال ياسيد كاسبيان ؟ اتعلم ماقاله لى السير جورج عنك ؟ انه يسميك الاخطبوط ذا الاذرع الممتدة فى كل مكان , وكان على صواب , اليس كذلك ؟ اننى لم اعرفك الا منذ ساعات قليلة , ولكننى اكتشفت مبلغ قسوتك , انك تدفع نقودا الى شخص ما لكى يخبرك باسرار سنتنال
اخذ يتاملها لحظة ثم سالها :
- احقا انا كذلك ؟ ما الذى يجعلك تظنين ذلك ؟
فقالت ساخرة :
- انت ياسيد كاسبيان , فقد اخذت تتباهى امامى باتصلاتك الواسعة فى اعمال الصحيفة , انك تعرف كل شئ شخص كما اخبرتنى حتى فى سنتنال .......... روز ووالدها , دانيال و جو ماكينلى , هل واحد منهما هو جاسوسك ؟
فقال ساخرا :
- ان لك ذهنا مسرحيا تماما
فاحمر وجهها :
- ربما , ولكنك اعترفت بانك لاتنسى وجه شخص عرفته اذ قد يكون مفيدا لك , حتى ولو كانوا يعيشون فى قارة اخرى , اظنك تستغل احد الموظفين فمن هو اذن الذى يبيعنا فى سنتنال ؟
فقال بهدوء دون ان ينكر ايا من اتهاماتها :
- عالم الصحافة هو عالم ضغير , الناس فى مهنتنا يتنقلون كثيرا , فهم لا يبقون فى الصحيفة الى الابد , حتى انهم لا يستقرون طويلا فى بلد واحد , فهم لا ينفكون عن التنقل مابين اوروبا , اميركا , اوستراليا وهونغ كنغ الى انجلترا , وفى كل ربيع يبدأون فى بقراءة صحف الاعلانات يبحثون عن وظيفة جديدة , فالعشب دوما يبدو اكثر اخضرارا فى الامكنة الاخرى , واذا كانوا جيدين حتى وان لم يكونوا كذلك , فليس من الصعب تغير وظائفهم وصاحب الصحيفة الجيد , وانا واحد منهم ولن اكون متواضعا بالنسبة لهذا , صاحب الصحيفة لا ينفك عن البحث عن المواهب ولا ينسى قط اسما يستحق الذكر , فما الخطأ فى هذا ؟
فقالت متهكمة :
- يبدو هذا رائعا , ولكن مايعنيه هو انك تستغل الناس وانت تحاول ان تستغلنى الان , اننى لست غبيبة وانا اعلم ماتفعل ولن ادعك تستغلنى للوصول الى الرجل العجوز لاننى لا اثق بك , او بعرض التسوية الذى تقدمه , اظن ان ماتريده حقا هو وضع قدمك عند الباب , وببطء وثبات تدفع نفسك الى الداخل , وبعد ذلك الويل لك من يقف فى طريقك , فانت ستسحق الرجل العجوز دون تردد , حسنا لن اساعدك على ذلك
ثم نهضت واقفة بسرعة , كادت تطيح بالمائدة ثم سارت مبتعدة , تاركة كوب قهوتها نصف فارغ , وجد خادم غرفة الملابس معطفها فى نفس الوقت الذى كان نيكولاس كاسبيان قد وصل فيه اليها , كانت ترجو ان يتاخر اثناء دفعه للحساب , ولكن يبدو انه وقع القائمة بامضائه فقط .
تناول المعطف من الخادم بصمت ومضى يساعدها على ارتدائه , ادخلت ذراعيها فى الكمين , شاعرة بوجوده خلفها , لكنها استطاعت ان تحول وجهها عنه ملتزمة بالصمت .
فتح النادل لهما الباب فاندفعت خارجة منه بسرعة كادت تصطدم معها بشخص وصل لتوه , تمتمت دون ان ترى الشخص :
- آسفة .....
واذا بها تجمد مكانها
- مرحبا ياجينا , لم ارك منذ دهور
قالت ذلك المراة التى اصطدمت جينا بها والتى عرفتها هذه وقد غاص قلبها بين جنبيها , كانت امراة يقظة متوثبة , فى حوالى الخمسين من العمر , ذات وجه مصبوغ بافراط وشعر فضى مجعد , بينما تلف حول عنقها عقدا طويلا من اللؤلؤ وترتدى سترة فراء قصيرة
- كنت اتحدث الى جورج هذا المساء , ودعوته الى حفلة ساقيمها مساء السبت , تعالى انت ايضا ياجينا
واثناء كلامها كانت عيناها تنظران من فوق كتف جينا الى الرجل الذى خلفها , قالت جينا بخشونة محاولة الاستمرار فى طريقها :
- اشكرك يا لورا , ساعطيك علما
ولكن لورا ديلى لم تسمح لها بالهرب , كان السير جورج يسميها (الارملة الطروب ) وكان هذا اللقب يناسبها تماما , كانت فقدت زوجها منذ حوالى الخمس سنوات , ومنذ ذلك الحين وهى تستمتع بالحياة بكل ما بامكانها , حضرت حفلات لا تحصى , وهى موجودة فى كل حفلات افتتاح الافلام على الدوام , كما كانت تعشق المطاعم الجديدة الناجحة والذى كان هو السبب فى وجودها هنا الليلة .
سألتها :
- من هذا الذى معك ؟
ثم ودون انتظار لجوابها :
- انه نيكولاس كاسبيان , اليس كذلك ؟
وابتسمت وهى تمنحه ابتسامة متآلقة , قال نيكولاس ببطء :
- هذا صحيح , الن تعريفنى بصديقتك الجميلة ياجينا ؟
وبدت فى عينيه التسلية , احبت لورا منه ذلك فمدت اليه يدا مثقلة بالخواتم :
- انك اعجبتنى ياسيد كاسبيان او .........هل يمكننى ان ادعوك نيكولاس ؟
قال متزلفا :
- نعم , ارجوك لورا
وتساءلت جينا بغضب لماذا لاتشعر لورا ديلى بالنفاق فى كلمة يقولها ؟ طبعا , لقد احبت هذا الكلام الى درجة لم تشأ معها ان تفكر فى ما اذا كان يعنى مايقول , لكن جينا كانت تكره الاضغاء اليه لانها لم تكن تثق بما يقول .
خفقت لورا باهدابها المثقلة بالماسكارا وهى تنظر اليه قائلة :
- هل كنتما تاكلان هنا ؟ وهل الطعام هنا جيد كما تقول الدعاية ؟
فقال :
- انه ممتاز لقد استمتعنا بالطعام هنا , اليس كذلك ياجينا ؟
فاشحت جينا بوجهها دون ان تجيب , اطلقت لورا ضحكة ضغيرة ثم قالت :
- اخبرنى السير جورج انك تتعشين مع صديقة قديمة لك من ايام الدراسة , يا جينا
شعرت جينا بعيني نيكولاس الساخرتين فلم تلتفت اليه , بل قالت للورا بجمود :
- انه مخطئ
فاطلقت هذه ضحكة آخرى :
- هذا ما اراه يا فتاتى المشاغبة , آه لاتقلقى فلن اتلفظ بكلمة , ان سرك فى مكان أمين عندى
اخذ مرافقها وهو رجل عسكرى المظهر فى الستينات من عمره , اخذ يتنحح باستياء :
- لقد بردنا من الوقوف فى الخارج هنا ياعزيزتى , الا تظنين ان دخولنا افضل ؟
- نعم ياعزيزى اننى قادمة
ومنحت نيكولاس ابتسامة وهى تقول :
- تفضل مع جينا الى حفلتى مساء السبت , او تفضل وحدك بدونها اذا لم تستطع هى القدوم , اننى اسكن فى فارتن كورث , بعد هذا المكان بشارعين , شقتى فى الطابق الارضى وستعثر عليها بسهولة , مساء السبت الساعة الثامنة , تعال فى وقت فالحفلة ستستمر ساعات
ثم ذهبت فاتجهت جينا نحو المنعطف غاضبة للغاية , شاعرة بالارتياح لقرب وصولها الى منزلها , لكن نيكولاس لحق بها بخطوتين واسعتين , رأت الهزل فى عينيه فتملكها الاستياء , قال :
- يالها من امراة فاتنة
فاجابت بلهجة لاذعة :
- نعم , النوع الذى يعجبك بالضبط
فقال بحدة :
- آه , تلك كلمة كريهة
- وانت تستحقها
- انك حقا لاتحبينها , اليس كذلك ؟
فقالت بمرارة :
- ارجو ان تتصل بك هاتفيا ليلا نهارا كما تفعل مع السير جورج , ليس من السهل التخلص من لورا ديلى اذا هى انشبت صنارتها فيك
سألها رافعا احد حاجبيه متهكما :
- وهل هى تطارد السير جورج ؟
- انها تطارد كل رجل تتعرف اليه
اخذت جينا تسرع فى سيرها عندما بدا لها البيت الذى تسكنه مع السير جورج , واسعا انيقا فخما .
رأت النور مضاء فى نافذة غرفة السير جورج , كان عليه ان يكون فى فراشه الان مادامت الساعة بعد العاشرة , فهو دوما ينام باكرا اذا كان فى البيت , انه مازال يعيش تبعا للقول المأثور ( نم باكرا واستقيظ باكرا ) فهو يستقيظ دوما فى السابعة , وغالبا ما يكون فى مكتبه فى الثامنة , هذا اذا لم يذهب الى باربرى وارف ليرى سير البناء .
امسك نيكولاس بذراعها مرغما اياها على الوقوف وهو يقول :
- لماذا انت غاضبة ؟
التفتت تحملق فيه :
- سيد كاسبيان , لقد نلت الكفاية من صحبتك هذا النهار , منذ اللحظة التى رأيتك فيه , ادركت انك لا تعجبنى , ولآن كل ماريده هو ان اصل الى بيتى وانسى كل شئ عنك
تقلص وجهه وكأنها صفعته , بينما انتزعت هى ذراعها منه ثم ركضت وهذه المرة لم يتبعها .
ولكنها فى غرفتها استلقت على سريرها مستيقظة مدة طويلة شاعرة بالانزعاج والضيق , لم تتصور لحظة واحدة انه سيتخلى عن رغبته فى صحبفة سنتنال , واذا كان فشل فى اقناعها بمساعدته , فهو دون شك سيعثر على شخص آخر يساعده فى ذلك , ذلك ان نيكولاس كاسبيان هو عدو عنيد , وقد اعتاد على الفوز بما يريد .
حدثت نفسها بانه تكرهه , وكان هذا صحيحا ..... ولكن كاكثر الاشياء لم يكن ذلك سهلا , لقد كرهته بسبب مايريد ان يفعله بالرجل العجوز , ولكنها لم تسنطيع التوقف عن التفكير فيه , كرهته لانه يكذب عليها ويحاول استغلالها , ولكنها كلما تذكرت صوته الابح , وسحر ابتسامته , كانت تشعر بقلبها يخفق


ام مزن غير متواجد حالياً  
التوقيع





رد مع اقتباس